الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثَقِيل الْحَرَكَةِ، مُظْلِم الْهَوَاء، بَارِد النَّسِيمِ.
وَهُوَ أَكْثَف مِنْ ضَبَابة، وَأَثْقَل مِنْ الْكَابُوسِ، وَأَثْقَل مِنْ رَقِيبٍ عَلَى عَاشِق.
وَإِنَّ فِيهِ لَفَدَامَة، وَفَظَاظَة، وَغِلاظَة، وَكَثَافَة، وَسَمَاجَة، وَثِقَلاً، وَوَخَامَة، وعَبَامة، وَجَلافَة، وَجَفَاء، وَخُشُونَة.
وَإِنَّهُ لَحُمَّى الرُّوح، وَشَجَى الصَّدْر، وَأَذَى الْقَلْبِ، وَقَذَى الْعَيْن، بَغِيض الْهَيْئَةِ، مَمْقُوت الطَّلْعَةِ، كَرِيه الْمَقْدَم، مَشْنُؤ الْعِشْرَة، عَيِيّ الْمَنْطِق، مُسْتَهْجَن الْحَدِيث وَالإِشَارَة، تَجَهُّمُهُ أَحْسَن مِنْ بَشَاشَتِهِ، وَتَكَلُّحُهُ أَحْسَن مِنْ اِبْتِسَامِهِ، وَهُوَ أَثْقَلُ مَا يَكُونُ إِذَا تَلَطَّفَ، وَأَبْغَضُ مَا يَكُونُ إِذَا تَحَبَّبَ.
فَصْلٌ فِي الذَّكَاءِ وَالْبَلادَةِ
يُقَالُ: فُلانٌ ذَكِيٌّ، فَطِنٌ، فَهِم، زَكِن، نَدُس بِضَمِّ الدَّالِ وَكَسْرِهَا، لَوْذَعِيّ، أَلْمَعِيّ، أَرْوَع، حَادّ الذِّهْنِ، مُتَوَقِّد الذِّهْنِ،
صَافِي الذِّهْنِ، شَهْم الْفُؤَاد، ذَكِيّ الْقَلْب، خَفِيف الْقَلْبِ، ذَكِيّ الْمَشَاعِر، حَدِيد الْفُؤَاد، مُرْهَف الذِّهْن، حَدِيد الْفَهْمِ، دَقِيق الْفَهْمِ، سَرِيع الْفَهْمِ، سَرِيع الْفِطْنَةِ، سَرِيع الإِدْرَاكِ، صَادِق الْحَدْسِ، شَاهِد اللُّبّ، يَقِظ الْفُؤَادِ، مُتَلَهِّب الذَّكَاء.
وَقَدْ فَطِنَ لِلْمَسْأَلَةِ، وَتَفَطَّنَ لَهَا، وَشَعَرَ لَهَا، وَشَنِفَ لَهَا، وَتَنَبَّهَ لَهَا، وَطَبِنَ لَهَا، وَفَهِمَهَا، وَذَهِنَهَا، وَزَكِنَهَا، وَلَقِنَهَا، وَلَحِنَهَا، وَفَقِهَهَا، وَثَقِفَهَا، وَلَقِفَهَا.
وَإِنَّهُ لَفَطِنٌ ذَهِنٌ، وَلَقِنٌ زَكِنٌ، وَلَحِنٌ لَقِنٌ، وَثَقِفٌ لَقِفٌ، وَإِنَّهُ لآيَةٌ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ فِي ذَكَاءِ الْفَهْمِ، وَصَفَاءِ النَّفْسِ، وَلَطَافَةِ الْحِسِّ، وَإِنِّي لَمْ أَرَ أَرْشَحَ مِنْهُ فُؤَاداً، وَلا أَسْرَعَ تَنَاوُلاً، وَهُوَ أَذْكَى مِنْ إِيَاس.
وَإِنَّ فُلانَاً لَيُبَارِي فَهْمُهُ سَمْعَهُ، وَيَسْبِقُ قَلْبُهُ أُذُنَهُ، وَإِنَّهُ لَيَفْهَم مِنْ الإِيمَاءِ قَبْلَ اللَّفْظِ، وَمِنْ النَّظَرِ قَبْلَ الإِيمَاءِ، وَإِنَّهُ لَيَكْتَفِي بِالإِشَارَةِ، وَيَجْتَزِئَ بِيَسِيرِ الإِبَانَةِ، وَتَكْفِيه اللَّمْحَة الدَّالَّة، وَيَسْتَغْنِي بِالرَّمْزِ عَنْ الْعِبَارَةِ.
وَتَقُولُ: عَرَفَتْ هَذَا فِي لَحْن كَلامه، وَفَهِمْتُهُ مِنْ عُنْوَان كَلامه، وَتَبَيَّنْتُهُ مِنْ فَحْوَى كَلامِهِ،
وَمِنْ عَرُوضِ كَلامِهِ، وَتَوَسَّمْتُهُ مِنْ مَعَارِيض لَفْظِهِ، وَقَدْ تَفَطَّنْتُ لَهُ في مَطَاوِي كَلامه، وَاسْتَشْفَفْتُهُ مِنْ وَرَاءِ لَفْظِهِ، وَتَلَقَّفْتُهُ مِنْ بَيْن مَثَانِي لَفْظه، وَأَدْرَكْتُهُ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَة وَأُشْرِبْتُهُ مِنْ أَوَّلِ رَمْزَة.
وَتَقُولُ فِي ضِدِّهِ: هُوَ بَلِيد، فَدْم، غَبِيّ، أَبْلَه، غَافِل، وَمُغَفَّل، ضَعِيف الإِدْرَاكِ، بَطِيء الْحِسِّ، مُظْلِم الْحِسِّ، زَمِن الْفِطْنَة، سَقِيم الْفَهْمِ، بَلِيد الْفِكْرِ، غَلِيظ الذِّهْنِ، مُتَخَلِّف الذِّهْنِ، صَلْد الذِّهْنِ، مُغْلَق الذِّهْنِ مُصْمَت الْقَلْب، أَغْلَفُ الْقَلْب، عَمِهُ الْفُؤَاد، خَامِد الْفِطْنَة، خَامِد الذَّكَاء، مُطْفَأ شُعْلَة الذَّكَاء، مُظْلِم الْبَصِيرَة، أَعْشَى الْبَصِيرَة، أَعْمَى الْبَصِيرَةِ.
وَفِيهِ بَلادَة، وَفَدَامَة، وَغَبَاوَة، وَغَبَى، وَبَلَه، وَبَلاهَة، وَغَفْلَة.
وَإِنَّهُ لَسَيِّئ السَّمْعِ، سَيِّئ الْجَابَة،
لا يَتَنَبَّهُ لِلَّحْنِ، وَلا يَفْطَنُ لِمَغْزَى، وَلا يَأْبَهُ لِمَعَارِيضِ الْكَلامِ، وَلا يَكَادُ يَذْهَنُ شَيْئاً، وَلا يَكَادُ يَعِي قَوْلاً، وَلا يَكَادُ يَفْقَهُ قَوْلاً، وَلا يَسْتَضِيءُ بِنُورِ بَصِيرَة، وَلا يَقْدَحُ بِزِنَادٍ فَهْم، وَإِنَّهُ لَتَسْتَعْجِم عَلَيْهِ الْمَدَارِك الظَّاهِرَة، وَتَسْتَسِرُّ عَلَيْهِ الأَشْبَاح الْمَاثِلَة، وَيُسَافِرُ فِي طَلَبِ الْمَعْنَى أَمْيَالاً وَهُوَ لا يَفُوتُ أَطْرَاف بَنَانِهِ، وَيُنْضِي إِلَيْهِ رَوَاحِل ذِهْنه وَهُوَ عَلَى حَبْل ذِرَاعِهِ.
وَمِنْ كِنَايَاتِهِمْ هُوَ عَرِيضٌ اِلْفَقَا، وَعَرِيض الْوِسَاد، يَعْنُونَ عَظْم الرَّأْسِ وَهُوَ دَلِيلُ الْغَبَاوَةِ.
وَفُلانٌ أَبْلَدُ مِنْ كَيْسَانَ، وَمِنْ مَرْوَانَ الْكِتَاب.