الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب
مخارج الحروف
(1)
(مخارج) هي جمع مخرج: وهي عبارة عن موضع خروج الحرف من الفم وهي مختلفة كما سيأتي بيانه.
والكلام في مخارج الحروف من أهم ما يحتاج إليه القارئ والمقرئ، وإن كان أكثر مؤلفي علوم القراءات لا يذكرونه فإنهم يحيلونه على كتب التجويد، وقد ذكره الشاطبي رحمه الله تعالى في آخر كتابه: والأوْلى تقديمه ليحيط به المبتدئ علمًا قبل شروعه لما ينبني على ذلك من الإظهار والإدغام والإمالة والترقيق والتفخيم، وكذا ما يتعلق بصفات الحروف وتجويدها والوقف والابتداء وغير ذلك.
والحروف: جمع حرف، والحرف لغة: هو طَرف الشيء يُقال: هذا حرف كذا: أي طرفه.
واصطلاحًا: هو الصوت المعتمد على مخرج محقق أو مقدر، والمخرج المحقق هو ما كان اعتماده على جزء معين من أجزاء الحلق أو اللسان أو الشفتين أو الخيشوم، والمخرج المقدَّر هو: ما لا يعتمد على شيء مما سبق.
ويتوقف فهم مخارج الحروف على مدى فهم ودراسة المخارج على اللسان، وعلى معرفة أسماء الأسنان داخل فم الإنسان، وهي (2) اثنتان وثلاثون سنة، ستَّ عشرة منها في الفك العُلوي، وست عشرة منها في الفك السفلي، وهي على أربعة أنواع:
الأول: الثنايا: جمع ثَنِيَّة، وهي أربعة أسنان في مقدمة الفم، اثنتان
(1) معظم محتويات هذا الباب والذي بعده منقول من: شرح الطيبة، وأحكام تلاوة القرآن الكريم، والدقائق المحكمة، وقد يُنقل مختصرًا بتصرف أحيانًا.
(2)
أحكام تلاوة القرآن الكريم ص: 59 - 60 (الهامش).
في الفك العُلوي، وتسمى: الثنايا العليا، واثنتان في الفك السفلي وتسمى: الثنايا السفلى.
الثاني: الرَّبَاعِيَات: جمع رَبَاعِيَة (بفتح الراء وتخفيف الياء)، وهي أربعة أسنان تلي الثنايا: سِنٌ واحدة من كل جانب.
الثالث: الأنياب: جمع ناب، وهي أربعة أسنان تلي الرَّبَاعِيَات، سنٌ واحدة من كل جانب.
الرابع: الأَضْرَاس: جمع ضرس، وهي عشرون سنًا، وهي على ثلاثة أنواع:
الأول: الضَّوَاحِك: جمع ضاحك، وهي أربعة أسنان تلي الأنياب، سِنٌ واحدة من كل جانب.
الثاني: الطَّوَاحِن (أو: الطَّوَاحين) جمع طاحن، وهي اثنتا عشرة سِنًا، ستة في الفك العلوي، ثلاثة من الجانب الأيمن وثلاثة من الجانب الأيسر، وستة في الفك السفلي، ثلاثة من كل جانب.
الثالث: النَّوَاجِذ، جمع ناجذ، وهي أربعة أسنان في آخر الفم بعد الطواحن، ويُسمى الناجذ: ضرس العقل أو ضرس العِلم، والمستعمل في المخارج من هذه الأسنان ثمانية عشر سنًا، وهي الستة عشر من الفك العلوي، والثَّنِيَّتَان السُّفليتان (في حروف الصفير وهي: ص، ز، س).
(مَخَارِجُ الحُرُوفِ) سَبْعَةَ عَشَرْ
…
عَلَى الَّذِي يَخْتَارُهُ مَنِ اخْتَبَرْ
اختُلِفَ في عدد مخارج الحروف، فالفصيح عند الناظم وجماعة من المحققين أنها سبعة عشر مخرجًا وهو الذي اختير من حيث الاختبار، وقال كثيرون من النحاة والقراء إنها ستة عشر لإسقاطهم مخرج الجوفية وهي حروف المد واللين فجعلوا مخرج الألف من أقصى الحلق، والواو والياء من مخرج
المتحركة، وذهب آخرون إلى أنها أربعة عشر لإسقاطهم مخرج النون واللام والراء فجعلوها من مخرج واحد.
واختلاف العلماء في عدد مخارج الحروف على أربعة مذاهب:
المذهب الأول: أنها تسعة وعشرون مخرجًا بعدد حروف الهجاء، لكل حرف مخرجٌ خاص به.
وحجتهم في ذلك: أنه لو لم يكن لكل حرف مخرج خاصٌ به يميزه عن الآخر، لاختلطت الحروف، ولمَا تميّز بعضها من بعض، فكان لكل حرف مخرج خاص به ليتميز عن الآخر، ولا يختلط بغيره.
وهذه الحُجة لا وزن لها ولا اعتبار؛ ذلك لأن اشتراك بعض الحروف في مخرج واحد لا يَلزم منه اختلاطها وعدم تميُّز بعضها من بعض؛ لأن لكل حرف صفاته الخاصة التي تميزه عن غيره وتمنع اختلاطه به، فلا غضاضة في اجتماع بعض الحروف في مخرج واحد؛ لأن اختلاف الصفات كفيلٌ بتمييز كل حرف عن الآخر.
قال ابن الجزري (1): "كل حرف شارك غيره في مخرج فإنه لا يمتاز عن مشاركه إلا بالصفات، وكل حرفٍ شارك غيره في صفاته فإنه لا يمتاز عن مشاركه إلا بالمخرج".
وقال الإمام مكي بن أبي طالب (2): "الحروف تكون من مخرج واحد، وتختلف صفاتها، فيختلف لذلك ما يقع في السمع من كل حرف، وهذا تقارب بين الحروف من جهة المخرج، وتباين في الصفات.
وتكون الحروف من مخرجين، وهي مختلفة الصفات، فهذا غاية التباين، إذ قد اختلفت في المخارج والصفات.
(1) النشر (1/ 204).
(2)
الرعاية، ص:156.
وتكون من مخرجين، متفقة الصفات، فهذا أيضًا تقارب بين الحروف من جهة الصفات، وتباين من جهة المخرج، فافهم هذا، فعليه مدار الحروف كلها".
ثم قال: "ولا تجد أحرفًا من مخرج واحد متفقة الصفات البتة؛ لأن ذلك يوجب اتفاقها في السمع، فلا تفيد فائدة".
المذهب الثاني: مذهب الأكثرية من النَّحْوِيِّين وعلى رأسهم الخليل بن أحمد شيخ سيبويه، والقرّاء وعلى رأسهم المحقق الإمام ابن الجزري، وهو المذهب المختار المعمول به: أنها سبعة عشر مخرجًا، وهي منحصرة في خمسة مخارج كلية:
الأول: الجوف (1)، وهو مخرج واحد.
الثاني: الحلق، وفيه ثلاثة مخارج.
الثالث: اللسان، وفيه عشرة مخارج.
الرابع: الشفتان، وفيهما مخرجان.
الخامس: الخَيشُوم، وفيه مخرج واحد.
المذهب الثالث: وهو مذهب سيبويه وأتباعه: أنها ستة عشر مخرجًا، وتنحصر في أربعة مخارج:
الأول: الحَلْقُ بمخارجه الثلاثة.
الثاني: اللسان بمخارجه العشرة.
الثالث: الشفتان بمخرجيهما.
الرابع: الخيشوم بمخرجه.
وأسقطوا الجَوف، وجعلوا الألف كالهمزة تخرُج من أقصى الحلق،
(1) الجوف لغة: الخلاء، واصطلاحًا: خلاء الحلق أو الفم.
وجعلوا الياء المدية كغير المدية تخرج من وسط اللسان، وجعلوا الواو المدية كغير المدية تخرج من الشفتين.
قال العلامة علي القارئ (1): "معنى جَعْل سيبويه الألف من مخرج الهمزة: أن مبدأه مبدؤ الحلق، ويمتد ويمر على جميع هواء الفم، وهذا أيضًا معنى قول مكي (2): لكن الألف حرفٌ يهْوِي في الفم، حتى ينقطع مخرجه في الحلق.
فنُسِب في الخروج إلى الحلق لأنه آخر خروجه؛ إذ لا منافاة بين أن يكون مبدؤه مبدأ الحلق، وانقطاع مخرجه في الحلق؛ لأن المراد: أنه ليس له اعتماد على شيء من أجزاء الفم، بل يبتدئ من الحلق، وينتهي إلى الصوت الناشئ من الحلق.
قال: وعلى هذا، وهو أن يكون مبدؤه الحلق ومنقطع مخرجه في الحلق، يُحْمَل جَعْلُ الشاطبي وغيره الألف حلقيًا، وينزَّل قوله مع غيرهم في هذه الحروف، أعني الواو والياء غير المدية". انتهى.
المذهب الرابع: وهو مذهب الفَرّاء ومن شايعه: أنها أربعة عشر مخرجًا بإسقاط مخرج الجوف، وتوزيع حروفه على الحلق ووسط اللسان والشفتين كمذهب سيبويه، وجعل مخرج اللام والنون والراء مخرجًا واحدًا كليًا منقسمًا إلى ثلاثة مخارج جزئية.
وعلى هذا المذهب يكون في الحلق: ثلاثة مخارج كالمذهبين قبله، وفي اللسان: ثمانية، وفي الشفتين: مخرجان، وفي الخيشوم: مخرج.
فائدة:
الخلاف بين الخليل، وبين سيبويه والفراء، ليس اختلافًا حقيقيًا، بل هو مبنيّ على أمرين:
(1) المنح الفكرية، ص:11.
(2)
الرعاية، ص:128.
الأول: ملاحظة مدى اعتماد الصوت على المخرج قوةً وضعفًا، في حروف الجوف.
الثاني: ملاحظة قُرْب المخرج في (ل، ن، ر).
وقوله: (من اختبر) أي من طلب خبر ذلك ومعرفته.
واختبار مخرج الحرف بحقه هو أن يلفظ بهمزة الوصل (أو أي حرف متحرك وهمزة الوصل أولى) ويأتي بالحرف بعدها ساكنًا أو مُشددًا، وهو أبين، مع ملاحظته صفات ذلك الحرف.
وهاك الكلام على هذه المخارج تفصيلاً على المذهب المختار وهو مذهب ابن الجزري.
فَأَلِفُ الجَوْفِ وأُخْتَاهَا وَهِي
…
حُرُوفُ مَدٍّ للْهَوَاءِ تَنْتَهِي
أي المخرج الأول الجوف وله: الألف واسمه: الهاوي، والواو الساكنة المضموم ما قبلها، والياء الساكنة المكسور ما قبلها، وهي التي يقال لها حروف المد واللين، وتسمى: الجوفية.
قال الخليل: وإنما نسبن إلى الجوف؛ لأنه آخر انقطاع مخرجهن، وتسمى الهاوية أيضًا لأنها تنتهي إلى الهواء، أي تتصل به بخلاف غيرها من الحروف.
وذكر سيبويه في تسميته الألف بالهاوي فقال: هو حرف اتسع بهواء صوت مخرجه أشد من اتساع مخرج الياء والواو؛ لأنك تضم شفتيك في الواو وترفع في الياء لسانك قبل الحنك.
وقال العلامة أبو شامة: وتسمى هذه الحروف الثلاثة الهاوية؛ لأنها تخرج من هواء الفم.
وقوله: (وأختاها) يعني أختي الألف - الياء والواو - في المد؛ لمشاركتهما لها في كون كل واحدة منها حركةُ ما قبلها من جنسها.
وقوله: (تنتهي) أي انتهاء مقطعها الهواء، فهي تتصل به، وليس ذلك لغيرها من الحروف؛ ولهذا امتازت بمخرج واحد.
واعلم أن الألف لا تخرج إلا من الجوف؛ لأنها لا تكون إلا ساكنة ولا يكون ما قبلها إلا مفتوحًا، وأما الواو فلا تخرج من الجوف إلا إذا كانت ساكنة وكان ما قبلها مضمومًا، فإذا كانت متحركة أو ساكنة وقبلها مفتوح فإنها تخرج من الشفتين، وكذلك الياء لا تخرج من الجوف إلا إذا سكنت وانكسر ما قبلها، فإن تحركت أو سكنت وانفتح ما قبلها فإنها تخرج من وسط اللسان.
فحينئذ يكون للألف مخرجٌ واحد مقدر وهو الجوف، ويكون لكل من الواو والياء مخرجان: أحدهما مقدرٌ وهو الجوف، وذلك إذا سكن كل منهما وانضم ما قبل الواو وانكسر ما قبل الياء. والثاني محقق، وذلك إذا كان كل منهما متحركًا أو ساكنًا بعد فتح، فيكون مخرج الواو حينئذ من الشفتين، والياء من وسط اللسان. والله أعلم.
قال الشيخ الأنصاري فيما يتعلق بمخارج الحروف:
"وتتميز - أي حروف المد واللين - بتصعد الألف وتسفل الياء واعتراض الواو، ونُسبت إلى الجوف لأنه آخر انقطاع مخرجها، وسميت حروف المد واللين؛ لأنها تخرج بامتداد ولين من غير كلفة على اللسان لاتساع مخرجها، فإن المخرج إذا اتسع؛ انتشر الصوت وامتد ولان، وإذا ضاق؛ انضغط فيه الصوت وصلب. وكل حرف مساوٍ لمخرجه إلا هي؛ فلذلك قبلت الزيادة. واعلم أن كل مقدار له نهايتان أيتهما فرضت أوله كان مقابله آخره، ولما كان وضع الإنسان على الانتصاب كان رأسه أوله ورجلاه آخره، ومن ثَمَّ كان أول المخارج الشفتين: وأولهما مما يلي البشرة وآخرهما مما يلي الأسنان. وثانيهما اللسان، وأوله مما يلي الأسنان وآخره مما يلي الحلق، وهو - أي الحلق - ثالثها: وأوله مما يلي اللسان وآخره مما يلي الصدر. ولو كان وضعه على التنكيس لانعكس، ولما كانت مادة
الصوت الهواء الخارج من داخل؛ كان أوله آخر الحلق، وآخره أول الشفتين، فرتَّب الناظم - كالجمهور - الحروف باعتبار الصوت حيث قال: فألف الجوف
…
إلى آخر ما يأتي. ورتب تسمية المخارج باعتبار وضعها حيث جعل الأبعد مما يلي الصدر والأقرب مقابله" (1) اهـ.
لاحظ أن: هذه المخارج هي المخارج الثلاثة الأم، وكل منها يحتوي على مجموعة من المخارج.
وقُلْ لأَقْصَى الحَلْقِ هَمْزٌ هَاءُ
…
ثُمَّ لِوَسْطِهِ فَعَيْنٌ حَاءُ
وهذا المخرج الثاني وهو أقصى الحلق وله حرفان الهمزة والهاء.
قوله: (ثم لوسطه) أي يتلوه المخرج الثالث وهو وسط الحلق وله العين والحاء، والضمير في لوسطه عائد إلى الحلق.
أَدْنَاهُ غَيْنٌ خَاؤُهَا والْقَافُ
…
أَقْصَى اللِّسَانِ فَوْقَ ثُمَّ الْكَافُ
وهذا المخرج الرابع وهو أدنى الحلق: أي أقربه إلى اللسان، وله حرفان وهما الغين والخاء، وهذه الأحرف تسمى الحلقية؛ لأنها تخرج من الحلق، والمخرج الخامس أقصى اللسان مما يلي الحلق وما فوقه من الحنك وهو للقاف.
قوله: (ثم الكاف) ثم المخرج السادس وهو أقصى اللسان من أسفل وهو للكاف ويسمى كل منهما لهويًا؛ لأنه يخرج من اللهاة وهي بين الفم والحلق.
أَسْفَلُ وَالْوَسْطُ فَجِيمُ الشِّينُ يَا
…
وَالضَّادُ مِنْ حَافَّتِهِ إِذْ وَلِيَا
قوله: (والوسط) أي المخرج السابع وسط اللسان، وبينه وبين وسط الحنك، وهو للجيم والشين والياء غير المدية، وتسمى الشجرية؛ لأنها
(1) الدقائق المحكمة، ص:12.
تخرج من الشجر؛ وهو عند الخليل مفرج الفم: أي مفتحه، وقال غيره: مجمع اللحيين. والمخرج الثامن أول حافة اللسان وما يليه من الأيسر عند الجمهور ومن الأيمن عند الآخرين وهو للضاد، وهو عند الخليل من الحروف الشجرية كما تقدم في تفسير الشجر.
لاضْرَاسَ مِنْ أَيْسَرَ أَوْ يُمْنَاهَا
…
وَاللَاّمُ أَدْنَاهَا لِمُنْتَهَاهَا
قوله: (لا ضراس) أي الأضراس، فنقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها وهو منصوب بـ (وَليَ).
وقوله: (من أيسر أو يمناها) أي من الجانب الأيسر عند الجمهور، أو من الجانب الأيمن عند الآخرين، وقدم الأيسر؛ لأنها منه أيسر.
وقوله: (واللام أدناها لمنتهاها) أي المخرج التاسع وهو أدنى حافة اللسان إلى منتهى طرفه وهو للام.
وَالنُّونُ مِنْ طَرْفِهِ تَحْتُ اجْعَلُوا
…
وَالرَّا يُدَانِيهِ لِظَهْرٍ أَدْخَلُوا
أي المخرج العاشر وهو طرف اللسان أسفل اللام للنون.
قوله: (والراء) أي المخرج الحادي عشر وهو طرف اللسان أيضًا يداني مخرج النون ولكنه أَدْخَل إلى ظهر اللسان قليلاً، وهذه الحروف الثلاثة تسمى الذلقية نسبة إلى ذلق اللسان: أي طرفه.
وَالطَّاءُ وَالدَّالُ وَتَا مِنْهُ وَمِنْ
…
عُلْيَا الثَّنَايَا والصَّفِيْرُ مُسْتَكِنْ
أي المخرج الثاني عشر وهو طرف اللسان ومن أصول الثنايا العليا للطاء والدال والتاء وتسمى النطعيَّة لأنها تخرج من نطع الغار الأعلى وهو سقفه، والثنايا قسمان: عليا وسفلى، فميز بالرضافة نحو: عليُّ القوم، وليس في كل جهة إلا ثنتيان لكن المجموع أربعة، فعبَّروا عن المثنى بالجمع تخفيفًا وهو هنا أولى، من قولك:(غليظ الحواجب)، (عظيم المناكب).
قوله: (والصفير) أي المخرج الثالث عشر وهو لحروف الصفير، وهي الصاد والزاي والسين - كما سيأتي في صفات الحروف - وهو بين طرف اللسان
وفويق الثنايا السفلى، وتسمى الحروف الأسلية؛ لأنها تخرج من أسَلتِهِ أي مُسْتَدَقه.
مِنْهُ وَمِنْ فَوْقِ الثَّنَايَا السُّفْلَى
…
وَالظَّاءُ وَالذَّالُ وَثَا لِلْعُلْيَا
أي المخرج الرابع عشر لهذه الأحرف الثلاثة وهي الظاء والذال والثاء، وهو بين طرف اللسان وأطراف الثنايا العليا وتسمى اللثوية نسبة إلى اللثة وهي اللحم المركب فيه الأسنان.
مِنْ طَرَفَيْهِمَا وَمِنْ بَطْنِ الشَّفَهْ
…
فَالْفَا مَعَ اطْرافِ الثَّنَايَا المُشْرِفَهْ
أي المخرج الخامس عشر وهو باطن الشفة السفلى وأطراف الثنايا العليا للفاء.
قوله: (من طرفيهما) أي من طرفي اللسان وأطراف الثنايا العليا (1).
وقوله: (الشفة) أي الشفة السفلى بدليل قوله (الثنايا المشرفة) فإنه يريد العليا، فتعين أن تكون الشفة السفلى.
لِلشَّفَتَيْنِ الْوَاوُ بَاءٌ مِيْمُ
…
وَغُنَّةٌ مَخْرَجُهَا الخَيْشُومُ
أي المخرج السادس عشر وهو بين الشفتين العليا والسفلى للواو غير المدية والباء والميم، فيطبقان في الباء والميم، وهذه الأحرف الثلاثة تسمى الشفوية أو الشفهية لخروجها من الشفتين.
والمخرج السابع عشر الخيشوم وهو الغنة، وقد تكون في الميم والنون الساكنتين حالة الإخفاء أو ما في حكمه من الإدغام بالغنة، فإن مخرجهما يتحول في مخرجه في هذه الحالة عن مخرجهما الأصلي على القول الصحيح كما يتحول مخرج حروف المد من مخرجهما إلى الجوف على الصواب، ولبعض هذه الحروف فروع صحت القراءة بها كالهمزة المسهلة بين بين وإشمام الصاد والزاي واللام المفخمة، والله الموفق.
والخيشوم: هو الخرق المنجذب من الأنف داخل الأنف.
مسألة:
وقد يقال: إن اللسان لابد من عمله في النون والتنوين حتى في
(1) هكذا في شرح الطيبة، ولعل الصواب:(من طرفيهما) أي من طرفي الثنايا العليا. والله أعلم.