الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهزم بالقرب منها قوة كبيرة من الخزر تحت إمرة بارجيك ابن الخاقان، وواصل تقدمه حول الطرف الشرقي من القوقاز، واستولى على مدينتى بَلَنْجَر ووَبَنْدَر وبلغ أرباض سَمَنْدَر وربما قيزلر (قيزلير) على نهر ترك قبل أن ينسحب؛ واستدعى بعد ذلك بوقت قصير، ولكن أعيد تعيينه سنة 111 هـ (729 - 730 م) وفي السنة التالية ظهر الخزر بقوة في ولايته، فلقيهم الجراح بجيش من الشاميين والمجندين المحليين في سهل أردبيل (مرج أردبيل)؛ ونشبت معركة كبيرة هناك استغرقت بضعة أيام من رمضان سنة 112 هـ (نوفمبر- ديسمبر سنة 730) وانتهت بهزيمة تامة للمسلمين وبموت الجراح؛ واحتل الخزر إلى حين اذربيجان، وأوغل فرسانهم جنوبًا حتى الموصل؛ وكان لموت الجراح رنة حزن وأسى وبخاصة بين جنوده، ويقال إنه كان فارع الطول، حتى إنه عندما كان يسير في المسجد الجامع بدمشق كان يبدو رأسه وكأنه معلق في المصابيح.
المصادر:
(1)
الذهبي، تأريخ الإسلام (القاهرة 1367 - 1369 هـ)؛ جـ 4، ص 237 - 238.
(2)
الطبري: جـ 2، ص 1352 - 1356.
(3)
History of the: D. M. Dulnop Jewish Khazars، برنستون سنة 1954، الفهرس.
(4)
Califatto di His-: F. Gabrieli Itl ham، الإسكندرية سنة 1935، ص 74 وما بعدها.
صبحي [دنلوب D.M.Dunlop]
الجراح، بنو
أسرة من قبيلة طيّ اليمنية استقرت في فلسطين وفي إقليم البلقاء بجبال الشراة، كما استقرت في الصحراء العربية الشمالية حيث كان تلّا أجأ وسلمى- المعروفان أيضًا باسم جبلى بنى طيّ- يؤلفان جزءًا من أراضيهم؛ وكان لهذه الأسرة بعض الأهمية في نهاية القرن الرابع الهجرى
(العاشر الميلادي)، والخامس الهجرى (الحادي عشر الميلادي)، ولكنهم لم يفلحوا أبدًا في إنشاء دولة لهم، كما فعلت قبيلة بنى كلاب في حلب، أو يوفقوا في أن تكون لهم قصبة، باستثناء فترة وجيزة اتخذوا منها الرَمْلَة قصبة لهم، وقد اتبع بنو الجراح سياسة تذبذب بين الفاطميين والروم (البوزنطيين)، فقد كانوا يؤازرون الفاطميين حينًا ويؤازرون الروم حينًا آخر ولا يترددون في أن يتملقوا الطرفين في خسة ودناءة عندما كان يتهددهم خطر، أو أن يخونوا الطرفين، ولا يتخلون عن هذه الأساليب المائعة إلّا لينتهزوا فرصة نهب المدن أو الريف أو القوافل وهي في طريقها إلى الحج؛ وظلوا بعامة تغلب عليهم البداوة، يتسمون بصفات عرب الصحراء وعيوبهم، وكانت أوجه نشاطهم أبعد ما تكون عن النبالة والشرف. وكان أول من ذكره التاريخ من بنى الجراح رجلا اسمه دَغْفَل ابن الجراح وكان حليفًا للقرامطة؛ وقد ترك الجنّابى إبان حملته على مصر سنة 361 هـ (971 - 972 م) ضابطًا من ضباطه مع دغفل في الرملة، وأثناء غزوة القرامطة الثانية لمصر سنة 362 هـ (974 م) كان أحد بنى الجراح-واسمه حسان بن الجراح- في جيش القرامطة، وبفضل ارتداده لقاء رشوة من ما ، دفعها إليه المعز هزم جيش القرامطة هزيمة منكرة بعد أن بلغ أبواب القاهرة؛ وربما كان دغفل وحسان هما شخص واحد.
وبعد ذلك ببضع سنوات ظهر المُفَرِّج ابن دغفل وظل مشهورًا حتى سنة 404 هـ (1013 - 1014 م)، وقد ورد اسمه في بعض المتون خطأ، فقالت: دغفل ابن المفرج؛ وإبان حملة الخليفة المعز على ألب تكين، وهو تركى كان قد استولى على دمشق وتحالف مع القرامطة، وفي المعركة التي نشبت خارج الرملة في شهر المحرم سنة 977 م) أغسطس- سبتمبر سنة 977 م) هرب ألب تكين ووجده مفرّج يموت عطشًا، وكانت تربطه به صلات ود، وكان الخليفة قد وعد كل من يسلمه ألب تكين بمائة ألف دينار، ولم يعين التاريخ ولاء مفرج في تلك اللحظة وكان قد احتفظ بألب تكين في لُبْنَى
وهنالك ذهب إلى الخليفة وللقى تأكيدًا بأن الوعد بالمكافاة لا يزال قائمًا فخان ألب تكين وأخذه إلى الخليفة، ونحن نجده بعد ذلك بسنتين متورطًا في مغامرة أبي تغلب الحمدانى في فلسطين؛ وكان في دلك اللحظة مسيطرًا على الرملة، وهي حقيقة اعترف بها الفضل، وهو قائد من قواد الجيش المصري، وكان الوزير ابن كِلِّس قد أنفذه إلى الشام في ذلك الوَقت في حملة على قَسّام وهو مغتصب من دمشق، وعلى أبي تغلب، وكان مفرج وقتئذ على علاقة سيئة ببنى عقيل، فاستنجدوا بأبى تغلب ونشبت الحرب بينه وبين مفرج الذي كان يؤازره الفضل، ومنى أبو تغلب بالهزيمة وأسره أحد مؤيدى مفرج، وطلب الفضل من الجراحى أن يسلمه ابا تغلب حتى يمكنه أن يأخذه معه إلى مصر، وخشى مفرج أن يتخذ الخليفة أبا تغلب صنيعة عليه فقتل أسيره بيديه.
ولم يدم الاتفاق بين مفرج والفضل طويلا وانقلب الفضل عليه، ولكن مفرج كان من الحذق بحيث أقنع الخليفة العزيز بأن يصدر الأوامر إلى قائده بأن يتركه في سلام، ومن ثم سمح لمفرج بأن يصبح سيد فلسطين مرة أخرى وبأن ينهب الأرض سنة 370 هـ (980 م)، وقد حملت أعمال الابتزاز التي ارتكبها الخليفة على أن يسيِّر عليه حملة في السنة التالية، واضطر إلى الهرب، ومن ثم خرج ليسطو على قافلة من الحجاج كانت عائدة من مكة، والراجح أن ذلك كان في أواخر سنة 371 هـ (يونيه 982 م)، وكان أكثر توفيقًا مع قوة فاطمية ثانية سحقها في أيلة، وعاد إلى الشام ولكنه منى بالهزيمة، ثم سلك طريق الصحراء ولجأ إلى حمص مع بكجور والى سعد الدولة الحمدانى ولعل ذلك كان في نهاية سنة 982 م، ومن هناك ذهب إلى أنطاكية حيث طلب حماية الوالى البوزنطى ومعاونته، ويبدو أنه لم يتلق أكثر من الهدايا والكلمات الحلوة، وليس من المحقق أنه عاد إلى الشام، ذلك أننا نجده بعد سنة 373 هـ (982 م) صحبة برداس فوقاس عندما ذهب لنجدة حلب بعد أن هاجمها الثائر بكجور؛ وحذره من أن الجيش البوزنطى وشيك الوصول فلاذ بكجور بأذيال الفرار.
والظاهر أن المفرج لحق عندئذ ببكجور، ذلك أنه عندما تلقى من الخليفة العزيز ولاية دمشق وتولى منصبه في رجب سنة 372 هـ (ديسمبر 983 م)، حذر الوزير ابن كأس الخليفة من فتنة محتملة قد يقوم بها بكجور، منذرًا بأن مفرج كان معه وأنه عدو؛ وتبع بكجور، عندما غادر بكجور دمشق إلى الرّقة في رجب سنة 378 هـ (أكتوبر 988 م) بعد أن هدده جيش من الفاطميين؛ ونحن نجده في السنة التالية يهاجم قافلة من الحجاج في شمال بلاد العرب؛ وقيل إن ابن كلس كان يعتبره شخصا خطرًا فينه وهو على فراش موته سنة 380 هـ (991 م) نصح سيده بألّا يبقى على حياة ابن الجراح إذا وقع في قبضة يده، وبالرغم من هذا فقد صفح عنه الخليفة، ذلك أنه تلقى في السنة التالية هدية من كسوة وجياد أرسلها إليه الخليفة ودعاه إلى الاشتراك في حملة على حلب كان القائد التركى منكوتكين يعد لها إعدادًا واسع النطاق، ولكننا لا نعلم هل اشترك في حملة سنة 382 هـ (= 992 م) أم في الحملات التالية، ونحن لا نجد ذكرى أخرى له حتى سنة 386 هـ (= 996 م) وهي سنة وصول الحاكم.
وفي ذلك الوقت كان يؤيد منكوتكين والى دمشق في محاولته الاستيلاء على السلطة من ابن عمَّار وكتامة واشترك في القتال الذي قاده القائد التركى خارج عسقلان ضد سليمان بن جعفر ابن فلاح؛ على أنه اتبع أساليبه المألوفة في المناورة فلم يتردد في هجر منكوتكين وفي العبور إلى معسكر سليمان، وكان أحد أولاده المسمى عليًّا هو الذي طارد منكوتكين وقبض عليه عندما ركن إلى الفرار.
وفي سنة 387 هـ (997 م) حاول الاستيلاء على الرملة وخرب الناحية، وكان جيش ابن صمصامة والى دمشق الجديد قد سحق ثورة علاقّة في صور فهاجم وطارد المفرج الذي لجأ إلى جبال بنى طي، فلما أوشك أن يقبض عليه اشترك في مهزلة صغيرة إذ أرسل عجائز قبيلته ليطلبن الأمان والصفح فمنحهما، ومن ثم نجد المفرج يرسل سنة 396 هـ (1005 - 1006 م) أبناءه الثلاثة عليًّا وحسانا ومحمودا مع عدد كبير من البدو لمساعدة جيش الحاكم
ضد أبي ركْوة المنتقض، ولكنه في السنة التالية أوقف حجاجًا من بغداد شمال شرقي جبلى أجأ وسلمى أي في أرض طيّ، وأكرههم على أداء الجزية، ولما كان هذا التوقف الإجبارى قد أضاع وقتهم فقد أكرهوا على العودة وعلى إلغاء حجهم.
وبعد ذلك ببضع سنوات سنحت الفرصة للمفرج لأن يقوم بدور له أهمية سياسية حقيقية، ففي حوالي سنة 402 هـ (1011 - 1012 م) هرب أبو القاسم الحسين بن علي المغربي الوزير الفاطمى ولجأ إلى فلسطين بمعسكر حسَّان بن المفرج الذي أجاره، وكان الخليفة قد ولَّى على دمشق وعلى قيادة الجيش الذي في الشام ياروخ التركى، ولم يكن أبناء المفرج مستعدين لأن يخضعوا لسلطته، مبينين لأبيهم الخطر الذي قد يتعرضون له من هذا الوالى القادر ونصحوه بمهاجمة ياروخ قبل وصوله إلى الرملة، وكذلك حرض الوزير المغربي حسانا على ياروخ، وكان من نتيجة هذا أن بنى الجراح نصبوا له كمينًا على طريق غزة وأسروه واحتلوا الرملة بتحريض من المغربي؛ وخشى حسان أن يذعن أبوه لطلب الخليفة بإطلاق سراح ياروخ فعمل على قطع رأسه، وعاد هذا المغربي نفسه فحرض مفرجا على أن يخطو خطوة أخرى في سبيل الفتنة على الحاكم في مستهل سنة 403 هـ (يوليو 1012 م) عندما نادى في الرملة بغريم للخليفة في شخص شريف مكة العلوى، ولكن الحاكم كان يعرف أنه من الممكن دائمًا تحريض أفراد هذه الأسرة، وكان قد دبر الأمر بالفعل مع حسان، وكان قد عهد إليه بالسهر على أحفاد جوهر، أن يخونهم ويسلمهم إلى أحد ضباط الخليفة، الذي عمل على قتلهم، وكذلك أفلح في تحريض حسان وأبيه على ترك غريم الخليفة الذي عاد إلى مكة خائب الأمل، في حين هرب المغربي إلى العراق.
وظل بنو الجراح سادة فلسطين سنتين وخمسة أشهر فحسب، وخلال هذه المدة حاول مفرج أن يفوز بالحظوة لدى المسيحيين في بيت المقدس، وربما كان قصده أن ينال الحظوة أيضًا لدى الإمبراطور بأن أصدر أوامره بتجديد كنيسة القيامة، باذلا في ذلك معاونته،
وكانت هذه الكنيسة قد دمرت في وقت مبكر بناء على تعليمات الحاكم.
وفي مستهل سنة 404 هـ (يوليو- أغسطس سنة 1013 م) غير الحاكم أساليبه فقرر أن يعامل بنى الجراح بشدة فأنفذ إليهم جيشًا، واستسلم عليّ ومحمود، وفي ذلك الوقت مات المفرج، وربما مات مسمومًا بأمر من الحاكم؛ أما حسان فقد هرب وأفلح في الحصول على عفو من الخليفة بأن أرسل أمه لترجو ست الملك أخت الخليفة أن تتشفع له، وصفح عنه الخليفة وسمح له بالعودة إلى فلسطين حيث استرد أراضى أبيه، وكف بعدئذ عن إثارة المتاعب إلى أن اختفى الحاكم، بل لقد اشترك في الحملة على حلب التي نظمها علي بن أحمد الضيف، والى أفامية السابق، في نفس الوقت الذي فعل فيه كلبية سنان بن سليمان ذلك - سنة 406 هـ (1015 - 1016 م) على أنه دخل في علاقة أكثر وأوثق مع وريث العرش عبد الرحيم أخي الحاكم ووالى دمشق، الذي أرسل إليه مبعوثًا يطلب منه تعهدًا بأن يؤازره وقت الحاجة" ولكن ست الملك الوصية على العرش عملت على اغتيال عبد الرحيم، وقد تآمر حسان أيضًا مع عليّ الضيف الذي كان تواقًا إلى أن يُبعث إلى فلسطين، وقد قتلته ست الملك هو أيضًا، ونجا حسان بحياته من محاولة لقتله، جرت بناء على أوامرها.
وكان مطمح حسان أن يحكم فلسطين، وحتى في عهد الحاكم كان قد عقد اتفاقًا مع سنان الكلبى وصالح بن مرداس الكلابى، تصبح دمشق بمقتضاه من نصيب الكلبى وحلب من نصيب الكلابى وفلسطين من نصيبه هو نفسه؛ وقد جدد هذا العهد سنة 415 هـ (1024 - 1025 م) ورفض الإمبراطور بازيل أن يمنحهم تأييده، على أنهم تغلبوا على أنشتكين الدُزْبَرى القائد الذي أنفذه الظاهر في عسقلان ودخل حسان الرملة، ودحر حسان مرة أخرى أنشتكين بمعاونة صالح بن مرداس وواصل سلبه ونهبه في الشام، ومات سنان فانضم ابن أخيه إلى مؤيدى قضية الخليفة، ولكن صالحا ظل على مؤازرته لحسان، وفي سنة
420 هـ (1029 م) اشتبكوا في قتال مع أنشتكين في الأقحوانة قرب بحيرة طبرية، ولكن أنشتكين فاز فوزا مبينا، ولقى صالح حتفه وهرب حسان إلى الجبال.
وكان حسان على صلة بالإمبراطورية البوزنطية، شأنه في ذلك شأن أبيه؛ وفي السنة التالية 1030 م كان الإمبراطور رومانس أركيروس يعد العدة لحملة يسيرها على أبناء صالح ابن مرداس الحلبى فعرض عليه حسان أن تؤازر قبيلته الإمبراطور، وقد استقبل الإمبراطور مبعوثيه في أنطاكية بود عظيم وأعطاهم علما لسيدهم (وفي رواية ابن الأثير أنه كان مزينًا بصليب) ووعد بأن يعيد تنصيب الجرّاحى في بلاده مرة أخرى، وانتهت حملة الإمبراطور إلى كارثة؛ وشرع حسان، بمعاونة ثانية من كلبية رافع بن أبي الليل، في حملة على جيش الفاطميين في منطقة حوران ولكنه رد على أعقابه صوب الصحراء، وهنالك لقى في تدمر مبعوثًا من قبل الإمبراطور، أقنعه بالمجئ والاستقرار قرب الأرض البوزنطية، ونتيجة لهذا تحركت جماعة تزيد على 20.000 نسمة بقطعانهم وخيامهم صوب منطقة أنطاكية، ويكاد يكون من المحقق أن ذلك تم سنة 422 هـ (1031 م)، وقد حُمَل حسان بالهدايا من الإمبراطور، واستقبل ابنه علّاف في البلاط.
ونصب بنو طيّ خيامهم في جوار الروج جنوبي شرق أنطاكية؛ وقد هاجمهم أنشتكين الدزبرى مرتين، وأسماء الأماكن التي ذكرت بهذه المناسبة (قسطون، الأرواج؛ إنَب؛ انظر في تحقيق إنب ابن الشحنة: الدر المنتخب، ص 117 و Top. his-: Dusaud torique ص 168 و Guide bleu ص 280) تدل على أنها لم تكن في أرض بوزنطية، وقد أيد حسان البوزنطيين تأييدًا فعالًا، لا بغزوته الناجحة على أفامية فحسب، بل ساعد أيضًا- في رواية المؤرخين البوزنطيين- ثيوكتستوس الدمستق Domesticus of Scholae the في الاستيلاء على حصن منيقة في جبل الرواديف، وكان وقتئذ في يد نصر بن مشرَّف؛ وفي هذه
المناسبة، على حد قول سكيلتزس كدرينوس Scylitzes - Cedrenus أن ابنه علافًا (Allach عند البوزنطيين) قد استقبل في البلاط وجعل شريفًا؛ وقد سمى حسان Pinzaracli (ابن الجراح) أو Apelzarach (كما سماه كيكاو مينوس)، ولكن كدرينوس يخطئ فيخلع عليه لقب أمير طرابلس؛ وفي رواية هؤلاء المؤلفين أنه استقبل مرتين في القسطنطينية؛ ولكن كيكاومينوس يقول إنه لم يكن لديه دائمًا باعث يجعله يرضى عن زياراته.
وعلاوة على هذا فنحن نعرف أنه في زمن المفاوضات التي جرت بين الخليفة والإمبراطور بعد استيلاء البوزنطيين على حصن بيكسرائيل في صيف سنة 423 هـ (1032 م) كان حسان حاضرًا بشخصه في المناقشات التي جرت في القسطنطينية؛ وكان أحد الشروط التي وضعها الإمبراطور لإقرار السلام هو أن الخليفة يجب أن يسمح لحسان بالعودة إلى بلاده وأن يستأنف حيازته للأراضى التي كان يملكها في عهد الحاكم، فيما عدا تلك التي امتلكها منذ مجئ الظاهرء في مقابل وعد بالولاء للخليفة، ولكن الخليفة رفض.
وعندما اتخذ أنشتكين الدزبرى موقفًا غريبًا وطلب من الإمبراطور أن ينفذ حملة على حلب (وهي التي لم يدخلها إلا سنة 429 هـ (1037 - 1038 م) ووعده بأن يتولى أمرها قيلا من أقيال الإمبراطورية نلاحظ أن علاف ابن حسان كان معه (علان في كمال الدين)؛ وفي سنة هـ (1035 - 1036 م) هاجم ابن وثاب النميرى ونصر الدولة المروانى الر (Edessa) وكانت من أملاك البوزنطيين منذ سنة 422 هـ (1031 م) فهب حسان لنجدتها في خمسمائة فارس من اليونانيين والعرب؛ ونجد ذكرًا آخر له سنة 433 هـ (1041 - 1042 م) وذلك في عهد المستنصر إذ توفى الظاهر سنة 427 هـ (يونية سنة 1036 م)؛ وقيل إنه استرد في تلك الآونة فلسطين بعد طرد الدزبرى من دمشق، ولكن والى دمشق الجديد ظل يشن الحرب عليه.
وبعد هذا التاريخ لم نعد نسمع شيئًا عن حسان، ولكنا نصادف بعد ذلك
بزمن طويل اسمى ولدى أخويه حُمَيد بن محمود وحازم بن علي، خلال الاضطرابات التي اضطر بدر الجمالى إلى مواجهتها في دمشق حوالي سنة 458 هـ (1065 - 1066 م) في حاشية ابن أبي الجَن الشريف العلوى الذي حاول الاستيلاء على دمشق، ولا شك أنه ألقى القبض عليهما وحبسا في القاهرة، ذلك أن الأمير ناصر الدولة بن حمدان طلب من الخليفة سنة 459 هـ (1066 - 1067 م) أن يطلق سراحهما من مخزن العَلَم حيث كانا مسجونين.
وأخيرًا نجد في سنة 501 هـ (1107 - 1108 م) ذكرًا لرجل اسمه أبو عمران فضل بن ربيعة بن حازم بن الجراح قادمًا من بغداد ليلتحق بخدمة السلطان السلجوقى؛ وقد أدى سلوكه الريب في الشام (فهو تارة في جانب الفرنجة وتارة في جانب المصريين) بالأتابك تغتكين الدمشقي إلى طرده من الشام؛ وفي بغداد عرض أن يقاتل صدقة الزيدى الحلَى وأن يسد عليه طريق الصحراء؛ ثم ذهب إلى الأنبار ولم نعد نسمع عنه شيئًا.
ويبدو أن هذا هو كل ما نعرف عن أفراد هذه الأسرة المشاغبة الذين لم تخل سيرتهم من شأن بوصفهم بيادق على لوحة الشطرنج الخاصة بالشام في القرنين الرابع والخامس الهجريين (القرنين العاشر والحادى عشر الميلاديين)، وهم الذين هاجمهم الفاطميون على التعاقب وخطبوا ودهم، وهم الذين أفلح البيزنطيون في استخدامهم، ولكن يبدو أنهم خلقوا لأنفسهم مبدأ يقوم على النفاق والخيانة والنهب، وذلك ابتغاء خير ما يعود عليهم من مصلحة خاصة.
المصادر:
(1)
يحيى بن سعيد الأنطاكى، P.O. جـ 23، ص 411 - 2، 476، 501 - 2، 4 - 520 (طبعة شيخو، ص 207، 215، 226 - 227، 244 - 246، 253 - 256، 261 - 262 (266 ورقة).
(2)
مسكويه في Eclipse، جـ 2، ص 385، 402 - 403.
(3)
أبو شجاع Eclipse في جـ 3، ص 185، 226 - 227، 233 - 235، 238 - 239.
(4)
ابن القلانسى: ص 3، 19، 22، 24 - 25، 29، 30، 46 - 49، 62 - 64، 72 - 73، 93.
(5)
سبط ابن الجوزي في ابن القلانسى ص 2، 96 - 97.
(6)
ابن الأثير، جـ 8، ص 469؛ جـ 9، ص 5، 48، 86 - 87، 145، 233 - 234؛ جـ 10، ص 308 (طبعة القاهرة) سنة 1303 هـ، ، جـ 8، ص 211، 219، 232؛ جـ 9، ص 19، 24، 41 - 42، 71، 78 وما بعدها، 114، 128، 132، 145، 155، 173؛ جـ 10، ص 20، 155.
(7)
كمال الدين، طبعة الدهان جـ 1، ص 215، 223، 228، 231، 250 - 1.
(8)
ابن ميسر، ص 48 - 49.
(9)
الذهبي في ابن القلانسى، ص 64.
(10)
ابن تغرى بردى، القاهرة، جـ 4، ص 248، 252، 253، 266.
(11)
ابن خلكان، طبعة بولاق، جـ 1، ص 196 انظر ياقوت: الإرشاد، جـ 10، ص 80 - 81).
(12)
ابن خلدون Berberes الترجمة، جـ 1 ص 16، 43.
(13)
Expose de la re-: S. de Sacy ligion des Druzes، جـ 1، ص 287، 350 - 353.
(14)
Gesch der Fat.-: Wuestenfeld Chahfen ص 122، 140، 141 - 142، 150، 167، 193 - 194، 221، 223، 224 - 225، 229.
(15)
الكاتب نفسه Die Chronien der Mekka، جـ 4، ص 218.
(16)
Gesch. der: Tiesenhausen c، Oqailiden-Dynastie ص 26.
(17)
Basil Bul-: V.R. Rosen garoctonos (بالروسية) ص 149، 150، 157، 159، 160، 162، 321، 252، 355 - 357، 369، 376، 377، 379، 382 - 383.
(18)
Epopee byz-: G. Sschlumberger antine ، جـ 3، ص 90 - 92، 128، 130، 196.
(19)
Ostgrenze: Honigmann، ص 109 - 110، 114 - 115، 137 - 138.