الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرد على من قال: هل اختار ترك حكم الله وقدره؟ وهو ختام رد الناظم
ولهذا قال الشيخ:
119-
ومن أعجب الأشياء: خلق مشيئة
…
بها صار مختار الهدى بالضلالة
120-
فقولك: هل اختار تركا لحكمة1؟
…
كقولك: هل اختار ترك المشيئة؟
121-
وأختار [أن] 2 لا اختار فعل ضلالة
…
ولو نلت هذا الترك فزت بتوبة
122-
وذا ممكن، لكنه متوقف
…
على ما يشاء الله من ذي المشيئة
الشرح:
يقول الشيخ: إن من أعجب الأشياء: أن خلق الله للعبد مشيئة يتمكن بها من كل ما يريد. فيختار بها الهدى، إن كان من أهل السعادة ويختار بها الضلالة، إن كان من أهل الشقاوة. والعبد هو الذي يفعل ويعمل ويكسب: من غير ممانع له عما يريده.
فقولك أيها المعترض عليه: هل أختار ترك حكم الله وقدره؟
مثل قولك: هل أختار ترك مشيئتي؟
1 في (س) : "لحكمة".
2 ما بين المعقوفتين زيادة من (س) والفتاوى والعقود.
يعني: فأنت الذي اخترت أفعال المعاصي، فلو زعمت: أنك لا تختار ولا تحب فعل الضلالة والغي، فأنت بين أمرين:
*إما أن تكون كاذبا، وهو الواقع على كل من يعترض على المعاصي بالقدر ولكنه يريد بهذا الكلام دفع الشنعة عليه، وقصده معروف، فهو يعرف من نفسه: أنه لا يختار ولا يحب أن يترك ما باشره من الكفر والإجرام.
*فلو فرض وقدر على وجه الإمكان أنه صادق في قوله: "إني أختار أن لا أختار فعل الضلالة"، وكان ذلك من صميم قلبه صادقا في ذلك لو كان الأمر كذلك، لكان هذا توبة.
لأن العبد متى كانت له إرادة مصممة على فعل ما يحبه الله، وعلى ترك ما يكرهه الله: أقبل بهذه الإرادة إلى الخيرات، وانصراف عن السوء والسيئات، وكان توبة له من جميع الموبقات.
ولكن من وفق لهذه الحال، كان أبعد الناس عن الاحتجاج بالقدر. والوصول إلى هذه الدرجة العالية، ممكن في حق كل أحد، ولكنه يتوقف على مشيئة الله وإرادته.
ومن لجأ إلى الله وأناب إليه، هداه الله، وشاء منه أن يفعل ما يحبه ويرضاه.
وأشار الشيخ إلى هذا الفرق اللطيف، بقوله:
"على ما يشاء الله من ذي المشيئة"
و"ذو المشيئة": هو العبد.
وهذا الفرق اللطيف هو: أنه إن شاء الله تعالى أن يعين عبده على فعل ما يحبه ويرضاه، وشاء من عبده ذلك الفعل: حصل المطلوب، وفاز العبد بكل مرغوب.
وإن لم يشأ تعالى إعانة عبده، بل أمره بالخير وأحب منه أن يفعله، ونهاه عن الشر وكره له فعله، ولكن لم يشأ من نفسه لإعانته: بقي العبد على ما اختاره لنفسه: من الإقامة على مساخط الله.
خاتمة الناظم في أن هذه الأجوبةتبين أصل القدر الذي هو أحد أصول الإيمان
قال الشيخ بعدما أجاب بهذه الأجوبة السديدة، والمعارف المفيدة:
123-
فدونك فافهم ما به قد أجبت به1
…
معان إذا انحلت بفهم غريزة
124-
[وصلى إله الخلق جل جلاله
…
على المصطفى المختار خير البرية] 2
125-
أشارت إلى أصل يشير إلى الهدى
…
ولله رب الخلق أكمل مدحة3
الشرح:
أي: دونك هذه الأجوبة لما سألت عنه، سواء كان السؤال سؤال استرشاد، أو سؤال اعتراض وعناد، كما هو الظاهر من ألفاظ السائل وفحوى كلامه. وهو الذي فهمه الشيخ.
فهذه الأجوبة: التي تشير وتبين هذا الأصل، وهو أصل القدر، الذي هو أحد أصول الإيمان.
وقد بين الشيخ في تفاصيل جوابه هذا الأصل بيانا شافيا، ووضحه توضيحا كافيا، لا نجد هذا التفصيل وهذا التحقيق، في كلام غير هذا الإمام العظيم.
1 شطر البيت في (س) والفتاوى والعقود: "فدونك فافهم ما به قد أجبت من".
2 ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل و (س) واستدركته من الفتاوى والعقود.
3 في المطبوعة و (س) : "مدحتي" وما أثبته من الفتاوى والعقود.
فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين عموما، وأهل العلم خصوصا أفضل الجزاء، ورفعه في أعلا درجات الصديقين، ونفع بعلومه جميع المسلمين. آمين.