المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في السرور والحزن - نجعة الرائد وشرعة الوارد في المترادف والمتوارد - جـ ١

[اليازجي، إبراهيم]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الأول: فِي الخَلْقِ وَذِكْرِ أَحْوَالِ الفِطْرَةِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا

- ‌فَصْلٌ في الْخَلْق

- ‌فَصْل فِي قُوَّةِ الْبِنْيَةِ وَضَعْفِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي حُسْنِ الْمَنْظَر وَقُبْحِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي السِّمَنِ وَالْهُزَالِ

- ‌فَصْلٌ فِي الطُّولِ وَالْقِصَرِ

- ‌فَصْلٌ فِي الأطَوْار وَالأَسْنَان

- ‌فَصْل فِي الْبَصَرِ

- ‌فَصْل فِي السَّمْعِ

- ‌فَصْلٌ فِي الذَّوْقِ

- ‌فَصْلٌ فِي الشَّمِّ

- ‌فَصْل فِي اللَّمْسِ

- ‌الباب الثاني: في وصف الغرائز والملكات وما يأخذ مأخذها ويضاف إليها

- ‌فَصْلٌ في كَرَمِ الأَخْلاقِ وَلُؤْمِهَاِ

- ‌فَصْل فِي الْجُودِ وَالْبُخْلِ

- ‌فَصْلٌ فِي الشَّجَاعَةِ وَالْجُبْنِ

- ‌فَصْلٌ فِي الأَنَفَةِ وَالاسْتِكَانَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْكِبَرِ وَالتَّوَاضُعِ

- ‌فَصْلٌ فِي سُهُولَةِ الْخُلُقِ وَتَوَعُّرِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحِلْمِ وَالسَّفَهِ

- ‌فَصْلٌ فِي الطَّلاقَةِ وَالْعُبُوسِ

- ‌فَصْلٌ فِي الظَّرْفِ وَالسَّمَاجَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الذَّكَاءِ وَالْبَلادَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْكَيسِ وَالْحُمْقِ وَذِكْر الْجُنُون وَالْخَرَف

- ‌الباب الثالث: في الأحوال الطبيعية وما يتصل بها ويذكر معها

- ‌فَصْلٌ في النَّوْمِ وَالسَّهَرِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْجُوعِ وَالشِّبَعِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَفْصِيل هَيْئَات الأَكْل وَضُرُوبه

- ‌فَصْلٌ فِي الْعَطَش وَالرِّيّ

- ‌فَصْلٌ فِي الشَّرَابِ وَالسُّكْرِ

- ‌فَصْلٌ في الاعْتِلالِ وَالصِّحَّةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْعَوَارِضِ الطَّبِيعِيَّةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الحُمِّيَّات

- ‌فَصْلٌ فِي الْبُثُورِ وَالآثَارِ وَالآفَاتِ الْجِلْدِيَّةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْقُرُوحِ وَالأَخْرِجَة وَالأَوْرَامِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْجِرَاحَاتِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْخَلْعِ وَالْكَسْرِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِمَا

- ‌فَصْلٌ فِي الاحْتِضَارِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْمَوْتِ

- ‌الباب الرابع: في حركات النفس وانفعالاتها وما يلحق بذلك

- ‌فَصْلٌ في السُّرُورِ وَالْحُزْنِ

- ‌فَصْلٌ فِي الضَّحِكِ وَالْبُكَاءِ

- ‌فَصْلٌ فِي الصَّبْرِ وَالْجَزَعِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْخَوْفِ وَالأَمْنِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَيَاءِ وَالْوَقَاحَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الرِّقَّةِ وَالْقَسْوَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحُبِّ وَالْبُغْضِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْمُوَاصَلَةِ وَالْقَطِيعَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْمُدَاهَنَةِ وَالْخِدَاعِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْعِشْقِ وَالْخُلُوِّ

- ‌فَصْلٌ فِي الْعِفَّةِ وَالدَّعَارَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الشَّوْقِ وَالسُّلْوَانِ

- ‌فَصْلٌ فِي النَّشَاطِ وَالسَّأَمِ

- ‌فَصْلٌ فِي الأَمَلِ وَمَصَايِرُهُ

- ‌فَصْلٌ فِي الطَّمَعِ وَالْقَنَاعَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الحَسَد

- ‌فَصْلٌ فِي الْغَضَبِ وَإِطْفَائِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحِقْدِ وَالْعَدَاوَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي التَّنَدُّمِ

- ‌الفصل الخامس: في الأصول والأنساب والطبقات وما يتصل بها

- ‌فَصْلٌ في كَرَمِ الْمَحْتِدِ وَلُؤْمِه

- ‌فَصْلٌ في النَّسَبِ وَالاِنْتِسَابِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْقَرَابَةِ وَالرَّحِمِ

- ‌فَصْلٌ فِي أَشْرَافِ النَّاسِ وسَفِلَتِهِمْ

- ‌فَصْلٌ فِي النَّبَاهَةِ وَالْخُمُولِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْعِزَّةِ وَالذِّلَّةِ

- ‌فَصْلٌ فِي السُّمُوِّ إِلَى الْمَعَالِي وَالْقُعُودِ عَنْهَا

- ‌فَصْلٌ فِي التَّعْظِيمِ وَالاحْتِقَارِ

- ‌فَصْلٌ في الْفَخْرِ وَالْمُفَاخَرَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَقَدُّمِ الرَّجُلِ عَلَى أَقْرَانِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الأَكْفَاءِ

- ‌فَصْلٌ فِي التَّفَرُّدِ وَانْقِطَاعِ النَّظِيرِ

- ‌فَصْلٌ فِي الشَّبَهِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْقُدْوَةِ وَالاحْتِذَاءِ

- ‌فَصْلٌ فِي ذِكْرِ طَبَقَاتٍ شَتَّى مِنْ النَّاسِ

الفصل: ‌فصل في السرور والحزن

‌الباب الرابع: في حركات النفس وانفعالاتها وما يلحق بذلك

‌فَصْلٌ في السُّرُورِ وَالْحُزْنِ

تَقُولُ: وَرَدَ عَلَيَّ مِنْ أَمْرِ فُلانٍ مَا سَرَّنِي، وَأَفْرَحَنِي، وَفَرَّحَنِي، وأجْذَلني، وَأَبْهَجَنِي، وَأَبْلَجَنِي، وحَبَرني، وَبَشَرني، وَشَرَحَ صَدْرِي، وَأثَلَج نَفْسِي، وَطَيَّبَ قَلْبِي، وَأَقَرَّ نَاظِرَي.

وَقَدْ سُرِرْت بِالأَمْرِ، وَحُبِرْت عَلَى الْمَجْهُولِ فِيهِمَا، وَفَرِحْت بِهِ، وَجَذِلْت، وَابْتَهَجْتُ، وَاغْتَبَطْت، وَبَلَجْت، وَبَشَِرْتُ بِكَسْرِ الشِّينِ وَفَتْحِهَا، وَأَبْشَرْتُ، وَاسْتَبْشَرْتُ، وَوَجَدْتُ فُلاناً مَسْرُوراً، مَحْبُوراً، فَرِحاً، جَذِلا، بَلِجاً، مُسْتَبْشِراً.

وَهَذَا خَبَر قَدْ ثَلِجَتْ لَهُ نَفْسِي، وَثَلِجَ لَهُ صَدْرِي، وَبَلِجَ بِهِ صَدْرِي، وَانْشَرَحَ لَهُ صَدْرِي، وَانْفَسَحَ لَهُ صَدْرِي، وَوَجَدْت بِهِ بَرْد كَبِدِي، وَقُرَّة عَيْنِي، وَوَجَدت بِهِ بَرْد السُّرُورِ.

وَقَدْ اِرْتَحْت لَهُ، وَوَجَدْت بِهِ رَوْحاً، وَسُرُوراً، وَمَسَرَّةً، وَبَهْجَةً، وَغِبْطَةً وَبَلَجاً، وَفَرَحاً، وَجَذَلا، وَحُبُوراً.

وَبَشَّرْت فُلاناً بِكَذَا فَهَزَّ

ص: 197

لَهُ عِطفَيْه، وَهَزَّ لَهُ مَنْكِبَيْهِ، وَقَدْ هَزَّ ذَلِكَ الأَمْرُ مِنْ عِطْفِهِ، وَمِنْ مَنْكِبِهِ، وَنَشِطَ لَهُ، وَارْتَاحَ، وَاهْتَزَّ، وَطَرِبَ، وَمَرِحَ.

وَقَدْ لاحَتْ عَلَيْهِ أَرْيَحِيَّة السُّرُور، وَأَخَذَتْ مِنْهُ هِزَّة الطَّرَب، وَغَلَبَتْ عَلَيْهِ نَشْوَة الطَّرَب، وَلَمْ يَمْلِكْ نَفْسَه مِنْ الطَّرَبِ، وَقَدْ اِسْتَخَفَّهُ الْفَرَحُ، وَاسْتَطَارَهُ الْفَرَح، وَاسْتَفَزَّتْهُ الأَرْيَحِيَّة، وَهَزَّهُ السُّرُور، وَمَادَ بعِطْفَيْه السُّرُور، وَأَقْبَلَ يَمِيدُ مِنْ الطَّرَبِ، وَيَسْحَبُ أَذْيَال الْغِبْطَة، وَيَجُرُّ ذَيْلَهُ فَرَحاً، وَقَدْ خَفَقَ فُؤَادُهُ فَرَحاً، وَطَارَ فُؤَادُه فَرَحاً، وَرَأَيْته يَطْفُر مِنْ الْفَرَحِ، وَرَأَيْته يَرْقُصُ طَرَباً، وَيُصَفِّقُ بِيَدَيْهِ مِنْ الطَّرَبِ، وَقَدْ شَهِقَ مِنْ الْفَرَحِ، وَنَشَغَ مِنْ الْفَرَحِ، وَكَادَ يَطِيرُ فَرَحاً، وَكَادَ يَخْرُجُ مِنْ جِلْدِهِ فَرَحاً.

وَرَأَيْته مُتَهَلِّل الْوَجْه، طَلْق الْمُحَيَّا، مُشْرِق الْجَبِينِ، مُتَأَلِّق الْغِرَّة.

وَقَدْ هَشَّ لِلأَمْرِ، وَبَشَّ، وَابْتَسَمَ، وَبَرَقَ ثَغْرُهُ، وَبَرَقَتْ ثَنَايَاهُ، وَبَرَقَتْ أَسَارِيرُهُ، وَلَمَعَتْ صَفْحَته، وَتَبَيَّنَ الْبِشْرُ فِي وَجْهِهِ، وَلَمَعَ فِي غُرَّتِهِ نُور الْبِشْر، وَأَشْرَقَ فِي مُحَيَّاهُ صَبَاح الْبِشْر، وَلَمَعَ

ص: 198

الْبِشْرُ فِي عَيْنَيْهِ، وَافْتَرَّ السُّرُور فِي وَجْهِهِ، وَتَدَفَّقَ السُّرُور مِنْ وَجْهِهِ، وَانْطَلَقَ وَجْهُهُ بِشْراً، وَتَقُولُ فِي خِلافِ ذَلِكَ: قَدْ سَاءَنِي مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ فُلان، وَغَمَّنِي، وحَزَنَنِي، وَأَحْزَنَنِي، وَشَجَانِي، وشَجَنَنِي، وأشْجَنَنِي، وَعَزَّ عَلَيَّ، وَشَقَّ عَلَيَّ، وَعَظُمَ عَلَيَّ، وَاشْتَدَّ عَلَيَّ.

وَوَرَدَ عَلَى فُلانٍ خَبَرُ كَذَا فَحَزِنَ لَهُ، وَاغْتَمَّ، وَأَسِيَ، وَشَجِيَ، وَشَجِنَ، وَتَرِحَ، وَوَجَدَ، وَكَمِدَ، وَكَئِبَ، وَاكْتَأَبَ، وَاسْتَاءَ، وَابْتَأَسَ، وَجَزِعَ، وَأسِفَ، وَلَهِفَ، والتَهَفَ، وَالْتَاعَ، وَالْتَعَجَ، وَارْتَمَضَ.

وَأُوْرَثَهُ الأمْر حُزْناً، وَحَزَناً، وَغَمّاً، وَغُمَّةً، وَأَسىً، وَشَجْواً، وَشَجَناً، وَتَرَحاً، وَتَرْحَة، وَوَجْداً، وَكَمَداً، وَكَأْبَة، وَكَآبَة، وَجَزَعاً، وَأَسَفاً، وَلَهَفاً، وَحَسْرَة، وَبَثّاً، وَكَرْباً، وَكُرْبَة.

وَأَشْعَرَهُ مَضّاً، وَجَوىً، وَحُرْقَة، وَلَوْعَة، وَلَذْعَة، وَغُصَّة، وفَجْعة، وَحَزازة، وَوَجَدَ لَهُ مَسّاً أَلِيماً، وَمَضّاً مُوجِعاً، وَلَوْعَةً مُؤْلِمَةً، وَرَأَيْته يَتَفَجَّعُ، وَيَتَلَهَّفُ، وَيَتَحَسَّرُ، وَيَتَأَسَّفُ، وَيَتَوَجَّدُ، وَيَتَأَوَّهُ، وَيَتَضَوَّرُ.

ص: 199

وَقَدْ تَقْطَّعَ حَسَرَات، وَتَصَدَّعَ زَفَرَات، وَتَسَاقَطَتْ نَفْسه غَمّاً وَأَسَفاً، وَتَقَطَّعَتْ أَحْشَاؤُهُ حُزْناً وَلَهَفاً، وَزَفَرَ زَفْرَةً كَادَ يَنْشَقُّ لَهَا، وَتَنَفَّسَ تَنَفُّساً ظَنَنْت أَنَّ ضُلُوعَهُ تَنْقَصِفُ مِنْهُ.

وَقَدْ قَرَعَتْ سَاحَتَه الأَحْزَانُ، وَقَامَتْ عِنْدَهُ قِيَامَة الأَحْزَان، وَأَخَذَه الْمُقِيم الْمُقْعِد، وَأَخَذَهُ مَا قَرُبَ وَمَا بَعُد، وَمَا قَدُمَ وَمَا حَدُثَ، وَأَخَذَهُ حُزْنٌ تَنْقَضُّ، مِنْهُ الْجَوَانِح، وَوَجْدٌ تَنْفَطِرُ لَهُ الْمَرَائِر، وَغَمٌّ يُذِيبُ شَحْم الْكُلَى، وَهَمٌّ يُذِيبُ لَفَائِف الْقُلُوبِ.

وَرَأَيْته وَقَدْ تَبَيَّنَ الأَسَى فِي وَجْهِهِ، وَتَبَيَّنَ الْكَمَد فِي وَجْهِهِ، وَرَأَيْته مُتَهَضِّماً أَيْ مُتَكَسِّرالْوَجْه مِنْ الْحُزْنِ، وَقَدْ أَصْبَحَ سَاهِماً، كَاسِفاً، كَئِيباً، كَمَداً، كَاسِف الْوَجْهِ، مُكَفَّأ الْوَجْه، مُطْرِق الطَّرْف، خَاشِع الطَّرْفِ، نَاكِس الْبَصَر، مُتَطَأْطِئ الْهَامَّة، قَلِق الْخَاطِر، مَشْغُول الْقَلْبِ، كَاسِف الْبَالِ، مُضْطَرِب الْبَال، مَكْرُوب النَّفْس، مَحْزُون الصَّدْر، ضَيِّق الصَّدْرِ حَرِج الصَّدْر، مُنْقَبِض الصَّدْرِ، لَهِيف الْقَلْب، وَقِيذ الْجَوَانِح.

وَقَدْ كَظَمَهُ

ص: 200

الْحُزْن، وَأَخَذَ بِكَظَمِهِ، وَأَغَصَّهُ بِرِيقِهِ، وَأَشْرَقَهُ بِرِيقِهِ، وَأَجْرَضَهُ بِرِيقِهِ، وَأَشْجَاهُ بِغُصَّتِهِ، وَأَشْرَقَهُ بِدَمْعِهِ، وَخَنَقَهُ بِعَبْرَتِهِ، وَلاعَ قَلْبُهُ، وَلَعَجَ فُؤَادَهُ، وَأَرْمَضَ جَوَانِحَهُ، وَأَصْلَى ضُلُوعه، وَاسْتَوْقَدَ صَدْرَهُ، وَضَرَّمَ أَنْفَاسَهُ، وَمَزَّقَ أَحْشَاءهُ، وَفَطَرَ مَرَارَته، وَفَتَّ كَبِدَهُ، وَأَسْخَنَ عَيْنَه، وَأَطَارَ نَوْمَهُ، وَأَرَّقَ جَفْنَه، وَأَقَضَّ مَضْجَعَهُ، وَأَطَالَ لَيْلَه.

وَقَدْ ضَافَهُ الْهَمّ، وَتَضَيَّفَتْهُ الْهُمُوم، وَاسْتَضَافَتْهُ، وَتَأَوَّبَتْهُ، وَطَرَقَتْ الْهُمُومُ مَضْجَعَهُ، وَضَافَ الْهَمّ وِسَادَهُ، وَقَدْ اِفْتَرَشَ الْهَمّ، وَتَوَسَّدَ الْقَلَق، وَبَاتَ رَائِد الْوِسَاد، وَبَاتَ الْهَمّ ضَجِيعه، وَبَاتَ الْهَمّ يُنَاجِيه، وَبَاتَتْ الْهُمُوم تَنْتَجِي فِي صَدْرِهِ، وَتَتَنَاجَى فِي صَدْرِهِ.

وَإِنَّ فِي صَدْرِهِ نَجِيَّة قَدْ أَسْهَرَتْهُ، وَبَاتَ لَيْلَةً يُسَاوِرُالْهُمُوم، وَيُسَامِرُالنُّجُوم، وَبَاتَ يَتَقَلَّبُ عَلَى الْجَمْرِ، وَيَتَقَلَّبُ

ص: 201

عَلَى الْقَتَادِ، وَبَاتَ لَيْله عَلَى قَرْنٍ أَعْفَر، وَبَاتَ يَتَجَرَّعُ غُصَص الْكَرْب، وَيُعَالِجُ بُرَحَاء الْهُمُوم.

وَقَدْ شُخِصَ بِالرَّجُلِ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ إِذَا وَرَدَ عَلَيْهِ مَا أَقْلَقَهُ، وَتَفَارَطَتْهُ الْهُمُوم إِذَا كَانَتْ لا تَزَالُ تَأْتِيه الْحِين بَعْدَ الْحِينِ، وَرَأَيْته وَقَدْ فَاضَ عَرَقاً إِذَا ظَهَرَ عَلَى جِسْمِهِ عِنْدَ الْغَمِّ، وَبَاتَ يَجْرَضُ بِرِيقِهِ أَيْ يَبْتَلِعُهُ عَلَى هَمٍّ وَحُزْن بِالْجَهْدِ، وَرَأَيْته يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ مِنْ الْهَمِّ، وَقَدْ أَصْبَحَ حَيْرَانَ يَمِيدُ بِهِ شَجْوُهُ، وَظَلَّ نَهَارَه مُتَبَلِّداً أَيْ مُتَلَهِّفاً يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ وَيُصَفِّقُ، وَظَلَّ مُتَلَدِّداً إِذَا تَلَفَّتَ يَمِيناً وَشِمَالاً وَتَحَيَّرَ مُتَبَلِّداً.

وَقَدْ اِحْتَضَرَهُ الْهَمّ، وَخَلَجَهُ، وَخَالَجَهُ، وَتَخَالَجَتْهُ الْهُمُوم، وَتَنَازَعَتْهُ الْهُمُومُ، وَجَاشَ الْهَمّ فِي صَدْرِهِ، وَاعْتَلَجَتْ فِي صَدْرِهِ الْهُمُوم، وَجَاشَتْ فِي صَدْرِهِ غُصَص الْهُمُوم، وَبَاتَ فِي صَدْرِهِ حَزَّاز مِنْ الْغَمِّ، وَبَاتَ فِي قَلْبِهِ جَوْلان الْهُمُوم.

وإِنَّ بِهِ لَكَمَداً بَاطِناً، وَحُزْناً مُكْتَمِناً، وَرَأَيْته وَاجِماً أَيْ عَبُوساً مُطْرِقاً

ص: 202

شَدِيدَ الْحُزْنِ، وَرَأَيْته مُسْبِطاً أَيْ مُدَلِّياً رَأْسَهُ مُسْتَرْخِيَ الْبَدَنِ، وَرَأَيْته مُشْتَرَكاً، وَمُشْتَرَك الْخَوَاطِرِ، إِذَا كَانَ يُحَدِّثُ نَفْسه كَالْمُوَسْوِسِ، وَقَدْ تَقَسَّمَتْهُ الْهُمُوم، وتَشَعَّبَته الْغُمُوم، وَتَوَزَّعَتْهُ الْفِكَر، وَأَصْبَحَ مُتَقَسَّماً، وَمُتَقَسَّم الْقَلْب، وَمُتَوَزَّع الْقَلْب، وَقَدْ هَامَ فِي أَوْدِيَهِ الأَحْزَان، وَأَخَذَ فِي شِعَابِ الْهُمُومِ، وَتَاهَ فِي بَيْدَاءِ الْفِكَرِ، وَرَأَيْته مَوَلَّهاً، وَمُدَلَّهاً، إِذَا ذَهَبَ عَقْلُهُ مِنْ غَلَبَةِ حُزْنٍ وَنَحْوه، وَقَدْ وَلَّهَهُ الْحُزْن، وَدَلَّهَهُ، وَهُوَ وَالِهٌ، وَوَلْهَان وامرأة وَالِه، وَوَالِهَة، وَوَلْهَى، إِذَا اِشْتَدَّ حُزْنُهَا عَلَى وَلَدِهَا.

وَيَقُولُ الْمَحْزُون: وَا أَسَفَاه، ووَا لَهْفَاهُ، ووَا لَهْفَتَاهُ، ووَا جَزَعَاه، ووَا حُرّ قَلْبَاهُ، ووَا مُصِيبَتَاهُ، وَيَا لِلْمُصِيبَةِ، وَيَا لِلْفَجِيعَةِ، وَيَا أَسَفِي عَلَى فُلان، وَيَا لَهْفِي عَلَى فُلان، ويال لَهْف نَفْسِي عَلَيْهِ، وَيَا لَهْف أَرْضِي وَسَمَائِي عَلَيْهِ، وَتَقُولُ نَفَّسْت عَنْ الرَّجُلِ، وَنَفَّسْت كُرْبَتَهُ، وَأَزَلْت بَثَّهُ، وَفَرَّجْت مِنْ كَرْبِهِ، وَجَلَوْت عَنْهُ الْهَمّ، وَجَلَّيْته، وَسَلَّيْته مِنْ هَمِّهِ، وَأَسْلَيْتُهُ.

وَهَذَا أَمْر قَدْ أَطْلَقَ نَفْسِي مِنْ عِقَال الْهَمّ،

ص: 203

وَنَضَا عَنِّي شِعَار الْغَمّ، وَأَطْفَأَ حَرّ كَبِدِي، وَأَذْهَبَ بُرَحَاء صَدْرِي، وَقَدْ سَرَوْت عَنِّي الْهَمّ، وَسَرَى الْهَمُّ عَنِّي، وَانْسَرَى، وَانْسَلَى، وَتَسَلَّى، وَانْكَشَفَ، وَانْفَرَجَ.

وَقَدْ سُرِّيَ عَنْ فُلان، وَانْجَلَى كَرْبُهُ، وَانْجَلَتْ غَمْرَتُهُ، وَتَجَلَّتْ وَحْشَتُهُ، وَانْكَشَفَتْ غُمَّتُهُ، وانساغت غُصَّتُه، وَتَفَصَّى مِنْ الْهَمِّ، وَخَلا مِنْ الْهَمِّ، وَخَلا مِنْهُ ذَرْعُه، وَأَصَابَ نَفَساً مِنْ كُرَبه، وَفَرَجاً مِنْ غَمِّهِ.

وَفُلان خُلُوّ مِنْ الْهَمِّ، وَهُوَ خَلِيّ الْبَال، خَالِيَ الذَّرْع، وَاسِع الذَّرْع، وَاسِعَ اللَّبَب، وَاسِع السِّرْبِ، رَخِيّ اللَّبَب، رَخِيّ الْبَال، فَارِغ الْبَالِ، فَارِغ الْقَلْبِ، فَارِغ الصَّدْرِ مِنْ الْهَمِّ.

وَيُقَالُ: مَرَّ فُلان ثَانِيَ عِطْفِهِ أَيْ رَخِيّ الْبَال، وَفُلان قَلْبه أَفْرَغ مِنْ فُؤَاد أُمِّ مُوسَى.

وَيُقَالُ: أنت خِلْو مِنْ مُصِيبَتِي أَيْ فَارِغ الْبَالِ مِنْهَا، وَأَنْتَ بِمَعْزِلٍ عَنْ هَمِّي، وَبِنَجْوَةٍ مِنْ

ص: 204