الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
160 -
القاياتي، شمس الدّين مُحَمَّد بن عَليّ
مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن مُحَمَّد القاياتي قَاضِي القضاةَ شيخ الْإِسْلَام شمس الدّين الشَّافِعِي، عَلامَة الديار المصرية والمرجع إِلَيْهِ فِيهَا فِي غَالب الْعُلُوم النقلية والعقلية. ولد فِي حُدُود سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة، وَقيل سنة خمس وَثَمَانِينَ. وَسمع على الْعِرَاقِيّ، والبلقيني، والأنباسي، والتقي الدجوي، والبدر الطنبدي. وَأَجَازَ لَهُ ابْن الملقن. وَأخذ الْفِقْه عَن البُلْقِينِيّ، والأنباسي. ولازم الشَّيْخ همام الدّين الْخَوَارِزْمِيّ، وَأخذ عَنهُ الْأَصْلَيْنِ، والنحو وَالصرْف، وغالب الْكَشَّاف. وَأخذ النَّحْو أَيْضا عَن الْبَدْر الطنبدي، والفرائض عَن الشَّمْس الْعِرَاقِيّ. ولازم الْعِزّ بن جمَاعَة، وَغير من ذكر من شُيُوخ عصره. وَلم يزل يخْدم الْعُلُوم إِلَى أَن صَار إِمَام عصره فِيهَا، والمقدم على جَمِيع أقرانه. وَشرع فِي شرح الْمِنْهَاج، ونكت على الْمُهِمَّات. وَولي مشيخة سعيد السعدا، ومشيخة البيبرسية، والصلاحية الْمُجَاورَة للشَّافِعِيّ، وتدريس الشَّافِعِيَّة بالأشرفية أول مَا فتحت وبالشيخونية، وتدريس الحَدِيث بالبرقوقية، وَقَضَاء الْقُضَاة بالديار المصرية. مَاتَ يَوْم الِاثْنَيْنِ ثامن عشر الْمحرم سنة خمسين وَثَمَانمِائَة، ورثاه الشّرف يحيى بن الْعَطَّار بقوله:
حقيق أَنْت بِالذكر الْجَمِيل
…
لبعدك فِي زَمَانك عَن مثيل
طلعت على الْبَريَّة شمس علم
…
فَلَا عجب مصيرك للأفول
وَلما أَن حصلت على كثير
…
من الْأُخْرَى فصلت من الْقَلِيل
رحلت لما إِذْ خرت من الْمَعَالِي
…
أثيراً جَاءَ للمجد الأثيل
وَمن كَانَت أمانيه قَرِيبا
…
جدير أَن يُبَادر للرحيل
ركبت مَطِيَّة الحدباء لما
…
أنفت من الرّكُوب على الْخُيُول
تجر وَرَاءَهَا علما وزهدا
…
إِذا أعتاد الورى جر الذيول
وصلت إِلَى الْأمان وللأماني
…
فبشرى بالوصال وبالوصول
ستقراً ثمَّ ترقى ثمَّ تقري
…
بذا جَاءَت أَحَادِيث الرَّسُول
وتسقي من رحيق الْخلد كأسا
…
يكون مزاجها من زنجبيل
وتلقى من رضى الرَّحْمَن امراً
…
يقصر عَنهُ مَعْقُول الْعُقُول
أَلا يَا طَال مَا أجهدت نفسا
…
مُخَالفَة لرأيك فِي الْقبُول
وَكم كلفت من أَمر مشق
…
وَكم حملت من عبء ثقيل
وَكم كابدت من هول شَدِيد
…
وإيسره معالجة الجهول
عدلت عَن الْقَضَاء السوء لما
…
عدلت وَلم تقصر فِي الْعُدُول
فدونك جنَّة المأوى جَزَاء
…
بِمَا أسلفتَ فِي الْعُمر الطَّوِيل
تَجِد ثمَّ الرضى من روضها فِي
…
غصون الْقرب نابته الْأُصُول
فَقل مَا شِئْت فِي روض أريضٍ
…
وَقل ماشئت فِي ظلٍ ظَلِيل
وَإِن طلب الورى مني دَلِيلا
…
على دَعْوَى مقيلك فِي مقيل
فَلَيْسَ يَصح فِي الذهان شيءٌ
…
إِذا احْتَاجَ النَّهَار إِلَى دَلِيل
ظَهرت فلست تخفى عَن أريبٍ
…
وَلم يُنكر سناك سوى جهول
كَذَاك الشَّمْس لم يُنكر سناها
…
إِذا طلعت سوى الطّرف الكليل
جزيت عَن الْبَريَّة كل خيرٍ
…
ومعروفٍ وإحسان جزيل
وَلَا زَالَت هبات الله تترى
…
على مثواك كالغيث الهطول
هبات غادياتٍ رائحاتٍ
…
إِلَيْك تحملت روح الْقبُول
وَقَالَ شهَاب الدّين بن صَالح يمدحه:
سلوا بجنح اللَّيَالِي الطيف هَل هجعا
…
متيم بعدكم بالغمض مَا طَمَعا
يَا حبذا طيفكم فِي اللَّيْل من قمرٍ
…
لَو كَانَ فِي أفق الأجفان قد طلعا
يَا جيرة الْجزع لَا لاقيتكم جزعاً
…
أَواه كم ذَا أُلاقي بعدكم جزعا
أحبابنا مَا أَضَاء الْبَرْق مُبْتَسِمًا
…
إِلَّا دعِي من دموعي وإبلا همعا
وَلَا شدا طائرٌ إِلَّا وضعت يَدي
…
على فُؤَادِي ظنا إِنَّه وَقعا
سقيا لعيش على جرعاء كاظمةٍ
…
من بعده كم سقتني أدمعي جرعا
عيشي بوصلكم مثل الخيال مضى
…
يَا لهف قلبِي عَلَيْهِ رقَّ فانقطعا
آهاً لقلبي فِي ليل الشَّبَاب غفا
…
جهلا وَلم يتنبَّه للَّذي صنعا وَقَالَ أَن لَاحَ صبح اللَّيْل أيقظني
…
قلت انتبه فضياء الشَّمْس قد سطعا
وَانْظُر لَهُ شمس أَوْصَاف سناه دنى
…
للنَّاس حَيْثُ الْمحل الْأَعْظَم ارتفعا
بِهِ تشرفت القايات وانفردت
…
فَمَا الْعرَاق مضاهيها لمن جمعا
قايات غايات فضلٍ غير أَنهم
…
بِالْقَافِ سَهوا اعاضوا الْغَيْن فاتبعا
قَاضِي الْقُضَاة الَّذِي بِالْعَدْلِ آمتنا
…
فالذئب للشاة خوفًا من سطاه رعى
الألمعي الَّذِي مرآه فكرته
…
تريه بِالْعينِ وَجه الْحق ملتمعا
ويعبد الله كالرائي جلالته
…
فطرفه من حَيا أَو خشيةٍ خشعا
وتر الصِّفَات بِهَذَا الْعَصْر مُجْتَهد
…
فالشافعي بِلَا شكٍ بِهِ شفعا
فتوةٌ وفتاوى لَا نَظِير لَهَا
…
تخاله فِي الندا وَالْعلم مخترعا
بحثت عَنهُ فنعمان منزلَة
…
لَكِن مدى مجده عَن طَالب منعا
طباعه الْخَيْر بل مِنْهَا معادنه
…
فالخير اجمعه من طبعه طبعا
حَدِيث سوءدده الْمَرْفُوع افرط فِي
…
حسنٍ إِلَى أَن حَسبنَا أَنه وضعا
وأحرز السنبق للعلياء من قدمٍ
…
وَإِنَّمَا ظن مَسْبُوقا اذ اتضعا
لَهُ يراعٌ اقام الشَّرْع اسمره
…
كم مِنْهُ رنح خطياً وَكم شرعا
صحت أمامته بَين الورى فَلِذَا
…
يَبْدُو لَهُم بحبير الحبر ملتفعا
يضيء بَين بنان يستهل ندى
…
كالبرق من خَلفه صوب الحيا همعا
لَا عيب فِيهِ سوى سحر نوافثه
…
أمست لألباب ارباب النهى خدعا
يَا شيخ الْإِسْلَام يَا قَاضِي الْقُضَاة وَمن
…
تزينت بحلاه الرتبتان مَعًا
هنئتها رتباً عليا نصبت لَهَا
…
بل هنئت مِنْك سامي الْقدر مرتفعا