الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثاني: أن القرآن كله متشابه، لقوله تعالى كتابًا مُتَشابِهًا مَثانِيَ [الزمر: 23].
الثالث: وهو الصحيح الراجح أن القرآن ينقسم إلي محكم ومتشابه لقوله تعالى: مِنْهُ آياتٌ مُحْكماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكتابِ وأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ (وأجيب عن الآيتين السابقتين بأن المراد بإحكامه: إتقانه وعدم تطرق النقص والاختلاف إليه، وبتشابهه: كونه يشبه بعضه بعضا في الحق والصدق والإعجاز)(1).
ثانيا: المتشابه من القرآن:
المتشابه في اللغة هو: ما تشابه من الأمور بعضها ببعض، بحيث تلتبس على الناظر فيها يقال: اشتبهت الأمور أي التبست لاشتباه بعضها ببعض (2).
واصطلاحا هو: ما تشابهت ألفاظه الظاهرة، مع اختلاف معانيه، بحيث تخفي دلالة معناه لذاته، ويتعذر معرفته إلا بالرجوع لصاحب الشرع (3).
وعبّر عنه بعض أهل العلم بقوله: (المتشابه: هو في غاية الخفاء كالمحكم في غاية الظهور)(4).
وللمتشابه نوعان:
الأول: متشابه في اللفظ:
ومثاله فواتح السور المقطعة، (الم - ص - ن - ق - حم - كهيعص
…
) فهذه الحروف المقطعة لا يدري المراد منها، وبرغم ما حاول بعض العلماء الاجتهاد، فقالوا: (إن الحكمة في تصدير بعض السور القرآنية بالحروف المقطعة هي إظهار
(1) الإتقان في علوم القرآن 2/ 2، وانظر القواعد الحسان لتفسير القرآن ص 76.
(2)
انظر: أساس البلاغة للزمخشري ص 228 - 229.
(3)
أصول التفسير وقواعده ص 291 صرف.
(4)
محاضرات في أصول الفقه الإسلامي للدكتور/ محمد أبي اليسر عابدين ص 11.
عجز العرب عن الإتيان بمثل شيء من القرآن الذي هو مركب من حروف من جنس تلك الحروف المقطعة التي يعرفونها، والدليل على ذلك إن أغلب السور التي فيهل حروف مقطعة جاء بعد الحروف إشارة إلي القرآن الكريم الر تِلْك آياتُ الْكتابِ، الر كتابٌ أُحْكمَتْ آياتُهُ «وقال بعضهم: يستخلص من الحروف المقطعة في أوائل السور بعد حذف المكرر منها تركيب عجيب هو (نصّ حكيم له سرّ قاطع) كأنه يريد أن يقول إنها وصف للقرآن الكريم» (1).
وبرغم تلك المحاولات لفهم معنى تلك الأصول المتشابه يبقي نوع من الخفاء دليلا على التسليم والإيمان.
الثاني: متشابه في المفهوم:
وهو ما عرف معناه ظاهرا واستحال معرفة حقيقة المعنى المراد منه، كآيات الصفات، مثل: يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ [محمد: 10] ويَبْقي وَجْهُ رَبِّك ذُو الْجَلالِ والْإِكرامِ (27)[الرحمن: 27] وجاءَ رَبُّك والْمَلَك صَفًّا صَفًّا (22)[الفجر: 22]، وكقوله سبحانه في المسيح ابن مريم: إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَي ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وكلِمَتُهُ أَلْقاها إِلي مَرْيَمَ ورُوحٌ مِنْهُ [النساء: 171] وهذا النوع من المتشابه يفهم معناه، ولكن يستحيل معرفة حقيقة المعنى المراد، فنحن نفهم من كل آية من آيات الصفات معنى ولكن تبقى حقيقة المراد من الخفي الذي لا سبيل لإيضاحه (2).
(1) انظر: تأويل القرآن وتفسير معانيه لأبي مسلم الأصفهاني.
(2)
وقد أنكر شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوي إدخال الصفات أو بعض ذلك في المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله وذكر أنه لا يعلم أحدا من سلف الأمة جعل ذلك من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله بل فسروه وبينوه لكن من غير تحريف له عن مواضعه أو الحاد في أسماء الله وصفاته وآياته وردوا أبطلوا تأويلات المنحرفين كما فعل ذلك أحمد في كتابه الرد على الزنادقة والجهمية. راجع الفتاوي 13/ 294 - 307.