الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوحي وموقف المسشرقين منه
إن حديث الوحي هو الأساس الذي يترتب عليه جميع حقائق الدين، وإن فهم الوحي والإيمان به، هو المدخل إلى الإيمان بسائر ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم.
من أجل هذا، يهتم محترفو التشكيك بالإسلام بمعالجة موضوع الوحي، من أجل التلبيس في حقيقته، والخلط بينه وبين الإلهام، أو حديث النفس، أو الصرع.
وقد تبارى المسشرقون، وتنافسوا في إطلاق الكلمات، وسرح بهم الخيال في بيان ما زعموا أنه توضيح للحالة التي جرت مع محمد [صلى الله عليه وسلم] .
فمن متصور أن محمدا لم يزل يفكر، إلى أن تكونت في نفسه بطريقة الكشف عقيدة، كان يراها الكفيلة بالقضاد على الوثنية.
ومن قائل أن محمدا إنما تعلم القرآن ومبادئ الإسلام من بحيرا الراهب.
ومن قائل بأن محمدا كان رجلا عصبيا أو مصابا بداء الصرع.
ونحن- المسلمين المؤمنين- حينما نسمع مثل هذه الترهات ندرك في جلاء ووضوح الحكمة الإلهية من بدء نزول الوحي عليه صلى الله عليه وسلم بهذه الطريقة التي ذكرتها كتب السنة، ثم فتر الوحي، ثم تتابعه.
لماذا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل بعيني رأسه لأول مرة؟ وقد كان بالإمكان أن يكون الوحي من وراء حجاب.
لماذا قذف الله في قلبه صلى الله عليه وسلم الرعب من الملك والحيرة في فهم حقيقته؟ مع أن مقتضى محبة الله لنبيه أن يلقي السكينة في قلبه، ويربط على فؤاده، فلا يخاف.
لماذا خشي النبي صلى الله عليه وسلم على نفسه أن يكون هذا الشيء الذي تمثل له في الغار أتيا من الجن، ولم يرجح أن يكون ملكا من عند الله؟.
لماذا فتر الوحي، ثم نزل مرة ثانية، وكان من مقتضى الوحي أن يستمر دون انقطاع؟.
كل ذلك حكمة باهرة لصاحب الفكر الحر للوصول إلى الحقيقة الواقية عن الوقوع في شرك المسشرقين واتباعهم.
لقد فوجىء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في غار حراء بجبريل أمامه يراه بعينه، قائلا له: اقرأ، حتى نتبين أن ظاهرة الوحي ليست أمرا ذاتيا داخليا، مردّه إلى حديث النفس، وإنما هي استقبال وتلقي لحقيقة خارجية.
ولقد داخله الخوف مع الرعب مما سمع ورأى، لكي يتضح أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم
يكن متشوفا للرسالة التي سيدعى إلى حملها وبثها في العالم، بل الأمر اصطفاء، قال الله تعالى: اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ [الحج: 75] .
ثم إن الإلهام، أو حديث النفس، أو الإشراق الروحي لا تستدعي الخوف والرعب. إذا فحديث بدء الوحي على النحو المذكور ينطوي على تهديم كل ما يحاول المشككون تخييله إلى الناس في أمر الوحي والنبوة.
أدوار الدعوة ومراحلها
يمكن أن نقسم عهد الدعوة المحمدية- على صاحبها الصلاة والسلام والتحية- إلى دورين يمتاز أحدهما عن الآخر تمام الامتياز وهما:
(1)
الدور المكي، ثلاث عشرة سنة تقريبا.
(2)
الدور المدني، عشر سنوات كاملة.
ثم يشتمل كل من الدورين على مراحل لكل منها خصائص تمتاز بها عن غيرها، ويظهر ذلك جليا بعد النظر الدقيق في الظروف التي مرت بها الدعوة خلال الدورين.
ويمكن تقسيم الدور المكي إلى ثلاث مراحل:
1-
مرحلة الدعوة السرية، ثلاث سنين.
2-
مرحلة إعلان الدعوة في أهل مكة، من بداية السنة الرابعة من النبوة إلى أواخر السنة العاشرة.
3-
مرحلة الدعوة خارج مكة، وفشوها فيهم، من أواخر السنة العاشرة من النبوة إلى هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.
أما مراحل الدور المدني فسيجيء تفصيلها في موضعه.