الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول في تأويل قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ
(25)
أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (26) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه: إني لكم، أيها القوم، نذير من الله، أنذركم بأسَه على كفركم به، فآمنوا به وأطيعوا أمره.
ويعني بقوله: (مبين) ، يبين لكم عما أرسل به إليكم من أمر الله ونهيه. (1)
* * *
واختلفت القراء في قراءة قوله: (إني) .
فقرأ ذلك عامة قراء الكوفة وبعض المدنيين بكسر "إنّ" على وجه الابتداء إذ كان في "الإرسال" معنى "القول".
* * *
وقرأ ذلك بعض قراء أهل المدينة والكوفة والبصرة بفتح "أن" على إعمال الإرسال فيها، كأن معنى الكلام عندهم: لقد أرسلنا نوحًا إلى قومه بأني لكم نذير مبين.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي، أن يقال إنهما قراءتان متفقتا المعنى، قد قرأ بكل واحدة منهما جماعة من القرّاء، فبأيتهما قرأ القارئ كان مصيبًا للصواب في ذلك.
* * *
وقوله: (أن لا تعبدوا إلا الله) فمن كسر الألف في قوله: (إني) جعل قوله: (أرسلنا) عاملا في "أنْ" التي في قوله: (أن لا تعبدوا إلا الله) ، ويصير
(1) انظر تفسير " نذير " و " مبين " فيما سلف من فهارس اللغة (نذر) ، (بين) .
المعنى حينئذ: ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه، أن لا تعبدوا إلا الله، وقل لهم: إني لكم نذير مبين = ومن فتحها ردّ "أنْ" في قوله: (أن لا تعبدوا) عليها. فيكون المعنى حينئذ: لقد أرسلنا نوحًا إلى قومه بأني لكم نذير مبين، بأن لا تعبدوا إلا الله.
* * *
ويعني بقوله: [بأن لا تعبدوا إلا الله أيها الناس] ، عبادة الآلهة والأوثان، (1)
وإشراكها في عبادته، وأفردوا الله بالتوحيد، وأخلصوا له العبادة، فإنه لا شريك له في خلقه.
* * *
وقوله: (إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم)، يقول: إني أيها القوم، إن لم تخصُّوا الله بالعبادة، وتفردوه بالتوحيد، وتخلعوا ما دونه من الأنداد والأوثان= أخاف عليكم من الله عذابَ يوم مؤلم عقابُه وعذابُه لمن عُذِّب فيه.
* * *
وجعل "الأليم" من صفة "اليوم" وهو من صفة "العذاب"، إذ كان العذاب فيه، كما قيل:(وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا)، [سورة الأنعام: 96] ، وإنما "السكن" من صفة ما سكن فيه دون الليل.
* * *
(1) هكذا جاءت الجملة في المخطوطة والمطبوعة، والسقط فيها ظاهر بين، وكأن الصواب إن شاء الله:
" ويعني بقوله: (أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ) ، أي: اتركوا عبادة الآلهة. . . "