الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
14. محمد بن الوليد السمرقنديّ (الحنفيّ) : كان حيَّاً سنة450ه
ـ
…
قال في "الجامع الأصغر": ((إذا أطلق الرجل كلمةَ الكفر عَمْداً لكنّه لم يعتقد الكفرَ؛ قال بعض أصحابنا: لا يكفر لأَنَّ الكفر يتعلَّق بالضَّمير ولم يعقد الضَّمير على الكفر، وقال بعضهم: يكفُر، وهو الصحيح عندي لأَنَّه استخفَّ بدينه)) (1) .
15.
العلَاّمة أبو محمَّد عليُّ بن حزم (الظاهريّ)(2) . ت:456هـ
قال في "الفِصَل": ((وأمَّا قولهم (3) إِنَّ شَتْمَ الله تعالى ليس كفراً وكذلك شَتْمَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فهو دعوى، لأن الله تعالى قال: {يَحْلِفُونَ بِاللهِ مَا قَالُوا وَلقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ
(1) انظر "البحر الرائق" لابن نجيم (5/134) دار الكتاب العربي ط2. و"الدر المختار" لابن عابدين (6/358) دار الكتب العلمية ط1 - 1415هـ. وانظر ترجمة السمرقنديّ في "معجم المؤلفين"(12/96) ، و"تاج التراجم" لقُطلوبغا (برقم265) .
(2)
حمده شيخ الإسلام في مسائل الإيمان وذمه في مسائل الصفات، فقال في "الفتاوى" (4/18-19) :((وكذلك أبو محمد بن حزم فيما صنَّفه من الملل والنحل إنما يُستحمد بموافقة السنة والحديث، مثل ما ذكره في مسائل القدر والإرجاء)) وقال: ((وإن كان أبو محمد بن حزم في مسائل الإيمان والقدر أقوم من غيره، وأعلم بالحديث وأكثر تعظيماً له ولأهله من غيره، لكن قد خالط من أقوال الفلاسفة والمعتزلة في مسائل الصفات)) .
(3)
يعني الجهميَّة والمرجئة.
إِسْلامِهِمْ (1) } فنصَّ تعالى على أَنَّ من الكلام ما هو كفرٌ.
…
وقال تعالى: {إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ (2) } فنصَّ تعالى أَنَّ من الكلام في آيات الله تعالى ما هو كفرٌ بعينِه مسموعٌ.
…
وقال {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ؟ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً (3) } فنصَّ تعالى على أَنَّ الاستهزاء بالله تعالى أو بآياته أو برسولٍ من رسله كفرٌ مخرجٌ عن الإيمان ولم يقل تعالى في ذلك إِنِّي علمت أَنَّ في قلوبكم كفراً، بل جعلهم كفاراً بنفس الاستهزاء. ومن ادَّعى غير هذا فقد قوَّل الله تعالى ما لم يقُلْ وكذب على الله تعالى)) (4) .
…
وقال أيضاً:
…
((الجَحْد لشيءٍ ممَّا صحَّ البرهان أَنَّه لا إيمان إلَاّ بتصديقه كفرٌ، والنّطق بشيءٍ من كلِّ ما قام البرهان أَنَّ النُّطق به كفرٌ كفرٌ، والعمل بشيءٍ ممَّا قام البرهان بأَنَّه كفرٌ كفرٌ، فالكفر
(1) سورة التوبة: 74.
(2)
سورة النساء: 140.
(3)
سورة التوبة: 65،66
(4)
"الفصل في الملل والأهواء والنحل"(3/244-245) شركة مكتبات عكاظ ط1- 1402هـ.
يزيد، وكلُّ ما زاد فيه فهو كفرٌ، والكفر ينقص، وكلّه مع ذلك ما بقي منه وما نقص فكلّه كفر، وبعض الكفر أعظم وأشدُّ وأشنع من بعضٍ، وكلُّه كفرٌ)) (1) .
…
وقال أيضاً:
…
((إِنَّ الإقرار باللسان دون عقد القلب لا حُكْمَ له عند الله عز وجل لأَنَّ أحدنا يلفظ بالكفر حاكياً وقارئاً له في القرآن فلا يكونُ بذلك كافراً حتى يقرَّ أَنَّه عقده.
…
قال أبو محمد: فإن احتجَّ بهذا أهلُ المقالة الأولى - يعني المرجئة- وقالوا هذا يشهد بأَنَّ الإعلان بالكفر ليس كفراً. قلنا له - وبالله التوفيق -: ((قد قلنا إِنَّ التسمية ليست لنا وإِنَّما هي لله تعالى فلمَّا أمرنا تعالى بتلاوة القرآن وقد حكى لنا فيه قول أهل الكفر وأخبرنا تعالى أَنَّه لا يرضى لعباده الكفر خرج القاريءُ للقرآن بذلك عن الكفر إلى رِضا الله عز وجل والإيمان، بحكايته ما نصَّ الله تعالى بأداء الشهادة بالحقِّ فقال تعالى: {إِلَاّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلمُونَ} (2) خرج الشاهد المُخْبِر عن الكافر بكفره عن أَنْ يكون بذلك كافراً إلى رِضا الله عز وجل والإيمان.
…
ولما قال تعالى: {إِلَاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا (3) } . خرج من ثبت إِكراهُه عن أَنْ يكون
(1) المصدر السابق (3/256) .
(2)
سورة الزخرف: 86.
(3)
سورة النحل: 106.
بإظهار الكفر كافراً إلى رخصةِ الله تعالى والثَّبات على الإيمان، وبقي من أظهر الكفر: لا قارئاً ولا شاهداً، ولا حاكياً ولا مكرهاً على وجوب الكفر له بإجماع الأمَّة على الحكم له بحكم الكفر وبحكم رسول الله ? بذلك، وبنصِّ القرآن على من قال كلمة الكفر إِنَّه كافرٌ، وليس قول الله عز وجل {ولكِنْ مَنْ شَرَحَ بالكُفْرِ صَدْرَاً} على ما ظنُّوه من اعتقاد الكفر فقط، بل كلُّ من نطق بالكلام الذي يُحكم لقائله عند أهل الإسلام بحكم الكفر لا قارئاً ولا شاهداً ولا حاكياً ولا مكرهاً فقد شرح بالكفر صدراً؛ بمعنى أَنَّه شرح صدره لقبولِ الكفر المحرَّم على أهل الإسلام وعلى أهل الكفر أَنْ يقولوه وسواءً اعتقدوه أو لم يعتقدوه، لأَنَّ هذا العمل من إعلان الكفر على غير الوجوه المباحة في إيرادِه وهو شرحُ الصدرِ به، فبطل تمويههم بهذه الآية وبالله تعالى التوفيق)) (1) .
وقال أيضاً:
…
((وأما قولهم - يعني الجهميّة والأشاعرة المرجئة - إِنَّ إخبار الله تعالى بأَنَّ هؤلاء كلّهم كفَّارٌ دليلٌ على أَنَّ في قلوبهم كفراً وأَنَّ شَتْمَ الله تعالى ليس كفراً ولكنَّه دليلٌ على أَنَّ في القلب كفراً وإنْ كان كافراً لم يعرفِ الله تعالى قطٌّ. فهذه منهم دعوى مفتراة لا دليلَ لهم عليها ولا برهان: لا من نصٍ، ولا سنَّةٍ صحيحةٍ، ولا سقيمةٍ، ولا حجَّة من عقلٍ أصلاً، ولا من إجماعٍ، ولا من قياسٍ،
(1) المصدر السابق (3/249-250) .