الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله: (وما أنت علينا بعزيز)، يعنون: ما أنت ممن يكرَّم علينا، فيعظمُ علينا إذلاله وهوانه، بل ذلك علينا هيّن. (1)
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ
(92) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال شعيب لقومه: يا قوم، أعزّزتم قومكم، فكانوا أعزّ عليكم من الله، واستخففتم بربكم، فجعلتموه خلف ظهوركم، لا تأتمرون لأمره ولا تخافون عقابه، ولا تعظِّمونه حق عظَمته؟
* * *
يقال للرجل إذا لم يقض حاجة الرجل: "نَبَذ حاجته وراء ظهره"، (2) أي: تركها لا يلتفت إليها. وإذا قضاها قيل: "جعلها أمامه، ونُصْب عينيه "، ويقال:"ظَهَرتَ بحاجتي " و"جعلتها ظِهْرِيَّة"، أي: خلف ظهرك، كما قال الشاعر:(3)
*وَجَدْنَا بَنِي البَرْصَاءِ مِنْ وَلَدِ الظَّهْرِ* (4)
بمعنى: أنهم يَظْهَرون بحوائجِ النّاس فلا يلتفتون إليها.
* * *
(1) انظر تفسير " عزيز " فيما سلف من فهارس اللغة (عزز) .
(2)
انظر تفسير " نبذه وراء ظهره " فيما سلف 1: 403، 404 / 7: 458، 459، 463.
(3)
هو أرطاة بن سهية المري.
(4)
مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 298، واللسان (ظهر) ، وكان أرطاة يهاجي شبيب بن البرصاء، وهما جميعًا من بني مرة بن سعد بن ذبيان، والهجاء بينهما كثير، وهذا منه. انظر الأغاني 13: 29 - 44 (دار الكتب) ترجمة أرطاة بن سهية = والأغاني 12: 271 - 281 (ساسي) ترجمة شبيب بن البرصاء. وصدر البيت: * فَمَنْ مُبْلِغٌ أبْنَاءَ مُرَّة أنَّنَا *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
18515-
حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس:(قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهريًّا) ، وذلك أن قوم شعيب ورهطه كانوا أعز عليهم من الله، وصَغُر شأن الله عندهم، عزَّ ربُّنا وجلَّ.
18516-
حدثني المثني قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس:(واتخذتموه وراءكم ظهريًّا)، قال: قَفًا. (1)
18517-
حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:(يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهريًّا)، يقول: عززتم قومكم، وأظهرْتم بربكم.
18518-
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة:(واتخذتموه وراءكم ظهريا)، قال: لم تراقبوه في شيء إنما تراقبون قومي (واتخذتموه وراءكم ظهريا)، يقول: عززتم قومكم وأظهرتم بربكم.
18519-
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة:(واتخذتموه وراءكم ظهريًّا)، قال: لم تراقبوه في شيء، إنما تراقبون قومي = (واتخذتموه وراءكم ظهريًّا) ، لا تخافونه
18520-
حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:(أرهطي أعز عليكم من الله)، قال: أعززتم قومكم، واغتررتم بربكم، سمعت إسحاق بن أبي إسرائيل قال: قال سفيان:
(1) هكذا في المطبوعة، ولها معنى، ولكن الذي في المخطوطة:" قصي "، وكأنه أراد " قصيا "، وهذا عندي أحب.
(واتخذتموه وراءكم ظهريًّا)، كما يقول الرجل للرجل:"خلَّفتَ حاجتي خلفَ ظهرك"، (فاتخذتموه وراءكم ظهريًّا) ، استخففتم بأمره. فإذا أراد الرجل قضاء حاجةِ صاحبه جعلها أمامه بين يديه، ولم يستخفَّ بها.
18521-
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:(واتخذتموه وراءكم ظهريًّا)، قال:"الظهْريّ"، الفَضْل، مثل الجمّال يخرج معه بإبل ظَهَارَّية، (1) فضل، لا يحمل عليها شيئًا، إلا أن يحتاج إليها. قال: فيقول: إنما ربكم عندكم مثل هذا، إن احتجتم إليه. وإن لم تحتاجوا إليه فليس بشيء.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: واتخذتم ما جاء به شعيبٌ وراءكم ظهريًّا = فالهاء في قوله: (واتخذتموه) ، على هذا من ذكر ما جاء به شعيب.
*ذكر من قال ذلك:
18522-
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن نمير، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:(واتخذتموه وراءكم ظهريًّا)، قال: تركتم ما جاء به شعيب
18523-
. . . . قال، حدثنا جعفر بن عون، عن سفيان، عن جابر، عن مجاهد قال: نبذوا أمره.
18524-
حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز، عن سفيان، عن جابر، عن مجاهد:(واتخذتموه وراءكم ظهريا)، قال: نبذتم أمره.
18525-
حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:(واتخذتموه وراءكم ظهريًّا) ،
(1) هكذا جاء في المخطوطة والمطبوعة: " ظهارية "، ولكن اللغة على أن جمع " ظهري "، " ظهاري "، فزيادة التاء هنا ضعيفة الوجه.