الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنه قول زهير بن جناب الكلبي:
مِنْ كُلِّ مَا نَالَ الفَتَى
…
قَدْ نِلْتُهُ إلا التَّحِيَّهْ
* * *
وقوله: (وآخر دعواهم)، يقول: وآخر دعائهم (1) = (أن الحمد لله رب العالمين)، يقول: وآخر دعائهم أن يقولوا: الحمد لله رب العالمين"، ولذلك خففت "أن" ولم تشدّد لأنه أريد بها الحكاية.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ
(11) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولو يعجل الله للناس إجابةَ دعائهم في الشرّ، وذلك فيما عليهم مضرّة في نفس أو مال= (استعجالهم بالخير)، يقول: كاستعجاله لهم في الخير بالإجابة إذا دعوه به= (لقضي إليهم أجلهم)، يقول: لهلكوا، وعُجِّل لهم الموت، وهو الأجل. (2)
* * *
وعني بقوله: (لقضي) ، لفرغ إليهم من أجلهم، (3) ونُبذ إليهم، (4) كما قال أبو ذؤيب:
(1) انظر تفسير " الدعوى " فيما سلف ص: 30، تعليق: 1، والمراجع هناك.
(2)
انظر تفسير " الأجل " فيما سلف 13: 290، تعليق: 6، والمراجع هناك.
(3)
انظر تفسير " قضى " فيما سلف 13: 290، تعليق: 6، والمراجع هناك.
(4)
في المطبوعة: " وتبدى لهم "، غير ما في المخطوطة إذ لم يحسن قراءته.
وَعَلَيْهِمَا مَسْرُودَتَانِ قَضَاهُمَا
…
دَاوُدُ، أَوْ صَنَعُ السَّوَابِغِ تُبَّعُ (1)
* * *
= (فنذر الذين لا يرجون لقاءنا)، يقول:
فندع الذين لا يخافون عقابنا، ولا يوقنون بالبعث ولا بالنشور، (2) = (في طغيانهم)، يقول: في تمرّدهم وعتوّهم، (3) (يعمهون) يعني: يترددون. (4)
وإنما أخبر جل ثناؤه عن هؤلاء الكفرة بالبعث بما أخبر به عنهم، من طغيانهم وترددهم فيه عند تعجيله إجابة دعائهم في الشرّ لو استجاب لهم، أن ذلك كان يدعوهم إلى التقرُّب إلى الوثن الذي يشرك به أحدهم، أو يضيف ذلك إلى أنه من فعله.
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
17572-
حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله:(ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير)، قال: قولُ الإنسان إذا غضب لولده وماله: "لا باركَ الله فيه ولعنه"!
17573-
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:(ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير)، قال: قولُ الإنسان لولده وماله إذا غضب عليه: "اللهم لا تبارك فيه والعنه"!
(1) سلف البيت وتخريجه وشرحه 2: 542.
(2)
انظر تفسير " يذر " فيما سلف من فهارس اللغة (وذر) .
= وتفسير " الرجاء " فيما سلف ص: 26، تعليق: 3، والمراجع هناك.
(3)
انظر تفسير " الطغيان " فيما سلف 13: 291، تعليق: 2، والمراجع هناك.
(4)
انظر تفسير " العمه " فيما سلف 13: 291، تعليق: 2، والمراجع هناك.
فلو يعجّل الله الاستجابة لهم في ذلك، كما يستجاب في الخير لأهلكهم.
17574-
حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله:(ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير)، قال: قول الإنسان لولده وماله إذا غضب عليه: "اللهم لا تبارك فيه والعنه" = (لقضي إليهم أجلهم) قال: لأهلك من دعا عليه ولأماته.
17575-
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله:(ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير)، قال: قول الرجل لولده إذا غضب عليه أو ماله: "اللهم لا تبارك فيه والعنه"! قال الله: (لقضي إليهم أجلهم)، قال: لأهلك من دعا عليه ولأماته. قال: (فنذر الذين لا يرجون لقاءنا)، قال يقول: لا نهلك أهل الشرك، ولكن نذرهم في طغيانهم يعمهون.
17576-
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة قوله:(ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير)، قال: هو دعاء الرجل على نفسه وماله بما يكره أن يستجاب له.
17577-
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:(لقضي إليهم أجلهم)، قال: لأهلكناهم. وقرأ: (مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ)، [سورة فاطر: 45] . قال: يهلكهم كلهم.
* * *
ونصب قوله: (استعجالهم) ، بوقوع (يعجل) عليه، كقول القائل:"قمت اليوم قيامَك" بمعنى: قمت كقيامك، وليس بمصدّرٍ من (يعجل) ، لأنه لو كان مصدّرًا لم يحسن دخول "الكاف" = أعني كاف التشبيه = فيه. (1)
* * *
(1) انظر معاني القرآن للفراء 1: 458.