الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(22)
الكاتب نفسه ، Arabian Days: سنة 1948.
(23)
Mekka: Snouck Hugronje ج 2، سنة 1888.
(24)
الكاتب نفسه في Bijdragen tot - de Taaland-en vnikenkunde van Neder landsch-Indic السلسلة الخامسة، ج 2، ص 38 وما بعدها، 399 وما بعدها.
(25)
الكاتب نفسه في Verhndl N . Gesell. fuer Erdkunde ج 14، 141.
(26)
عبد القدوس الأنصاري: جدة عبر التاريخ، في المنهل، جدة يناير- فبراير سنة 1962.
وانظر عن العصر العثمانى:
(27)
فريدون: منشآت السلاطين، إستانبول سنة 1265 هـ. ج 2، ص 6 وما بعدها.
(28)
أوليا جلبى: سياحتنامه، ج 9، ص 794 وما بعدها.
(29)
حاجى خليفة: جهاننما، ص 519.
(30)
أ. ح: أوزون جارشيلى: عثمانلى تاريخي، مجلد 3، ج 2، أنقرة سنة 1934، ص 44 - 45.
(31)
G.W.F.Stripling: The Ottoman 1875 - 1511 Empire and the Arabs أوربانا سنة الفهرس.
خورشيد [فيب آن مار Phebe Ann Marr]
الجد والهزل
جمع شائع بين مصطلحين متضادين لهما رنين خاص في علم الأخلاق عند المسلمين وفيما يعرف في العربية بالأدب. ولا يرد في القرآن إلا اللفظ الثاني دون أن ينطوى على مفهوم ضمنى من أي نوع، ومع ذلك فإن المعنى المضاد للهزل وهو الجد، والمعنى المرادف للهزل وهو المزاح، لا يردان فيه إطلاقا، والقرآن لا يحدد صراحة الجد أو ينص على اجتناب المزاح، ومع ذلك فإن الإسلام -دون أن يوحى ضرورة بالحزن والدموع برغم نظرته المتشائمة إلى هذه الحياة الدنيا التي سنوضحها فيما بعد- يدعو على الأقل المؤمنين في اهتمام إلى تدبر
وعود ربهم وتحذيراته، وأن يعدّوا أنفسهم في هذه الحياة الدنيا للحياة الباقية التي تنتظرهم. ومن ثم تجد مقابلة بين نظرة الوثنى التي تتصف بالخفة وعدم المبالاة وإنكار خلود النفس والبعث وجنوح إلى التنعم بمتع الدنيا كلها دون خشية من عقاب، وبين نظرة الإسلام التي فيها صرامة يمليها الانشغال الدائم بما يحقق مثوبة الله. ثم إنه إذا كان "الحلم" ركنًا أسياسيًا في علم الأخلاق عند المسلمين، فإنه يتضمن بصفة خاصة شرف النظرة التي تستبعد كل احتمال للاستسلام إلى الضحك والمزاح. وقد أوحى؛ الذي عانى منه المسلمون الأولون ورسل الله السابقون بنفور من السخرية التي هي إلى ذلك منهى عنها في القرآن (سورة الحجرات، الآية 11)، بل من مجرد الضحك الذي هو في ذاته مستنكر. ذلك أن الله هو الذي يضحك ويبكى "وأنه هو أضحك وأبكى"(سورة النجم، الآية 43)، ولسوف يبكى كثيرًا في الحياة الآخرة أولئك الذين ضحكوا في الحياة الدنيا قليلا "فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرًا جزاء بما كانوا يكسبون (سورة التوبة، الآية 82) والضحك هو مسلك أعداء الله (سورة المؤمنون الآية 110 - 112؛ سورة الزخرف، الآية 46؛ سورة النجم، الآية 60؛ سورة المطففين، الآية 29. على أن المؤمنين سيجزيهم الله في الدار الآخرة فنرى وجوههم مسفرة ضاحكة مستبشرة (سورة عبس، الآية 38 - 39).
والمسلم إذ يدرك شرف دينه وكرامته، وجدّية أفعاله هو مهما بلغ نصيبها من العادية ومراعاته التوسط في كل أمر، فإنه إن لم يجد نفسه لا يملك إلا البكاء مدرارا يحس بأنه يجب عليه أن يكون أساسًا شخصًا جادًا وأن يتجنب أي مسلك لا يتمشى مع السلبية التي عليها الحلم، وخاصة الضحك والمزاح. وقد وجد هذا الإحساس الذي يقوم على تفسير ضيق لأخلاقيات القرآن، مبررا آخر في بعض الأحاديث والأقوال المأثورة التي لم يغفل الكتاب المتأخرون بعض الشيء للكتب الأخلاقية ودوائر المعارف العامة جمعها في أبواب خاصة. وهكذا نجد الغزالى (الإحياء، الكتاب 24) يصرح بأن المزاح منهى عنه مذموم، ويستشهد بأحاديث مختلفة تؤكد حكمه، ومع ذلك
فإنه يسمح بالمزحة المعتدلة. ويعقد الإبشيهى (المستطرف، حـ 2، ص 308) بعد الفصل المخصص لتحريم الخمر مباشرة فقرة للنهى عن المزاح، ولكنه لم يغفل عن أن يستشهد بالروايات المناسبة في إسهاب أكثر ويردد عددا من النوادر المضحكة.
والحق إن أنصار المزاح لم يعجزوا عن الإدلاء ببراهينهم، ذلك أن الأفكار الأساسية التي يمكن أن يستند إليها في تبرير الذم الكامل للمزاح تناقضها في الحق بعض، الأحاديث وأنظار حكماء المسلمين، ومن اليسير أن يلتمس السند عند النبي نفسه، فقد كان يمزح في مناسبات مخلتفة، وكذلك عند السلف الصالح الذين كانوا فيما يظهر يكادون لا يستمسكون بظاهر الأحكام القرآنية الناهية عن الضحك والمزاح، وسرعان ما اتخذ مَثَل ما انتهجه أئمة فقهاء المدينة سابقة، ولا يستطيع المرء أن ينسى للك الواقعة العجيبة. وإن كان من الممكن تفسيرها) من أيام القرن الأول الهجرى (الثامن الميلادي) التي حدثت في مكة والمدينة، وخاصة المدينة، وهي قيام مدرسة حقيقية من أصحاب الفكاهة كانت صنعتهم الإضحاك، وقد ساعدوا على إقامة النادرة ورفعها إلى مصاف القوالب الأدبية. ولم ينج العراق من آثار هذه الحركة، وإنما الأمر يقتضي المرء أن يقلب النظر في كتاب الفهرست (طبعة القاهرة، ص 201 وما بعدها، 435) ليخرج بفكرة عن وفرة مجموعات النوادر سواء كان جامعوها معروفين أو مجهولين، أجل مجموعات النوادر التي كانت شائعة في عهد متقدم يرجع إلى أيام ابن النديم، ومن الراجح جدًّا أن أصحاب الفكاهة هؤلاء وزبائنهم من الطبقة الأرستقراطية -بقدر ما يكون لهم وجود تاريخي، ومن المعلوم أن بعضهم كان له وجود حقًّا- قلما كانت تزعجهم النواهى التي كان غيرهم يعدونها نواهى مطلقة. وقد اختفى معظم المجموعات التي من هذا القبيل والتي كانت على التحقيق عظيمة الشيوع مثلها مثل الكتابات الخيالية التي ظهرت وفرتها من كتاب الفهرست، والراجح أن السبب في اختفائها هو ردّة إلى التشدد والتطهر، ولكن بعضها استوعبته مجموعات أحدث، وقد حفظ الأدب مختارات منها تشهد بتذوق
القراء العرب للنادرة اللاذعة بله المفحشة التي تخدش الحياء وهو تذوق باق وإن لم يعترف به.
وبصرف النظر عن الناحية الأخلاقية بمعنى الكلمة للنادرة، فإن العنصر الفكاهى يثير حقًّا مشكلة أدبية، يبرز فيها الجاحظ للمرة الثانية في الميدان فيكون هو أول من حددها تحديدًا واضحًا. ذلك أن الجاحظ، وقد ورث تراثًا دينيًّا وأدبيًا قديمًا، صدمته النظرة المتشددة في غير موجب لبعض معاصريه، وقد انبرى من أول الأمر إلى تبرير الضحك الذي جعله مقترنًا بالحياة، وتبرير المزاح، مبرزا مزاياه ما دام لا يسرف، ومظهرًا أن الإسلام دين متحرر لا يفرض بأية حال التحفظ والتشدد، ومن هنا راح يحمل على الجمود الذي تنطوى عليه معظم الكتابات التي هي في رأيه مسرفة في التشدد، وقد اقترح إباحة القليل من الهزل حتى في أشد الأنظار تشددًا. وكان في بعض الأحيان لا يتردد عن قطع حجة دارسة ليستشهد ببعض النوادر على حساب التهوين من بقية كتابه، ولكنه نجح في مزج الجد بالهزل مزجًا منسجمًا في عديد من كتاباته، ومن بينها "كتاب التربيع والتدوير" الذي هو بلا جدال أكمل مثال على ما نقول. وصفوة القول أنه أراد أن يكون الأدب مثقفًا ومسليًا في آن. والظاهر أنه نجح بعض النجاح في هذا الباب، ذلك أنه قد قلده كثيرون في المشرق والمغرب. وذهب إلى أبعد من هذا فسبق من غير وعى منه الشعار الذي يقول بإصلاح العادات والسلوك بالسخرية منها، وكتب "كتاب البلغاء" الذي اتخذ فيه الضحك عنصرًا في خطة للتهذيب. على أن نجاحه في هذه الحالة مشكوك فيه أكثر، وابن الجوزي هو فيما يبدو الكاتب الآخر الوحيد الذي نجح على تفاوت حين حاول أن يتخذ الضحك بلا قيد لتحقيق مثل هذا الغرض (أخبار الحمقى والمغفلين، دمشق سنة 1345 هـ، ص 2 - 3).
ونستطيع أن نقول بصفة عامة أن الكتابات الفكاهية بل الفكاهيات المسرحية المعاصرة (تسمى الكوميديات هزلية) لا ينظر إليها أبدًا إلا على اعتبار أنها لا تعدو أن تكون تحولا مقبولا بلا أي مغزى خلقى.