المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌رسائل الإصلاح (1) سيدي الأستاذ الجليل محرر مجلة الهداية الإسلامية الغراء! - موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين - ٥/ ١

[محمد الخضر حسين]

فهرس الكتاب

- ‌(8)«رسَائِلُ الإِصْلاحِ»

- ‌المقدمة

- ‌مقدّمَة الإمام محمّد الخضر حسين

- ‌المروءة ومظاهرها الصّادقة

- ‌الإلحاد أسبابه، طبائعه، مفاسده، أسباب ظهوره، علاجه

- ‌في مفاسد البغاء

- ‌كلمة في المسكرات

- ‌الشجاعة

- ‌المساواة في الإسلام

- ‌عِظَمُ الهمّة

- ‌الإسلام والمدنية الحديثة

- ‌صدق اللهجة

- ‌فضيلة الإخلاص

- ‌الأمانة في العلم

- ‌القضاء العادل في الإسلام

- ‌الإنصاف الأدبي

- ‌العلماء والإصلاح

- ‌المدنيَّة الفاضلة في الإسلام

- ‌أصول سعادة الأمة

- ‌صدق العزيمة أو قوة الإرادة

- ‌الغيرة على الحقائق والمصالح

- ‌الشجاعة وأثرها في عظمة الأمم

- ‌كبر الهمّة في العلم

- ‌الدهاء والاستقامة

- ‌الانحراف عن الدين علله، آثاره، دواؤه

- ‌ضلالة فصل الدّين عن السّياسة

- ‌سماحة الإِسلام في معاملة غير المسلمين

- ‌العزّة والتواضع

- ‌المداراة والمداهنة

- ‌الرفق بالحيوان

- ‌محاكاة المسلمين للأجانب

- ‌الاجتماع والعزلة

- ‌علّة إعراض الشبّان عن الزواج

- ‌النبوغ في العلوم والفنون

- ‌متى تكون الصّراحة فضيلة

- ‌رسائل الإصلاح

- ‌المكتبة العربية: رسائل الإصلاح

الفصل: ‌ ‌رسائل الإصلاح (1) سيدي الأستاذ الجليل محرر مجلة الهداية الإسلامية الغراء!

‌رسائل الإصلاح

(1)

سيدي الأستاذ الجليل محرر مجلة الهداية الإسلامية الغراء! سلام الله عليك، ويعد: فتلك كلمة أملاها عليّ الحق، ويعثت بها إلى إحدى المجلات، فنشرتها مبتورة، فأرجو باسم حرية الرأي أن تتفضل بنشرها كاملة بمجلتكم، ولكم خالص الشكر.

أحمد الشرباصي (2)

تفضل الأستاذ الجليل الشيخ محمد الخضر حسين المدرس بكلية أصول الدين، وعضو مجمع اللغة العربية، ورئيس جمعية "الهداية الإسلامية"، فأهداني كتابه الجديد "رسائل الإصلاح"، فرأيت واجباً عليّ أن كتب عنه كلمة أعرف فيها القرّاء به، فهو من أمهات الكتب الإسلامية الحديثة التي يجب على كل مسلم يريد أن يصحح عقيدته، وأن يعرف دينه على حقيقته، أن يقرأها مثنى وثلاث.

والشيخ محمد الخضر حسين رجل أهمُّ ما يتصف به الهدوء والاتزان

(1) مجلة "لهداية الإسلامية" - الجزآن الخامس والسادس من المجلد الخامس عشر الصادران في ذي القعدة وذي الحجة 1361 هـ.

(2)

من كبار علماء الأزهر.

ص: 282

والعمق، فهو يفكر طويلاً، ويستقصي في بحثه، ويستوعب، ويدير الفكرة في ذهنه أياماً، ويأخذ لها زادها من إحساسه ومعارفه، ومطالعاته واستنتاجاته، ثم إذا جلس ليكتب، كتب في هدوء وأناة، يزن لفظه قبل أن يخطه، ويتدبر عبارته قبل أن يصوغها، فإذا ما جئت بعد ذلك لتقرأ ما كتب، أعجبك أن ترى عقلاً واسعاً نيّراً، وتفكيراً عميقاً سليماً، ونظرة بعيدة صحيحة، وأسلوباً رزيناً محكماً.

ولعل بعض القراء الذين لا ينسون التاريخ، يذكرون للشيخ الخضر حسين أنه نصب نفسه في أحيان كثيرة مدافعًا عن الدين الإسلامي، مجاهداً أولئك الذين حاولوا في خبث ودهاء أن يقوضوا دعائم الشريعة المحمدية، والله يتم نوره ولو كره الكافرون، فلم يتخذ طريقة السب والشتم والمناداة بالويل والثبور، والإسراف في الغضب والثورة وسيلة إلى أداء واجبه نحو ربّه ونبيه.

بل تناول قلمه الرزين العفيف المحكم الذي خط به كتابه "القياس في اللغة العربية"، ذلك الكتاب الذي يعد آية بينة على الدراسة اللغوية الصحيحة الأصول، المسددة الخطا، الطيبة الثمرات، فكتب بهذا القلم ردوده ودفاعه عن الإسلام، وأظهر تلك الردود في كتب كثيرة شرقت وغربت، وكان من جميل عمله، ونبيل خلقه: أنه في مجادلته أو نقده يورد عبارة المنقود بنصها، ثم يكر عليها بالهدم والتفنيد، دون أن يستعمل كلمة نابية، أو تصدر عنه عبارة جافية.

بل يذكر القرّاء أن الأستاذ الكبير الشيخ محمود شلتوت وكيل كلية الشريعة الإسلامية كتب في بعض أعداد مجلة "الرسالة" مقالاً عنوانه: "الهجرة وشخصيات الرسول" ذهب فيه مذاهب هاجت عليه المسلمين في مصر وبعض

ص: 283

الأقطار العربية، ورأى الأستاذ الخضر أن في هذا المقال من الآراء ما هو خطأ محض، ولا يصح السكوت عليه. أفتدري ماذا فعل؟ لم يثر، ولم يغضب، ولم يرد على مقالة الأستاذ شلتوت بمقال مثله في عجلة وتسرع؛ بل أقبل على موضوع المقال، فدرسه دراسة العالم الخبير، وجمعَ الدلائل والشواهد على ما فيه من أخطاء، ثم جلس إلى مكتبه الهادئ العامر بمكتبته العظيمة في دار جمعيته، وكتب كتابه القيم "نقد مقالة الهجرة وشخصيات الرسول"، وطبعه فيما يزيد على تسعين صفحة، فعلى الذين قرؤوا مقالة الشيخ شلتوت، أو سمعوا بها: أن يحرصوا على قراءة هذا الكتاب الذي يعد مثلاً على الإنصاف في النقد، والعفة في المجادلة، والحكمة في الدعوة، حتى يتبين لهم الحق بعد أن يسمعوا كلام الفريقين.

ونعود بعد هذا الإيضاح إلى "رسائل الإصلاح"، فنقول: إنه مجموعة من المقالات الممتعة التي كان يزين بها الأستاذ الخضر جيد مجلته "الهداية الإسلامية"، والجزء الأول من الكتاب يتحدث عن مسائل الأخلاق والاجتماع، فتقرأ فيه القول الفصل، والكلام الجزل، والحديث المؤيد بكتاب الله وسنّة رسوله، وأقوال السلف الصالح، وتراه يتناول أبحاثًا لها أهميتها، فيجيد في الدراسة والعرض، والاستتتاج والحكم؛ مثل حديثه عن: العلماء والإصلاح، والإنصاف الأدبي، والدهاء والاستقامة، والرفق بالحيوان، والتعاون في الإسلام، والنبوغ في العلوم والفنون، وغير ذلك.

وقد صدر هذا الجزء في (240 صفحة) من الحجم الكبير، والجزء الثاني من الكتاب تابع للأول في أبحاثه وموضوعاته، ولكنه لم يظهر (1) لأسباب ليس

(1) طبع الكتاب فيما بعد.

ص: 284

هنا مجال الحديث هنا، بل صدر الجزء الثالث، وهو يتحدث عن مسائل علم الأصول؛ كالقياس، والاستصحاب، ومراعاة العرف، وسد الذرائع، والمصالح المرسلة، والسنّة والبدعة، وغير ذلك، وهذا الجزء يهم الذين يشتغلون بدراسة علم الأصول في كليتي أصول الدين والشريعة؛ لأن مؤلفه استطاع فيه أن يعرض مسائل هذا العلم مصفاة مجلوة، تأخذ طريقها إلى العقل والذاكرة في سهولة ويسر.

وسيرى المطالع لكتاب "رسائل الإصلاح" أنه ثمرة لجهاد علمي طويل، بذل فيه صاحبه ما بذل من وقته وجهده وتفكيره، وأنت حينما ترى الأستاذ الخضر حسين، أو تجلس إليه، تعجب لهذه الشخصية النبيلة التي تفيض خلقًا وأدبًا، وتطيل الصمت والسكوت، ولا تتكلم إلا بقدر، ولا تنطق إلا بحياء، وقد تقول: كيف استطاع ذلك الشيخ الكبير أن يصبر لمتاعب التفكير والتأليف والكتابة والطباعة؟ ولكنك لو علمت أن في هذه الأثواب الرهيبة أسداً إسلامياً طالما ضحّى وجاهد، وطالما دعا إلى الله، وعمل لثه، ولو علمت ما يجب أن تعلمه من تاريخ الخضر حسين، لأدركت أن وراء هذا الهدوء ثورة، وأن هذا الشخص يحكمه عقل جبّار، وتزينه روح مؤمنة لا تعرف هوادة ولا لينًا، ولا راحة في سبيل العمل للعلم والدين.

ص: 285