الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا الحكم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب الرجم)، فصارت هذه السّنّة ناسخة لحكم تلك الأنواع مع بقاء تلاوتها (1).
الثالث: ما نسخ حكمه وتلاوته معا: مثل ما ورد عن عائشة أنها قالت كان فيما انزل عشر رضعات محرمات فنسخت بخمس وليس في المصحف عشر رضعات محرمات ولا حكمها فهما منسوخان (2).
وهناك من ذكر للناسخ والمنسوخ أنواعا أخرى باعتبار آخر وهي:
[1]
النسخ إلي الأيسر مثل: نسخ عدة المتوفي عنها زوجها من حول كامل إلي أربعة أشهر وعشرا
[2]
النسخ إلي الأشق مثل: نسخ صوم عاشوراء إلي صوم رمضان.
[3]
النسخ إلي المثل مثل: نسخ الصلاة إلي بيت المقدس بالصلاة إلي المسجد الحرام.
الفرق بين النسخ والبداء:
قال الآمدي رحمه الله: «اعلم أن البداء عبارة عن الظهور بعد الخفاء ومنه يقال بدا لنا سور المدنية بعد خفائه وبدا لنا الأمر الفلاني أي ظهر بعد خفائه، وإليه الإشارة بقوله تعالى: وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ ما لَمْ يَكونُوا يَحْتَسِبُونَ [الزمر: 47]، بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ [الأنعام: 28]، والبداء مستلزم للعلم بعد الجهل والظهور بعد الخفاء، وذلك بالطبع مستحيل في حق الله تعالى فله العلم الأزلي المطلق، والنسخ ليس ظهورا بعد خفاء ولا علم بعد جهل، وإنما علم الله أزلا أنه يأمر
(1) انظر هبة الله بن سلامة: الناسخ والمنسوخ ص 18.
(2)
الإحكام 3/ 202.
بفعل من الأفعال للمصلحة في وقت معين، وعلم استلزام نسخه فيه لا يلزم من ذلك أن يكون قد ظهر له ما كان خفيا عنه (1).
ولما خفي الفرق بين النسخ والبداء على اليهود والرافضة: منعت اليهود من النسخ في حق الله تعالى وجوزت الروافض البداء عليه لاعتقادهم جواز النسخ على الله تعالى مع تعذر الفرق عليهم بين النسخ والبداء .. فلزم اليهود على ذلك إنكار تبدل الشرائع، ولزم الروافض على ذلك وصف الباري تعالى بالجهل، مع النصوص القطعية والأدلة العقلية الدالة على استحالة ذلك في حقه سبحانه، وأنه لا يخفي عليه شيء في الأرض ولا في السماء (2).
ويكفي أن يقرر الحق ما يدلل على أزلية علمه قبل خلق الموجودات فيقول تعالى: ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ ولا فِي أَنْفُسِكمْ إِلَّا فِي كتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِك عَلَي اللَّهِ يَسِيرٌ (22)[الحديد: 22].
(1) الإحكام للآمدي 3/ 157 - 160 بتصرف وإيجاز.
(2)
الإحكام 157/ 3، 158 بتصرف.