الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*ذكر من قال ذلك:
18004-
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج:(ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليئوس كفور)، قال: يا ابن آدم، إذا كانت بك نعمة من الله من السعة والأمن والعافية، فكفور لما بك منها، وإذا نزعت منك نبتغي قَدْعك وعقلك (1) فيئوس من روح الله، قنوطٌ من رحمته، كذلك المرء المنافق والكافر.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ
(10)
إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (11) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولئن نحن بسطنا للإنسان في دنياه، ورزقناه رخاءً في عيشه، ووسعنا عليه في رزقه، وذلك هي النّعم التي قال الله جل ثناؤه:(ولئن أذقناه نعماء)(2) = وقوله: (بعد ضراء مسته)، يقول: بعد ضيق من العيش كان فيه، وعسرة كان يعالجها (3)(ليقولنّ ذهب السيئات عني)، يقول تعالى ذكره: ليقولن عند ذلك: ذهب الضيق والعسرة عني، وزالت الشدائد والمكاره = (إنه لفرح فخور)، يقول تعالى ذكره: إن الإنسان لفرح بالنعم
(1) في المطبوعة: " يبتغي لك فراغك، فيؤوس. . . "، غير ما في المخطوطة، وكان فيها هكذا:" يسعى فرعك وعقلك فيؤوس "، وصواب قراءتها ما أثبت. و " القدع ": الكف والمنع.
(2)
انظر تفسير " النعماء " فيما سلف من فهارس اللغة (نعم) .
(3)
انظر تفسير " المس " فيما سلف ص: 219، تعليق: 2، والمراجع هناك.
= وتفسير " الضراء " فيما سلف ص: 49، تعليق: 1، والمراجع هناك.
التي يعطاها مسرور بها (1)
= (فخور)، يقول: ذو فخر بما نال من السعة في الدنيا، وما بسط له فيها من العيش، (2) وينسى صُرُوفها، ونكدَ العَوَائص فيها، (3) ويدع طلب النعيم الذي يبقى، والسرور الذي يدوم فلا يزول.
18005-
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج قوله:(ذهب السيئات عني) ، غِرَّةً بالله وجراءة عليه = (إنه لفرح) ، والله لا يحب الفرحين= (فخور) ، بعد ما أعطي، وهو لا يشكر الله.
* * *
ثم استثنى جل ثناؤه من الإنسان الذي وصفه بهاتين الصفتين: "الذين صبروا وعملوا الصالحات". وإنما جاز استثناؤهم منه لأن "الإنسان" بمعنى الجنس ومعنى الجمع. وهو كقوله: (وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ)، [سورة العصر: 1-3] ، (4)
فقال تعالى ذكره: (إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات) ، فإنهم إن تأتهم شدّة من الدنيا وعسرة فيها، لم يثنهم ذلك عن طاعة الله، ولكنهم صبروا لأمره وقضائه. فإن نالوا فيها رخاء وسعةً، شكروه وأدَّوا حقوقه بما آتاهم منها. يقول الله:(أولئك لهم مغفرة) يغفرها لهم، ولا يفضحهم بها في معادهم = (وأجر كبير)، يقول: ولهم من الله مع مغفرة ذنوبهم، ثوابٌ على أعمالهم الصالحة التي عملوها في دار الدنيا، جزيلٌ، وجزاءٌ عظيم.
18006-
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج:(إلا الذين صبروا) ، عند البلاء، (وعملوا الصالحات) ، عند النعمة
(1) انظر تفسير " فرح " فيما سلف 14: 289.
(2)
انظر تفسير " فخور " فيما سلف 8: 350.
(3)
في المطبوعة: " نكد العوارض "، غير ما في المخطوطة، و " العوائص " جمع " عائص " أو " عائصة "، ومثله " العوصاء "، وكله معناه: الشدة والعسر والحاجة.
(4)
انظر معاني القرآن للفراء في تفسير الآية. ومن هنا سأرجع إلى النسخة المخطوطة من معاني القرآن، لأن بقية الكتاب لم تطبع بعد. والنسخة التي أرجع إليها هي المخطوطة بدار الكتب المصرية تحت رقم: ب 24986، مصورة عن نسخة مكتبة " بغداد لي وهبي " بالمكتبة السليمانية، بالآستانة.