الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِلَيْهِ عُلَمَاء الْإِسْلَام فَإِذا جد فِي ذَلِك فقد انفتحت مِنْهُ أَبْوَاب الْهِدَايَة ولاحت عَلَيْهِ أنوار التَّوْفِيق ثمَّ إِذا تأهل واستعد لفهم الْحجَّة سلك مَعَه المسلك الأول
وَمن كَانَ لَا يَهْتَدِي إِلَى طلب تِلْكَ الْعُلُوم بِوَجْه من الْوُجُوه فأقرب مَا يسلكه الْعَالم مَعَه هُوَ أَن ينظر إِلَى من قَالَ من أهل الْعلم الَّذين يعتقدهم ذَلِك المقصر بِمَا قَامَت عَلَيْهِ الْأَدِلَّة وَأوجب سلوكه الْإِنْصَاف فَيَقُول لَهُ إِن قَول الْعَالم الْفُلَانِيّ قوم رَاجِح لقِيَام الْأَدِلَّة عَلَيْهِ ثمَّ يصنع مَعَه هَذَا الصنع فِي الْمسَائِل الَّتِي يعتقدها تقليدا ويجمد عَلَيْهَا قصورا فَإِن انْتفع بذلك فَهُوَ الْمَطْلُوب
وَإِن لم ينْتَفع فَأَقل الْأَحْوَال السَّلامَة من معرته والخلوص من شَره
وَأما الْعَامَّة الَّذين لم يتعلقوا بِشَيْء من علم الرَّأْي فهم أسْرع النَّاس انقيادا وأقربهم إِلَى الْقبُول إِن سلمُوا من بلايا مَا يلقيه إِلَيْهِم المتعصبون
وَبِالْجُمْلَةِ فالعالم المتصدي للإرشاد المتصدي للهداية لَا يخفى عَلَيْهِ مَا يصلح من الْكَلَام مَعَ من يتَكَلَّم مَعَه
فَهَذَا هُوَ الَّذِي أردته من نشر حجج الله وإرشاد الْعباد إِلَيْهَا وَقد قَدمته بأبسط من هَذَا وَإِنَّمَا كررته هُنَا لقصد دفع مَا سبق من السُّؤَال
عود إِلَى أَسبَاب التعصب الِاسْتِنَاد إِلَى قَوَاعِد ظنية
وَمن جملَة أَسبَاب التعصب الَّتِي لَا يشْعر بهَا كثير من المشتغلين بالعلوم مَا يذكرهُ كثير من المصنفين من أَنه يرد مَا خَالف الْقَوَاعِد المقررة
فَإِن من لَا عناية لَهُ بالبحث يسمع هَذِه الْمقَالة وَيرى مَا صنعه كثير من المصنفين من رد الْأَدِلَّة من الْكتاب وَالسّنة إِذا خَالف تِلْكَ الْقَاعِدَة فيظن أَنَّهَا فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ فَإِذا كشفها وجدهَا فِي الغاب كلمة تكلم بهَا بعض من يَعْتَقِدهُ النَّاس من أهل الْعلم الَّذين قد صَارُوا تَحت أطباق الثرى لَا مُسْتَند لَهَا إِلَّا مَحْض الرَّأْي وبحت مَا يدعى من دلَالَة الْعقل
وَكَثِيرًا مَا تَجِد فِي علم الْكَلَام الَّذِي يسمونه أصُول الدّين قَاعِدَة قد تقررت بَينهم واشتهرت وتلقنها الآخر من الأول وخطوها جِسْرًا يدْفَعُونَ بهَا الْآيَات القرآنية وَالْأَحَادِيث النَّبَوِيَّة فَإِذا كشفت عَنْهَا وَجدتهَا فِي الأَصْل كلمة قَالَهَا بعض حكماء الْكَلَام زاعما أَنه يَقْتَضِي ذَلِك الْعقل ويستحسنه
وَلَيْسَ إِلَّا مُجَرّد الدَّعْوَى على الْعقل وَهُوَ عَنهُ برِئ فَإِنَّهُ لم يقْض بذلك الْعقل الَّذِي خلقه الله فِي عباده بل قضى بِهِ عقل قد تدنس بالبدع وتكدر بالتعصب وابتلى بِالْجَهْلِ بِمَا جَاءَ بِهِ الشَّرْع وَجَاء بعده من هُوَ أَشد بلَاء مِنْهُ واسخف عقلا وَأَقل علما وَأبْعد عَن الشَّرْع فَجعل ذَلِك قَاعِدَة عقلية ضَرُورِيَّة فَدفع بهَا جَمِيع مَا جَاءَ عَن الشَّارِع عرف هَذَا من عرفه وجهله من جَهله وَمن لم يعرف هَذَا فليتهم نَفسه فيا لله العجيب من مزية يفتريها على الْعقل بعض من حرم علم الشَّرْع ثمَّ يَأْتِي من بعده فيجعلها أصولا مقررة وقواعد محررة ويؤثرها على قَول الله عز وجل وَقَول الْأَنْبِيَاء
وَهَكَذَا تَجِد فِي علم أصُول الْفِقْه قَاعِدَة قد أَخذهَا الآخر عَن الأول وتلقنها الْخلف عَن السّلف وبنوا عَلَيْهَا القناطر وجعلوها إِمَامًا لأدلة الْكتاب وَالسّنة يجيزون مَا أجازته ويردون مَا ردته وَلَيْسَت من قَوَاعِد اللُّغَة الْكُلية وَلَا من القوانين الشَّرْعِيَّة بل لَا يسْتَند لَهَا إِلَّا الخيال المختل وَالظَّن الْفَاسِد والرأي البحت وَمَعَ هَذَا فهم يَزْعمُونَ أَن هَذَا الْعلم لَا تقبل فِيهِ إِلَّا الْأَدِلَّة القطعية دَعْوَى ظَاهِرَة الْبطلَان وَاضِحَة الْفساد فَإِن غالبها لَا يُوجد عَلَيْهِ دَلِيل من الْآحَاد صَحِيح وَلَا حسن بل لَا يُوجد أحادي ضَعِيف وغالب مَا يُوجد الموضوعات الَّتِي لَا يمترى من لَهُ حَظّ من الْعلم فِي كذبهَا كاستدلالهم بِمثل حكمي على الْوَاحِد حكمي على الْجَمَاعَة وبمثل نَحن نحكم بِالظَّاهِرِ وَنَحْو هَذِه الأكاذيب
فالمغرور من اغْترَّ بِهَذِهِ الدلس والمخدوع من خدع بهَا وترقى بهَا من