الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وملئه، يعني: وأشراف قومه وسادتهم (1) = (بآياتنا)، يقول: بأدلتنا على حقيقة ما دعوهم إليه من الإذعان لله بالعُبُودة، والإقرار لهما بالرسالة = (فاستكبروا)، يقول: فاستكبروا عن الإقرار بما دعاهم إليه موسى وهارون (2) = (وكانوا قومًا مجرمين)، يعني: آثمين بربهم، بكفرهم بالله. (3)
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ
(76)
قَالَ مُوسَى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَذَا وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ (77) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (فلما جاءهم الحق من عندنا)، يعني: فلما جاءهم بيانُ ما دعاهم إليه موسى وهارون، وذلك الحجج التي جاءهم بها، وهي الحق الذي جاءهم من عند الله = (قالوا إن هذا لسحر مبين) ، يعنون أنه يبين لمن رآه وعاينه أنه سحر لا حقيقة له (4) = (قال موسى)، لهم: = (أتقولون للحق لما جاءكم) ، من عند الله = (أسحر هذا) ؟ .
* * *
واختلف أهل العربية في سبب دخول ألف الاستفهام في قوله: (أسحر هذا) ؟ فقال بعض نحويي البصرة: أدخلت فيه على الحكاية لقولهم، لأنهم قالوا:(أسحر هذا) ؟ فقال: أتقولون: (أسحر هذا) ؟
* * *
(1) انظر تفسير " الملأ " فيما سلف 13: 36، تعليق: 1، والمراجع هناك.
(2)
انظر تفسير " الاستكبار " فيما سلف 13: 114، تعليق: 1، والمراجع هناك.
(3)
قوله " آثمين بربهم "، تعبير سلف مرارًا في كلام أبي جعفر، وبينته وفسرته فيما سلف انظر 12: 303، تعليق: 3، والمراجع هناك.
(4)
انظر تفسير " السحر " فيما سلف 13: 49، تعليق: 1، والمراجع هناك.
وقال بعض نحويي الكوفة: إنهم قالوا: "هذا سحر"، ولم يقولوه بالألف، لأن أكثر ما جاء بغير ألف. قال: فيقال: فلم أدخلت الألف؟ فيقال: قد يجوز أن تكون من قِيلهم وهم يعلمون أنه سحر، كما يقول الرجل للجائزة إذا أتته: أحقٌّ هذا؟ وقد علم أنه حق. قال: وقد يجوز أن تكون على التعجّب منهم: أسحر هذا؟ ما أعظمه! (1)
* * *
قال أبو جعفر: وأولى ذلك في هذا بالصواب عندي أن يكون المفعولُ محذوفًا، ويكون قوله:(أسحر هذا) ، من قيل موسى، منكرًا على فرعون وملئه قولَهم للحق لما جاءهم:" سحر"، فيكون تأويل الكلام حينئذ: قال موسى لهم: (أتقولون للحق لما جاءكم) = وهي الآيات التي أتاهم بها من عند الله حجة له على صدقه = سحرٌ، أسحرٌ هذا الحقّ الذي ترونه؟ فيكون "السحر" الأوّل محذوفًا، اكتفاءً بدلالة قول موسى (أسحر هذا) ، على أنه مرادٌ في الكلام، كما قال ذو الرمة.
فَلَمَّا لَبِسْنَ اللَّيْلَ، أَوْ حِينَ نَصَّبَت
…
لَهُ مِنْ خَدَّا آذَانِهَا وَهْوَ جَانِحُ (2)
يريد: أو حين أقبل، ثم حذف اكتفاءً بدلالة الكلام عليه، وكما قال جل ثناؤه:(فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ)[سورة الإسراء: 7]، والمعنى: بعثناهم ليسوءوا وجوهكم = فترك ذلك اكتفاء بدلالة الكلام عليه، في أشباه لما ذكرنا كثيرة، يُتْعب إحصاؤها.
* * *
وقوله: (ولا يفلح الساحرون)، يقول: ولا ينجح الساحرون ولا يَبْقون. (3)
* * *
(1) انظر معاني القرآن للفراء 1: 474.
(2)
مضى البيت وتخريجه وشرحه فيما سلف 1: 327، تعليق:2.
(3)
انظر تفسير " الفلاح " فيما سلف ص: 146، تعليق: 3، والمراجع هناك.