الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكرَمَكمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكمْ [الحجرات: 13].
وفيها عموم هو أن كل نفس خوطبت بهذا في زمان الرسول صلى الله عليه وسلم وبعده - ذكرا أو أنثي - والخصوص في قوله تعالى إِنَّ أَكرَمَكمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكمْ لأن التقوي لا تكون إلا ممن عقلها وكان من أهلها من البالغين من بني آدم.
الفرق بين العام والمطلق:
قد يبدو من الأسماء أنه لا فرق بين العام والمطلق ولكن الأمر غير ذلك:
فقد فرق بينهما بعض أهل العلم فقالوا:
ثانيا: الخاص:
[1]
تعريف الخاص:
لغة: التفرد والانقطاع عن المشاركة، يقال خصه بالشيء أفرده به دون غيره.
واصطلاحا: كل لفظ وضع لمعنى واحد على الانفراد وقطع المشاركة (2).
مثاله: ارْكعُوا واسْجُدُوا [الحج: 77] .. فَاجْلِدُوا كلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ [النور: 2]، فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً [النور: 4] (فالركوع والسجود والمائة والثمانين لا تحمل معنى آخر غير الذي وضعت له وهي خاصة به لا يشاركه فيه غيره من المعاني).
[2]
أنواع الخاص: ينقسم الخاص إلي أربعة أنواع:
المطلق: وهو اللفظ الذي لم يقيد بقيد لفظي يقلل من شيوعه، مثل:
(1) أصول التفسير وقواعده ص 380 صرف يسير.
(2)
أصول البزدوي (1/ 30 - 31) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 2 - 3.
حُرِّمَتْ عَلَيْكمُ الْمَيْتَةُ والدَّمُ [المائدة: 3] .. ووَ الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ [المجادلة: 3]. فلفظ الدَّمُ ولفظ رَقَبَةٍ كل منهما مطلق شائع في جنسه لأنه لم يقيد بقيد لفظي يقلل من شيوعه، فالدم يشمل المسفوح وغير المسفوح والرقبة تشمل المؤمن وغير المؤمن كما تشمل الذكر والأنثي.
مثالين آخرين للمطلق: والَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكمْ ويَذَرُونَ أَزْواجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وعَشْرًا [البقرة: 234]، فَمَنْ كانَ مِنْكمْ مَرِيضًا أَوْ عَلي سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة: 184]، فلفظ أَزْواجًا ولفظ أَيَّامٍ كل منهما مطلق شائع في جنسه لأنه لم يقيّد بقيد يقلل من شيوعه، فالأزواج مطلق يشمل المدخول بهن وغير المدخول، والأيام مطلق عن التقيد بزمن أو شرط كالتتابع .. ومن خلال تلك الأمثلة السابقة نعلم أن دلالة المطلق أن يعمل به على إطلاقه إلا إذا وجد دليل التقييد، فليس من حق المفسر أن يقلل من شيوع ذلك اللفظ إلا إذا وجد ما يقيده (1).
المقيد: وهو اللفظ الخاص الذي قيّد بقيد لفظي قلل من شيوعه (2).
مثل: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلي طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ [الأنعام: 145]، ومَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ [النساء: 92] فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ [النساء: 92]، فلفظ (الدم) ولفظ رَقَبَةٍ ولفظ شَهْرَيْنِ خاص قيد كل منها بقيد لفظي قلّل من شيوعه، فقيّد الدم ب (المسفوح)، وقيد الرقبة بالإيمان، وقيّد الشهرين بالتتابع.
ودلالة المقيد أنه يعمل به حسب القيد ولا يصح إطلاقه.
(1) البرهان - للزركشي 2/ 15.
(2)
أصول التفسير - لخالد عبد الرحمن ص 406.
قاعدة حمل المطلق على المقيد:
إذا جاء مطلق ومقيد فإن كانا في نصين لحكم واحد فإنه يحمل المطلق على المقيد أي يعمل بالقيد لا الإطلاق دفعا للتعارض مثل: لفظ الدم المطلق في سورة المائدة حُرِّمَتْ عَلَيْكمُ الْمَيْتَةُ والدَّمُ، ولفظ الدم المسفوح في سورة الأنعام إِلَّا أَنْ يَكونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا فهو مقيد هنا بالمسفوح - أي المهراق - فلا يكون الدم المتبقي في اللحم بعد تزكية الحيوان من الدم المحرم، وإن كانا في نصين لحكمين مختلفين فإنهما لا يحمل أحدهما على الآخر كما في لفظ رَقَبَةٍ المطلق في كفارة الظهار فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ، ولفظ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ المقيد في كفارة القتل الخطأ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ (1).
الأمر: وهو اللفظ الدّال على طلب فعل المأمور به على جهة الاستعلاء وهو نوع من الخاص (2).
مثاله: اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ [آل عمران: 102]، فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وآتُوا الزَّكاةَ وأَطِيعُوا اللَّهَ ورَسُولَهُ [المجادلة: 13]، فَمَنْ شَهِدَ مِنْكمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة: 185] اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ [فصلت: 40]، قُلْ هاتُوا بُرْهانَكمْ [الأنبياء: 24]، فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ [طه: 72]، واعْفُ عَنَّا واغْفِرْ لَنا وارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَي الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (286) [البقرة: 286].
والأمر كدلالة خاصة قد يكون للوجوب، وقد يكون للإباحة، وقد يكون للوعيد، وقد يكون للدعاء، وقد يكون للإخبار .. وغير ذلك.
النهي: وهو اللفظ الدال على طلب الامتناع عن الفعل على جهة الاستعلاء وهو نوع من الخاص (3).
(1) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 3.
(2)
أصول التفسير، ص 407.
(3)
انظر: أصول التشريع، لعلي حسب الله، ص 219.