المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الرابع نشأة علم التفسير وأصوله - التيسير في أصول واتجاهات التفسير

[عماد علي عبد السميع]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة الدكتور علي أحمد فراج]

- ‌مقدّمة

- ‌المبحث الأول معنى أصول التفسير

- ‌أولا: معنى أصول التفسير بالمعنى التحليلي:

- ‌ثانيا: معنى أصول التفسير بالمعنى الإضافي:

- ‌المبحث الثاني أهمية ومكانة علم التفسير

- ‌المبحث الثالث أهمية علم أصول التفسير

- ‌المبحث الرابع نشأة علم التفسير وأصوله

- ‌المبحث الخامس أهم المصنفات في أصول التفسير

- ‌المبحث السادس مصادر علم التفسير

- ‌المبحث السابع أنواع التفسير

- ‌المبحث الثامن أحسن طريقة للتفسير

- ‌المبحث التاسع شروط المفسر وآدابه

- ‌الشروط التي لا بدّ من توفرها في المفسر كآداب:

- ‌أما الشروط التي تتعلق به من الناحية العلمية:

- ‌المبحث العاشر التأويل عند السلف والمتكلمين والفرق بين التفسير والتأويل

- ‌المبحث الحادي عشر التحذير من الاجتراء على التفسير بغير علم

- ‌المبحث الثاني عشر في المحكم والمتشابه

- ‌أولا: المحكم من القرآن:

- ‌ثانيا: المتشابه من القرآن:

- ‌طرف من الحكمة من إنزال المتشابه في القرآن:

- ‌موقف السلف من المتشابه:

- ‌المبحث الثالث عشر الناسخ والمنسوخ

- ‌طريق معرفة النسخ:

- ‌وسيلة النسخ:

- ‌الحكمة من النسخ:

- ‌أهمية معرفة الناسخ والمنسوخ كأصل من أصول التفسير:

- ‌حكم النسخ من ناحية إثباته وعدمه:

- ‌أنواع النسخ:

- ‌الفرق بين النسخ والبداء:

- ‌المبحث الرابع عشر الخفي والمشكل والمجمل

- ‌أولا: الخفي:

- ‌ثانيا: المشكل:

- ‌أهمية معرفة المشكل:

- ‌ثالثا: المجمل:

- ‌الفرق بين الخفي والمشكل والمجمل:

- ‌المبحث الخامس عشر العام والخاص والمشترك

- ‌أولا: العام:

- ‌ثانيا: الخاص:

- ‌ثالثا: المشترك:

- ‌المبحث السادس عشر الحقيقة والمجاز

- ‌أولا: الحقيقة:

- ‌ثانيا المجاز:

- ‌حكم وقوعه في القرآن:

- ‌الفرق بين الحقيقة والمجاز:

- ‌أهمية معرفة المفسر بالحقيقة والمجاز:

- ‌المبحث السابع عشر الغريب والمعرّب في القرآن الكريم

- ‌أولا: الغريب:

- ‌أهمية معرفة غريب القرآن:

- ‌ثانيا: المعرّب من الألفاظ في القرآن:

- ‌المبحث الثامن عشر أسباب النزول كأصل من أصول التفسير

- ‌طريق معرفة أسباب النزول:

- ‌أهمية معرفة أسباب النزول كأصل من أصول التفسير:

- ‌المبحث التاسع عشر التفسير بالمأثور

- ‌المبحث العشرون التفسير العقلي (بالرأي)

- ‌الخاتمة

- ‌قائمة المراجع

الفصل: ‌المبحث الرابع نشأة علم التفسير وأصوله

‌المبحث الرابع نشأة علم التفسير وأصوله

لقد نشأ علم التفسير منذ عصر الرسول صلى الله عليه وسلم فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يسألونه عما يشكل عليهم فهمه من القرآن، مثل:

سؤالهم له عند ما نزل قوله تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا ولَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِك لَهُمُ الْأَمْنُ وهُمْ مُهْتَدُونَ (82)[الأنعام: 82]، قالوا: وأينا لم يظلم نفسه يا رسول الله؟، فقال لهم مفسرا معنى الظلم، وهو الشرك، أما قرأتم قول الله تعالى: إِنَّ الشِّرْك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان: 13](1).

وسؤالهم لما نزل قول الله تعالى: مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ [النساء: 123]، فبين لهم ما الذي يجزون به، قال لأبي بكر لما جاء مشفقا وهو يقول: كيف النجاة بعد هذه الآية؟ فقال له: ألست تمرض؟ أليس يصيبك النصب؟، قال: بلي، قال: فذلك الذي تجزون به (2).

وفسر لهم معنى البياض والسواد في آية الصيام: وكلُوا واشْرَبُوا حَتَّي يَتَبَيَّنَ لَكمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [البقرة: 187]

وكان الأمر قد التبس عليهم، حتى إن أحدهم كان قد أخذ خيطين حقيقين فوضعهما تحت وسادته يريد أن يجعلهما علامة على الإمساك للصيام فلم ير سودا ولا بياضا، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال له: إنك لعريض الوساد، البياض بياض الصبح والسواد سواد الليل (3).

(1) تفسير الطبري 3/ 455 وأصله في البخاري برقم 32.

(2)

تفسير الطبري 3/ 37 وأصله في مسند احمد 1/ 11 والحاكم 3/ 74 وصححه الذهبي.

(3)

انظر/ تفسير القرطبي 2/ 320 وأصله في البخاري.

ص: 15

ولم تكن هذه مواقف فردية وإنما حرص الصحابة على فهم القرآن لأنه طريق العمل - كما قلنا - بل ورد عنهم قالوا: «كنا إذا نزلت عشر آيات من كتاب الله تعالى لم نبرحها حتى نحفظها ونفهم معانيها ونعمل بها حتى إذا اكتمل القرآن نزولا كان قد اجتمع لدينا ثلاث: الحفظ والفهم والعمل» (1).

وربما لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك تفسيرا كاملا للقرآن، وذلك لأنه لم تكن هناك أسباب داعية إليه، فأصحابه كانوا يتمتعون بذكاء وسلامة فطرة منقطعة النظير، ومع ذلك وضح لهم ما أشكل عليهم، وهم بدورهم بلغوا ما فسره لهم، ووضحوا أيضا من خلال مشاهداتهم لنزول الوحي والأحوال المقترنة به ما وسعهم توضيحه.

ثم جاء عصر التابعين فتكلم الأئمة: منهم الحسن البصري وعكرمة مولي ابن عباس وسعيد بن المسيب، ثم مجاهد وقتادة وأبو إسحاق السبيعي

وغيرهم.

وكانت مرويات التفسير تروي على أنها أبواب من الحديث، ولم يظهر تفسير كامل استوعب القرآن من فاتحته إلي خاتمته إلا في أواخر القرن الثالث وأوائل الرابع الهجري على يد شيخ المفسرين محمد بن جرير الطبري (ت 310 هـ)، ثم توالي التصنيف في التفسير والتفنن في مذاهبه.

ولا زال إلي الآن يكتب في التفسير ويتوصل إلي جديد من معاني كلام الله تعالى، وسيظل ما دامت السماوات والأرض زاخرا بالمعاني التي يعد تفسيرها تجديدا لإعجازه.

وعن نشأة أصول التفسير: لقد نشأ علم أصول التفسير مقترنا بالتفسير وإن لم يكن تحت هذا المصطلح

(1) انظر: تفسير ابن كثير 1/ 3.

ص: 16

- لكن يلاحظ من تورع الصحابة رضي الله عنهم عن القول في تفسير القرآن بالهوى وبدون علم: أنهم كانوا يرون أن التفسير لا يتم إلا بضوابط حتى لا يحصل الزلل والخطأ في الفهم.

قال أبو بكر رضي الله عنه: (أي أرض تقلني، وأي سماء تظلني، إن أنا قلت في القرآن برأيي). وفي رواية: (لأن تضرب عنقي ولا أقول في القرآن برأيي)(1).

«ويعتبر الإمام الشافعي رحمه الله (ت 204 هـ) أول واضع لأصول التفسير في كتابه الرسالة، وإن كان قصد بها التقعيد لأصول الفقه لكنه تعرض في مباحث كثيرة للمطلق والمقيد، والناسخ والمنسوخ .. وغير ذلك من المباحث المهمة في أصول التفسير فاعتبرها العلماء باكورة ما كتب في هذا الشأن» (2).

ثم توالت الكتابات في أصول التفسير، لكنها كانت بمثابة مقدمات في كتب التفسير يبدأ بها العلماء، ومن أهم تلك المقدمات مقدمة تفسير الإمام الطبري رحمه الله وكذلك القرطبي، ثم ظهرت مقدمة شيخ الإسلام ابن تيمية في أصول التفسير، وكذلك كانت توجد أصول التفسير متناثرة في بطون كتب علوم القرآن، أما في العصر الحاضر فقد كتب غير واحد من العلماء في أصول التفسير جمعا لهذا المتناثر في القرآن تقريبا وتسهيلا على الطلاب.

ومع ذلك يبقي علم أصول التفسير كما قال الدكتور: محمد لطفي الصباغ - من العلوم القابلة للنمو - والتي تحتاج إلي جهد وعناية كبيرة (3).

(1) انظر: فضائل القرآن لأبي عبيد القاسم ص 227 وهو مرسل.

(2)

انظر: خالد عبد الرحمن العك: أصول التفسير وقواعده ص 35.

(3)

انظر: بحوث في أصول التفسير ص 12.

ص: 17