الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شَرعه وناصر من نَصره وخاذل من خذله ومتم نوره على رغم أنف من أَبَاهُ وَلَكِن للباطل صولة وللشيطان جَوْلَة حَتَّى يقر الْحق فِي قراره وَيتم من الْعدْل وَرفع الظُّلم مَا أَمر الله بِهِ وَمن رام أَن ينصر بَاطِلا أَو يدْفع حَقًا فَهُوَ مركوس من غير فرق بَين رَئِيس ومرؤوس وَإِذا جَاءَ نهر الله بَطل نهر معقل وَعند عزائم الرَّحْمَن ينْدَفع كيد الشَّيْطَان
الْقيَاس
وَأما الْقيَاس فَاعْلَم أَنه قد رسمه أهل الْأُصُول بِأَنَّهُ مُسَاوَاة أصل للفرع فِي عِلّة حكمه ثمَّ شرطوه بِشُرُوط وقيدوه بقيود هِيَ مَعْلُومَة عِنْد من يعرف الْفَنّ لكِنهمْ توسعوا فِي هَذِه الْمُسَاوَاة وأثبتوها بِأُمُور هِيَ مُجَرّد خيال لَيْسَ على ثُبُوته إِشَارَة من علم
وَبَيَانه أَنهم جعلُوا مسالك الْعلَّة أنواعا فَأكْثر مَا قيل أَنَّهَا عشرَة ثمَّ جَمِيع هَذِه المسالك إِلَّا الْقَلِيل هِيَ بحث الرَّأْي ومحصل الدعاوي الْمُجَرَّدَة
فَعَلَيْك أَن تضع قدمك مَوضِع الْمَنْع وَتقوم فِي مقَام الْإِنْكَار حَتَّى يُوجب عَلَيْك الْمصير إِلَى شَيْء مِنْهَا مَا لَا يقدر على دَفعه وَلَا يشك فِي صِحَّته كمسلك النَّص على الْعلَّة ومسلك الْقطع بِانْتِفَاء الْفَارِق وَمثل هَذَا فحوى الْخطاب وَمَا شابه هَذِه الْأُمُور وَإِيَّاك أَن تثبت أَحْكَام الله بخيالات تقع لَك أَو لعالم مثلك من سَابق الْأمة أَو لاحقها فَإِن عَلَيْك من الْوزر والوبال مَا قدمنَا ذكره فِي هَذَا الْكتاب
وَبِالْجُمْلَةِ فَالْقِيَاس الَّذِي يذكرهُ أهل الْأُصُول لَيْسَ بِدَلِيل شَرْعِي تقوم بِهِ الْحجَّة على أحد من عباد الله وَلَا جَاءَ دَلِيل شَرْعِي يدل على حجيته وَإِن زعم ذَلِك من لَا خبْرَة لَهُ بالأدلة الشَّرْعِيَّة وَلَا بكيفية الِاسْتِدْلَال بهَا يعرف هَذَا من يعرفهُ وينكره من يُنكره
وَأما مَا كَانَت الْعلَّة فِيهِ منصوصة فالدليل هُوَ ذَلِك النَّص على الْعلَّة لِأَن
الشَّارِع كَأَنَّهُ صرح باعتبارها إِذا وجدت فِي شَيْء من الْمسَائِل من غير فرق بَين كَونه أصلا أَو فرعا
وَهَكَذَا مَا وَقع الْقطع فِيهِ بِنَفْي الْفَارِق فَإِنَّهُ بِهَذَا اقدر قد صَار الْأَمْرَانِ اللَّذَان لَا فَارق بَينهمَا شَيْئا وَاحِدًا مَا دلّ على أَحدهمَا دلّ على الآخر من دون أصلا أَو فرعا وَهَكَذَا مَا وَقع الْقطع فِيهِ بِنَفْي الْفَارِق فَأَنَّهُ بِهَذَا الْقدر قد صَار الْأَمْرَانِ اللَّذَان لَا فَارق بَينهمَا شَيْئا وَاحِدًا مَا دلّ على أَحدهمَا دلّ على الآخر من دون تَعديَة وَلَا اعْتِمَاد أَصْلِيَّة وَلَا فرعية
وَأما فحوى الْخطاب ولحنه فهذان هما راجعان إِلَى الْمَفْهُوم والمنطوق وَإِن سماهما بعض أهل الْعلم بِقِيَاس الفحوى وَبحث الْعَمَل بِالْمَفْهُومِ خَارج عَمَّا نَحن بصدده وَقد جَاءَت لُغَة الْعَرَب الحاكية لما كَانُوا يفهمونه ويتحاورون بِهِ ويعملون عَلَيْهِ أَن مثل هَذَا الْمَفْهُوم كَانَ مُعْتَبرا لديهم مأخوذا بِهِ عِنْدهم
وَلِهَذَا قَالَ من قَالَ من الْعلمَاء إِنَّه مَنْطُوق لَا مَفْهُوم
وَلَقَد تلاعب كثير من أهل الرَّأْي بِالْكتاب وَالسّنة تلاعبا لَا يخفى إِلَّا على من لَا يعرف الْإِنْصَاف بِهَذِهِ الذريعة القياسية وعولوا على مَا هُوَ مِنْهُ أوهن من بَيت العنكبوت وقدموه على آيَات قرآنية وَأَحَادِيث نبوية
وَمَا هَذِه بِأول فاقرة جَاءَ بهَا الشَّيْطَان وحسنها لنَوْع الْإِنْسَان وَذَادَ بهَا عباد الله عَن شرائعه
وَمن أنكر هَذَا فَلْينْظر المصنفات فِي الْفِقْه ويتتبع مسائلها المبنية على مُجَرّد الْقيَاس الْمَبْنِيّ على غير أساس مَعَ وجود أَدِلَّة نيرة وبراهين مرضية
وَمن هَذَا الْبَاب دخل أهل الرَّأْي وَإِلَيْهِ خَرجُوا من أَبْوَاب الْأَدِلَّة الثَّابِتَة فِي كتاب الله وَسنة رَسُوله صلى الله عليه وسلم
(فَكُن رجلا رجله فِي الثرى
…
وهامه همته فِي الثريا)
وكل من لَهُ فهم لَا يغرب عَنهُ أَن الله تَعَالَى لم يتعبد عباده بِمُجَرَّد قَول عَالم من الْعلمَاء أَنه قد أَفَادَهُ مَسْلَك تَخْرِيج المناط أَو تَنْقِيح الناط أَو الشّبَه أَو الدوران أَو نَحْو هَذَا الهذيان هَذَا على فرض أَنه لم يُوجد فِي الْكتاب وَالسّنة