الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب
المتماثلين والمتجانسين والمتقاربين والمتباعدين
وَأَوَّلَى مِثْلٍ وَجِنْسٍ إنْ سَكَنْ
…
أَدْغِمْ كَقُلْ رَبِّ وَبَلْ لَا وَأَبِنْ
فِي يَوْمِ مَعْ قَالُوا وَهُمْ وَقُلْ نَعَمْ
…
سَبِّحْهُ لَا تُزِغْ قُلُوبَ فَالْتَقُمْ
قوله: (وأولى مثل وجنس إن سكن) أي إذا سكن أول المثلين أو أول الجنسين - أي الحرفين المتجانسين - فأدغمه؛ أي أدغم الساكن وهو الحرف الأول، ثم ذكر مثالاً للمتجانسين وهو (قل رب) فتنطق بعد الإدغام هكذا (قُرَّبِّ)، وذكر مثالا للمتماثلين وهو (بل لا) فتنطق بعد الإدغام هكذا (بلَاّ).
والإدغام:
لغة: الإدخال، تقول: أدغمت اللجام في فم الفرس، أي أدخلته في فمه.
واصطلاحًا: حذف الحرف الأول الساكن (في حالة التقاء حرفين متماثلين أو متجانسين أولهما ساكن والثاني متحرك)، والإتيان بالثاني مشددًا.
والمثلان: هما الحرفان اللذان اتفقا مخرجًا وصفة. مثل: البائين أو الدالين
…
إلخ.
والمتجانسان: هما الحرفان اللذان اتفقا مخرجًا لا صفة كالطاء، والتاء، وكالظاء، والثاء، وكاللام، والراء.
قوله: (وأبِنْ) أي وأظهر من ذلك ما يلي:
(في يوم) أي أظهر في حالة أن يكون المثلين ياءً.
و (قالوا وهم) وكذلك أظهر في حالة كون الحرفين واوين أولهما حرف مدٍ، وأظهر أيضًا اللام في (قل نعم) وكذا إن اجتمع فيهما متقاربان أو متجانسان؛ حيث أن النون لا يدغم فيها شيء مما أدغمت
فيه (عند حفص)، فكانت باقي الحروف أولى بألَاّ تدغم فيها، أفاده الأنصاري (1).
قوله: (سبحه) أي وأظهر الحاء في سبحه عن الهاء، إذ لا يدغم حرف حلقي في أدخل منه، والهاء أدخل من الحاء؛ ولأن حروف الحلق بعيدة عن الإدغام ولهذا أيضًا أمر بإظهار الغين وعدم إدغامها في القاف في (لا تزغ قلوب)، أفاده الأنصاري (2) كما أنه أشار إلى ضرورة إظهار اللام أيضًا في كلمة (فالتقم) وعدم إدغامها في التاء، في {فالتقمه الحوت} . والله أعلى وأعلم.
توضيح:
اعلم أن الحرفين المتتالين لابد أن يندرجا تحت نوع من أربعة: المثلين أو المتجانسين أو المتقاربين أو المتباعدين، وإليك تفصيل ذلك:
أولاً: المتماثلان:
هما الحرفان اللذان اتحدا مخرجًا وصفة، كالباءين في (اضرب بعصاك)، والدالين في (قد دخلوا)، واللامين في (قل لن)، والنونين في (من نعمره)
…
إلخ.
فائدة:
ينقسم المتماثلان إلى: متماثلين صغير، متماثلين كبير، متماثلين مطلق.
أما المتماثلان الصغير (3): فهو أن يكون الحرف الأول ساكنًا والثاني متحركًا، مثل:(منْ نُعمره - قلْ لَن - اضرب بعصاك)، وهذا هو الذي يخصنا.
وحكمه: الإدغام وسيأتي تفصيلاً.
(1) انظر: الدقاق المحكمة، ص:29.
(2)
انظر: الدقائق المحكمة، ص:29.
(3)
سُمي صغيرًا لسهولته وقلة العمل فيه؛ لسكون أوله وتحرك ثانيه.
وأما المتماثلان الكبير (1): فهو أن يكون الحرفان متحركان مثل: (السماءِ إن - إنهُ هُو - الرحيمِ مَلك].
وحكمه: الإظهار (عند حفص ومن وافقه).
ثالثًا: المتماثلان المطلق (2): فهو أن يكون الحرف الأول متحركًا والثاني ساكنُا، مثل:(نَنْسخ - مَمْنون).
وحكمه: الإظهار (عند كل القراء).
والخلاصة: أن كل حرفين متماثلين التقيا، وكان أولهما ساكنًا والثاني متحركًا، فإن الأول يدغم في الثاني أي أننا نحذف الأول تمامًا وننطق بالثاني مشددًا إلا في حالة واحدة وهي أن يكون الحرف الأول حرف مد مثل الواوين في (قالوا وهم)، ومثل الياءين في (في يوم)، فيجب في هذه الحالة الإظهار حتى نستطيع الإتيان بالمد (3)؛ لأننا لو أدغمنا فإن المدَّ سيزول.
فائدة:
قوله تعالى: (ماليه هلك) لنا فيها ثلاثة أوجه:
الأول: الوصل مع السكت، ويحصل ذلك بأن نقول (ماليه) ثم نسكت سكتة لطيفة بدون تنفس، ثم ننطق بـ (هلك) وزمنها أقل من حركتين بشكل ملحوظ.
والثاني: الوقف مع (ماليه) مع التنفس ثم النطق بـ (هلك).
والثالث: الإدغام على أنه من قبيل المتماثلين فننطقها هكذا: (ماليَهَّلَكَ).
(1) سمي كبيرًا لكثرة العمل فيه لتحرك الحرفين. قال ابن الجزري في النشر (1/ 74): "وسمي كبيرًا لكثرة وقوعه إذ الحركة أكثر من السكون. وقيل: لتأثيره في إسكان المتحرك قبل إدغامه. وقيل: لما فيه من الصعوبة. وقيل: لشموله نوعي المثلين والجنسين والمتقاربين". اهـ.
(2)
سمي مطلقًا لعدم تقييده بصغير ولا كبير. انتهى. (أحكام تلاوة القرآن الكريم، ص: 125 - 127).
(3)
يُسمى هذا المد بـ (مد التمكين).
ثانيًا: المتجانسان:
وهما الحرفان اللذان اتحدا مخرجًا واختلفا صفة، وهو أيضًا ينقسم إلى: صغير وكبير ومطلق، وقد سبق بيان كل منهما، أما الصغير فحكمه الإدغام مثل:
1 -
الدال في التاء مثل: (كدتَّ)، و (قد تَّبين).
2 -
التاء في الداء والطاء مثل: (أجيبت دَّعوتكما)، و (وّدَّت طَّائفة).
3 -
الذال في الظاء مثل: (إذ ظَّلموا).
4 -
الطاء في التاء مثل: (بسطت) لكنه إدغام ناقص، بمعنى أننا نبقي على صفة الاستعلاء في الطاء (وقد سبق ذكره).
5 -
القاف في الكاف في كلمة (نخلقكم)، ولحفص فيها وجهان: الإدغام الكامل والإدغام الناقص (وقد سبق ذكره).
6 -
الثاء في الذال في: (يلهث ذلك)، ولحفص فيها وجهان: الإدغام والإظهار.
7 -
الباء في الميم في: (اركب معنا)، ولحفص فيها وجهان: الإدغام والإظهار.
وأما المتجانسان الكبير مثل: (الصالحات طوبى - مريم بهتانًا) ففيه الإظهار.
وأما المتجانسان المطلق مثل: (يَشْكُر) ففيه الإظهار.
ثالثًا: المتقاربان:
هما الحرفان اللذان اختلفا في المخرج وتقاربا في الصفة، وهو أيضًا ينقسم إلى: صغير وكبير ومطلق، فالصغير مثل:(أورثتموا - يرد ثواب)، وكبير مثل:(نفقد صواع - بعد ضراء)، والمطلق مثل:(لن - فَضُرِب).
وحكمه: الإظهار في أقسامه الثلاثة إلا في حالة اللام الساكنة مع الراء في نحو: (قل رَّب - بل رَّفعه الله) فيجب فيها الإدغام إلا ما سيأتي فيه التفصيل (1).
فائدة:
قال الحصري (2): "وأما اللام والراء: فعلى مذهب الفرَّاء، ومن وافقه يكونان متجانسين لاتحاد مخرجهما عنده، وأما على مذهب الجمهور - ومنهم الإمامان: الشاطبي وابن الجزري - فيكونان متقاربين لتقاربهما مخرجًا وصفة" اهـ.
رابعًا: المتباعدان:
هما الحرفان اللذان تباعدا مخرجًا واختلفا صفة - وهو ثلاثة أقسام أيضًا: صغير وكبير ومطلق.
وحكمه: الإظهار بلا خلاف. والله أعلى وأعلم.
(1) انظر باب "السكت".
(2)
أحكام تلاوة القرآن الكريم ص: 130.