المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

18566- حدثت عن المسيب، عن جويبر، عن الضحاك قوله: (ذلك - تفسير الطبري جامع البيان - ط دار التربية والتراث - جـ ١٥

[ابن جرير الطبري]

فهرس الكتاب

- ‌ يونس

- ‌1

- ‌(2)

- ‌(3) }

- ‌(4) }

- ‌(5) }

- ‌(6) }

- ‌(7)

- ‌(9)

- ‌(11) }

- ‌(12) }

- ‌(13) }

- ‌(14) }

- ‌(15) }

- ‌(16) }

- ‌17

- ‌(18) }

- ‌(19) }

- ‌(20) }

- ‌(21) }

- ‌(22) }

- ‌(23) }

- ‌(24) }

- ‌(25) }

- ‌(28) }

- ‌(29) }

- ‌(30) }

- ‌(31) }

- ‌(32) }

- ‌(33) }

- ‌(34) }

- ‌(35) }

- ‌(36) }

- ‌(37) }

- ‌(38) }

- ‌(39) }

- ‌(40) }

- ‌(42) }

- ‌(43) }

- ‌(45) }

- ‌(46) }

- ‌(47) }

- ‌(49) }

- ‌(50) }

- ‌(52) }

- ‌(54) }

- ‌(56) }

- ‌(58) }

- ‌(59) }

- ‌(60) }

- ‌(61) }

- ‌(62) }

- ‌(63) }

- ‌ 64]

- ‌(65) }

- ‌(66) }

- ‌(67) }

- ‌(68) }

- ‌(69)

- ‌(71) }

- ‌(72) }

- ‌(73) }

- ‌(74) }

- ‌(76)

- ‌(78) }

- ‌(79)

- ‌(81) }

- ‌(82) }

- ‌(84) }

- ‌(86) }

- ‌(88) }

- ‌(89) }

- ‌(90) }

- ‌(91) }

- ‌(93) }

- ‌(94) }

- ‌(95) }

- ‌(98) }

- ‌(99) }

- ‌(100) }

- ‌(101) }

- ‌(102) }

- ‌(103) }

- ‌(104) }

- ‌(105) }

- ‌(107) }

- ‌(108) }

- ‌(109) }

- ‌ هود

- ‌(1) }

- ‌2

- ‌(3) }

- ‌(4) }

- ‌(5) }

- ‌(6) }

- ‌(7) }

- ‌(8) }

- ‌(9) }

- ‌(10)

- ‌(12) }

- ‌(13) }

- ‌(14) }

- ‌(15) }

- ‌(16) }

- ‌(17) }

- ‌(18) }

- ‌(19) }

- ‌(20) }

- ‌(21) }

- ‌(23) }

- ‌(24) }

- ‌(25)

- ‌(27) }

- ‌(28) }

- ‌(29) }

- ‌(30) }

- ‌(32) }

- ‌(33)

- ‌(35) }

- ‌(36) }

- ‌(37) }

- ‌(38)

- ‌ 39

- ‌(41) }

- ‌(42) }

- ‌(44) }

- ‌(45) }

- ‌(46) }

- ‌(47) }

- ‌(48) }

- ‌(49) }

- ‌(50) }

- ‌(52) }

- ‌(53) }

- ‌(54)

- ‌(56) }

- ‌(57) }

- ‌(58) }

- ‌(60) }

- ‌(61) }

- ‌(62) }

- ‌(63) }

- ‌(64) }

- ‌(65) }

- ‌(66) }

- ‌(67)

- ‌(69) }

- ‌(70) }

- ‌(72)

- ‌(74)

- ‌(76) }

- ‌(78) }

- ‌(79) }

- ‌(80) }

- ‌(81) }

- ‌(82)

- ‌(84) }

- ‌(85) }

- ‌(86) }

- ‌(87) }

- ‌(88) }

- ‌(89) }

- ‌(90) }

- ‌(91) }

- ‌(92) }

- ‌ 93

- ‌(94) }

- ‌(96)

- ‌(98) }

- ‌(99) }

- ‌(100) }

- ‌(101) }

- ‌(102) }

- ‌(103) }

- ‌(104) }

- ‌(108) }

- ‌(109) }

- ‌(110) }

- ‌(111) }

- ‌(112) }

- ‌(113) }

- ‌(114) }

- ‌(115) }

- ‌(117) }

- ‌(118)

- ‌(120) }

- ‌(121)

- ‌(1)

- ‌ يوسف

- ‌(2) }

- ‌(4) }

- ‌(5) }

- ‌(6) }

- ‌7

- ‌8

- ‌9

- ‌(10) }

- ‌(11) }

- ‌(12) }

- ‌(13) }

- ‌(15) }

- ‌(16)

- ‌(18) }

- ‌(19) }

- ‌(20) }

- ‌(21) }

- ‌(22) }

الفصل: 18566- حدثت عن المسيب، عن جويبر، عن الضحاك قوله: (ذلك

18566-

حدثت عن المسيب، عن جويبر، عن الضحاك قوله:(ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود)، قال: ذلك يوم القيامة، يجتمع فيه الخلق كلهم، ويشهدُه أهل السماء وأهل الأرض.

* * *

القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلا لأَجَلٍ مَعْدُودٍ ‌

(104) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وما نؤخّر يوم القيامة عنكم أن نجيئكم به إلا لأن يُقْضَى، فقضى له أجلا فعدّه وأحصَاه، فلا يأتي إلا لأجله ذلك، لا يتقدم مجيئه قبل ذلك ولا يتأخر.

* * *

القول في تأويل قوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105) فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: يوم يأتي يوم القيامة، أيها الناس، وتقوم الساعة، لا تكلم نفس إلا بإذن رَبّها.

* * *

واختلفت القراء في قراءة قوله: (يوم يأتي) .

فقرأ ذلك عامّة قراء أهل المدينة بإثبات الياء فيها (يَوْمَ يَأْتِي لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ) .

ص: 478

وقرأ ذلك بعض قراء أهل البصرة وبعض الكوفيين بإثبات الياء فيها في الوصل وحذفها في الوقف.

* * *

وقرأ ذلك جماعة من أهل الكوفة بحذف الياء في الوصل والوقف: (يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلا بِإِذْنِهِ) .

* * *

قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك عندي: (يَوْمَ يَأْتِ) ، بحذف الياء في الوصل والوقف اتباعًا لخط المصحف، وأنها لغة معروفة لهذيل، تقول:"مَا أدْرِ مَا تَقول"، ومنه قول الشاعر:(1)

كَفَّاكَ كَفٌّ مَا تُلِيقُ دِرْهَمَا

جُودًا وأُخْرَى تُعْطِ بِالسَّيْفِ الدَّمَا (2)

* * *

وقيل: (لا تكلم) ، وإنما هي "لا تتكلم"، فحذف إحدى التاءين اجتزاء بدلالة الباقية منهما عليها.

* * *

وقوله: (فمنهم شقيّ وسعيد)، يقول: فمن هذه النفوس التي لا تكلم يوم القيامة إلا بإذن ربها، شقيٌّ وسعيد = وعاد على "النفس"، وهي في اللفظ واحدة، بذكر الجميع في قوله:(فمنهم شقي وسعيد) .

* * *

يقول: تعالى ذكره: (فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير) = وهو أوّل نُهاق الحمار وشبهه = (وشهيق) ، وهو آخر نهيقه إذا ردده في الجوف عند فراغه من نُهاقه، كما قال رؤبة بن العجاج:

حَشْرَجَ فِي الجَوْفِ سَحِيلا أَوْ شَهَقْ

حَتَّى يُقَالَ نَاهِقٌ وَمَا نَهَقْ (3)

* * *

(1) لم أعرف قائله.

(2)

معاني القرآن للفراء في تفسير الآية، اللسان (ليق)، يقال:" ما يليق بكفه درهم "(بفتح الياء) أي: ما يحتبس = و " ما يلقيه القراء وهو "، أي: ما يحبسه.

(3)

ديوانه: 106، واللسان (حشرج) ، وسيأتي في التفسير 29، 4 (بولاق) ، من طويلته المشهوره، يصف فيها حمار الوحش، وبعده: كَأَنَّهُ مُسْتَنْشِقٌ مِن الشَّرَقْ

خُرًّا من الخَرْدَلِ مَكْرُوهَ النَّشَقْ

و" حشرج " ردد الصوت في حلقه ولم يخرجه. و " السحيل "، الصوت الذي يدور في صدر الحمار في نهيقه.

ص: 479

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

18567-

حدثني المثني قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله:(لهم فيها زفير وشهيق)، يقول: صوت شديدٌ وصوت ضعيف.

18568-

. . . . قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن أبي العالية في قوله:(لهم فيها زفير وشهيق)، قال:"الزفير" في الحلق، و"الشهيق" في الصدر.

18569-

حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، بنحوه.

18570-

حدثني المثني قال، حدثنا إسحاق قال، أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة قال: صوت الكافر في النار صوت الحمار، أوّله زفير وآخره شهيق

18571-

حدثنا أبو هشام الرفاعي، ومحمد بن معمر البحراني، ومحمد بن المثني، ومحمد بن بشار قالوا، حدثنا أبو عامر قال، حدثنا سليمان بن سفيان قال، حدثنا عبد الله بن دينار، عن ابن عمر عن عمر قال، لما نزلت هذه الآية:(فمنهم شقيّ وسعيد)، سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا نبيّ الله، فعلام عَمَلُنا؟ على شيء قد فرغ منه، أم على شيء لم يفرغ منه؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: على شيء قد فُرِغ منه، يا عمر، وجرت

ص: 480

به الأقلام، ولكن كلٌّ مُيَسَّر لما خُلق له = اللفظ لحديث ابن معمر. (1)

* * *

وقوله: (خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد)، يعني تعالى ذكره بقوله:(خالدين فيها)، لابثين فيها (2) = ويعني بقوله:(ما دامت السموات والأرض) ، أبدًا. (3)

* * *

وذلك أن العرب إذا أرادت أن تصف الشيء بالدوام أبدًا قالت: هذا دائم دوام السموات والأرض، بمعنى أنه دائم أبدًا، وكذلك يقولون:"هو باقٍ ما اختلف الليل والنهار". و"ما سمر ابنا سَمِير"، و"ما لألأت العُفْرُ بأذنابها " يعنون بذلك كله "أبدا". فخاطبهم جل ثناؤه بما يتعارفون به بينهم فقال:(خالدين فيها ما دامت السموات والأرض)، والمعنى في ذلك: خالدين فيها أبدًا.

* * *

وكان ابن زيد يقول في ذلك بنحو ما قلنا فيه.

18572-

حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:(خالدين فيها ما دامت السموات والأرض)، قال: ما دامت الأرض أرضًا، والسماءُ سماءً.

* * *

ثم قال: (إلا ما شاء ربك)، واختلف أهل العلم والتأويل في معنى ذلك فقال بعضهم: هذا استثناءٌ استثناه الله في بأهل التوحيد، أنه يخرجهم من النار إذا شاء، بعد أن أدخلهم النار.

(1) الأثر: 15871 " سليمان بن سفيان التميمي "، ضعيف، منكر الحديث، يروي عن الثقات أحاديث مناكير. مترجم في التهذيب، والكبير 2 / 2 / 18، وابن أبي حاتم 2 / 1 / 119، وميزان الاعتدال 1:415. وهذا خبر ضعيف الإسناد، ذكره ابن كثير في تفسيره 4: 395، عن مسند أبي يعلي، وذكره الحافظ الذهبي في الميزان، بإسناده، عن أبي عامر العقدي. لكن معنى الخبر له شواهد في الصحيح.

(2)

انظر تفسير " الخلود " فيما سلف من فهارس اللغة (خلد) .

(3)

انظر تفسير " ما دام " 10: 185 / 11: 74، 238.

ص: 481

*ذكر من قال ذلك:

18573-

حدثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، في قوله:(فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك)، قال: الله أعلم بثُنَياه. (1)

وذكر لنا أن ناسًا يصيبهم سَفْعٌ من النار بذنوب أصابوها، (2) ثم يدخلهم الجنة.

18574-

حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:(خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك) ، والله أعلم بثَنيَّته. (3) ذكر لنا أن ناسًا يصيبهم سَفْعٌ من النار بذنوب أصابتهم، ثم يدخلهم الله الجنة بفضل رحمته، يقال لهم:"الجهنَّميُّون".

18575-

حدثنا محمد بن المثني قال، حدثنا شيبان بن فروخ قال، حدثنا أبو هلال قال، حدثنا قتادة، وتلا هذه الآية:(فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق)، إلى قوله:(لما يريد)، فقال عند ذلك: حدثنا أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يَخْرج قومٌ من النار = قال قتادة: ولا نقول مثل ما يقول أهل حَرُوراء. (4)

18576-

حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يعقوب، عن أبي مالك، يعني ثعلبة، عن أبي سنان في قوله:(فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك)، قال: استثناء في أهل التوحيد.

18577-

حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن

(1)" الثنيا "(بضمك فسكون) و " الثنية "، على وزن (فعيلة) ، و " المثنوية "، كله الاستثناء.

(2)

" سفعته النار والشمس سفعًا "، لفحته لفحًا يسيرًا، فغيرت لون بشرته وسودته.

(3)

انظر التعليق رقم: 1.

(4)

" أهل حروراء "، هم الخوارج، يقولون إن صاحب الكبيرة مخلد في النار، لأنهم يكفرون أهل الكبائر.

ص: 482

معمر، عن الضحاك بن مزاحم:(فأما الذين شقوا ففي النار)، إلى قوله:(خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك)، قال: يخرج قوم من النار فيدخلون الجنة، فهم الذين استثنى لهم.

18578-

حدثني المثني قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، ثني معاوية، عن عامر بن جشيب، عن خالد بن معدان في قوله:(لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا)، [سورة النبأ: 23] ، وقوله:(خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك) ، أنهما في أهل التوحيد. (1)

* * *

وقال آخرون: الاستثناء في هذه الآية في أهل التوحيد، إلا أنهم قالوا: معنى قوله: (إلا ما شاء ربك)، إلا أن يشاء ربك أن يتجاوز عنهم فلا يدخلهم النار. ووجهوا الاستثناء إلى أنه من قوله:(فأما الذين شقوا ففي النار) = (إلا ما شاء ربك) ، لا من "الخلود".

*ذكر من قال ذلك:

18579-

حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، حدثنا ابن التيمي، عن أبيه، عن أبي نضرة، عن جابر أو: أبي سعيد = يعني الخدري = أو: عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم= في قوله: (إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد)، قال: هذه الآية تأتي على القرآن كلِّه يقول: حيث كان في القرآن (خالدين فيها)، تأتي عليه = قال: وسمعت أبا مجلز يقول: هو جزاؤه، فإن شاء الله تجاوَزَ عن عذابه.

* * *

وقال آخرون: عنى بذلك أهل النار وكلَّ من دخلها.

(1) الأثر: 18578 - " عامر بن جشيب الحمصي "، روى عن أبي أمامة، وخالد بن معدان، وغيرهما. ثقة. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم 3 / 1 / 319. وكان في المطبوعة:" جشب "، وهو خطأ، والمخطوطة كما أثبت إلا أنها غير منقوطة. وهذا الخبر سيأتي في التفسير 30: 8، 9، (بولاق) في تفسير سورة " النبأ ".

ص: 483

*ذكر من قال ذلك:

18580-

حدثت عن المسيب عمن ذكره، عن ابن عباس:(خالدين فيها ما دامت السموات والأرض) ، لا يموتون، ولا هم منها يخرجون ما دامت السموات والأرض، (إلا ما شاء ربك)، قال: استثناءُ الله. قال: يأمر النار أن تأكلهم. قال: وقال ابن مسعود: ليأتين على جهنَّم زمان تخفِقُ أبوابُها، ليس فيها أحد، وذلك بعد ما يلبثون فيها أحقابًا.

18581-

حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن بيان، عن الشعبي قال: جهنم أسرع الدارين عمرانًا وأسرعهما خرابًا.

* * *

وقال آخرون: أخبرنا الله بمشيئته لأهل الجنة، فعرَّفنا معنى ثُنْياه بقوله:(عطاء غير مجذوذ)، أنها في الزيادة على مقدار مدَّة السموات والأرض.قال: ولم يخبرنا بمشيئته في أهل النار. وجائز أن تكون مشيئته في الزيادة، وجائز أن تكون في النقصان.

*ذكر من قال ذلك:

18582-

حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:(خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك)، فقرأ حتى بلغ:(عطاء غير مجذوذ)، قال: وأخبرنا بالذي يشاء لأهل الجنة، فقال:(عطاء غير مجذوذ) ، ولم يخبرنا بالذي يشاء لأهل النار.

* * *

قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال في تأويل هذه الآية بالصواب، القولُ الذي ذكرنا عن قتادة والضحاك: من أن ذلك استثناء في أهل التوحيد من أهل الكبائر أنه يدخلهم النار، خالدين فيها أبدًا إلا ما شاءَ من تركهم فيها أقل من ذلك، ثم يخرجهم فيدخلهم الجنة، كما قد بينا في غير هذا الموضع، (1)

(1) في المطبوعة: " كذا قد بينا "، وهو كلام غث، ورطه فيه سوء كتابة الناسخ.

ص: 484

بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (1)

وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال بالصحة في ذلك، لأن الله جل ثناؤه أوعد أهل الشرك به الخلود في النار، وتظاهرت بذلك الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فغير جائز أن يكون استثناءً في أهل الشرك= وأن الأخبار قد تواترت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله يدخل قومًا من أهل الإيمان به بذنوبٍ أصابوها النارَ، ثم يخرجهم منها فيدخلهم الجنة، فغير جائز أن يكون ذلك استثناء في أهل التوحيد قبل دُخُولها، مع صحة الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما ذكرنا = وأنّا إن جعلناه استثناء في ذلك، كنا قد دخلنا في قول من يقول:"لا يدخل الجنة فاسق، ولا النار مؤمن"، وذلك خلاف مذاهب أهل العلم، وما جاءت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإذا فسد هذان الوجهان، فلا قول قال به القُدْوة من أهل العلم إلا الثالث.

* * *

ولأهل العربية في ذلك مذهبٌ غير ذلك، سنذكره بعدُ، ونبينه إن شاء الله. (2) .

* * *

وقوله: (إن ربك فعال لما يريد)، يقول تعالى ذكره: إن ربك، يا محمد، لا يمنعه مانع من فعل ما أراد فعله بمن عصاه وخالف أمره، من الانتقام منه، ولكنه يفعل ما يشاء فعلَه، فيمضي فيهم وفيمن شاء من خلقه فعلُه وقضاؤهُ. (3)

* * *

(1) غاب عني مكانه، فمن وجده فليثبته.

(2)

انظر ما سيأتي ص: 487 - 489.

(3)

في المطبوعة والمخطوطة: " ولكنه يفعل ما يشاء، فيمضي فعله فيهم وفيمن شاء من خلقه فعله وقضاؤه "، وهو غير مستقيم، والآفة من الناسخ، والصواب ما أثبت، بتقديم " فعله " الأولى.

ص: 485