الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ص: باب: السلام في الصلاة كيف هو
؟
ش: أي هذا باب في بيان كيفية السلام في الصلاة، والمناسبة بين البابين ظاهرة؛ لأن السلام لا يكون إلا عقيب التشهد في آخر الصلاة.
ص: حدثنا الربيع الجيزي وروح بن الفرج، قالا: ثنا أحمد بن أبي بكر الزهري، قال: ثنا عبد العزيز بن محمَّد الدراوردي، عن مصعب بن ثابت، عن إسماعيل بن محمَّد، عن عامر بن سعد، عن سعد رضي الله عنه:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم في الصلاة بتسليمة واحدة: السلام عليكم".
ش: أحمد بن أبي بكر واسمه القاسم بن الحارث أبو مصعب الزهري المدني الفقيه، قاضي مدينة الرسول عليه السلام، شيخ الجماعة سوى النسائي.
ومصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي المدني، فيه مقال، فعن أحمد: ضعيف الحديث. وعن ابن معين: ليس بشيء. وقال أبو حاتم: صدوق كثير الغلط ليس بالقوي. ووثقه ابن حبان. وروى له أبو داود والنسائي وابن ماجه.
وبقية الرجال ثقات.
وإسماعيل بن محمَّد بن سعد بن أبي وقاص المدني، وسعد هو ابن أبي وقاص مالك بن أهيب، أحد العشرة المبشرة.
وأخرجه أبو عمر بن عبد البر في "الاستذكار"(1): من حديث الدراوردي، عن مصعب بن ثابت، عن إسماعيل
…
إلى آخره نحوه.
ثم قال: هذا وهم، وإنما الحديث كما رواه ابن المبارك وغيره، عن مصعب بسنده:"أنه عليه السلام كان يسلم عن يمينه ويساره".
وسنبين ذلك بتحقيقه إن شاء الله تعالى.
(1)"الاستذكار"(1/ 490).
ص: قال أبو جعفر رحمه الله: فذهب قوم إلى أن المصلي يسلم في صلاته تسليمة واحدة، تلقاء وجهه: السلام عليكم، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: عمر بن عبد العزيز، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، والأوزاعي، ومالكا، فإنهم قالوا: التسليم في آخر الصلاة مرة واحدة. واحتجوا على ذلك بالحديث المذكور، ويحكى ذلك عن ابن عمر وأنس وسلمة بن الأكوع وعائشة.
وقال عمار بن أبي عمار: "كان مسجد الأنصار يسلمون فيه تسليمتين، وكان المهاجرون يسلمون تسليمة واحدة".
وقال ابن بطال: إنما حدثت التسليمتان زمن بني هاشم.
وقال الطبري: هو مخير في الخروج بسلام أو بغيره.
قلت: واحتج هؤلاء أيضا بحديث عائشة:
أخرجه الترمذي (1): ثنا محمد بن يحيى النيسابوري، قال: نا عمرو بن أبي سلمة، عن زهير بن محمَّد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة:"أن رسول الله عليه السلام كان يسلم في الصلاة تسليمة واحدة تلقاء وجهه، يميل إلى الشق الأيمن شيئا". ثم قال: وفي الباب عن سهل بن سعد.
قلت: وفي الباب عن سلمة بن الأكوع، وأنس بن مالك، وسمرة رضي الله عنهم.
أما حديث سهل بن سعد، فأخرجه ابن ماجه (2): ثنا أبو مصعب المديني أحمد ابن أبي بكر، ثنا عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد الساعدي، عن أبيه، عن جده:"أن رسول الله عليه السلام سلم تسليمة واحدة تلقاء وجهه".
(1)"جامع الترمذي"(2/ 90 رقم 296).
(2)
"سنن ابن ماجه"(1/ 297 رقم 918).
وأما حديث سلمة بن الأكوع فأخرجه ابن ماجه (1) أيضًا: ثنا محمَّد بن الحارث المصري، نا يحيى بن راشد، عن يزيد مولى سلمة، عن سلمة بن الأكوع قال:"رأيت رسول الله عليه السلام صلى فسلم مرة واحدة".
وأما حديث أنس، فأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (2): ثنا يونس بن محمَّد، قال: ثنا جرير بن حازم، عن أيوب، عن أنس:"أن النبي عليه السلام سلم تسليمة واحدة".
وأخرجه البيهقي (3): من حديث عبد الله بن عبد الوهاب الحجبي، نا عبد الوهاب الثقفي، عن حميد، عن أنس:"أن النبي عليه السلام كان يسلم تسليمة واحدة".
وأما حديث سمرة، فأخرجه البيهقي (4) أيضًا: من حديث نعيم بن حماد، ثنا روح بن عطاء بن أبي ميمونة، عن أبيه، عن الحسن، عن سمرة:"كان رسول الله عليه السلام يسلم في الصلاة تسليمة قبالة وجهه، فإذا سلم عن يمينه سلم عن يساره".
والجواب: أن حديث عائشة قد تكلم فيه، فقال الترمذي: وحديث عائشة لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه، قال محمَّد بن إسماعيل: زهير بن محمَّد أهل الشام يروون عنه مناكير، ورواية أهل العراق عنه أشبه وأصح.
وقال أبو حاتم الرازي: هذا حديث منكر.
وقال الذهبي في "مختصر سنن البيهقي": تفرد به زهير، وهو من مناكيره.
وحديث سهل بن سعد، فقد قال أبو حاتم: عبد المهيمن بن عباس ضعيف الحديث.
(1)"سنن ابن ماجه"(1/ 297 رقم 920).
(2)
"مصنف ابن أبي شيبة"(1/ 267 رقم 3072).
(3)
"السنن الكبرى"(2/ 179 رقم 2812).
(4)
"السنن الكبرى"(2/ 179 رقم 2813).
وحديث سلمة بن الأكوع فيه يحيى بن راشد وقد ضعفه النسائي.
وحديث أنس فرد غريب، قاله الذهبي.
وحديث سمرة فيه روح بن عطاء قال الذهبي: واهٍ.
ولئن سلمنا صحتها، ولكن معناها أنه عليه السلام كان يسمعهم التسليمة الواحدة، أو أن الأحاديث التي فيها التسليمتان تتضمن زيادة على تلك الأحاديث، والزيادة من الثقات مقبولة، أو نقول: يجوز أن يكون النبي عليه السلام فعل الأمرين؛ ليبين الجائز والمسنون.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: بل ينبغي أن يسلم عن يمينه وعن شماله، يقول في كل واحدة من التسليمتين: السلام عليكم ورحمة الله.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: نافع بن عبد الحارث وعلقمة وأبا عبد الرحمن السلمي وعطاء بن أبي رباح والشعبي والثوري والنخعي وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا والشافعي وإسحاق وابن المنذر؛ فإنهم قالوا: إن المصلي يسلم في آخر صلاته تسليمتين: تسليمة عن يمينه، وتسليمة عن يساره.
ويحكى ذلك عن أبي بكر الصديق وعلي وعمار وابن مسعود رضي الله عنهم.
ثم اختلفوا في السلام هل هو واجب أم سنة؟
فعن أبي حنيفة: أنه واجب. وقيل: سنة، وقال صاحب "الهداية": ثم إصابة لفظة السلام واجبة عندنا، وليست بفرض؛ خلافا للشافعي.
وفي "المغني" لابن قدامة: التسليم واجب لا يقوم غيره مقامه، والواجب تسليمة واحدة، والثانية سنة.
وقال ابن المنذر: وأجمع العلماء على أن صلاة من اقتصر على تسليمة واحدة جائزة.
وقال الطحاوي: قال الحسن بن حر: هما واجبتان. وهي رواية عن أحمد، وبه قال أصحاب مالك.
وعند الشافعي: السلام فرض، وكذا عن أحمد، وقال الثوري: لو أخل بحرف من حروف "السلام عليكم" لم تصح صلاته.
وقال في "المغني" أيضًا: والسنة أن يقول: السلام عليكم ورحمة الله، فإن قال: وبركاته أيضًا فحسن، والأول أحسن، وإن قال: السلام عليكم ولم يزد فظاهر كلام أحمد أنه يجزئه.
قال القاضي: ونص عليه أحمد في صلاة الجنازة، وهو مذهب الشافعي.
وقال ابن عقيل: الأصح أنه لا يجزئه فإن نكَّس السلام فقال: عليكم السلام؛ لم يجزه.
وقال القاضي: فيه وجه أنه يجوز، وهو مذهب الشافعي، فإن قال: سلام عليكم منُكِّرًا منونًا ففيه وجهان:
أحدهما: يجزئه، وهو مذهب الشافعي. وقال ابن حزم: الأولى فرض، والثانية سنة حسنة لا يأثم تاركها.
ص: وكان من الحجة لهم في ذلك على أهل المقالة الأولى: أن حديث سعد هذا إنما رواه كما ذكُر الدراوردي خاصة، وقد خالفه كل من رواه عن مصعب غيره.
فحدثنا أحمد بن داود بن موسى، قال: ثنا عبيد الله بن محمَّد التيمي، قال: ثنا عبد الله بن المبارك، قال: ثنا مصعب بن ثابت، عن إسماعيل بن محمَّد، عن عامر بن سعد، عن سعد رضي الله عنه:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه وعن يساره، حتى يُرى بياض خديه من ها هنا ومن ها هنا".
حدثنا محمَّد بن خزيمة وإبراهيم بن أبي داود جميعًا، قالا: ثنا مسدد بن مسرهد، قال: أنا يحيى بن سعيد، عن محمد بن عمرو، عن مصعب بن ثابت
…
فذكر بإسناده مثله.
ش: أي وكان من الدليل والبرهان لأهل المقالة الثانية فيما ذهبوا إليه على أهل المقالة الأولى: أن حديث سعد بن أبي وقاص المذكور الذي احتجت به أهل المقالة الأولى إنما روي مثل ما ذكر عبد العزيز بن محمَّد الدراوردي خاصة، وكل من روى هذا الحديث عن مصعب بن ثابت غير الدراوردي فقد خالف الدراوردي في ذلك، ثم بَيَّنَ المخالفة بالفاء التفسيرية بقوله: "فحدثنا
…
إلى آخره".
وأخرجه من طريقين:
الأول: عن أحمد بن داود المكي، عن عبيد الله بن محمد بن حفص التيمي المعروف بأبي عائشة، شيخ أبي داود، ثقة صدوق.
عن عبد الله بن المبارك الزاهد المشهور.
وبقية الرجال ذكروا الآن.
وأخرجه البيهقيم في كتابي "المعرفة"(1) و"السنن"(2): أنا علي بن أحمد بن عبدان، قال: أنا أحمد بن عبيدة، قال: ثنا عبيد بن شريك، قال: ثنا نعيم بن حماد، قال: ثنا ابن المبارك، عن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير
…
إلى آخره نحوه.
وأخرجه مسلم (3): نا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنا أبو عامر العقدي، قال: نا عبد الله بن جعفر، عن إسماعيل بن محمَّد، عن عامر بن سعد، عن أبيه قال:"كنت أرى رسول الله عليه السلام يسلم عن يمينه وعن يساره، حتى أرى بياض خده".
وأخرجه النسائي (4): عن إسحاق بن إبراهيم أيضا
…
إلى آخره نحوه، وفي لفظه:"حتى يرى بياض خده".
(1)"معرفة السنن والآثار"(2/ 60 رقم 932).
(2)
"سنن البيهقي الكبرى"(2/ 177 رقم 2805).
(3)
"صحيح مسلم"(1/ 409 رقم 582).
(4)
"المجتبى"(1/ 180 رقم 1564).
الثاني: عن محمَّد بن خزيمة وإبراهيم بن أبي داود البرلسي، كلاهما عن مسدد ابن مسرهد شيخ البخاري، عن يحيى بن سعيد، عن محمَّد بن عمرو بن علقمة
…
إلى آخره.
وأخرجه أحمد في "مسنده"(1): ثنا يحيى بن سعيد، نا محمَّد بن عمرو، حدثني مصعب بن ثابت، عن إسماعيل بن محمَّد بن سعد، عن عامر بن سعد، عن أبيه سعد بن مالك قال:"كان النبي عليه السلام يسلم عن يمينه وعن شماله، حتى يرى بياض خديه".
ص: قال أبو جعفر رحمه الله: فهذا عبد الله بن المبارك مع حفظه وإتقانه قد رواه عن مصعب على خلاف ما رواه الدراوردي عنه، ووافقه على ذلك محمَّد بن عمرو بن علقمة مع تقدمه وجلالته، ثم قد روي هذا الحديث عن إسماعيل بن محمَّد، عن عامر كما رواه محمَّد بن عمرو وابن المبارك لا كما رواه الدراوردي.
حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: ثنا يحيى بن حسان (ح).
وحدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر العقدي، قالا: ثنا عبد الله بن جعفر، عن إسماعيل بن محمَّد، عن عامر بن سعد، عن سعد رضي الله عنه قال:"كان رسول الله عليه السلام يسلم عن يمينه حتى أرى بياض خده، وعن يساره حتى أرى بياض خده".
فقد انتفي بما ذكرنا ما روى الدراوردي، وثبت عن سعد عن النبي عليه السلام أنه كان يسلم تسليمتين.
ش: أشار بهذا إلى أن رواية عبد العزيز بن محمَّد الدراوردي وهم، وأن الثابت عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن النبي عليه السلام: أنه كان يسلم تسليمتين، وبين ذلك بما رواه عبد الله بن المبارك مع غاية حفظه وقوة إتقانه فقد خالف الدراوردي في روايته هذه، ومع هذا فقد وافقه على ذلك أيضًا محمَّد بن عمرو بن علقمة المدني مع
(1)"مسند أحمد"(1/ 180 رقم 1564).
تقدمه على الدراوردي ومثله. على أن هذا الحديث قد رواه عن عامر بن سعد: إسماعيل بن محمَّد بن سعد بن أبي وقاص المدني، كما رواه محمَّد بن عمرو، وعبد الله ابن المبارك، لا كما رواه عبد العزيز الدراوردي.
وأخرج هذا من طريقين صحيحين:
أحدهما: عن يونس بن عبد الأعلى المصري، عن يحيى بن حسان بن حيان التنيسي، عن عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن المخرمي المدني، عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، عن عامربن سعد، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه
…
إلى آخره.
وأخرجه الدارقطني في "سننه"(1): عن عبد الله بن سليمان، عن محمَّد بن بشار، عن عبد الرحمن، عن عبد الله بن جعفر الزهري، عن إسماعيل بن محمَّد، عن عامر
…
إلى آخره نحوه.
وقال: هذا إسناد صحيح.
والأخر: عن إبراهيم بن مرزوق، عن أبي عامر عبد الملك بن عمرو العقدي، عن عبد الله بن جعفر
…
إلى آخره.
وأخرجه مسلم (2): عن إسحاق بن إبراهيم، عن أبي عامر العقدي
…
إلى آخره، وقد ذكرناه عن قريب.
ص: وقد وافقه على ذلك غير واحد من أصحاب النبي عليه السلام.
فحدثنا فهد، قال: ثنا أحمد بن يونس، قال: ثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، عن بُريد بن أبي مريم، عن أبي موسى قال:"صلى بنا علي رضي الله عنه يوم الجمل صلاة ذكرنا صلاة رسول الله عليه السلام؛ إما أن نكون نسيناها، وإما تركناها عمدًا، فكان يكبر في كل خفض ورفع، ويسلم عن يمينه وعن شماله".
(1)"سنن الدارقطني"(1/ 356 رقم 1).
(2)
"صحيح مسلم"(1/ 409 رقم 582).
ش: أي قد وافق سعد بن أبي وقاص على قوله: إنه عليه السلام كان يسلم تسليمتين غير واحد من الصحابة رضي الله عنهم، ثم بين ذلك بالفاء التفصيلية، بقوله: "فحدثنا
…
إلى آخره" وهذا الحديث ذكره في باب "الخفض في الصلاة هل فيه تكبير"، ولكن في الإسنادين بعض اختلاف؛ لأنه أخرجه هناك عن ربيع المؤذن، عن أسد، عن إسرائيل عن أبي إسحاق، وها هنا عن فهد بن سليمان، عن أحمد بن يونس شيخ البخاري، عن أبي بكر بن عياش الحناط -بالنون- المقرئ، عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي، عن بريد -بضم الباء الموحدة، وفتح الراء المهملة، وسكون الياء آخر الحروف- ابن أبي مريم، واسمه مالك بن ربيعة السلولي البصري، وأبوه له صحبة، وبريد وثقه ابن معين وأبو زرعة. وروى له الأربعة.
وأبو موسى الأشعري اسمه عبد الله بن قيس، وقد ذكرنا هناك أن هذا أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" عن أبي بكر بن عياش
…
إلى آخره.
ويوم الجمل يوم مشهود مشهور، كان في سنة ست وثلاثين من الهجرة، وهو اليوم الذي تلاقت فيه عسكر عائشة مع عسكر علي بن أبي طالب رضي الله عنهما على المربد من أرض البصرة، وكانت عائشة تُحْمل في هودج على جمل يسمى عسكرًا، اشتراه يعلى بن أمية من رجل من عُرينة بمائتي دينار، فلذلك قيل: يوم الجمل وأضيف إليه.
قوله: "ذَكَّرنا" بالتشديد، من التذكير.
ص: حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا عبيد الله بن موسى العبسي، قال: أنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال:"كان رسول الله عليه السلام يسلم عن يمينه وعن شماله، حتى يرى بياض خده: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله".
حدثنا أبو أمية، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، عن رسول الله عليه السلام، مثله.
حدثنا أحمد بن عبد المؤمن المروزي، قال: ثنا علي بن الحسن بن شقيق، قال: ثنا الحسين بن واقد، قال: ثنا أبو إسحاق، قال: ثنا علقمة والأسود بن يزيد وأبو الأحوص، قالوا: ثنا عبد الله بن مسعود، عن النبي عليه السلام، مثله.
حدثنا الربيع الجيزي، قال: حدثنا أسد بن موسى، قال: ثنا إسرائيل بن يونس، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عبد الله، عن النبي عليه السلام، مثله.
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: أنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عبد الله قال:"كان رسول الله عليه السلام، وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما يسلمون عن أيمانهم، وعن شمائلهم في الصلاة: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله".
حدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا شجاع بن الوليد، عن زهير بن معاوية (ح).
وحدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا زهير (ح).
وحدثنا علي بن معبد، قال: ثنا أبو الجوَّاب الأحوص بن الجوَّاب، قال: ثنا زهير، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه وعلقمة، عن عبد الله، عن رسول الله عليه السلام وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، مثله.
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا مسدد، قال: ثنا يحيى بن سعيد، قال: ثنا شعبة، عن الحكم ومنصور، عن مجاهد، عن أبي معمر، عن عبد الله قال:"صلى بنا أمير بمكة، فسلم عن يمينه وعن شماله، فقال عبد الله، من أين علقها؟ -قال الحكم في حديثه-: كان رسول الله عليه السلام يفعله".
حدثنا أبو أمية، قال: ثنا علي بن المديني، قال: ثنا يحيى
…
فذكر بإسناده مثله.
ش: أخرج هذا عن عبد الله بن مسعود من عشر طرق:
الأول: عن علي بن شيبة، عن عبيد الله بن موسى بن أبي المختار العبسي -بفتح العين المهملة وسكون الباء الموحدة بعدها السين المهملة- شيخ البخاري، عن
سفيان الثوري، عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي، عن أبي الأحوص عوف بن مالك الأشجعي، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
وهذا إسناد صحيح.
وأخرجه أحمد في "مسنده"(1): ثنا وكيع، ثنا سفيان، عن أبي إسحاق
…
إلى آخره نحوه.
الثاني: عن أبي أمية محمَّد بن إبراهيم بن مسلم الطرسوسي، عن أبي نعيم الفضل بن دكين، عن سفيان الثوري
…
إلى آخره.
وهذا أيضًا صحيح.
وأخرجه عبد الرزاق (2): عن معمر، عن الثوري، عن أبي إسحاق
…
إلى آخره نحوه.
الثالث: عن أحمد بن عبد المؤمن المروزي
…
إلى آخره.
وهذا أيضًا صحيح، ورجاله ثقات.
وأخرجه النسائي (3): أنا إبراهيم بن يعقوب، قال: ثنا علي بن الحسن بن شقيق، قال: أبنا الحسن بن واقد، قال: ثنا أبو إسحاق، عن علقمة والأسود وأبي الأحوص، قالوا: ثنا ابن مسعود: "أن رسول الله عليه السلام كان يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله، حتى يرى بياض خده الأيمن، وعن يساره: السلام عليكم ورحمة الله، حتى يرى بياض خده الأيسر".
الرابع: عن الربيع بن سليمان الجيزي، عن أسد بن موسى أسد السنة، عن إسرائيل بن يونس، عن أبي إسحاق
…
إلى آخره.
وهذا أيضًا صحيح.
(1)"مسند أحمد"(1/ 390 رقم 3699).
(2)
"مصنف عبد الرزاق"(2/ 219 رقم 3130).
(3)
"المجتبى"(3/ 63 رقم 1325).
وأخرجه أبو داود (1): نا أحمد بن منيع، نا حسين بن محمَّد، نا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص والأسود، عن عبد الله:"أن النبي عليه السلام كان يسلم عن يمينه وعن شماله حتى يُرى بياض خده: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله".
الخامس: عن علي بن شيبة، عن عبيد الله بن موسى العبسي، عن إسرائيل
…
إلى آخره.
وهذا أيضًا صحيح.
وأخرجه البزار في "مسنده"(2): نا محمَّد بن عثمان، قال: نا عبيد الله، قال: نا إسرائيل، عن جابر، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عبد الله:"أن النبي عليه السلام كان يسلم عن يمينه وعن يساره".
السادس: عن أبي بشر عبد الملك بن مروان الرقي، عن شجاع بن الوليد بن قيس السكوني، عن زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن علقمة بن قيس، عن عبد الله.
وهذا أيضًا صحيح.
وأخرجه البيهقي (3): من حديث شجاع بن الوليد، عن زهير، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه وعلقمة، عن عبد الله قال:"رأيت رسول الله عليه السلام يكبر في كل خفض ورفع، وقيام وقعود، ويسلم عن يمينه وشماله، حتى أرى بياض خده، ورأيت أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يفعلان ذلك".
وأخرجه النسائي (4) أيضًا نحوه: عن محمَّد بن المثنى، عن معاذ بن معاذ، عن زهير.
(1)"سنن أبي داود"(1/ 261 رقم 996).
(2)
"مسند البزار"(5/ 49 رقم 1610).
(3)
"سنن البيهقي الكبرى"(2/ 177 رقم 2800).
(4)
"المجتبى"(3/ 62 رقم 1319).
السابع: عن إبراهيم بن مرزوق، عن أبي الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي، عن زهير، عن أبي إسحاق
…
إلى، آخره.
وهذا أيضا صحيح.
وأخرجه الدارقطني في "سننه"(1): ثنا الحسن بن إسماعيل، ثنا يوسف بن موسى، ثنا حميد الرؤاسي، ثنا زهير، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه وعلقمة، عن عبد الله قال:"أنا رأيت رسول الله عليه السلام يكبر في كل رفع ووضع، وقيام وقعود، ويسلم عن يمينه وعن يساره: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، حتى يُرى بياض خده، ورأيت أبا بكر وعمر يفعلان ذلك".
الثامن: عن علي بن معبد بن نوح، عن أبي الجَوَّاب -بفتح الجيم، وتشديد الواو، وفي آخره باء موحدة- الأحوص بن الجَوَّاب، عن زهير
…
إلى آخره.
وهذا أيضًا صحيح.
وأخرجه أحمد في "مسنده"(2): ثنا أبو كامل، نا زهير، نا أبو إسحاق
…
إلى آخر ما ذكره الدارقطني.
التاسع: وهو موقوف: عن شعبة، عن منصور، عن مجاهد.
ومرفوع: عن شعبة، عن الحكم بن عتيبة، عن مجاهد.
أخرجه عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن مسدد شيخ البخاري، عن يحيى بن سعيد، عن شعبة بن الحجاج، عن الحكم بن عتيبة ومنصور بن المعتمر، كلاهما عن مجاهد، عن أبي معمر عبد الله بن سخبرة الأزدي، عن عبد الله.
(1)"سنن الدارقطني"(1/ 357 رقم 4).
(2)
"مسند أحمد"(1/ 386 رقم 3660).
وأخرجه مسلم (1): ثنا زهير بن حرب، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة، عن الحكم ومنصور، عن مجاهد، عن أبي معمر:"أن أميرا كان بمكة يسلم تسليمتين، فقال عبد الله أنَّى عَلِقَها؟ -قال الحكم في حديثه-: إن رسول الله عليه السلام كان يفعله".
العاشر: كالتاسع: عن أبي أمية محمَّد بن إبراهيم بن مسلم الطرسوسي، عن علي بن المديني شيخ البخاري وغيره، وإمام هذا الشأن، عن يحيى بن سعيد القطان، عن شعبة، عن الحكم
…
إلى آخره.
وأخرجه البيهقي في "سننه"(2): من حديث شعبة، عن الحكم
…
إلى آخره نحوه، ثم قال: وقال شعبة: رفعه مرة.
قوله: "من أين علقها؟ " معناه من أين تعلمها، وممن أخذها، وبابه من عَلِقَ يَعْلَقُ، كَعَلِمَ يَعْلَمُ، يقال: عَلِقَ به عَلَقًا، أبي تعلق به، وعَلِقَ حبُّها بقلبه أبي هويها، وعَلِقَ بها عُلُوقًا، وعَلِقَ يَفْعَلُ كذا مثل طَفِقَ، وعَلِقَ الظبي في الحبالة، وعَلِقَتْ الدابة، واشتريت الماء فَعَلِقَتْ بها العلقة، وكل ذلك يرجع إلى، معنى واحد، وهو العلق.
ص: أخبرنا صالح بن عبد الرحمن وعلي بن عبد الرحمن، قالا: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، عن عمار:"أن النبي عليه السلام كان يسلم في صلاته عن يمينه وعن شماله".
ش: إسناده صحيح، ويوسف بن عدي بن زريق شيخ البخاري.
وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي، وعمار هو ابن ياسر رضي الله عنه.
وأخرجه ابن ماجه (3): ثنا علي بن محمَّد، نا يحيى بن آدم، نا أبو بكر بن عياش
…
إلى آخره نحوه.
(1)"صحيح مسلم"(1/ 409 رقم 581).
(2)
"سنن البيهقي الكبرى"(2/ 176 رقم 2799).
(3)
"سنن ابن ماجه"(1/ 296 رقم 916).
وفي آخره: "حتى يرى بياض خديه: السلام عليكم ورحمة الله".
وأخرجه الدارقطني (1) أيضًا.
ص: حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا ابن جريج، قال: أخبرني عمرو بن يحيى المازني، عن محمَّد بن يحيى بن حبان، عن عمه الواسع بن حبان:"أنه سأل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن صلاة رسول الله فقال: كان يكبر كلما خفض ورفع، ويسلم عن يمينه وعن شماله: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله".
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا حيوة بن شريح، قال: ثنا بقية بن الوليد، عن الزبيدي، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه:"أن رسول الله عليه السلام كان يسلم في الصلاة تسليمتين: عن يمينه وعن شماله".
ش: هذان طريقان:
الأول صحيح، والثاني قال أبو حاتم: حديث منكر قاله ابنه عبد الرحمن: سمعت أبي يقول: حديث حيوة بن شريح، عن بقية بن الوليد، عن الزبيدي، عن الزهري، عن سالم، عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما:"أن النبي عليه السلام كان يسلم تسليمتين". حديث منكر. والله أعلم.
وابن جريج هو عبد الملك.
وحَبَّان في الموضعين بفتح الحاء المهملة، وتشديد الباء الموحدة.
وبقية بن الوليد الحمصي روى له الجماعة؛ البخاري مستشهدًا، ومسلم في المتابعات.
والزُّبيدي -بضم الزاي المعجمة، وفتح الباء الموحدة، وسكون الياء آخر
(1)"سنن الدارقطني"(1/ 356 رقم 2).
الحروف- هو محمَّد بن الوليد بن عامر الحمصي القاضي، صاحب الزهري، نسبته إلى، زُبَيْد الأكبر، وهو منبه بن صعب، وإليه ترجع قبائل زبيد.
والزهري هو محمَّد بن مسلم المدني.
ص: حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو أحمد محمَّد بن عبد الله بن الزبير، قال: ثنا مسعر (ح).
وحدثنا أبو أمية، قال: ثنا يعلى بن عبيد، قال: ثنا مسعر، عن عبيد الله بن القبطية، عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال:"كنا إذا صلينا خلف رسول الله عليه السلام سلمنا بأيدينا قلنا: السلام عليكم، السلام عليكم، فقال: ما بال أقوام يسلمون بأيديهم كأنها أذناب خيل شمس؟! إنما يكفي أحدكم إذا جلس في الصلاة أن يضع يده على فخله، ويشير بأصبعه، ويقول: السلام عليكم، السلام عليكم".
ش: هذان إسنادان صحيحان:
أحدهما: عن أبي بكرة بكار، عن أبي أحمد محمَّد بن الزبير، عن مسعر بن كدام، عن عبيد الله بن القبطية الكوفي، عن جابر بن سمرة رضي الله عنه.
وأخرجه مسلم (1): ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا وكيع، عن مسعر.
ونا أبو كريب -واللفظ له- قال: أنا ابن أبي زائدة، عن مسعر قال: حدثني عبيد الله بن القبطية، عن جابر بن سمرة قال:"كنا إذا صلينا مع رسول الله عليه السلام فقلنا: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، وأشار بيده إلى الجانبين، فقال رسول الله عليه السلام: علام تومئون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس؟! وإنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه، ثم يسلم على أخيه من عن يمينه وشماله".
والآخر: عن أبي أمية محمَّد بن إبراهيم بن مسلم الطرسوسي، عن يعلى بن عبيد الحنفي الطنافسي الكوفي، عن مسعر
…
إلى آخره.
(1)"صحيح مسلم"(1/ 322 رقم 431).
وأخرجه أبو داود (1): ثنا عثمان بن أبي شيبة، نا يحيى بن زكرياء ووكيع، عن مسعر، عن عبيد الله بن القبطية، عن جابر بن سمرة قال:"كنا إذا صلينا خلف رسول الله عليه السلام يسلم أحدنا أشار بيده من عن يمينه ومن عن يساره، فلما صلى قال: ما بال أحدكم يرمي بيده كأنها أذناب خيل شمس؟! إنما يكفي -أو أولا يكفي- أحدكم أن يقول هكذا -وأشار بأصبعه- السلام على أخيه من عن يمينه ومن عن شماله".
وأخرجه النسائي (2) أيضًا: عن عمرو بن علي، عن أبي نعيم، عن مسعر .. إلى آخره نحوه.
قرله: "ما بال أقوام" أي ما شأنهم وما حالهم؟.
قوله: "شُمْس" بضم الشين المعجمة، وسكون الميم، وبعدها سين مهملة، جمع شمساء، والذكر أشمس، والشموس يطلق على الذكر والأنثى، ولا تقل: شموص، وهو الذي لا يستقر؛ لشغبه وحدته، وهو من الناس: العسر الصعب الخلق.
ص: حدثنا علي بن عبد الرحمن، قال: ثنا أبو إبراهيم الترجماني، قال: ثنا حديج بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن البراء:"أن رسول الله عليه السلام كان يسلم في الصلاة تسليمتين".
حدثنا أحمد بن أبي داود، قال: ثنا مسدد وأبو الربيع الزهراني، قالا: ثنا عبد الله بن داود، عن حريث، عن الشعبي، عن البراء، عن رسول الله عليه السلام، مثله.
ش: هذان طريقان:
الأول: عن علي بن عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة المعروف بعلان، عن أبي إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم بن بسام، ونسبته إلى تُرجمان -بضم التاء المثناة من
(1)"سنن أبي داود"(1/ 262 رقم 998).
(2)
"المجتبى"(3/ 61 رقم 1318).
فوق، ويقال بفتح التاء- والترجمان ها هنا اسم لأحد أجداده، قال أبو داود والنسائي: لا بأس به.
عن حديج بن معاوية بن حديج الكوفي، أخي زهير بن معاوية، وعن يحيى: لا بأس به. وعن النسائي: ضعيف. وقال أبو حاتم: محله الصدق.
عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي، عن البراء.
وأخرجه البيهقي (1): من حديث الشعبي، عن البراء رضي الله عنه:"كان رسول الله عليه السلام يسلم عن يمينه وعن شماله حتى يبدو خده: السلام عليكم ورحمة الله".
الثاني: عن أحمد بن داود المكي، عن مسدد شيخ البخاري وأبي داود، وعن أبي الربيع الزهراني سليمان بن داود شيخ البخاري ومسلم، كلاهما عن عبد الله بن داود بن عامر الخريبي الثقة الزاهد، عن حريث بن أبي مطر الفزاري الحناط -بالنون- الكوفي، فيه مقال، فقال أبو حاتم: ضعيف الحديث. وقال النسائي: متروك. وعنه: ليس بثقة. وقال ابن معين: لا شيء. وقال البخاري: فيه نظر. واستشهد به في الأضاحي، وروى له الترمذي وابن ماجه.
وهو يروي عن عامر الشعبي، عن البراء بن عازب.
وأخرجه الدارقطني (2): ثنا أبو بكر بن أبي داود، ثنا عمرو بن علي، ثنا عبد الله ابن داود، عن حريث، عن الشعبي، عن البراء بن عازب:"أن النبي عليه السلام كان يسلم تسليمتين".
ص: حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا شعبة (ح).
وحدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، عن سلمة بن كهيل قال: سمعت حُجْرًا أبا عنبس، يحدث عن وائل بن حجر:"أنه صلى خلف النبي عليه السلام فسلم عن يمينه وعن يساره".
(1)"سنن البيهقي الكبرى"(2/ 177 رقم 2803).
(2)
"سنن الدارقطني"(1/ 357 رقم 5).
حدثنا محمَّد بن خزيمة، قال: ثنا عبد الله بن رجاء الغداني، قال: ثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري قال: سمعت عبد الرحمن، يحدث عن وائل بن حجر، عن رسول الله عليه السلام، مثله.
ش: هذه ثلاث طرق صحاح:
الأول: عن ابن مرزوق، عن أبي الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي، عن شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن حجر بن العنبس الحضرمي أبي العنبس الكوفي المحضرم، عن وائل بن حجر.
وأخرجه أبو داود (1): ثنا عبدة بن عبد الله، نا يحيى بن آدم، نا موسى بن قيس الحضرمي، عن سلمة بن كهيل، عن علقمة بن وائل، عن أبيه قال:"صليت مع النبي عليه السلام، فكان يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله، وعن شماله: السلام عليكم ورحمة الله".
الثاني: عن أبي بكرة بكار القاضي، عن أبي داود سليمان بن داود الطيالسي، عن شعبة، عن سلمة، عن حجر، عن وائل.
وأخرجه الطيالسيى في "مسنده"(2).
الثالث: عن محمَّد بن خزيمة بن راشد، عن عبد الله بن رجاء بن عمرو الغداني شيخ البخاري، عن شعبة، عن عمرو بن مرة المرادي الكوفي الأعمى، عن أبي البختري -بفتح الباء الموحدة، وسكون الخاء المعجمة، وفتح التاء المثناة من فوق، وكسر الراء- واسمه سعيد بن فيروز الطائي الكوفي، عن عبد الرحمن اليحصبي، عن وائل
…
إلى آخره.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(3): عن غندر، عن شعبة، عن عمرو بن مرة، قال: سمعت أبا البختري، يحدث عن عبد الرحمن اليحصبي، عن وائل الحضرمي:
(1)"سنن أبي داود"(1/ 262 رقم 997).
(2)
"مسند الطيالسي"(1/ 138 رقم 1024).
(3)
"مصنف ابن أبي شيبة"(1/ 265 رقم 3042).
"أنه صلى مع رسول الله عليه السلام، فكان يكبر إذا خفض وإذا رفع، ويرفع يديه عند التكبير، ويسلم عن يمينه وعن يساره
…
" الحديث.
ص: حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا يحيى بن معين، قال: ثنا العتمر بن سليمان، قال: قرأت على الفضيل: حدثني أبو حريز، أن قيس بن أبي حازم حدثه، أن عدي بن عميرة الحضرمي قال:"كان النبي عليه السلام إذا سلم في الصلاة أقبل بوجهه على يمينه حتى يرى بياض خده الأيمن، ثم يسلم عن يساره، ويقبل بوجهه حتى يرى بياض خده الأيسر".
ش: يحيى بن معين -بفتح الميم- الإِمام المشهور في الجرح والتعديل.
والمعتمر بن سليمان بن طرخان البصري، روى له الجماعة.
والفضيل بن ميسرة الأزدي العقيلي، أبو معاذ البصري، وثقه يحيى وابن حبان، وروى له أبو داود والنسائي وابن ماجه.
وأبو حريز -بفتح الحاء المهملة، وكسر الراء، وسكون الياء آخر الحروف، وفي آخره زاي معجمة- واسمه عبد الله بن الحسن قاضي سجستان؛ فعن أحمد: منكر الحديث. وعن يحيى: ثقة. وعنه: ضعيف. وقال أبو داود: ليس حديثه بشيء. وقال النسائي: ضعيف. استشهد به البخاري، وروى له الأربعة.
وقيس بن أبي حازم واسمه حصين بن عوف البجلي الأحمسي أبو عبد الله الكوفي، أدرك الجاهلية، وهاجر إلى النبي عليه السلام ليباعه فقبض وهو في الطريق، وقيل: إنه رآه يخطب؛ ولم يثبت ذلك.
وأبو حازم له صحبة، روى له الجماعة.
وعدي بن عميرة -بفتح العين وكسر الميم- الكندي الصحابي، أبو زرارة.
وأخرجه أبو يعلى في "مسنده": نا محمَّد بن إسماعيل بن أبي سمينة البصري، نا معتمر بن سليمان قال: قرأت على فضيل، عن أبي حريز، عن قيس بن أبي حازم،
عن عدي بن عميرة: "أن النبي عليه السلام كان إذا سجد جافي، حتى يرى بياض إبطيه، وكان يسلم عن يمينه وعن يساره: السلام عليكم، السلام عليكم".
ص: حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عياش بن الوليد الرقام، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا قرة -يعني ابن خالد- قال: ثنا بديل، عن شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غَنْم قال: "قال أبو مالك الأشعري لقومه: ألا أصلي بكم صلاة رسول الله عليه السلام
…
فذكر الصلاة، وسلم عن يمينه وعن شماله، ثم قال: هكذا كانت صلاته".
ش: إسناده صحيح، وعياش -بتشديد الياء آخر الحروف- شيخ البخاري وأبي داود.
وعبد الأعلى بن عبد الأعلى بن محمَّد السامي البصري من بني سامة بن لؤي بن غالب، روى له الجماعة.
وقرة بن خالد السدوسي أبو خالد البصري، روى له الجماعة.
وبديل -بضم الباء- ابن ميسرة العقيلي البصري، روى له الجماعة سوى البخاري.
وشهر بن حوشب الأشعري أبو سعيد الحمصي، روى له الأربعة، ومسلم مقرونًا بغيره.
وعبد الرحمن بن غَنْم -بفتح الغين المعجمة، وسكون النون- الأشعري الشامي، مختلف في صحبته؛ قال العجلي: شامي تابعي ثقة، من كبار التابعين.
وأبو مالك الأشعري الصحابي رضي الله عنه، قيل: اسمه: الحارث بن الحارث، وقيل: عبيد، وقيل: عبيد الله، وقيل: عمرو، وقيل: كعب بن عاصم، وقيل غير ذلك.
والحديث أخرجه الطبراني في "الكبير"(1): ثنا العباس بن الفضل الأسفاطي، نا عياش بن الوليد الرقام، ثنا عبد الأعلى، ثنا قرة بن خالد، ثنا بديل بن ميسرة، ثنا شهر بن حوشب، قال:"قال أبو مالك الأشعري: لأصلين بكم صلاة رسول الله عليه السلام، فدعا بوضوء وتوضأ، ثم قام إلى الصلاة فصف رجال وصف خلفهم الغلمان، فجعل يكبر إذا سجد، وإذا رفع رأسه، وإذا قام من الركعتين، ثم سلم عن يمينه وعن شماله".
ص: حدثنا أبو أمية، قال: ثنا علي بن المديني، قال: ثنا ملازم بن عمرو، قال: ثنا هوذة بن قيس بن طلق، عن أبيه، عن جده طلق بن علي رضي الله عنه قال:"كنا إذا صلينا مع رسول الله عليه السلام رأينا بياض خده الأيمن وبياض خده الأيسر".
ش: إسناده صحيح، وأبو أمية محمَّد بن إبراهيم بن مسلم الطرسوسي.
وعلي بن المديني شيخ البخاري وإمام أهل الحديث.
وملازم بن عمرو بن عبد الله السحيمي وثقه يحيى وأحمد، وروى له الأربعة.
وهوذة بن قيس بن طلق بن علي، وثقه ابن حبان.
وأبوه قيس بن طلق الحنفي اليمامي، قال العجلي: تابعي ثقة.
وأبوه طلق بن علي بن المنذر من أصحاب النبي عليه السلام.
والحديث أخرجه أحمد في "مسنده"، والطبراني في "معجمه"(2)، وابن حبان في "صحيحه" (3): عن ملازم بن عمرو، حدثني هوذة بن قيس بن طلق، عن أبيه، عن جده:"كان رسول الله عليه السلام يسلم عن يمينه وعن يساره، حتى يُرى بياض خده الأيمن وبياض خده الأيسر".
(1)"المعجم الكبير"(3/ 281 رقم 3416).
(2)
"المعجم الكبير"(8/ 333 رقم 8246).
(3)
وأخرجه في "الثقات"(7/ 590) في ترجمة هوذة بن قيس.
ص: حدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا أسد بن موسى، قال: ثنا قيس بن الربيع، عن عمير بن عبد الله، عن عبد الملك بن المغيرة الطائفي، عن أوس بن أوس -أو أوس بن أبي أوس- قال:"أقمت عند النبي صلى الله عليه وسلم نصف شهر فرأيته يصلي ويسلم عن يمينه وعن شماله".
ش: قيس بن الربيع الأسدي أبو محمد الكوفي، قال يحيى بن معين: ضعيف لا يكتب حديثه، وعنه: ليس بشيء. وعنه: ضعيف الحديث، لا يساوي شيئًا. وقال الجوزجاني: ساقط. وقال النسائي: ليس بثقة. وعنه: متروك الحديث. روى له أبو داود والترمذي وابن ماجه.
وعمير بن عبد الله بن بشر الخثعمي، ذكره ابن حبان في "الثقات".
وعبد الملك بن المغيرة الطائفي، وثقه ابن حبان. وروى له الترمذي حديثًا واحدًا.
وأوس بن أوس الثقفي الصحابي، ويقال: أوس بن أبي أوس، كذا قال يحيى بن معين، ويقال: أخطأ فيه يحيى؛ لأن أوس بن أبي أوس هو ابن حذيفة، والظاهر ما قاله يحيى؛ لأن البخاري قال في "تاريخه الكبير": أوس بن حذيفة الثقفي والد عمرو، ويقال: أوس بن أبي أوس، وكذا جعل أبو نعيم كليهما واحدًا، وقد بسطنا الكلام فيه في كتاب الرجال (1).
ص: حدثنا أحمد بن عبد المؤمن الصوفي، قال: ثنا أشعث بن شعبة، قال: ثنا المنهال بن خليفة، عن الأزرق بن قيس قال:"صلى بنا أبو رِمْثة، ثم حدثنا أن رسول الله عليه السلام سلم في الصلاة عن يمينه وعن يساره".
ش: أشعث -بالثاء المثلثة- ابن شعبة المصيصي أبو أحمد، أصله خراساني، سكن الثغور، وثقه ابن حبان، وروى له أبو داود.
(1) يقصد المؤلف رحمه الله به كتاب "مغاني الأخيار في رجال معاني الآثار" الذي جعله كتقدمة لشرحه كتاب "شرح معاني الآثار" المسمى "مباني الأخبار".
والمنهال بن خليفة العجلي أبو قدامة الكوفي، قال النسائي: ضعيف. وقال البخاري: فيه نظر. وقال ابن حبان: كان ينفرد بالمناكير عن المشاهير، لا يجوز الاحتجاج به. وقال يحيى: ضعيف. وقال أبو حاتم: صالح، يكتب حديثه. روى له أبو داود والترمذي وابن ماجه.
والأزرق بن قيس الحارثي، وثقه ابن حبان.
وأبو رِمْثَة -بكسر الراء، وسكون الميم، وفتح الثاء المثلثة، وفي آخره هاء- له صحبة، وعداده في أهل البصرة.
والحديث أخرجه أحمد بن هارون المصيصي، عن أشعث بن شعبة، عن المنهال بن خليفة، عن الأزرق بن قيس قال:"صلى بنا أبو ريمة (1)، فسلم عن يمينه وعن يساره، حتى يرى بياض خده، ثم قال: صليت بكم كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي".
(1) والحديث أخرجه أبو داود في "سننه"(1/ 329 رقم 1007) من طريق أشعث بن شعبة به، وهكذا وقع هنا وفي "تحفة الأشراف" (9/ 212 رقم 12041): أبو ريمة، وقال الحافظ في "التهذيب": وقفت على عدة نسخ من "سنن" أبي داود: إحداها بخط الخطيب، وأخرى بخط أبي الفضل بن طاهر، وأخرى من طريق ابن الأعرابي، ومن طريق ابن أبي ذئب، ومن طريق الرملي كلها متفقة في سياقها: عن أبي رمثة، هكذا براء ثم ميم ثم ثاء مثلثة، وهكذا أخرج الحاكم هذا الحديث في "المستدرك" (1/ 403 رقم 996) فيما وقفت عليه من نسخه فقال: عن أبي رمثة.
وكذلك أورده الطبراني في "المعجم الكبير"(22/ 284 رقم 728) في مسند أبي رمثة في حرف الياء فإنه سماه يثربي كما قيل في أحد أسمائه، ولم أر من ضبطه براء ثم ياء مثناة من تحت ثم ميم إلا في هذا الكتاب.
ثم ذكره ابن منده بهذا الحديث فكناه أبا ريمة فلعل المصنف تبعه، ثم رأيت في "الصحابة" لابن حبان ما هذا نصه: أبو ريمة لم يزد على ذلك فالله تعالى أعلم.
وبنحو هذا الكلام علق الحافظ ابن حجر في "النكت الظراف" على "تحفة الأشراف". وفي "الإصابة"(7/ 147).
فهذا كما رأيت أخرج الطحاوي حديث التسليمتين عن ثلاثة عشر من الصحابة رضي الله عنهم، وهم: سعد بن أبي وقاص، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وعمار بن ياسر، وعبد الله بن عمر، وجابر بن سمرة، والبراء بن عازب، ووائل بن حجر، وعدي ابن عميرة الحضرمي، وأبو مالك الأشعري، وطلق بن علي، وأوس بن أوس، وأبو رمثة.
ولما أخرج الترمذي حديث عبد الله بن مسعود في هذا الباب قال: وفي الباب عن سعد بن أبي وقاص، وابن عمر، وجابر بن سمرة، والبر اء، وأبي سعيد، وعمار وجابر بن عبد الله، ووائل، وعدي بن عميرة.
فهؤلاء عشرة أنفس قد أخرج الطحاوي أحاديثهم ما خلا جابر بن عبد الله وأبا سعيد الخدري، وزاد عليهم من زاد كما ذكرنا.
قلت: وفي الباب أيضا عن سهل بن سعد، وحذيفة بن اليمان، والمغيرة بن شعبة، وواثلة بن الأسقع، وعبد الله بن زيد رضي الله عنهم.
أما حديث جابر بن عبد الله فأخرجه
…
(1).
وأما حديث أبي سعيد الخدري فأخرجه
…
(1)
وأما حديث سهل بن سعد فأخرجه أحمد في "مسنده"(2): عن يحيى بن إسحاق، عن ابن لهيعة، عن محمد بن عبد الله بن مالك، عن سهل بن سعد رضي الله عنه:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم في صلاته عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خديه".
فيه ابن لهيعة والإمام أحمد يعظمه.
وأما حديث حديفة بن اليمان رضي الله عنه فأخرجه الحافظ ضياء الدين محمَّد بن عبد الواحد المقدسي كتابه "الأحكام": عن حذيفة بن اليمان قال: "كان رسول الله عليه السلام يسلم عن يمينه، وعن يساره، حتى يرى بياض خده: السلام
(1) بيض له المؤلف رحمه الله.
(2)
"مسند أحمد"(1/ 414 رقم 3933).
عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله"، وذكر أن ابن ماجه رواه، وكذا ذكر أبو الحجاج يوسف بن الزكي (1) أن ابن ماجه أخرجه في الصلاة عن علي بن محمَّد، عن يحيى بن آدم، عن أبي بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، عن حذيفة ولم أجد ذلك في باب "التسليم" في كتاب الصلاة في "سنن" ابن ماجه، والذي وجدته في هذا الباب إنما هو هذا السند عن عمار بن ياسر رضي الله عنه (2).
وأما حديث المغيرة بن شعبة فأخرجه الطبراني (3): عن الحسن بن علي، عن محمود بن خالد الدمشقي، عن أبيه، عن عيسى بن المسيب، عن سلم بن عبد الرحمن النخعي، عن وراد كاتب المغيرة بن شعبة:"أن معاوية كتب إلى المغيرة يسأله عن آخر ما كان يتكلم به رسول الله عليه السلام فكتب إليه: إنه كان يقول إذا سلم: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، بعد أن يسلم عن يمينه وعن شماله، حتي يري بياض خده الأيسر".
وأما حديث واثلة بن الأسقع فأخرجه الشافعي في "مسنده"(4): عن إبراهيم بن محمَّد، عن إسحاق بن عبد الله، عن عبد الوهاب بن بخت، عن واثلة بن الأسقع:"أن النبي عليه السلام كان يسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى خداه".
وأما حديث عبد الله بن زيد فأخرجه الشافعي أيضًا في "مسنده"(5): عن الدراوردي، عن عمرو بن يحيى، عن محمَّد بن يحيى بن حبان، عن عمه واسع بن حبان، قال مرة: عن ابن عمر، ومرة: عن عبد الله بن زيد: "أن النبي عليه السلام كان يسلم عن يمينه وعن يساره".
(1)"تحفة الأشراف"(3/ 43 رقم 3356).
(2)
"سنن ابن ماجه"(1/ 296 رقم 916).
(3)
"المعجم الكبير"(20/ 393 رقم 929).
(4)
"مسند الشافعي"(1/ 43).
(5)
"مسند الشافعي"(1/ 44).
ص: قال أبو جعفر رحمه الله: فلم نعلم شيئا صح عن النبي عليه السلام في السلام في الصلاة إلا وقد دخل فيما روينا في هذا الباب؛ فإنما يخالف ذلك من يخالفه إلى حديث الدراوردي الذي قد بينا فساده في أول هذا الباب.
ش: أشار بهذا الكلام إلى أن الأحاديث التي صحت عن النبي عليه السلام أنه كان يسلم مرتين في الصلاة قد دخلت فيما رواه عن الصحابة المذكورين رضي الله عنهم، والذي يخالف في ذلك إنما يخالف ذاهبا إلى، حديث عبد العزيز بن محمَّد الدراوردي الذي فيه التسليم مرة، وقد بين فيما مضى فساد ذلك. والله أعلم.
ص: وقد احتج قوم في ذلك أيضًا بما حدثنا ابن أبي داود وأحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقيّ، قالا: ثنا عمرو بن أبي سلمة، قال: ثنا زهير بن محمَّد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنهما:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليمة واحدة".
قيل لهم: هذا حديث أصله موقوف على عائشة، هكذا رواه الحفاظ، وزهير بن محمَّد وإن كان رجلًا ثقة فإن رواية عمرو بن أبي سلمة عنه تضعف جدَّا، هكذا قال يحيى بن معين فيما حكى لي عنه غير واحد من أصحابنا منهم علي بن عبد الرحمن، وزعم أن فيها تخليطا كبيرًا.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: جماعة من المالكية، فإنهم احتجوا فيما ذهبوا إليه من أن السلام في آخر الصلاة مرة واحدة بحديث عائشة رضي الله عنها.
أخرجه عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، وأحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي، كلاهما عن عمرو بن أبي سلمة
…
إلى آخره.
وأخرجه الترمذي (1): ثنا محمَّد بن يحيى النيسابوري، قال: ثنا عمرو بن أبي سلمة، عن زهير بن محمَّد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: "أن
(1)"جامع الترمذي"(2/ 91 رقم 296).
رسول الله عليه السلام كان يسلم في الصلاة تسليمة واحدة تلقاء وجهه، ثم يميل إلى الشق الأيمن شيئا".
وأخرجه ابن ماجه أيضا (1): ثنا هشام بن عمار، ثنا عبد الملك بن محمَّد الصنعاني، نا زهير بن محمَّد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنهما:"أن رسول الله عليه السلام كان يسلم تسليمة واحدة تلقاء وجهه".
وأخرجه البيهقي (2)، والدارقطني (3) أيضًا.
وأجاب عن هذا بقوله: "قيل لهم
…
إلى آخره" وبيان ذلك من وجهين:
الأول: أنه موقوف على عائشة رضي الله عنها، هكذا قال الحفاظ، ولهذا لما أخرجه الترمذي قال: لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه.
وقال ابن حزم في "المحلى": أما تسليمة واحدة فلا يصح فيها شيء عن رسول الله عليه السلام؛ لأن الأخبار في ذلك إنما هي من طريق فيه إما مجهول، أو ضعيف، أو ساقط، أو من طريق مرسل.
الثاني: أنه معلول برواية عمرو بن أبي سلمة، عن زهير بن محمَّد؛ فإن روايته عنه ضعيفة جدًّا كذا قال إمام الصنعة الحافظ يحيى بن معين.
فهذا الطحاوي قد وثق زهير بن محمَّد، ولكن ادعى أن رواية عمرو بن أبي سلمة عنه ضعيفة، وغيره ادعى أن كليهما ضعيفان، فقال صاحب "الاستذكار" ذُكِر هذا الحديث -يعني حديث عائشة هذا- لابن معين فقال: عمرو بن أبي سلمة وزهير ضعيفان لا حجة فيهما. وقال الترمذي: قال محمَّد بن إسماعيل: زهير بن محمَّد أهل الشام يروون عنه مناكير، ورواية أهل العراق عنه أشبه. وقال النسائي: ليس
(1)"سنن ابن ماجه"(1/ 297 رقم 919).
(2)
"سنن البيهقي الكبرى"(2/ 179 رقم 2810).
(3)
"سنن الدارقطني"(1/ 357 رقم 7).
بالقوي. وذكره أبوزرعة في أسامي الضعفاء. وقال عثمان الدارمي: له أغاليط كثيرة. وقال النسائي في رواية: ضعيف. وعنه: ليس به بأس.
قلت: الصواب ما قاله الطحاوي أن زهير بن محمَّد ثقة، ولهذا احتج به الشيخان في "صحيحيهما"، وكذا الأربعة في كتبهم، وإنما علة الحديث من جهة عمرو بن أبي سلمة، فإن يحيى قال فيه: ضعيف. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال العقيلي: في حديثه وهم.
فإن قيل: عمرو بن أبي سلمة أيضًا احتج به الشيخان في "صحيحيهما" والأربعة في كتبهم.
قلت: قد قلنا: إن رواية عمرو بن أبي سلمة إنما تضعف عن زهير بن محمد؛ لا أنه في نفسه ضعيف، ألا ترى إلى ما قاله البخاري: زهير بن محمَّد أهل الشام يروون عنه مناكير، وعمرو بن أبي سلمة من أهل الشام؛ لأنه دمشقي نزل بتنيس وتوفي بها سنة ثلاث عشرة ومائتين، وقد روى عنه إبراهيم بن أبي داود البرلسي وأحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي، وأحمد بن مسعود الخياط مشايخ الطحاوي، وروط عنه الشافعي أيضًا فتارة يصرح باسمه، وتارة يقول: أخبرنا الثقة عن الأوزاعي، والدليل على ما ذكرنا أن البخاري ومسلمًا أخرجا أحاديث عائشة وأخذا من عمرو بن أبي سلمة وزهير بن محمَّد من غير هذا الوجه، فلم يخرجا حديث عائشة هذا لكونه منكرًا، فافهم.
وعندي جواب آخر عن حديث عائشة ل إن كان صحيحا: أن عائشة كانت تقف في صف النساء، وصفهن متأخر عن صفوف الرجال، فيحتمل أنها سمعت من النبي عليه السلام تسليمة واحدة ولم تسمع الأخرى؛ ولهذا أكابر الصحابة حكوا عنه عليه السلام تسليمتين كما ذكرناه.
فإن قيل: روى ابن ماجه (1): عن أبي مصعب المديني أحمد بن أبي بكر، عن عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد الساعدي، عن أبيه، عن جده:"أن رسول الله عليه السلام سلم تسليمة واحدة".
وروى عن (2): محمَّد بن الحارث المصري، عن يحيى بن راشد، عن يزيد مولى سلمة بن الأكوع قال:"رأيت رسول الله عليه السلام صلى، فسلم مرة واحدة".
وروى البيهقي (3): من حديث عبد الله بن عبد الوهاب الحجبي، عن عبد الوهاب الثقفي، عن حميد، عن أنس:"أن النبي عليه السلام كان يسلم تسليمة واحدة".
ومن حديث (4) نعيم بن حماد، عن روح بن عطاء بن أبي ميمونة، عن أبيه، عن الحسن، عن سمرة:"كان رسول الله عليه السلام يسلم في الصلاة تسليمة قبالة وجهه، فإذا سلم عن يمينه سلم عن يساره".
قلت: أما حديث سهل بن سعد فهو منكر، قال البخاري: عبد المهيمن بن عباس منكر الحديث، ولهذا لم يرو له الشيخان شيئا ولئن صح فهو محمول على أن سهلا كان صبيا وكان مقامه في الصلاة متأخرًا عن صفوف الرجال، فيحتمل أن يكون سمع من النبي عليه السلام تسليمة واحدة، كما ذكرنا في حديث عائشة.
وأما حديث سلمة بن الأكوع فهو معلول بيحيى بن راشد؛ لأن ابن معين ضعفه.
وأما حديث أنس فقد قال الذهبي: فرد غريب.
وأما حديث سمرة ففي إسناده روح بن عطاء، فقال الذهبي: روح واهٍ.
(1)"سنن ابن ماجه"(1/ 279 رقم 918).
(2)
"سنن ابن ماجه"(1/ 297 رقم 920).
(3)
"سنن البيهقي الكبرى"(2/ 179 رقم 2812).
(4)
"سنن البيهقي الكبرى"(2/ 179 رقم 2813).
على أن صاحب "التمهيد" قد عده من الأحاديث التي فيها تسليمتان.
قوله: "منهم علي بن عبد الرحمن" وهو علي بن عبد الرحمن بن محمَّد بن المغيرة بن نشيط القرشي المخزومي أبو الحسن الكوفي، ثم المصري المعروف بعلان أحد مشايخ الطحاوي.
قوله: "وزعم أن فيها" أي زعم يحيى بن معين أن في رواية عمرو بن أبي سلمة عن زهير بن محمَّد تخليطا كبيرًا -بالثاء المثلثة أو بالباء الموحدة- ومن جملة التخليط: أن هشام بن عروة كان يقول: كان يسلم تسليمة يسمعنا، ويقال: كان يسلم تسليما ويقال: تسليمة، ويقال: كان يسلم تسليمة واحدة.
وقال الأثرم: سألت أحمد عن هذا الحديث، فقال: إنما يقول هشام: كان يسلم تسليمة يسمعنا.
قيل له: إنهم يختلفون فيه عن هشام بعضهم يقول: تسليمًا وبعضهم يقول: تسليمة، قال: هذا أجود.
فقد بين أحمد أن معنى الحديث يرجع إلى، أنه يسمعهم التسليمة الواحدة ومن روى تسليمًا فلا حجة لهم فيه؛ فإنه يقع على الواحدة والثنتين والله أعلم.
ص: فإن قال قائل: فإذا ثبت عن عائشة رضي الله عنها ما ذكرت فبمن تعارضها في ذلك من أصحاب النبي عليه السلام؟ قيل له: بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وقد روينا عنهما فيما تقدم من هذا الباب.
ش: هذا سؤال من جهة الخصم، تقريره أن يقال: سلمنا أن حديث عائشة رضي الله عنها غير مرفوع، وأنه موقوف عليها، ولكنه إذا ثبت عنها فمن يعارض عائشة في ذلك من الصحابة؟
وتقرير الجواب: أن الأسود روى عن عبد الله بن مسعود قال: "كان رسول الله عليه السلام وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما يسلمون عن أيمانهم وعن شمائلهم في
الصلاة: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله" وقد تقدم الحديث في هذا الباب، فهذا يعارض ما روي عن عائشة رضي الله عنها، وكذا روي عن غيرهما من الصحابة نحو ذلك على ما يجيء بيانه إن شاء الله تعالى، فالأخذ بأقوالهم أولى لقربهم من رسول الله عليه السلام في مكان الصلاة، وكثرة حفظهم لأفعاله عليه السلام.
ص: حدثنا حسين بن نصر وعلي بن شيبة، جميعًا قالا: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان، عن حماد، عن أبي الضحى، عن مسروق، قال:"كان أبو بكر رضي الله عنه يسلم عن يمينه وعن شماله، ثم ينفتل ساعتئذ كأنه على الرضف".
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود ووهب، قالا: ثنا شعبة وهمام (ح).
وحدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عامر العقدي، قال: ثنا هشام، عن حماد
…
فذكر بإسناده مثله.
ش: أشار بهذا إلى ما روي من فعل أبي بكر رضي الله عنه مما يعارض ما روي عن عائشة من روايتها التي هي في الأصل موقوفة عليها.
وأخرجه من ثلاث طرق صحاح:
الأول: عن حسين بن نصر وعلي بن شيبة، كلاهما عن أبي نعيم الفضل بن دكين، عن سفيان الثوري، عن حماد بن أبي سليمان، عن أبي الضحى مسلم بن صُبَيْح -بضم الصاد وفتح الباء الموحدة- عن مسروق بن الأجدع.
وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(1): عن معمر والثوري، عن حماد وجابر، عن أبي الضحى، عن مسروق:"أن أبا بكر رضي الله عنه كان إذا سلم عن يمينه وعن شماله قال: السلام عليكم ورحمة الله، ثم انفتل ساعتئذ كأنما كان جالسا على الرضف".
قوله: "ثم ينفتل" أي ينصرف.
(1)"مصنف عبد الرزاق"(2/ 242 رقم 3214).
قوله: "ساعتئذ" أي حينئذ، أي حين قوله: السلام عليكم.
قوله: "على الرضف" بفتح الراء وسكون الضاد المعجمة وفي آخره فاء، وهو الحجارة المحماة على النار، واحدها رضفة.
الثاني: عن أبي بكرة بكار القاضي، عن أبي داود سليمان بن داود الطيالسي ووهب بن جرير، كلاهما عن شعبة وهشام الدستوائي، عن حماد، عن أبي الضحى، عن مسروق.
الثالث: عن أبي بكرة أيضًا، عن أبي عامر عبد الملك بن عمرو العقدي، عن هشام، عن حماد، عن أبي الضحى، عن مسروق بن الأجدع.
ص: حدثنا سليمان بن شعيب الكيساني، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا شعبة، عن الأعمش، عن أبي رزين قال:"صليت خلف علي بن أبي طالب رضي الله عنه فسلم عن يمينه وعن يساره".
حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان، عن عاصم، عن أبي رزين قال:"كان علي رضي الله عنه يسلم عن يمينه وعن شماله، قيل لسفيان: عليّ؟ قال: نعم".
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر الزهراني، قال: ثنا شعبة، عن عاصم، عن أبي رزين قال:"صليت خلف علي وعبد الله رضي الله عنهما فسلما تسليمتين".
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عمرو بن خالد، قال: ثنا زهير، عن أبي إسحاق، عن شقيق بن سلمة، عن عليّ رضي الله عنه:"أنه كان يسلم في الصلاة عن يمينه وعن شماله".
حدثنا سليمان بن شعيب، قال: أنا الخصيب، قال: ثنا همام، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي:"أنه صلى خلف عليّ وابن مسعود رضي الله عنهما فكلاهما سلم عن يمينه وعن يساره: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله".
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن شقيق، عن علي رضي الله عنه:"أنه كان يسلم في الصلاة عن يمينه وعن شماله".
ش: أخرج أثر علي بن أبي طالب الذي يخالف ما روي عن عائشة -وفي بعض طرقه عن ابن مسعود أيضًا- من ستة طرق صحاح:
الأول: عن سليمان بن شعيب الكيساني صاحب محمَّد بن الحسن الشيباني، عن عبد الرحمن بن زياد الثقفي الرصاصي، عن شعبة، عن سليمان الأعمش، عن أبي رزين مسعود بن مالك الأسدي الكوفي
…
إلى آخره.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(1): ثنا ابن فضيل، عن إسماعيل بن سميع قال: سمعت أبا رزين يقول: "سمعت عليًّا رضي الله عنه يسلم في الصلاة عن يمينه وعن شماله، والتي عن شماله أخفض".
الثاني: عن حسين بن نصر، عن أبي نعيم الفضل بن دكين، عن سفيان الثوري، عن عاصم بن سليمان الأحول، عن أبي رزين
…
إلى آخره.
وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(2): عن معمر والثوري، عن عاصم، عن أبي رزين:"أن عليًّا رضي الله عنه كان يسلم عن يمينه وعن يساره: السلام عليكم".
الثالث: عن إبراهيم بن مرزوق، عن بشر بن عمر الزهراني شيخ البخاري
…
إلى آخره.
الرابع: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن عمرو بن خالد بن فروخ الجزري الحراني شيخ البخاري، عن زهير بن معاوية بن حديج، عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي، عن شقيق بن سلمة
…
إلى آخره.
(1)"مصنف ابن أبي شيبة"(1/ 266 رقم 3052).
(2)
"مصنف عبد الرزاق"(2/ 219 رقم 3131).
وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(1): عن معمر، عن أبي إسحاق، عن رجل، عن علي رضي الله عنه، نحوه.
الخامس: عن سليمان بن شعيب الكيساني، عن الخصيب بن ناصح البصري نزيل مصر، وثقه ابن حبان.
عن همام بن يحيى، عن عطاء بن السائب بن مالك المدني، عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن حبيب السلمي الكوفي القارئ.
وأخرجه ابن حزم في "المحلى"(2): من طريق أبي وائل وأبي عبد الرحمن السلمي: "أن علي بن أبي طالب كان يسلم عن يمينه وعن شماله: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله".
ومن طريق (1) أبي عبد الرحمن السلمي: "أن عبد الله بن مسعود كان يسلم في الصلاة تسليمتين".
السادس: عن أبي بكرة بكار القاضي، عن أبي داود سليمان بن داود الطيالسي، عن زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(3): من حديث الأعمش، عن شقيق، عن علي رضي الله عنه.
ص: حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: ثنا جرير بن عبد الحميد، عن الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله:"أن أمير مكة صلى فسلم تسليمتين، فقال ابن مسعود رضي الله عنه: أترى من أين علقها؟ ".
(1)"مصنف عبد الرزاق"(2/ 219 رقم 3132).
(2)
"المحلى"(4/ 131).
(3)
"مصنف ابن أبي شيبة"(1/ 266 رقم 3051).
ش: ذكر الطحاوي هذا مرة في هذا الباب، عن إبراهيم بن أبي داود، عن مسدد، عن يحيى، عن شعبة، عن الحكم ومنصور، عن مجاهد، عن أبي معمر، عن عبد الله، وذكر أن الحكم رفعه، وقد ذكرنا هناك أن مسلمًا أخرجه، ورجال هذا أئمة أجلاء.
وعثمان بن أبي شيبة شيخ مسلم وأبي داود.
وجرير بن عبد الحميد الرازي القاضي أحد أصحاب أبي حنيفة، روى له الجماعة.
والأعمش هو سليمان.
ومالك بن الحارث السلمي الرقي روى له مسلم وأبو داود والنسائي.
وعبد الرحمن بن يزيد النخعي أبو بكر الكوفي، روى له الجماعة.
قوله: "أن أمير مكة" شرفها الله تعالى، هو نافع بن عبد الحارث.
والدليل عليه ما رواه عبد الرزاق في "مصنفه"(1): عن ابن جريج قال: أخبرني عطاء: "أنَّ نافع بن عبد الحارث -وهو أمير مكة- كان إذا سلم التفت فيسلم عن يمينه، ثم يسلم عن شماله، فبلغت ابن مسعود رضي الله عنه فقال: أنى أخذها ابن عبد الحارث؟ ". فقال ابن جريج: وبلغني أن ابن مسعود قال: "أنى أخذها؟! فإني رأيت بياض وجه رسول الله عليه السلام من كلا الشقين إذا سلم".
قوله: "من أين عَلقَها؟ " أي من أين أخذها، وقد مَرَّ الكلام فيه مستقصى عن قريب.
ص: قال ابن أبي داود: قال يحيى بن معين: هذا من أصح ما روي في هذا الباب.
(1)"مصنف عبد الرزاق"(2/ 220 رقم 3136).
ش: أي قال إبراهيم بن أبي داود البرلسي شيخ الطحاوي راوي الأثر المذكور، قال يحيى بن معين: هذا -أي أثر ابن مسعود المذكور- من أصح ما روي في باب "ما روي عن الصحابة في أن السلام في الصلاة مرتين" والله أعلم.
والدليل عليه: أن مسلما أخرجه كما ذكرناه.
ص: حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب قال:"كان عمّار رضي الله عنه أميرًا علينا سنة، لا يصلي صلاة إلا سلم عن يمينه وعن شماله: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله".
ش: إسناده صحيح، وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله، وحارثة بن مضرب العبدي الكوفي وثقه يحيى، وقال أحمد: حسن الحديث. روى له الأربعة.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(1): ثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب قال:"صليت خلف عمار؛ فسلم عن يمينه وعن شماله: السلام عليكم ورحمة الله".
وأخرجه عبد الرزاق (2): عن معمر، عن أبي إسحاق، نحوه.
ص: حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يحيى بن محبد الله بن بكير، قال: حدثني عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه:"أنه رأى سهل بن سعد الساعدي إذا انصرف من الصلاة سلم عن يمينه وعن شماله".
ش: إسناده صحيح على شرط البخاري.
وأبو حازم اسمه سلمة بن دينار الأعرج الأفزر المدني القاضي الزاهد الحكيم.
وأخرجه أحمد في "مسنده"(3) مرفوعًا: عن سهل بن سعد، وقد ذكرناه.
(1)"مصنف ابن أبي شيبة"(1/ 266 رقم 3049).
(2)
"مصنف عبد الرزاق"(2/ 220 رقم 3134).
(3)
تقدم.
ص: قال أبو جعفر رحمه الله: فهؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبو بكر وعمر وعلي وابن مسعود وعمار رضي الله عنهم، ومن ذكرنا، معهم يسلمون عن أيمانهم وعن شمائلهم، لا ينكر ذلك عليهم غيرهم على قرب عهدهم برؤية رسول الله عليه السلام وحفظهم لأفعاله، فما ينبغي لأحد خلافهم لو لم يكن روي في ذلك عن النبي عليه السلام شيء، فكيف وقد روي عنه عليه السلام ما يوافق فعلهم رضي الله عنهم؟!
ش: هذا ظاهر غني عن مزيد البيان.
قوله: "أبو بكر" وما عطف عليه عطف بيان عن قوله: "أصحاب رسول الله عليه السلام"
قوله: "لا ينكر ذلك
…
إلى آخره" إشارة إلى أن الإجماع وقع على أن التسليم مرتان.
ص: فإن أنكر منكر ما روينا عن أبي وائل عن علي رضي الله عنه: "أنه كان يسلم في الصلاة تسليمتين". وما روينا عنه في ذلك عن عبد الله، واحتج لما أنكر من ذلك بما حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا سعيد بن عامر، قال: ثنا شعبة (ح).
وحدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، قال:"قلت لأبي وائل: أتحفظ التكبير؟ قال: نعم قلت: فالتسليم؟ قال: واحدة".
قال: فكيف يجوز أن يحفظ هو التسليم واحدة! وقد رأى عليًّا وعبد الله يسلمان اثنتين؟! أفترى عَمَّن حفظ الواحدة عن غيرهما، وعنهما كان يحفظ، وبهما كان يقتضي؟ ففي ثبوت هذا عنه ما يجب به فساد ما رويتم عنه في التسليمتين.
قيل له: إن الذي روينا عنه في التسليمتين صحيح، لم يدخله شيء في إسناده ولا في متنه، وذلك على السلام من الصلوات ذات الركوع والسجود، والذي أراده أبو وائل في حديث عمرو بن مرة من السلام مرة واحدة هو في الصلاة ذات التكبير، فإنه قد كان جماعة من الكوفين منهم إبراهيم يسلمون في صلواتهم على جنائزهم تسليمة
خفيفة، ويسلمون في سائر صلواتهم تسليمتين، وهكذا معنى حديث أبي وائل عندنا في ذلك والله أعلم.
وهذا أولى أن يحمل عليه ما روي عنه من ذلك؛ حتى لا يضاد بعضه بعضا.
ش: هنا اعتراض من جهة الخصم، تقريره أن يقال: إنكم قد رويتم عن علي رضي الله عنه في رواية أبي وائل شقيق بن سلمة عنه: أن السلام في آخر الصلاة مرتان، وعندنا ما ينافي هذا ويضاده، وذلك أن عمرو بن مرة، قال لأبي وائل:"أتحفظ التكبير؟ قال: نعم، قال: فالتسليم؟ قال: واحدة". فكيف يجوز أن يحفظ التسليم واحدة حال كونه رائيًا عليًّا وابن مسعود يسلمان ثنتين، فهل هو حفظ الواحدة عن غيرهما -والحال أنه كان يحفظ عنهما وبهما كان يقتدي ويتبع- فإذن في ثبوت ما ذكرنا فساد ما ذكرتم وبطلانه.
وتقرير الجواب أن يقال: إن ما رويناه صحيح سندًا ومتنًا فلا يمكن إنكاره ودفعه، ولكن له محمل، وما رويتم له محمل، وهو أن ما رويناه محمول على السلام من الصلوات التي لها ركوع وسجود، والذي رويتم محمول على صلاة الجنازة، فإن جماعة الكوفيين -منهم إبراهيم النخعي- كانوا يسلمون في الصلاة على الجنازة تسليمة واحدة خفيفة.
وقال ابن أبي شيبة في "مصنفه"(1): ثنا حفص، عن الشيباني، عن عبد الملك بن إياس، عن إبراهيم قال:"تسليم السهو والجنازة واحدة".
وروي ذلك. عن علي وابن عمر، وابن عباس رضي الله عنهم.
قال ابن أبي شيبة (2): ثنا حفص بن غياث، عن حجاج، عن عمير بن سعيد قال:"صلى علي رضي الله عنه على يزيد بن المكلف فكبر عليه أربعًا، وسلم تسليمة خفيفة عن يمينه".
(1)"مصنف ابن أبي شيبة"(1/ 388 رقم 4456).
(2)
"مصنف ابن أبي شيبة"(1/ 499 رقم 11492).
ثنا (1) علي بن مسهر، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما:"أنه كان إذا صلى على الجنازة رفع يديه فكبر، فإذا فرغ سلم على يمينه واحدة".
ثنا (2) وكيع والفضل بن دكين، عن سفيان، عن إبراهيم بن المهاجر، عن مجاهد، عن ابن عباس:"أنه كان يسلم على الجنازة تسليمة".
ص: فإن قال قائل: فقد كان عمر بن عبد العزيز والحسن وابن سيرين يسلمون في صلاتهم تسليمة واحدة، وذكر في ذلك ما حدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا معاذ بن معاذ، عن ابن عون، عن محمَّد.
وعن أشعث، عن الحسن:"أنهما كانا يسلمان في الصلاة تسليمة واحدة حيال وجوههما".
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا سعيد بن عامر، عن ابن عون، عن الحسن ومحمد:"تسليمة واحدة".
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا سعيد، عن سعيد، عن عمر بن عبد العزيز، مثله.
قيل له: صدقت، قد روي هذا عن هؤلاء، وقد روي عمن قبلهم ممن ذكرنا ما يخالف ذلك، مع ما قد تواتر عن رسول الله عليه السلام مما قدمت ذكره في هذا الباب.
ش: وجه هذا الإيراد: أنه قد روي عن عمر بن عبد العزيز والحسن البصري ومحمد بن سيرين أنهم كانوا يسلمون في صلواتهم تسليمة واحدة، وهذا أيضًا يدل على أن التسليم مرة واحدة.
وأخرج ذلك عن أبي بشر عبد الملك بن مروان الرقي، عن معاذ بن معاذ ابن نصر البصري قاضيها، عن عبد الله بن عون البصري، عن محمَّد بن سيرين.
(1)"مصنف ابن أبي شيبة"(1/ 499 رقم 11491).
(2)
"مصنف ابن أبي شيبة"(1/ 499 رقم 11493).
وعن أشعث بن عبد الملك الحبراني البصري، عن الحسن البصري.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(1): ثنا يزيد بن هارون، عن ابن عون، عن الحسن وابن سيرين:"أنهما كانا يسلمان تسليمة عن أيمانهما".
وأخرجه عبد الرزاق (2): عن هشام بن حسان: "أن الحسن وابن سيرين كانا يسلمان في الصلاة واحدة".
وأخرجه أيضًا عن إبراهيم بن مرزوق من وجهين:
أحدهما: عنه عن سعيد بن عامر، عن عبد الله بن عون، عن الحسن البصري ومحمد ابن سيرين.
وأخرجه عبد الرزاق (1) نحوه.
والآخر: عن ابن مرزوق، عن سعيد بن عامر الضبعي، عن سعيد بن أبي عروبة أبي النضر البصري، عن عمر بن عبد العزيز.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(3): عن سهل بن يوسف، عن حميد قال:"صليت خلف عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فسلم واحدة".
وتقرير الجواب أن يقال: سلمنا ما ذكرتم من رواية هذا عن هؤلاء، ولكن قد روي عمن قبلهم من الصحابة ما يخالف ذلك، والأخذ به أول من وجهين:
أحدهما: أن من قبلهم أكبر وأولى بالاتباع من هؤلاء، وهذا ما لا نزاع فيه.
الآخر: أن ما روي عنهم قد تأكد بما قد روي عن النبي عليه السلام بروايات كثيرة مما ذكر في هذا الباب من أنه عليه السلام كان يسلم في آخر صلاته تسليمتين. فافهم.
ص: وقد روى عن سعيد بن المسيب وابن أبي ليلى -وهما من التابعين أكبر من أولئك- خلاف ما روي عنهم.
(1)"مصنف ابن أبي شيبة"(1/ 267 رقم 3070).
(2)
"مصنف عبد الرزاق"(2/ 222 رقم 3144).
(3)
"مصنف ابن أبي شيبة"(1/ 267 رقم 3069).
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني سعيد بن أبي أيوب، عن زهرة بن معبد قال:"كان سعيد بن المسيب يسلم عن يمينه وعن يساره".
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، عن شعبة، عن الحكم قال:"كنت أصلي مع ابن أبي ليلى، فسلم عن يمينه وعن شماله: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله".
ش: أي قد روي عن سعيد بن المسيب وعبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري والحال أنهما من التابعين أكبر من أولئك أبي الحسن البصري وابن سيرين وعمر بن عبد العزيز خلاف ما روي عنهم، أبي عن هؤلاء الثلاثة.
وبين ذلك بما أخرجه عن يونس بن عبد الأعلى المصري شيخ مسلم، عن عبد الله بن وهب المصري، عن سعيد بن أبي أيوب واسمه مقلاص الخزاعي المصري، عن زهرة بن معبد بن عبد الله أبي عقيل المدني نزيل مصر.
وعن إبراهيم بن مرزوق، عن وهب بن جرير، عن شعبة بن الحجاج، عن الحكم بن عتيبة.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(1): ثنا الفضل بن دكين ووكيع، عن شعبة، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى:"أنه كان يسلم عن يمينه وعن يساره: السلام عليكم، السلام عليكم".
ص: قال أبو جعفر رحمه الله: فهذان تابعيان معهما من القدم ومن الصحبة لجماعة من أصحاب رسول الله عليه السلام ما ليس للذي يخالفهما ممن ذكرنا في هذا الباب، فالذي روينا عنهما في ذلك أولى؛ لاقتدائهما بمن قبلهما ولموافقتهما لما قد ثبت عن رسول الله عليه السلام في ذلك، وهذا أيضًا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.
ش: أشار بـ"هذان" إلى سعيد بن المسيب وابن أبي ليلى أراد أنهما من قدماء التابعين، وممن صحبا جماعة من الصحابة رضي الله عنهم.
(1)"مصنف ابن أبي شيبة"(1/ 297 رقم 3060).
بيان الأول: أن ميلاد سعيد بن المسيب قد كان لسنتين مضتا من خلافة عمر رضي الله عنه وقيل: لأربع، ووفاته كانت في سنة أربع وسبعين من الهجرة.
وميلاد ابن أبي ليلى كان لست بقين من خلافة عمر رضي الله عنه، ووفاته كانت في سنة ثلاث وثمانين من الهجرة.
وأما الحسن البصري فإن ميلاده كان لسنتين بقيتا من خلافة عمر رضي الله عنه، ووفاته كانت في سنة عشر ومائة.
وأما محمد بن سيرين فإن ميلاده كان لسنتين بقيتا من خلافة عثمان رضي الله عنه، ووفاته كانت في سنة عشر ومائة أيضًا.
وأما عمر بن عبد العزيز فإن ميلاده كان في سنة إحدى وستين من الهجرة، ووفاته كانت في سنة إحدى ومائة من الهجرة.
وبيان الثانى: أن سعيد بن المسيب كان زوج ابنة أبي هريرة، وكان أعلم الناس بحديثه، وكان أبو هريرة أكثر الصحابة حديثا، وقال أبو حاتم: ليس في التابعين أنبل من سعيد بن المسيب، وهو أثبتهم في أبي هريرة. وقال قتادة: ما رأيت أحدًا قط أعلم بالحلال والحرام من سعيد بن المسيب. وقال سليمان بن موسى: كان سعيد بن المسيب أفقه التابعين. ويقال له: سيد التابعين، وقد قال الإِمام أحمد: سعيد بن المسيب أفضل التابعين. وقد قال الحاكم: إنه أدرك العشرة. وهو وهم.
وروى عن عمر كثيرًا، وعن عثمان، وعلي، وسعد، وأبي هريرة، وأبي بن كعب، وأنس بن مالك، والبراء بن عازب، وبلال، وجابر بن عبد الله، وجبير ابن مطعم، وحسان بن ثابت، وحكيم بن حزام، وزيد بن ثابت، وزيد بن خالد الجهني، وسراقة بن مالك، وصهيب، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، والمسور بن مخرمة، ومعاوية بن أبي سفيان، وأبي الدرداء، وأبي ذر، وأبي سعيد الخدري، وأبي قتادة، وأبي موسى الأشعري، وعائشة
أم المؤمنين، وأم سلمة زوج النبي عليه السلام، وأم شريك، وأسماء بنت عميس، وآخرين كثيرين من الصحابة.
وأما ابن أبي ليلى فإنه أيضًا أدرك كثيرًا من الصحابة، وقال عطاء بن السائب، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: أدركت عشرين ومائة من أصحاب النبي عليه السلام كلهم من الأنصار. وقال عبد الملك بن عمير: لقد رأيت عبد الرحمن ابن أبي ليلى في حلقة فيها نفر من أصحاب النبي عليه السلام يستمعون لحديثه وينصتون له، فيهم البراء بن عازب.
قوله: "فالذي روينا عنهما" أبي عن سعيد بن المسيب وابن أبي ليلى "في ذلك" أي في التسليم مرتين أولى؛ لاقتدائهما بمن قبلهما من الصحابة الذين روي عنهم أن التسليم مرتان.
قوله: "ولموافقتهما" أي ولأجل موافقة سعيد بن المسيب وابن أبي ليلى لما قد ثبت عن رسول الله عليه السلام من أن التسليم مرتان، ولا شك أن الأخذ بما يوافق ما ثبت عن النبي عليه السلام أولى وأحق من الأخذ بما لا يوافقه، وهذا ظاهر لا نزع فيه، والله أعلم.