المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌جريدة أشيع الألفاظ الدالة على الصحيفة في اللغة العربية، وهي تعادل - موجز دائرة المعارف الإسلامية - جـ ٩

[مجموعة من المؤلفين]

الفصل: ‌ ‌جريدة أشيع الألفاظ الدالة على الصحيفة في اللغة العربية، وهي تعادل

‌جريدة

أشيع الألفاظ الدالة على الصحيفة في اللغة العربية، وهي تعادل غازته في اللغة التركية وروزنامه في الفارسية. ولعل هذا المقام يهيئ لنا فرصة مواتية لجمع شيء من أهم المواد في تاريخ الصحافة عند الأمم الإسلامية، وإن كان الإلمام بهذا الموضوع إلماما كاملًا إلى حد ما يخرج بنا كثيرًا عن نطاق مقال يكتب في دائرة معارف. ذلك أن أقسامًا شتى من أقسامه لم ئتناول بعد بالبحث التمهيدى اللازم، ومن ثم فإن كلامنا عن الصحافة الذي سنورده فيما يلي هو بالضرورة غير واف بالمرام. والصحافة العربية أهم الصحافات الإسلامية جميعًا، بالنسبة لعظم شأنها وإتساع الرقعة التي تقوم فيها، ونحن ننقل هنا المجمل الذي كتبه عنها هارتمان (Martin Hartmann في Speci- man d'une Encyclopedie Musulmane، ص، 11 وما بعدها) مع تعديله بعض التعديل. وهو مسئول أيضًا عن القسم المكتوب عن الصحافة في الصين (القسم السادس). أما البحوث الخاصة بالبلاد الأخرى فقد أعدها ناشرو الدائرة مستعينين في ذلك بمواد شتى.

1 -

الصحافه العربية

في اليوم الثاني عشر من جمادى الأولى عام 1224 هـ الموافق العشرين من نوفمير سنة 1828 م صدر في القاهرة العدد الأول من الصحيفة التركية العربية "الوقائع المصرية"، وهي الجريدة الرسمية للحكومة المصرية، أسسها محمد على، وكانت تصدر مرتين أو ثلاثًا في الأسبوع. وقد تكلم رينو Reinaud في عدد سبتمبر سنة 1831 من المجلة الآسيوية (8.2، ص 238 - 249) عن هذه "المؤسسة التي لم يكن لها حتى ذلك الوقت نظير في الأقطار الإسلامية". ولا يدخل في ذلك الدوريات والصحيفة الفرنسية التي ظهرت في مصر إبان الفتح النابوليونى الذي دام ثلاث سنوات (انظر Reinaud . المصدر نفسه، ص 249). هذه هي بداية الصحافة في الشرق الإسلامي، وقد تطورت من ثم تطورًا عظيما مشهودًا، وما زالت الوقائع المصرية تصدر بعد أن صادفت في حياتها إعناتًا وتقلبت عليها الأحداث. ولم تظهر جريدة أخرى إلا بعد تسعة وعشرين

ص: 2731

عامًا. ففي أول يناير سنة 1858 ظهرت الجريدة الثانية في بيروت بالفرنسية والتركية وهي "حديقة الاخبار" يحررها خليل الخورى وتشد ازرها الحكومة التركية وكان الخورى دائمًا من أشد المتحمسين لممثلى هذه الدولة في سورية. وكانت هذه الجريدة تصدر في أول أمرها مرتين في الأسبوع، وهي تصدر الآن يوميًا (انظر Reinaud في journ- As، جـ 5، 2 ص 309 - 325؛ Fleischer في Zeitschrd. D. Morgent Ges.، جـ 12، ص 330 - 333).

وبعد ذلك بأربع سنوات صدرت في باريس جريدة البَرْجيس، وهي التي ذكرها مول Mohi في Rapport Annuel الصادر في 30 يونية سنة 1863. وأول جريدة عربية كبرى هي في الحقيقة جريدة الجوائب، أما سائر الصحف التي سبقتها فليست- بالقياس إليها- إلا ثمرة كدح صحفيين من الطبقة الثانية. وأسس هذه الجريدة في الآستانة أحمد فارس الشدياق في أواخر يولية سنة 1860. وهو مارونى دخل في الإسلام، وكانت الحكومة التركية تؤازرها مؤازرة كبرى، وقد انتصرت لقضية الإسلام، وأصبحت جريدة تقرأ في العالم بأسره، وتغلغلت في أقصى أطراف المعمورة فكانت ترد إليها المطبوعات والرسائل من هذه الأطراف. وبلغت الغاية في نهاية العقد السابع من القرن التاسع عشر ومستهل العقد الثامن منه. وثمت منتخبات من خير مقالاتها في المجموعة التي نشرها أحمد فارس الشدياق بعنوان "كنز الرغائب في منتخبات الجوائب، (جـ 1 - 7).

وكانت الجوائب في بيروت لسان حال السلطات التركية في البلاد السورية، وكان أهم غرض توخته هذه السلطات من مؤازرة هذه الجريدة تعريف الأجانب الكئيرين من عمال الحكومة وغيرهم بآرائها، على أنها لم تكتف بهذه الأداة، بل أقامت جريدة أخرى في دمشق هي "سورية" نسبة إلى الولاية التي ظهرت في قصبتها، وكانت تصدر باللغتين العربية والتركية. ومن هذه الجرائد الحكومية الصحيفة التركية العربية "الفرات" وقد

ص: 2732

صدرت في حلب منذ عام 1866. ولتأسيس هذه الجريدة صلة بإعادة تنظيم الإدارة التركية في ذلك الوقت (راجع القانون الخاص بإنشاء الولايات سنة 1867). ولقد تقرر وقتئذ، بل أصبح سُنة، من الوجهة النظرية على الأقل، أن يكون في قصبة كل ولاية مطبعة وأن يقوم كبار عمال الولاية على إصدار كتاب سنوى (سالنامه) يتضمن اهم أنباء المنطقة الإدارية، كما يقومون أيضًا على اصدار جريدة.

ولما وافى عام 1869 لم تعد الجريدة الرسمية "حديقة الأخبار"- التي تصدر في بيروت بالفرنسية والعربية- الجريدة الوحيدة في هذه المدينة، ذلك أن جريدة "البشير"- وهي عربية صرفة- صدرت أسبوعية لتعبر عن رأى البعوث الجزويتية، وكانت قد انتقلت انئذ من غزير إلى بيروت. وحوالى منتصف عام 1870 ظهرت صحيفة عربية صرفة أخرى هي "الجنة". وكانت على خلاف البشير، فبينما انصرفت هذه إلى تأييد مصالح الفرنسيين الكاثوليك إذ سعت الأخرى إلى تحبيب الناس في الثقافة العامة، وترغيب النفوس بصفة خاصة في الحياة القومية والأدب القومى؛ وكانت الجنة تصدر مرتين كل أسبوع حتى العدد 1547 الذي ظهر في 7 يوليه سنة 1886 ما مؤسسها بطرس البستانى فكان ندًا للشدياق في القدرة على العمل على الأقل، وإن كان دونه في القلم والمعرفة باللغة. ولما توفى بطرس في أول مايو سنة 1883 قام على الجريدة ابنه سليم البستانى، ولم يكتف البستانى بالجنة بل أصدر جريدة أخرى أصغر منها سماها "الجنينة" عاشت ثلاث سنين فحسب، وجريدة أخرى سماها "الجنان" كانت تصدر كل أسبوعين وانقطعت بعد عام 1889.

ولم يرض مسلمو بيروت أن يقفوا مكتوفى الأيدى فيستأثر بالفخر اليسوعيون، و "شباب العرب". وكان هؤلاء محبين للأجانب، وطنيين، وليسوا من الكاثوليك، ومع ذلك فلم يكونوا بصفة عامة من أصحاب الهمم العالية. فأسس أولئك المسلمون عام 1874 مجلة اسبوعية اسمها "ثمرات

ص: 2733

الفنون" ثم غيروا اسمها منذ الثورة التركية فجعلوه "الاتحاد العثمانى". وهي صحيفة تسوق الأخبار العادية ناقصة شكلا وموضوعًا، ثم هي إلى جانب ذلك مثال فريد سخيف للعبارات الطنانة الجوفاء التي تدبجها أقلام الشيوخ المتعالمين المنافقين. وحوالى عام 1874 أسست صحيفة اسمها "التقدم" كان شعارها الرقى المستمر وشن حرب شعواء على جميع العناصر الرجعية في البلاد. وقد ساهم فيها زهرة شباب سورية الفتاة معكل أسكندر إلعازار، وأديب إسحاق وهو من أصحاب المواهب والمثل، توفى عام 1885 (انظر ما كتبه عنه جورجى زيدان: مشاهير الشرق جـ 2 ص 75 وما بعدها، خير الله في. Revue du Monde Mus، جـ 19).

وفي عام 1877 أصدر خليل سركيس، صهر بطرس البستانى السالف الذكر، العدد الأول من صحيفة "لسان الحال". وكانت شبيهة في أغراضها بصحيفة "الجنة" وتنافسها بعض المنافسة، ومع ذلك فقد كانت سورية تتسع للاثنتين. على أن كلتيهما لم تتدخلا في السياسة، فكانتا تتحريان بقدر الإمكان رواية الأخبار مجردة من أي لون مع الالتزام الدقيق لآراء الحكومة. أما في مسائل الدين فكانتا تراعيان الحياد مراعاة تامة. وفي عام 1880 ظهر حزب جديد؛ فقد أسس الموارنة جريدة "المصباح" لرد عدوان الخورية. ودافعت "كوكب الصبح المنير" و "النشرة الأسبوعية" عن مصالح البروتستانت. وأنشأ الروم الأرثوذكس صحيفه "الهدية" لسانًا لحالهم. ومن الأعمال الجديرة بالتنويه تأسيس الجريدة السياسية "بيروت" عام 1886، كانت تصدر مرتين في الأسبوع، وتوصف بأنها "مستقلة الرأى وإن كانت تناصر الحكومة والإسلام" وكان أولو الأمر يؤيدونها ويعدونها ترياقًا شافيًا من كتابات المسلمين المتزمتين أصحاب جريدة "ثمرات الفنون"، وكانت هذه الجريدة في أغلب الأحوال شوكة في جانب الحكومة. ولما غدت بيروت ما بين غرة مارس سنة 1888 والثالث عشر منه قصبة ولاية مستقلة أسست جريدة أخرى تحمل الاسم نفسه، وكانت لسان حال حكومة الولايات إلا أنها

ص: 2734

تميزت من جريدة بيروت الأولى بإضافة صفة "الرسمية" إليها. ولمدينة بيروت صحف وجرائد أخرى نذكر منها أيضًا الجرائد السياسية الآتية نقلا عن البيان الذي نشرته مجلة الهلال سنة 1892 (انظر المصادر):

(1)

الزهرة. (2) الفوائد.

(3)

المشكاة. (4) النجاح.

(5)

النحلة. (6) النفير.

(7)

الأحوال.

وكان يصدر في بيروت عقب الثورة التركية 26 صحيفة ومجلة دورية. وفيما يلي إحصاؤها عام 1912: 8 صحف يومية، و 17 أسبوعية و 12 مجلة (انظر. Revue du Monde Mus. جـ 19، ص 76 وما بعدها).

وإلى جانب صحف بيروت والجريد تين الرسميتين "سورية" و"الفرات"(انظر ما تقدم) صحف سورية سياسية نذكر منها ما يلي:

(1)

لبنان سنة 1891.

(2)

الروضة سنة 1894.

(3)

الأرز (في جونية سنة 1895) وتصدر هذه الصحف الثلاث أسبوعية في لبنان، وثمت غيرها، وتبلغ جميعها الآن (سنة 1912) خمسة عشر صحيفة في رواية. Revue du Monde Mus. (الموضع نفسه).

(4)

الشام، وهي صحيفة أسبوعية تصدر في دمشق.

(5)

طرابلس الشام سنة 1893، وهي صحيفة أسبوعية تصدر في طرابلس.

(6)

الشهباء، وهي أيضًا صحيفة أسبوعية تصدر في حلب منذ عام 1877.

ولقد كتب على الصحافة اليومية في سورية أن تكافح في سبيل بقائها. ذلك أن سكان هذه البلاد كان قد طال عهدهم بضيق العيش، ولم يكن من المستطاع أن يحمل حتى متيسرو الحال منهم على بذل العون الكفيل بنهوض هذه الصحافة، وكانت الحكومة تبادر باتخاذ أشد التدابير صرامة، لإخماد أقل بادرة من بوادر التعبير عن حرية الرأى. فنزح معظم الصحفيين السوريين إلى مصر. وأسس سليم تقلا اللبنانى (انظر زيدان: كتابه

ص: 2735

المذكور، جـ 2، ص 99) سنة 1876 الأهرام، أول صحيفة يومية عربية في الإسكندرية، وكانت تدافع عن مصالح الفرنسيين في مصر دفاعًا قويًّا لا يفتر ثم أسس سورى آخر بعد ذلك مباشرة صحيفة أسبوعية في القاهرة سماها "المحروسة" وسرعان ما انتقلت إلى القاهرة مجلة المقتطف، وكان إصدارها عملا جريئًا تولاه في بيروت عام 1877 ثلاثة من طلبة الكلية الأمريكية، ثم أسس محرروها هؤلاء صحيفة المقطم اليومية في مدينة القاهرة، وهي تدافع عن المصالح الإنكليزية.

وكانت تحكم مصر حكومة أكئر إدراكًا للأمور، فلم تفرض على الصحافة إلا قيودًا قليلة، كما كانت تسود هذه البلاد حرية لم تقيد تقييدًا شديدًا إلا حوالي عام 1890. فغدت مصر في ذلك الوقت مسرحًا للكثير من شباب السوريين أصحاب المواهب الأدبية الذين لم تهيئ لهم بلادهم سبيلا من سبل العيش وإن هان. ولا نستطيع في هذا المقام أن ندخل في تفصيلات هجرة الصحافة إلى مصر، وليرجع القارئ إلى (: M. Hartmann The Arabic Press of gypt . لندن سنة 1899) وإلى ما ذكرنا ، آنفًا. أما سائر أهل البلاد فقد أبطأوا كثيرًا في الاستجابة إلى الحافز الذي حفزهم إليه السوريون أصحاب الهمة العالية. صحيح أن القبط أسسوا جريدة "الوطن" عام 1878 م لسانًا لحالهم، إلا أنها صحيفة ضئيلة الشأن، وليس بين رصيفاتها التي صدرت منذ ذلك التاريخ ما يستحق الذكر. أما الإسلام فقد ظل مترفعًا عن الصحافة، واستمر على هذه الحال إلى أن أصدر الشيخ على يوسف عام 1890 صحيفة المؤيد اليومية، وكان لها وزنها من حيث الأسلوب، وقد أبدى الشيخ براعة في تحريرها، وكان رجلا قديرًا.

وظهر إلى جانب هذه الصحيفة ورقات قليلة يشيع فيها التعصب. وكانت صحيفة اللواء التي أنشأها مصطفى كامل، وسميت من بعد "القلم" قومية تعارض المؤيد، وكانت هذه تدعو إلى الجامعة الإسلامية. وثمت صحيفة ثالثة لها شأنها ظهرت في القاهرة، وهي "الجريدة" وقد اختطت لنفسها طريقًا وسطًا، أي أنها كانت تدرك الأمر

ص: 2736

الواقع وهو احتلال الإنكليز لمصر.

وفي الأرقام التالية بينة على تقدم الصحافة: فقد ذكر الأنصاري عام 1892 (انظر المصادر) 40 صحيفة. وذكر هارتمان Hartmann (كتابه المذكور) عام 1899: 167 صحيفة، ويدخل في ذلك الجرائد التي انقطعت عن الصدور. وكان في سنة 1909: 144 صحيفة ومجلة دورية مختلفة، 90 منها في القاهرة و 45 في الإسكندرية (Revue du Monde Musul جـ 2، ص 308).

أما فيما يختص بولايات الدولة التركية الأخرى سواء أكان أهلها كلهم أم بعضهم من العرب، فإني سأكتفى هنا بذكر أقدم جرائدها الرسمية (Huart Journal Asiatique: . جـ 6 ص 5، 172):

(1)

البصرة وهي تصدر في ولاية البصرة.

(2)

الزَوْراء وهي تصدر في ولاية بغداد.

(3)

صنعاء، وهي تصدر في ولاية اليمن، وقد ظهرت في مكة صحيفة "الحجاز" منذ عام 1908 (انظر ما سنذكره في القسم الخاص بالصحافة في تركية).

والمغرب صدر فيها منذ عام 1862 صحيفة "الرائد التونسى" في تونس. وفي عام 1887 ظهرت صحيفة "الحاضرة" ثم صحيفة "الزَهْرَة" عام 1889، ثم "البصيرة" منذ عام 1892، على أن عدد الصحف زاد زيادة كبيرة في السنوات الأخيرة. (انظر Revueu du . ، Monde Mus جـ 6 ص 342 وما بعدها). وتونس فريدة في بابها بين البلاد الإسلامية، إذ تصدر فيها صحيفتان يهوديتان عربيتان تطبعان بالأحرف العبرية إحداهما البستان والأخرى المُحَيِّر. وتحرر كلتاهما بلغة هي خليط من الفصحى والعامية. وللحكومة في طرابلس جريدة رسمية تعرف بـ "طرابلس الغرب". ولم يذكر واشنطن سريز Washington Serruys إلى جانب هذه سوى جريدة "التَرَقى". وتصدر في بلاد الجزائر الجرائد التالية:

(1)

المبَشَر (في مدينة الجزائر).

ص: 2737

(2)

تلمسان (في مدينة تلمسان).

(3)

كوكب إفريقية وهي تصدر منذ عام 1907 م.

(4)

الجزائر منذ عام 1908. أما في بلاد مراكش فلم تصدر فيها صحف إلا في طنجة منذ عام 1905 (Revue du Monde Mus، جـ 2، ص 8، جـ 4، ص 619).

ولمالطة مقام خاص بها. ذلك أنه لم يظهر فيها أي عمل أدبى أو آية دار من دور الطباعة إلا منذ وقعت تحت الاحتلال الإنكليزى. فقد دار في خلد هؤلاء الفرنجة، زمنًا ما أن يقيموا اللغة العربية الفصحى إلى جانب اللهجة الفريدة التي يتحدث بها أهل مالطة، وكان هذا هو الأصل في ظهور الصحيفة السياسية "مالطة" التي ذكرها الهلال عام 1892. على أن هذه المحاولات التي بذلت لإقامة اللغة العربية الفصحى كانت عديمة الجدوى، فقامت لغة مكتوبة تمثل في جوهرها لهجة جزء من أجزاء الجزيرة، وكتبت هذه اللغة بالأحرف الرومانية. وبهذه اللغة بدأت تصدر سنة 1879 جريدة J 1 Habbar Malti

ويصدر في البلاد غير العربية نفسها عدد لا يستهان به من الصحف العربية. ويمكن تقسيمها ثلاثة أنواع:

(1)

صحف تنصر الإسلام.

(2)

صحف تدافع عن الحكم التركى.

(3)

صحف لها أغراض أخرى. أما جريدة الجوائب المشهورة التي تصدر في الآستانة، فقد صرفت كل همها إلى الدعوة للإسلام وللحكومة التركية، وفي رواية الهلال أنه كان يصدر بالآستانة أيضًا الصحف الآتية:

(1)

الاعتدال. (2) الحوادث.

(2)

السلام. (4) الحقائق.

(5)

المنَبَه، وكلها سياسية.

أما العلمية فهي:

(1)

الإنسان. (2) الكوكب، ثم صحيفة قانونية هي "الحقوق" وكانت تصدر بالعربية والتركية. وثمت ولاية أخرى من ولايات الدولة العثمانية كانت تقوم فيها صحيفة سياسية عربية وهي: قبرص. فكانت تصدر فيها صحيفة "ديك الشرق" (انظر ما جاء في

ص: 2738

الهلال عام 1892) وذكر الهلال، ونقل عنه واشنطن سريز (Ser- Washington ruys، جـ 2) صحيفة سياسية فحسب في الهند هي "نخبة الأخبار"، ولم يورد عنها آية تفصيلات أخرى (انظر القسم الخاص بالصحافة في الهند). وينبغى لنا أن ننوه بالجهد الذي بذل لإنشاء لسان حال ليهود الهند والجزيرة، وتمخض عن صدور مجلد في كلكتة بلغة عربية حوشية كتبت بالحروف العبرية عنوانه:"مجلة بيره اليهودية" وكان يعينها بيت روتشيلد في الشرق الأقصى، وساسون وشركاهم، وكانت بلا شك تخدم أغراضهم التجارية، وقد انتشرت هذه الصحيفة بين كافة يهود أسية الذين يتكلمون باللغة العربية. ولم يذكر هلال سنة 1892 من الصحف العربية التي تصدر في الغرب سوى ما يأتي:

(1)

المسْتَقِل في إيطاليا. أما الجرائد من 2 إلى 10 فقد صدرت في فرنسا وهي:

(2)

الأنباء. (3) أبوالهول.

(4)

الاتحاد. (5) البصير.

(6)

الصدى. (7) الحقوق.

(1)

البَرْجيس. (9) الشهرة.

(10)

العروة الوثقى. وقد صدرت الجرائد من 11 إلى 13 في لندن وهي:

(11)

الاتحاد العربي. (12) الخلافة.

(13)

مرآة الأحوال، ويحررها رزق الله حسّون، ويرجع في شأنه إلى كتابى "موشح" ص 78، 232.

(14)

الكشكول، وتصدر في تفليس، وقد جاء فيها أنها تظهر بالتترية والفارسية والعربية.

(15)

ضياء الخافقين، لندن. وقد جاء فيها أنها "تظهر بالعربية والإنكليزية".

(16)

كوكب أمريكا، نيويورك. ويزيد واشنطن سريز:

(17)

المرصاد، مرسيليا.

(18)

البرازيل.

(19)

الرقيب، وتصدر كلتاهما في البرازيل. ويمكن أن يضاف إلى هذه القوائم الصحف التي ذكرها هارتمان Hartmann عمود 227 وهي الأصمعى، بسان باولو في البرازيل، والهادي في

ص: 2739

فيلادلفيا، والأيام في نيويورك، كما ذكر أيضًا في Or. Litztg، سنة 1899، ص 58 وما بعدها خمس عشرة صحيفة جديدة (انظر أيضًا - Revue du Monde Mu sulman، جـ 19، ص 85 وما بعدها).

وقد زودنا واشنطن سريز بفكرة عامة بينة عن لغة الصحافة العربية في مختلف أطوار تقدمها. كانت في أول أمرها سقيمة متكلفة لا تتقيد في الغالب بقواعد النحو، ثم حاول الكتاب جاهدين أن يصححوا لغتهم وأن يسلسوا قيادها. وكان اتصال الصحفيين المستمر بالصحف الأوربية قد باعد بين كثير منهم وبين العربية الفصحى، فكان القارئ للغتهم يتبين فيها لأول وهلهَ عدة مصطلحات مستقاة من التعابير الأوربية، وقد سعى المثقفون ثقافة عالية مثل أديب إسحاق أن يحاربوا من أول الأمر هذه النزعات. أما في الوقت الحاضر فإن كتّاب الصحف الهامة يحاولون أن يكتبوا بلغة عربية سليمة. ولا يستعمل اللغة العامية إلا الصحف الفكاهية.

وقد تقدمت الصحافة العربية تقدمًا كبيرا من حيث المادة. ذلك أنها ظلت أمدًا طويلا تقتصر على أخبار الغرب التي فات أوانها ثم تضيف إليها إلمامة وجيزة بالحوادث في تركية مع مدح الحكومة ثم تورد الأخبار المحلية. والجوائب وحدها هي التي شذت عن ذلك وامتازت على سواها من الصحف. وقد اتسع الآن أفق الصحف اليومية: الأهرام والمؤيد والمقطم واللواء وكثير غيرها، وهي تروض الناس على الاهتمام بالسياسة ومسائل الفكر. أما الجرائد التي تقل عن هذه أهمية فلا تزال دونها هدفًا وغاية تسودها المهاترات الحزبية والمطاعن الشخصية الجارحة، وقد ندد الرجل النابه إبراهيم اليازجى بهذه النقائص تنديدًا شديدًا في أول عدد من صحيفة "الضياء"، ولكنه جاوز القصد عندما طالب بسن قانون للصحافة.

ويجب أن نعنى أيضًا عناية خاصة بالمجلات. فقد قام منها عدد كبير سعى إلى نشر المعارف النافعة علمية كانت أو سياسية أو عقلية، ونذكر هنا من المجلات القديمة:

أ- المجلات التي انقطعت عن الصدور:

ص: 2740

(1)

الصفا وكان يحررها رجل درزى.

(2)

الطبيب. (3) المهماز.

ب- المجلات التي توالى الصدور: الكنيسة الكاثوليكية.

وقد زاد شرودر Schroeder على هذه ثلاثا أخرى هي سلسلة الفكاهات في أطايب الروايات. وديوان الفكاهات، ومرآة الشرق، وقد انقطعت الآن كلها عن الصدور، وظلت مجلة الهلال لصاحبها جرجى زيدان دائبة العمل في هذه الاتجاهات منذ عام 1892، فلم تنِ لها همة أو تفتر لها عزيمة، وكانت البعوث الجزويتية في بيروت تصدر مجلة المشرق كل أسبوعين منذ أوائل عام 1898. أما مجلة المنار التي يحررها في القاهرة رشيد رضا منذ عام 1897. فهي أوسع المجلات أنتشارا في العالم الإسلامى بأسره. ويليها في ذلك مجلة المقْتَبَس التي ظل يحررها محمد كرد على في دمشق منذ سنة 1908 (انظر du Monde Mus. Revue . جـ 2، ص 417 وما بعدها). ولنذكر أيضًا مجلة "العالم الإسلامي"، وهي تطبع في القاهرة منذ عام 1905 (Revue du Monde Mus. جـ 4، ص 192) و"لغة العرب" ويحررها في بغداد الأب انستاس مارى، و"العلم" ويحررها الشهرستانى. ولا ينبغي أن نغفل الجريدة النسائية "الأنيس الجليس" التي كانت تصدر في الاسكندرية، وتديرها ألكسندره أفيرينو. وقد سبقها في البلاد المصرية صحيفتان نسائيتان كان نصيب محررتيهما في التحرير الاسم دون الفعل. وقد انقطعت هاتان المجلتان عن الصدور. وللنساء في أيامنا شأن كبير في العمل الصحفى (انظر فيما يختص بسورية. Revue du Monde Mus . جـ 19، ص 86 وما بعدها).

ويحق لنا أن نتنبأ للصحافة العربية بمستقبل زاهر دون أن تخشى في ذلك الزلل. فإن بين نصارى سورية طائفة كبيرة من الرجال الأكفاء الغيورين الذين لا تفتر لهم في العمل عزيمة. وبين المصريين نهضة، والمسلمون في هذا القطر هم الذين يصرفون همهم إلى الصحافة في حماسة فينجحون. وكان

ص: 2741

للأوروبيين في أغلب الأحوال نصيب أيضًا في إصدار الصحف العربية، وما زال لهم أثر في ذلك.

2 -

الصحافة التركية

[هارتمان M.Hartmann]

لا تقتصر الصحف والمجلات التركية على تركية وحدها، ولكنها تصدر أيضًا في البلاد الإسلامية بالروسيا، على أنها تكتب بطبيعة الحال أما باللغة الآزرية التركية، وإما بلغات تيرقازان أو آسية الوسطى. وسنتناول أولًا الصحافة التركية العثمانية ثم الصحافة التركية الروسية.

أ- تركيه: بدأت الصحافة التركية بالآستانة في الوقت الذي ظهرت فيه الصحافة العربية، ثم أنها هي أيضًا تقليد واضح لجريدة باريس الرسمية. ففي عام 1831 صدرت في الآستانة جريدة رسمية بالفرنسية اسمها. - Man iteur Ottoman وفي السنة التالية بدأت تظهر منها نسخة باللغة التركية (Revue du Monde Musulm جـ 4، ص 197) عنوانها "تقويم وقائع" ثم توقفت أمدًا وجيزًا واستأنفت الظهور، وظلت على ذلك إلى اليوم، وهي لسان حال الحكومة العثمانية، وفي سنة 1843 صدرت صحيفة أخرى اسمها "جريدة حوادث". ويقول أبسينى Abicini عام 1843 إنه كان إلى جانب هاتين الجريدتين إحدى وثلاثون جريدة أخرى في أنحاء الدولة العثمانية كافة، أحدى عشرة منها تطبع في الأستانة باللغات الفرنسية والإيطالية واليونانية والأرمنية والبلغارية. وما وافى عام 1876، حتى كان عدد الصحف التركية قد زاد إلى 12 صحيفة نذكر منها ما يلي، وبعضها ما زال يصدر: بصيرت، لسان حال الحزب التركى القديم؛ ترجمان أحوال، وقت، استقبال وصداقت، وهذه الصحيفة تؤيد حركة تركية الفتاة؛ وترجمان حقيقت، ويحررها أحمد مدحت صحيفة كمال بك، وتمثل هي وصحيفة تصوير أفكار الحركة التركية الحديثة. ثم صحيفة خيال الفكاهية. وكان إلى جانب هذه الصحف التركية في ذلك الوقت تسع صحف يونانية، وتسع أرمنية، وثلاث بلغارية، واثنتان عبريتان وواحدة

ص: 2742

عربية، وهي جريدة الجوائب السابق ذكرها، وسبع فرنسية بما فيها الجريدة الرسمية Journal de Constantinople التي عرفت فيما بعد باسم Turquie la، واثنتان إنكليزيتان بما في ذلك، Leuant Eastern Express j Herald وواحدة ألمانية هي Konstantinopler Handelsbtatt. ثم أنه ينبغي لنا أن نذكر أيضًا الصحف التركية التي تطبع للأرمن واليونان الذين يتكلمون التركية بحروفهم الوطنية. ولكن هؤلاء النازلة الذين فقدوا لغتهم لا شأن لهم، ومن هنا كانت صحافتهم لا قيمة لها. ولما اعتلى عبد الحميد الثاني عرش آل عثمان بدأت الصحافة التركية تمر بأوقات عصيبة، فقد كانت الرقابة صارمة، وعطلت عدة صحف، وبخاصة صحف حزب تركية الفتاة، فاضطرت هذه إلى أن تلتمس لسانًا لحالها خارج تركية، في باريس ولندن وجنيف وغيرها، وكانت صحفها تطبع أحيانًا بالفرنسية أو مع ملحق فرنسى، وقد اشتهرت من بين هذه "مشورت" التي كان يحررها أحمد رضا. (انظر أسماء الصحف الأخرى في: Constantinople aux der-: p .Fesch niers Jours d'Abdul- Hamid ص 333. 349، 393) كانت أروج الصحف في هذا العهد وأحسنها تحريرًا هي صحيفة "إقدام"التي كان يحررها أحمد جودت وصحيفة "صباح"، وما زالت كلتاهما تصدران إلى الآن، والمجلة الأسبوعية المصورة "ثروت فنون" التي كان يحررها أحمد إحسان.

وقد تغيرت كل هذه الأحوال فجاءة بقيام الثورة العثمانية. فنهضت الصحافة نهضة هائلة، فكانت الصحف تقوم كقصور الخيال، ثم لا تلبث معظمها أن يختفى ويحل محله غيره. وصادفت مجلة العالم الإسلامي (Revue Monde Musulm du) مشقة عظيمة في إعداد ثبت بهذه الصحف، ولايقل عددها عن 474 صحيفة ومجلة. وتشمل هذه بطبيعة الحال الصحف العربية واليونانية والآرمنية، وقد اختفى عدد كبير من هذه الصحف وظهر بعد ذلك غيره.

ب - روسيا

الصحافة الإسلامية في روسيا حديثة العهد بالقياس إلى غيرها، ومعظم الفضل في ظهورها راجع إلى

ص: 2743

جهود رجلين: إسماعيل بك غصيرانسكى، وأحمد بك أغايف. فقد أسس أولهما الصحيفة التترية "ترجمان" في باغجه سراى عا 1879، وما زالت تصدر إلى الآن، كما ساهم في إنشاء صحف أخرى. وأسس أحمد بك أغايف صحيفة "إرشاد" في باكو باللغة الأزرية التركية. فلما عطل الرقيب الروسى هذه الصحيفة لجأ أحمد إلى الحيلة المألوفة فأخرجها بأسماء أخرى، ولذلك أصبح اسم إرشاد بمرور الزمن "ترقى" ثم "اتفاق"، وبعد ذلك طلب أحمد أرضًا أخرى فآنس في تركية بلادًا أكثر حرية من غيرها. وإنا لنجد في مجلدات مجلة العالم الإسلامي (Mu- Revue du Monde sulm-) حوالي 50 اسما لصحف ومجلات ظهرت في روسيا، كان معظمها قصير العمر لما صادفه من متاعب سياسية ومالية. وعلى الجملة فإن الصحافة في روسيا ليس لها إلا شأن على. ونذكر من حواضرها فيما خلا الحاضرتين اللتين ذكرناهما آنفًا: تفليس، وقازان، وأورنبرغ، وأستراخان، وأوفا، وقره صوبازار، وطشقند، وسانت بطرسبرغ وغيرها. ولم تكن لغة الصحافة مقصورة على التترية التركية، ذلك أن صحفًا أخرى كانت تصدر بالعربية والروسية وتتناول شئون المسلمين. وقد بدأت المجلة الروسية الجديدة Mir Islamn تعنى من عهد قريب بالصحافة الإسلامية في روسيا، ومن قبيل ذلك أنها تناولت (جـ 1، ص 257 وما بعدها) بالتفصيل صحف وقت، وشورى، ودين، ومعيشت التي تصدر في أورنبرغ، ثم صحيفة بيان الحق التي تصدر في قازان، ثم صحيفة نجات التي تصدر في باكو. والدأب على ذلك هو الذي سيمكننا الآن من أن نتزود لأول مرة بفكرة واضحة عن حالة الصحافة الإسلامية في روسيا.

3 -

فارس

ليس لدينا ما نقوله عن صحافة الفرس قبل الثورة الفارسية إلا القليل. وقد تناول براون (Browne The: E.G. Persian Revolution ص 242) هذه الصحافة قائلا "لم يكن في فارس قبل منحها الدستور عام 1906 صحافة

ص: 2744

جريدة بهذا الاسم. ولم تكن الجرائد القائمة وقتئذ مثل إيران وشرف واطلاع إلا أوراقًا تطبع على الحجر، تظهر في أوقات غير منتظمة ولا تحوى أخبارًا أو ملاحظات ذات شأن، وإنما تقتصر على مدائح في مختلف الأمراء والحكام، وتوكيد بأن كل فرد راض سعيد. وكانت تقوم من وقت إلى آخر في خارج فارس صحف فارسية جيدة قليلة مثل أختر في الآستانة والحبل المتين في كلكتة وثريا وبروش في القاهرة، وكانت تلقى بعض الرواج في فارس نفسها، . وقد غيرت الثورة الأمور في فارس تغييرًا تامًّا كما حصل في جارتها تركية، فظهر في طهران وحدها (Revue du Monde Musulm- جـ 9، ص 682) عام 1908 ما لا يقل عن إحدى وثلاثين صحيفة ومجلة، وثلاث في تبريز واثنتان في كل من أصفهان ورشت وبندر بوشير. وصدرت في طهران طبعة من صحيفة الحبل المتين. ولنذكر في هذا المقام أيضًا صحيفة "مجلس"(صدرت منذ 1906) و"سور إسرافيل"(منذ عام 1907) وايران نو (منذ عام 1909) وتصدر كلها في طهران و "مظفرى" في بندر بوشير (منذ عام 1902). ونحيل القارئ فيما يختص بالصحف الأخرى إلى المعلومات الواردة في المصدر الذي نقلنا عنه كثيرًا وهو Revue du Monde Mu- .sulm وقد كان حكم براون على هذه الصحف الفارسية الحديثة حسنًا جدًّا، أو قل أنه كان كذلك بالنسبة لبعضها، فقال:"بلغ بعض هذه الصحف، وبخاصة "سور إسرافيل" و" الحبل المتين" و "مساوات" (انظر كتاب براون المذكور، ص 137) شأوا عظيما، وهي تزودنا بشواهد من نثر زاخر بالقوة جياش بالحياة جزل لم يكن لنا به عهد"، ثم قال في صفحة 242:"سمت الصحافة الفارسية إلى مرتبة عالية من الكمال، ويزداد تقديرها في نظرنا إذا ذكرنا إلى اى حد كانت هي شيئًا جديدًا على هذه البلاد".

4 -

الهند

ما زال تاريخ الصحافة الإسلامية في الهند البريطانية يتطلب من يكتبه. ومادة هذا التاريخ موجودة في شتى

ص: 2745

مطبوعات حكومة الهند، وفيما كتبه كارسان ده تاسى Garcin de Tassy، ويرجع إلى هذا الكاتب بصفة خاصة في شأن الصحافة الهندوستانية. وقد طبعت أهم هذه الصحف بلغة الأردو، لأن هذه اللغة أشيع اللغات عند المسلمين في جميع أنحاء الهند. على أن كثيرًا من هذه الصحف كان قصير العمر لم يلق من الرواج إلا قليلا. ومن أقدمها جريدة معهد عليكره IN- Aligarh stitute Gazette وما زالت توالى الصدور، وقد أسسها السير سيد أحمد خان عام 1866. وأصدرها أسبوعية. وكان هذا الرجل شيخ أئمة الفكر الإسلامي في الهند، وقد ظل إلى حين وفاته عام 1898 يزود هذه المجلة بمقالات قيمة في السياسة والإصلاح الاجتماعى والتعليم. وبخاصة التعليم في كلية عليكره، وثمت جريدتان أسبوعيتان لهما خطرهما تعبران عن ميول المسلمين، أولاهما "وطن" وتوزع 1800 نسخة، وينشرها في لاهور إن شاء الله الذي ذاع صيته لدعوته إلى توادّ إنكلترة وتركية ومؤازرته لمشروع سكة حديد الحجاز (وقد جمع لهذا المشروع نيفا وخمسة آلاف جنيه إنكليزى)، والأخرى هي مجلة "البشير" وتوزع 1050 نسخة، وينشرها في إتاوة مولوى بشير الدين، وهو نصير متحمس لكل الحركات الإسلامية الخالصة. وقد ظهرت حديثًا مجلة أسبوعية أخرى هي:"زميندار" بفضل صحفى شاب بارع هو ظفر على خان. وتطبع كل من جريدتى وطن وزميندار نسخة أخرى يومية، ولكن هاتين النسختين لا تلاقيان من الرواج ما تلاقيه "بيسا أخبار"(وهي توزع من طبعتها اليومية 1011 ومن طبعتها الأسبوعية 8377 نسخة) التي ينشرها في لاهور الصحفى العالى الهمة المجرب منشى محبوب عالم، وكان هذا الرجل إلى ذلك مقداما متعدد الجوانب، فأخرج طائفة كبيرة من المطبوعات. أما الجرائد الأسبوعية الأخرى فهي "نير أعظم" وتطبع في مراد آباد، و "شرق" في كر كهبور، و "ذو القرنين في في بداءون. ويستحيل علينا أن نذكر هنا جميع الصحف الأردية التي تطبع في الهند الشمالية، حيث يتكلم السكان المسلمون هذه اللغة ويكتبون بها، أو أن

ص: 2746

نورد بيانا بالصحف الأردية التي تطبع في أنحاء الهند الأخرى حيث تغلب لغة غير لغة الأردو: ففي حيدر آباد مثلًا سبع صحف أردية، وفي مدراس ثمان، وفي الولايات الوسطى ثلاث، وفي بومباى اثنتان، ومعظم هذه الصحف لا تلاقى إلا رواجا محدودا. وفي كلكتة، جريدة دار السلطنة، وهي توزع أسبوعيا 400 نسخة، وفي أرّه جريدة Star of India وهي توزع 657 نسخة.

ومعظم المسلمين المتعلمين في الهند يقرءون اللغة الأردية، ومع ذلك فمن الطبيعي أن ننتظر منهم إنشاء صحف بلغاتهم الأصلية التي تتغير من مقاطعة إلى أخرى. وأهم هذه الصحف هي: باللغة الكجراتية "أخبار إسلام"، وهي يومية تصدر في بومباى وتوزع 1000 نسخة، و Political Bhomiyo وهي أسبوعية تصدر في أحمد آباد، وتوزع 1500 نسخة؛ وباللغة المراطهية "فجارى" وهي تصدر ثلاث مرات في الشهر في كاروار (كنارة)، وتوزع 450 نسخة؛ وبالسندية "آقتاب سند" وهي أسبوعية تصدر في سُكَّرْ، وتوزع 1400؛ وباللغة التاملية "لوا الإسلام" وهي أسبوعية تصدر في مدراس وتوزع 650 نسخة، و "محمدى يمترن، وهي أسبوعية تصدر في أركُت الشمالية، وتوزع 400 نسخة؛ وباللغة الملايلمية "ملبر إسلام" وهي أسبوعية تصدر في ولاية كوتشن، وتوزع 600 نسخة و "محمدية دَريَنَم" وهي شهرية تصدر في ولاية ترافنكور، وتوزع 1000 نسخة.

وقد بذلت جهود في السنوات العشرين الأخيرة لإقامة صحيفة إنكليزية تنصرف انصرافا تاما إلى الشئون الإسلامية؛ فمن المسلم به أن في الهند عددا من الصحف الإنكليزية الجيدة يمولها الهندوس ويحررونها، ولكنه لم يكن فيها صحيفة إنكليزية من الطراز الأول يسيطر عليها المسلمون. ذلك أن النفقات الباهظة التي يتطلبها إصدار صحيفة، وقلة عدد قراء اللغة الإنكليزية من المسلمين بالقياس إلى غيرهم قد وقفت حتى ذلك الوقت في سبيل نجاح هذا المشروع. وأهم هذه الصحف الإنكليزية التي ما زالت تصدر إلى الآن هي Punjab Observer: The في لاهور و The Moslem Chronicle و The

ص: 2747

Comrade في كلكتة و the Muhammadan في مدراس.

وأهم الصحف الفارسية التي تطبع في الهند صحيفة "الحبل المتين"، وهي أسبوعية تصدر في كلكتة وتطبع 1000 نسخة. وقد صدرت جرائد عربية إلا أنها كانت قصيرة العمر، وكانت معظم هذه الجرائد تنشر ما تنشره بالعربية مع ترجمة باللغة الأردية، إلا أن المعونة المالية التي بذلت لها كانت أضأل من أن تكتب لهذه المشروعات الاستمرار.

ويجدر بنا أن نذكر إلى جانب هذه الصحف المطبوعات الدورية الأخرى، ومعظمها بالأردية. وأبعد هذه الدوريات صيتا "تهذيب الأخلاق" التي أسسها السير سيد أحمد خان عام 1870، وظل يصدرها أسبوعيًا حتى عام 1876، ثم استغرق إنشاء كلية عليكره وقته وفكره. ثم أحييت بعد ذلك بسنتين ونصف السنة، واستؤنف إصدار سلسلة جديدة منها عام 1894 لم تدم إلا ثلاث سنوات فحسب. وكانت مجلة تهذيب الأخلاق لسان المجهدين في الفقه الإسلامي، وصاحب هذا المذهب هو السير سيد أحمد خان. وكانت معظم المقالات من إشائه، وقد رمى من ورائها إلى بسط نهج في العقائد أسلم من غيره، برئ من زيادات الفقهاء وأراء القرون الوسطى في الحياة والطبيعة التي لا توائم العلم الحديث. ومن المجلات التي تدين بمذهب أهل السنة القديم مجلة "إشاعة السنة"، وكان الغرض الأكبر من إصدارها الرد على الأراء التي تنشرها مجلة تهذيب الأخلاق، ومجلة "نور الآفاق" و "نور الأنوار"، وهما تطبعان في كاونيور، و "أهل الحديث" وتطبع في أمرتسر. ثم هناك أيضًا مجلة "الندوة" وهي شهرية توزع 625 نسخة، وتطبع في لكهنؤ لسانًا لحال ندوة العلماء وهي جماعة ترمى إلى المزاوجة بين العلم الحديث والطرق المأثورة عن القدماء في البحث دون أن تقطع الصلة بالماضى في غير رفق. وتكتب هذه المجلات الدينية بلغة الأردو. على أن المجلة التي تعبر عن آراء طائفة الأحمدية وهي The Review of Re- ligion فتحرر بالإنكليزية، وتصدر شهرية في قادبان وتوزع 800 نسخة.

ص: 2748

وقد بدأت بعض المجلات الأردية تصدر في أيامنا هذه على نسق المجلات الأوروبية، ولكنها تتناول بصفة خاصة الموضوعات الأدبية وغيرها مما لا يتسم بسمة الجدل والمناظرة. ويتبين من طبيعة مادة هذه المجلات أنها ليست إسلامية بحتة، على أننا نذكر مجلات "صلاح عام"، وتطبع في دهلى، و "مخزن" وهي شهرية تطبع في دهلى، وتوزع 400 نسخة، و " The Aligarh Monthly" وهي توزع 500 نسخة، لأنها جميعًا تتناول بوجه خاص المسائل التي تعنى المسلمين. وتصدر بالأردية مجلتان للنساء المسلمات، وهما "تهذيب النسوان"، وهي أسبوعية تصدر في لاهور وتوزع 240 نسخة، و"خاتون" وهي شهرية تصدر في عليكره، وتوزع 450 نسخة.

5 -

جزائر الهند الشرقية الهولندية وسنغافورة

الكلام عن الصحف وغيرها التي تصدر في جزائر الهند الشرقية الهولندية مفصل في Regeeringsalmanak voor Nederlandch Indie وقد وردت بعض بيانات عنها في Revue du Monde Musulm وبخاصة جـ 7، ص 485 وما بعدها، ونحن نستطيع بفضل الأستاذ سنوك هرجرونى C. Snouck Hurgronje أن نذكر عن الصحافة الإسلامية في هذه الأصقاع تفصيلات أخرى: تصدر صحيفة "مدن بريايى" أي "ميدان الموظفين من أهل البلاد، يوميا في باندونغ. وكبير محرريها هوردين ماس ترتادسوريا، وتعارض هذه بعض المعارضة صحيفة أخرى تصدر في باندونغ منذ عام 1917، وهي "كاومّود" أي الشباب، ويفهم من الشباب هنا ما يفهم من قولنا تركيا الفتاة، ويحرر هذه الصحيفة أ. هـ وكنجة في سستره. ونذكر أيضًا مجلة "درمكنده" وهي تصدر في سركرتا مرتين في الأسبوع، ويحررها رجل صينى يدعى "ته تجى تجاى" يعاونه رجل آخر من جاوة والاسم مأخوذ من السنسكريتية ومعناه: "الأنباء الطيبة" وقد تسمت جريدة "سروتامه" هي الأخرى باسم قديم معناه "السهم السديد"، وهي تصدر في مولو وتحررها جماعة "سرقت إسلام" للرد

ص: 2749

على الدعوة التي ينشرها "بودى أتاما"(وبودى أتاما = السعي النبيل، انظر Revue du Monde Musulm- جـ 7، ص 415 وغير ذلك من المواضع). وخير المجلات تحريرا بعد "درمكنده" هي مجلة "أتسان ملايو" أي الرسول الملاوى، وهي تصدر كل أسبوعين في باندونغ منذ عام 1910 ويحررها داتوسين مهراجة وسين محمد سليم. وتطبع مجلة "المنبر" في باندونغ أيضًا.

وتصدر في سنغافورة من حين إلى حين صحف عربية تتفاوت في عدواتها للسلطات الأوربية. وقد تكلمت مجلة العالم الإسلامي (Mu- Revue du Monde sulm-، جـ 2، ص 398 وما بعدها) عن مجلة الإمام الشهرية، وهي تحرر بالملاوية، أما مجلة "برنجه" -أي الميزان- فتشبه في أغراضها مجلة الإمام، وقد صدرت أول ما صدرت عام 1912. والصحف الملاوية الأخرى هي:"إنسان ملايو" وهي تصدر ثلاث مرات في الأسبوع، وتطبعها صحافة سنغافورة الحرة (Walter Makepeace) . وصحيفهَ "تمنك بنكهوان" الخ. ونحن نعرف من الصحف العربية التي أشرنا إليها آنفًا: صحيفة "الإصلاح"، وقد صدرت أسبوعية سنة "الوطن" وقد صدرت نصف شهرية سنة 1910، و"الحُسام" وقد صدرت أسبوعية سنة 1910.

6 -

الصين

أمامى ثمرتان من ثمار الصحافة الإسلامية في الصين: صحيفة ومجلة. على أن صينيًا كونفوشيوسيا عارفًا بمثل هذه المسائل أكد لي أن هذه الصحيفة ليست على التحقيق هي الوحيدة. واسم الصحيفة "تشنغ تسنغ أي كيوباو" أي "الصحيفة الإسلامية الوطنية" وتطبع في بكين. وهي من صحف "هسياو باو" أي الصحف الصغرى، وتختلف عن الصحف الكبرى شكلا ومادة. ولا تظهر صيغتها الإسلامية إلا في سمات قلائل، ويقال أنها أيضًا رائجة جدًّا بين الصينيين غير المسلمين في يكين. وهي الصحيفة الوحيدة التي تنشر بالعامية (سوهوا)

ص: 2750

ومن ثم يفهمها أفراد الطبقات الدنيا عندما تقرأ لهم. والآى كيوباو ملزمة واحدة ذات شقين كل شق أربع صفحات وتحفل التقاسيم الأفقية والعمودية التي بينها بالكتابة أيضًا. ويمكن أن نستدل من الأرقام التي عليها أنها تصدر منذ ست سنوات. والعدد الذي أمامى تاريخه 21 مارس سنة 1912. وبه مقال افتتاحى عدا المقالات الأخرى وأخبار اليوم، وعنوانه "اقتراح للتخفيف من المتاعب الحالة بالجمهورية" وهو من إنشاء تشو يوان. وبالعدد صورة سياسية هزلية.

وقد تكلم برومهول Bormhall عن المجلة في Islam in China (لندن سنة 1910، ص 283) وأورد صورة طبق الأصل لغلاف العدد الأول منها (الشكل 282 - 283) وفهرسًا لمحتوياته (ص 482). وفي أعلاه العنوان الإسلامي "استيقاظ الإسلام" وتحته الشهادة. وفي وسطه العنوان الصينى "هسنغ هوى بين" المعادل للعنوان العربي. وأسفله "العدد 1". وفي الجهة اليسرى: لسان حال الجماعة الإسلامية للرقى بالتعليم في اليابان (وفي رواية برومهول: كتابه المذكور آنفًا، أن الناشرين ثلاثون طالبًا. ولعلهم أيضًا زعماء هذه الجماعة) وفي الجهة اليمنى: "لا تباع"، وأدرجت محتويات المجلة تحت ثلاثة عناوين:

(1)

المقالات التي يكتبها المسلمون الصينيون الذين يعيشون في اليابان، وواضح أن هذا هو المقابل لما يفهم من العنوان الثاني.

(2)

المقالات التي يكتبها الصينيون الذين يعيشون في الصين.

(3)

الملحق وفيه معارف شتى.

والمقالات العشر التي تندرج تحت العنوان الأول هي:

(1)

الصلة بين الدين والتعليم لهوانغ تشى بان.

(2)

الإصلاح الدينى لياو تعنليانغ.

(3)

بيان عن مسئولية تعليم أعضاء جماعتنا لكاتب المقال رقم 2.

(4)

"المسلمون" لكاتب المقال رقم 1.

(5)

"حضارة الإسلام" لكاتب المقال رقم 1.

ص: 2751

(6)

الإسلام و"ووشى تآو"(بشيدو عند اليابان) لونغ تعن تشه.

(7)

مقال "في تقدم الدين" لماتسنغ سوى.

(8)

"نشأة الإسلام في الصين" لتشآو تشنغ تشى.

(9)

"تعليم الجمهور في الصين" لكاتب المقال رقم 8.

(10)

"الإسلام الجديد" لعضو من الجماعة. أما القسم الثاني فيحتوى على خمس مقالات:

(1)

خطاب افتتاحى إلى الجماعة اليابانية للرقى بالإسلام، لتساى تايو.

(2)

خطة لإحياء الإسلام للى شيوشان.

(3)

شئون الجماعة، لتعنغ تشنغ.

(4)

مقال عن "كى"(لعلها التعليم أو الصلاة) لكاتب المقال رقم 3.

(5)

"خصائص الفرق" لها لي تعنغ.

ويحتوى القسم الثالث على أربع رسائل لم يذكر اسم كتابها:

(1)

موقف الجماعة العامة للتربية الإسلامية في الشرق الأقصى.

(2)

، (3)، (4) أعمال وقوانين وأسماء أعضاء الجماعة الصينية للرقى بالإسلام.

وموقف المسلمين في الصين مختلف عن موقف النصارى في تركية، ذلك أن هؤلاء ليس لهم صحافة تكتب بلغة الشعب الحاكم (ولهذه القاعدة شواذ، انظر القسم الخاص بالصحافة في تركية) لأن حكامهم أنفسهم في أول درجات الحياة العقلية الرفيعة، أما المسلمون في الصين، فقد استوعبوا ثقافة الصينيين القديمة. ولهذا فإن صحافتهم أيضًا سيكون لها نصيب في التقدم العظيم الذي أصاب الصحف في الصين الحديثة. وستؤدى للبلاد أجل الخدمات إذا ظلت مبتعدة عن الآفة الكبرى التي تهدد الإسلام في ظل الحكم الأجنبي، ونعنى بها النزوع إلى إقامة دولة داخل الدولة.

[هارتمان M.Hartmann]

ص: 2752

المصادر:

عن الصحافة في تركية:

(1)

الجريدة الرسمية سالنامه.

(2)

Quest La Presse en Turquie -dipl جـ 11، ص 229 وما بعدها.

(3)

عن الصحافة في مصر: عبد الله أفندى الأنصاري: كتاب جامع التصانيف المصرية الحديثة من سنة 1301 إلى سنة 1310 هجرية، بولاق سنة 1312 هـ.

(4)

Wirthochaftliche Ve-: Bruening rhaeltnisse Syriens and seiner Haupt- Preussisches Handelsarchiv plaetze. سنة 1878، رقم 46 - 50؛ انظر عن الصحف والمجلات في ولاية سورية، ص 580.

(5)

Verz. der in Syrien: Schroeder Mesopot erschein Zeitungen und في d Deutsch Pal.- Ver Zeitscher، جـ 12، سنة 1889، ص 124 - 128.

(6)

Thomsen: المصدر نفسه، جت 25، سنة 1912 ص 221 وما بعدها.

(7)

الهلال، سنة 1892، جـ 1، عدد 1، ص 9 - 16؛ سنة 1896، جـ 5، عدد 4، ص 141 ما بعدها.

(8)

L'Arabe: Washington Serruys Moderne etudie daps les pieces of cielles بيروت سنة 1897.

(9)

Hartmann في - Orientalische Lit teratur- Zeitung ، سنة 1898، رقم 7، ص 226 - 328.

(10)

الكاتب نفسه ، The Arabic Press of Egypi، لندن سنة 1899.

(11)

مجلات Reveue du Monde Mus. Mir Islama ، The Moslem World .

(12)

ويجب أن يعني عناية خاصة ببحث الصحافة الإسلامية الواردة في Zeitschr. der Deutschen Gesellschaft fiter Islamlwnde وقد صدر في أواخر عام 1912.

+ الجريدة، ومعناها لغة "الورقة"، ثم أصبحت المصطلح المألوف في العربية الحديثة للدلالة على الصحيفة، وقد عزى اصطناعها لفارس الشدياق؛ ومرادفها "صحيفة" أقل استعمالا في

ص: 2753

المفرد ولكن الجمع "صحف" أكثر شيوعًا من "جرائد"؛ وقد أظهر العثمانيون شيئًا من الاهتمام بالصحافة الأوربية في وقت مبكر يرجع إلى القرن الثامن عشر، ويبدو أن مقتطفات من الصحف الأوربية قد ترجمت ليطلع عليها الديوان (رسالة بروسية من الآستانة سنة 1780، وقد ذكرها. J.W Linkeisen . في - Geschichte des Os mamrchen Reiches. جـ 4، كوتا سنة 1859، ص 2890 - 291)؛ وتطور هذا الديوان فأصبح مكتبًا للمطبوعات خدم الحكومة العثمانية طوال القرن التاسع عشر وما بعده.

وكانت أولى الصحف في الشرق الأوسط باللغة الفرنسية، وقد نشرت تحت الإشراف الفرنسى الرسمى، وحوالى سنة 1790 بدأت المطبعة الفرنسية القائمة في الآستانة إصدار النشرات والبلاغات وغيرها من التصريحات التي تصدرها السفارة الفرنسية، وأعلن السفير فرنيناك - Ver ninac سنة 1795، أنه سيطبع كل أسبوعين، بعد وصول البريد من أوربا نشرة من 6 - 8 صحائف من قطع الثمن يستطيع أن يجد مواطنوه فيها معلومات عن القوانين والحوادث الجديدة التي تعنيهم، وكانت هذه النشرة توزع في المشرق بأسره. وفي السنة التالية، أي في عهد خليفته أوبير دوباييه Aubert Dubayet، أصبحت النشرة صحيفة باسم "جريدة الآستانة الفرنسية"- Ga zette Francaise de Constantinople، وكانت أول جريدة تظهر في الشرق الأوسط، وتحتوى على أربع صفحات من قطع الثمن، تزداد أحيانًا إلى ست، وتصدر عن السفارة الفرنسية في غير انتظام على فترات تبلغ نحو الشهر، وظلت تصدر نحو السنتين؛ وفي سبتمبر سنة 1798. أي بعد الحملة الفرنسية على مصر اعتقل أعضاء هيئة الجريدة الفرنسيون وصادرت السلطات العثمانية المطبعة، ثم أعيدت سنة 1802 واستخدمت من بعد لإعادة طبع البلاغات العسكرية لتوزيعها محليًا، ولكن يبدو أن الجريدة لم تستأنف الصدور.

وفي زمن الحملة الفرنسية كان في ركاب ونابرت مطبعتان، إحداهما ملك

ص: 2754

خاص وصاحبها المطبعى مارك اوريل Marc Aurel، لا تملك إلا حروفًا لاتينية، أما الأخرى، وكانت تملكها الحكومة، فقد وضعت تحت إمرة المستشرق ج. مارسيل G. Marcel وزودت بحروف فرنسية وعربية ويونانية؛ ونشر العدد الأول من de L'Egypte Courier (sic)، في القاهرة من المطبعة السابقة في 12 فروكتيدور سنة 6 (29 أغسطس سنة 1798)، وكانت صدر كل خمسة أيام وتحتوى على الأخبار المحلية والتصريحات والبلاغات وغير ذلك، كما كانت تحتوى على بعض المواد من الأنباء الأوربية، وبعد شهر -أي في 10 فندميير سنة 7 (أول أكتوبر سنة 1798) كان الناشر نفسه يبيع العدد الأول من مجلة ربع سنوية اسمها La Decade egyptienne، خصصت لنشر محاضر جلسات المجمع المصري" Institut d'Egypte""، والأبحاث التي كانت تتلى في هذه الجمعية العلمية؛ فلما عاد بونابرت إلى فرنسا تبعه مارك أوريل، وأدى ذلك إلى أن تولت مطبعة ج. مارسيل، وهي "المطبعة الشرقية والفرنسية" Imprimerie Orientale et" Francaise" طبع المجلتين، ونجد اسمى عالم الرياضيات فورييه Fourier والدكتور ديجينيت Desgenettes بين الأسماء التي كان أصحابها يديرون هذه المطبعة؛ والأعداد المائة وستة عشر من جريدة Courrier وكل منها من أربع صحائف من حجم الثمن، والمجلدات الثلاثة من جريدة Decade تعد مصدرًا تاريخيًا بالغ الأهمية؛ وكانت مطبعة مارسيل تنشر بالعربية على وجه خاص الإخطارات والبيانات والبلاغات، فلما اغتيل كليبر (16 يونية سنة 1800) طبعت أيضًا "التنبيه"، التي اسسها مينو Menou . وهي الصحيفة العربية الأولى، والظاهر أنها كانت قصيرة العمر (انظر F. Charles-Roux d'Egypte Gouverneur ، Bonaparte، الطبعة الرابعة، باريس من غير تاريخ، ص 138 وما بعدها؛ R. Car- Bulletin de l'Institut: nivel و L'lm- d'Egypte Primerie de 1'Expedition، في سنة 1909؛ و Reinau في. Jours . As سنة 1831، ص 249):

وفي سبتة في الطرف المقابل من المغرب ظهرت في أول مايو سنة 1820

ص: 2755

أول صحيفة تنشر في مراكش وكان اسمها El-Liberal Africano، وهي جريدة أسبوعية تصدرها الجمعية الوطنية لهذه البلدة؛ وقد توقفت بعد ستة أعداد في 5 يونية من السنة نفسها (Fernando La Hoz . Apuntes para la: V historia de la Imprenta en el Norte de Marruecos تطوان، سنة 1949؛ ص 23).

وفي سنة 1824 أسس فرنسى اسمه شارل تريكون Charles Tricon مجلة فرنسية شهرية اسمها - Le Smyr neen في إزمير، وقد لاقت هذه المجلة بعض الصعوبات الأولية مع السلطات التركية والفرنسية ثم أعيد تنظيمها تحت إدارة جديدة، وبدأت تظهر أسبوعيًا باسم Le Spectateur Oriental في أربع صفحات من حجم الثمن، وكانت توزع بصفة خاصة بين العناصر التجارية الأجنبية؛ وفي سنة 1827 أصبح ألكسندر بلاك Alexander Blacque . وهو محام من مرسيليا وشخصية معروفة في المشرقء شريكا ومحررًا عاملا في مجلة Spectateur، التي كان يكتب فيها من قبل بانتظام، وأعيد تسميتها من بعد وأطلق عليها اسم Courier de Smyren. وقد لعبت دورًا نشيطًا في أحوال ذلك الزمن، وأوقعت محررها في مشاكل مع السلطات أكثر من مرة بتعليقاتها الصريحة وبخاصة تأييدها للقضية العثمانية ضد المتمردين اليونانيين (Note sur les jour-: L. Lagarde naux francais de Constantinople a d l'e Poque revolutionnaire في Journ، As- جـ 236، سنة 1948، ص 271 - 276: الكاتب نفسه: Note sur les journaux -francais de Smyrne d l'epoque de Mah Jour. As- Moud II سنة 1950، ص 103 - 104؛ سليم نزهت: تورك عازته جيلكى، سنة 1831 - 1931، إستانبول سنة 1931، ص 10 - 28 مع نقل عدد كامل من مجلة Gazette مؤرخ في أول فلوريال سنة 5 = 20 أبريل سنة 1797، وعدد Le Spectateur Orien- tal المؤرخ 21 بولية سنة 1827، أحمد أمين: The development of modern Turky as measured by its press نيويورك، سنة 1914، ص- 29؛ Charles White: Three years in Constantinople، جـ 2،

ص: 2756

لندن سنة 1845، ص 218 - 22)؛ وتجد رواية تركية عن محاولات روسية لإيقاف الجريدة في تاريخ لطفى (جـ 23، ص 98 وما بعدها)؛ ويذكر لطفى أن السفير الروسى قال: "الصحفيون (غازته جى) في فرنساو إنكلترة يمكنهم حقًّا التعبير عن أنفسهم بحرية حتى ضد ملوكهم، ومن ثم ففي الأزمنة القديمة نشبت الحرب في عدة مناسبات بين فرنسا وإنكلترة بسبب هؤلاء الصحفيين، ونحمد الله على أن المماليك التي يحرسها الله قد وقاها شر هذه الأمور حتى حدث منذ فترة وجيزة أن ظهر في إزمير ذلك الرجل وراح يصدر صحيفته ولعل من الخير منعه. . ."(لطفى، جـ 3، ص 100؛ وانظر أمين، ص 28).

وهنالك عادت مصر إلى الظهور على مسرح الأحداث، فقد أصدر محمد على أوامره في وقت مبكر يرجع إلى سنة 1821 بإصدار صحيفة يومية أوجب أن تقدم إليه صباح كل يوم بحيث تحتوى على شتى المواد من المعلومات الرسمية والإدارية؛ والاقتصادية، ولعل العدد الأول من أولى المجلات الحقيقية باللغة العربية، وهي الوقائع المصرية، لسان حال حكومة محمد على المصرية، قد ظهر في القاهرة يوم 12 من جمادى الأولى سنة 1244 هـ (20 نوفمبرسنة 1828؛ والأعداد السابقة على سنة 1840 لم تنته إلينا)؛ وقد صدرت أول الأمر بالعربية ثم ظهرت بضعة أشهر بالتركية وأخيرا عادت إلي العربية، وظهرت من بعد ثلاث مرات أسبوعيًا، مع طبعة فرنسية كانت تصدر مستقلة، وظلت الوقائع المصرية هي الصحيفة الدورية الوحيدة التي تصدر في عهد حكومة محمد على؛ ومنذ عهد الخديوى إسماعيل كانت تصدر يومية، وكانت- تحتوى علاوة على الأوامر والقرارات والقوانين- على مواد أجنبية ومحلية جديدة والافتتاحيات، ورسومات من حين إلى حين، وفي سنة 1881، تولى محمد عبده رئاسة تحريرها فأصبحت أهم جريدة في ذلك الزمن وأوسع الصحف انتشارًا.

وعادت الوقائع المصرية أيام الاحتلال البريطانى إلى شكلها الأول وكانت

ص: 2757

تحتوى على البيانات والمعلومات عن شئون الدولة، وكانت سنة 1929 ما تزال تظهر في القوائم الرسمية.

ولم يقف السلطان بإستانبول مكتوفًا حيال هذا التحدى الصادر من الباشا القائم في القاهرة، بل أنفعل به في هذا الأمر وفي غيره من الأمور الكئيرة جدًّا، فاستدعى مسيو بلاك Blacque إلى إستانبول لينشر صحيفة Moniteur Ottoman . وهي الصحيفة الرسمية للحكومة العثمانية باللغة الفرنسية؛ وفي السنة الثانية، أي في غرة جمادى الأولى سنة 1247 هـ (14 مايو سنة 1832) ظهر العدد الأول من "تقويم وقائع" التركية؛ وصدر هذا العدد بمقال افتتاحى قدّم الجريدة على اعتبار أنها تطور طبيعى للتواريخ الإمبراطورية مهمتها إعلان الطبيعة الحقيقية للأحداث والمغزى الحقيقي لتصرفات الحكومة وأوامرها دفعًا لأى سوء تفاهم واستباقًا لأى نقد يقوم على أنباء غير صحيحة. وكان للجريدة غرض آخر هو تزويد القراء بمعلومات مفيدة عن التجارة والعلوم والفنون؛ وكان "التقويم"، على النقيض من الـ Moniteur التي كانت تخصص جزءًا من مساحتها لنشر الأنباء والتعليقات، فهو قد اقتصر على البيانات الرسمية، وكان يصدره مكتب يسص "تقويم خانة عامرة" وكان أول رئيس تحرير له المؤرخ الإمبراطورى أسعد أفندى (انظر عنه Die: Babinger Geschichtschreiber des Osmsnen and ihre Werke، ص 354 - 356)؛ وكانت توزع منه خمسة آلاف نسخة على الموظفين والأعيان، كما كان يوزع على السفارات الأجنبية، وقد ساعد افتتاح الخدمة البريدية سنة 1834 في توزيعه مساعدة كبيرة؛ وكان يصدر منه نحو 30 عددًا فيما بين سنتى 1832 و 1838، وبعد هذا كان يصدر مرة في الأسبوع تقريبًا، وإن كان يتخلل ذلك فترات ينقطع فيها عن الصدور. وقد نشر العدد الأخير وهو رقم 4608 في 4 ربيع الأول سنة 1341 هـ (4 نوفمبر سنة 1922). وبعد هذا حلت محله لسانا لحال الحكومة التركية الرسمى صحيفة "رسمي جريدى سميت من بعد باسم "رسمى غازته" التي تصدر في أنقره (لطفى، جـ 3،

ص: 2758

ص 156 - 160؛ نزهت، ص 30 - 35؛ أمين، ص 29 - 32).

وكانت أول جريدة غير رسمية تنشر باللغة التركية هي "جريدة الحوادث" الأسبوعية التي أنشأها الإنكليزى وليم تشرشل سنة. 1840، وتوفى وليم هذا سنة 1864 فاستمر ابنه في إصدارها وكانت في مظهرها أشبه بتقويم وقائع، وكان الغرض منها تجاريًا، وتنشر مقدارًا متزايدًا من الإعلانات، على أنها كانت تنشر كثيرًا من المقالات والدراسات الشائقة على هيئة مسلسلات في كثير من الأحيان. ومن ثم كانت تهيئ اسباب التدريب على الصحافة لعدد من الأدباء الأتراك (وانظر في شأن بعض من أسهموا بالكتابة في "جريدة حوادث" مقالان لابن الأمين محمود كمال في "تورك تاريخ أنجمنى مجموعة سى"، ص 96، 97)، وجاءت حرب القريم بحاجيات وفرص جديدة، وكان تشرشل يكتب من جبهة القتال للصحف الإنكليزية، وتنشر تقاريره أيضًا بالتركية في ملاحق خاصة لجريدة حوادث، وبذلك زودت القارئ التركى التواق لأنباء الحرب، ببصيرة جديدة في مهمة الصحافة.

وثمة صحيفة تركية أخرى كانت ترعاها الجهات الرسمية وهي "وقائع طبيَّة"، وهي مجلة طبية شهرية نشرت لأول مرة سنة 1850 باللغتين التركية والفرنسية، وكذلك باللغات الإيطالية واليونانية والأرمنية واليهودية والأسبانية.

وظهرت في بيروت سنة 1855 "مرآة الأحوال" وهي الجريدة العربية الثانية، أنشأها حسّان الذي أكره على اللجوء إلى لندن (انظر ما يلي، بند 3)؛ وكذلك شهدت بيروت بداية "السلطانة" سنة 1857، وبداية "حديقة الأفكار" في أول يناير سنة 1858، وكان ينشرها بالعربية والفرنسية خليل الخورى؛ وكان الغرض الرئيسى من هذا النشر الذي كانت تقصده الحكومة التركية تعريف الأجانب العديدين المقيمين في بيروت بآراء الباب العالى.

وجاءت سنة 1860 بتجديدين لهما شأنهما، كان أولهما إنشاء صحيفة

ص: 2759

عربية هي الجوائب، وهي إذا قورنت بالجهود المبكرة في هذا الشأن بدت تلك الجهود غير منتظمة وغير واضحة؛ وقد أنشأها في الآستانة أحمد فارس الشدياق اللبنانى في يولية سنة 1860، وعضدتها الحكومة التركية تعضيدًا قويًّا، وكانت تدافع عن قضية الإسلام الذي كان منشئها قد اعتنقه حديثًا، ويمكن أن نعد الشدياق أبا للغة العربية الخاصة بالصحف، فقد فعل الكثير في سبيل إثراء اللغة، على حين كانت الجوائب أعظم صحيفة عربية في القرن التاسع عشر، تباع في القاهرة وبيروت ودمشق والعراق وإفريقية الغربية، وقد اعتمد توزيعها الواسع النطاق على تلك العناية التي بذلت بسخاء في تحريرها وعرضها، وبلغت أوجها حوالي سنة 1880، ومات أحمد فارس سنة 1884، ولكن ابنه سليما لم يستطع المحافظة على مستواها السابق وطبع الشدياق فيما بين سنتى 1288 و 1298 هـ (1871 - 1881 م) تحت عنوان "كنز الرغائب في منتخبات الجوائب" سبعة مجلدات ضمت مقالات في الأدب والتاريخ وغير ذلك، أعاد طبعها من صحيفته، وكانت لا تزال لها أهمية ثقافية لا تنكر، أما التجديد الثاني الذي حدث في سنة 1860 فكان الصحيفة الأسبوعية "ترجمان الأحوال"، أول جريدة خاصة يصدرها تركى، وكان منشئها هو جابان زاده آكاه أفندى سليل أسرة بكوات دره، وموظف كبير في مكتب الترجمة التابع للباب العالى؛ وقد اشترك معه في رئاسة التحرير الكاتب إبراهيم شناسى، وتأثر تشرشل بهذه المنافسة فنشر نسخة يومية من صحيفته خمس مرات أسبوعيًا "روزنامه جريدة حوادث" وكانت بين الاثنتين منافسة حادة استمرت فترة من الزمن؛ وبدأت الصحافة تلقى الصعوبات في ذلك الوقت الذي ازداد فيه طابع التسلط، وسرعان ما أوقفت الترجمان أسبوعين بسبب مقال يرجح إن ضياء باشا هو كاتبه؛ وكانت هذه أول مرة توقف فيها الحكومة في تركية صحيفة من الصحف.

صبحي [لويس وبلا B.Lewis&Ch.Pellat]

ص: 2760

حاولنا في القسم السابق أن نسوق بيانًا بالمحاولات التي بذلت لإنشاء الصحافة في طول العالم الإسلامي وعرضه، وكان لزامًا علينا أن نخصص معظم عنايتنا للمطبوعات التي كان يديرها الأجانب في شتى البلاد الإسلامية، طالما أنهم قاموا بدور عظيم في النهوض بالصحافة؛ وقد بدأت منذ سنة 1860 تقريبًا فترة جديدة، نما فيها النشاط الصحفى نموًا اقتضانا أن ننزل الصحف التي كانت تنشر باللغات الأوربية إلى المحل الثاني بالرغم من أهميتها، وأن نتتبع تاريخ الصحافة في شتى البلاد الإسلامية كل بلد على انفراد، مع الاعتبار الواجب للغة التي نشرت بها الصحيفة.

1 -

الصحافة العربية اللغة:

(أ) - الشرق الأسط

مصر: إن تاريخ الصحافة العربية في مصر يمكن تقسيمه إلى أربع فترات؛ تستمر الفترة الأولى حتى الاحتلال البريطانى، فبعد الوقائع المصرية، لم تظهر "وادي النيل" إلا سنة 1866، وقد أنشاها في القاهرة عبد الله أبوالسعود؛ وفي سنة 1869 أنشأ صحيفة "نزهة الأفكار" مصريان هما إبراهيم المويلحى وعثمان جلال؛ وإنما ظهرت أعظم الصحف بين سنتى 1876 و 1878 بدافع من الصحفيين السوريين اللبنانيين الذين لم يستطيعوا أن يواصلوا مهنتهم في بلادهم في حرية: ويجب أن نذكر على رأس هذه الصحف "الأهرام" التي أنشأها سليم وبشارة تقلا، وقد بدأت بداية متواضعة في الإسكندرية سنة 1876 في صورة جريدة أسبوعية من أربع صحف، تعتمد على النفوذ الثقافى الفرنسى، ولكنها تهتم اهتمامًا خاصًّا بسياسات الخليفة في الآستانة: وصدرت الأهرام بعد ذلك يومية واحتفظت بمستواها الأدبى العالى وعرضها الدقيق فظلت حتى وقتنا هذا أعظم صحيفة باللغة العربية؛ ويجب أن نذكر، إلى جانب "الاتحاد المصري" التي كانت تظهر مرتين أسبوعيًا والتي أنشئت في الإسكندرية سنة 1892 واستمرت حتى سنة 1892، الجريدة القبطية "الوطن" (أنشئت حوالي سنة 1878 وكانت لا تزال مسجلة سنة 1929):

ص: 2761

والمحاولة المثيرة للاهتمام في الدعوة الوطنية التي كان يقوم بها يعقوب صنوع المعروف باسم أبي نضارة الذي لم يجد بدًا من مواصلة أوجه نشاطه في باريس:

وتدوم الفترة الثانية من الاحتلال البريطانى حتى الحرب العالمية الأولى؛ وقد أنشئ الاتحاد الذي جمع بين صروف ونمر ومكاريوس حوالي سنة 1885 لإصدار مجموعة من الصحف كان أهمها مجلة المقتطف، التي كانت تصدر كل أسبوعين، والتي كانت قد أنشئت في بيروت سنة 1877 وانتقلت إلى القاهرة؛ والمقطم وهي صحيفة يومية تنشر الأنباء السياسية وكانت موالية لبريطانيا وتتعاطف مع الإصلاح؛ واصبحت بعد سنة 1889 غريمة للأهرام، التي كانت لا تزال تؤيد سياسات الآستانة؛ وقام فريق ثالث يعارض الإصلاحات ويؤيد الإسلام على سنة السلف".

وقد مثلته بعد سنة 1890 صحيفة يومية هي المؤيد بإدارة الشيخ على يوسف الرائعة البارعة، وحل المصريون المسلمون شيئًا فشيئًا محل السوريين اللبنانيين الذين كانوا حتى ذلك الحين يحتكرون الصحافة" وكان معظم هؤلاء المسلمين من المحافظين الذين يؤمنون بالسنة القويمة، ونهضت "العدالة" التي أنشئت سنة 1897 بالدور الذي كانت تقوم به المؤيد عندما أصبحت المؤيد أكثر اعتدالا، وظهر خلال العقد الأخير من القرن التاسع عشر عدد كبير من الصحف تنتمى إلى الحزب المحافظ، وتتفاوت درجة تعصبها، وقد دافع عن القومية النامية أول الأمر أديب إسحاق، أحد رؤساء تحرير صحيفة مصر اليومية (1896)، ودافع عنها من بعد مصطفى كامل، الذي كانت جريدة اللواء لسان حاله الأول، وخلال تلك الفترة ظهرت في القاهرة صحيفة كبيرة أخرى هي الجريدة، التي كانت تدخل في اعتبارها سيطرة البريطانيين الفعالة، ويجب أن نذكر أيضًا مجلة الهلال التي كان يديرها في القاهرة (سنة 1892) جرجى زيدان وهي التي عمرت حتى وقتنا هذا، و "المنار" التي أنشأها رشيد رضا سنة 1897؛ ويذكر واشنطن سريز Washington - Serruys (ص 17 -

ص: 2762

19) 52 صحيفة مختلفة في القاهرة صدرت في هذه السنة نفسها أكئر من نصفها يعود في تاريخه إلى سنة 1895 على الأكثر، و 6 في الإسكندرية منها الأهرام؛ وفي سنة 1909 ظهرت في مصر 144 مجلة وصحيفة مختلفة، 19 منها في القاهرة و 45 في الإسكندرية (انظر - Revue du Monde Mu sulmam، جـ 12، ص 308).

ومن ثم نرى خلال هذه الفترة الثانية انتشار صحافة قوية ظلت تصدر كثيرًا من الصحف غير السياسية ولكنها تميل عند دخول المجال السياسي إلى التعبير عن تطلعات الشعوب الإسلامية، وكانت هذه التطلعات ما تزال غامضة، وإلى صياغتها في صورة أكثر دقة والحث على تركيز الميول المتباينة في قومية عربية وإسلامية؛ وفي الفترة الثالثة من الصحافة المصرية وبعد تمزيق أوصال الإمبراطورية العثمانية، أخذ المطمح العام للاستقلال يبدو واضحًا للعيان ويزداد قوة، وإن لم يكن هذا يخلو من بعض الأزمات العنيفة؛ وفي سنة 1922 بدأ حزب الأحرار الدستوريين في إصدار مجلة أسبوعية هي "السياسة" تحت إدارة محمد حسين هيكل، وفي سنة 1926 ازدوج الجهد بإصدار نسخة يومية، وهي تفصح عن أمارات لقيام شخصية مصرية، وكان حزب الوفد بدوره يملك طائفة من الصحف التي تملو أفكار سعد زغلول وخلفائه، وكان من أهمها البلاغ وكوكب الشرق والمصرى.

وخلال الحرب العالمية الثانية والسنوات التالية لها لعبت الصحافة المصرية دورًا أكثر نشاطًا في الصراع السياسي الذي انتهى بجلاء القوات البريطانية، ومن أكتوبر سنة 1944 أنشأت الأحزاب المختلفة صحفًا جديدة: الكتلة (الوفدية) وبلادي (الصحيفة الأسبوعية السعدية)، واللواء الجديد (صحيفة الحزب الوطنى)، وقد أضيفت إليها صحيفة أسبوعية للأنباء هي "أخبار اليوم"؛ وهذه الزيادة السريعة في عدد الصحف لا تشمل مشروعات الصحافة الواسعة النطاق: شركة الإعلانات الشرقية، الأهرام، دار الهلال،

ص: 2763

ولا يمكننا ذكر جميع مطبوعاتها (انظر فيما يتصل بحالة الصحافة العربية في مصر في نهاية 1944 Cahiersde 1'Ori- ent Contemporain رقم 1، ص 124 - 126؛ وانظر في نهاية سنة 1946، المصدر المذكور رقم 4، ص 817، وقد أورد قائمة مفصلة).

وتبدأ الفترة الثالثة بإيقاف الصحافة السياسية نتيجة لثورة 23 يوليو سنة 1952، ذلك أن الأحزاب السياسية كانت قد حُلت وحل محلها حزب واحد هو "الاتحاد الاشتراكى" سنة 1958؛ وقد أعيد تنظيم الصحافة في مايو سنة 1960 وانتقلت ملكية الصحف من الأفراد أو الشركات إلى الاتحاد الاشتراكى، وأدى هذا إلى أن اصبحت الصحافة كلها خاضعة لإدارة رسمية واحدة، ونذكر من الصحف الهامة التي ظلت تظهر الأهرام والجمهورية والمساء والأخبار.

[هيئة التحرير]

السودان: بدأ ظهور الصحافة الدورية السودانية خلال الحكم الإنكليزى- المصري المشترك (1899 - 1955)؛ وقد صدرت أول جريدة عربية "السودان" في 24 سبتمبر سنة 1903، ورأس تحريرها سورى تحت إشراف الدكتور فارس نمر، وظهرت أربع صحف اخرى أو خمس خلال الثلاثين السنة التالية، كان أكثرها نجاحًا "حضارة السودان" التي ظلت تصدر من سنة 1919 حتى سنة 1938، وكان من شأن قيام القومية السودانية في الثلاثينيات أن زادت الصحف زيادة عظيمة وبخاصة تلك التي كانت لسان حال الأراء السياسية، وفي سنة 1958 كانت خمس صحف قد أنشئت بين سنتى 1935 و 1945 و 20 بين سنتى 1946 و 1955 و 10 في عهد الجمهورية، وذلك من 35 صحيفة معظمها صحف يومية أو أسبوعية، وتتابع أيضًا صدور الصحف الإنكليزية من سنة 1903 واليونانية من سنة 1909؛ ومنذ قيام النظام العسكرى في نوفمبر سنة 1958 م تنعم الصحافة السودانية بحرية التعبير.

صبحي [هولت P.M Holt]

ص: 2764

لبنان: لم تظهر أول صحيفة عربية حقًّا إلا سنة 1869، وكان اسمها "البشير" وقد صدرت في بيروت أسبوعية وينشرها اليسوعيون وظلت قائمة حتى الأزمنة الحديثة، وقبل هذا كان بطرس البستانى قد أنشأ "نفير سورية، المتواضعة في وقت مبكر يرجع إلى سنة 1860، ولكنه أراد أن يثير اهتمام الرأى العام بقضية التعليم العام والأدب القومى فأصدر "الجنة" وهي صحيفة تصدر مرتين كل أسبوع، واستمر ابنه سليم في نشرها حتى 7 يولية 1886 وكانت شهرتها عظيمة حتى أن اللفظ "جنة" أصبح مرادفًا للصحيفة في لبنان؛ ونشر البستانى أيضًا "الجُنَينَة" ولم تستمر إلا ثلاث سنوات، ثم "الجنان". ولم يشأ مسلمو بيروت أن يتخلفَوا عن الركب فأنشأوا سنة 1874 "ثمرات الفنون" الأسبوعية التي استمرت حتى ثورة تركية الفتاة، ثم اتخذت اسم "الاتحاد العثمانى"؛ وقد اشتهرت هذه الصحيفة بفقرها وأسلوبها النثرى الطنان الذي كان يلجأ إليه كتابها المحافظون المتحذلقون، وشهد العام نفسه إنشاء صحيفة "التقدم" التي أعلنت عن نفسها أنها النصر الغيور على التقدم والعدو اللدود لجميع العناصر الرجعية في البلاد، وكان أديب إسحاق من أبرز كتابها.

وفي 18 أكتوبر سنة 1877 أصدر خليل سركيس؛ صهر بطرس البستانى، العدد الأول من "لسان الحال"، وهي صحيفة يومية كانت إلى حد ما منافسة "للجنة"، ولم تهتم الصحيفتان بالسياسة إلا في النادر، وإنما كانتا تعرضان الحوادث عرضًا يتسم بالحياد ما أمكن، في حين كانتا تهتمان اهتمامًا خاصا برأى الحكومة؛ وقد عنيت "لسان الحال" على وجه خاص بالشئون العلمية والاقتصادية، ومع ذلك فقد اخللفت مع الحكومة العثمانية، فأوقفتها هذه الحكومة بضعة أشهر، نشر خلالها سركيس صحيفة أخرى هي "المشكاة"، بيدأن هذا لم يمنعه من استئناف النشر، وأصبح عميد الصحافة اللبنانية في أيامنا هذه.

وفي سنة 1880 تألف حزب جديد هو حزب الموازنة الذين كانوا يعارضون التعديات التي كانت تقدم عليها العشيرة

ص: 2765

الرومية فأنشأوا صحيفة صغيرة هي "المصباح"، على حين كانت تؤيد البروتستانية مجلتا "الصبح المنير" و "النشرة" الأسبوعية، وكان للكنيسة الأرثوذكسية اليونانية بدورها صحيفة اسمها "الهدية" وزودت الصحافة بزاد جديد مهم سنة 1885 حين صدرت صحيفة بيروت الأسبوعية، التي كانت تؤدى بتأييد من الحكومة دور الموازنة لصحيفة "ثمرات الفنون"، فلما أصبحت بيروت في مارس سنة 1888 قصبة الولاية أنشئت صحيفة حكومية رسمية باسم "بيروت الرسمية". في نهاية القرن (انظر Washington - Serrys، ص 19، 20) كانت تصدر في بيروت 9 صحف دورية وثلاث في أماكن أخرى من لبنان؛ أما في سنة 1912 فكانت الأرقام 8 صحف يومية و 17 أسبوعية و 12 مجلة (Revue du Monde Musulman جـ 19، ص 76 وما بعدها).

ويرجع تاريخ صحف شتى، علاوة على لسان الحال، إلى هذه الفترة، مثال ذلك "صدى لبنان"(سنة 1900)، و "البلاغ"(سنة 1910)، "البيرق"(سنة 1912)، وصحيفة زحلة الأسبوعية "زحلة الفتاة"(سنة 1910)؛ ويمكننا أن نعدها جميعًا من الصحف المخضرمة، واستمرت من بعد تطور الصحافة البنانية دون توقف، وظهر خلال الانتداب الفرنسى عدد معلوم من الصحف اليومية بقى بعضها حتى زمننا الحال وهي: الأحرار (سنة 1923) والشرق (سنة 1926)، والنهار (سنة 1932)، والاتحاد اللبنانية (سنة 1933 والرواد (سنة 1934)، وبيروت (سنة 1936) وا لنضال (سنة 1936)، واليوم (سنة 1937) ، ورقيب الأحوال (سنة 1939). وأخيرًا العمل (سنة 1939). وهي لسان حال الكتائب.

ومنذ سنة 1941، وبخاصة في السنوات التالية للحرب العالمية الثانية، دخل في الصحافة عدد كبير من الصحف والمجلات.

وكان موقف الصحافة العربية في لبنان سنة 1946 موضع بحث (ظهر في Cahiers " de l'Orient Contemporain - رقم 4، ص 809 - 812 وذكر فيه أن

ص: 2766

29 صحيفة يومية و 25 مجلة دورية كانت تصدر في بيروت و 16 مجلة دورية أخرى كانت تصدر في أماكن أخرى في البلاد).

وفي سنة 1956 كانت الصحافة اللبنانية عبارة عن 27 صحيفة يومية و 37 مجلة دورية، وهي أرقام لا يفسرها إلا بناء البلاد الاجتماعى والدينى والسياسى المعقد أشد التعقيد، كما تفسرها الحرية العظيمة التي تنعم بها الصحافة؛ ويجب أن نضيف إلى هذه الأرقام 18 مجلة دورية تصدر في الأقاليم القائمة داخل البلاد، وصحيفتين يوميتين في أرمينية، وصحيفتين بالإنكليزية و 10 صحف بالفرنسية، منها L'orient (سنة 1924) و La Revue du Liban (سنة 1928) و Le Jour (سنة 1934) التي تعود إلى عهد الانتداب، وكان توزيعها يبلغ عددًا يعتبر مرتفعًا بالنسبة لهذه البلاد (ارتفع العدد إلى 7.000 أو 8.000 نسخة)؛ وكانت صحيفة Le Commerce du Levant (سنة 1928)، وتبحث في الشئون الاقتصادية، والمالية، توزع توزيعًا واسع النطاق.

سورية: لم تظهر الصحف في سورية إلا سنة 1865 في دمشق وسنة 1866 في حلب؛ وكانت أول صحيفتين تطبعان باللغة العربية والتركية وتنشئهما الحكومة العثمانية هما "سورية" و"الفرات"؛ وكان إنشاء هاتين الصحيفتين مقترنًا بإعادة تنظيم الإدارة التركية، وتقرر في الوقت نفسه أن تكون لسلطات الولايات جميعًا صحيفة تطبع. وهذه الحقيقة تفسر اللغتين اللتين كانت تطبع بهما هذه الصحف؛ ومن الأمثلة الأخرى التي يصح ذكرها جريدة "دمشق" التي أنشأتها الحكومة التركية سنة 1879، و "مرآة الأخلاق" التي صدرت سنة 1886، وظهرت صحيفة "الشام" الأسبوعية السياسية المستقلة في دمشق سنة 1869، على حين نشرت في حلب جريدة "الشهباء" وهي صحيفة أسبوعية، اعتبارًا من سنة 1893، و"الاتحاد" من سنة 1879، وفي طرابلس ظهرت جريدة "طرابلس الشام"، وهي صحيفة أسبوعية، اعتبارًا من سنة 1892.

ص: 2767

على أن الصحافة في سورية، شأنها شأن الصحافة في لبنان، كانت تحيا حياة خطرة، ويرجح هذا بخاصة إلى أن الحكومة كانت تعالج اى نقد مستقل لتصرفاتها بقسوة بالغة، ومن ثم نجد أن كثيرًا من الصحفيين السوريين اللبنانيين لجأوا إلى مصر؛ وبعد قيام الانتداب الفرنسى نمت صحافة دمشق نموًا واسع النطاق جدًّا، وظهر عدد كبير من الصحف، ولكن أرقام التوزيع كانت في معظم الحالات تظل في مستوى منخفض؛ وفي سنة 1929 وحدها ظهرت 9 صحف عربية يومية، وصحيفتان فرنسيتان يوميتين، إلى جانب عدد متفاوت من المجلات الدورية؛ ومن الواضح أن هذا العدد أكثر مما يجب، لأن عددًا بهذا الحجم لم تكن تبرره بحال الظروف نفسها التي كانت تسود بيروت؛ ومع ذلك فقد زاد هذا العدد فعلا بعد الحرب العالمية الثانية، وقد سجل في سنة 1946 وجود 19 صحيفة يومية في دمشق و 7 في حلب وصحيفة واحدة في حماة، وكذلك ثلاث مجلات دورية في دمشق (Cahiers de I'Orient Contemporain رقم 4، ص 812 - 813). ومن عهد الانتداب لم يبق من هذه الصحف سنة 1956 إلا صحيفتا "ألف باء"(سنة 1920) و"الأيام"(سنة 1931) وكلتاهما معتدلتان، و"القبس"(سنة 1928) و"الأخبار"(سنة 1928) و "الإنشاء"(سنة 1936) وهي ألسنة حال الحزب الوطنى؛ وعلاوة على هذه الصحف اليومية المخضرمة ظهرت 15 صحيفة أخرى تمثل كل نوع من أنواع الرأى السياسي، وفي الوقت نفسه ظهرت ست مجلات دورية، وظهرت في أماكن أخرى من سورية نحو عشر صحف أخرى، وهي ألسنة حال الأحزاب المختلفة؛ ولنا أن نلاحظ أن صحيفة حلبية مستقلة أنشئت سنة 1928 وكانت تنشر بالفرنسية باسم " l'Eclair du Nord" وفي سنة 1945 أصبح اسمها "برق الشمال".

فلسطين: كان تطور الصحافة العربية في فلسطين أبطأ مما كان في مصر أو سورية أو لبنان، وقد وقع هذا التطور في وقت متأخر عنه في غيرها؛ ولا شك أن المطبوعات السورية

ص: 2768

واللبنانية كانت توزع في فلسطين العثمانية، ولكن فيما عدا بعض صحف البعثات والمطبوعات المدرسية، كانت أول جريدة فلسطينية عربية هي "الكرمل" التي أنشأها في سنة 1908 نجيب نصار، وهو مسيحى أورثوذكسى، واستمرت هذه الجريدة حتى سنة 1924؛ وفي سنة 1911 أنشأ عيسى العيسى، وهو مسيحى أورثوذكسى آخر، صحيفة "فلسطين" في يافا؛ وكانت الصحيفتان تظهران في فترات غير منتظمة بعض الشيء، وقد صادرت السلطات التركية الصحيفتين خلال الحرب العالمية الأولى؛ ثم استأنفتا الصدور بعد الحرب وقد صاحبهما عدد كبير من الصحف الجديدة كانت تعبر عن ردود الفعل العربية السياسية للانتداب البريطانى وسياسة الوطن القومى اليهودى؛ وكان من هذه الصحف صفحتا "سورية الجنوبية"(يحررها عارف العارف ومحمد حسن البُدَيرى) و "مرآة الشرق"(يحررها بولس شحادة)، وكلتاهما صدرتا سنة 1919 ولم تدوما طويلا، وقد أنشئت صحيفة "الصباح" سنة 1921 (وكان يحررها كامل البديرى ويوسف ياسين، واصبحت لسان حال السلطة التنفيذية العربية).

وكانت أول صحيفة يومية تصدر بالعربية هي "فلسطين" القديمة، وهي التي بدأت تصدر يوميا بانتظام سنة 1929. واستمرت حتى يومنا هذا في مدينة القدس القديمة؛ وكانت الصحف الأخرى هي "الصراط المستقيم" (التي أنشئت سنة 1925 وصدرت يومية منذ سنة 1929، وكان يحررها الشيخ عبد الله القَلْقيلى)، و "الدفاع" (التي أنشئت سنة 1934 وكان يحررها إبراهيم الشَنْطى)؛ وكانت الصحيفتان يملكهما ويحررهما المسلمون؛ وكانت صحيفة "الصراط المستقيم" إسلامية اللهجة بشكل ملحوظ؛ أما صحيفة "الدفاع" فكانت تعبر عن الآراء القومية العربية القوية، وكانت أول الأمر متصلة بحزب الاستقلال واتصلت من بعد بالجماعات التي كان يقودها الحسينية، ولا تزال تنشر في القدس الأردنية؛ أما صحيفة "الموحدة" الأسبوعية التي

ص: 2769

أنشئت سنة 1945 فقد أصبحت صحيفة يومية في العام التالي.

وخلال الثلاثينات والأربعينات من القرن التاسع عشر حدث تطور سريع جدًّا في صحافة المجلات وبخاصة في المجلات السياسية، سواء الأسبوعية منها أو التي تصدر مرة كل أسبوعين؛ وقد أعيدت صياغتها على نمط الصحف المصرية الأسبوعية، فبعضها كان يقدم لقرائه التعليقات على الأمور الهامة وأخبار الأفلام، وغير ذلك من أسباب التسلية الأخرى، وكانت تنشر الصور أحيانًا، علاوة على الأخبار والتعليقات السياسية؛ وكان ثمة صحيفتان هما الاتحاد الأسبوعية (التي أنشئت سنة 1944) و"الغد" التي تصدر مرة كل أسبوعين (نشرت أولًا بصفة غير منتظمة في العشرينات، وأعيد إصدارها سنة 1945) وهما تمثلان الآراء الشيوعية أو الموالية للشيوعية؛ أما بقية الصحف فكانت تعبر عن ألوان شتى من القومية العربية والحزبيات بين القادة العرب؛ وكانت الصحافة التي تكتب بلغات أخرى غير اللغة العربية يهودية في معظمها؛

وبعد نهاية فترة الانتداب على فلسطين استمر الصحفيون العرب الفلسطينيون في نشر صحفهم بالأردن، أو قل استأنفوا هذا النشر. وحسبما ذكرت مجلة Middle East (الشرق الأوسط) كان في فلسطين سنة 1936 سبع صحف يومية في القدس وعمان و 14 مجلة دورية بالعربية والإنكليزية.

العراق: أنشأ مدحت باشا الوالى العثمانى الحر في سنة 1868 أول صحيفة عربية في العراق وهي "الزوراء"، وقد ظهرت بالعربية والتركية، وكانت تؤيد سياسة الحكومة وتنشر في الوقت نفسه النصوص الرسمية والأنباء بوجه عام؛ وفي سنة 1875 أنشأت الحكومة صحيفة أخرى في الموصل اسمها "الموصل"، وفي سنة 1895 أنشأت صحيفة ثالثة في البصرة اسمها "البَصْرة".

ومن الصحف الكثيرة التي نشأت بعد صدور دستور سنة 1908 نذكر الصحف التالية: بغداد (سنة 1908) الرقيب (سنة 1909)، بين النهرين

ص: 2770

(سنة 1909)، بالعربية والتركية، الرياض (سنة 1910)، الرُصافة (سنة 1910) والنهضة (سنة 1913)؛ وفي ظل الانتداب البريطانى ظهر عدد كبير من الصحف الجديدة وبخاصة الوقائع العراقية والموصل والعراق والشرق؛ وبعد الحرب العالمية الثانية كان لكل من الأحزاب السياسية الكثيرة التي نشأت حديثًا صحيفته الخاصة به، وحتى ثورة 14 يولية سنة 1958 كانت لكل مدينة في العراق تقريبًا صحيفة يومية أو أسبوعية.

الجزيرة العربية: كانت أقدم صحيفة في شبه الجزيرة العربية هي صنعاء التي يعود تاريخها إلى سنة 1877، وكانت تطبع باللغتين العربية والتركية شأنها في ذلك شأن ذلك العدد الكبير جدًّا من المطبوعات الرسمية في العهد العثمانى، ولم يقيض لمكة أن تصدر صحيفتها الأولى إلا سنة 1908 واسمها "الحجاز" وتمثل الصحافة الآن الصحيفة الرسمية التي تصدر مرة في الأسبوع في مكة، وهي "أم القرى"، وكذلك تمثلها "البلاد السعودية"(وهي تصدر مرتين في الأسبوع في مكة) والحج (وهي شهرية وتصدر في مكة)، والمدينة (وهي أسبوعية تصدر في المدينة)؛ وقد ظهرت في جدة سنة 1953 صحيفة أكثر أخذًا بالأساليب الحديثه اسمها الرياض ولكنها أكرهت على التوقف نتيجة لعداوة الإخوان.

ولمستعمرة عدن ست صحف عربية، نذكر منها الأخبار العدنية، وفتاة الجزيرة؛ وفي الكويت نجد أهم صحيفة هي الكويت اليوم (سنة 1955)، ولكنها تصدر أيضًا مجلة شهرية ملونة اسمها "العسلى" وتنشرها الحكومة.

المصادر:

(1)

فيليب طَرّازى: تاريخ الصحافة العربية، بيروت، سنة. 1913 - 1933 (4 مجلدات).

(2)

إبراهيم عبده: تطور الصحافة المصرية، القاهرة سنة 1945.

(3)

قستاقى الحلبى: تاريخ تكوين الصحف المصرية، الإسكندرية من غير تاريخ.

ص: 2771

(4)

عبد الرزاق الحسنى: تاريخ الصحافة العراقية، بغداد سنة 1957.

(5)

م. سمهان: الصحافة، القاهرة سنة 1358 هـ = 1939 م.

(1)

كمال الدين جلا ل Entstehung und Entwicklung der Tagespresse in Aegypten، فرانكفورت على الماين، سنة 1939.

(7)

الهلال، جـ 1 (سنة 1892)، ص 9 - 16؛ جـ 5 (سنة 1896)، ص 141.

(8)

L'Arabe: Washington-Serruys

mnderne Etudie daps Les Journaux et les Pieces Offcielles بيروت، سنة 1897 (موقف الصحافة العربية في ذلك التاريخ).

(9)

The Arabic press: M. Hartmann of gypt، لندن سنة 1899.

(10)

1937 L'Egypte indkpendante باريس سنة 1937 ص 369 - 456.

(11)

pearson، ص 343 - 346.

(12)

Revue du Monde Musulman في مواضع مختلفة.

(13)

The Middle East في مواضع مختلفة.

(14)

Annuaire du Monde Musubnan باريس سنة 1929، ص 49 - 77.

(15)

La Presse Arabe en: Margot 1927 ، الدار البيضاء سنة 1928.

(ب) إفريقية الشمالية

قد يبدو من المفارقات أن بلاد الجزائر- وهي اليوم بلاد المغرب التي تعد أفقر بلاد شمال إفريقية في الصحف العربية- كانت أول هذه البلاد في إصدار صحيفة دورية متواضعة في "المبشر" من سنة 1847 إلى 3 ديسمبر سنة 1926؛ وكانت المبشر هي النسخة العربية من الصحيفة الرسمية Moniteur التي أنشئت في مدينة الجزائر يوم 27 يناير سنة (انظر H.Flori . في. RA. Fr جـ 82 (سنة 1938)، ص 173 - 380؛ G. Ser- Gal في Documents Algeriens، 8 ديسمبر سنة 1948) كانت المبشر تنشر، علاوة على المعلومات الرسمية، الأنباء

ص: 2772

والأبحاث التاريخية والأثرية والطبية ونحوها، ولم يحتذ أحد مثالها في الحال، إذ كان لا بد من الانتظار حتى مستهل القرن العشرين حتى تظهر صحافة مستقلة يحررها المسلمون في الواقع ولكن يديرها في حالات كثيرة الأوربيون الذين كانوا تواقين لتزويد الجمهور الذي يقرا العربية بالمعلومات وتعليمه، وهكذا أنشئت الناصح (سنة 1899) والجزير ة (سنة 1900)، ثم الإحياء (سنة 1906) وتلمسان، وكوكب إفريقية (مدينة الجزائر، 17 مايو سنة 1907)، والجزائر (مدينة الجزائر سنة 1908) والفاروق (مدينة الجزائر سنة 1909). والرشيدى) في جيجل) ونحوها؛ على أن هذه الصحف كانت سريعة الزوال وقد اختفت قبل سنة 1914.

وكانت الفترة ما بين الحربين الكبريين هي الفترة الثانية في تاريخ الصحافة الإسلامية في بلاد الجزائر؛ وقد شهدت هذه الفترة من ناحية مولد سلسلة من الصحف التي كان يحررها المسلمون بالفرنسية مثل La Voiz des Humbles' La Voix Indigene (سنة 1923) L'Entente و La La Defence Justice و Le Reveil de (بونة سنة 1922) ونحوها، وكان المقصود بها جميعًا التعبير عن المطامح الشعبية والميول السياسية على اختلافها؛ وشهدت هذه الفترة من ناحية أخرى مولد صحافة دورية بالعربية ذات طابع سياسى دينى متميز، وقد سادت هذه الفكرة في الواقع النضال الذي تعارضت فيه طائفتان نشيطتان وكان السبب في قيام جدل عنيف: العلماء المصلحون المعادون للطائفية وللبدع ونحو ذلك، وكانوا يعتمدون على "الشهاب"(كانت يومية ثم صدرت شهرية، قسنطينة 1924 - 1939)، ثم على "الإصلاح"(بسكرة، سنة 1929 - 1942) وأخيرًا على البصائر (مدينة الجزائر، 27 ديسمبر سنة 1935 - 1956)؛ ثم حزب المرابطين، الذي كان يؤيد بوجه عام الاتفاق الفرنسى الإسلامي وكان لسان حاله صحيفة "النجاح"(كانت تصدر مرة كل ثلاثة أسابيع ثم مرة كل أسبوعين، قسنطينة 1919 - 1956)، و"البلاغ

ص: 2773

الجزائرى" (مستغانم سنة 1927 - 1947) ويجدر بنا أن نذكر أيضًا "وادي ميزاب، الخارجية (الجزائر 1936 - 1938)، من بين عشر صحف ازدهرت في هذه الفترة.

وفي سنة 1945 يبق إلا البلاغ الجزائرى والبصائر (منعت في 5 أبريل سنة 1956)، والنجاح (كفت عن الظهور من أول سبتمبر من السنة نفسها)؛ وقد أضيفت إلى صحيفة العلماء، اعتبارا من 15 ديسمبر سنة 1949 حتى 8 فبراير سنة 1951، مجلة أسبوعية تنشر في قسنطينة أسمها "الشعلة"، على حين كان حزب المرابطين يصدر صحيفة شهرية هي "الذكرى" في تلمسان منذ 15 ديسمبر سنة 1945 حتى أغسطس سنة 1955، على أنه حدث خلال هذه الفترة الثالثة أن تغيرت الميول الإسلامية تغيرًا ملحوظًا، وظهرت بعض الصحف السياسية في جوهرها ظهورًا متواضعًا ("الجزائر الجديدة"، من يناير سنة 1946 حتى 14 سبتمبرسنة 1955، وكانت شيوعية؛ و "صوت الجزائر" من 21 نوفمبر سنة 1953 وهي التي أصبح اسمها "صوت الشعب" من 21 أغسطس سنة 1954 حتى 5 نوفمبر سنة 1956: M.T.L.D) وقد كفت جميعًا عن الظهور الآن (سنة 1960) أو منعت صدورها السلطات؛ ويعتمد الجمهور في معلوماته على صحافة فرنسية اللغة متطورة أعظم تطور؛ ويجب أن نلاحظ علاوة على هذا أنه ما من صحيفة من الصحف اليومية استمرت في بلاد الجزائر وأن الصحف التي سبق لنا ذكرها لم تكن تصدر في معظم الحالات إلا في أوقات غير منتظمة، ومما يجب أن نذكره أن الهواة هم الذين كانوا يصدرونها وكانت مصادرهم المالية غير مستقرة وأساليبهم الفنية بدائية.

وفي مراكش أنشئت أول صحيفة في سبتة يوم أول مايو سنة 1820 ولكنها كانت تصدر باللغة الأسيانية، وتطورت الصحافة التي تكتب بهذه اللغة أو بالفرنسية، وبخاصة في طنجة، في خلال القرن التاسع عشر، ثم ظهرت سنة 1889 صحيفة عربية (المغرب) بضع مرات وكان ينشرها

ص: 2774

إنكليزى في تلك المدينة حيث حاول كثير من الأوربيين في مستهل القرن العشرين الوصول إلى الشعب الإسلامي بتكملة صحفهم بطبعة كاملة أو جزئية باللغة العربية؛ ومن ثم استطاعت الصحف التالية بفضل المبادرة الأوروبية ومعاونة المحررين من سورية ولبنان، أن تظهر في طنجة: السعادة (سنة 1905)، والصباح (سنة 1906)، ولسان المغرب (سنة 1907)، والملحق العربي لصحيفة El Telegrama del Rif (سنة 1907)، و"استقلال المغرب"، وهي الطبعة العربية من الصحيفة التي تصدر مرتين في الشهر L'Independance marocaine (سنة 1907)؛ وكانت أول صحيفة إسلامية هي "الطاعون"(كذا)، وهي صحيفة شهرية أشرف عليها الشريف الكتانى (مارس سنة 1908) وفي السنة نفسها نشرت الحكومة المراكشية صحيفة رسمية اسمها "الفجر" كان يحررها مسيحى سورى، وقد نقلت إلى فاس سنة 1909، وكذلك أنشئت في طنجة صحف أخرى، وبخاصة "الحق، (سنة 1911) و"الترقى" (سنة 1912).

وبعد قيام الحماية نقلت "السعادة" إلى الرباط حيث كانت تصدر أولًا ثلاث مرات في الأسبوع ثم صدرت يومية، وكانت هذه الصحيفه شبه الرسمية تحرر بعناية وتطبع طباعة جميلة وتزين برسوم عدة، وكانت تواقة لأن تحيط قراءها علما بالحوادث التي تجرى في الحياة المراكشية، وتوزع توزيعًا واسع النطاق في مراكش بأسرها. وقد لعبت دورًا لا يمكن إنكاره في الحياة التعليمية والسياسية؛ أما في المدن الأخرى فإن الصحافة العربية لم تتطور على الإطلاق تقريبًا؛ ولم يكن "للوداد" إلا عدد محدود من القراء؛ وأنشئت في فاس صحيفة يومية هي "الأخبار التلغرافية"، بينما أنشئت في الدار البيضاء صحيفة أسبوعية هي "الأخبار المغربية" وكانت ملحقًا لصحيفة L'Inrmation Marocaine؛ ولم تبق "الجنوب" في مراكش إلا فترة وجيزة، ولكن حدث في الشمال، أي في تطوان، أن لقيت بعض الصحف

ص: 2775

السياسية شيئًا من النجاح (الإصلاح، والاتحاد، وإظهار الحق).

وقد شهد حصول مراكش على الاستقلال (سنة 1956) تجديدًا للصحافة العربية في البلاد، وإن كانت الصحف الفرنسية اللغة قد تلقت ترخيصًا بالظهور، إلى حين على الأقل؛ وقد أنشئت ثلاث صحف يومية هي:"العهد الجديد"(الرباط) وكانت غير رسمية، وألحقت بها منذ أول سبتمبر سنة 1960 صحيفة "الفجر"، التي كان مقررًا لها أن تحل محلها؛ و "العلم"(الرباط)، و"التحرير"(الدار البيضاء)؛ وكانت صحيفتا العلم والتحرير هما لسان حال حزب الاستقلال، مع شيء من الانحراف، وكان مجموع توزيع هذه الصحف الثلاث أقل من 25.000 نسخة؛ ويعتمد حزب الاستقلال الديمقراطى (P DI)، الذي كان ينشر بين الحين والحين صحيفة أسبوعية بالفرنسية هىفي Democratie، على صحيفة كانت تنشر مرتين أسبوعيا هي "الرأى العام، ؛ وكان اتحاد العمال المراكشى (U.M.T) يملك صحيفة أسبوعية في الدار البيضاء هي "الطليعة"، كما كان الاتحاد المراكشى للتجارة والصناعة والحرف (U.M.C.I.A) يملك صحيفة "الاتحاد" الأسبوعية في الدار البيضاء أيضًا؛ وفي سنة 1959 نشرت أيضًا أربع صحف أسبوعية سياسية هي:"الأيام"(الاستقلال بالدار البيضاء) و "المغرب العربي"(الحركة الشعبية المراكشية بالرباط)، و"النضال"(الأحرار المستقلون بالرباط)، و"حياة الشعب"(شيوعية)؛ ويجب علينا أن نذكر أخيرًا مجلة أدبية شهرية في مراكش هي "رسالة الأديب".

ومن الطبيعي أن تبلغ الصحافة في بلاد تونس أعظم تطور لها، وقد جاءت الحربان العالميتان بشيء من المرونة وجعلت من الممكن التمييز بين ثلاث فترات، ولكن يمكن للمرء أن يعتبر بوجه عام أن نهاية الحماية الفرنسية وحلول استقلال البلاد (سنة 1956) هما حدان لفترتين متميزتين تمامًا.

وكانت بلاد تونس تملك في وقت مبكر يرجع إلى سنة 1861 صحيفة

ص: 2776

رسمية هي "الرائد التونسى" كما كانت تملك سنة 1890، صحيفة أنباء يومية هي "الزُهْرَة" التي كتب لها البقاء أكثر من 60 عامًا؛ وظهرت صحيفة يومية ثانية هي "الرُشْدية" من سنة 1904 حتى سنة 1910، وأنشئت ثالثة هي "النهضة" سنة 1923؛ وقد أضيفت إلى هذه المطبوعات في وقت مبكر مجموعة كبيرة من الصحف الدورية ذات الطابع السياسي والدينى والتجارى ونحو ذلك، تتفاوت في سرعة اختفائها، ونذكر من الصحف الأسبوعية "الحاضرة" غير الرسمية من سنة 1888 حتى سنة. ثم الصحيفة الحر ة "الزمان"(سنة 1930) ، والصحيفة الإسلامية الشاملة "لسان الشعب") (1920 - 1937)؛ وفي الفترة التي بين الحربين العالميتين ظهرت بضع صحف دورية في الأقاليم، وكانت ذات طابع متميز غاية التميز، وكانت ميولها بين الدستورية القديمة ("العصر الجديد"، صفاقس سنة 1919 - 1925، 1936؛ و"الدفاع"، القيروان سنة 1937) وبين الدستورية الجديدة بخاصة (في صفاقس "صدى الأمة" سنة 1936 - 1937؛ "الانشراح" سنة 1937، الأنيس سنة 1937، "الكشكول" سنة 1937؛ وفي سوسة "فتى الساحل" سنة 1936 - 1937، وفي القيروان: "صبرة" سنة 1937).

وجمع زوادوفسكى G. Zawadowski (انظر المصادر) سنة 1937: 161 عنوانًا وقدم رسما بيانيًا مدهشًا جدًّا، فقد تفاوت عدد الصحف العربية من سنة 1861 حتى سنة 1903 بين واحدة وست؛ وبلغ عددها 23 سنة 1907، بعد التخفف من مقتضيات الأمن في 2 يناير سنة 1904، وهبط عددها إلى أربع صحف خلال الحرب العالمية الأولى ليبلغ عددها 32 صحيفة سنة 1921، ثم عاد العدد فهبط إلى إحدى عشرة صحيفة سنة 1928 - 1929 عقب اتخاذ الإجراءات للقضاء على الجرائم الجنائية والسياسية، وأخيرًا بلغ هذا العدد 51 صحيفة سنة 1937، وعلاوة على هذا فقد أشار هذا الكاتب نفسه، إلى 13 صحيفة دورية كان ينشرها التونسيون باللغة الفرنسية؛ وذكر بما لا يقل عن هذا إثارة

ص: 2777

للاهتمام: 73 صحيفة يهودية عربية باللغة العربية ولكنها كانت تكتب بحروف عبرية، وكان أقدمها "المباشر" التي ظهرت سنة 1844 - 1885؛ وقد أزدهرت هذه الصحافة اليهودية حتى الحرب العالمية الأولى، ثم أخذت بعدئذ تضمحل بأطراد حتى سنة 1937 فلم يبق منها إلا ثلاث صحف هزيلة في تونس وسوسة.

وقامت الصحافة العربية في قصبة البلاد بدور هام خلال السنوات التي سبقت الاستقلال مباشرة، وكانت تعتمد على الموارد المالية والأساليب الفنية البارعة، ويديرها صحفيون محترفون ويحررون بعض موادها فأصبحت رائد القومية وحاولت أن تهدى جمهورها إلى فكرة الاستقلال وأن تنشر مبادئ الدعوة المناهضة للفرنسيين في المدن والقرى، ولما تحقق لها هدفها أو كاد اتخذت بعض الصحف، التي تعد من أهم صحف البلاد، موقف المعارضة وحاولت أن تنافس الحكومة، واضطرت آخر الأمر إلى أن تتوقف عن النشر حتى أنه لم يبق من الصحافة السابقة إلا "العمل"، وكانت تصدر مرتين في الأسبوع، وقد أنشأها في أول يونية سنة 1934 رئيس الجمهورية المقبل الحبيب بورقيبة، وأصبحت الآن صحيفة يومية، والصحيفة الأسبوعية الشيوعية "الطليعة" التي أنشئت سنة 1937، وقد أنشئت صحيفة يومية جديدة هي "الصباح"، وحلت محل الصحيفة الأسبوعية "الإرادة" لسان حال الدستوريين القدامى منذ سنة 1934 صحيفة "الاستقلال"، على حين أن عددًا قليلا من الصحف الدورية الوطنية الأخرى كالعلم والنداء والجمهورى أصبحت تظهر بحال يتفاوت انتظامها. أما صحيفة "المقاومة الجزائرية" الأسبوعية FLN، فقد اصبحت هي "المجاهد"، ويجب أن نذكر أخيرًا مجلة ثقافية شهرية صدرت منذ أول أكتوبر سنة 1955 وهي "الفكر" التي يحتفظ لها الشبان التونسيون من خريجى الجامعة بمستوى محترم، ويظهر الآن (سنة 1960) في تونس ثلاث صحف يومية فرنسية، أقدمها هي - Depache Tu nisienne، وصحيفة إيطالية واحدة.

ص: 2778

ومما يجدر ذكره صحيفة أسبوعية سياسية هي L'Action (وهي الآن Afrique- Action) التي حازت بعض الشهرة في الخارج.

المصادر:

(1)

Revue du monde musulman، جـ 1 - 62 في مواضع مختلفة (وبخاصة L. Meryier: La Presse Mu- ، sulmane au Maroc سنة 1908. ص 619 - 630).

(2)

Annuaire du: L. Massignon Monde Musuhnna باريس سنة 1929، ص 49 - 77 في مواضع مختلفة.

(3)

Sciences et ; E. Dermenghem ، Voyages جـ 25/ 4، سنة 1935.

(4)

Le Mouvement re-: H. Peres - formiste en Algerie et l'infuence de 1'Ori d'Algerie prwsse arabe ent، d'apr& la في Entretiens sur 1'Evolution des pays de civilisation arbe، باريس سنة 1936، ص 49 - 59.

(5)

توفيق المدني: كتاب الجزائر، ص 367 - 372.

(6)

Journaux et jour: J.L. Miege nalistes d Tanger au XIX siecle في Hes- Peris، سنة 1954، ص 191 - 228.

(7)

La Presse in-: G. Zawadowski digene de Tunisie في Revue des Etudes Islamiques، سنة 1937، ص 357 - 389.

(8)

La linerature Populaire: Vassel des Israelites tunisiens، سنة 1905 - 1907.

(9)

La litterature et la: A. Canal 1900 Presse tunisienne de 1'occupation d باريس سنة 1924، ص 133 - 204.

(10)

Index de: A.van Leeuwen Publictions Periodiques Parus en Tunisie (1874 - 1954) في Revue de 1'Institut belles Lettres Arabes de جـ 18 (سنة 1955) ص 153 - 167.

(11)

La formation de la- A. Merad -1919) Presse musulmane en Algerie (1939، في المجلة السابقة.

ليبيا: أنشئت "طرابلس الغرب"، أول صحيفة عربية تركية في طرابلس

ص: 2779

سنة 1871، وكانت ذات طابع رسمى؛ واستمرت في الظهور بالعربية بعد ذلك، وهي المصدر الرئيسى للمعلومات في مملكة ليبيا [وقتذاك]؛ وثمة صحيفة أسبوعية ثانية ذات طابع علمي وسياسى هي "الترقى" وقد صدرت منذ سنة 1897 ونشرت: صحف أخرى خلال السيادة الإيطالية ولكنها لم تكن تثير إلا أقل الاهتمام، ومنذ استقلال البلاد ظهرت صحف شتى وبخاصة الصحيفتين الدوريتين "الرائد""الطليعة"(لسان حال اتحاد العمال الفيديرالى).

صبحي [هيئة التحرير]

ج- الجاليات التي تتكلم العربية

في خلال العقد الأخير من القرن التاسع عشر والعقد الأول من القرن العشرين نشأت جاليات تتكلم العربية في المدن الكبيرة من شمالي أمريكا وجنوبيها وفي أستراليا وغربى إفريقية؛ وكان المصدر الرئيسى للهجرة هو لبنان وسورية حيث نشأت الصحافة العربية في المهد وحيث ولدت الصحافة العربية بالمعنى الصحيح ودرجت. وقبل سنة 1890 كانت السلطات العثمانية في المنطقة تسمح بالهجرة إلى مصر بالاسم فقط ولكن المهاجرين اللبنانيين والسوريين كانوا قد شقوا طريقهم في وقت مبكر عن ذلك، إلى عواصم اوربية عدة حيث انبثقت كثرة من الصحف والمجلات العربية، وقد ورد في إحصاء طرازى (جـ 4، ص 490)، مؤرخ الصحافة العربية، أنه حدث في الفترة المنتهية بسنة 1929 أن كان العدد في الآستانة 49 صحيفة، وفي روسيا 3 صحف، وفي سويسرا 2، وفي ألمانيا 7، وفي إيطاليا 4، وفي فرنسا 43، وفي بريطانيا العظمى 14، وفي مالطة 8، وفي قبرص 5، ومجموعها 135 جريدة منها 107 صحف أنباء.

وكان رائد الصحفيين المهاجرين أرمنيًا من حلب اسمه رزق الله حسوّن، وقد أنشأ صحيفة "مرآة الأحوال" ثم أصدر من بعد (سنة 1872) في لندن "آل سام"؛ وكان حسوّن أول الأمر صاحب حظوة لدى السلطات العثمانية

ص: 2780

ولكنه اضطر إلى الهرب إلى لندن ناجيًا بنفسه؛ وهناك أعاد إصدار "مرآة الأحوال" في نحو 450 نسخة مطبوعة على الحجر واستخدمها لمهاجمة الحكومة العثمانية.

ويجب أن نذكر من مطبوعات باريس "العروة الوثقى" التي اصدرها في مارس سنة 1884 المصلح المصري محمد عبده وصديقه الذائع الصيت جمال الدين الأفغانى، وكانت "العروة، قصيرة العمر إلا أنها امتازت بدفاعها القوى عن الإسلام وهجومها على البريطانيين في مصر والهند. وقد أثار خليل غانم، وهو نائب بيروتى في البرلمان العثمانى سنة 1867، غضب الباب العالى عليه لآرائه الحرة، وهرب إلى باريس حيث أنشأ (أبريل سنة 1881) جريدة "البصير" التي كشفت النقاب عن مذبحة الأرمن؛ وقد حرمت السلطات التركية ظهور "البصير" شأنها في ذلك شأن المطبوعات الأخرى المناهضة للعثمانيين، ومن ثم حكم عليها بالموت المبكر، وأصدر غانم (سنة 1890). بالأشتراك مع أمين أرسلان، وهو لبنانى من الدروز، صحيفة "تركية الفتاة"، وكان جزء منها يحرر بالفرنسية؛ وكانت الصحيفة الوحيدة المعروفة في غربي إفريقية هي صحيفة "إفريقية التجارية" (داكار سنة 1931 - 1935) وكانت ذات طابع مختلف.

وقد بدأت معظم هذه الجرائد صحفًا شخصية منشئها ومحررها وناشرها شخص واحد وظلت كذلك، وكانت أكثر اهتمامًا بالسياسة والأدب من اهتمامها بالأنباء، ولكن قدر لها أن تكون قصيرة العمر إذ لم تكن هناك جاليات محلية لتأييدها فلم تبق منها صحيفة واحدة.

وكذلك بدأت جرائد العالم الجديد صحفًا شخصية، ولكن المنشئ والمحرر والناشر كان عادة أديبًا من المهاجرين، (وليس مهاجرًا سياسيًا) يسعى لكسب رزقة بقلمه؛ وكانت نسبة اختفاء هذه الصحف عالية، إلا أن بعضها أصبح صحفًا حقيقية ونال من التأييد المحلى ما يسمح له بالبقاء فترة طويلة، ولكن توزيعها قلما كان يجاوز 5.000 نسخة، وقد ورد في إحصاء طرازى (جـ 4، ص 492، وانظر الهلال، جـ 1،

ص: 2781

سنة 1892، ص 12، 14) عن الفترة المنتهية في سنة 1929 وجود 102 من المطبوعات في أمريكا الشمالية والوسطى منها 71 صحيفة، و 166 صحيفة في أمريكا الجنوبية، وتتضمن 134 صحيفة منها ثلاث كانت تصدر في كوبا؛ وكان الرائد في هذه المنطقة هو إبراهيم عربيلى، وهو دمشقى خريج طب من الجامعة المعروفة الآن باسم جامعة بيروت الأمريكية، واضطر عربيلى إلى طلب معونة السفارة الأمريكية في الآستانة للحصول على ترخيص لتصدير الحروف العربية من بيروت؛ وقد صدر العدد الأول من جريدته "كوكب أميركا" بنيويورك في 15 أبريل سنة 1892، وكانت تحمل اسمه واسم نجيب أخيه، وكان من معاونيه في التحرير نجيب ذياب وهو لبنانى من الروم الأرثوذكس، وقد أنشأ بعد سبع سنوات صحيفة "مرآة الغرب" التي لا تزال تصدر في نيويورك، وفي فبراير سنة 1898 أنشأ نعّوم مكرزل، وهو مارونى، صحيفة "الهدى" في فيلادلفيا ثم انتقلت بعد إلى نيويورك، ولعلها لا تزال أوسع الصحف العربية انتشارًا في أميركا، وقد ساعد التنافس الطائفى بين هاتين الصحيفتين على توزيعهما المبكر؛ وحضر كل من ذياب ومكرزل المؤتمر العربي في باريس (سنة 1913) الذي نادى باللامركزية لولايات تركية العربية؛ وعدا هاتين الصحيفتين كانت في نيويورك في ديسمبر سنة 1961 صحيفة "البيان"، التي أنشئت سنة 1911 وصحيفة "الإصلاح" التي أنشئت سنة 1933 والرابطة اللبنانية التي أنشئت سنة 1957 (انظر Htti: Syrians الملحق "و")؛ وكان مولد هذه الصحيفة المتأخر غريبًا بعض الغرابة؛ وقد كانت "الصائح" بعد سنوات كثيرة من إنشائها سنة 1912 لسان حال طائفة من الأدباء (الرابطة القلمية) يرأسها الأديب المشهور جبران خليل جبران، وكذلك مجلة "الفنون" التي أنشئت سنة 1913؛ وقد أنشأ الشاعر الذائع الصيت إيليا أبو ماضى صحيفة "السمير" في نيويورك من سنة 1929 حتى وفاته سنة 1956؛ ويصدر في دترويت في الوقت الحاضر (ديسمبر سنة 1961) ثلاث صحف.

ص: 2782

وفي أمريكا الجنوبية يذكر العبد، وهو نفسه صحفى سورى في بيونس إيرس، 31 صحيفة في ريودى جانيرو (سنة 1958) منها اثنتان لا تزالان تصدران، وثلاث مجلات (ص 391 - 392)؛ وفي ساو باولو 52 صحيفة ومجلة منها خمس لا تزال باقية (ص 350 - 351)؛ وفي بيونس إيرس 31 صحيفة، منها 6 لا تزال موجودة، و 16 مجلة (ص 381 - 383؛ انظر البدوى، جـ 2، ص 567 - 585)؛ وكان الرواد هم أيضًا اللبنانيون المسيحيون نعّوم لَبَكى مساعد المنشئ سنة 1896 في ريو لصحيفة الرقيب ولصحيفتين أخريين في ساو باولو من بعد، وشكرى الخورى مساعد المنشئ سنة 1899 لأول صحيفة في ساو باولو، وفي سنة 1906 للصحيفة الأطول عمرًا ذات النفوذ بصفة خاصة وهي صحيفة. "أبوالهول"؛ وكانت مجلة "العصبة الأندلسية" ذات أهمية خاصة في ساو باولو (وقد إنشئت سنة 1933)، وأقدم صحيفة في بيونس إيرس هي صحيفة السلام (سنة 1902) ولا تزال تصدر؛ ثم الاستقلال ذات الأهمية الخاصة (سنة 1926) التي أنشأها درزى ولا يزال يحررها.

وعمد بعض المحررين -في سبيل البقاء في سوق للقراء أخذ يركد باستمرار- إلى أساليب مشكوك فيها، إن لم تكن أساليب صحفية لا تتفق على الإطلاق وآداب المهنة؛ وعمد محررون آخرون، وهم أكثر حكمة وإقدامًا، إلى نشر مطبوعاتهم بلغتين أو جعلها كلها تصدر باللغة الجديدة التي تناسب الجيل الثاني من المهاجرين؛ وثمة صحيفة شهرية مصورة تصدر باللغة البرتغابية (ساو باولو) واخرى أسبانية (مدينة المكسيك)، وثالثة بالإنكليزية (هوليوود)؛ وكلها تزدهر بفضل عنايتها بالشئون الاجتماعية، وهناك صحيفة Lebanese American Journal (التي أنشئت سنة 1951) و - The Car avan (سنة 1933 وقد كفت عن الصدور سنة 1962) وهما صحيفتان أسبوعيتان، وكانت صحيفة The Syrian World (نيويورك سنة 1926 - 1932) أغزر علمًا، وهي التي كان يصدرها سلّوم مكَرزْل، وكان يحرر أيضًا

ص: 2783

الصحف العربية وقد أدخل اللينوتيب العربي.

وكانت الصحافة العربية للمهاجرين حرة في الأغلب ولكنها لم تكن قط متطرفة، وكانت مخلصة للبلاد التي تبنتها على حين كانت تعى واجبها نحو بلادها الأصلية، وكانت، من حيث هي همزة وصل، تحافظ على وشائج العلاقة بين المهاجرين وأبناء وطنهم الأول وتبعث النشاط والحياة في هذه الوشائج، كما كانت في الوقت نفسه تشرح الثقافة الجديدة وتساعد على التكيف بها، وقد أسهمت بسخاء في إثراء الأدب العربي الحديث- سواء كان شعرًا أو نثرًا- بالمفردات والأفكار زيادة أعانت الشرق العربي على الأخذ بأسباب الثقافة الغربية.

المصادر:

(1)

البدوى الملثم: الناطقون بالضاد في أمريكا الجنوبية، جزءان، بيروت سنة 1956.

(2)

The Syrians in: Philip K. Hitti America (نيويورك سنة 1924).

(3)

الكاتب نفسه: Lebanon in His- tory، لندن ونيويورك سنة 1962، ص 464 - 467.

(4)

يوسف العيد: جولة في العالم الجديد، بيونس إيرس سنة 1959.

(5)

Institute of Arab American The Speaking Americans: Affairs- Arab، جـ 2، نيويورك سنة 1946.

(6)

Daily Journalism in: McFadden Arab states، كولمبس سنة 1953.

(7)

أديب مروه: الصحافة العربية: نشأتها وتطورها، بيروت سنة 1960.

(8)

L'Imprimerie: Joseph Nasrallah au Liban، بيروت سنة 1948.

(9)

خليل صابات، تاريخ الطباعة في الشرق العربي، القاهرة سنة 1958.

(10)

جورجى صيدح: أدبنا وأدباؤنا في المهاجر الأميركية، بيروت سنة 1957.

(11)

لويس شيخو: الآداب العربية في القرن التاسع عشر، جـ 2، بيروت سنة 1926، ص 75.

ص: 2784

(12)

للكاتب نفسه في المشرق، جـ 1 (سنة 1900)، ص 174 - 180. و 251 - 257 و 355 - 362.

(13)

فيليب طرازى: تاريخ الصحافة العربية، جـ 1 - 4، بيروت سنة 1913 - 1933.

(14)

جرجى زيدان: تاريخ آداب اللغة العربية، طبعة جديدة قام بها شوقى ضيف، القاهرة سنة 1950، ص 43 - 54، 63 - 44.

(15)

Elie Safa: Lib- L'emigration . anaise بيروت سنة 1960.

صبحي [ف. حِتَّى Philip K.Hitti]

د- استعراض للصحافة الناطقة بالضاد

المرء لا يستطيع أن يسرف في التنويه بالدور الذي لعبته شتى الصحف، وبخاصة الصحف المصرية، في نشأة وتطور وإثراء ما يعرف باللغة العربية الحديثة أو المعاصرة التي هي مدينة لهذه الصحف في قدرتها على التعبير عن حشد من الأفكار الجديدة استوردت معظمها من الغرب، أكثر من دينها بكثير للأدب بمعناه الحقيقي.

ولقد حققت الصحافة العربية في جوهرها تقدما عظيمًا، وظلت وقتًا طويلا تقدم للجمهور، إلى جانب الأنباء الواردة من الخارج التي كانت قديمة، مادة هي المعلومات التي ترضى الحكومة العثمانية أو الإخطارات التي تزودها بها تلك الحكومة ولا تتعدى ذلك؛ وربما كانت الجوائب وحدها هي الاستثناء السعيد الوحيد لذلك؛ ومنذ مستهل القرن، وبخاصة منذ الحرب العالمية الأولى، راحت الصحف اليومية الرئيسية تطرق ميدانًا أوسع نطاقًا وتزود قراءها بمعلومات من كل نوع، وتهتم بالموضوعات الاجتماعية والاقتصادية والأدبية والفنية، وتكيف أو توجه أو تثير الرأى العام متوسلة بالتعليقات التي لا تمليها دائمًا الموضوعية الجديرة بكل ثناء؛ وجنبًا إلى جنب مع هذه الصحافة التي تقارن من بعض الوجوه بالصحافة الغربية، والتي تملك تحت تصرفها موارد فنية ومالية قوية ولديها عدد كبير من الموظفين ومطابع حديثة، كان يوجد حشد من المطبوعات الصغرى، يتولى الحرفيون وحدهم إعدادها، وذلك حين

ص: 2785

لا يعتمد رواجها على موارد أصحابها المعترف بها على تفاوت في هذا الاعتراف؛ وكثيرًا ما توقع الجزاءات وتؤدى أحيانًا إلى اختفاء الصحيفة، ولكن هذه الجزاءات قلما تغير السلوك العام لما يسمى بالصحافة المستقلة.

والصحف اليومية الكبيرة جدًّا -مثل الأهرام- يمكنها الرجوع إلى مصادر معلومات قد تكون مثار الحسد لكثير من الصحف الغربية؛ ولكن هذا لا يصدق على أغلبية الصحف؛ صحيح أن هذه تتلقى نشرات من وكالة أو اثنتين من الوكالات الأوربية أو الأمريكية- دون أن ندخل في الحساب وكالة أنباء الشرق الأوسط العربية الصرف- ولكننا نلاحظ أن محررًا من المحررين يستغل المادة التي تذيعها الإذاعة، بينما يستخدم زميل أو زميلان في جمع الأنباء المحلية؛ ومن النادر أن تحتفظ الصحف بمراسلين في الخارج؛ ويتولى صاحب الصحيفة بوجه عام مهمة رئيس التحرير.

[وإن كان ذلك قد تغير كثيرًا في العقود الأخيرة وبعد ظهور المؤسسات الصحفية].

والمجلات تستحق منا ذكرًا خاصًّا، فكثير منها قد تولى مهمة نشر المعلومات المفيدة الخاصة بالعلوم والأدب والتاريخ بين الجمهور، وتكشف أرقام التوزيع أنها كثيرًا ما تصل إلى جمهور واسع النطاق بعض الشيء؛ والهلال (سنة 1892) لا يحتاج منا إلى مزيد من المديح، والمشرق، وينشره اليسوعيون منذ سنة 1898 في بيروت، ينعم بشهرة علمية دولية، أما المقتبس التي أنشأها محمد كرد على في دمشق سنة 1908، ولغة العرب التي نشرها الأب أنستاسيوس في بغداد، فقد لعبتا دورا ثقافيًا وعلميًّا، وهو الدور الذي تولته في زماننا صحف شتى المجامع العلمية في العالم العربي؛ وتحتوى مختلف القوائم المطبوعة على عناوين مجلات شتى ذات طابع قضائى أو اقتصادى أو مالى أو تجارى أو مشترك ونحو ذلك، كما يوجد عدد معين من المطبوعات النسائية والصحف الهجائية أو الفكاهية ليست كثيرة جدًّا منذ تجربة "أبي نضارة". ففي بيروت "الصحافى التائه"(سنة 1920) والدَبُّور (سنة 1924)، مع

ص: 2786

إضافة "الصياد" سنة 1943، وهي لا تزال تصدر، في حين أن عددًا كبيرًا من المجلات المصورة مثل المصوّر (القاهرة) تنعم بنجاح لا يمكن إنكاره.

[هيئة التحرير]

2 -

إيران

أنشئت أول مطبعة بإيران حوالي سنة 1817 في تبريز، وتبعتها أخرى في طهران، ولكن حدث حوالي سنة 1824 أن طغت الطباعة على الحجر على الطباعة أكثر من نصف قرن فأخملتها بسرعة إخمالا تامًّا أو يكاد؛ ومنذ سنة 1848 ظهرت الصحف الأولى أولًا في طهران ثم في شيراز وإصفهان وتبريز؛ وحوالى سنة 1860 أدخلت فيها الصور والرسوم؛ ويرجع تاريخ أول صحيفة دورية ذات طابع علمي إلى سنة 1863، والصحيفة اليومية الأولى إلى سنة 1898. وأول صحيفة فكاهية هجائية سنة 1900؛ والصحف الصادرة بالفارسية ظهرت في الهند في زمن مبكر يرجع إلى سنة 1822 وسنة 1835 (انظر S. C. Sani- In-: al The First Persian newspape their contents dia: a peep into في Islam- Culture ic جـ 7، سنة 1934) وفي الآستانة سنة 1875. وصدر غيرها في لندن وكلكته والقاهرة وباريس وبومباى وواشنطن (بهائى).

وكانت الصحافة في عهدها الأول أدبية أكثر منها سياسية، وكان العكس هو الصحيح بعد دستور سنة 1906؛ وتطورت الصحافة بفضل انتشار الطباعة التي حلت شيئًا فشيئًا محل الطباعة بالحجر؛ وقد تعرضت الصحافة من سنة 1910 حتى سنة 1912 إلى تغيرات شتى بسبب الاضطراب السياسي في البلاد، على أن براون (The press

: E.G.Browne) ذكر، وهو يكمل القائمة التي وضعها رابينو. H. L. Rabino سنة 1911، أسماء 371 صحيفة يومية ومجلة دورية سنة 1914؛ وكثير من المجلات الدورية طابعها أدبى أو علمي؛ ومن المهم أن نضيف أن الصحف السياسية تعد في كثير جدًّا من الأحيان أدبية، وكذلك أيضًا القصائد السياسية العديدة والمقالات الهجائية التي تكتب بالنثر،

ص: 2787

وكانت إلى جانب قيمتها الأدبية ذات أهمية تاريخية حقيقية أيضًا (انظر Browne: المصدر المذكور، المقدمة، ص 16؛ المختارات، ص 167).

وكانت صحف الفترة المبكرة في كثير من الأحيان غير رسمية ومزودة بالمعلومات تزودًا هزيلًا، إلا أنها كانت تسوق زادًا من المقالات المفيدة التي تنير العقل وتحرر بأسلوب بديع؛ "وكانت تلهم المرء تذوق القراءة، ومن ثم أسهمت في التعليم العام"(Rabino)؛ أما الصحافة التي أعدت العدة لدستور سنة 1906 واقتفت آثاره، فإن براون، الثقة البارز، يقول:"وبعض هذه الصحف، وبخاصة "صور إسرافيل" و "الحبل المتين" و "المساواة" كانت في الواقع من طراز ممتاز، وتعتبر نماذج لأسلوب قوى عصبى محكم لم يكن معروفًا حقًّا حتَّى ذلك الوقت"(The Persian Revolution ص، 127)؛ ثم حدد آراءه من بعد (History .Lit)؛ ويمكننا أن نضيف إلى المصادر التي ذكرها (في The Press)؛ قوائم الصحف والمجلات التي جمعها على نوروز (سنة 1914 - 1925)، Annuaire du Monde Musulman (سنة 1929)؛ ومما يستحق الذكر أيضًا شتى الصحف التي كانت تنشر بالفرنسية والأرمنية والكلدانية.

وفي سنة 1930 وقف رشيد باسمى، في ملحقه للترجمة الفارسية لكتاب براون (Literary His-: Browne tory) وقفة مناهضة للإهمال المتزايد للأسلوب الأدبى في كثير من الصحف نتيجة سرعة النشر الاضطرارية وغزو الكلمات الأجنبية التي دخلت في المعلومات وفي المقالات التي كانت تترجم عن الصحف الأوربية؛ وقد أورد قائمة بالصحف (خص بالذكر منها "رعد" و "إيران" و "شفق سرخ" (الشفق الأحمر) و "إطلاعات" و "ناهيد") وقائمة بالمجلات (يذكر منها "أرمغان" (الهدية) و "بهار" و "نوبهار"(الربيع) و "آينده"(المستقبل) و "إيران جوان"(إيران الفتاة)، و "شرق" و "مهر"(الشمس))؛ ويجب أن نضيف إلى هذه المجلات دلك التي كانت تنشرها وزارة المعارف العمومية وجامعتا طهران وتبريز، وكذلك نذكر ما نستطيع أن نضيفه إلى ذلك وهو المجلة الأدبية "ياد كار"

ص: 2788

(الذكرى) والمجلة الانتقادية "راهنماى كتاب"(دليل الكتب الجديدة)، وبعض المجلات العلمية والفنية؛ ويذكر براون آخر الأمر بعض المطبوعات السنوية التي تشمل على زاد من المعلومات المهمة المتنوعة (يارس وكاهنامه) وقد اختفت بعض الصحف التي أوردت ذكرها مجلة Anuaire du Monde Musulman؛ ويجب أن نضيف إلى القائمة فيما نضيف "كيهان"(العالم) في طهران؛ و "آزادى"(الحرية) في مشهد؛ والمجلة الرائعة "فرهنكك إيران زمين"(الثقافة الإيرانية) و "مجلة موسيقى" و "سخن"(الكلمة)؛ و "ياغما"(الغنيمة).

المصادر:

(1)

The press and poetry: E.G.Browne of modern Persia، كمبريدج سنة 1914؛ وقائمته تكمل القائمة التي وضعها رابينو La press depuisd: H.J. Rabino origine jusqu'a nos Jours son في Revue Monde Musulman du سنة 1913، جـ 22، ص 287: ترجمة فرنسية عن الأصل الفارسي ذكرها Browne، المصدر المذكور، جـ 2، رقم 2.

(2)

الكاتب نفسه: The Persian Rev 1909 - 1905 olution of كمبريدج سنة 1910.

(3)

على نوروز: Regiatre analytique de la press persane 318 بندًا، سنة 1919 - 1923، Revue du Monde Mu- sulman، سنة 1925 (جـ 110)، ص 35.

(4)

المجلة المذكورة، الفهرس العام (الفهرس 6: ، Bouchir-Bakou، Bender: ؛ Presse Ourmiah، Perse proces de، press <

(5)

Monde Musulman Annuaire du، سنة 1925، ص 351 (الفهرس العام للصحافة الإسلامية؛ انظر شيزار، إنزلي، همذان، إصفهان، كابل، قزوين، كرمان، خوى، مشهد، قندهار، رشت، تبريز، طهران، يزد)؛

(1)

المصدر نفسه، الطبعة الثالثة سنة 1929، ص 51 (فهرس الصحافة؛ وإلى جانب المدن التي ذكرناها فيما تقدم انظر: كرمانشاه، جلال آباد، هراة)؛

ص: 2789

(7)

Bogdanov في Jslamic Culture سنة 1929 ص 126 - 152 عن الصحافة الأفغانية؛

(8)

E.G. Browne: جـ 4 (طبعة سنة 1930)، 468 - 490.

(9)

رشيد باسمى: تاريخ أدبيات إيران تأليف يروفيسور إدوارد براون وأدبيات معاصر، طهران سنة 1316 هـ = 1938 م

(10)

بهار ملك الشعراء: سبق شناسى، طهران سنة 1321 هـ- = 1943 م، جـ 3، ص 344.

(11)

تعليم وتربية، طهران سنة 1313 - 1335 هـ، جـ 4، ص 657 - 664، 721، 725.

(12)

باد كار، طهران سنة 1323 - 1324 هـ = 1945 م، جـ 3، ص 49 - 54؛ جـ 7، ص 6 - 17.

(13)

محمَّد صدر هشيمى: تاريخ جرائد ومجلات إيران، إصفهان سنة 1327 هـ- 1332 (1949 - 1954) في أربعة مجلدات (مهم)؛

(14)

Iranische Literatur: Jan Rypka geschichte - ، ليبسك سنة سنة 1959، ص 323، ص 346، ص 369، ص 459.

(15)

Le role de la: A. Toufigh press humoristique et satirique dons la Soeiete Iranienne، رسالة للسوربون لم تنشرر، سنة 1962.

صبحى [ماسيه H. Masse]

3 -

تركية

سبق أن تناولنا في القسم الأوَّل التاريخ المبكر للصحافة في تركية، وقد شهدت سنة 1860 مولد أول صحيفة تركية غير رسمية ينشرها تركى وهي صحيفة "ترجمان أحوال" التي كان ينشرها آكاه أفندى بمعاونة الكاتب والشاعر شناسى، وكان أحمد وفيق باشا ممن يسهمون بالكتابة فيها، وكثيرًا ما كان يحتدم الجدل بين هذه الصحيفة وصحيفة تشرشل، وكانت المناسبة الأولى لذلك نقدا ورد في صحيفة تشرشل لـ "شاعر أونمه سى"(زواج شاعر) لشناسى، التي نشرت مسلسلة في ترجمان أحوال.

ص: 2790

وفي سنة 1861 تاقت نفس شناسى إلى حرية أكبر في التعبير في صحيفته فأنشأ "تصوير أفكار" التي كانت أيضًا تنشر مقالات بقلم نامق كمال اعتبارًا من العدد 200، وأغلقت تصوير أفكار أبوابها سنة 1866، وقد صدر منها ما يبلغ في مجموعة 830 عددًا، وهي أعداد لها أعظم الأهمية في تاريخ الصحافة التركية بسبب تأييد الصحيفة للأفكار الحرة.

وشهدت سنة 1861 أيضًا مولد أول مجلة تركية صرف في تركية وهي "مجموعة فنون" لمنيف باشا؛ وقد تبعتها سنة 1863 أول صحيفة عسكرية هي "جريدة عسكرية" لأحمد مدحت أفندى، ثم أول صحيفة تجارية "تقويم نجارت" لحسن فهمى باشا سنة 1865، وفي هذه الأثناء نشرت الحكومة سنة 1864 أول تعليمات صحفية (ذلك أن تعليمات سنة 1857 لم تذكر الصحافة الدورية بصفتها هذه، ولكنها كانت تطبق على الكتب والنشرات التي كان يجب تقديمها إلى مجلس المعارف "معارف شوارشى" قبل النشر)؛ وظلت تعليمات سنة 1864 معمولًا بها، فيما عدا فترة انقطاع صغيرة، حتَّى سنة 1909، وقد نصت على انذارات رسمية إلى الصحافة وعلى الإيقاف وإلغاء الرخص وفقًا لمشيئة الحكومة، وكذلك على محاكمة جرائم الصحف أمام محكمة "مجلس أحكام عدلية"، وكان يطلب من الصحف أيضًا أن تقدم نسخة من كل عدد موقعًا عليها من رئيس التحرير المسئول إلى إدارة الصحافة، وهي مكتب حكومي نجد بدايته غامضة، ولكن وجوده سنة 1862 يمكن استخلاصه من أن ساقيزلى (من جزيرة خيوس) أوهانس باشا قد وُلِّى شئونه؛ واستوحيت تعليمات الصحافة لسنة 1864 من قانون الصحافة لنابليون الثالث، ولم ينص على رقابة من هذا القبيل؛ وظلت شئون الصحافة حتَّى سنة 1877 مسئولية وزارة التعليم، مع أن تعليمات سنة 1864 نصت على أن تخضع طلبات الأجانب للحصول على تراخيص الصحافة لوزارة الشئون الخارجية، ويجب أن

ص: 2791

نذكر جمعية التأليف والترجمة (تأليف وترجمة جمعيتى) التي ألحقت بوزارة التعليم وعهد إليها اختيار المطبوعات الأجنبية النافعة وترجمتها إلى اللغة التركية؛ ويبدو أن تعليمات سنة 1864 لم تعد تستعمل سنة 1867؛ وهنالك أصدر عالى باشا أمرًا يرخص فيه باتخاذ الإجراءات الإدارية قبل الصحافة بما في ذلك الإيقاف، حين تقضى المصلحة العامة بمثل هذه الإجراءات، وكان السبب في هذا نمو الصحافة الثورية التي أدخلتها صحيفة "المخبر" لعلى سعوى، وهي التي نشرت أولًا في فيلييوبولس (فلبه) سنة 1866 ثم أغلقت في السنة التالية، وكانت المهمة التي وقفت هذه الجريدة نفسها عليها هي أولًا الدفاع عن حقوق المسلمين حيال التعدى الأجنبي وحيال ذلك الوخم المزعوم الذي ران على الجهاز الحكومي؛ وقد أدى نشر قرار سنة 1867 إلى هروب أعضاء جمعية العثمانيين الجدد (يكى عثمانليلر جمعيتى) بمن فيهم على سعاوى ونامق كمال وضياء باشا وآكاه أفندى وغيرهم؛ وقد عمدوا، بفضل المعاونة المادية التي أمدهم بها الأمير المصري مصطفى فاضل باشا، إلى نشر الصحف الثورية المناهضة لسياسة عالى باشا، ولم عاد على سعاوي نشر "المخبر" في لندن سنة 1867 ، وتلتها "حرّيت" سنة 1868، وقد قصد بها ضياء باشا ونامق كمال إلى أن تكون صحيفة أسبوعية ولسان حال العثمانيين الجدد، وقد ترك نامق كمال الصحيفة سنة 1869. في حين انتقلت "حرّيت" في السنة التالية إلى جنيف حيث نشر منها 11 عددًا أخرى، فبلغ مجموع ما صدر منها 200 عدد، وانتقل على سعاوى في الوقت نفسه إلى باريس حيث نشر "العلوم" سنة 1869، أول صحيفة باللغة التركية تؤيد القومية التركية، وجدير بالذكر أيضًا صحيفة ثورية أخرى هي "الانقلاب" التي نشرها في جنيف سنة 1870 حسين واصف باشا ومحمد بك، ذلك أنها لم تكن تهاجم وزراء السلطان فحسب بل كانت تهاجم أيضًا السلطان عبد العزيز نفسه.

ص: 2792

وفي الوقت نفسه كانت هناك زيادة في النشاط الصحفى في تركية وبخاصة بين سنتى 1868 و 1872؛ وقد تضمنت المطبوعات الجديدة بعض الصحف الهامة التي تعبر عن شتى الآراء مثل "ترقى" و "بصيرت" و "عبرت" و "حديقة"، ومطبوعات فكاهية مثل "ديوجين" و "خيالى" التي تدل صراحتها على أن أمر سنة 1867 "المؤقت" لم يعد يطبق؛ وقد ظهرت "ترقى" أول ما ظهرت سنة 1868، وكان ملحقها الأسبوعى الأوَّل للنساء، على حين نشرت "مميز" التي تبعتها سنة 1869 أول ملحق للأطفال في البلاد، وبدأ نشر ديوجين باليونانية والفرنسية ثم ظهرت فيما بعد بالتركية؛ وقد بدأ عاشر أفندى سنة 1869 نشر "حديقة" صحيفة علمية، وانتقلت سنة 1871 إلى إدارة أبي الضياء توفيق (وكان أبوالضياء قد تعاون في وقت مبكر مع صحيفة ترقى). وفي سنة 1873 انتقلت إلى إدارة شمس الدين سامى؛ أما صحيفة "بصيرت" التي كانت تنشر مقالات بقلم كارسكى Karski البولندى وأحمد مدحت أفندى وعلى سعاوى، فيمكن أن نعدها أكثر صحف ذلك الزمن نجاحًا، إذ كانت تتلو في الشهرة صحيفة رجال الشرطة المشهورة "ورقة ضبطية". وكان أول من حرر "عبرت" أحمد مدحت أفندى، إلَّا أنَّه لم يوفق في تحريرها، ومن ثم انتقلت سنة 1872 إلى إدارة نامق كمال وأبي الضياء توفيق ورشاد بورى؛ وقد هاجم نامق كمال فيها المصدر الأعظم محمود نديم باشا الذي عمل من ثم على نفيه إلى غاليبولى وأوقف الصحيفة أربعة أشهر، وعاد نامق كمال من المنفى واستانف رياسة التحرير بعد أن زالت الحظوة عن عدوه، وتعرضت الصحيفة إلى إيقاف آخر ثم أغلقت إغلاقًا دائمًا سنة 1873 نتيجة للثورة التي سببتها مسرحية نامق كمال "وطن ويا سلستره"، وقد نفى مؤلف المسرحية هذه المرة إلى قلعة فأمَّا كوستا، وكان مجموع ما ظهر من أعداد صحيفة "عبرت" 132 عددًا، ومن الممكن اعتبار هذه الصحيفة خير مروج للأفكار الحرة خلال فترة "التنظيمات"، وشهدت الفترة مولد كثير من المغامرات الصحفية قصيرة الأجل ذات الطابع

ص: 2793

السياسي السائد، كما شهدت مولد الصحف ذات الأهمية التي بقيت أكثر من سواها مثال ذلك "وقت" أكثر الصحف توزيعًا، ويرجع الفضل في شهرتها إلى التعليقات السياسية التي كان يكتبها سعيد بك، وقد استحقت الذكر صحيفة "صباح" التي نشرت أول ما نشرت سنة 1876 على يد محمَّد توفيق بك، وذلك بفضل شجاعتها إذ كانت أول صحيفة تظهر بأعمدة كثيرة بيضاء احتجاجًا على مراقبى المطبوعات؛ ونذكر آخر الأمر صحيفة "استقبال"، السامية الفكر، وقد خصَّت بكثير من العناية الشئون التعليمية؛ ويجب أن نذكر أيضًا "مجموعة أبي الضياء" التي نشرها أبوالضياء توفيق (سنة 1880) الصحفى والمؤلف الكثير الانتاج، وكذلك نذكر أول مجلة للأطفال وهي مجلة "أطفال".

وقد امتازت العودة إلى الاستبداد في عهد عبد الحميد الثَّاني من الناحية الإدارية بنقل شئون الصحافة إلى وزارة الداخلية سنة 1877، وفي سنة 1878 خضعت الصحف إلى الرقابة المشتركة لوزارات التعليم والداخلية والشرطة، وفي سنة 1881 أنشئت لجنة للتفتيش والرقابة "أنجمن تفتيش ومعاينة"، وعهد إليها الرقابة الوقائية، بل أن سلطة أعلى هي لجنة فحص المؤلفات (تدقيق مؤلفات قومسيونى) أنشئت سنة 1897 وأكملت بلجنة للمطبوعات الدينية والكتب الدينية والشرعية (كتب دينية وشرعية هيأتى)؛ وكانت إدارة الصحافة الأجنبية (مطبوعات أجنبية مدير لكى) تتولى شأن المطبوعات الخطيرة خارج حدود الإمبراطورية، وأنشئت هذه الإدارة سنة 1885؛ وقد اتخذت جميع هذه الإجراءات بالرغم من دستور سنة 1876 الذي كفل في المادة 12 حرية الصحافة "في حدود القانون" وبالرغم من رفض البرلمان لقانون الصحافة الوحشى لسنة 1877؛ وعززت الرقابة على الصحف في عهد عبد الحميد الثَّاني بالرقابة على المطابع (سنة 1888) وعلى بائعى الكتب (سنة 1894).

وقد حدد هذا كله عدد المطبوعات ومحتوياتها وإن لم يوقف تطور

ص: 2794

الصحافة التركية؛ وتضمنت الصحف اليومية المهمة "صباح" لمهران أفندى التي أنشئت سنة 1976 وقد سبق ذكرها، وكان من بين من كانوا يسهمون في الكتابة فيها الصحفى الشاب الذي اشتهر من بعد حسين جاهد بك؛ وصحيفة "إقدام" لأحمد جودت بك "سنة 1890"، التي كان لها مراسل شبه قانونى بباريس في شخص على كمال بك الذي اشتهر من بعد، و "ترجمان حقيقت" لأحمد مدحت أفندى (عرف باسم "الآلة الكاتبة" لوفرة كتاباته)، التي كان لها فيما بين سنتى 1882 و 1884 شأن أدبى عابر بفضل معلم ناجى؛ وكانت المجلات المهمة تشمل مجلة "ميزان" الأسبوعية السياسية أراد بك (سنة 1886 - 1890، مع بعض فترات انقطعت فيها عن الصدور)؛ وبخاصة "ثروت فنون" لأحمد إحسان بك، وهي رائدة مدرسة أدبية جديدة (توفيق فكرت وجناب شهاب الدين (تعارض محافظى معلم ناجى؛ وقد نشأت "ثروت فنون" سنة 1892، وتألقت فترة، ثم استحالت صحيفة كئيبة لا يخشى منها ضرر نتيجة للضغط الحكومى.

وأدى هذا الكبت الرسمى إلى ابتعاث المطبوعات الثورية، فقد بدأ على شفقتى يصدر صحيفة "استقبال" في جنيف سنة 1880، وفي سنة 1895 أنشأ أحمد رضاء بك الصحيفة المهمة "مشورت" بالتركية والفرنسية (وكان الجانب الفرنسى يحرره مبعد آخر إبعادًا موقوتًا وهو مراد بك صاحب صحيفة "ميزان")؛ وقد نشأت صحيفة "مشورت" أول الأمر في باريس، ثم اضطرها الضغط العثمانى الرسمى إلى الانتقال أولًا إلى سويسرة ثم بلجيكا؛ وشهد العقد الأخير من القرن التاسع عشر والسنوات الأولى من القرن العشرين حشدًا من الصحف الثورية التركية قصيرة الأجل في باريس وسويسرا ولندن ومصر، وقد شملت ألسنة حال لجنة الاتحاد والترقى مثال ذلك صحيفة "عثمانلى" التي نشرها عثمان سكوتى وعبد الله جودت، و "حق" و "شوراى أمت" التي نشرت في القاهرة بمعاونة أحمد رضاء بك،

ص: 2795

وفي سنة 1902 أي في السنة نفسها التي صدرت فيها صحيفة "شوراى أمت" نشر الأمير صباح الدين صحيفته "ترقى"؛ وثمة صحيفة أخرى ذات نفوذ نشرت في الخارج هي "ترجمان" التي أنشأها غسبرالى إسماعيل (Gasprnski) في القريم سنة 1883.

ووضع الدستور مرَّة أخرى موضع التنفيذ في 24 يوليو سنة 1908 فبلغت الصحافة التركية حرية لا حدود لها مدة ثمانية أشهر أو تسعة؛ وسرعان مالحقت بالصحف الثلاث الرئيسية للعهد الحميدى (إقدام وصباح وترجمان وحقيقت) نسخة يومية من "ثروت فنون" وصحيفة "يكى غازته" لعبد الله زهدى ومحمود صادق، والصحيفة ذات الأهمية الكبرى"طنين" التي كان ينشرها توفيق فكرت وحسين كاظم وحسين جاهد. وقد بلغ مجموع التراخيص التي منحت لإصدار الصحف نيفًا ومائتى ترخيص في بضعة الأسابيع الأولى من النظام الدستورى، على حين أن عدد المطبوعات الدورية سنة 1908 - 1909 بلغ 353 مطبوعًا، وقد انخفض هذا العدد باستمرار في السنوات التالية إلى: . 130 سنة 1910. 124 سنة 1911، و 70 سنة 1914؛ وقد ارتبط حظ الصحافة ارتباطًا وثيقًا بمجرى النضال السياسي بين لجنة الاتحاد والترقى وخصومها؛ وفي الشهور الواقعة بين إعادة الدستور و "حادث 31 مارس" (13 أبريل سنة 1909) عارضت هذه اللجنة صحيفة "عثمانلى" لسان حال حزب الأحرار للأمير صباح الدين، كما عارضتها "إقدام" التي كانت تنشر مقالات بقلم على كمال، وكذلك عارضتها صحيفتا "يكى غازته" و "ثروت فنون" وغيرهما، وقد أيدت اللجنة "شوراى ملّت" و "يكى تصوير أفكار" لأبي الضياء توفيق ثم "مليذت" و "حرّيت" وغيرها من المطبوعات وكان يقود المعارضة الدينية صحيفة "وولقان" لدرويش وحدتى، كما كانت تقودها مجلة "بيان الحق"، وقد أعادت الإدارة العسكرية فرض الرقابة بعد "الحادث"، بالرغم من ورود نص في الدستور المعدل يحرم كل رقابة على النشر، وظلت الرقابة العسكرية حتَّى تولت

ص: 2796

"المعارضة" الحكم سنة 1912، ولكن الاتحاد والترقي أعاد فرضها بعد انقلاب 10 يناير سنة 1913، وهنالك بقيت حتَّى انحلال الإمبراطورية. وقد أبطلت الرقابة العسكرية إلى حد كبير مفعول قانون الصحافة الحر المصادر في سنة 1909، الذي عدل على كل حال سنة 1913، وقد منح التعديل سلطات كبيرة للسلطات في الحالات التي يعتبر فيها النشر خطرًا على أمن الدولة، وأنشئت في الوقت نفسه إدارة عامة للصحافة؛ وغلب على صحف المعارضة في هذه الحالات قصر الأجل، ومن الصحف القليلة التي تستحق الذكر "سلامت عمومية"(سنة. 1910)، التي كان يحرر فيها عبد الله جودت مقالات يوقعها باسم "كردى" وصحيفة "تأمينات" التي نشرها سنة 1912 إسماعيل حقى باشا لحساب حزب الحرية والائتلاف (حريت وائتلاف)؛ وكذلك شهدت السنوات السابقة للحرب العالمية الأولى ظهور بعض المجلات الأدبية والعلمية المهمة، مثل صحيفة الجمعية التاريخية العثمانية (تاريخ عثمانى أنجمنى مجموعة سى، سنة 1910) و "تورك يوردو" لسان حال "البيوت التركية"(تورك أوجاقلرى)، والصحيفتين الرائدتين الأدبيتين "كنج قلملر" و "رُباب"؛ ويجب أن نشير أيضًا إلى وجود صحف دورية دينية عدة، ففي سنة 1913 أنشأ على كمال الصحيفة اليومية "بيام"، التي اندمجت بعد الحرب في "صباح" لمهران أفندى باسم "بيام صباح" لتكون في مقدمة الصحف المعارضة لمصطفى كمال في إستانبول خلال حرب الاستقلال التركية، وشهدت السنوات الأخيرة من حرب 1918 - 1914 أولى مغامرات لصحفيين اشتهرت صحفهم من بعد في عهد الجمهورية، وفي ذلك الوقت أنشأ أحمد أمين (بالمان) وحقى طارق صحيفة "وقت" ودخل يونس نادى الميدان بصحيفة "يكى كون"، وسداد سيماوى بالمجلة المضحكة "ديكن"، وتعود إلى هذه السنوات أيضًا الصحيفة اليومية الهامة "أقشام" وكانت الصحف التي نشرت في استانبول في نهاية الحرب تتضمن أيضًا "إستانبول" لسعيد ملَّا،

ص: 2797

و "عالمدار" لرفيع جواد و "بويوك غازته" لمحمد زكريا (سرتل).

وفي الأناضول دافع عن الحركة القومية أول الأمر صحيفة " إراده ملّيّه" لسان حال مؤتمر سيواس، وقد ظهرت أول ما ظهرت يوم 4 سبتمبر سنة 1919؛ ووصل مصطفى كمال باشا إلى أنقره في 27 ديسمبر سنة 1919 وأنشأ بعد وصوله بأسبوعين صحيفته "حاكميت ملّيَّه" التي أعيد تسميتها باسم "أولوس" سنة 1928 و "خلقجى" سنة 1955، ثم عاد الاسم إلى "أولوس" سنة 1956؛ وفي سنة 1920 نقل يونس نادى صحيفته "يكى كون" إلى أنقره، وعاد إلى إستانبول سنة 1923 لينشئ "جمهوريت" التي أصبحت الصحيفة الكمالية الرئيسية في قصبة البلاد القديمة، ومما يستحق الذكر للك المجلات التي أنشئت أو نشرت في السنوات الواقعة بين نهاية الحرب وإعلان الجمهورية، ومن بينها الصحيفة الشيوعية "آيدينلق"، والصحيفة الأدبية "دركاه" التي كانت تنشر مقالات بقلم يعقوب قدرى (قره عثمان أوغلى)، وصحيفة "كوجوك مجموعه" لضياء كوك آلب، وقد بدأت في ديار بكر سنة 1922.

وأوقفت الرقابة بدخول الجيش التركى إستانبول يوم 7 أكتوبر سنة 1923؛ وقد أعاد دستور سنة 1924 تأكيد التعهد الدستورى القائم الذي ينص على أن الصحافة حرة في حدود القانون وإنها لا تخضع لرقابة سابقة على النشر، على أن السلطات تولت حقوق الإيقاف في السنة التالية بمقتضى قانون النظام العام (تقرير سكون) الذي ظل معمولًا به سنتين، وكذلك سمح قانون الصحافة المصادر سنة 1932 بالإيقاف والمصادرة بمقتضى قرار حكومى، وقد عدل هذا القانون مرارًا فيما بعد؛ وأعيد تحديد الجرائم الصحفية والعقوبات وغيرها من الأحكام؛ وفي سنة 1933 أصلحت الإدارة العامة للصحافة، وكانت قد انحلت سنة 1931، وأصبحت في سنة 1940 "الإدارة العامة للصحافة والإذاعة والسياحة" وألحقت بمكتب رئيس الوزراء؛ وحوالي نهاية حكم الحزب الديمقراطى- 1950 - 1960)،

ص: 2798

أصبح اسمها "وزارة الصحافة والإذاعة والسياحة".

وقد واجهت الصحافة التركية مصاعب كثيرة سنة 1928 عندما استبدلت بالأبجدية العربية الأبجدية اللاتينية؛ وظهرت الصحف فترة مطبوعة بالأبجديتين، وانخفض التوزيع، واضطرت الحكومة إلى أن تهب لمساعدة الصحافة بالإعانات التي استمرت ثلاث سنوات وقد تأثر تطور الصحافة في عهد الجمهورية التركية تأثرًا عظيمًا بعدد قليل من الصحفيين الممتازين والعائلات الصحفية، ومنهم أحمد أمين يالمان، الذي أنشأ- بعد أن ترك صحيفة "وقت"- صحيفة "وطن" سنة 1935. وصحيفة "انقلاب" سنة 1934، كانت له صلة بصحيفة "طاك" سنة 1935، ثم أعاد إصدار "وطن" وظل مسيطرًا عليها حتَّى سنة 1960. وهنالك أنشأ صحيفة جديدة اسمها "حرٌّ وطن"؛ وأسرة نادى التي ظلت مسيطرة حتَّى أيامنا هذه على صحيفة "جمهوريت"؛ وأسرة سيماوى التي تملك أروج الصحف: "حرّيت" التي أنشأها سداد سيماوى؛ وأسرة سرتل التي ظلت تحرر صحيفة "طاك" حتَّى سنة وهنالك أثارت الآراء اليسارية للصحيفة الاستياء الرسمي ومظاهرات الطلبة، وكان من نتيجة ذلك أن دمرت مكاتب الصحيفة؛ ثم أسرة على ناجى التي كانت مرتبطة بصحيفتى "انقلاب" و "إقدام" ولها صلة في الوقت الحاضر بالصحيفة الناجحة "ملّيَّت" وسواها؛ وكذلك لعب الصحفى المخضرم حسين جاهد (بالجبن) دورًا هامًا، ذلك أنَّه تصالح مع الجمهورية ثم استأنف نشاطه الصحفى في صحيفته "يكى صباح"(التي صدرت سنة 1938) ثم أعاد إصدار صحيفة "طنين" وقد دافع في أعمدتها عن قضية الحلفاء خلال الحرب العالمية الثَّانية وعن سياسة حزب الشعب الجمهورى التركى بعد هذه الحرب.

وقد انعكست التطورات السياسية والاجتماعية في العهد الجمهورى إلى حد كبير في الصحف الدورية السياسية والاجتماعية والأدبية؛ وكان

ص: 2799

لبيوت الشعب (خلق أولرى)، لسان حالها ماثلًا في صحيفة "أولكو"؛ ولقيت الأفكار الجديدة الخاصة بالتطور الاجتماعى والتي أوحت بسياسة اشتراكية الدولة نصيرًا لها في صحيفة "قادرو"(سنة 1933)؛ واتخذت الفكرة الشعبية للأدب شكلًا معينًا في أعمدة صحيفة "وارلق"(سنة 1933)؛ وقد تميز إحياء مثل العنصرية، والجامعة الطورانية، وهي التي ظهرت بصفة خاصة في سنوات الحرب العالمية الثانية، بصدور مجلات "بوزقورت" و "جينارآلتى" وغيرهما: وكان لشعبية الآراء اليسارية المتطرفة في نهاية الحرب ما يقابلها في الصحيفة الدورية "كوروشلر"(والصحيفة "كرشك" القصيرة العمر)؛ وأدى تأثير مجلات الأنباء الأمريكية إلى ظهور مثيلاتها من الصحف التركية مثل "عكس"(في أنقره)، و "كيم"(في إستانبول)؛ وقد ظهر أثر المجلات الأسبوعية السياسية البريطانية الجادة في صحيفة "فورم" التي تصدر كل أسبوعين في أنقره، وما إلى ذلك.

وتميزت السنوات التي قلت الحرب العالمية الثَّانية بالصراع السياسي بين الحزب الشعبيّ الجمهورى وخصومه، وهو الصراع الذي لعبت فيه الصحافة التركية دورًا بارزًا؛ وفيما بين سنتى 1950 و 1960 كانت لإدارة الحزب الديمقراطى صحيفة في أنقره هي "ظفر" بينما كانت صحيفة "حوادث" في استانبول تدافع عن قضية الحكومة وتنتقدها غالبية الصحف اليومية الأخرى. وقد كان للصحافة التركية- بصفة عامة- شأن هام في التمهيد للانقلاب العسكرى الذي وقع يوم 27 مايو سنة 1960؛ وكذلك في الصراع السياسي الذي أعقب هذا الانقلاب؛ على أن الكفاية المهنية المتزايدة للصحافة كانت تماثل في الأهمية هذا الشأن. وقد تحسنت كثيرًا التجهيزات وتخطيط المبانى، وارتفع التوزيع ارتفاعًا عظيمًا (بلغ الرقم 300.000 نسخة)؛ وأصبحت الصناعة تمول برأس المال في حالات كثيرة مع ميل متزايد لإنتاج صحف غير سياسية توزع على نطاق واسع، ولا تنشر الأنباء فحسب بل تنشر أيضًا مواد الترفيه، ومن المقدر

ص: 2800

لهذا الميل أن يستجمع قوته، وإن ينخفض تبعًا لذلك عدد الصحف الذي ينشر في البلاد؛ وقد قام التاريخ الصحفى سنة 1960؛ حين بدأت الصحيفة اليومية "أقشام" تصدر في وقت واحد في إستانبول وأنقره، ومن ثم سنت طريقًا جديدًا لمعالجة مشكلة زيادة الإنتاج، وفي الوقت نفسه عزز تحسين المواصلات والتوزيع سيطرة صحف إستانبول على حياة الصحافة التركية.

المصادر:

(1)

سليم نزهت كرجك: تورك غازته جيلكى، إستانبول سنة 1931.

(2)

صدري أرتم: Propaganda، أنقره سنة 1941.

(3)

سرور إسكيت: توركيه ده مطبوعات رجيملرى، أنقره سنة 1938.

(4)

الكاتب نفسه: توركيه ده مطبوعات إداره لري وبوليتيقالرى، أنقره سنة 1943.

(5)

مصطفى نهاد أوزون: صوك عصر تورك أدبياتى، إستانبول سنة 1945، ص 416.

(6)

راغب أوزدم: غازته ديلى في تنظيمات، إستانبول سنة 1940. ص 859 - 931.

(7)

حسن رفيق أرطوغ: باصين ويايين تاريخي، إستانبول سنة 1955، جـ 1، ص 82 - 88.

(8)

نجم الدين دليورمان: مشروطيه دن أونجه

حدود خارجى تورك غازته جيلكى، إستانبول سنة 1943.

(9)

Etat de la press turque: J. Deny 1925 en juillet في Revue de Monde Mu- sulman، جـ 16 (سنة 1925)، ص 43 - 74؛

(10)

Almanak، إستانبول سنة 1933؛

(11)

حلمى ضيا. أولكن: تورك دوشونجه سى ودر كيلرمز في تورك دوشونجه سى، جـ 1، سنة 1945، ص 82 - 87.

[وداد كونبول ومانجو V. Guenyol & A. Mango]

ص: 2801

4 -

الصحافة الإسلامية

في روسيا والاتحاد السوفيتى إن الصحافة الإسلامية في روسيا تعود إلى تاريخ حديث بعض الشيء إذا قورنت بصحافة الدول الإسلامية الأخرى، ويرجع ذلك في معظمه إلى عداء السلطات الروسية لحركات الإنعاش الثقافى بين الشعوب غير الروسية في الإمبراطورية.

ومع ذلك فقد كانت أول محاولة لإنشاء صحيفة بلغة إسلامية تعود إلى مستهل القرن التاسع عشر، وكان الفضل فيها للأستاذ زابولسكى بجامعة قازان، فقد وضع هذا الرجل خطة سنة 1808 لإصدار صحيفة أسبوعية ذات لغتين، هم االلغة الروسية ولغة التتر، ولكن المشروع ظل دون تحقيق؛ وفي سنة 1828 بذلت محاولة أخرى، وقد نجحت هذه المرة، وقام بها موظف روسي في الإدارة العسكرية فيما وراء القوقاس اسمه سوسنوفسكى (A. S. Sosnovskiy)، ذلك أنَّه وفّق إلى أن ينشر في تفليس صحيفة روسية اسمها Tifiskie Vedomosti كانت تشمل أيضًا طبعة بالفارسية، ثم صدرت سنة 1832 بالتركية الآذرية، وبعد بضعة أعداد انتهت هذه المغامرة الأصلية، وكان علينا أن ننتظر حتَّى سنة 1870 لنشهد ظهور أول صحيفة للمسلمين، وهي صحيفة "تركستان ولايتنك غازتى" فقد نشرها في طشقند بالأوزبكية المبشر الروسى اوستروموف N.P. Ostrumov نيابة عن مكتب مستشار حكومة تركستان العامة وبعد ذلك بخمس سنوات ظهرت في باكو الصحيفة الآذرية الأسبوعية "أكينجى"، التي كان يحررها المؤلف ناظر المدرسة حسن بك مليكوف زردابى؛ وهذه الجريدة الصغيرة، التي كان يطبع منها 700 نسخة فحسب، هي التي يمكن اعتبارها الأصل الحقيقي للصحافة الإسلامية في الإمبراطورية الروسية، وسرعان ما جلبت عليها عداء الدوائر المحافظة، وأوقفتها السلطات الروسية سنة 1877.

ولم تبلغ الصحافة الإسلامية في روسيا المستوى الدولى إلَّا بظهور صحيفة "ترجمان" المشهورة، وقد

ص: 2802

نشرها إسماعيل بك كسبرانسكى في باغجه سراى سنة 1883 بلغة تتر القريم التي تأثرت تأثرًا كبيرًا باللغة التركية العثمانية، وعاشت الترجمان حتَّى سنة 1918، وظلت قرابة العشرين عامًا لسان حال حركة الإصلاح وحركة الجامعة التركية في روسيا، وبقيت أكثر من عشرين عامًا الصحيفة الوحيدة للمسلمين في روسيا، منذ حالت قسوة الرقابة الروسية على المسلمين حتَّى سنة 1905 دون قيام صحافة قومية؛ والحقُّ إنّه لم تكن تقوم إلَّا ست صحف ذات أهمية محلية حتَّى قيام ثورة سنة 1905 فيما عدا الصحف السابق ذكرها، وكانت أربعٍ منها باللغة التركية الآذرية وهي: ضياء (سنة 1879)، ضيا قافقاسيا (سنة 1880). وكشكول (سنة 1884) و "شرق روس"(سنة 1903) في تفليس؛ وواحدة في قزق (قرغيز) وهي "دالا ولايتى" التي نشرت سنة 1899 في أومسك (سيبريا)؛ وواحدة بلغة تترقازان في سانت بطرسبرغ وهي صحيفة "نور" سنة 1904.

وبعد نشر قرار 17 أكتوبر سنة 1905 الذي منح حرية الصحافة لجميع شعوب روسيا انبثقت الصحف الدورية في جميع مناطق الإمبراطورية التي يسكنها المسلمون، وتمثل هذه الصحف كل نوع من أنواع الآراء السياسية من المحافظين اليمينيين إلى الاشتراكيين اليساريين. ومن ثم فإنَّه منذ سنة 1905 حتَّى ثورة 1917 نشر المسلمون في الإمبراطورية الروسية 159 دورية (صحف يومية ومجلات) باللغات الآتية: لغة تتر قازان 62 صحيفة؛ التركية الآذرية 61 صحيفة؛ الأوزبكية 17 صحيفة؛ القزقية (قرغيزية) 8 صحف؛ التترية القريمية 6 صحف؛ العربية صحيفتين؛ التركمانية صحيفتين؛ الفارسية صحيفة واحدة؛ وكانت المراكز الرئيسية لتحرير ونشر الصحف هي باكو (59 صحيفة دورية)؛ وقازان (22)؛ وأورنبرغ (13)؛ وطشقند (12)؛ وسانت بطرسبرغ (9): واستراخان (9)، وأوفا (6)؛ وباغجه سراي (5)؛ وقد

ص: 2803

نشرت أيضًا الصحف الدورية واليومية في ترويتزك وأورالسك، وتومسك، وسمرقند، وعشق آباد، وبخارى، وسمارا، وقره صوبازار، وأومسك، وإريوان، وقوقند، وكنجه، وبترو بافلوفسك.

وكانت معظم الصحف الإسلامية سريعة الزَّوال نظرًا لضآلة مواردها المادية وافتقارها إلى المشتركين، وفوق هذا وذاك لتدخل الرقابة التي أصبحت بعد سنة 1908 يقظة جدًّا، على أن بعض هذه الصحف قام بدور قيادى في تنمية الشعور القومى بين الشعوب التركية في روسيا.

ومن أهم الصحف التي كانت تقرأ فيما وراء حدود الإمبراطورية الروسية بكثير يجب أن نذكر الصحيفتين الليبراليتين "وقت" و "شورا" اللتين كانتا تصدران في أورلنبرغ واللتين أقامتا من نفسيهما من سنة 1906 إلى سنة 1917 مروجتين للجامعة التركية في روسيا؛ وقازان مخبره (سنة 1905) ويولدوز (سنة 1906) في قازان؛ وحياتى (سنة 1904) وإرشاد (سنة 1905) وفيوضات (سنة 1906) في باكو، وملَّا نصر الدين (سنة 1906) في تفليس؛ وكانت هذه الصحيفة الأخيرة، وهي صحيفة إسبوعية ساخرة، توزع توزيعًا واسعًا نوعا ما في آذربيجان الفارسية؛ وكذلك مارست صحف أخرى ذات أهمية محلية وذات توزيع أضيق نطاقًا تأثيرًا دائمًا على الحياة الثقافية للمسلمين مثل "قزق" في أورنبرغ (سنة 1913) التي كان ينشرها بالقزقية أحمد بيتورسونوف؛ ولم تكن توجد في تركستان دون سواها صحافة بالمعنى الحقيقي، ذلك أن السلطات الروسية كانت تراقب مراقبة دقيقة جدًّا التطور الثقافى للشعب الإسلامي، وكانت كل الصحف التي تظهر هناك تمنع الرقابة تداولها.

وأدخل سقوط القيصرية في فبراير سنة 1917 فصلًا جديدًا في تاريخ الصحافة الإسلامية في روسيا؛ وكانت الصحف الدورية المبكرة، التي لم تكن سياسية في كثير من الأحوال، قد أعقبتها صحافة "ملتزمة" تعكس آراء

ص: 2804

شتى الجماعات السياسية للمجتمع الإسلامي، وهي الصحف التي تورطت بعد أكتوبر سنة 1918، سواء عن قصد أو بحكم الظروف، في الثورة والحرب الأهلية؛ وظهرت في المدة من فبراير سنة 1917 حتى نهاية سنة 1920: 256 صحيفة دورية في الأرض الروسية انتشرت في 53 مدينة وقرية كبيرة؛ وصحافة الفترة الثورية وإن كانت أقل جودة من سابقاتها، إلَّا أنها حاولت بلوغ دوائر أوسع، وذلك بتوزيع أكبر وباستخدام لغة أقرب إلى حديث الشعب؛ وقد استمتعت اللغة التترية القازانية بتفوق لا يدانيه تفوق، ذلك أن نصف الصحف الدورية (139 بالضبط) التي كانت تنشر خلال هذه الفترة كانت بهذه اللغة؛ وقد جاءت اللغة التركية الآذرية بعدها بكثير، إذ لم يكن يصدر بهذه اللغة إلا 39 صحيفة، وقد أعقبتها الصحافة التي تكتب بالأوزبكية (37) والقزقية (21) والتترية القريمية (7)؛ وكذلك ظهرت صحف أخرى سنة 1917؛ بالتركية (2 في باطوم) وبالقومقية (3 في نمير خان شورا) وبالأوارية والأبخازية واللكية.

وبدأ عصر جديد سنة 1921 مع انتصار الجيش الأحمر في الحرب الأهلية، هو عصر الصحافة السوفيتية، وتتميز عن الصحف الدورية المبكر بسماتها الواحدة وتوزيعها الواسع جدًّا وأخيرًا بظهور لغات جديدة؛ ووفقًا للنظام السوفييتى فإن 6 لغات تركية ولغتين فارسيتين وتسع لغات أيبيرية قوقاسية من اللغات الإسلامية أصبحت لغات أدبية، وظلت تكتب بالحروف العربية حتَّى سنة 1924 - 1928، وفيما بين سنتى 1928 و 1930 كانت تكتب بالأبجدية اللاتينية التي استبدلت بها بين سنتى 1938 و 1940 الأبجدية الصقلبية القديمة؛ وهذه اللغات الجديدة هي لغات الباشاقر والقرغيز (قره قرغيز من قبل) والنوغاى والقره قلبق والأويغور (لغات تركية)؛ والكردية والتاتية (لغتان إيرانيتان)؛ ولغات الابخاز والقابرد والأديغة والججن والإنكوش والآبازه والدرغين واللزك وتبارسان (لغات أيبيرية قوقازسية)؛ وقد ازداد كثيرًا العدد الإجمالى للصحف الدورية وكان يوجد في الاتحاد السوفيتى سنة 1954

ص: 2805

(ونحن نذكر الصحف اليومية وحدها): 190 صحيفة بالأوزبكية و 171 صحيفة بالقزقية و 116 صحيفة بالتركية الآذرية و 107 صحيفة بالتترية القازانية و 72 صحيفة بالقرغيزية و 70 صحيفة بالناجيكية و 53 بالتركمانية و 30 بالباشقرية و 19 صحيفة بالاوارية والاوستية و 17 صحيفة بالقابردية و 13 صحيفة بالقرة قلبقية و 11 بالدرغينية و 9 بالقومقية و 8 باللزكية وه بالأبخازية و 4 بالنوغائية و 3 بالأويغورية واللكية و 2 بالتبارسانية وبالآبازية وواحدة بلغة الأديغة وواحدة بالجركسية و 1 بالتاتية و 1 بالكردية؛ ومنذ ذلك التاريخ نشرت صحف دورية جديدة بلغات الججن والأنكوشية والتترية القريمية والقره جائية البلقارية.

المصادر:

(1)

لا توجد دراسة شاملة عن الصحافة الإسلامية في روسيا، وإنَّما توجد بعض الرسائل أو المقالات لمناطق معينة؛ أما فيما يتعلق بصحافة التتر فإلى جانب المصنف الأساسي لإسماعيل زامييف: وقتلى تتر مطبوعاتى، قازان سنة 1926. فإننا نجد معلومات قليلة في Iz ta-: Elif - Bi tarskoy musul'manskoy pechatyi. قازان سنة 1908؛ Pechat، Ta-: Fedotov trespubl في du d'information Bulletin V. O. K. S.، موسكو سنة 1927. رقم 23 - 25؛ Savet Vlastenin Be-: T. Nasirov renche ellerinda tatar vakitli matbuati في Kazan Sovet Adabiyati رقم 9، سنة 1956؛ أ. سعدى: تتر أدبياتى تأريخى؛ قازان سنة 1926؛ Zistorii: A. Safarov 25 - 1905 - tatarskoy Periodichnoy Presi في Shidny Svit خركوف سنة 1928، رقم 3 - 4 (بالأوكرانيَّة)؛ DJ Validov: -Ocherki istorri obrazovannosti i lit teraturi Tatar de revolyutsii 1917 gada موسكو سنة 1933؛ P. Zhuzhe: Mu- sul'manskaya pechat'v Rossi، سانت بطرسبرغ سنة 1911.

وفيما يتعلق بالصحافة الآذرية القوقازية فبين أيدينا دراسة مطولة في The origins of the: Jeyhun bey Hajibeyli national press in Azerbaydjan في The

ص: 2806

Asiatic Review جـ 16 (سنة 1930) الكراسة 88، جـ 27، الكراسة 90 وكذلك مقال مجهول الكاتب: آذرى مطبوعاتنك مختصر تاريخجه سى في يكى قفقاسيا، إستانبول جـ 3/ 9، ويمكن للقارئ الرجوع فيما يتصل بأصول الصحافة القوقازية إلى مقال. I Pervaya turkskaya gazeta na: Enikopov Kavkaze في tura i pis'mennost' Vos- Kul' toka، جـ 3، باكو سنة 1928 وكذلك إلى الرسائل التي خصصت للصحيفة أكينجى، كان أهمها هي: آذربيجان مطبوعا تنك ييللغى أكينجى، باكو سنة 1926؛ وقد خصصت بعض المقالات لمجلة ملَّا نصر الدين بينها مقال أحمدوف Molla: A. H. M. Ahmedov ve Nasreddin Zhurnalinin yayilmas ta' siri hakkinda في Investiya Akademii، . Nauk Adher.، SSR سلسلة العلوم الاجتماعية، جـ 1، باكو سنة 1958 ، Molla Nasreddin: A. Sharaf سنة 1946.

وفيما يتعلق بالمعلومات الخاصة بتاريخ الصحافة في القريم مع الإشارة بصفة خاصة إلى صحيفة ترجمان فإن القارئ يجدها في مصنف جعفر سيد أحمد Gaspirali Ismail: Cafer Seydahmet Bey إستانبول سنة 1934، وفي بحث أحمد أوزنباشلى Ahmed Ozenbachli: tenkitli bir bakish Gechen devrimize في، Oku Ishleri. باغجه سراى، يونيه سنة 1925.

أما عن صحافة تركستان فإننا نملك رسالة رائعة بقلم Uzbek: Ziya Saidov vakitli matbu'ati tarihige matiriyyalar، سمرقند- طشقند سنة 1927؛ وفيما يختص بالصحافة التركمانية فإننا نجد بغيتنا في مقال بقلم Nat-: Mihaylov sional'naya pechat Turkmenii في Re- volutsiya i natsional'ni nosti، موسكو سنة 1931، رقم 4؛ وفيما يتصل بصحافة داغستان فليرجع القارى: إلى مقال Kumikskaya pe-: Sh. Magomedov riodicheskaya pechat'v 1917 - 8: godakh في - Trudi Instituta Istorii Partii pri Da .gestanskom obkome K.P.S.S جـ 2، مهاج قلعة، سنة 1958.

[كلكجاى Ch. Quelquejay]

ص: 2807

5 -

الصحافة الإسلامية في الصين واليابان

(أ) الصين: في الصين مسلمون يبلغ عددهم من عشرة إلى اثنى عشر مليون نسمة وفقًا لتعداد سنة 1959، ويقيم نحو ثلثى هذا العدد في ولاية سينكيانغ وهم في هذه الولاية أغلبية ساحقة؛ ويشتمل الجدول التالي على معلومات عن التوزيع الجغرافي للمساجد الصينية سنة 1935 وعن المطبوعات الدورية الإسلامية خلال الفترة من سنة 1908 إلى سنة 1939؛ ويحق لنا أن نذهب إلى أن المسجد الصينى العادى يخدم من 200 إلى 250 نسمة؛ ومن ثم فإن الجدول في غيبة الإحصاءات الدقيقة يدل على توزيع الشعب الإسلامي في منتصف الثلاثينات:

توزيع المساجد والصحف الدورية الإسلامية في الصين

الولاية - عدد المساجد - عدد الصحف

أنهري - الدورية

(سنة 1935) سنة 1908

- 1939)

أنهري 1.515

تشيكانغ 239

شنغهاي 1.031 - 3

فوكين 157

هونان 2.703 - 4

هوبي 2.942 - 33

هونان 932 - 2

هوبي 1.134 - 4

كانسو 3.891

كبايغسي 205

كيانغسو 2.302 - 24

كوانغسي 429 - 2

كوانغتونغ 201 - 7

كوبتشو 449

منشوريا 6.811 - 2

منغوليا 1.083 - 1

شانسي 1.931 - 2

شانتنغ 2.513 - 1

شنستي 3.612 - 3

سنكيانغ 2.045

ستشبوان 2.275 - 1

يونان 3.971 - 6

غيرها - 5

42.

371 - 100

ص: 2808

وأمكن التعرف على 100 صحيفة صينية إسلامية، وقد نشرت واحدة في الخارج، ونجهل تواريخ إصدار 13 صحيفة منها، أما الست والثمانون صحيفة الأخرى فقد أنشئت بين سنتى 1913 و 1939، 18 مجلة صدرت بين سنتى 1913 و 1926؛ وفي العقد الذي يميزه إنشاء الحكومة القومية الصينية في بكين (سنة 1927) وبداية الحرب الصينية اليابانية (سنة 1937) اتسعت الصحافة بسرعة، ونشأت 63 صحيفة جديدة: 38 بعد أن انتقلت قصبة البلاد من بكين إلى تانانغ (سنة 1932)؛ وكان من نتيجة نشوب القتال بين الصين واليابان أن قامت بعض أسباب القمع واختفت معظم الصحف؛ أما الصحف الدورية الخمس التي صدرت خلال السنتين التاليتين فقد كانت في الواقع مطبوعات رسمية يصدرها الجانبان المتحاربان، وكان القصد منها الحصول على مزيد من تأييد المسلمين للمجهود الحربى.

وقد عرف عدد مرات نشر 71 مجلة، وكانت 12 منها تظهر أسبوعيًا على الأقل؛ و 50 شهرية أو نصف شهرية، و 9 ربع سنوية؛ أو سنوية، وكانت إحدى المجلات توزع أكثر من 3000 نسخة، و 8 مجلات أخرى كانت توزع من 1000 إلى 2000 نسخة، على حين كانت المجلات الباقية تسد الحاجات المحلية ولا توزع إلَّا بضع مئات من النسخ فحسب؛ ولم تجاوز إلَّا ست صحف دورية الأربعين صفحة.

وكانت معظم المطبوعات تنشر باللغة الصينية، وإن كان قليل منها يكتب كله أو بعضه باليابانية أو العربية أو الأويغورية (التركية الشرقية) والإنكليزية، وكانت الغالبية العظمى دينية في محتوياتها على حين كان يعالج الباقي علاوة على ذلك المشاكل التاريخية أو المشاكل المعاصرة؛ وكانت معظم المجلات تطبع وتوزع في المراكز الثقافية والقومية في بيبنغ ونانكنغ وفي مدن الموانى الكبيرة ملو تينتسين وشنغهاى وكانتون وهونغ كونغ.

وكانت جريدة "يوه هوا" بيبنغ، هي المجلة القومية الإسلامية الرائدة وبلغ توزيعها 3000 نسخة، وقد بدأت سنة

ص: 2809

1929 بإعانات خاصة، وحاولت تمثيل جميع المذاهب تمثيلًا عادلًا، وكنت تجد في أعمدتها أنباء وطنية ودولية تختص بالإسلام.

وكانت جريدة "تئوتشويه" بنانكنغ، وقد أنشئت سنة 1934. أهم صحيفة إسلامية في منطقة قصبة البلاد، وكانت تناصر "مبادئ الشعب الثلاثة" وهي: تحسين التعليم، والوحدة الوطنية، والاتصال بالإخوة في الدين في الخارج. ثم "تئين فانغ هسيوه لي يوه كأن" بكانتون وقد أنشئت سنة 1929، وكانت توزع شهريًا مجانًا، ولكنها كانت تلتمس العون المادى؛ وكانت "تئين فانغ" تعالج بصفة خاصة المسائل المعاصرة وكان المحرر يجيب من أسئلة القراء في عمود خاص.

وكانت الجاليات الإسلامية في المدن الكبرى خلال الثلاثينات تنظم مظاهرات الاحتجاج تحت إمرة الأهونغية (الملَّاوات) كما شُوه الإسلام في الصحافة الصينية وفي بعض الحالات كانت مكاتب ومطابع الصحف المسيئة تحطم، وكانت الحكومة القومية، وهي تحتاج إلى رضا رعاياها المسلمين، تتخذ إجراء حازمًا لمنع الإهانات الأخرى.

وخلال العقد الأوَّل من القرن العشرين، كانت تستورد من الآستانة بعض الصحف العربية والتركية الليبرالية التي تؤيد الإصلاح الدستورى، وذلك علاوة على الصحف القومية؛ وقد انقضت الحاجة إلى هذه الصحف المستوردة بعد ثورة سنة 1911.

وتأخر تطور الصحافة الإسلامية في الصين، بسبب إنخفاض مستوى التعليم والمستوى الاقتصادى وبسبب صعوبات اللغة، فلم تكن العربية معروفة إلَّا للزعماء الدينيين ولعدد قليل من الخبيرين بعلوم الدين، على أننا نجد - من الناحية الأخرى - أن الأهونغية لم يكن لهم في كثير من الأحيان إلَّا معرفة بدائية بالكتابة الصينية، وكان معظم الشعب من الأميين، وكانت أسرة مانشو الآخذه في الاضمحلال تشتبه في آية ميول تخصيصية أو طائفية

ص: 2810

وبخاصة في منطقة الحدود الشمالية الغربية التي يتكلم أهلها التركية؛ ويحق للمرء أن يقول إن ثورة سنة 1911 مهدت الطَّريق للصحافة الإسلامية في الصين، على حين أن ثورة سنة 1949 الشيوعية وضعت نهاية فاصلة لهذه الصحافة، وكانت جهود النشر الإسلامية جزئية، ومعظم المجلات صغيرة جدًّا أو سريعة الزَّوال جدًّا بحيث لم يكن لها أثر دائم؛ وكان المسلمون، إذا قورنوا بالبعثات البروتستانتية والكاثوليكية في الصين، يفتقرون إلى هيئة مركزية وإلى موارد مالية كافية.

(ب) اليابان- في اليابان عدد قليل من المسلمين ولكن الاهتمام اليابانى بالإسلام يرجع إلى غزو الصين (سنة 1937 - 1945) وهنالك بذلت الجهود لكسب الأقليات الإسلامية الصينية، وقبل هذا التاريخ شهدت اليابان ثلاث محاولات خاصة لنشر الصحف الإسلامية مثل "هسنغ هوى"(يقظة المسلمين)، وقد أنشأها بعض الطلبة الصينيين في الكلية الإسلامية بطوكيو صحيفة ربع سنوية لتوزع في الصين، وهي تعود إلى سنة 1908؛ وفي سنة 1925، أسس ساكوما (I. T. Sakuma) رجل أعمال يابانى اهتدى إلى الإسلام- في شنغهاى الصحيفة التقدمية "موكوانغ"(نور الإسلام) وكانت تكتب مقالات باللغات الصينية واليابانية والإنكليزية؛ وقد أراد ساكوما إحياء الإسلام في الصين وكوريا واليابان، بل هو قد أيد ترجمة القرآن إلى الصينية؛ ولم يصدر من "موكوانغ" إلَّا ثلاثة أعداد؛ ومثل صحيفة "هوى تشياو"(الإسلام) وكانت مجلة شهرية تصدر في بيبنغ، وقد كرست للمشاكل الاجتماعية والتاريخية، ونشرت باليابانية فيما بين سنتى 1927، 1929، وكانت الأعداد تحتوى على سير الزعماء المسلمين الصينيين.

وعمدت السلطات العسكرية اليابانية في أعقاب الاحتلال الفعلى للأراضى الصينية، إلى إصدار صحف إسلامية جديدة أو عدلت الصحف الدورية القائمة لتوائم أغراضها الخاصة، وقد

ص: 2811

استولى اليابانيون على الصحيفة الشهرية المصورة "شن نسونغ باو" التي كانت تصدر منذ عشر سنوات حين أحتلوا بيبنغ سنة 1937. وبعدئذ اتخذت موقفًا يناهض السوفييت بقوة؛ وقد ظهرت صحيفة "هسنغ شيه باو"، وهي صحيفة شهرية غير سياسية، أول ما ظهرت في مكدن بمنشوريا سنة 1925، وأحياها اليابانيون سنة 1937، وكانت تعالج بصفة خاصة الحياة الإسلامية في اليابان، وتوزع نسخها محليًا دون مقابل؛ وثمة مجلة شهرية أخرى اسمها "هوى تشياو" (الإسلام) بدأت تظهر في أبريل سنة 1938 تحت رعاية الجمعية الإسلامية الصينية المتحدة التي يشرف عليها اليابانيون في بيبنغ؛ وكانت هذه صحيفة دعاية يابانية، ولكنها كانت تطبع في الصين؛ وقد أصدرت صحيفة "هسين مين باو" وهي الجريدة الصينية الرسمية لقوات الاحتلال اليابانى في بيبنغ، في أكتوبر سنة 1939 ملحقًا أسبوعيًا، باسم "تسونغ تشياو تشو كأن"، التي كانت تزود قراءها بمعلومات تاريخية ودينية عن الإسلام.

وأبحاث اليابانيين عن الإسلام مبعثرة في شتى الصحف الجامعية؛ ولا تكرس نفسها لهذا الموضوع إلَّا صحيفتان يابانيتان دوريتان فحسب؛ وكلتاهما تنشران في طوكيو وتعودان إلى سنة 1959 و 1960 على التوالى؛ ثم جريدة "تشو كنتو- غيبو"(مجلة الشرق الأوسط والأدنى الشهرية) وتصدرها وزارة الشئون الخارجية بصور تدل على الحروف؛ وتنشر "أجيا رتغو يوكو كيوكاى" أرابو (العرب) وهي تكتب عن العرب والبلاد العربية.

المصادر:

(1)

Mohammedan: R.Loewenthal The Press in China في Collectanea Commis- Synodalis in Sinis sionis، بكين، جـ 11/ 9 - 10 (سبتمبر- أكتوبر سنة 1938) ، ص 867 - 894، ومعها خريطتان؛ وقد أعيد طبعها في: - The re periodical press in China ligious، بكين Commission in China The Synodal، سنة 1940، ص 211 - 249.

صبحى [لوينثال Rudolf Loewemthal]

ص: 2812

6 -

صحافة الهاوسا

توجد صحيفة أسبوعية منتظمة بلغة الهاوسا هي "جاسكياتا في كوابو" وهي تطبع في زاريا. وقد بدأ نشرها في يناير سنة 1939، وكذلك تنشر أيضًا صحف أنباء بلهجات الهاوسا الرئيسية المعترف بها، في حين أن "كانو تايمز" تحتوى على مقالات بلغة الهاوسا.

وفي يوم السبت 14 نوفمبر سنة 1931 صدر من المطبعة المبنية حديثًا في كادونا العدد الأوَّل من صحيفة "أنباء الولايات الشمالية" وكانت تتألف من ست عشرة صفحة من المراد التي تطبع على ثلاثة أعمدة هي بالترتيب الإنكليزية، والهاوسا بالأبجدية الرومانية والعربية ومعها صفحة بصور الجياد والمراد الزراعية ويقال للقارئ:"إن موظفى أمانة السر (ملَّامية) هم الذين كتبوا الترجمات بالهاوسا وبالعربية وأن أمير كانو أرسل بعض صفافى الحروف الذين قاموا بصف الحروف العربية"؛ وقد صدر هذا العدد "أساسًا للمناقشة فيما إذا كان السكان والزعماء الوطنيون يرغبون في نشر عدد منتظم من صحيفة أنباء من هذا النوع أو من نوع مشابه في المستقبل"؛ وقد ظهر العدد التالي في 9 أبريل سنة 1932 وأضيف عنوان بلغة الهاوسا: "جاريدار نيجيريا تا أريوا" مع عنوان باللغة العربية، وكان العدد يحتوي على ست وعشرين صفحة مطبوعة وثلاث صحائف مصورة؛ وقد اشتمل العدد الثالث أيضًا على مواد ترجمت بلغتين دارجتين شماليتين أخريين، هما تيف وفولا (فولانى)، وما إن حان يولية سنة 1934، أي حين صدر العدد الثامن، حتَّى كانت الصحيفة من حجم أصغر، وكانت تطبع بلغة الهاوسا وحدها ولم تعد تحمل العنوان باللغة الإنكليزية أو العربية؛ وقد تضمن العدد العاشر الصادر في أول يونية سنة 1935 مقالا بقلم إيست (M. East K.) من مكتب الترجمة بزاريا في موضوع في الكتابة والكتب بلغة الهاوسا، وقد اشتمل الهجاء على حروف جديدة هي ق، ض، ب.

ص: 2813