المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النوع الثاني والستون: معرفة من خلط في آخر عمره من الثقات - التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح

[العراقي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌النوع إلاول من أنواع علوم الحديث: معرفة الصحيح من الحديث

- ‌النوع الثاني: معرفة الحسن من الحديث

- ‌النوع الثالث: معرفة الضعيف من الحديث

- ‌النوع الرابع: معرفة المسند

- ‌النوع الخامس: معرفة المتصل

- ‌النوع السادس: معرفة المرفوع

- ‌النوع السابع: معرفة الموقوف

- ‌النوع الثامن: معرفة المقطوع

- ‌النوع التاسع: معرفة المرسل

- ‌النوع العاشر: معرفة المنقطع

- ‌النوع الحادي عشر: معرفة المعضل

- ‌النوع الثاني عشر: معرفة التدليس وحكم المدلس

- ‌النوع الثالث عشر: معرفة الشاذ

- ‌النوع الرابع عشر: معرفة المنكر من الحديث

- ‌النوع الخامس عشر: معرفة إلاعتبار والمتابعات والشواهد

- ‌النوع السادس عشر: معرفة زيادات الثقات وحكمها

- ‌النوع السابع عشر: معرفة إلافراد

- ‌النوع الثامن عشر: معرفة الحديث المعلل

- ‌النوع التاسع عشر: معرفة المضطرب من الحديث

- ‌النوع العشرون: معرفة المدرج في الحديث

- ‌النوع الحادي والعشرون: معرفة الموضوع

- ‌النوع الثاني والعشرون: معرفة المقلوب

- ‌النوع الثالث والعشرون: معرفة صفة من تقبل روايته ومن ترد روايته وما يتعلق بذلك

- ‌النوع الرابع والعشرون: معرفة كيفية سماع الحديث وتحمله وصفة ضبطه

- ‌النوع الخامس والعشرون: في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده

- ‌النوع السادس والعشرون: في صفة رواية الحديث وشرط أدائه وما يتعلق بذلك

- ‌النوع السابع والعشرون: معرفة آداب المحدث

- ‌النوع الثامن والعشرون- معرفة آداب طالب الحديث

- ‌النوع التاسع والعشرون: معرفة الإسناد العالي والنازل

- ‌النوع الموفي ثلاثين معرفة المشهور من الحديث

- ‌النوع الحادي والثلاثون. معرفة الغريب والعزيز من الحديث

- ‌النوع الثاني والثلاثين: معرفة غريب الحديث

- ‌النوع الثالث والثلاثون: معرفة المسلسل من الحديث

- ‌النوع الرابع والثلاثون- معرفة ناسخ الحديث ومنسوخه

- ‌النوع الخامس والثلاثون- معرفة المصحف من أسانيد الأحاديث ومتونها

- ‌النوع السادس والثلاثون: معرفة مختلف الحديث

- ‌النوع السابع والثلاثون: معرفة المزيد في متصل الأسانيد

- ‌النوع الثامن والثلاثون: معرفة المراسيل الخفي إرسالها

- ‌النوع التاسع والثلاثون: معرفة الصحابة رضي الله عنهم أجمعين

- ‌النوع الموفي أربعين: معرفة التابعين

- ‌النوع الحادي والأربعون- معرفة الأكابر الرواة عن الأصاغر

- ‌النوع الثاني والأربعون- معرفة المدبج

- ‌النوع الثالث والأربعون: معرفة الإخوة والأخوات من العلماء والرواة

- ‌النوع الرابع والأربعون- معرفة رواية الآباء عن لأبناء

- ‌النوع الخامس والأربعون- معرفة رواية الأبناء عن الآباء

- ‌النوع السادس والأربعون: معرفة من اشترك في الرواية عنه راويان متقدم ومتأخر تباين وقت وفاتيهما تباينا شديدا

- ‌النوع السابع وإلاربعون: معرفة من لم يرو عنه إلا راو واحد من الصحابة والتابعين فمن بعدهم رضي الله عنهم

- ‌النوع الثامن وإلاربعون: معرفة من ذكر بأسماء مختلفة أو نعوت متعددة فظن من لا خبرة له بها أن تلك إلاسماء أو النعوت لجماعة متفرقين

- ‌النوع التاسع وإلاربعون: معرفة المفردات الاحاد من أسماء الصحابة ورواة الحديث والعلماء وألقابهم وكناهم

- ‌النوع الموفي خمسين: معرفة إلاسماء والكنى

- ‌النوع الحادي والخمسون: معرفة كني المعروفين بإلاسماء دون الكنى

- ‌النوع الثاني والخمسون- معرفة ألقاب المحدثين

- ‌النوع الثالث والخمسون: معرفة المؤتلف والمختلف من إلاسماء وإلانساب وما يلتحق بها

- ‌النوع الرابع والخمسون: معرفة المتفق والمفترق من الأسماء والأنساب ونحوهما

- ‌النوع الخامس والخمسون: نوع يتركب من النوعين اللذين قبله

- ‌النوع السادس والخمسون: معرفة الرواة المتشابهين في الاسم والنسب المتمايزين بالتقديم والتأخير في الابن والأب

- ‌النوع السابع والخمسون: معرفة المنسوبين إلى غير آبائهم

- ‌النوع الثامن والخمسون: معرفة النسب

- ‌النوع التاسع والخمسون. معرفة المبهمات

- ‌النوع الموفي ستين: معرفة تواريخ الرواة

- ‌النوع الحادي والستون: معرفة الثقات واضعفاء من رواة الحديث

- ‌النوع الثاني والستون: معرفة من خلط في آخر عمره من الثقات

- ‌النوع الثالث والستون - معرفة طبقات الرواة والعلماء

- ‌النوع الرابع والستون - معرفة الموالي من الرواة والعلماء

- ‌النوع الخامس والستون - معرفة أوطان الرواة وبلدانهم

الفصل: ‌النوع الثاني والستون: معرفة من خلط في آخر عمره من الثقات

‌النوع الثاني والستون: معرفة من خلط في آخر عمره من الثقات

.

هذا فن عزيز مهم لم أعلم أحدا أفرده بالتصنيف واعتنى به مع كونه حقيقا بذلك جدا. وهم منقسمون:

فمنهم من خلط لاختلاطه وخرفه ومنهم من خلط لذهاب بصره أو لغير ذلك.

والحكم فيهم: أنه يقبل حديث من أخذ عنهم قبل الاختلاط ولا يقبل حديث من أخذ عنه بعد الاختلاط أو أشكل أمره فلم يدر هل أخذ عنه قبل الاختلاط أو بعده.

فمنهم عطاء بن السائب اختلط في آخر عمره فاحتج أهل العلم برواية الأكابر عنه مثل سفيان الثوري وشعبة لأن سماعهم منه كان في الصحة وتركوا الاحتجاج

النوع الثانى والستون: معرفة من خلط من آخر عمره من الثقات.

ذكر المصنف رحمه الله في هذا النوع ستة عشر ترجمة ممن ذكر اختلاطهم وذكر في بعضهم بعض من سمع منه في صحته وفي بعضهم بعض من سمع منه في اختلاطه وذكر في آخر النوع أن ما كان من هذا النوع محتجا بروايته في الصحيحين أو أحدهما فإنا نعرف على الجملة أن ذلك مما تميز وكان مأخوذا عنه قبل الاختلاط فرأيت أن أذكر ما عرف في تلك التراجم ممن سمع منهم قبل الاختلاط أو بعده وأذكر من روايته عن المذكورين في الصحيح حتى يعرف أن ذلك مأخوذ عنه قبل الاختلاط كما ذكره المصنف وذلك من تحسين الظن بهما لتلقى الأمة لهما بالقبول كما قبل فيما وقع في كتابيهما أو أحدهما من حديث المدلسين بالعنعنة والله أعلم.

"قوله" فمنهم عطاء بن السائب اختلط في آخر عمره فاحتج أهل العلم برواية الأكابر عنه مثل سفيان وشعبة إلى آخر كلامه وقد يفهم من كلامه في تمثيله بسفيان وشعبة من

ص: 442

برواية من سمع منه آخرا، وقال يحيى بن سعيد القطان في شعبة: إلا حديثين كان شعبة يقول: سمعتهما بالآخرة عن زاذان.

الأكابر أن غيرهما من الأكابر سمع منه في الصحة وقد قال يحيى بن معين جميع من روى عن عطاء روى عنه في الاختلاط إلا شعبة وسفيان وقال أحمد بن حنبل سمع منه قديما شعبة وسفيان.

وقال أبو حاتم الرازي قديم السماع من عطاء سفيان وشعبة وقد استثنى غير واحد من الأئمة مع شعبة وسفيان حماد بن زيد قال يحيى بن سعيد القطان سمع حماد بن زيد من عطاء بن السائب قبل أن يتغير وقال النسائي رواية حماد بن زيد وشعبة وسفيان عنه جيدة انتهى.

وقال في موضع آخر حديثه عنه صحيح وصحح أيضا حديثه عنه أبو داود والطحاوي كما سيأتي ونقل الحافظ أبو عبد الله محمد بن أبى بكر بن خلف بن المواق في كتاب بغية النقاد الاتفاق على أن حماد بن زيد إنما سمع منه قديما.

واستثنى الجمهور أيضا رواية حماد بن سلمة عنه أيضا فممن قاله يحيى بن معين وأبو داود والطحاوي وحمزة الكتاني فروى ابن عدى في الكامل عن عبد الله ابن الدورقي عن يحيى بن معين قال حديث سفيان وشعبة وحماد بن سلمة عن عطاء ابن السائب مستقيم وهكذا روى عباس الدوري عن يحيى بن معين وكذلك ذكر أبو بكر بن أبى خيثمة عن ابن معين فصحح رواية حماد بن سلمة عن عطاء وسيأتي نقل كلام أبى داود في ذلك.

وقال الطحاوي وإنما حديث عطاء الذي كان منه قبل تغيره يؤخذ من أربعة لا من سواهم وهم شعبة وسفيان الثوري وحماد بن سلمة وحماد بن زيد وقال حمزة بن محمد الكتاني في أماليه حماد بن سلمة قديم السماع من عطاء بن السائب نعم قال عبد الحق في الأحكام أن حماد بن سلمة من سمع منه بعد الاختلاط حسبما قاله العقيلي في قوله إنما ينبغي أن يقبل من حديثه ما روى عنه مثل شعبة وسفيان فأما جرير وخالد بن عبد الله وابن علية وعلى بن عاصم وحماد بن سلمة وبالجملة أهل البصرة فأحاديثهم عنه مما سمع منه بعد الاختلاط لأنه إنما قدم عليهم في آخر عمره انتهى وقد تعقب الحافظ

ص: 443

...........................................................................

أبو عبد الله محمد بن أبى بكر بن المواق كلام عبد الحق هذا بأن قال لا يعلم من قاله غير العقيلي والمعروف عن غيره خلاف ذلك.

قال وقوله لأنه إنما قدم عليهم في آخر عمره غلط بل قدم عليهم مرتين فمن سمع منه في القدمة الأولى صح حديثه عنه قال وقد نص على ذلك أبو داود فذكر كلامه الآتي نقله آنفا.

واستثنى أبو داود أيضا هشاما الدستوائي فقال وقال أحمد قدم عطاء البصرة قدمتين فالقدمة الأولى سماعهم صحيح سمع منه في المقدمة الأولى حماد بن سلمة وحماد بن زيد وهشام الدستوائي والقدمة الثانية كان تغير فيها سمع منه وهيب وإسماعيل يعنى بن علية وعبد الوارث سماعهم منه فيه ضعف قلت وينبغي استثناء سفيان بن عيينة أيضا فقد روى الحميدي عنه قال كنت سمعت من عطاء بن السائب قديما ثم قدم علينا قدمته فسمعته يحدث ببعض ما كنت سمعت فخلط فيه فاتقيته واعتزلته انتهى.

فأخبر ابن عيينة أنه اتقاه بعد اختلاطه واعتزله فينبغي أن تكون روايته عنه صحيحة والله أعلم.

وأما من سمع منه في الحالين فقال يحيى بن معين فيما رواه عباس الدوري عنه سمع أبو عوانة من عطاء في الصحة وفي الاختلاط جميعا ولا يحتج بحديثه وأما من صرحوا بأن سماعه منه بعد الاختلاط فجرير بن عبد الحميد وإسماعيل بن علية وخالد بن عبد الله الوسطي وعلى بن عاصم قاله أحمد بن حنبل والعقيلي كما تقدم وكذلك وهيب بن خالد كما تقدم نقله عن أبى داود وكذلك ما روى عنه محمد بن فضيل بن غزوان قال أبو حاتم فيه غلط واضطراب وقال العجلي ممن سمع منه بآخرة هشيم وخالد بن عبد الله الوسطي قلت وقد روى البخاري حديثا من رواية هشيم عن عطاء بن السائب وليس له عند البخاري غيره إلا أنه قرنه فيه بأبي بشر جعفر بن إياس رواه عن عمرو الناقد عن هشيم عن أبى بشر وعطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال الكوثر الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه.

وممن ذكر أنه سمع منه بآخرة البصريون كجعفر بن سليمان الضبعى وروح بن القاسم وعبد العزيز بن عبد الصمد العمى وعبد الوارث بن سعيد قال أبو حاتم الرازى وفي

ص: 444

أبو إسحاق السبيعي اختلط أيضا ويقال: إن سماع سفيان بن عيينة منه بعد ما اختلط ذكر ذلك أبو يعلى الخليلي.

حديث البصريين الذين يحدثون عنه تخاليط كثيرة لأنه قدم عليهم في آخر عمره وهذا يوافق ما قاله العقيلي إلا أن أبا حاتم لم يقل أن أحاديث أهل البصرة عنه مما سمع بعد الاختلاط كما قال العقيلي بل ذكر أن في حديثهم عنه تخليطا وهو كذلك وقد صرح أبو داود بأنه قدمها مرتين والتخليط إنما كان في الثانية والله أعلم.

قوله أبو إسحاق السبيعي اختلط أيضا ويقال أن سماع سفيان بن عيينة منه بعد ما اختلط ذكر ذلك أبو يعلى الخليلي انتهى.

وفيه أمور أحدها أن صاحب الميزان أنكر اختلاطه فقال شاخ ونسى ولم يختلط قال وقد سمع منه سفيان بن عيينة وقد تغير قليلا.

الأمر الثاني أن المصنف ذكر كون سماع بن عيينة منه بعد ما اختلط بصيغة التمريض وهو حسن فإن بعض أهل العلم أخذ ذلك من كلام لابن عيينة ليس صريحا في ذلك قال يعقوب الفسوي قال ابن عيينة ثنا أبو إسحاق في المسجد ليس معنا ثالث قال الفسوي فقال بعض أهل العلم كان قد اختلط وإنما تركوه مع ابن عيينة لاختلاطه انتهى.

الأمر الثالث أن المصنف لم يذكر أحدا قيل عنه أن سماعه منه بعد الاختلاط إلا ابن عيينة وقد ذكر ذلك عن إسرائيل بن يونس وزكريا بن أبى زائدة وزهير بن معاوية وكذلك تكلم في رواية زائدة بن قدامة عنه أما إسرائيل فقال صالح بن أحمد ابن حنبل عن أبيه إسرائيل عن أبى إسحاق فيه لين سمع منه بآخرة وقال محمد بن موسى بن مشيش سئل أحمد بن حنبل أيما أحب إليك شريك أو إسرائيل فقال إسرائيل هو أصح حديثا من شريك إلا في أبى إسحاق فإن شريكا اضبط عن أبى إسحق قال وما روى يحيى عن إسرائيل شيئا فقيل لم فقال لا أدري أخبرك إلا أنهم يقولون من قبل أبى إسحق لأنه خلط وروى عياش الدوري عن يحيى بن معين قال زكريا وزهير وإسرائيل حديثهم في أبى إسحق قريب من السواء إنما أصحاب أبى إسحق سفيان وشعبة قلت قد خالفهما في ذلك عبد الرحمن بن مهدي وأبو حاتم فقال ابن مهدي إسرائيل في أبى إسحق أثبت من شعبة والثوري وروى عبد الرحمن بن مهدي عن عيسى بن

ص: 445

......................................................................

يونس قال قال لي إسرائيل كنت أحفظ حديث أبى إسحاق كما أحفظ السورة من القرآن وقال أبو حاتم الرازى إسرائيل من أتقن أصحاب أبى إسحق وروايته عن جده في الصحيحين وأما زكريا بن أبى زائدة فقال صالح بن أحمد بن حنبل عن أبيه إذا اختلف زكريا وإسرائيل فإن زكريا أحب إلى في أبى إسحق من إسرائيل.

ثم قال ما أقربهما وحديثهما عن أبى إسحق لين سمعا منه بآخرة وقال أحمد بن عبد الله العجلى كان ثقة إلا أن سماعه عن أبى إسحق بآخرة بعد ما كبر أبو إسحق قال وروايته ورواية زهير بن معاوية وإسرائيل بن يونس قريب من السواء.

وتقدم قول يحيى بن معين أيضا أن حديث الثلاثة عن أبى إسحق قريب من السواء وروايته عنه في الصحيحين وأما زهير بن معاوية فقال صالح بن أحمد بن حنبل عن أبيه في حديثه عن أبى إسحق لين سمع منه بآخرة وقال أبو زرعة ثقة إلا أنه سمع من أبى إسحق بعد الاختلاط وقال أبو حاتم زهير أحب إلينا من إسرائيل في كل شئ إلا في حديث أبى إسحق وقال أيضا زهير ثقة متقن صاحب سنة تأخر سماعه من أبى إسحق وتقدم أيضا قول يحيى بن معين زكريا وزهير وإسرائيل حديثهم في أبى إسحق قريب من السواء وقال الترمذى زهير في إسحق ليس بذاك لأن سماعه منه بآخرة وروايته عنه في الصحيحين وأما زائدة بن قدامة فروى أحمد بن حنبل بن الحسن الترمذى عن أحمد بن حنبل قال إذا سمعت الحديث عن زائدة وزهير فلا تبال أن لا تسمعه من غيرهما إلا حديث أبى إسحق وروايته عنه في سنن أبى داود فقط.

الأمر الرابع أنه قد أخرج الشيخان في الصحيحين لجماعة من روايتهم عن إبى إسحق وهم إسرائيل بن يونس بن أبى إسحاق وزكريا ابن أبي زائدة وزهير بن معاوية وسفيان الثورى وأبو الأحوص سلام بن سليم وشعبة وعمر بن أبى زائدة ويوسف بن إبى إسحاق وأخرج البخاري من رواية جرير بن حازم عنه وأخرج مسلم من رواية إسماعيل بن أبى خالد ورقبة بن مصقلة وسليمان بن مهران الأعمش وسليمان بن معاذ وعمار ابن رزيق ومالك بن مغول ومسعر بن كدام عنه وقد تقدم أن إسرائيل وزكريا وزهير سمعوا منه بآخره والله أعلم

ص: 446

سعيد بن إياس الجريري اختلط وتغير حفظه قبل موته. قال أبو الوليد الباجي المالكي: قال النسائي: أنكر أيام الطاعون وهو أثبت عندنا من خالد الحذاء ما سمع منه قبل أيام الطاعون.

"قوله" سعيد بن إياس الجريري اختلط وتغير حفظه قبل موته قال أبو الوليد الباجي المالكي قال النسائي أنكر أيام الطاعون وهو أثبت عندنا من خالد الحذاء ما سمع منه قبل أيام الطاعون انتهى.

وفيه أمور أحدها أن نقل المصنف لكلام النسائي بواسطة أبى الوليد الباجي لأن الظاهر أنه إنما رآه في كلام الباجي عنه وهو تحرز حسن ولكن هذا موجود في كلام النسائي ذكره في كتاب التعديل والجرح رواية أبى بكر محمد بن معاوية بن الأحمر عنه قال فيه ثقة أنكر أيام الطاعون وكذا ذكره غير النسائي قال يحيى بن سعيد عن كهمس أنكرنا الجريري أيام الطاعون وقال أبو حاتم الرازي تغير حفظه قبل موته فمن كتب عنه قديما فهو صالح وقال ابن حبان كان قد اختلط قبل أن يموت بثلاث سنين مات سنة أربع وأربعين ومائة.

الأمر الثاني أن الذين عرف أنهم سمعوا منه قبل الاختلاط إسماعيل بن علية هو أرواهم عنه والحمادان والسفيانان وشعبة وعبد الوارث بن سعيد وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ومعمر ووهيب بن خالد ويزيد بن زريع وذلك لأن هؤلاء الأحد عشر سمعوا من أيوب السختياني وقد قال أبو داود فيما رواه عنه أبو عبيد الآجري كل من أدرك أيوب فسماعه من الجريري جيد.

الأمر الثالث في بيان من ذكر أن سماعه منه بعد التغير وهم إسحق الأزرق وعيسى بن يونس ومحمد بن عدى ويحيى بن سعيد القطان ويزيد بن هارون أما إسحق الأزرق فقال يزيد بن هارون سمع منه إسحق الأزرق بعدنا وسيأتي أن يزيد إذا سمع منه في سنة اثنتين وأربعين ومائة وليست روايته عنه في شيء من الكتب الستة.

وأما عيسى بن يونس فقال يحيى بن معين قال يحيى بن سعيد لعيسى بن يونس أسمعت من الجريري قال نعم قال لا ترو عنه قال المزي في التهذيب قال غيره لعله سمع منه بعد اختلاطه وروايته عنه في سنن أبى داود وفي اليوم والليلة والنسائي وأما محمد بن عدى

ص: 447

سعيد بن أبي عروبة قال يحيى بن معين: خلط سعيد بن أبي عروبة بعد هزيمة إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن حسن سنة اثنتين وأربعين يعني ومائة. فمن سمع منه بعد ذلك فليس بشيء.

فقال يحيى بن معين عن محمد بن عدى لا نكذب الله سمعنا من الجريري وهو مختلط وليست روايته عنه في شيء من الكتب الستة وأما يحيى بن سعيد فقال ابن حبان قد رآه يحيى القطان وهو مختلط ولم يكن اختلاطه فاحشا وقال عباس الدوري عن ابن معين قال سمع يحيى بن سعيد من الجريري وكان لا يروى عنه قال صاحب الميزان لأنه أدركه في آخر عمره وأما يزيد بن هارون فقال محمد بن سعيد عن يزيد بن هارون سمعت من الجريري سنة اثنين وأربعين ومائة وهى أول سنة دخلت البصرة ولم ينكر منه شيئا وكان قيل لنا أنه قد اختلط وقال أحمد بن حنبل عن يزيد بن هارون ربما ابتذ الجريري وكان قد أنكر وروايته عنه عند مسلم وقد يجاب عنه بأن يزيد بن هارون أنكر اختلاطه حين سمع منه.

الأمر الرابع في بيان من أخرج له الشيخان أو أحدهما من روايته عن الجريري فروى الشيخان من رواية بشر بن المفضل وخالد بن عبد الله الطحان وعبد الأعلى بن عبد الأعلى وعبد الوارث بن سعيد عنه وروى مسلم له من رواية إسماعيل بن علية وجعفر بن سليمان الضبعي وحماد بن أسامة وحماد بن سلمة وسالم بن نوح وسفيان الثوري وسليمان بن المغيرة وشعبة وعبد الله بن المبارك وعبد الواحد بن زياد وعبد الوهاب الثقفي ووهيب بن خالد ويزيد بن زريع ويزيد بن هارون.

قوله سعيد بن أبى عروبة قال يحيى بن معين خلط سعيد بن أبى عروبة بعد هزيمة إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن حسن سنة اثنتين وأربعين يعنى ومائة ومن سمع منه بعد ذلك فليس بشيء إلى آخر كلامه.

وفيه أمور أحدها: أن ما اقتصر عليه المصنف حكاية عن يحيى بن معين من أن هزيمة إبراهيم سنة اثنتين وأربعين ليس بجيد فإن المعروف في التواريخ إن خروجه وهزيمته معا كانا في سنة خمس وأربعين ومائة وأنه احتز رأسه في يوم الاثنين لخمس ليال بقين من ذي القعدة منها وكذا ذكر دحيم اختلاط ابن أبي عروبة

ص: 448

ويزيد بن هارون صحيح السماع منه سمع منه بواسط وهو يريد الكوفة. وأثبت الناس سماعا منه عبدة بن سليمان.

قلت: وممن عرف أنه سمع منه بعد اختلاطه وكيع والمعافى بن عمران الموصلي. بلغنا عن ابن عمار الموصلي أحد الحفاظ أنه قال: ليست روايتهما عنه بشيء إنما سماعهما بعدما اختلط.

وقد روينا عن يحيى بن معين أنه قال لوكيع: تحدث عن سعيد بن أبي عروبة وإنما سمعت منه في الاختلاط فقال: رأيتني حدثت عنه إلا بحديث مستو.

وخروج إبراهيم على الصواب فقال اختلط ابن أبى عروبة مخرج إبراهيم سنة خمس وأربعين ومائة.

وكذا قال ابن حبان اختلط سنة خمس وأربعين ومائة وبقى خمس سنين في اختلاطه مات سنة خمسين ومائة هكذا قال ابن حبان أنه توفي سنة خمسين ومائة والمشهور أن وفاته سنة ست وخمسين هكذا قال عمرو بن الفلاس وأبو موسى الزمن وعليه اقتصر البخاري في التاريخ حكاية عن عبد الصمد قال المزي وقال غيره سنة سبع وخمسين فعلى المشهور تكون مدة اختلاطه عشر سنين وبه جزم الذهبي في العبر وخالف ذلك في الميزان فقال عاش بعد ثلاث عشرة سنة مع جزمه في العبر وفي الميزان أيضا أن وفاته سنة ست وخمسين فلعل ما قاله في الميزان من مدة اختلاطه بناء على قول يحيى بن معين أن هزيمة إبراهيم في سنة اثنين وأربعين وهو مخالف لقول الجمهور والله أعلم.

الأمر الثانى اقتصر المصنف على ذكر اثنين ممن سماعه منه صحيح يزيد بن هارون وعبدة بن سليمان وهو كما ذكر قاله يحيى بن معين إلا أن عبدة بن سليمان أخبر عن نفسه أنه سمع منه في الاختلاط اللهم إلا أن يريد بذلك بيان اختلاطه وأنه لم يحدث عنه بما سمعه منه في الاختلاط والله أعلم.

وقد ذكر أئمة الحديث جماعة آخرين سماعهم منه صحيح وهم أسباط بن محمد وخالد بن الحارث وسرار بن مجشر وسفيان بن حبيب وشعيب بن إسحق على اختلاف

ص: 449

..........................................................................

فيه كما سنذكره وعبد الله بن بكر السهمى وعبد الله بن المبارك وعبد الأعلى بن عبد الأعلى الشامى وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف ومحمد بن بشر ويحيى بن سعيد القطان ويزيد بن زريع فذكر ابن حبان في الثقات أنه سمع منه قبل اختلاطه عبد الله بن المبارك ويزيد بن زريع وقال ابن عدى أرواهم عنه عبد الأعلى الشامى ثم شعيب بن إسحق وعبدة بن سليمان وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف وأثبتهم فيه يزيد بن زريع وخالد ابن الحرث ويحيى بن سعيد القطان وقال أحمد بن حنبل كان عبد الوهاب بن عطاء من أعلم الناس بحديث سعيد بن أبى عروبة وقال أبو عبيد الآجرى سئل أبو داود عن السهمى والخفاف في حديث ابن أبى عروبة فقال عبد الوهاب أقدم فقيل له عبد الوهاب سمع في الاختلاط فقال من قال هذا سمعت أحمد بن حنبل سئل عن عبد الوهاب في سعيد ابن أبى عروبة فقال عبد الوهاب أقدم وقال ابن حبان كان سماع شعيب بن إسحق منه سنة أربع وأربعين قبل أن يختلط بسنة وقيل إنما سمع منه في الاختلاط كما سيأتى.

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل سألت أبى أسباط بن محمد أحب إليك في سعيد أو الخفاف فقال أسباط أحب إلى لأنه سمع بالكوفة وقال أبو عبيد الآجرى سألت أبا داود عن أثبتهم في سعيد فقال كان عبد الرحمن يقدم سرارا وكان يحيى يقدم يزيد ابن زريع وقال في موضع آخر سمعت أبا داود يقول سرار بن مجشر ثقة كان عبد الرحمن يقدمه على يزيد بن زريع وهو من قدماء أصحاب سعيد بن أبى عروبة ومات قديما.

وقال أبو حاتم الرازى كان سفيان بن حبيب أعلم الناس بحديث سعيد بن أبى عروبة وقال أحمد بن حنبل قال عبد الله بن بكر السهمى سمعت من سعيد سنة إحدى أو سنة اثنين وأربعين يعنى وماية وقال أبو عبيد الآجرى سألت أبا داود عن سماع محمد بن بشر من سعيد بن أبى عروبة فقال هو أحفظ من كان بالكوفة.

الأمر الثالث أن المصنف ذكر ممن عرف أنه سمع منه بعد اختلاطه اثنين وهما وكيع والمعافي بن عمران وقد سمع منه في الاختلاط أبو نعيم الفضل بن دكين وكذلك غندر محمد بن جعفر وعبدة بن سليمان وشعيب بن إسحق على خلاف في هؤلاء الثلاثة.

ص: 450

..........................................................................

أما أبو نعيم فإنه قال كتبت عنه بعدما اختلط حديثين وقد يقال لعله ما حدث بهما عنه ولذلك لم يعده المزي في التهذيب في الرواة عنه وأما محمد بن جعفر غندر فقال عبد الرحمن بن مهدي سمع منه غندر في الاختلاط وروايته عنه عند مسلم كما سيأتي وأما عبدة بن سليمان فقد تقدم إخباره عن نفسه أنه سمع منه في الاختلاط.

وقد ذكر المصنف أن سماعه منه صحيح وروايته عنه عند مسلم وأما شعيب بن إسحق فروى أبو عبيد الآجري عن أبى داود عن أحمد بن حنبل قال سمع شعيب بن إسحق من سعيد بن أبى عروبة بآخر رمق وقال هشام بن عمار عن شعيب بن إسحق سمعت من سعيد بن أبى عروبة سنة أربع وأربعين ومائة وتقدم قول ابن حبان إنه سمع منه قبل أن يختلط بسنة وهذا الخلاف فيه مخرج على الخلاف في مدة اختلاطه فإن ابن معن قال إنه اختلط بعد سنة اثنتين وأربعين وقال دحيم وغيره سنة خمس وأربعين ويمكن أن يجمع بين قول أحمد إنه سمع منه بآخر رمق وبين قول من قال سمع منه قبل أن يختلط أنه كان ابتداء سماعه منه سنة أربع وأربعين كما أخبر هو عن نفسه ثم أنه سمع منه بعد ذلك بآخر رمق فإنه بقى إلى سنة ست وخمسين على قول الجمهور وعلى هذا فحديثه كله مردد لأنه سمع منه في الحالين على هذا التقدير ويحتمل أن يراد بآخر رمق آخر زمن الصحة فعلى هذا يكون حديثه عنه كله مقبولا إلا على قول ابن معين والله أعلم.

الأمر الرابع في بيان من أخرج لهم الشيخان أو أحدهما من روايتهم عن سعيد بن أبى عروبة فاتفق الشيخان على الإخراج لخالد بن الحرث وروح بن عبادة وعبد الأعلى بن عبد الأعلى وعبد الرحمن بن عثمان البكراوى ومحمد بن سواء السدوسى ومحمد بن أبى عدى ويحيى بن سعيد القطان ويزيد بن زريع من روايتهم عنه.

وأخرج البخاري فقط من رواية بشر بن المفضل وسهل بن يوسف وعبد الله بن المبارك وعبد الوارث بن سعيد وكهمس بن المنهال ومحمد بن عبد الله الأنصارى عنه أخرج مسلم فقط من رواية إسماعيل بن علية وأبى أسامة حماد بن أسامة وسالم بن نوح وسعيد ابن عامر الضبعى وأبى خالد الأحمر واسمه سليمان بن حبان وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف وعبدة بن سليمان وعلى بن مسهر وعيسى بن يونس ومحمد بن بشر العبدى ومحمد بن بكر البرسانى ومحمد بن جعفر غندر عنه.

ص: 451

المسعودي ممن اختلط وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود الهذلي وهو أخو أبي العميس عتبة المسعودي. ذكر الحاكم أبو عبد الله في كتاب المزكين للرواة عن يحيى بن معين أنه قال: من سمع من المسعودي في زمان أبي جعفر فهو صحيح السماع ومن سمع منه في أيام المهدي فليس سماعه بشيء.

وذكر حنبل بن إسحاق عن أحمد بن حنبل أنه قال: سماع عاصم هو ابن علي وأبي النضر وهؤلاء من المسعودي بعد ما اختلط.

"قوله" المسعودي ممن اختلط وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عقبة بن عبد الله بن مسعود الهزلي وهو أخو أبى العميس عتبة المسعودي ذكر الحاكم أبو عبد الله في كتاب المزكين للرواة عن يحيى بن معين أنه قال من سمع من المسعودي في زمان أبى جعفر فهو صحيح السماع ومن سمع منه في أيام المهدي فليس سماعه بشيء وذكر حنبل بن إسحق عن أحمد بن حنبل أنه قال سماع عاصم وهو ابن على وأبى النضر وهؤلاء من المسعودي بعد ما اختلط انتهى.

وفيه أمور: أحدها: أن المصنف اقتصر على ذكر اثنين ممن سمع منه بعد الاختلاط وهما عاصم بن على وأبو النضر هاشم بن القاسم وممن سمع منه أيضا بعد الاختلاط عبد الرحمن ابن مهدي ويزيد بن هارون وحجاج بن محمد الأعور وأبو داود الطيالسى وعلى بن الجعد قال محمد بن عبد الله بن نمير كان المسعودي ثقة فلما كان بآخرة اختلط سمع منه عبد الرحمن بن مهدي ويزيد بن هارون أحاديث مختلطة وما روى عنه الشيوخ فهو مستقيم.

وقال عمرو بن على الفلاس سمعت يحيى بن سعيد يقول رأيت المسعودي سنة رآه عبد الرحمن بن مهدى فلم أكلمه وسأل محمد بن يحيى الذهلي أبا الوليد الطيالسى عن سماع عبد الرحمن بن مهدى من المسعودي فقال سمع منه بمكة شيئا يسيرا وذكر ابن عساكر في تاريخ دمشق عن أحمد بن حنبل قال كل من سمع من المسعودي بالكوفة مثل وكيع وأبى نعيم وأما يزيد بن هرون وحجاج ومن سمع منه ببغداد في الاختلاط إلا من سمع بالكوفة انتهى وأما أبو داود الطيالسى فقال الخطيب في تاريخه أنه سمع من المسعودي ببغداد وقد تقدم قول أحمد وقال ابن عمار من سمع منه ببغداد فسماعه ضعيف.

ص: 452

.........................................................................

وقال عمرو بن على الفلاس سمعت أبا قتيبة هو مسلم بن قتيبة يقول رأيت المسعودي سنة ثلاث وخمسين وكتبت عنه وهو صحيح ثم رأيته سنة سبع وخمسين أي ومائة والذر يدخل في أذنه وأبو داود يكتب عنه فقلت له أتطمع أن تحدث عنه وأنا حي وقال عثمان بن عمر بن فارس كتبنا عن المسعودي وأبو داود جرو يلعب بالتراب وأما على ابن الجعد فإن سماعه منه أيضا ببغداد فإن على بن الجعد إنما قدم البصرة سنة ست وخمسين ومائة والمسعودي يومئذ ببغداد.

الأمر الثاني: في بيان ابتداء اختلاطه وقد اقتصر المصنف على حكاية كلام ابن معين أن من سمع منه في زمان أبى جعفر فهو صحيح السماع وعلى هذا فكانت مدة اختلاطه سنة أو سنتين فإن أبا جعفر المنصور مات بظاهر مكة في سادس ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ومائة وكانت وفاة المسعودي على المشهور في سنة ستين ومائة قاله سليمان بن حرب وأبو عبيد القاسم بن سلام وأحمد بن حنبل وبه حزم البخاري في تاريخه نقلا عن أحمد وابن حبان في الضعفاء وابن زبر وابن قانع وابن عساكر في التاريخ والمزي في التهذيب والذهبي في العبر والميزان وما اقتضاه كلام يحيى بن معين من قدر مدة اختلاطه صرح به أبو حاتم الرازي فقال تغير بآخره قبل موته بسنة أو سنتين.

وفي كلام غير واحد أنه اختلط قبل ذلك وتقدم قول أبى قتيبة سلم بن قتيبة أنه رآه سنة سبع وخمسين والذر يدخل في أذنيه.

وقال عمرو بن على الفلاس سمعت معاذ بن معاذ يقول رأيت المسعودي سنة أربع وخمسين يطالع الكتاب يعنى أنه قد تغير حفظه وهذا موافق لما حكاه عبد الله بن أحمد ابن حنبل عن أبيه أنه قال إنما اختلط المسعودي ببغداد ومن سمع منه بالكوفة والبصرة فسماعه جيد وكان قدوم المسعودي بغداد سنة أربع وخمسين ولكن لم يختلط في أول قدومه بغداد فقد سمع منه شعبة ببغداد كما ذكره ابن أبى حاتم في الجرح والتعديل وعلى هذا فقد طالت مدة اختلاطه لا سيما على قول من قال أنه مات سنة خمس وستين وهو قول يعقوب بن شيبة رواه الخطيب في التاريخ عنه وان كان المشهور أنه توفي سنة ستين ومائة كما تقدم لكن قد روينا بالإسناد الصحيح إلى على بن المديني سمعت معاذ بن معاذ يقول قدم علينا المسعودي البصرة قدمتين يملى علينا إملاء ثم لقيت المسعودي ببغداد سنة أربع

ص: 453

..........................................................................

وخمسين وما أنكر منه قليلا ولا كثيرا فجعل يملى على ثم أذن لى في بينه ومعى عبد الله ابن عثمان ما أنكر منه قليلا ولا كثيرا قال ثم قدمت عليه مرة أخرى مع عبد الله بن حسن قال فقلت لمعاذ سنة كم قال سنة إحدى وستين فقالوا دخل عليه فذهب ببعض سماعه فأنكروه لذلك قال معاذ فتلقانا يوما فسألته عن حديث القاسم فأنكره وقال ليس من حديثى قال ثم رأيت رجلا جاءه بكتاب عمرو بن مرة عن إبراهيم فقال كيف هو في كتابك قال عن علقمة وجعل يلاحظ كتابه فقال معاذ فقلت له انك انما حدثتناه عن عمرو بن مرة عن إبراهيم عن عبد الله قال هو عن علقمة ففي هذا أنه تأخر إلى سنة إحدى وستين وقد رواه هكذا ابن عساكر في التاريخ وغيره وذكره المزى في التهذيب وضبب على قوله إحدى وذلك أنه اقتصر في التهذيب على أنه توفي سنة ستين فرأى هذا مخالفا لما ذكر من وفاته فضبب عليه والله أعلم.

الأمر الثالث: في بيان من سمع منه قبل اختلاطه قال أحمد بن حنبل سماع وكيع من المسعودي بالكوفة قديم وأبو نعيم أيضا قال وإنما اختلط المسعودي ببغداد قال ومن سمع منه بالبصرة والكوفة فسماعه جيد انتهى وعلى هذا فتقبل رواية كل من سمع منه بالكوفة والبصرة قبل أن يقدم بغداد وهم أمية بن خالد وبشر بن المفضل وجعفر بن عون وخالد بن الحرث وسفيان بن حبيب وسفيان الثورى وأبو قتيبة سلم بن قتيبة وطلق بن غنام وعبد الله بن رجاء الغدانى وعثمان بن عمر بن فارس وعمرو بن مرزوق وعمرو بن الهيثم والقاسم بن معن بن عبد الرحمن ومعاذ بن معاذ العنبرى والنضر ابن شميل ويزيد بن زريع.

الأمر الرابع: أنه قد شدد بعضهم في أمر المسعودي ورد حديثه كله لأنه لا يتميز حديثه القديم من حديثه الأخير قال ابن حبان في تاريخ الضعفاء كان المسعودي صدوقا الا أنه اختلط في آخر عمره اختلاطا شديدا حتى ذهب عقله وكان يحدث بما يحب فحمل عنه فاختلط حديثه القديم بحديثه الأخير ولم يتميز فاستحق الترك وقال أبو الحسن القطان في كتاب بيان الوهم والإيهام كان لا يتميز في الأغلب ما رواه قبل اختلاطه مما رواه بعد انتهى والصحيح ما قدمناه من أن من سمع منه بالكوفة والبصرة قبل أن يقدم بغداد فسماعه صحيح كما قال أحمد وابن عمار وقد ميز بعض ذلك والله أعلم

ص: 454

ربيعة الرأي بن أبي عبد الرحمن أستاذ مالك قيل: إنه تغير في آخر عمره وترك الاعتماد عليه لذلك.

"قوله" ربيعة الرأي بن أبى عبد الرحمن أستاذ مالك قيل أنه تغير في آخر عمره وترك الأعتماد عليه لذلك انتهى وما حكاه المصنف من تغير ربيعة في آخر عمره لم أره لغيره وقد احتج به الشيخان ووثقه أحمد بن حنبل وأبو حاتم الرازى ويحيى بن سعيد والنسائي وابن حبان وابن عبد البر وغيرهم ولا أعلم أحدا تكلم فيه باختلاط ولا ضعف إلا أن النباتى أورده في ذيل الكامل وقال إن البستى وهو ابن حبان ذكره في الزيادات مقتصرا على قول ربيعة لابن شهاب أن حالي ليست تشبه حالك أنا أقول برأى من شاء أخذه وذكر البخاري قول ربيعة هذا في التاريخ الكبير وقال ابن سعد في الطبقات بعد توثيقه كانوا يتقونه لموضع الرأي قال ابن عبد البر في التمهيد وقد ذمه جماعة من أهل الحديث لاعترافه في الرأي ورووا في ذلك أخبارا قد ذكرتها في غير هذا الموضع قال وكان سفيان بن عيينة والشافعي وأحمد بن حنبل لا يرضون عن رأيه لأن كثيرا منه يوجد له بخلاف المسند الصحيح لأنه لم يتسع فيه وروى ابن عبد البر في كتاب جامع بيان العلم بإسناده إلى مالك قال قال لي ابن هرمز لا تمسك على شيء مما سمعت منى من هذا الرأي فإنما افتجرته أنا وربيعة فلا تتمسك به وروى ابن عبد البر أيضا فيه عن موسى بن هارون قال الذين ابتدعوا الرأي ثلاثة وكلهم من أبناء سبايا الأمم وهم ربيعة بالمدينة وعثمان البتى بالبصرة وفلان بالكوفة قال ابن عبد البر وذكر العقيلى في التاريخ الكبير بإسناده إلى الليث قال رأيت ربيعة في المنام فقلت له ما حالك فقال صرت إلى خير إلا أنى لم أحمد على كثير مما خرج منى من الرأي انتهى.

فهذا كما تراه إنما تكلم فيه من قبل الرأي لا من اختلاطه فإنى لم أر أحدا ذكره غير ابن الصلاح على أن غير واحد قد برأوه من الرأي فروينا عن عبد العزيز ابن أبى سلمة أنه قال يا أهل العراق تقولون ربيعة الرأي والله ما رأيت أحدا أحفظ لسنة منه.

وذكر ابن عبد البر في التمهيد قال كان عبد العزيز بن أبى سلمة يجلس إلى ربيعة فلما حضرت ربيعة الوفاة قال له عبد العزيز يا أبا عثمان إنا قد تعلمنا منك وربما جاءنا من يستفتينا في الشيء لم نسمع فيه شيئا فترى أن رأينا له خبر من رأيه لنفسه فنفتيه فقال:

ص: 455

صالح بن نبهان مولى التوأمة بنت أمية بن خلف روى عنه ابن أبي ذئب والناس قال أبو حاتم بن حبان: تغير في سنة خمس وعشرين ومائة واختلط حديثه الأخير بحديثه القديم ولم يتميز فاستحق الترك.

حصين بن عبد الرحمن الكوفي ممن اختلط وتغير ذكره النسائي وغيره والله أعلم.

ربيعة أجلسوني فجلس ثم قال ويحك يا عبد العزيز لأن تموت جاهلا خير لك من أن تقول في شيء بغير عليم لا لا لا ثلاث مرات.

"قوله" صالح بن نبهان مولى التوأمة بنت أمية بن خلف روى عنه ابن أبى ذئب والناس قال أبو حاتم بن حبان تغير في سنة خمس وعشرين ومائة واختلط حديثه الأخير بحديثه القديم ولم يتميز فاستحق الترك انتهى.

وقد اقتصر المصنف من أقوال من تكلم في صالح بالاختلاط على حكاية كلام ابن حبان فاقتضى ذلك ترك جميع حديثه وليس كذلك فقد ميز غير واحد من الأئمة بعض من سمع منه في صحته ممن سمع منه بعد اختلاطه.

فممن سمع منه قديما محمد بن عبد الرحمن بن أبى ذئب قاله على بن المديني ويحيى ابن معين والجوزجاني وأبو أحمد بن عدى وممن سمع منه أيضا قديما عبد الملك بن جريج وزياد بن سعد قاله ابن عدى قلت وكذلك سمع منه قديما أسيد بن أبى سيد وسعيد بن أبى أيوب وعبد الله بن على الأفريقي وعمارة بن غزية وموسى بن عقبة.

وممن سمع منه بعد الاختلاط مالك بن أنس وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة والله أعلم.

"قوله" حصين بن عبد الرحمن الكوفي ممن اختلط وتغير ذكره النسائي وغيره والله أعلم انتهى.

وفيه أمران أحدهما: أن حصين بن عبد الرحمن الكوفي أربعة ذكرهم الخطيب في المتفق والمفترق والمزي في التهذيب والذهبي في الميزان فكان ينبغي للمصنف أن يميز هذا المذكور منهم بالاختلاط في آخر عمره بذكر نسبه أو كنيته ونسبه سلمى وكنيته

ص: 456

......................................................................

أبو الهذيل وهذا هو المعروف المشهور ممن يسمى هكذا وروايته في الكتب الستة وليس لغيره من بقية الأربعة المذكورين رواية في شيء من الكتب الستة وإنما ذكرهم المزي في التهذيب للتمييز وحصين بن عبد الرحمن الكوفي هذا ثقة حافظ وثقة أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبو زرعة العجلي والنسائي في الكنى وابن حبان وغيرهم. وقال أبو حاتم الرازي ثقة ساء حفظه في الآخر وقال النسائي تغير وقال يزيد بن هارون طلبت الحديث وحصين حي كان يقرأ عليه وكان قد نسى وعن يزيد بن هارون أيضا أنه قال اختلط.

وذكره البخاري في الضعفاء وكذلك العقيلي وابن عدى ولم يذكروا فيه تضعيفا غير أنه كبر ونسى وقد أنكر على بن عاصم اختلاطه فقال لم يختلط والثاني حصين ابن عبد الرحمن الحارثي الكوفي حدث عن الشعبي وروى عنه إسماعيل بن أبى خالد والحجاج بن أرطاه ذكره البخاري في التاريخ وابن أبى حاتم في الجرح والتعديل.

وحكى عن أحمد أنه قال فيه ليس يعرف ما روى عنه غير الحجاج وإسماعيل بن أبى خالد.

وذكره ابن حبان في الثقات وقال ليس هذا بالأول مات سنة تسع وثلاثين ومائة والثالث حصين بن عبد الرحمن النخعي الكوفي أخو مسلم بن عبد الرحمن النخعي روى عن الشعبي أيضا قوله روى عنه حفص بن غياث ذكره البخاري في التاريخ وابن أبى حاتم في الجرح والتعديل والخطيب وروى عن أحمد بن حنبل قال هذا رجل آخر لا يعرف وقال الخطيب لم يرو عنه غير حفص بن غياث وذكره ابن حبان في الثقات قال وليس هذا بالأولين قال هؤلاء الثلاثة من أهل الكوفة وقد رووا ثلاثتهم عن الشعبي روى عنهم أهل الكوفة قال وربما يتوهم المتوهم أنهم واحد وليس كذلك أحدهم سلمى والآخر حارثي والثالث نخعي والرابع حصين بن عبد الرحمن الجعفي أخو إسماعيل بن عبد الرحمن كوفي أيضا روى عن عبد الله بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب روى عنه طعمه بن غيلان الكوفي ذكره الخطيب في المتفق والمفترق وتبعه المزي في التهذيب والذهبي في الميزان وقال مجهول.

الأمر الثاني لم يذكر المصنف في ترجمة حصين هذا من عرف أنه سمع منه في الصحة أو من عرف أنه سمع منه في الاختلاط كما فعل في أكثر من ذكره ممن اختلط.

ص: 457

عبد الوهاب الثقفي ذكر ابن أبي حاتم الرازي عن يحيى بن معين أنه قال: اختلط بآخرة.

سفيان بن عيينة وجدت عن محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي: أنه سمع يحيى

وقد سمع منه قديما قبل أن يتغير سليمان التيمي وسليمان الأعمش وشعبة وسفيان والله تعالى أعلم.

وقد اختلف كلامهم في سنة وفاته فالمشهور أنه توفي سنة ست وثلاثين ومائة قاله محمد بن عبد الله الحضرمي الملقب بمطين وعليه اقتصر الخطيب في المتفق والمفترق والمزي في التهذيب واختلف فيه كلام ابن حبان في الثقات فإنه ذكره في طبقة التابعين وفي طبقة أتباع التابعين أيضا وقال في طبقة التابعين أنه مات سنة ثلاث وستين ومائة وقال في طبقة أتباع التابعين أنه مات سنة ست وستين ومائة وهكذا نقلته من خط الصدر البكري في الموضعين فإن لم يكن من خطأ النساخ فهو وهم من ابن حبان والمعروف سنة ست وثلاثين وبه جزم الذهبي أيضا في العبر والله أعلم.

"قوله" عبد الوهاب الثقفي ذكر ابن أبى حاتم الرازي عن يحيى بن معين أنه قال اختلط بآخرة انتهى.

لم يبين المصنف مقدار مدة اختلاطه ولا من ذكر أنه سمع منه في الصحة أو في الاختلاط فأما مقدار مدة اختلاطه فقال عقبة بن مكرم العمى اختلط قبل موته بثلاث سنين أو أربع سنين انتهى وكانت وفاته سنة أربع وتسعين ومائة بتقديم التاء على السين وهو قول عمرو بن على الفلاس وأبو موسى الزمن وبه جزم ابن زبر وابن قانع والذهبي في العبر والمزي في التهذيب وقيل سنة أربع وثمانين وبه صدر ابن حبان كلامه.

وأما الذين سمعوا منه في الصحة فجميع من سمع منه إنما سمع منه في الصحة قبل اختلاطه قال الذهبي في الميزان ما ضرر تغيره حديثه فإنه ما حدث بحديث في زمن التغير ثم استدل على ذلك بقول أبى داود تغير جرير بن حازم وعبد الوهاب الثقفي فحجب الناس عنهما.

"قوله" سفيان بن عيينة وجدت عن محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي أنه سمع يحيى

ص: 458

ابن سعيد القطان يقول: أشهد أن سفيان بن عيينة اختلط سنة سبع وتسعين فمن سمع منه في هذا السنة وبعد هذا فسماعه لا شيء قلت: توفي بعد ذلك بنحو سنتين سنة تسع وتسعين ومائة.

عبد الرزاق بن همام: ذكر أحمد بن حنبل: أنه عمي في آخر عمره فكان يلقن فيتلقن فسماع من سمع منه بعد ما عمي لا شيء. قال النسائي: فيه نظر لمن كتب عنه بآخرة.

ابن سعيد القطان يقول أشهد أن سفيان بن عيينة اختلط سنة سبع وتسعين فمن سمع منه في هذه السنة وبعدها فسماعه لا شيء قلت توفي بعد ذلك بنحو سنتين سنة تسع وتسعين ومائة انتهى. وفيه أمور: أحدها: أن المصنف لم يبين من سمع منه في سنة سبع وتسعين وما بعدها وقد سمع منه في هذه السنة محمد بن عاصم صاحب ذاك الجزء العالي كما هو مؤرخ في الجزء المذكور وهكذا ذكره أيضا صاحب الميزان قال فأما سنة ثمان وتسعين ففيها مات ولم يلقه فيها أحد فإنه توفي قبل قدوم الحاج بأربعة أشهر قال ويغلب على ظني أن سائر شيوخ الأئمة الستة سمعوا منه قبل سنة سبع.

الأمر الثاني: أن هذا الذي ذكره المصنف عن محمد بن عبد الله بن عمار عن القطان قد استبعده صاحب الميزان فقال وأنا أستبعده وأعده غلطا من ابن عمار فإن القطان مات في صفر من سنة ثمان وتسعين وقت قدوم الحاج ووقت تحدثهم عن أخبار الحجاج فمتى تمكن يحيى بن سعيد من أن يسمع اختلاط سفيان ثم يشهد عليه بذلك والموت قد نزل به ثم قال فلعله بلغه ذلك في أثناء سنة سبع.

الأمر الثالث: أن ما ذكره المصنف من عند نفسه كونه بقى بعد الاختلاط نحو سنتين وهم منه وسبب ذلك وهمه في وفاته فإن المعروف أنه توفي بمكة يوم السبت أول شهر رجب سنة ثمان وتسعين قاله محمد بن سعد وابن زبر وابن قانع وقال ابن حبان يوم السبت آخر يوم من جمادى الآخرة.

قوله عبد الرزاق بن همام ذكر أحمد بن حنبل أنه عمى في آخر عمره فكان يلقن فيتلقن فسماع من سمع منه بعد ما عمى لا شيء إلى آخر كلامه.

لم يذكر المصنف أحدا ممن سمع من عبد الرزاق بعد تغيره إلا إسحق بن إبراهيم

ص: 459

قلت: وعلى هذا نحمل قول عباس بن عبد العظيم لما رجع من صنعاء: والله لقد تجشمت إلى عبد الرزاق وإنه لكذاب والواقدي أصدق منه.

قلت: قد وجدت فيما روي عن الطبراني عن إسحاق بن إبراهيم الدبري عن عبد الرزاق أحاديث استنكرتها جدا فأحلت أمرها على ذلك فإن سماع الدبري منه متأخر جدا. قال إبراهيم الحربي: مات عبد الرزاق وللدبري ست سنين أو سبع سنين ويحصل أيضا في نظر من كثير من العوالي الواقعة عمن تأخر سماعه من سفيان بن عيينة وأشباهه.

الدبري فقط وممن سمع منه بعد ما عمى أحمد بن محمد بن شبوية قاله أحمد بن حنبل وسمع منه أيضا بعد التغير محمد بن حماد الطهراني والظاهر أن الذين سمع منهم الطبراني في رحلته إلى صنعاء من أصحاب عبد الرزاق كلهم سمع منه بعد التغير وهم أربعة أحدهم الدبري الذي ذكره المصنف وكان سماعه من عبد الرزاق سنة عشر ومائتين وكانت وفاة الدبري سنة أربع وثمانين ومائتين والثاني من شيوخ الطبراني إبراهيم بن محمد بن برة الصنعاني والثالث إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن سويد الشنابى والرابع الحسن بن عبد الأعلى البوسي الصنعاني فهؤلاء الأربعة سمع منهم الطبراني في رحلته إلى اليمن سنة اثنين وثمانين وسماعهم من عبد الرزاق بآخرة.

وممن سمع من عبد الرزاق قبل الاختلاط أحمد بن حنبل وإسحق بن راهويه وعلى ابن المديني ويحيى بن معين ووكيع بن الجراح في آخرين أخرج لهم الشيخان من رواياتهم عن عبد الرزاق فممن اتفق الشيخان على الإخراج له عن عبد الرزاق مع إسحق بن راهويه إسحق بن منصور الكوسج ومحمود بن غيلان.

وممن أخرج له البخاري فقط عن عبد الرزاق مع على بن المديني إسحق بن إبراهيم السعدي وعبد الله بن محمد المسندي ومحمد بن يحيى الذهلى ومحمد بن يحيى بن أبى عمر العدني ويحيى بن جعفر البيكندي ويحيى بن موسى البلخي الملقب خب.

وممن أخرج له مسلم عن عبد الرزاق مع أحمد بن حنبل أحمد بن يوسف السلمي وحجاج بن يوسف الشاعر والحسين بن على الخلال وسلمة بن شبيب وعبد الرحمن بن

ص: 460

عارم محمد بن الفضل أبو النعمان اختلط بآخرة. فما رواه عنه البخاري ومحمد بن يحيى الذهلي وغيرهما من الحافظ ينبغي أن يكون مأخوذا عنه قبل اختلاطه.

بشر بن الحكم وعبد بن حميد وعمرو بن محمد الناقد ومحمد بن رافع ومحمد بن مهران الحمال والله أعلم.

"قوله" عارم محمد بن الفضل أبو النعمان اختلط بآخرة فيما رواه عنه البخاري ومحمد بن يحيى الذهلي وغيرهما من الحفاظ ينبغي أن يكون مأخوذا عنه قبل اختلاطه انتهى.

ولم يبين المصنف ابتداء اختلاطه ولا كم قام في الاختلاط ولا من سمع منه قبل الاختلاط وبعده إلا ما ذكر عن البخاري ومحمد بن يحيى الذهلى وغيرهما من الحفاظ وأتى به بصيغة ينبغى ولم ينقله عن أحد يرجع إليه مع أن بعض الحفاظ سماعه منه بعد الاختلاط وهو أبو زرعة الرازى كما سيأتى وأنا أبين ذلك إن شاء الله تعالى.

فأما ابتداء اختلاطه فقد اختلفوا في ذلك فقال أبو حاتم كتبت عنه قبل الاختلاط سنة أربع عشرة يعنى ومائتين قال ولم أسمع منه بعدما اختلط فمن سمع منه قبل سنة وعشرين ومائتين فسماعه جيد قال وأبو زرعة لقيه سنة اثنتين وعشرين.

وقال أبو داود بلغنا أن عارما أنكر سنة ثلاث عشرة ومائتين ثم راجعه عقله واستحكم به الاختلاف سنة ست عشرة ومات عارم سنة أربع وعشرين ومائتين فإذا كان اختلاطه ثمانى سنين على قول ابى داود وأربع سنين على قول أبى حاتم.

وقال الدارقطنى ما ظهر له بعد اختلاطه حديث منكر وأما ابن حبان فإنه قال في تاريخ الضعفاء اختلط في آخر عمره وتغير حتى كان لا يدرى ما يحدث به فوقع المناكير الكثيرة في روايته فما روى عنه القدماء إذا علم أن سماعهم منه كان قبل تغيره إن احتج به محتج بعد العلم بما ذكرت أرجو أن لا نخرج في فعل ذلك وأما رواية المتأخرين عنه فلا يجب إلا التنكب عنها على الأحوال وإذا لم يعلم التمييز بين سماع المتأخرين والمتقدمين منه يترك الكل فلا يحتج بشئ منه وقد أنكر صاحب الميزان قول ابن حبان هذا ونسبه إلى التخسيف والتهوير وقال لم يقدر ابن حبان أن يسوق له حديثا منكرا فأين ما زعم انتهى

ص: 461

أبو قلابة عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرقاشي روينا عن الإمام ابن خزيمة أنه قال: حدثنا أبو قلابة بالبصرة قبل أن يختلط ويخرج إلى بغداد.

وأما من سمع منه قبل الاختلاط فأحمد بن حنبل وعبد الله بن محمد المسندي وأبو حاتم الرازي وأبو على محمد بن أحمد بن خالد الزر يقي وكذلك ينبغي أن يكون من حدث عنه من شيوخ البخاري أو مسلم وروى عنه في الصحيح شيئا من حديثه ومع كون البخاري روى عنه في الصحيح فقد روى في الصحيح أيضا عن عبد الله بن محمد المسندي عنه.

وروى مسلم في الصحيح عن جماعة عنه وهم أحمد بن سعيد الدرامي وحجاج بن الشاعر وأبو داود سليمان بن سعيد السنجي وعبد بن حميد وهارون بن عبد الله الحمال.

وأما من سمع منه بعد الاختلاط فأبو زرعة الرازي كما قال أبو حاتم وعلى بن عبد العزيز البغوي على قول أبى داود أنه استحكم به الاختلاط سنة ست عشرة وذلك أن سماع على بن عبد العزيز كان في سنة سبع عشرة كما قاله العقيلي فأما على قول أبى حاتم المتقدم فسماع على بن عبد العزيز البغوي منه كان قبل اختلاطه والله أعلم.

وجاء إليه أبو داود فلم يسمع منه لما رأى من اختلاطه وكذلك إبراهيم الحربي.

"قوله" أبو قلابة عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرقاشي روينا عن الإمام ابن خزيمة أنه قال حدثنا أبو قلابة بالبصرة قبل أن يختلط ويخرج إلى بغداد انتهى وظاهر كلام ابن خزيمة أن من سمع منه بالبصرة قبل أن يخرج إلى بغداد فسماعه صحيح وإن من سمع منه ببغداد فهو بعد الاختلاط أو مشكوك فيه فمن سمع منه بالبصرة أبو داود السجستانى وابن ماجه وأبو مسلم الكجى وأبو بكر بن أبى داود ومحمد بن إسحاق الصاغانى وأحمد بن يحيى بن جابر البلاذرى وأبو عروبة الحسين بن محمد الحرانى. وممن سمع منه ببغداد أحمد بن سلمان النجاد وأحمد بن كامل بن سحرة القاضى وأحمد بن عثمان بن يحيى الآدمى وأبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطان وإسماعيل بن محمد الصفار وحبشون بن موسى الخلال وعبد الله بن إسحق بن إبراهيم ابن الخراساني البغوي وأبو عمرو عثمان بن أحمد السماك وأبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة السدوسي وأبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي وأبو عيسى

ص: 462

وممن بلغنا عنه ذلك من المتأخرين أبو أحمد الغطريفي الجرجاني وأبو طاهر حفيد الإمام ابن خزيمة ذكر الحافظ أبو علي البرذعي ثم السمرقندي في معجمه: أنه بلغه أنهما اختلطا في آخر عمرهما.

محمد بن على بن الحسين التحاري بالتاء المثناة من فوق المضمومة وأبو جعفر محمد بن عمرو بن البحترى ومحمد بن مخلد الدورى وأبو العباس محمد بن يعقوب الأصم وما أخذناه من عبارة ابن خزيمة من أن من سمع منه بالبصرة فهو قبل الاختلاط ومن سمع منه ببغداد فهو بعد الاختلاط وليس صريحا في عبارته بل هو ظاهر منها وبعض من ذكرنا أنه سمع منه ببغداد فهو بعد الاختلاط كأبى بكر الشافعي وكذلك محمد بن يعقوب الأصم فقد ذكر الحاكم في تاريخ نيسابور أن الأصم لم يسمع بالبصرة حديثا واحدا وأن أباه رحل به سنة خمس وستين على طريق أصبهان وذكر بقية رحلته للبلدان ثم دخل بغداد سنة تسع وستين إلى آخر كلامه.

"قوله" وممن بلغنا عنه ذلك من المتأخرين أبو أحمد الغطريفي الجرجانى وأبو طاهر حفيد الإمام ابن خزيمة ذكر الحافظ أبو على البردعى ثم السمرقندى في معجمه أنه بلغه أنهما اختلطا في آخر عمرهما انتهى وأما النطريفي فلم أر من ذكره فيمن اختلط غير ما حكاه المصنف عن الحافظ أبى على البردعى وقد ترجمه الحافظ حمزة السهمى في تاريخ جرجان فلم يذكر عنه شيئا من ذلك وهو أعرف به فإنه أحد شيوخ حمزة وقد حدث عنه الحافظ أبو بكر الاسماعيلى في صحيحه إلا أنه دلس اسمه فقال مرة حدثنا محمد بن أبى حامد النيسابورى وقال مرة حدثنا محمد بن أحمد العبقسى وقال مرة حدثنا محمد بن أحمد الوردى وقال مرة حدثنا محمد بن أحمد البغوى وقال مرة حدثنا محمد بن أحمد بن الحسين ولم ينسبه ونسبته الغطريفي إلى أحد أجداده فإنه محمد بن أحمد بن الحسين القاسم بن السرى بن الغطريف الغطريفي الجرجاني الرباطي ولم يدلسه الإسماعيلى لضعفه ولكن لكونه ليس في مرتبة شيوخه وإنما هو من أقرانه وكان نازلا في منزل الإسماعيلى وتوفي الاسماعيلي قبله في سنة إحدى وسبعين وثلاث مايه في غرة شهر رجب وتأخر الغطريفي ست سنين فتوفي في سنة سبع وسبعين في شهر رجب أيضا فلذلك أبهم نسبه فإن كان قد حصل للغطريفي تغير فهو بعد موت الإسماعيلى.

وآخر من بقى من أصحاب الغطريفي القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري.

ص: 463

...........................................................................

وهو أيضا سمع منه قبل التغير إن كان حصل له تغير فإن القاضي أبا الطيب رحل إلى جرحان سنة إحدى وسبعين في حياة الاسماعيلي فقدمها يوم خميس فاشتغل بدخول الحمام ثم أصبح فأراد الاجتماع بالاسماعيلي والسماع عليه فقال له ابنه أبو سعد إنه شرب دواء لمرض حصل له فتعال غدا للسماع عليه فجاء من الغد يوم السبت فوجده قد مات فلم يحصل للقاضي أبى الطيب لقي الاسماعيلي وسمع في تلك السنة من الغطريفي فإنه كان نازلا في منزل الاسماعيلي ولم يذكر الذهبي في الميزان الغطريفي فيمن تغير ولكن ذكر السمعاني في الأنساب أنهم أنكروا على الغطريفي حديثا رواه من طريق مالك عن الزهري عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى جملا لأبى جهل قال السمعاني وكان يذكر أن ابن صاعد وابن مظفر أفاداه عن الصوفي هذا الحديث قال ولا يبعد أن يكون قد سمع إلا أنه لم يخرج أصله قال وقد حدث غير واحد من المتقدمين والمتأخرين بهذا الحديث عن الصوفي قال السمعاني وأنكروا عليه أيضا أنه حدث بمسند إسحق بن إبراهيم الحنظلي عن ابن شيرويه من غير الأصل الذي سمع فيه وقال حمزة السهمي سمعت أبا عمرو الرزجاهي يقول رأيت سماع الغطريفي في جميع كتاب ابن شيرويه والله أعلم.

قلت وثم آخر يوافق الغطريفي في الاسم واسم أبيه وبلده وتقاربا أيضا في اسم الجد وهما متعاسران وقد اختلط في آخر عمره فيحتمل أن يكون اشتبه الغطريفي به واسم الغطريفي محمد بن أحمد بن الحسين الجرجاني كما تقدم واسم الآخر محمد بن أحمد بن الحسن وقد بين الحاكم في تاريخ نيسابور اختلاط هذا فقال ولقد سافر معي وسبرته في الحضر والسفر نيفا وأربعين سنة فما اتهمته في الحديث قط ثم تغير بآخرة وخلط والله تعالى يغفر لنا وله وينتقم ممن أفسد علمه وتوفي عشية يوم الاثنين الرابع من جمادى الأولى سنة ثلاث وثمانين وثلاث مائة وأما محمد بن الفضل بن محمد بن إسحق بن خزيمة فقد بين الحاكم في تاريخ نيسابور مدة اختلاطه فقال إنه مرض وتغير بزوال العقل في ذي الحجة من سنة أربع وثمانين وثلاث مائة فإني قصدته بعد ذلك غير مرة فوجدته لا يعقل وكل من أخذ عنه بعد ذلك فلقلة مبالاته بالدين وتوفي ليلة الجمعة الثامن عشر من جمادى الأولى من سنة سبع وسبعين وثلاث مائة انتهى فعلى هذا تكون مدة اختلاطه سنتين وخمسة أشهر أو مع زيادة بعض شهر آخر.

ص: 464

وأبو بكر بن مالك القطيعي راوي مسند أحمد وغيره اختل في آخر عمره وخرف حتى كان لا يعرف شيئا مما يقرأ عليه.

وأما نقل صاحب الميزان عن الحاكم أنه عاش بعد تغيره ثلاث سنين فنقل غير محرر.

وهكذا قال في العبر اختلط قبل موته بثلاثة أعوام فتجنبوه قال في الميزان ما عرفت أحدا سمع منه أيام عدم عقله والله أعلم.

"قوله" وأبو بكر بن مالك القطيعي راوي مسند أحمد وغيره اختل في آخر عمره وخرف حتى كان لا يعرف شيئا مما يقرأ عليه انتهى.

وفي ثبوت هذا عن القطيعي نظر وهذا القول تبع فيه المصنف مقالة حكيت عن أبى الحسن بن الفرات لم يثبت إسنادها إليه ذكرها الخطيب في التاريخ فقال حدثت عن أبى الحسن بن الفرات قال كان ابن مالك القطيعي مستورا صاحب سنة كثير السماع من عبد الله بن أحمد وغيره إلا أنه خلط في آخر عمره وكف بصره وخرق حتى كان لا يعرف شيئا مما يقرأ عليه انتهى وقد أنكر صاحب الميزان هذا على ابن الفرات وقال غلو وإسراف وقال أبو عبد الرحمن السلمي أنه سأل الدارقطني عنه فقال ثقة زاهد سمعت أنه مجاب الدعوة وقال الحاكم ثقة مأمون وسئل عنه البرقانى فقال كان شيخا صالحا غرقت قطعة من كتبه فنسخها من كتاب ذكروا أنه لم تكن سماعه فغمزوه لأجل ذلك وإلا فهو ثقة قال البرقانى وكنت شديد التنقير عن حاله حتى ثبت عندي أنه صدوق لا شك في سماعه وإنما كان فيه بله فلما غرقت القطيعة بالماء الأسود غرق شيء من كتبه فنسخ بدل ما غرق من كتاب لم يكن فيه سماعه قال ولما اجتمعت مع الحاكم أبى عبد الله بن البيع بنيسابور ذكرت بن مالك ولينته فأنكر على وقال الخطيب لم أر أحدا امتنع من الرواية عنه ولا ترك الاحتجاج به وقال أبو بكر بن نقطة كان ثقة وتوفي القطيعي لسبع بقين من ذي الحجة سنة ثمان وستين وثلاث مائة وعلى تقدير ثبوت ما ذكره أبو الحسن بن الفرات من التغير وتبعه المصنف فممن سمع منه في الصحة أبو الحسن الدارقطنى وأبو حفص بن شاهين وأبو عبد الله الحاكم وأبو بكر البرقانى وأبو نعيم الأصبهاني وأبو على بن المذهب راوي المسند عنه فإنه سمعه عليه في سنة ست وستين والله أعلم.

ص: 465