الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعدها في رسم المصاحف العثمانية، والقطع هو الأصل، والوصل فرع عنه؛ لأن الشأن في كل كلمة أن تكون مفصولة عن غيرها رسمًا.
وقد أوجب علماءُ الأداء على القارئ معرفة المقطوع والموصول في الرسم من كلمات القرآن، ليقف على كل كلمة حسب رسمها في المصاحف العثمانية، فإذا كانت الكلمة مفصولة عن غيرها جاز للقارئ الوقف عليها في مقام التعلم، أو الامتحان، أو ضيق النفس، أو نحو ذلك، وإذا كانت موصولة بما بعدها لم يجز له الوقف إلا على الكلمة الثانية منهما، وإذا كان مختلفًا في قطعها ووصلها جاز له الوقوف على الأولى، أو الثانية من الكلمتين (إلا أنه إذا اتفق على رسم معين كان اتباعه أولى).
وقد عني علماء القراءة بذكر كلمات خاصة في القرآن الكريم، وبيان حكمها من حيث القطع والوصل، لما لها من جليل الأثر، وعظيم الفائدة". اهـ.
وَاعْرِفْ لِمَقْطُوعٍ وَمَوْصُولٍ وَتَا
…
فِي مُصْحَفِ الإِمَامِ فِيمَا قَدْ أَتَى
يخاطب الإمام الجزري قارئ القرآن قائلاً له واعرف كل مقطوع وموصول، وكذلك اعرف كل تاء تأنيث كتبت تاءً مفتوحة، ولم تكتب تاءً مربوطة، وهذا على ما أتى في الرسم العثماني في مصحف الإمام الصحابي الجليل عثمان بن عفان رضي الله عنه.
فَاقْطَعْ بِعَشْرِ كَلِمَاتٍ
أنْ لا
…
مَعْ مَلْجَإٍ وَلَا إِلَهَ إِلَاّ
وَتَعْبُدُوا يَاسِينَ ثَانِي هُودَ لَا
…
يُشْرِكْنَ تُشْرِكْ يَدْخُلْنَ تَعْلُوا عَلَى
أَنْ لا يَقُولُوا لَا أَقُولَ إِنَّ مَا
…
بِالرَّعْدِ وَالمَفْتُوحَ صِلْ وَعَنْ مَا
قوله: (فاقطع
…
لا أقول) أمر بقطع (أنَّ) عن (لا) في عشرة مواضع:
الأول: (مع ملجأٍ) في قوله تعالى: {وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلا إِلَيْهِ} [التوبة: 118]
الثاني: مع (إله إلا) في قوله تعالى: {وَأَنْ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [هود: 14]
الثالث: مع (تعبدوا) التي في ياسين، في قوله تعالى:{أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ} [يس: 60]
الرابع: الموضع الثاني في هود، في قوله تعالى:{أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُم} [هود: 26]، وقال:(ثاني هود) احترازًا من قوله تعالى في الموضع الأول في هود: {أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ} [هود: 2].
الخامس: مع (يشركن) في قوله تعالى: {يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً} [الممتحنة: 12]
السادس: مع (تشرك) في قوله تعالى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً} [الحج: 26].
السابع: مع (يدخلن) في قوله تعالى: {أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ} [القلم: 24]
الثامن: مع (تعلوا علي) في قوله تعالى: {وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ} [الدخان: 19]
التاسع: في (أن لا يقولوا) في قوله تعالى: {أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقّ} [الأعراف: 169]
العاشر: في (لا أقول) في قوله تعالى: {حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقَّ} [الأعراف: 105].
فائدة:
اختلف في قطع (أن لا) في قوله تعالى: {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَك} [الأنبياء: 87]، والقطع أولى.
قوله: (إنْ مَا بالرعد) أمر بقطع (إن) عن (ما) في موضع واحد فقط، في قوله تعالى:{وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ} [الرعد: 40].
قوله: (والمفتوح صلْ) أمر بوصل المفتوح أي: (أنْ) بـ (مَا) كيف جاء. هكذا: (أمَّا)
نُهُوا اقْطَعُوا مِنْ مَا بِرُومٍ وَالنِّسَا
…
خُلْفُ المُنَافِقِينَ أَمْ مَنْ أَسَّسَا
فُصِّلَتْ النِّسَا وَذِبْحٍ حَيْثُ مَا
…
وَأَنْ لَمِ المَفْتُوحَ كَسْرُ إِنَّ مَا
الانْعَامِ وَالمَفْتُوحَ يَدْعُونَ مَعَا
…
وَخُلْفُ الأنْفَالِ وَنَحْلٍ وَقَعَا
قوله: (عن ما نهوا) أي: واقطعوا (عَنْ) عن (مَا) في موضع واحد فقط في قوله تعالى: {فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ} [الأعراف: 166].
قوله: (اقطعوا من
…
المنافقين) أي: واقطعوا (مِنْ) عن (مَا) في موضعين بلا خلاف:
الأول: في قوله تعالى: {هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم} [الروم: 28].
الثاني: في قوله تعالى: {فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ} [النساء: 25].
وأشار إلى هذين الموضعين بقوله: (بروم والنسا)، كما تُفْصَلا في موضع بخلاف، في قوله تعالى:{وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ} [المنافقون: 10]، والقطع أولى.
قوله: (أم من
…
وذبح) أي: واقطعوا (أمْ) عن (مَنْ) في أربعة مواضع بلا خلاف:
الأول: في قوله تعالى: {خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ} [التوبة: 109].
الثاني: في قوله تعالى: {خَيْرٌ أَمْ مَّنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [فصلت: 40].
الثالث: في قوله تعالى: {أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً} [النساء: 109].
الرابع: في قوله تعالى: {أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنَا} [الصافات: 11].
وأشار إلى موضع سورة الصافات بقوله: (وذبح) لوجود قصة ذبح إسماعيل بها.
قوله: (حيث ما) أي: واقطعوا (حيث) عن (ما) حيث جاء، ولم يأت إلا في موضعين:
الأول: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِين} [البقرة: 144].
الثاني: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلا يَكُونَ} [البقرة: 150].
قوله: (إن لم المفتوح كسر) أي: واقطعوا (أنْ) بفتح الهمزة المكسورة عن (لَمْ) حيث جاء.
قوله: (إن مَا الأنعام) أي: واقطعوا (إن) عن (ما) في موضع واحد فقط في قوله تعالى: {إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآت} [الأنعام: 134].
قوله: (والمفتوح يدعون معًا) أي: واقطعوا المفتوح أي (أنَّ مَا) مع كلمة (يدعون) معًا في موضعين:
الأول: في قوله تعالى: {وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} [الحج: 62].
الثاني: في قوله تعالى: {وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِل} [لقمان: 30].
قوله: (وخُلْفُ الأنفالِ ونحلٍ وقعا) أي: ويوجد الخلاف في موضعين:
الأول: في قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: 41].
الثاني: في قوله تعالى: {إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُم} [النحل: 95]، والوصل فيهما أولى.
ويلاحظ أن الموضع الأخير خاص بـ (إنَّ ما) وليس بـ (أنَّ مَا) وتكون خلاصة (إنَّ مَا) و (أنَّ مَا) كما يلي:
يتم قطع (إنَّ مَا) في الأنعام بلا خلاف، وفي النحل بخلاف والوصل فيها أولى.
ويتم قطع (أنَّ مَا) في الحج ولقمان بلا خلاف، وفي الأنفال بخلاف، والوصل فيها أولى. والله أعلم.
ملاحظات: في هذه الأبيات كلمة (الأنعام) تنطق هكذا (لَنْعَامِ)، وكلمة (الأنفال) تنطق هكذا:(لَنْفَالِ).
وَكُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَاخْتُلِفْ
…
رُدُّوا كَذَا قُلْ بِئْسَمَا وَالْوَصْلُ صِفْ
خَلَفْتُمُونِي وَاشْتَرَوْا فِي مَا اقْطَعَا
…
أُوحِيْ أَفَضْتُمُ اشْتَهَتْ يَبْلُوا مَعَا
ثَانِي فَعَلْنَ وَقَعَتْ رُومٌ كِلَا
…
تَنْزِيْلُ شُعَرَا وَغَيْرَ ذِي صِلَا
أمر بقطع (كل) عن (مَا) في موضع واحد فقط في القرآن الكريم اتفاقًا، وهو في قوله تعالى:{وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ} [إبراهيم: 34].
واخْتُلِف في فصل (كُلّ) عن (مَا) في أربعة مواضع (1):
الأول في قوله تعالى: {كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ} [النساء: 91].
(1) انظر: فتح المجد للقمحاوي، والدقائق المحكمة، وأحكام تلاوة القرآن الكريم، ص: 280
الثاني: في قوله تعالى: {كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ} [المؤمنون: 44].
الثالث: في قوله تعالى: {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا} [الأعراف: 38].
الرابع: في قوله تعالى: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ} [الملك: 8].
والذي عليه العمل في الموضعين الأول والثاني القطع، والذي عليه العمل في الموضعين الثالث والرابع الوصل، وغير ما ذكر فالبوصل إجماعًا.
أمر بوصل (بئس) بـ (ما) في موضعين بلا خلاف:
الأول: في قوله تعالى: {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا} [البقرة: 90]، وهو الموضع الأول في سورة البقرة.
الثاني: في قوله تعالى: {قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي} [الأعراف: 150]، ويتضح ذلك من قوله:(والوصل صف خلفتموني واشتروا).
وذكر أنه يوجد موضع فيه الخلاف وهو: {قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ} [البقرة: 93]، ويتضح ذلك من قوله:(كذا قل بئسما) والذي عليه العمل في هذا الموضع هو الوصل.
وأمر بقطع (في) عن (ما) في أحد عشر موضعًا بلا خلاف:
الأول: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيّ} [الأنعام: 145].
الثاني: {لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 14].
الثالث: {وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ} [الأنبياء: 102].
الرابع: {لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَات} [المائدة: 48].
الخامس: {لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَاب} [الأنعام: 165].
السادس: {فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوف} [البقرة: 240]. وهو الموضع الثاني في البقرة وأشار الناظم إلى ذلك بقوله: "ثاني فعلن".
السابع: {وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لا تَعْلَمُونَ} [الواقعة: 61].
الثامن: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُم} [الروم: 28].
التاسع: {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [الزمر: 3].
العاشر: {فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [الزمر: 46].
لاحظ أنه أشار إلى موضعي الزمر بقوله: (كلا تنزيل) أي: كلا الموضعين فيها.
الحادي عشر: {أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ} [الشعراء: 146].
وفي غير هذه المواضع الوصل بلا خلاف، ويتضح ذلك من قوله:(وغير ذي صلا) أي: صل.
فائدة:
اتفق الرسام على قطع (في) عن (ما) في موضع واحد فقط وهو الذي في الشعراء (الموضع الحادي عشر)، واختلفوا في العشرة مواضع الباقية، والقطع فيه أكثر، ذكر ذلك الشيخ الحصري، وقال محمد طلحة منيار (1) تعليقًا على قول الحصري (والقطع فيه أكثر) قال: وعليه العمل (2). اهـ. كما ذكره القمحاوي في (فتح المجيد).
فَأَيْنَمَا كَالنَّحْلِ صِلْ وَمُخْتَلِفْ
…
فِي الظُّلَّةِ الأَحْزَابِ وَالنِّسَا وُصِفْ
أي: وصل كلمة فأينما المتصلة بالفاء (وهي الموجودة في موضع
(1) هو محقق كتاب: "أحكام قراءة القرآن الكريم".
(2)
انظر: كتاب أحكام قراءة القرآن الكريم، ص:282.