الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَونهَا مَوْضُوعَة إِلَى كَونهَا صَحِيحَة ثمَّ من كَونهَا صَحِيحَة إِلَى كَونهَا قَطْعِيَّة
فيا لله الْعجب من نفاق مثل هَذِه الْأُمُور على كثير من أهل الْعلم وانقراض الْقرن بعد الْقرن وَالْعصر بعد الْعَصْر وَهِي عِنْدهم مسَائِل قَطْعِيَّة وقواعد مقررة والذنب لمن تكلم بهَا وَذكرهَا فِي مؤلفاته وَلم يقف حَيْثُ أوقفهُ الله من جَهله بِمَا جَاءَ فِي الشَّرِيعَة
وَهَكَذَا مَا وَقع فِي كثير من أَبْوَاب الْفِقْه من ذكر قَوَاعِد يطردونها فِي جَمِيع الْمسَائِل ويظنون أَنَّهَا من قَوَاعِد الشَّرْع الثَّابِتَة بقطعيات الشَّرِيعَة وَمن كشف عَن ذَلِك وجد أَكْثَرهَا مَبْنِيا عل مَحْض الرَّأْي الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ إثارة من علم وَلَا يرجع إِلَى شئ من الشَّرْع
وَمن خفى عَلَيْهِ هَذَا فَليعلم أَن قصوره وَعدم اشْتِغَاله بِالْعلمِ هُوَ الَّذِي جنى عَلَيْهِ وغره بِمَا لَا يغتر بِهِ من عض على الْعلم بناجذه وكشف عَن الْأُمُور كَمَا يَنْبَغِي
فعلى من أَرَادَ الْوُصُول إِلَى الْحق والتمسك بشعار الْإِنْصَاف أَن يكْشف عَن هَذِه الْأُمُور فَإِنَّهُ إِذا فعل ذَلِك هان عَلَيْهِ الْخطب وَلم يحل بَينه وَبَين الْحق مَا لَيْسَ من الْحق
عدم الموضوعية فِي عرض حجج الْخُصُوم
وَمن أَسبَاب الْوُقُوع فِي غر الْإِنْصَاف والتمسك بذيل من الاعتساف أَن يَأْخُذ طَالب الْحق أَدِلَّة الْمسَائِل من مجاميع الْفِقْه الَّتِي يعتزى مؤلفها إِلَى مَذْهَب من الْمذَاهب فَإِن من كَانَ كَذَلِك يُبَالغ فِي إِيرَاد أَدِلَّة مذْهبه ويطيل ذيل الْكَلَام عَلَيْهَا وَيُصَرح تَارَة بِأَنَّهَا أَدِلَّة وَتارَة بِأَنَّهَا حجج وَتارَة بِأَنَّهَا صَحِيحَة ثمَّ يطفف لخصمه الْمُخَالف فيورد أدلته بِصِيغَة التمريض ويعنونها بِلَفْظ الشّبَه وَمَا يُؤْذِي هَذَا الْمَعْنى
فَإِذا اقْتصر طَالب الْحق على النّظر فِي مثل هَذِه المؤلفات وَقع فِي الْبَاطِل وَهُوَ يَظُنّهُ الْحق وَخَالف الْحق وَهُوَ يَظُنّهُ الْبَاطِل وَالَّذِي أوقعه فِي ذَلِك
ُ 115 اقْتِصَاره فِي الْبَحْث وَالنَّظَر على ذَلِك الْكتاب الَّذِي أَلفه ذَلِك المعتصب وإحسان الظَّن بِهِ وغفوله عَن أَن مَوَاطِن الْأَدِلَّة هِيَ مجاميع الحَدِيث كالأمهات وَمَا يلْتَحق بهَا وَأَن هَؤُلَاءِ هم أهل الْعلم وأربابه الَّذين يعْرفُونَ صَحِيحَة من فاسده كَمَا قدمنَا الْإِشَارَة إِلَى هَذَا
وَلَا بَأْس بِأَن ينظر طَالب الْحق فِي كتب الْعلمَاء الْمَشْهُورين بالإنصاف الَّذين لم يتعصبوا لمَذْهَب من الْمذَاهب وَلَا انتسبوا إِلَى عَالم من الْعلمَاء فَإِنَّهُ يَسْتَفِيد بمطالعة مؤلفات المصنفين كَيْفيَّة الْعَمَل عِنْد التَّعَارُض ويهتدي إِلَى مواقع التَّرْجِيح ومواطن مَا يحِق الِاجْتِهَاد على الْوَجْه المطابق
وَهَكَذَا كتب الْكَلَام وأصول الْفِقْه فَإِن كل طَائِفَة تصنع هَذَا الصنع فِي الْغَالِب فتصف مَا يُوَافق مذهبها بالحجج القواطع والأدلة الراجحة وتطفف للمخالف فتورد لَهُ مَا لَا يعجزون عَن جَوَابه وَدفعه ويتركون مَا لَا يتمكنون من دَفعه وَقد يذكرُونَهُ على وَجه فِيهِ مدْخل للدَّفْع ويلصقون بِهِ مَا يفتح فِيهِ أَبْوَاب الْمقَال
فليحذر المُصَنّف من الركون على مَا يُورِدهُ المتذهبون لأَنْفُسِهِمْ ولخصومهم من الْحجَج فَإِنَّهُ قد علق بِكُل طَائِفَة من الْعَدَاوَة لِلْأُخْرَى مَا يُوجب عدم الْقبُول من بَعضهم فِي بعض
وَبِالْجُمْلَةِ فليبس المتعصب بِأَهْل لِأَن يُؤْخَذ الْحق من مؤلفاته فَإِذا إِذا لم ينْتَفع بِالْعلمِ ويهتدي بِمَا علف مِنْهُ فَكيف يَهْتَدِي بِهِ غَيره أَو يتَوَصَّل بِمَا جمعه إِلَى مَا هُوَ الْحق فالمصاب بالعمى لَا يَقُود الْأَعْمَى فَإِن فعل كَانَت ظلمات بَعْضهَا فَوق بعضه وَالْمَرِيض لَا يداوي من هُوَ مصاب مثل مَرضه وَلَو كَانَ صَادِقا فِيمَا يزعمه من اقتدار على المداواة كَانَت نَفسه الَّتِي بَين جَنْبَيْهِ أَحَق بِذَاكَ مِنْهُ