الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
39 -
ابْن صَالح، الشهَاب أَحْمد
أَحْمد بن مُحَمَّد بن صَالح بن الْفَخر عُثْمَان بن النَّجْم مُحَمَّد بن القَاضِي محيي الدّين الأشليمي سكنا الْحُسَيْنِي شهَاب الدّين أَبُو الثَّنَاء، الْمَعْرُوف بِابْن صَالح، الْفَاضِل الأديب البارع. ولد فِي حُدُود الْعشْرين وَثَمَانمِائَة، واشتغل بِالْعلمِ فقهاً، وأصولاً، ونحوا. فاخذ عَن القاياتي، والونائي، وَابْن حجر، وَأبي وَالقَاسِم النويري، والحناوي، وعضد الدّين السيرامي، والتقي الشمني. ونظم عقائد النَّسَفِيّ قصيدة من بَحر الْبَسِيط على رُوِيَ لَا، وَله النّظم الرَّائِق، والنثر الْفَائِق، وَهُوَ أحد السَّبْعَة الشهب. مَاتَ سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة. وَمن شعره:
وَرب عذول قد رأى من أحبه
…
فَقَالَ وَعِنْدِي لوعة من تجانبه
أَهَذا الَّذِي يسبي حشاك بِعَيْنِه
…
فَقلت نعم يَا عاذلي وبحاجبه
وَقَالَ:
وظبي من الأتراك حاول عاذلي
…
ملاماً عَلَيْهِ وَهُوَ للقلب مَالك
فَلَمَّا تبدى خصره وجفونه
…
ومبسمه ضَاقَتْ عَلَيْهِ المسالك
وَقَالَ فِي مليح يُسمى فرجا والتورية مثلثه:
شكى فوآدي هم الصَّدْر يَا فرجا
…
وفيك أصبح صَدْرِي ضيقا حرجاً واستيأس الْقلب حَتَّى رحت أنْشدهُ
…
يَا مشتكي الْهم دَعه وانتظر فرجا
وَقَالَ:
بدا فَوق خديه العذار فزاده
…
جمالا وأضحى عاذلي يجمل النصخا
وَقَالَ يَمِينا لَا ألومك فِي الْهوى
…
واعذر على حب العذار وَلَا أضحى
وَقَالَ:
ونقي العذار قد
…
زَان وجناته العذار
جلّ خلاقه الَّذِي
…
اولج اللَّيْل فِي النَّهَار
وَقَالَ فِي مليح يلقب سعد الدّين مضمنا:
دولابنا هَذَا يشابه عَاشِقًا
…
صبا تعد من السقام ضلوعه
يبكي على فقد الْأَحِبَّة منشداً
…
من بعدهمْ جهد الْمقل دُمُوعه
وَكتب إِلَى الشهَاب ابْن أبي السُّعُود ملغزا فِي كاس:
أَلا يَا شهابا لي بأنواره هدى
…
وللضد مِنْهُ جذوة النَّار تلفح
وَيَا ذَا الحجا الواري زناد ذكائه
…
على إِن فِيهِ عَاقِلا لَيْسَ يقْدَح
فديتك مَا حُلْو المراشف واللمى
…
على انه عِنْد المذاقة يملح
إِذا ارتشف المشتاق يَا صَاح ثغره
…
غَدا ثملاً من رِيقه يترنح
بمبسمه الزهر الأقاحي ضائع
…
ووجنته فِيهَا جنى الْورْد ينفح
ينم بِمَا استودعه ويذيعه
…
وكل إِنَاء بِالَّذِي فِيهِ ينضح
ويسحب ذيل الشّرْب من مدحه وَلَا
…
عَجِيب لكاس إِن غَدا وَهُوَ يمدح
يبيت يَكِيل التبر لَكِن مَعَ الْغِنَا
…
ترَاهُ البرايا سَائِلًا حِين يصبح
يقوم على سَاق يَسُرك منْظرًا
…
وَفِي الكعب وصف من يلاحظه ينْزح
عجبت لَهُ كم فِيهِ قد حَار ذُو حجا
…
على أَن أنوار الْهدى مِنْهُ تلمح
واعجب من ذَا إِن جمر فؤآده
…
يهيج وَمِنْه النَّار تطفو وتطفح
تركب عِنْدِي من ثَلَاثَة أحرف
…
وَقد قيل ثلث الثّمن من قَالَ ارجح
وان صحف الْإِنْسَان مقلوب لَفظه
…
يجد حَيَوَانا مِنْهُ فِي الْملح يسبح
فأفصح بِمَا الغزت فِيهِ فَمَا أرى
…
سواك فَتى عَن سر مَعْنَاهُ يفصح
وعش مَا بدا شكل الْهلَال وأشرقت
…
شموس ولاحت انجم تتوضح
وَقَالَ يمدح شيخ الْإِسْلَام ابْن حجر وَقد تولى تدريس الصلاحية بجوار
مشْهد الإِمَام الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى:
لواحظ تجني وقلب يعذب
…
وَلَا سلوة عَنهُ وَلَا الصَّبْر يعذب
غزال بجفينه من السقم كسرة
…
على أَخذ أَرْوَاح الْبَريَّة تنصب
غرير كحيل الطّرف اسمر احور
…
اغن رخيم الدل الْعس اشنب
إِذا مَا بدا أَو مَاس أَو صال أَو رنا
…
فبدر وخطي وَلَيْث وربرب
خُذُوا حذركُمْ إِن صال كاسر جفْنه
…
فكم صَاد قلباً مِنْهُ بالهدب مخلب
هُوَ الشَّمْس بعدا فِي الْمَكَان وبهجة
…
وَلكنه عَن ناظريه محجب
تعشقته حُلْو الشَّمَائِل اغيدا
…
يكَاد بالحاظ المحبين يشرب
واسكنته عَيْني الَّتِي الدمع ملوءها
…
وهيهات يرضيه خباها المطنب
عجبت لماء الْحسن فاض بخده
…
على أَن فِيهِ جَمْرَة تتلهب
واعجب من ذَا ان نبت عذاره
…
بأحمر ذَاك الخد أَخْضَر مخصب
لَئِن كَانَ مِنْهُ الْوَجْه أصبح رَوْضَة
…
فَفِيهِ رَأَيْت الْحسن وَهُوَ مهذب
وَإِن كنت يَا قلبِي سعيداً بحبه
…
فَإِن عذولي فِي هَوَاهُ الْمسيب
وان طَابَ فِي وصف الغزال تغزلي
…
فَإِن ثَنَا قَاضِي الْقُضَاة لَأَطْيَب
هُوَ المُشْتَرِي بالجود بَيْتا من العلى
…
يبيت السهى ساه لَهُ يتعجب
شهَاب رقى الْعليا بِصدق عزائم
…
فَلَا مطلب عَنهُ من الْفجْر يحجب
وَحَازَ سِهَام الْفضل من حَيْثُ قد غَدا
…
قَدِيما إِلَى أعلا كنانه ينْسب
أَبُو الْفضل لَا يَنْفَكّ بِالْفَضْلِ مغرماً
…
وَلَا عجب أَن يفتتن بِابْنِهِ الْأَب
بَنو حجر بَيت عَليّ وَأحمد
…
لَهُ كعبة حجُّوا لَهَا وتقربوا فَلَا عجب أَن يحمد النَّاس فعله
…
وَلَكِن وفَاق الإسم وَالْفِعْل اعْجَبْ
تحلت بِهِ الْأَيَّام فَانْظُر تَرَ الضُّحَى
…
يفضض مِنْهَا والأصيل يذهب
لَهُ رَاحَة لَو جارت الْغَيْث فِي الندا
…
تقطر فِي آثارها وَهُوَ مُتْعب
ألم تَرَ أَن السحب أمست من الحيا
…
إِذا مَا بدا مِنْهُ الندى تتسحب
يجلي دياجير الخطوب يراعه
…
وَكم قد تجلى مِنْهُ فِي الْخطب كَوْكَب
ويشرق مَا بَين البنان كَأَنَّهُ
…
سنا بارق من خَلفه الْغَيْث يسْكب
يُدِير طلا الْإِنْشَاء صرفا فننتشي
…
ويسمعنا شدو الصريف فنطرب
تجاسر عود اللَّهْو يَحْكِي صريفه
…
فَمن أجل هَذَا أصبح الْعود يضْرب
لَهُ الله من عالي السجية عذبها
…
كَمَا انهل من صوب الغمائم صيب
تجانس مرباه البديع وَلَفظه
…
فيا حبذا فِي الْحَالَتَيْنِ التأدب
طباع من الصهبا أرق ومنطق
…
إِلَى الصب من ريق الحبائب أعذب
روى عَن سجاياه السخيات سهلها
…
وَعَن سطوات الباس حزن وَمصْعَب
لِيهن الإِمَام الشَّافِعِي بِأَحْمَد
…
فَتى مَاله إِلَّا الْفَضَائِل مَذْهَب
إِمَام لأشتات البلاغة جامعٌ
…
يُقَاس بقس حِين يرقى ويخطب
فَقِيه إِذا رام الْكِتَابَة طَالب
…
يفِيض لَهُ من عطاياه مطلب
وَقد حفظ الله الحَدِيث بحفظه
…
فَلَا ضائعٌ إِلَّا شذى مِنْهُ طيب
وَمَا زَالَ يملي الطرس من بَحر صَدره
…
لآلىء إِذْ يملي علينا ونكتب
فأظهر فِي شرح الصَّحِيح غرائباً
…
يشرق طوراً ذكرهَا ويغرب
وبارئه بِالْفَتْح مِنْهُ أمده
…
لسبل الْهدى بَاب صَحِيح مجرب
وَلَا أنس إِذْ بالتاج والقرط تجتلى
…
عرائسه وَالْحسن لَا يتحجب
واجمع من فَوق البسيطة أَنه
…
فريد فجهل الحاسدين مركب
أسيدنا قَاضِي الْقُضَاة وَمن بِهِ
…
تهنى ولاياتٌ ويغبط منصب
وَيَا وَاحِدًا قد زَان علياه أربعٌ
…
تقى وعلومٌ واحتشامٌ ومنسب
توليتها بِالْعلمِ لَا الجاه رُتْبَة
…
غَدَتْ بك تزهى من فخار وتعجب
وَفِي رَجَب وافت إِلَيْك فآذنت
…
بأنك فردٌ فِي البرايا مرجب
ومذ كنت اكفى النَّاس قاطبة لَهَا
…
أَتَت بابك العالي لمجدك تخْطب
وَأَنت بِمَا وليت أولى وانت بَال
…
معارف وَالْمَعْرُوف أدرى وأدرب
وكل غمام غير فضلك مقلعٌ
…
وكل وميض غير برقك خلب
نعم وعَلى علياك نعقد خنصرا
…
ونبسط فِي قصد المساعي ونرغب
ونبغي بمغناك الْغَنِيّ فلاجل ذَا
…
تراني بموصول المديح أشبب
فَخذ من ثنائي كالكوءوس محبباً
…
وكأس الثنا عِنْد الْكِرَام محبب
بجودك سعر الشّعْر فِي النَّاس قد غلا
…
إِلَى أَن غَدَتْ أوزانه تتسبب
وَلَيْسَ يُسَاوِي قدرك العالي الثنا
…
وان أوجز المداح فِيهِ وأطنبوا
وَإِنَّا لنَرْجُو الْعَفو مِنْك لهفونا
…
فَمَا زلت تعفوا حِين نهفوا ونذنب
بقيت شهاباً فِي سما الْفضل طالعاً
…
وبدرك وضاح الثنا لَيْسَ يغرب
وعشت لمجد تستجد بناءه
…
وَحسن ثَنَاء عَن معاليك يعرب
وَقَالَ يمدح النَّبِي صلى الله عليه وسلم:
نعم بامتداحي اكرام الْخلق ابدأ
…
نَبِي بذكراه المدائح تهنأ
نَبِي كريم جود كفيه أبحر
…
وأنفاسه الغر النفائس لُؤْلُؤ
نَبِي علا حَتَّى تشرفت الْعلَا
…
بأقدامه إِذْ زانها مِنْهُ موطئ
كَأَن الثريا شابهت موطئاً لَهُ
…
فأمسى لَهَا راس الْهلَال يطأطى
فجل الَّذِي أنشأ بديع صِفَاته
…
وحلى بَيَانا فِي مَعَانِيه ينشأ سراج مُنِير موضح سبل الْهدى
…
على أَنه طول المدى لَيْسَ يطفأ
ويكيفيه آيَات الْكتاب فَإِنَّهَا
…
لآيَات حق بِالنُّبُوَّةِ تنبئ
هِيَ الشَّمْس لَا تخفى اضاءتها سوى
…
على أكمه لَا بل من الشَّمْس أَضْوَأ
وأبيض يستسقى الْغَمَام بِوَجْهِهِ
…
ويخدمه مِنْهَا ظلال تفيأ
لَهُ الشَّمْس ردَّتْ وَهِي مشرقة الضيا
…
كَأَن سناها نوره المتلألئ
وأروى الظما كالنيل عذباً مهطرا
…
أَصَابِعه حَتَّى ارتووا وتوضّوءا
سخا ومحى شكوى قَتَادَة فاغتدى
…
بجدواه شاكي الدّين وَالْعين يبرأ
وَيَوْم الظما لَا مورد غير حَوْضه
…
فَمن يسقى من شربة لَيْسَ يظمأ
أَلا يَا رَسُول الله وَالرَّحْمَة الَّتِي
…
بهَا يدْفع الله الْعَذَاب ويدرأ
إِلَيْك التجائي من ذنُوب هِيَ الردى
…
فَمَا لي أَن أقصيت فِي الْحَيّ ملْجأ