الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
105-
المدرسة الضيائية المحاسنية
قال ابن شداد: مدرسة ضياء الدين محاسن1 كان رجلا صالحا بنى هذه المدرسة وجعلها موقوفة على من يكون أمير الحنابلة يذكر فيها الدرس فأول من ذكر بها الدرس الشيخ عز الدين ابن الشيخ التقي ثم من بعده الشيخ شمس الدين خطيب الجبل وهو مستمر بها إلى الآن انتهى. قلت ولعله الشرابيشي والد نور الدين واقف الشرابيشية المالكية وواقف التربة قبالة جامع جراح فليحرر ورأيت في العبر للذهبي: وماتت عائشة بنت محمد المسلم الحرانية أخت محاسن2 في شوال عن تسعين سنة روت عن العراقي3 والبلخي4 حضورا وعن اليلداني ومحمد بن عبد الهادي5 وتفردت رحمها الله تعالى انتهى. ورأيت في طبقات الحنابلة: محاسن بن عبد الملك بن علي بن منجا التنوخي الحموي ثم الصالحي الفقيه الإمام ضياء الدين أبو إبراهيم سمع من الخشوعي وتفقه على الشيخ موفق الدين حتى برع وأفتى وكان فقيها عارفا بالمذهب زاهدا ما نافس في منصب قط ولا دنيا ولا أكل من وقف بل كان يتقوت من شكارة تزرع له بحوران وما آذى قط مسلما ولا دخل حماما ولا تنعم في ملبس ولا مأكل ولا زاد على ثوب وعمامة قرأ عليه توفي رحمه الله تعالى ليلة الرابع من جمادى الآخرة سنة ثلاث وأربعين وستمائة بجبل قاسيون ودفن به انتهى.
1 شذرات الذهب 5:223.
2 شذرات الذهب 6:113.
3 شذرات الذهب 5: 255.
4 شذرات الذهب 5: 261.
5 شذرات الذهب 5: 295.
151-
المدرسة العمرية الشيخية
قال عز الدين مدرسة الشيخ أبي عمر بالجبل في وسط دير الحنابلة واقفها وبانيها الشيخ أبو عمر الكبير والد قاضي القضاة شمس الدين الحنبلي وكان من الأول ياء المشهورين انتهى. قال الذهبي في العبر في سنة سبع وستمائة: والشيخ
أبو عمر المقدسي الزاهد محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة بن مقدام بن حسن الحنبلي القدوة الزاهد أخو العلامة موفق الدين ولد بجماعيل سنة ثمان وعشرين وخمسمائة وهاجر إلى دمشق لاستيلاء الفرنج على الأرض المقدسة وسمع الحديث من أبي المكارم عبد الواحد بن هلال وطائفة كثيرة وكتب الكثير بخطه وحفظ القرآن والفقه والحديث وكان إماما فاضلا مقريا زاهدا عبادا قانتا لله خائفا من الله منيبا إلى الله كثير النفع طلق الوجه ذا أوراد وتهجد واجتهاد وأوقات مقسمة على الطاعة بين الصيام والقيام والذكر وتعلم العلم والفتوى والفتوة والمروءة والخدمة والتواضع رحمه الله تعالى فلقد كان عديم النظير بزمانه خطب بجامع الجبل إلى أن توفي في الثاني والعشرين من شهر ربيع الأول رحمه الله تعالى انتهى. وقال في مختصر تاريخ الإسلام في سنة سبع المذكورة والزاهد الكبير أبو عمر محمد بن أحمد بن قدامة الصالحي الحنبلي واقف المدرسة المباركة وله ثمانون سنة انتهى. وذكر له شيخنا البرهان بن مفلح في الطبقات ترجمة طويلة إلى أن قال: وله آثار جميلة منها مدرسة بالجبل وهي وقف على القرآن والفقه وقد حفظ القرآن فيها أمم لا يحصون وذكر جماعة أن الشيخ أبا عمر قطبا أقام قطب الوقت قبل موته ست سنين وكان آخر كلامه {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إلا وأنتمْ مُسْلِمُونَ} الآية. وحرز من حضر جنازته فكانوا عشرين ألفا ودفن بجبل قاسيون انتهى. وأما والده فقال الحافظ الذهبي في سنة ثمان وخمسين في كتاب العبر: وفيها توفي الشيخ أحمد بن محمد بن قدامة الزاهد والد الشيخ أبي عمر والشيخ موفق الدين وله سبع وستون سنة وكان خطيب قرية جماعيل ففر بدينه من الفرنج مهاجرا إلى الله ونزل مسجد أبي صالح الذي بظاهر باب شرقي سنتين ثم صعد إلى الجبل وبنى الدير ونزل هو وآله بسفح قاسيون وكانوا يعرفون بالصالحين لنزولهم بمسجد أبي صالح المذكور ومن ثم قيل جبل الصالحية وكان زاهدا صالحا قانتا لله صاحب جد وصدق وحرص على الخير رحمه الله تعالى انتهى. وقال ابن كثير في تاريخه في ترجمة أبي عمر في سنة سبع وستمائة: ولد سنة ثمان وعشرين وخمسمائة
بقرية أكساوية وقيل بجماعيل وهو الذي ربى الشيخ موفق الدين أخاه وأحسن إليه وكان يقوم بمصالحة وهو الذي قدم به من تلك البلاد فنزلوا بمسجد أبي صالح ثم انتقلوا منه إلى السفح وليس له من العمارة سوى دير الحوراني قال فقيل لنا "الصالحين" ينسبوننا إلى مسجد أبي صالح لا أننا صالحون وسميت هذه البقعة بالصالحية نسبة الينا انتهى. ولأحمد بن الحسن بن عبد الله بن أبي عمر1 في مدح الصالحيه يقول:
الصالحية جنة
…
والصالحون بها أقاموا
فعلى الديار وأهلها
…
مني التحية والسلام
وولي قضاء الحنابلة وهو المشهور بشرف الدين جمال الإسلام ابن قاضي القضاة شرف الدين الخطيب المعروف بابن قاضي الجبل مات رحمه الله تعالى سنة إحدى وسبعين وسبعمائة ودفن بمقبرة جده أبي عمر ومسجد أبي صالح المذكرو قال ابن شداد في كتابه الاعلاق الخطيرة: مسجد أبي صالح قديم ثم كان يلزمه أبو بكر بن سند بن حمدوية الزاهد وخلفه فيه أبو صالح صاحبه فنسب إليه سكنه جماعة من الصالحين فيه بئر وله وقف وإمام انتهى. وقال الذهبي في كتابه العبر في سنة ثلاثين وخمسمائة: وفيها الزاهد العابد أبو صالح صاحب المسجد المشهور الكائن بظاهر باب شرقي يقال له مفلح وكان من الصوفية العارفين انتهى. وقال الشيخ تقي الدين الأسدي الشهير بابن قاضي شهبة في تاريخه في سنة ثلاثين وخمسمائة: أبو صالح العابد مفلح بن عبد الله الشيخ العابد أبو صالح الحنبلي واقف مسجد أبي صالح ظاهر باب شرقي صحب الشيخ أبا بكر بن سند بن حمديه الدمشقي وكان له كرامات وأحوال ومقامات روى الحافظ ابن عساكر من طريق أبي بكر محمد بن داود الدينوري الرقي عن الشيخ أبي صالح قال: كنت أطوف بجبل لبنان في طلب العباد فرأيت في جبل اللكام رجلا عليه مرقعة جالسا على حجر فقلت: ياشيخ ما تصنع
1 شذرات الذهب 6: 219.
ههنا؟ فقال أتفكر وأرعى فقلت: ما أرى بين يديك إلا الحجارة فما تنظر وترعى؟ فتغير وقال: انظر خواطر قلبي وأرعى أوأمر ربي فبحق الذي أظهرك علي إلا جزت عني فقلت له كلمني بشيء أنتفع به حتى أمضي قال: من لزم الباب أثبت من الخدم ومن أكثر الذنوب أكثر الندم وعن الشيخ أبي صالح قال: مكثت ستة أيام أو سبعة أيام لا آكل ولا أشرب ولحقني عطش شديد فجئت النهر الذي وراء المسجد فجلست أنظر إلى الماء فذكرت قوله تعالى: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} فذهب عني العطش فمكثت تمام العشرة أيام وعنه قال: مكثت مرة أربعين يوما لا أشرب فلقيني الشيخ أبو بكر محمد بن حمدوية فأدخلني منزله وجاءني بماء وقال لي: اشرب فشربت فأخذ فضلي وذهب إلى أمراته وقال: اشربي فضل رجل قد مكث أربعين يوما لم يشرب الماء.
قال أبو صالح: ولم يكن اطلع على ذلك إلا الله تعالى عز وجل. قال ابن كثير: ولأبي صالح مناقب كثيرة توفي رحمه الله تعالى في جمادى الأولى انتهى. وشرط النظر فيه الحنابلة وهو بيد القاضي ناصر الدين بن زريق وفيه أمور مرتبة وفيه بيوت حوله وغالب ما فيه انقطع والبيوت خربت والظاهر أن هذه المدرسة العمرية أصلها من بناية نور الدين الشهيد رحمه الله تعالى ولما قال شيخنا بدر الدين بن قاضي شهبة في كتابه الكواكب الدرية في السيرة النورية قال في المرآة إلى أن قال فيها وفيها ما حكاه لي الشيخ أبو عمر شيخ المقادسة رحمه الله تعالى قال كان نور الدين يزور والدي الشيخ أحمد في المدرسة الصغير التي على نهر يزيد المجاورة للدير ونور الدين بنى هذه المدرسة والمصنع والفرن قال فجاء نور الدين لزيارة والدي وكان بسقف المسجد خشبة مكسورة فقال له يا نور الدين لو كشفت السقف وجددته فنظر إلى الخشبة وسكت فلما كان من الغد جاء معماره ومعه خشبة صحيحة فزرقها موضع المكسورة ومضى قال: فعجب الجماعة فلما جاء إلى الزيارة قال بعض الحاضرين: يا نور الدين فاكرتنا في كشف سقف وإعادته فقال: لا والله وإنما هذا الشيخ أحمد رجل صالح وأنا أزوره لانتفع به وما أردت أن أزخرف له المسجد وانقض ما هو صحيح وهذه
الخشبة يحصل بها المقصود فدعوني مع حسن ظني فلعل الله ينفعني به انتهى. ولكن التحقيق والصواب أن هذه المدرسة التي بناها نور الدين هي المسجد المشهور الآن بمسجد ناصر الدين غربي المدرسة العمرية بدليل قوله: وكان في سقف المسجد وقوله المجاورة للدير فان العمرية بفصل بينها وبين المسجد الطريق ووصفها بالصغيرة فإنه اصغيرة بالنسبة إلى العمرية والمسجد المذكور يقال له أيضا: مسجد عز الدين إمامته بيد الشيخ علي البغدادي وبه درس ابن الحبال بن شهاب الدين بن زريق مرتب فيه عشرون من الطلبة والدير المذكور يعرف بدير الحنابلة أيضا عليه أوقاف منها أضحية ست زينيه تفرق في كل سنة بيد القاضي بدر الدين بن عبد الهادي والهامه أختلف فيها فقيل هي وقف عليه وفرقت على أهل الدير مدة وقيل على أهل الدين من الحنابلة وحكم بذلك القاضي محب الدين بن قاضي عجلون سنة ثمان وسبعين وثمانمائة وهي بيد شهاب الدين بن زريق وبني عبد الملك والمصنع المذكور وهو المشهور الآن ببير الشيخ قبلي الدير يفصل بينهما النهر والفرن ليس الآن بموجود قال ابن كثير في سنة أربع وعشرين وسبعمائة: القاضي سيف الدين بكتمر والي الولاة صاحب الأوقاف في بلدان شتى من ذلك مدرسة بالصلت وله درس بمدرسة أبي عمر وغير ذلك توفي رحمه الله تعالى بالأسكندرية وهو نائبها في خامس شهر رمضان انتهى. وذكرت في ذيل على ذيل ابن قاضي شهبة في سنة سبع وأربعين وثمانمائة: وفي آخر يوم الخميس تاسع عشرين شهر رجب منها توفي بدمشق شهاب الدين أحمد بن زريق بن زين الدين عبد الرازق الحنبلي المعروف بابن الديوان الكاتب بديوان ابن منجك قال ابن الزملكاني: وقد جاوز الخمسين سنة وأفادني ولده تاج الدين أن ميلاده سنة إحدى وثمانمائة فعلى هذا لم يصل الخمسين بل تنقص عنها سنتان كان والده من طلبة الحنابلة رافق تقي الدين بن قاضي شهبة في الأخذ عن الشيخ علاء الدين بن اللحام وباشر عند الأمير محمد بن منجك وصار ابن منجك يلطخ بسببه باعتقاد الحنابلة ويساعدهم وكان فقيرا يركب حمارة لكنه لما باشر عند المذكور وعند والده تنبل وحصل له دنيا وظهر له
كفاية ونهضة وسياسة بحيث أن الأمير محمد سلم أمره إليه واعتمد عليه في أمور هـ كلها وعمولة الجامعين المشهورين ولما مات أوصى إليه وطلب إلى مصر فدارى ورجع وكان فيه حشمة وعقل تام وبنصر الحنابلة ويذب عنهم ورؤوسهم مرتفعة به ووسع مدرسة أبي عمر من جهة الشرق وكان مقصدا كثير الصدقات والإحسان إلى جير أنه والفقراء والأرامل توفي رحمه الله تعالى ليلة الخميس المذكورة بعد ضعف طويل نحو ثلاث سنين ومع ذلك كان لا ينقطع من الاشتغال وعمل مصالحه ودفن في الروضة وترك مالا كيرا وعدة أولاد صغار وأوصى إلى شمس الدين الباعوني زوج أخته انتهى. وهذه التوسعة المذكورة في مدرسة أبي عمر هي المسماة بالجديدة وقد وسعها أستاذ قبله من حد أي ون الحنفية إلى جهة الشرق وقد ذكرت في الذيل المذكور في سنة أربع وأربعين وثمانمائة وفي يوم الأحد خامس عشر شهر ربيع الأول منها توفي الأمير ناصر الدين محمد بن إبراهيم بن منجك أحد الأمراء بدمشق وصلي عليه بجامع دنكزف أنه توفي رحمه الله تعالى بالمنيع وكانت جنازته حافلة حضرها النائب والأمراء وغالب أهل دمشق ومبارك شاه قاصد شاه رخ الملك العجم ثم حمل إلى تربته التي أنشأها بجسر الفجل بميدان الحصى فدفن بها وكان ذا عقل تام ودين وافر وله مآثر حسنة منها أنه عمر جامعا لصيق تربته المذكورة وجامعا آخر بمحله مسجد القصب خارج سور دمشق وعمر بمدرسة أبي عمر الجانب الشرقي منها وجاء في غاية الحسن وعمر بدرب الحاج بركة تبوك وأجرى على الفقراء وعلى الأرامل صدقات كثيرة وكان مغرما بالصيد وبالجوارح ماهرا في ذلك ثم أنه حج ولما وصل إلى المدينة الشريفة على مشرفها أفضل الصلاة وأتم السلام أراد المقام بها والتخلف عن الحج لمرض اعتراه واستمر متمرضا إلى أن عاد فأوصى إلى كاتبه ابن عبد الرزاق وجعل النظر في ذلك للقاضي عظيم الدولة زين الدين عبد الباسط وخلف مالا كثيرا وترك ولدا اسمر من جارية حبشية اسمه إبراهيم انتهى. ثم قال عز الدين أول من ذكر بها الدرس الشيخ تقي الدين ثم من بعده عز الدين ولده ثم من بعد الشيخ شمس الدين الخطيب ثم
أعطاها لولده نجم الدين الخطيب وهو مستمر بها إلى الآن انتهى. وقال ابن مفلح في الطبقات: عبد العزيز بن عبد الملك بن عثمان المقدسي الفقيه عز الدين أبو محمد سمع من أسعد بن سعيد بن روح وعمر بن طبرزد وغيرهما وتفقه في المذهب ودرس بمدرسة الشيخ أبي عمر حدث توفي في حادي عشر ذي القعدة سنة أربع وثلاثين وستمائة وقال فيها: علي بن عبد الرحمن بن أبي عمر ابن الشيخ الإمام أبو الحسن علي ابن شيخ الإسلام شمس الدين المقدسي قتله التتار على مرحلتين من البيرة قال البرزالي: كان رجلا حسنا درس بحلقة الثلاثاء بجامع دمشق وبمدرسة جده الشيخ أبي عمر رحمه الله تعالى وأم بالجامع المظفري وقتل مع جماعة من الحنابلة مات في شهر ربيع الآخر سنة تسع وتسعين وستمائة انتهى. ثم قال: درس بها الخطيب عز الدين بن العز وقد مرت ترجمته في المدرسة الضيائية ثم درس بها العلامة صاحب الفروع شمس الدين بن مفلح وقد مرت ترجمته في المدرسة الصاحبة وقال تقي الدين ابن قاضي شهبة في شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وثمانمائة وممن توفي فيه القاضي علم الدين أبو الربيع سليمان ابن افقيه نجم الدين أبي المنجا فرج بن علم الدين الحجيني الحنبلي اشتغل في أول أمره بدمشق على الحنابلة الموجودين كابن الطحان1 وابن غلام الدين الخطيب وعلى القاضي شهاب الدين الزهري وغيره ثم أنه قبل الفتنه سافر إلى الديار المصرية وقرأ على الشيخ سراج الدين بن الملقن وغيره ثم عاد بعد الفتنه إلى دمشق وناب في القضاء للقاضي شمس الدين بن عبادة2 ثم لولده وكان يعرف طرفا من الفقه والنحو والأصول والفرائض ويجلس للأشغال بالجامع الأموي ودرس بمدرسة أبي عمر وكان يكتب على الفتاوى ولكن في عبارته قصور وعليه الخمول وكان دني النفس جدا بحيث أنه بعد مباشرته نيابة القضاء جلس يكتب على الشعير الذي يجيء للسلطان برسم الإقامة وكان متساهلا في القضاء إلى الغاية القصوى كل قضية زور تروج عنده ودخل في مناقلات كثيرة مزمنه توفي رحمه الله تعالى يوم الخميس ثاني عشرية بالصالحية
1 شذرات الذهب 6: 259.
2 شذرات الذهب 7: 148.
وصلي عليه بالجامع المظفري وحضر جنازته القضاة وبعض الفقهاء ودفن بالروضة شرقي قبر الشيخ الموفق على نحو خمس وستين سنة وترك ثلاث بنات صغار انتهى. ثم درس بها الشيخ الإمام العالم العلامة ذو الفنون تقي الدين أبو بكر بن إبراهيم بن قندس وقد ذكر له ابن مفلح في طبقاته ترجمة فراجعها ثم درس بها القاضي برهان الدين بن مفلح يوم الأحد ويوم الأربعاء وقد مرت ترجمته في المدرسة الجوزية والقاضي علاء الدين المرداوي1 يوم الاثنين ويوم الخميس والشيخ تقي الدين الجراعي2 يوم السبت ويقال أنه ناب عن ابن عبادة في حلقة الثلاثاء فإنها بيده ويزعمون أنها محصورة في عشرة أو عشرين وأن الوقف عليها نصف حمام الشلبيه ثم خرب فعمر بالنصف فبقي الربع والجنينة خلفه والبيت فوقه وأما حلقة الثلاثاء بالجامع الأموي فقد مر أنه درس بها أبو الحسن علي بن أبي عمر المارة ترجمته أعلاه ودرس بها الشيخ زين الدين بن رجب وقد مرت ترجمته في المدرسة الحنبلية ودرس بها الشيخ شمس الدين بن الفخر وستاتي ترجمته في المدرسة المسمارية وقال الشيخ تقي الدين الأسدي في تاريخه في جمادى الأولى سنة سبع وأربعين وثمانمائة: وفي يوم الأحد عشرينه درس زين الدين خطاب العجلوني الشافعي بمدرسة أبي عمر استجد له القاضي بهاء الدين بن حجي بها تدريسا وجعل له في الشهر مائة وخمسين درهما فتوقف الناظر في ذلك ثم اتفق الحال على أن قرر له في كل شهر تسعين درهما وحضر في هذا اليوم وحضرت أنا والقاضي يعني جمال الدين الباعوني وجمع من الشافعية وغيرهم ودرس درسا حسنا وبلغني أن ذلك شق على بعض الحنابلة كيرا انتهى. وقد مرت ترجمة الشيخ زين الدين خطاب في المدرسة الركنية الشافعية قال الجمال بن عبد الهادي: مدرسة الشيخ أبي عمر وقف على الحنابلة لم يدخل فيها غيرهم قط وأخبرت أن في أيام القاضي شرف الدين بن قاضي الجبل أراد غيرهم الدخول فيها فقال: والله لا تنزلون فيها أحدا إلا أنزلنا في الشامية الكبيرة نظيره فلما كان في أيام الشيخ عبد الرحمن بن داود ووقع بينه
1 شذرات الذهب 7: 340.
2 شذرات الذهب 7: 337.
وبين الحنابلة أدخل فيها غيرهم من المذاهب فشق ذلك على أصحابنا وأما أنا فرأيته حسنا فإن فضل الشيخ كان على الحنابلة فقط فصار على الأربع مذاهب وكان شهاب الدين عبد الرازق قصد إخراج غيرهم منها وأرسل إلى مصر ليخرج مراسيم بذلك فأدركته المنية قبل ذلك ودرس بالشافعية بها الشيخ خطاب ثم الشيخ نجم الدين بن قاضي عجلون ثم أخو الشيخ تقي الدين يوم السبت ويوم الثلاثاء عند البئر وللحنفية بها الشيخ عيسى البغدادي ثم الشيخ زين الدين بن العيني كذلك في الإيوان الشمالي وجدد القاضي المالكي درسا ثم انقطع انتهى.
"فوائد" الأولى: قال الشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة في جمادى الآخرة سنة ست عشرة وثمانمائة من ذيله: وممن توفي فيه الشيخ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن السلاوي عامل خانقاه خاتون وشيخ الأقراء بمدرسة الشيخ أبي عمر وكان عاقلا ساكنا حسن الكتابة مات في بعض القرى وحمل إلى أهله فغسل وصلي عليه بجامع دنكز يوم الخميس ثالثه ودفن بالصالحية انتهى. وشيوخ اقرأ القرآن بها داخل المدرسة سبعة: أحدهم على الخزانة الغربية استجده ابن مبارك واقف المدرسة الحاجبية والآخر على الشرقية وآخر بينهما وشيخ المدرسة في المحراب وآخر شرقية واثنان غربية وحلقة الشيخ زين الدين بن الحبال لاقرائه واقراء العلم بين بابي المدرسة والسلم الشرقيين.
الثانية- قال ابن مفلح في طبقاته: محمد بن أحمد بن أبي بكر بن عبد الصمد بن مرجان الشيخ الصالح القدوة شمس الدين أبو عبد الله شيخ التلقين بمدرسة شيخ الإسلام أبي عمر رحمه الله تعالى روى عن التقي سليمان ويحيى بن سعد الكثير وحدث وسمع منه الحافظ ابن الحجي توفي رحمه الله تعالى في عاشر شعبان سنة أربع وسبعين وسبعمائة انتهى.
الثالثة- أم بمدرسة أبي عمر هذه الصلاح ابن أبي عمر قال ابن مفلح في طبقاته محمد بن أحمد بن أبي الحسن بن عبد الله ابن شيخ الإسلام أبي عمر
الشيخ البارع صلاح الدين ابن قاضي القضاة شرف الدين المعروف بابن قاضي الجبل ولي النظر على مدرسة جده قال الشيخ شهاب الدين بن حجي وكان قد سمعه والده واحضر وحسنته سيرته في آخر أيامه توفي في العشر الأخير من شهر رجب سنة إحدى وثمانين1 وسبعمائة ودفن عند والده بتربة جده أبي عمر رحمهما الله تعالى وقال فيها: محمد بن محمد بن عبد الله الحاسب الإمام العالم موفق الدين تفقه في المذهب وحفظ فيه المقنع حفظا جيدا وكان يستحضره وله فضيلة وكان من النجباء الأخيار وعنده حياء وتواضع وهو سبط الشيخ صلاح الدين ابن أبي عمر وكان يؤم بمدرسة شيخ الإسلام أبي عمر رحمه الله تعالى توفي رحمه الله تعالى يوم الأحد ثاني عشر صفر سنة أربع وثمانين وسبعمائة قال شيخنا تقي الدين لعله بلغ الثلاثين انتهى. وقال فيها أيضا: يوسف ابن أحمد بن العز إبراهيم بن عبد الله ابن الشيخ أبي عمر الشيخ الإمام العالم جمال الدين أبو المحاسن المقدسي الأصلي ثم الصالحي إمام مدرسة جده أبي عمر رحمهما الله تعالى سمع من الحجار وغيره وقال الشيخ شهاب الدين بن حجي: كان فاضلا جيد الذهن صحيح العلم وكان معروفا بذلك وكان مولعا بالفتوى بمسالة الطلاق على ما ذكره الشيخ تفي الدين بن تيميه ويسال المناظرة عليها وهو أخو شيخنا صلاح الدين راوي المسند توفي رحمه الله تعالى يوم الأحد ثامن عشر شهر رمضان سنة ثمان وتسعين وسبعمائة وصلى عليه من الغد ودفن بمقبرة الشيخ أبي عمر انتهى.
الرابعه- قال الشيخ جمال الدين بن عبد الهادي هذه المدرسة عظيمة لم يكن في بلاد الإسلام أعظم منها والشيخ بنى فيها المسجد وعشر خلاوي وقد زاد الناس فيها ولم يزالوا يوقفون عليها من زمنه إلى اليوم قل سنة من السنين تمضي إلا ويصير إليها فيها وقف فوقفها لا يمكن حصره من جملته: العشر من البقاع والمرتب على داريا من القمح ستون غراره ومن الدراهم خمسة الآف للغنم
1 شذرات الذهب 6: 265.