الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني أهمية ومكانة علم التفسير
لعلم التفسير أهمية بالغة، ذلك لأن القرآن أنزله الله ليتدبره الناس ويفهمونه، وبالفهم تستريح الأنفس للعمل به وتطبيق ما فيه.
ولقد أشار الله تعالى إلي أهمية التفسير عند ما دعا إلي تدبر القرآن، فمثلا:
يقول سبحانه وتعالى: كتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْك مُبارَك لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ ولِيَتَذَكرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (29)[ص: 29].
وقال تعالى: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلي قُلُوبٍ أَقْفالُها (24)[محمد: 24].
وقال تعالى أيضا - آمرا نبيه صلى الله عليه وسلم بالقيام بمهمة التفسير: وأَنْزَلْنا إِلَيْك الذِّكرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ولَعَلَّهُمْ يَتَفَكرُونَ [النحل: 44].
وقد قام النبي صلى الله عليه وسلم بالمهمة خير قيام فكان أصحابه إذا أشكل عليهم شيء من القرآن سألوه صلى الله عليه وسلم فيوضح ويبين لهم.
قال الإمام الطبري رحمه الله وهو يبين أهمية التفسير: (اعلموا عباد الله - رحمكم الله - أن أحق ما صرفت إلي علمه العناية، وبلغت في معرفته الغاية ما كان لله في العلم به رضي وللعالم إلي سبيل الرشاد هدي، وإن اجمع ذلك لباغيه كتاب الله الذي لا ريب فيه، وتنزيله الذي لا مرية فيه، الفائز بجزيل الذخر وسني الأجر تاليه، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد)(1).
وصدق الطبري فيما قال، فقد كان العلماء من قبله يرحلون إلي بلاد بعيدة من أجل الوقوف على معنى آية وتفسيرها، قال عبد الله بن مسعود: (ما من
(1) تفسير الطبري 1/ 15.
آية في كتاب الله عز وجل إلا وأنا أعلم أين نزلت وفيم نزلت ولو أعلم أحدا أعلم بكتاب الله مني تركب إليه الإبل لركبت) (1).
وقد أشار الإمام القرطبي رحمه الله أيضا إلي أهمية علم التفسير فعقد لذلك فصلا موجزا في مقدمة تفسيره (الجامع لأحكام القرآن) أورد فيه ما يدل على أهمية التفسير ومن ذلك:
(ورد عن إياس بن معاوية في فضل التفسير قال: مثل الذين يقرءون القرآن وهم لا يعلمون تفسيره كمثل قوم جاءهم كتاب من ملكهم ليلا وليس عندهم مصباح فتداخلهم روعة، ولا يدرون ما في الكتاب، ومثل الذي يعرف التفسير كمثل رجل جاءهم بمصباح فقرءوا ما في الكتاب)(2).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن أهمية التفسير: «وحاجة الأمة ماسة إلي فهم القرآن الذي هو حبل الله المتين والذكر الحكيم، والصراط المستقيم
…
» (3).
وما من واحد من المفسرين إلا وكتب في مقدمة تفسيره عن أهمية التفسير لكتاب الله عز وجل يستشهد على ذلك بالآيات الواردة في الحث على التدبر في كتاب الله تعالى.
فليعلم طلاب العلم - خصوصا - والمسلمون عموما أن التفسير مهم جدا فهو الطريق إلي العمل بكتاب الله تعالى وتطبيقه كمنهج للحياة.
«.. وإن امتلأت نفس طالب العلم بجلالة علم التفسير وأهميته دفعه ذلك إلي مضاعفة جهده وحثه على مواصلة ليله بنهاره في البحث والدرس والتنقيب، وجعل التعب لديه راحة .. لأن السعي إلي الغايات يكون بحسب
(1) راجع هذا الأثر في تفسير ابن كثير 1/ 3.
(2)
الجامع لأحكام القرآن 1/ 26.
(3)
مقدمة في أصول التفسير ص 22 بشرح ابن عثيمين.
أهميتها وقيمتها» (1).
وعلى هذا فعلم التفسير أشرف العلوم لتعلقه بكتاب الله الذي هو أشرف الكتب على الإطلاق، وقد جعل بعض أهل العلم: العلم بالتفسير من فروض الكفاية الذي لا تبرأ ذمة الأمة إلا بوجود ولو طائفة منها على مر الزمان تتعلمه وتتقن أصوله وتدل الناس عليه.
(1) د/ محمد لطفي الصباغ: بحوث في أصول التفسير ص 20 ط المكتب الإسلامي - 1988 بتصرف.