المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الأطلسي بالقرب من ارجوين ورأس الأسود. وقد حدث أن رجلا - موجز دائرة المعارف الإسلامية - جـ ٩

[مجموعة من المؤلفين]

الفصل: الأطلسي بالقرب من ارجوين ورأس الأسود. وقد حدث أن رجلا

الأطلسي بالقرب من ارجوين ورأس الأسود. وقد حدث أن رجلا من جدالة يدعى يحيى بن إبراهيم كان عائدا من الحج فحبب إلى المصلح ياسين الإقامة في هذه الناحية. وكان هذا صاحب دعوة في إصلاح الإسلام، فاجبرت قبائل لمتونة وبخاصة جدالة على التمذهب بمذهبه (صفر سنة fri = اكتوبر- نوفمبر سنة 1040). فلما توفى يحيى بن إبراهيم رفض هؤلاء الائتمام بياسين، فاضطر إلى الاعتكاف بين قبالولمتونة المجاورة. وفي المحرم من عام 448 (مارس- أبريل سنة 1096) حاصر ثلاثون ألف مقالر من لمتونة القائد الموحدى يحيى بن عمر في جبل لمتونة وذبحوه في العام نفسه هو وعدد كبير من أتباعه عند تبفريلى (؟ ) بين للوين وجبل لمتونة .. ولعل خليفة يحيى، أبا بكر بن عمر قد اخضعهم حوالي عام 493 هـ (1062 م) ثم انتقلوا هم وصنهاجة الملثمون إلى حكم يوسف بن تاشفين رأس الدولة الموحدية. وكان نصيبهم من نصيب هذا البيت، وقد اختقى ذكرهم من التاريخ منذ ذلك. وهم عين الجيتولى Gaetuli الذين ذكرهم الكتاب القدماء.

المصادر:

(1)

البكرى، طبعة ده سلان، الجزائر سنة 1897، ص 164، 172.

(2)

Le nord de: Vivien de S. Martin 1' Afrique dans I'antiquiM باريس سنة 1863، ص 124 - 130.

(3)

ابن ابى زرع: روض القرطاس، طبعة تورنبرغ، أبسالا، في مجلدين سنة 1843 - 1846، ج 1، ص 76 - 80.

(4)

ابن خلدون كتاب العبر، بولاق سنة 1384 هـ في 7 مجلدات ج 6، ص 182 - 183.

(5)

الحلل الموشية، تونس سنة 1329 هـ، ص 8، 9.

[رينيه باسيه Rene Basset]

‌جدة

ويرسمها كتاب العرب جُدّة: قرضة عربية على البحر الأحمر على خط طول 21، 28، 30 شمالا وخط عرض 39، 16، 45 شرقا وتحيط بها صحراء. وقد اشتهرت بوخامة الهواء وقلة الماء، ومع ذلك فهي ترجع إلى العصر

ص: 2676

الجاهلى، وإن كانت تعوزنا الرواية الوثيقة المزيدة لذلك (Alte: Sprenger Giogr. Arabiens ص 39)

وفي عام 26 للهجرة اختارها الخليفة عثمان مرفأ لمكة، فكان ذلك أساس شهرتها في مستقبل الأيام. ذلك أن مكة، محج العالم الإسلامي جميعا، كانت منذ القدم موردا عظيما للتجارة، تزودها مصر بالمؤن بطريق جدة، ومن ثم كانت جدة مفتاحها. وقد اعتمدت البلدتان على مصر اقتصاديا فسياسيا، وكانت مكوس جدة (المقدسي، ص 79، 104 التي وصفت حتى في زمن الاصطخرى بأنها بلدة رائجة للتجارة، مصدرا كبيرا من مصادر دخل ولاة الحجاز في ذلك الوقت. يضاف إلى هذا ما كانوا يجبونه على الحجيج من مكوس. فقد كان هؤلاء ونخص بالذكر منهم حجاج إفريقية الذين يركبون البحر من عَيذاب (المقدسي، ص 210) ينزلون إلى الجزيرة العربية في جدة وفي القرن الخامس الهجرى الموافق التاسع الميلادي رأى ناصر خسرو (طبعه شيفر، ص 65 - ص 181 - 183 من الترجمة) على جدة- وكانت آنئذ بلدة غير مسورة بلغ سكانها من الذكور نحوا من خمسة آلاف- واليا من موالى شريف مكة، وكان أهم ما وكل إليه جمع الأمو ال. ويروى الإدريسى (ترجمة جوبير Jauberi. ج 1، (أن بيت مال الشريف كان يعتدم على ما يحصله من مرفا جدة. وقد غدا هذا المرفا على الأيام مركزا من مراكز تجارة العالم، لكتقى فيه السفن القادمة من مصر بالسفن الخارجة من الهند وشرقى إفريقية.

وقد رسم ابن جبير (طبعة ده غويه، ص 75 وما بعدها) صورة جلية للبلدة كما كانت تبدو عام 579 هـ (1183) باكواخها المصنوعة من القصب وخاناتها المبنية بالحجر، واثار أسوارها ومساجدها التي يقال إن إنشاءها كان على يد عمر وهارون الرشيد، وأهلها الأشراف النسب، وأثنى على صلاح الدين لإبطاله الرسوم التي كان يجبيها أشراف مكة.

أما المكوس التي ظلت تحيى على السفن الهندية فقد أوشكت أن تكون باهظة في بعض الأحيان ثم إنها أثارت جشع أمراء الحجاز ومماليك مصر، فتولوا هم أنفسهم جمع هذه الرسوم

ص: 2677

بعد 1542، ثم شاركوا أشراف مكة في هذه الأسلاب (- Snouch Hur gronje: Mekka ج 1، ص 92 وما بعدها، ص 99). وبعث السلطان قانصوه الغورى اخر الأمر واليا على مكة عام 1511 م، فأحاطها بسور يحميها من غارات البدو واتخذها قاعدة بحرية لقتال البرتغال (المصدر المذكور، ج 1، ص 102). وقد اتضح بعد ذلك أن هذا التحصين كان ضروريا لأن البرتغال أغاروا عليها. عام 1541 عندما زالت تبعيتها لمصر ودخلت في ولاية تركية (المصدر نفسه، ص 104). وكان دخل مرفأ جدة يقتسم أيضًا في عهد الترك، وكان يقيم فيها وال من قبلهم (حاجى خليفة: جهاننما، الاستانة سنة 1145 هـ-ص 519؛ تجمة نوربرغ، ج 2، ص 184) على أن هذا الدخل سرعان ما أخذ يتضاءل بطبيعة الحال، ولو أن تجارة البن والبضائع الهندية ظلت كبيرة حتى مستهل القرن التاسع عشر.

وفي عام 1803 حاصر الوهابية الشريف غالبا في مكة فباءوا بالخيبة لمنعة أسوارها. على أنه اضطر إلى الخضوع لهم ثم ردها محمد على إلى حظيرة الترك. ووصف بوركارت جدة عام 1814 فقال إنها بلد سكانها ما بين 12.000 و 15.000 نسمة، وتشغل أسوارها المرممة حديثًا مساحة واسعة حافلة بالأكواخ الحقيرة المصنوعة من القصب والى جانبها بيوت مبنية من الحجر تزداد شيئًا فشيئا تحت حكم مصر. ولشد ما أدهشه أن الزحمة من السكان الذين تكتظ بهم مكة يندر بينهم أهل البلاد في حين يكثر عدد الدخلاء الوافدين من اليمن وحضر موت. وفي عام 1840 عادت مكة إلى حكم المصريين، ورفع عنها حكم الباب العالى المباشر، وكان يمثله وال يقيم في جدة. وفي الخامس عشر من يونية عام 1858 اغتيل القنصلان الإنكليزى والفرنسى وغيرهما من النصارى في جدة فضربت البلدة بالقنابل في الخامس والعشرين من هذا الشهر Snouck Hurgronje في Bijdragen tot de - Taal-Land en Volkenkunde van Neder landsch-Indie السلسلة الخامسة، ج 2، ص 381 وما بعدها، 399 وما بعدها) وحج مالتزن Maltzen إلى مكة عام 1860 فوصف جدة بمثل ما وصفها به

ص: 2678

بوركارت تقريبا وقدر عدد سكانها بـ 15.000 نسمة (قدرهو كلن Heuglin عددهم بـ 40.000 نسمة عام 1864) وانتهى نصيب جدة في تجارة العالم بفتح قناة السويس، وكانت تجارتها آخذة في الاضمحلال قبل ذلك بسنين (Snouck Hurgronje في Verhandl. der f Gesellsch. fuer Erdkunde ج 14، ص 141) ومع ذلك فما زالت موردًا كبيرًا للتجارة (حوالي 1.500.000 جنيه) فهي التي تزود الحجاز بالمؤن ولكنها لا تكاد تصدر شيئًا في مقابل هذه الواردات. ومعظم شانها الآن راجع إلى أنها مرسى الحجيج إلى مكة يهبط الجزيرة العربية بطريقها ما بين 80.000 و 90.000 حاج منهم سنويا.

ويسكن الفرضة حوالي 30.000 نسمة من العرب المخللطين بالتكارير ونحوا من 50 نصرانيا. وهي مقر القائمقام منذ أن انتقل مقر الوالى إلى مكة. وتمتد صفوف المنازل البيضاء في المرفا على سفوح تل يساير الخليج الضحضاح الذي لا تستطيع السفن الكبيرة دخوله ويتخلل السور المحيط بجدة، ويبلغ ارتفاعه عشر أقدام، ثلاثة أبواب: باب الشريف عند دار المكوس في الغرب؛ وباب مكة في الشرق، والباب الجديد أو بابا المدينة في الشمال، وبقربه القنصليات الأوربية وقباله قبر حواء المشهور الذي يؤمه الناس كثيرًا.

المصادر:

ذكر علاوة على ما ذكر في صلب المادة.

(1)

Erdkunde: Ritter، ج 13، ص 6 - 33.

(2)

Wallf ahrt nach: von Malzen Mekka. ج 1، ص 216 - 332.

(3)

الكاتب نفسه Reise nach Sueda- rabien، ص 46 وما بعدها.

(4)

Handelsberichten مجلة هولندية، رقم 272، 30 مايو سنة 1912

[هارتمان R.Hartmann]

+ جُدَّة، وينطقها أهلها جِدّة: فرضة سعودية عربية على البَحر الأحمر، تقع على خط عرض 31، 29 شمالا وخط طول 39، 11 شرقا، وقد

ص: 2679

اشتهر جوها بالوخامة، ويكتنف الفرضة نقع في الشمال الغربي وسبخات في الجنوب الشرقي، وهي تواجه جونا في الغرب تتراكم فيه الشعاب حتى ليتعذر دخولها إلا بسلوك ممرات ضيقة. وجدة على مسيرة 75 كيلو مترا من مكة بطريق مرصوف، و 419 كيلو مترا من المدينة.

ويقرر معظم جغرافي العرب ودارسيهم أن جُدة بمعنى الطريق (، Lane البكرى، ج 2، ص 371) وهي الرسم الصحيح للمدينة، وليس جدة أو جَدة بمعنى أم الأب أو الأم كمَا زعم كوتييه Cautier وفلبى Heart) philby ج 1، ص 221) وغيرهم (يا قوت، ج 2، ص 41؛ حتَّى، ووهبة) بالنظر إلى وجود (حتىَ عا م 1928) قبر حواء غير بعيد من جدة (انظر في وصفه والصور الشمسية له Moeurs et cou-: E.F.Gautier كل n م lm كة tumes des Musu، باريس سنة 1931، ص 64 - 66). وترجع المدينة إلى أيام الجاهلية. ويزعم هشام بن محمد الكلبى في كتابه الأصنام أن عمرو بن لحى الخزاعى قد أدخل أصناما من جدة إلى مكة قبل الإسلام بعدة قرون (انظر الأنصاري في المصادر). ويقول ياقوت إن جُدَة بن حزم بن ريَان بن حُلْوان ابن قضاعة نسب إلى هذا الموضع الذي كان من منازل قضاعة. وقد كانت الأسباب التي رفعت شأن جدة هو اختيار الخليفة عثمان لها سنة 26 هـ (646) فرضة لمكة في مكان الفرضة القديمة الشئعَيبْة التي كانت قائمة إلى الجنوب منها بقليل (البتنونى، ص 6؛ Nallino . ص 155). وقد أصبحت مكة، من حيث هي مثابة العالم الإسلامي، موردًا عظيمًا للتجارة تصلها الموارد من مصر والهند عن طريق جدة.

وما وافى القرن الرابع الهجرى (العاشر الميلادي) حتى غدت جدة مدينة تجارية زاهرة، وكانت المكوس التي تجبيها مصدرا عظيما لدخل حكام الحجاز (المقدسي، ص 79، 104) زد على ذلك أن الرسوم كانت تفرض على الحجاج في جدة، ذلك أن أولئك الذين كانوا يقدمون بالبحر منهم كانوا يرسون على الأرض العربية هناك.

ص: 2680

ويصف ناصر خسرو (طبعة شيفر، ص 65، ص 181 - 183 من الترجمة) المدينة بانها كانت بلدة بلا اسوار يبلغ عدد سكانها الذكور 5.000 ذكر يلي أمرهم وال من قبل شريف مكة، واجبه الأكبر هو جباية الأموال. ويرسم ابن جبير (طبعه ده غويه، ص 75 وما بعدها) صورة للبلدة بأكواخها المصنوعة من القصب، وخاناتها المشيدة بالحجر، ومساجدها، ويثنى على صلاح الدين لأنه ألغى المكوس التي كان يجبيها الأشراف.

ولما اضمحلت الخلافة العباسية تحول كثير من التجارة التي كانت تتجه من قبل إلى البصرة إلى جدة، حيث كانت السفن الآتية من مصر حاملة الذهب والمعادن والأقمشة الصوفية من أوربا، للتقى بالسفن الآتية من الهند حاملة التوابل، ومواد الصباغة، والأرز، والسكر، والشاى والحبوب والأحجار الكريمة. وكانت جدة تفرض حوالي 10 % من قيمة هذه البضائع مكوسا. واستولى سلاطين المماليك في مصر بعد عام 828 هـ (1425 م) على حصيلة مكوس جدة إذ أثار ازدهار هذه المدينة طمعهم (كانوا من حين إلى حين يقتسمونها مع أشراف مكة) وبذلك جعلوا جدة تعتمد سياسيا واقتصاديا على مصر (ابن تغرى بردى، ج 4، ص 21، 41؛ ج 5، ص 79).

وقدم البرتغاليون إلى مياه الشرق وراحوا يشنون الغارات على سفن المسلمين منذ سنة 1512، فجلب ذلك تهديدأ جديدا لجدة بذل المماليك ومن بعدهم العثمانيون محاولات حاسمة لردَه، وقد أقام حسين الكردى، عامل جدة من قبل السلطان قانصوه الغورى، سورأ حول مدينة جدة سنة 917 هـ (1509 م) ويخطئ البتنونى إذ يقول إن ذلك حدث عام 915 هـ الموافق 1509 م) وجعل هذه المدينة قاعدة لشن الهجمات على الأسطول البرتغالى. وقد ابحر لوبوسواريزده ألبركاريا البرتغالى Lopo Soares de: Alberia إلى مرفأ جدة سنة 923 هم (1517 م) لمطاردة أسطول المماليك الذي كان يقوده سليمان رئيس، ولكنه أحجم عن مهاجمة المدينة بالنسبة إلى حصونها

ص: 2681

المنيعة) The Portogues in In-: Danvers dia، سنة 1894، ص 335)، وفي سنة 495 هـ (1538 م) زار الأسطول العثمانى جدة في طريقه إلى الهند وجمع سوارى ومدافع (- Hammer Purg Osman. Reich.: stall .Gesch. d . الطبعة الثانية، ج 2، ص 156 - 158؛ أوزون جارشيلى: عثمانلى تاريخي، ج 2، ص 379 وما بعدها، 538؛ فوزى قورد أوغلى في بلتن، ج 4، سنة 1940. ص 53 - 78؛ Stribling، ص 89 - 90). وفي سنة 948 هـ (1541 م) بذل البرتغاليون آخر محاولاتهم الفاشلة للاستيلاء على المدينة، وكان يدافع عنها الشريف أبو نُمَىَ، وكافأه السلطان سليمان على ما حقق من نجاح في مقاومته البرتغاليين فمنحه نصف المكوس التي حصلت من جدة (دحلان، ص 53). ولم تنته تجارة البحر الأحمر، كما ظن في وقت من الأوقات، بدوران البرتغاليين حول إفريقيا، بل ظلت قائمة في حماية العثمانيين في غضون القرن العاشر الهجرى (السادس عشر الميلادي). وتشير المصادر العثمانية لذلك العهد إلى ظهور السفن القادمة من الهند على نحو منتظم في جدة، ويتحدث قنصل بندقى في القاهرة في شهر مايو سنة هـ 156 عن وصول 20.000 قنطار من الفلفل إلى جدة. ولم تقف التجارة العابرة بالبحر الأحمر إلا في أواخر القرن السادس عشر وأوائل القرن السابع عشر الميلاديين (La Mediterranee et le: F.Braudel -monde Mediterraneen 3 a 1'epoque de، Phil L inoe ll في باريس سنة 1949، ص 423 - 437؛ خليل إينالجق في بلتن، ج 15، سنة 1951، ص 662 وما بعدها)

لم يحدث في تاريخ جدة من الأمور الهامة إلا القليل في القرنين الحادي عشر والثاني عشر الهجريين (السابع عشر والثامن عشر الميلاديين). كان الحجاز، في ظل السلطمان، تحكمه محليا الأسرة الحسنية من الأشراف الذين كانوا يتآمرون على سلطان الأتراك المتدهور تحقيقا لمصالحهم الخاصة (دحلان، الجبرتى). وكانت جدة سنجقا، وظلت إلى حين قاعدة لإيالة حبش، ثم أصبحت من بعد جزءًا من ولاية الحجاز. وتقول

ص: 2682

المصادر العثمانية إن الصدر الأعظم قره مصطفى باشا (تولى الصدارة من سنة 1087 - 1094 هـ-1676 - 1683 م) زود جدة بمسجد وخان وحمام ومورد للمياه.

وانتابت جدة في القرن الثالث عشر الهجرى (التاسع عشر الميلادي) طائفة من صروف الدهر، ففي سنة 1217 هـ- (1803 م) حاصر الوهابيون الشريف غالبًا في جدة، ولكنهم عجزوا عن الاستيلاء على المدينة التي راحت تفاخر بأنها في مناعة جبل طارق (ابن بشر، ج 1، ص 122)، وقد سلم غالب من بعد، وخضعت جدة لحكم الوهابيين حتى سنة 1226 هـ (1811 م) وهنالك استعاد محمد على سلطان العثمانيين الاسمى عليها. وفي سنة 1229 هـ- (1814 م) وصف بوركارت Burchart جدة فقال إنها بلدة يسكنها ما بين 12.000 نسمة، و 15.000 نسمة، لا يمثل عناصر السكان الأصليين منهم إلا قلة قليلة، على حين أن الأجانب القادمين من اليمن وحضر موت كانوا فيما يظهر كثيرى العدد. ويذكر كل من بيرتون Burton (ج 1، ص 179) والبتنونى (ص 6) المرجان واللؤلؤ اللذين يستخرجان من البحر الأحمر في جدة ويصنع منهما السبح في مكة والصلبان في بيت المقدس. وفي سنة 1256 هـ (1841 م) حل محل الحكم المصري الحكم المباشر للباب العالى يملكه وال يتولى الأمر في جدة.

وفي 3 ذي القعدة سنة 1274 هـ (15 يونية سنة 18758 هـ) شهدت جدة مذبحة حرض عليها، فيما يظن، رئيس سابق من رؤساء الشرطة فيها وعدة تجار منها ساخطين، وقد قتل في هذه المذبحة حوالي خمسة وعشرين شخصا منهم القنصلان البريطانى والفرنسى وطائفة من التجار اليونان الموسرين. وهنالك ألقت الباخرة البريطانية سيكلوبس Cyclops مراسيها في المرفأ وظلت ترمى المدينة بالقنابل يومين وأعادت النظام إلى نصابه دون أن تحدث أضرارًا كثيرة (Isabel Burton، ج 2، ص 513 وما بعدها).

وكانت جدة أول مدينة حجازية تسقط في يد الأشراف بعد أن أعلن الشريف الحسين استقلال العرب في

ص: 2683

سنة 1334 هـ (1916 م)؛ انظر: نصيف، ص 50). وسلم الأتراك المدينة في 15 شعبان (17 يونية) بعد هجوم مشترك شنه جيش الشريف الحسين وقذف الأسطول البريطانى لها ستة أيام. ومن يومها أصبحت مستودع المؤن الأكبر لقوات الأشراف التي كانت تعمل وراء خطوط الأتراك أثناء الثورة العربية.

وكانت جدة، في ظل مملكة الحجاز القصيرة العمر، بؤرة الصراع بين الوهابيين والأشراف للسيطرة على الحجاز. ولما استولى السعوديون على مكة في ربيع الأول سنة 1344 (أكتوبر سنة 1934) أصبحت جدة قصبة حكومة علي بن الحسين. وظلت المدينة محاصرة بالقوات الوهابية المتمركزة في التلال الساحلية على مسيرة عشرة أميال من المدينة، عاما أو نحو عام من جمادى الآخرة سنة 1343 (يناير سنة 925 حتى خضعت في جمادى الآخرة سنة 1344 (ديسمبر سنة 1925) وقد حال دون الدفاع عن جدة قصور جيش الأشراف الذي قدره فلبى (Forty Years: Philby، ص 114) بألف من الجنود النظاميين مضافا إليهم المجندين من البدو، وانقسام أهل المدينة على أنفسهم، وقد أيد حزب منهم بزعامة القائمقام، التفاوض مع السعوديين وخلع على (نصيف، ص 156 وما بعدها. وقد وردت تفصيلات تاريخ المدينة في غضون هذه السنة بصحيفة "بريد الحجاز التي كان ينشرها محمد نصيف): وفي ذي القعدة سنة 1345 (مايو سنة 1927) التقى في جدة الملك عبد العزيز بن سعود وكلبرت كلايتون Clayton وعقدا معاهدة جدة الذي اعترف فيها البريطانيون بالاستقلال "التام المطلق" لأملاك آل سعود.

وقد وصف نلينو Nallinn جدة سنة 1938، وذكر موقع قبر حواء الذي دمره السعوديون في غير ما جلبة سنة 1928. والجبانة المعروفة بالجبانة الأوربية التي قيل إنها ترجع إلى عام 1235 هـ (1820 م) وتضم رفات بعض اليهود والأسيويين، والقرى القائمة وراء السور، وتشمل هذه القرى

ص: 2684

الهندوية إلى الجنوب والنُزْلة إلى الجنوب الغربي، والبغدادية والرؤيَس إلى الشمال، والناكتَو، ومحلة من القصب يسكنها التكارير وقد أصبحت جميع هذه القرى جزءًا من المدينة النامية.

ويختلف في تقدير عدد سكان المدينة الآن بما يتراوح بين 106.000 و 160.000 نسمة، ويحكمها قائمقام (وهو الحاكم المحلى الوحيد في السعودية العربية الذي لا يزال يحتفظ باللقب التركى) تحت السلطان الإدارى لمحافظ مكة، ولجدة مجلس بلدى منتخب، وقد لم صابت جدة، منذ الحرب العالمية الثانية، نجاحا تجاريا باهرًا، ودمر سورها سنة 1946 - 1947، وامتدت المدينة في ثلاثة اتجاهات: شرقا على طول الطريق إلى مكة؛ وشمالا على طول الطريق إلى المدينة، وجنوبا على طول طريق الميناء. وقد أزيل كثير من مجموعات الدور المرجانية الماثورة بشرفاتها ذات المشربيات لإفساح المكان لإقامة العمائر الحديثة لادارات الحكومة وقد عرفت جدة بسكانها الخليط: بخارئة ويمنية وحضارمة وبعض الجماعات القبلية وخاصة حرب، وهم لا يزالون يعيشون في أحياء مستمَلة من جدة.

وفي جدة عدد من الصناعات الخفيفة، كمصنع الأسمنت وعدة ورش لقطع الرخام. وثمة شبكة جديدة للمياه تمت سنة 1948؛ وهي تمد المدينة بنيف و 2.500.000 جالون من المياه يوميا، ومعظم هذه المياه تمتد في أنابيب تأخذ من عيون في وادي فاطمة. ويقوم مرفأ حديث في الطرف الجنوبي للمدينة مجفز برصيف ذي مرسيين طوله 1.300 قدم، يتصرف في 80.000 طن من الشحن كل سنة وجدة هي الميناء البحرى والجوى الرسمى لدخول الحجاج في طريقهم إلى مكة، وقد نزل في جدة منهم 147، 000 حاج سنة 1381 هـ (1961 م). وفي هذه المدينة محطة للحجر الصحى ومستشفى وعيادة للرقابة الصحية، ومحلتان للحجاج احداهما ملحقة بالرصيف والأخرى ملحقة بالميناء الجوى، وكل هذه

ص: 2685

العمائر أقيمت منذ سنة 1950 لرعاية الحجاج.

المصادر:

(1)

البكرى: معجم ما استعجم، القاهرة سنة 1945 - 1951.

(2)

ياقوت.

(3)

أحمد بن زينى دحلان: خلاصة الكلام، القاهرة سنة 1887.

(4)

عثمان بن بشر: عنوان المجد، مكة سنة 1349 هـ:

(5)

حسين بن محمد نصيف: ماضى الحجاز وحاضره، سنة 1349 هـ.

(6)

محمد لبيب البتنونى: الرحلة الحجازية، القاهرة سنة 1329 هـ

(7)

حافظ وهبة: خمسون عاما في جزيرة العرب، القاهرة سنة. 1960.

(8)

فؤاد حمزة: قلب جزيرة العرب، القاهرة سنة 1904 هـ.

(9)

الجبرتى: عجائب الآثار، القاهرة سنة 1904.

(10)

محمد بن بليهد: صحيح الأخبار، القاهرة سنة 1951 - 1953.

(11)

ابن تغرى بردى.

(12)

Erdkunde: Ritter ج 13، ص 6 - 33.

(13)

Walfahrt nach: Von Maltzan Mekka ج 1، ص 213 - 232.

(14)

الكاتب نفسه: Reise nach Sue- darabien، ص 46 وما بعدها.

(15)

Western: British Admiratly Arabia and the Red Sea، سنة 1946.

(16)

Scritti: C.A.Nallino . ج 1.

(17)

The life of Cap-: Isabel Burton tain Sir Richard Burton سنة 1893، ج 2، ص 513 وما بعدها.

(18)

Jiddah: Hopper في Lands East فبراير سنة 1956.

(19)

Forty years in: H.St.J.Philly the wilderness، سنة 1957.

(20)

الكاتب نفسه: Arabian Jubi lee، سنة 1952.

(21)

الكاتب نفسه Sa'udi Arabia سنة 1955.

ص: 2686