المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أمثلة أخرى للرد على المحتجين بأقدار الله على المعاصي - الدرة البهية شرح القصيدة التائية في حل المشكلة القدرية

[عبد الرحمن السعدي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌نص سؤال الذمي الذي كان سببا في نظم القصيدة

- ‌الجواب المفصل للناظم هذا سؤال معند مختصم لله وهو من جنس سؤال إبليس اللعين

- ‌بيان طوائف القدرية الثلاث، خصوم الله يوم المعاد

- ‌حقيقة مذهب القدرية النفاة وبيان أنهم مجوس هذه الأمة

- ‌الرد على من احتج بالمعاصي على القدر

- ‌ حقيقة مذهب القدرية المجبرة والرد عليهم

- ‌ حقيقة مذهب القدرية المشركة وبيان أن الطائفة الثانية قد تشاركهم فيه

- ‌بيان أصل ضلال الفرق الضالة عامة وما يتعين على المكلفين اعتباره واعتقاده

- ‌بيان ما زعمه الجبرية، وإبطاله

- ‌بيان أن الحكم لله وحده، وأن الخاق والأمر له سبحانه لا شريك له في ملكه

- ‌لا شريك لله في ملكه

- ‌قدرة الله الكاملة وإرادته الشاملة

- ‌إثبات قدرة الله الشاملة وخلقه ومشيئته

- ‌سؤال السائل: لم شاء الله كفر الكفار؟ مثل سؤال السائل: لم قدم الله هذا المخلوق على غيره

- ‌أمره صلى الله عليه وسلم عند الشكوك والأسئلة المحرمة بثلاثة أشياء

- ‌ما في الكون تخصيصات كثيرة تدل على أنها بإرادة الله

- ‌الرد على الفلافسة القئلين: ((إن الواحد لا يصدرعنه إلا واحد))

- ‌مشيئته تعالى لا تنافي ما جعله من الأسباب الدنيوية والأخروية

- ‌جميع المطالب الدنيوية والأخروية جعل لها أسبابا متى سلكها الإنسان حصل له مطلوبه

- ‌الاعتراض عن الله فيما يشاء هو الذي أضل عقول الخلق وعلى رأسهم المجوس ومن تابعهم

- ‌ملاحدة الفلاسفة أوقعتهم عقولهم الفاسدة في الهلاك

- ‌مبادئ الشر في كل أمة كتابيه، نشأت من مثل هذا الإعراض

- ‌ما ينقض ويلزم القول بالاحتجاج بالقدر على المعاصي

- ‌إلزامات أخرى تدحض حجة المعرضين بأقدار الله على المعاصي

- ‌أمثلة أخرى للرد على المحتجين بأقدار الله على المعاصي

- ‌كما جعل الله الذنوب والجرائم أسبابا للعقوبات، فقد جعل الله التوبة وأعمال الخير أسبابا للعفو

- ‌اعتذار المجرم بأن الذنب مقدر عليه، مثل قول الحيوان المفترس والشرير: "هذه طبيعتي فلا لوم علي

- ‌ما ينجي المكلف من هذا المأزق الحرج

- ‌احتجاج المحتج بتقدير الرب يزيده عذابا

- ‌الرد على من احتج على المعاصي: بأنها من قضاء الله الذي يجب الرضا به

- ‌بيان حقيقة معصية المكلف، وأن الله قد وضع أسبابا لأفعال العباد، وأن حكمته اقتضت افتراقهم بالعلم والجهل وما إلى ذلك

- ‌خلق الله للعبد مشيئة يتمكن بها من كل ما يريد

- ‌الرد على من قال: هل اختار ترك حكم الله وقدره؟ وهو ختام رد الناظم

- ‌خاتمة:

- ‌المثال الأول: {محاورة رجل عاص مسرف وصاحب له مخلص}

- ‌المثال الثاني: [استرشاد رجل بعض العلماء إلى أمر يطمئن له في أمر القدر]

- ‌المثال الثالث: قضية الرجل الجبري

- ‌المثال الخامس: في الآجال والأرزاق

الفصل: ‌أمثلة أخرى للرد على المحتجين بأقدار الله على المعاصي

‌أمثلة أخرى للرد على المحتجين بأقدار الله على المعاصي

ثم قال:

70-

ويكفيك نقضا: ما بجسم ابن آدم

صبي، ومجنون، وكل بهيمة:

71-

من الألم المقضي من1 غير حيلة

وفيما يشاء الله أكمل حكمة

72-

إذا كان في هذا له حكمة، فما

يظن بخلق الفعل، ثم العقوبة؟

73-

فكيف2، ومن هذا عذاب مولد

عن الفعل، فعل العبد عند الطبيعة؟

74-

كآكل سم، أوجب الموت أكله

وكل بتقدير لرب المشيئة3

75-

فكفرك يا هذا؛ كسم أكلته

وتعذيب نار. مثل جرعة غصة

76-

ألست ترى في هذه الدار من جنى

يعاقب. إما بالقضا. أو بشرعة؟

1 في الفتاوى والعقود: "في".

2 في الفتاوى والعقود: "وكيف".

3 في الفتاوى والعقود: البرية"".

ص: 58

77-

ولا عذر للجاني بتقدير خالق

كذلك في الأخرى بلا مثنوية

الشرح:

يعني: أنه يكفيك نقضا لقولك، وإبطالا له: أن الله تعالى يقضي بحكمته الآلام على غير المكلفين، من الصبيان والمجانين والبهائم.

وهذه الآلام من لوازم الطبيعة: فلا تنفك الطبائع إلا أن تكون على هذه الصفة، تكون صحيحة ومريضة، ومرتاحة ومتألمة، بحسب ما يعرض للطبيعة من استقامة وانحراف.

فإذا كانت أسباب الآلام، إذا وجدت، تولدت عنها الآلام، وترتبت عليها الأسقام، كمن أكل سما ترتب عليه الهلاك، أو ألقى نفسه في نار أو مهلكة، لابد أن يترتب عليه مقتضاه وأثره.

فإذا كنت لا تعذر من أكل سما أو ألقى نفسه في التهلكة، وتنسب هلاكه إلى عمله، فالكفر والمعاصي كذلك، بل أبلغ، لأن آكل السم والملقي نفسه بالهلكة، ربما يعرض بعض العوارض المانعة من الهلاك. بخلاف الكفر وتوابعه، فإن آثاره مترتبة عليه قطعا، إلا إذا رفعها العبد بتوبة نصوح.

ص: 59

ومما يؤيد هذا: أنك تشاهد في هذه الدار عقوبات الباغين والظالمين والمعتدين، عقوبات يشاهدها كل أحد:

العقوبات القدرية

* إما عقوبات قدرية: يوقعها الله بالمجرمين، كما أهلك الأمم السابقة بالعقوبات المتنوعة؛ وكما يشاهده من سبر أحوال الخلق، وتتبع ما جرياتهم وكيف كانت عواقب الباغين والمجرمين أشنع العواقب.

العقوبات الشرعية

* وإما عقوبات شرعية: يقتل القاتل، ويقطع السارق ويقام الحد بالرجم أو الجلد على الزنى ويجلد الشارب للخمر ويعذر في كثير من المعاصي.

فهل تقول أيها المعتذر على العاصين بالقدر: إن جميع هؤلاء قد ظلمهم الله حيث أوقع بهم هذه العقوبات، وحيث أحل بهم المثلات؟

فإن قلت ذلك: فقد بلغت من عداوة الله وعداوة رسله، ومحاربة الله مبلغا ما بلغه أحد.

وإن رجعت إلى الحق وقلت: إن هذه العقوبات القدرية والشرعية هي عدل الله بين عباده، وهي حكمنه التي وضعها الله موضعها وجعلها في محلها اللاحق بها؛ وليس لهؤلاء الجناة المعاقبين عذر بل أصابهم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير.

فالرجوع إلى الحق أحق. وبذلك وغيره؛ يتضح بطلان الاعتذار بالقدر عن المجرمين.

ص: 60