المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من لا غيبة لهم: - التفسير الوسيط - مجمع البحوث - جـ ٩

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌ سورة الشورى

- ‌أهم مقاصد السورة:

- ‌ سورة الزخرف

- ‌بعض مقاصد السورة:

- ‌ سورة الدخان

- ‌أهم أهداف السورة:

- ‌ سورة الجاثية

- ‌أهدافها:

- ‌ سورة الأحقاف

- ‌هذه السورة مكية وآياتها خمس وثلاثون

- ‌صلتها بما قبلها

- ‌بعض مقاصد هذه السورة:

- ‌سبب تسمية السورة بهذا الاسم:

- ‌سورة محمد

- ‌أهم أهداف السورة:

- ‌سورة الفتح

- ‌(وهي مدنية وآياتها تسع وعشرون)

- ‌مناسبتها لما قبلها

- ‌مقدمة:

- ‌سورة الحجرات

- ‌مدنية وآياتها ثماني عشرة

- ‌مجمل معانيها:

- ‌وجه ارتباطها بما قبلها:

- ‌السبب العام لنزول هذه السورة:

- ‌الأسباب الخاصة لنزول آياتها:

- ‌قتال علي ومعاوية:

- ‌رأى علي فيمن قاتلوه:

- ‌كيف تكون التوبة من الغيبة

- ‌من لا غيبة لهم:

- ‌صور مشرقة من محو الفوارق الطبقية في الزواج:

- ‌سورة ق

- ‌مكية وآياتها خمس وأربعون

- ‌مجمل معانيها:

- ‌مقدمة:

- ‌ سورة الذاريات

- ‌مقاصد السورة:

- ‌تفسير سورة الطور

- ‌مقاصد السورة:

- ‌سورة والنجم

- ‌بعض مقاصد السورة:

- ‌سورة القمر

- ‌مقاصدها:

- ‌تفسير سورة القمر

- ‌هذه السورة مكية، وآياتها خمس وخمسون

- ‌ سورة الرحمن

- ‌آياتها ثمان وسبعون

- ‌مقاصد هذه السورة الكريمة:

- ‌ سورة الواقعة

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌المعنى العام للسورة:

- ‌ سورة الحديد

- ‌هذه السورة الكريمة من السور المدنية وآياتها تسع وعشرون آية

- ‌سبب التسمية:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما جاء في فضلها مع أخواتها:

- ‌بعض مقاصد السورة:

الفصل: ‌من لا غيبة لهم:

وقد مثل الله الغيبة بأكل الميتة؛ لأن الميت لا يعلم بأكل لحمه، كما أن الحيَّ لا يعلم بغيبة من اغتابه، وقال ابن عباس: إنما ضرب هذا المثل للغيبة؛ لأن أكل لحم الميتة حرام مستقذر، وكذا الغيبة حرام في الدين، وقبيحة في النفوس.

والغيبة تأْكل الحسنات، قال صلى الله عليه وسلم:"ما صام من ظل يأكل لحوم الناس" والغيبة تكون في الدين والأخلاق والخِلْقة والحسب والنسب، ولا خلاف بين العلماء في أنها من الكبائر، فعلى المغتاب أن يتوب إلى الله.

‌كيف تكون التوبة من الغيبة

؟

اختلف العلماء في كيفية التوبة منها، فقال بعضهم: هي مظلمة يكفى فيها الاستغفار لمن اغتابه إلى جانب الاستغفار لنفسه، وقال آخرون: هي مظلمة لا بد في التوبة منها من طلب العفو ممن اغتابه، لقوله صلى الله عليه وسلم:"من كانت له مظلمة لأخيه من عِرْضه أو شيء". فليتحلله منه قبل أن لا يكون له دينارٌ ولا درهم، وإن كان له عملٌ صالح أُخذ منه بقدر مَظلمته، وإن لم يكن له حسناتٌ أُخِذَ من سيئاتِ صاحبِه فحُمِل عليه" أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة.

‌من لا غيبة لهم:

لا تحرم الغيبة للفاسق المجاهر بفسقه، ولا في عرض الشكوى على القاضى، كقولك: فلان ظلمنى أو خاننى أو نحو ذلك، ولا في الاستفتاء كقول هند عن زوجها أبي سفيان: إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطينى أنا وولدى، أفآخذ من غير علمه؟ فقال:"فخذي بالمعروف".

ولا تحرم في النصيحة والتحذير، ولا في التعريف: كفلان الأعرج أو الأعمى.

(فَكَرِهْتُمُوهُ):

أي: فكرهتم أكل لحم أخيكم ميتا، فكذلك فاكرهوا غيبته، وقيل: لفظه خبر ومعناه أمر، أي: فاكرهوا غيبته.

(وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ):

ص: 1048

ختم الله الآية بهذه الجملة، لحمل الناس على ترك الغيبة وعلى التوبة منها.

والمعنى: واتقوا الله بترك الغيبة والتوبة إليه منها ومن سائر الذنوب إن الله تواب رحيم يقبل التوبة من التائبين، ويعفو عن سيئات المسيئين، إذا حسنت توبتهم لرب العالمين.

13 -

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ):

بعْدَ أن ذكر الله - تعالى - تلك الآداب السامية التي حفلت بها هذه السورة، ختمها بلون من الأدب العالى، وهو تعليم عباده أَن لا كرم ولا شرف عند الله إلا بالتقوى كيفما كانت الأحساب والأَنساب، حتى لا يتعالى بعضهم على بعض بغير حق، فكل الناس من آدم وحواء، فلا وجه للتعالى بالأحساب والأَنساب؛ ليظل الناس إخوة متواضعين متحابين.

وجاءَ في معنى الآية في كتاب (آداب النفوس) للطبراني بسنده عن أبي نضرة قال: حدثني - أو حدثنا - من شهد خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى في وسط أيام التشريق وهو على بعير فقال: "يا أيها الناس: ألا إنَّ ربَّكم واحدٌ، وإن أباكم واحدٌ، أَلا لا فضل لعربيٍّ على عجمي ولا عجمى على عربى، ولا أسود على أحمر، ولا لأحمرَ على أسود إلا بالتقوى، ألَا هَلْ بلَّغت؟ قالوا: اللهم نعم، قال: "لِيبلغ الشاهدُ الغائب".

سبب نزول هذه الآية:

أخرج أبو داود بسنده عن الزهرى - مُرسلًا - قال: "أمر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، بني بياضة أن يزوجوا أبا هند امرأة منهم، فقالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أنزوج بناتنا مَوالينا؟ فأنزل الله عز وجل: (إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ) وقيل في سبب نزولها غير ذلك، ولا مانع من نزولها من أجل عدد من الحوادث المتشابهة.

ص: 1049

وقد عرف من الآية والحديث وسبب النزول أن الناس متماثلون في الآدمية، فلا شرف فيهم إلا بتقوى الله عز وجل.

واعلم أن الناس أربعة أصناف: صنف خلق من تراب هو آدم عليه السلام وصنف خلق من أَب دون أُم وهو حواء؛ فقد خلقت من أَحد أضلاع آدم، وصنف خلق من أُم دون أَب وهو عيسى عليه السلام وصنف خلق من أبوين - ذكر وأنثى وهو جميع البشر ما عدا هؤلاء، وقد خلفهم الله على هذا النحو ليعلم الناس قدرة الله على خلق ما يشاءُ كما يشاء.

وعقب الله خلقه للناس من ذكر وأنثى بقوله: (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) والشعوب: جمع شعْب - بفتح وسكون (1).

والشعب: ما تشعبت منه القبائل، فالعرب شعب، وقبائله مثل ربيعة ومضر والأوس والخزرج، وقد يطلق الشَّعب على القبيلة العظيمة، قال ابن عباس: الشعوب: الجمهور مثل مضر، والقبائل: الأفخاذ، وقد جعلهم الله كذلك ليتمايزوا ويتعارفوا، كأَن يقول الواحد منهم: أنا من شعب مصر: من قبيلة كذا، فيعرف نسبه.

ولقد جعل الله الشعوب والقبائل تتخذ لها أماكن مستقلة، ليزداد التعارف بين الناس بذكر المكان، وقد كان الناس - عربا أو عجما - عند نزول الآية قبائل متمايزة، ضمن شعوب تعمهم، ولكنهم الآن في معظم الأُمم، قد اختلط بعضهم ببعض، وأصبح التعارف بينهم بالانتماء إلى الأمم، وبيان البلدان التي يعيشون فيها، والمساكن التي يأوون إليها.

وعقب الله هذه الجملة بقوله: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ) لبيان أن التقوى هي الأمر المُراعَى عند الله، وليس الحسب والنسب والمال والوظيفة.

(1) أما الشِّعب - بكسر الشين - فهو الطريق إلى الجبل، وجمعه: شعاب.

ص: 1050