الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع الأول: من أنواع علوم الحديث معرفة الصيحيح من الحديث
…
النوع الأول من أنواع علوم الحديث معرفة الصحيح من الحديث
أعلم علمك الله وإياي أن الحديث عند أهله ينقسم إلى صحيح وحسن وضعيف.
أما الحديث الصحيح فهو الحديث المسند الذي يتصل إسناده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه ولا يكون شاذا ولا معللا وفي هذه الأوصاف احتراز عن المرسل والمنقطع والمعضل والشاذ وما فيه علة قادحة وما في راويه نوع جرح.
وهذه أنواع يأتي ذكرها إن شاء الله تعالى1.
فهذا هو الحديث الذي يحكم له بالصحة بلا خلاف بين أهل الحديث وقد يختلفون في صحة بعض الأحاديث لاختلافهم في وجود هذه الأوصاف فيه أو لاختلافهم في اشتراط بعض هذه الأوصاف كما في المرسل ومتى قالوا هذا حديث صحيح فمعناه أنه اتصل سنده مع سائر الأوصاف المذكورة وليس من شرطه أن يكون مقطوعا به في نفس الأمر إذ منه ما ينفرد بروايته عدل واحد وليس من الأخبار التي "أجتمعت2" الأمة على تلقيها بالقبول وكذلك إذا قالوا في حديث إنه غير صحيح فليس ذلك قطعا بأنه كذب في نفس الأمر إذ قد يكون صدقا في نفس الأمر وإنما المراد به إنه لم يصح إسناده على الشرط المذكور انتهى.
1 في ع: "تبارك وتعالي".
2 في ش، ع:"أجمعت".
اعترض عليه بأمور
الأول: أنه قدم الدعاء لغيره على الدعاء لنفسه ففي الترمذي يرفعه إذا دعا أحدكم فليبدأ بنفسه فكان ينبغي له أن يقول علمنا الله وإياك.
وجوابه: أن الذي في الترمذي إنما هو من فعله لا من قوله خرج ذلك من حديث أبي بن كعب: "كان صلي الله عليه وسلم إذا ذكر أحدا فدعا له بدأ بنفسه" ثم قال: حسن غريب صحيح.
ولفظ أبي داود "كان صلي الله عليه وسلم إذا دعا بدأ بنفسه" وقال: رحمة الله علينا وعلى موسى وإذا لم يكن من قوله فهو مقيد بما إذا ذكر نبيا من الأنبياء فيبدأ بنفسه ففي مسلم من حديث أبي في قصة موسى مع الخضر وكان إذا ذكر أحدا من الأنبياء بدأ بنفسه رحمة الله علينا وعلى أخي كذا رحمة الله علينا الحديث وقد دعا صلي الله عليه وسلم لبعض الأنبياء ولم يذكر نفسه معه لقوله صلي الله عليه وسلم "يرحم الله لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد" متفق1 عليه من حديث أبي هريرة وفي الصحيحين من حديث ابن مسعود "يرحم الله موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر" وقد دعا صلي الله عليه وسلم لغير الأنبياء ولم يذكر نفسه ففي البخاري في قصة زمزم عن ابن عباس يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم أو لم تغترف من الماء لكانت زمزم عينا معينا وفي البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها أنه صلي الله عليه وسلم سمع عبادة بن بسر يقرأ سورة بالليل فقال "يرحمه الله" وفيه من حديث سلمة بن الأكوع "من السائق" قالوا عامر قال: "يرحمه الله".
الثاني: أنه قسم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف وأكثر المحدثين يسقط الحسن.
وجوابه: أنه ذكره بعد ذلك فقال من أهل الحديث من يجعل الحسن مندرجا في الصحيح لكونه يحتج به مع أن الخطابي قسمه إلى الثلاثة ونقله عن أهل
1 بياض في خط وكتب الناسخ فوقه "صح" كأنه يشير إلي عدم ورود هذا اللفظة في الأصل الذي نسخ منه مع تفطنه لذالك.
الحديث ثم إن ذكر الحسن موجود في كلام الشافعي والبخاري وغيرهما
الثالث: أن قوله في حد الصحيح هو المسند الذي يتصل إسناده إلى آخر كلامه يرد عليه المرسل فإن من يقبله لا يشترط إسناده.
وجوابه: في قوله بعد ذلك وقد يختلفون في صحة بعض الأحاديث لكذا وكذا كما في المرسل.
الرابع: ما أورده الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد في الاقتراح أن سلامته من الشذوذ والعلة إنما شرطه المحدثون قال: وفيه نظر على مقتضى نظر الفقهاء فإن كثيرا من علل المحدثين لا تجري على أصول الفقهاء وشرط الحد أن يكون جامعا مانعا.
وجوابه أن قول المصنف عند أهل الحديث يخرج نظر الفقهاء.
الخامس: قوله بلا خلاف أي إذا وجدت فيه هذه الشروط عند المحدثين فيندفع بالمحدثين اعتراض من أورد شرط العدد كالشهادة كما حكاه الحازمي عن بعض متأخري المعتزلة وأشار إليه البيهقي في رسالته إلى الشيخ أبي محمد الجويني قال: له فيها رأيت في الفصول التي أملاها الشيخ حرسه الله تعالى حكاية عن بعض أصحاب الحديث أنه يشترط في قبول الأخبار أن يروى عدلان عن عدلين مثنى مثنى حتى يتصل برسول الله صلى الله عليه وسلم، كالمنكر لذلك.
السادس: اعترض بعضهم على قوله وقد يختلفون في صحة بعض الأحاديث إلى أخره وقال فيه نظر من حيث أن أحدا لم يذكر أن المعضل والشاذ والمنقطع صحيح.
ورد بأن كلامه إنما هو في أوصاف القبول لا في الشاذ ونحوه وأيضا فمن يحتج بالمرسل لا يتقيد بكون التابعي أرسله بل لو أرسله أتباع التابعين احتج به وهو عنده صحيح وأن كان معضلا ومن يحتج بالمرسل يحتج بالمنقطع بل المنقطع والمرسل عند المتقدمين واحد وقوله: إن أحدا لم يذكر أن الشاذ صحيح مردود بقول أبي يعلى الخليلي في الإرشاد: "إن الشاذ ينقسم إلى: صحيح ومردود"
قال:
فوائد مهمة
أحدها 1: الصحيح يتنوع إلى متفق عليه ومختلف فيه كما سبق ذكره ويتنوع إلى مشهور وغريب وبين ذلك ثم إن درجات الصحيح تتفاوت في القوة بحسب تمكن الحديث من الصفات المذكورة التي تنبني2 الصحة عليها وتنقسم باعتبار ذلك إلى أقسام يستعصى إحصاؤها على العاد الحاصر ولهذا نرى الإمساك عن الحكم لإسناد أو حديث بأنه الأصح على الإطلاق على أن جماعة من أئمة الحديث خاضوا غمرة ذلك فاضطربت أقوالهم. فروينا عن إسحاق بن راهويه أنه قال: أصح الأسانيد كلها الزهري عن سالم عن أبيه.
وروينا نحوه عن أحمد بن حنبل.
وروينا عن عمرو بن علي الفلاس أنه قال: أصح الأسانيد محمد بن سيرين عن عبيدة3 عن علي وروينا نحوه عن علي بن المديني وروي ذلك عن غيرهما ثم منهم من عين4 الراوي عن محمد وجعله أيوب السختياني ومنهم من جعله ابن عون.
وفيما نرويه عن يحيى بن معين أنه قال: أجودها الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله
وروينا عن أبي بكر بن أبي شيبة أنه5 قال: أصح الأسانيد كلها الزهري عن
1 في ش: "إحداها"
2 هكذا في خط، وش، وفي ع:"تبتني".
3 في حاشية خط: "عبيدة - بفتح العين - بن عمرو السلماني - بفتح السين وإسكان اللام وكتب عليها الناسخ "صح".
4 هكذا في خط، وع، وفي ش:"غير" براء مهملة في آخره معحمة في أوله، كذا - خطأ.
5 سقطت من ع، وهي في خط وش.
علي بن الحسين عن أبيه عن علي.
وروينا عن أبي عبد الله البخاري صاحب الصحيح أنه قال: أصح الأسانيد كلها مالك عن نافع عن ابن عمر.
وبنى الإمام أبو منصور عبد القاهر بن طاهر التميمي على ذلك أن أجل الأسانيد الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر واحتج بإجماع أصحاب الحديث على أنه لم يكن في الرواة عن مالك أجل من الشافعي رضي الله عنهم أجمعين انتهى.
ولك أن تقول: وأجل من روى عن الشافعي أحمد بن حنبل باتفاقهم فيكون أجل الأسانيد أحمد عن الشافعي عن مالك عن نافع عن بن عمر وقد وقع ذلك في حديث أصله مفرق في البخاري من حديث مالك.
حدث به عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي أحمد رحمه الله قال: حدثنا محمد بن إدريس قال: أنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يبع بعضكم على بيع بعض ونهى عن النجش ونهى عن بيع حبل الحبلة ونهى عن المزابنة والمزابنة بيع التمر بالتمر كيلا وبيع الكرم بالزبيب كيلا".
واعترض على المصنف بأن الحاكم وغيره ذكروا أن هذا بالنسبة إلى الأمصار أو إلى الأشخاص فلا يبقى خلاف.
وجوابه: أن الحاكم لم يقيده بذلك بل ولو قيده بالأشخاص كان الخلاف موجودا أيضا فيقال في أصح أسانيد علي فقيل كذا وقيل كذا وعبارة الحاكم لا تقطع الحكم في أصح الأسانيد لصحابي واحد بل يقول أصح أسانيد أهل البيت جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي إذا كان الراوي عن جعفر ثقة.
وأصح أسانيد الصديق رضي الله عنه إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن أبي بكر.
وأصح أسانيد عمر: الزهري عن سالم عن أبيه عن جده.
وأصح أسانيد أبي هريرة: الزهري عن سيعد بن المسيب عنه.
وأصح أسانيد ابن عمر: مالك عن نافع عن ابن عمر.
وأصح أسانيد عائشة عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب عن القاسم عنها
قال ابن معين هذه ترجمة مشبكة بالذهب.
وأصح أسانيد ابن مسعود سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عنه.
وأصح أسانيد أنس بن مالك مالك عن الزهري عنه
وأصح أسانيد المكيين سفيان.
بن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر.
وأصح أسانيد اليمنيين معمر عن همام عن أبي هريرة.
وأثبت أسانيد المصريين الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة ابن عامر.
وأثبت أسانيد الشاميين الأوزاعي عن حسان بن عطية عن الصحابة.
وأثبت أسانيد الخراسانيين الحسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه.
قال الثانية إذا وجدنا فيما يروى من أجزاء الحديث وغيرها حديثا صحيح الإسناد ولم نجده في أحد الصحيحين ولا منصوصا على صحته في شيء من مصنفات أئمة الحديث المعتمدة المشهورة فإنا لا نتجاسر على جزم الحكم بصحته فقد تعذر في هذه الأعصار الاستقلال بإدارك الصحيح بمجرد اعبتار الأسانيد لأنه ما من إسناد من ذلك إلا ونجد1 في رجاله من اعتمد في روايته على ما في كتابه عريا عما يشترط في الصحيح من الحفظ والضبط والإتقان فآل الأمر إذا في معرفة الصحيح والحسن إلى الاعتماد على ما نص عليه أئمة الحديث في تصانيفهم المعتمدة المشهورة التي يؤمن فيها لشهرتها من التغيير والتحريف وصار معظم المقصود بما يتداول من الأسانيد خارجا عن ذلك إبقاء سلسلة الإسناد التي خصت بها هذه الأمة زادها الله2 شرفا آمين انتهى3.
1 هكذا في خط، وفي ش وع:"وتجد"بمثناة فوقية.
2 هكذا في خط وش، وفي ع:"الله تعالي".
3 بعد أن فرغ ابن الصلاح رحمه الله من بيان حد الصحيح، والشروط الواجبة فيه، ناسب أن يخص هذه الشروط بعصور الرواية....==
_________
= فنبه رحمه الله أن الاعتماد بعد عصر الرواة على الكتب لا الرواة ومن ثم كان الاعتماد بعد عصر الرواية على الكتب المعتمد المشهورة التي يؤمن فيها لشهرتها من التغيير والتحريف كما نبه رحمه الله على أن المقصود بالأسانيد التي تتداول خارج هذه الكتب المعتمدة إبقاء سلسلة الإسناد التي خصت بها هذه الأمة. ومن ثم نبه على تعذر جزم الحكم بصحة ما لم نجده في الصحيحين وغيرهما من الكتب المعتمدة والاستقلال بإدراك الصحيح بمجرد اعتبار الأسانيد في هذه الأعصار التالية لعصر الرواية قال: لأنه ما من إسناد من ذلك إلا وتجد في رجاله من اعتمد في روايته على ما في كتابه عريا عما يشترط في الصحيح من الحفظ والضبط والإتقان.
فبطل الاعتماد على الرواة في هذه الأعصار وتعذرت شرائط الصحيح في هذه الأسانيد فلم يبق إلى الاعتماد على الكتب فكان لزاما الاعتماد على الكتب المعتمدة المشهورة التي يؤمن فيها لشهرتها من التغيير والتحريف.
وهذا حق لا مرية فيه فقد صارت الرواية في الحقيقة رواية للكتب وتساهل الناس في شرائط الرواية إذ صار الاعتماد على الكتب لا الرواة.
قال الشيخ أبو الأشبال أحمد شاكر رحمه الله في الباعث 1: 321 – 233 ط دار العاصمة الشروط السابقة في عدالة الراوي إنما تراعى بالدقة في المتقدمين وأما المتأخرون بعد سنة ثلاثمائة تقريبا فيكفي أن يكون الراوي مسلما بالغا عاقلا غير متظاهر بفسق أو بما يخل بمروءته وأن يكون سماعه ثابتا بخط ثقة غير متهم وبرواية من أصل صحيح موافق شيخه لأن المقصود بقاء سلسلة الإسناد وإلا فإن الروايات استقرت في الكتب المعروفة وصارت الرواية في الحقيقة رواية للكتب فقط.
قال الحافظ البيهقي: توسع من توسع في السماع من بعض محدثي زماننا الذين لا يحفظون حديثهم ولا يحسنون قراءته من كتبهم ولا يعرفون ما يقرأ عليهم بعد أن تكون القراءة عليهم من أصل سماعهم وذلك لتدوين الأحاديث في الجوامع التي جمعها أئمة الحديث1فمن جاء اليوم بحديث لا يوجد عند جميعهم لا يقبل نه ومن جاء بحديث معروف عندهم فالذي يرويه لا ينفرد بروايته والحجة قائمة بحديثه برواية غيره والقصد من روايته والسماع منه: أن يصير الحديث مسلسلا بحديثنا وأخبرنا وتبقى هذه الكرامة التي خصت بها هذه الأمة شرفا لنبينا صلى الله عليه وسلم =
قال السخاوي في فتح المغيب 2/108 ونقله عنه في حاشية الباعث وقد سبق البيهقي إلى قوله شيخه الحاكم ونحوه عن السلفي وهو الذي استقر عليه العمل بل حصل التوسع فيه أيضا إلى ما وراء هذا....................
.......................................
= وقال الذهبي في الميزان: ليس العمدة في زماننا على الرواة بل على المحدثين والمفيدين الذين عرفت عدالتهم وصدقهم في ضبط أسماء السامعين ثم من المعلوم أنه لا بد من الراوي وستره.
فالعبرة في رواية المتأخرين على الكتب والأصول الصحيحة التي اشتهرت بنسبتها مؤلفيها بل تواتر بعضها إليهم وهذا شيء واضح لا يحتاج إلى بيان انتهى كلام أبي الأشبال رحمه الله.
وقال الأعظمي في منهج النقد ص 7 – 1 بتصرف ينقسم تطبيق المصطلح ثلاثة أدوار رئيسية ولكل سيماه.
فالدور الأول خاص بالصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.
ومن أهم ميزات هذا الدور هو تعديل كافة الصحابة وقبول أحاديثهم حتى المرسلة بدون نكير.
أما الدور الثاني فيبدأ بالتابعين وينتهي إلى منتصف القرن الرابع تقريبا وهذا الدور هو من أهم الأدوار بالنسبة لقوانين المصطلح وتطبيقها وكان من خصائص هذا الدور التنفير الشديد عن عدالة الرواة وضبطهم وإتقانهم. ويعتبر هذا الدور أشد الأدوار قسوة وصرامة في تطبيق قوانين المصطلح.
أما الدور الثالث فيبدأ من منتصف القرن الرابع بقريبا وبدأ فيه التساهل في تلقي العلم والتهاون في تطبيق المصطلح وحصل التغيير في شروط قبول الرواية وفي التعديل والتجريح وانتفت الصرامة والقسوة اللتين كانتا ظاهرتين في الدور الثاني.
وأهم الأسباب التي دعت إلى هذا التنازل هو جمع وتدوين وتصنيف الأحاديث النبوية في الكتب المعروفة بحيث أصبح الناس يتناقلون على وجه العموم كتبا مؤلفة بكاملها.
فم يبق للناس مجال في جمع شتات المواد من هنا وهناك وقد يكون هذا هو السبب الأساسي في تخفيف قسوة الشروط بالنسبة للرواة ومروياتهم وعلى هذا ما كان شاذا أصبح قاعدة فيما بعد ذلك.
لا شك أن البخاري رحمه الله استدل بقصة محمود بن الربيع أنه عقل مجة مجها رسول الله صلى الله عليه وسلم على أساس أنه يمكن أن يعي العلم ولد عمره خمس سنوات لكنه يصعب علينا الحصول على أمثلة من هذا النوع في الدور الثاني بل رأينا أن الطلبة كانوا يبدأون بالدراسة في حدود الخامسة عشرة من أعمارهم لكنه في الدور الثالث تطورت الأمور.
قال النووي: ونقل القاضي عياض رحمه الله إن أهل الصنعة حددوا أول زمن يصح فيه السماع بخمس سنين...............................=
...................................
= وقال ابن الصلاح وعلى هذا استقر بين أهل الحديث فيكتبون لابن خمس فصاعدا "سمع" وإن لم يبلغ خمسا حضر أو أحضر.
وأين هذا من تشدد المتقدمين؟
قال نعيم سمعت ابن عيينة يقول: لقد أتى هشام بن حسان عظيما بروايته عن الحسن قيل لنعيم: لم؟ قال لأنه كان صغيرا.
وكما تساهل المحدثون في تحمل العلم وسنه تنازلوا عن الشروط التي يجب اجتماعها فيمن يوصف بأنه ثقة.
قال الخطيب البغدادي عن أبي بكر بن خلاد المتوفي سنة 356 هـ إنه ما كان يعرف شيئا من العلم غير أن سماعه صحيح.
قال الألباني: ومع ذلك فقد وثقه أبو نعيم وكذا ابن أبي الفوارس وقال: لم يكن يعرف من الحديث شيئا ثم ذكر الألباني بأن الذهبي علق عليه في سير أعلام النبلاء 10/160/ 1 -2 بقوله: فمن هذا الوقت بل وقبله صار الحفاظ يطلقون هذه اللفظة "ثقة" على الشيخ الذي سماعه صحيح بقراءة متقن وإثبات عدل.
وترخصوا في تسميته بالثقة وإنما الثقة في عرف أئمة النقد كانت تقع على العدل في نفسه المتقن لما حمله الضابط لما نقل وله فهم ومعرفة بالفن فتوسع المتأخرون.
هذه بعض الملامح العامة للأدوار الثلاثة في مجال تطبيق قواعد المصطلح وشروط الرواة والرواية انتهى كلام الأعظمي حفظه الله.
وقد شرح هذا التدرج المرحلي غير واحد والمقصود بيان ما وقع في المرحلة التي تلت مرحلة الرواية من تساهل والاعتماد في هذه المرحلة المتأخرة على الكتب بدلا من الاعتماد على الرواة في المرحلة السابقة عليها.
فلما آل الأمر إلى الاعتماد على الكتب بنه ابن الصلاح رحمه الله تعالى على ضرورة الاعتماد على المشهور من هذه الكتب على أكثر من أصل لتحصل الثقة بما اتفقت عليه هذه الأصول الصحيحة.
قال ابن الصلاح رحمه الله في الفائدة الثامنة ص 173 ط بنت الشاطئ إذا ظهر بما قدمناه انحصار طريق معرفة الصحيح والحسن الآن في مراجعة الصحيحين وغيرهما من الكتب المعتمدة فسبيل من أراد العمل أو الاحتجاج بذلك إذا كان ممن يسوغ له العمل بالحديث أو الاحتجاج به لذي مذهب..........................=
..............................
= أن يرجع إلى أصل قد قابله هو أو ثقة غيره بأصول صحيحة متعددة مروية بروايات متنوعة ليحصل له بذلك مع اشتهار هذه الكتب وبعدها عن أن تقصد بالتبديل والتحريف الثقة بصحة ما اتفقت عليه تلك الأصول.
وقال أيضا في صفة من تقبل روايته ص 307 المسألة الرابعة عشرة أعرض الناس في هذه الأعصار المتأخرة عن اعتبار مجموع ما بينا من الشروط في رواة الحديث ومشايخه3 فلم يتقيدوا بها في رواياتهم لتعذر الوفاء بذلك على نحو ما تقدم وكان عليه من تقدم ووجه ذلك ما قدمناه في أول كتابنا هذا من كون المقصود آل آخرا إلى المحافظة على خصيصة هذه الأمة في الأسانيد والمحاذرة من انقطاع سلسلتها3 فليعتبر من الشروط المذكورة ما يليق بهذا الغرض على تجرده وليكتف في أهلية الشيخ بكونه مسلما بالغا عاقلا غير متظاهر بالفسق والسخف وفي ضبطه بوجود سماعه مثبتا بخط غير متهم وبروايته من أصل موافق لأصل شيخه.
وقد سبق إلى نحو ما ذكرناه الحافظ الفقيه أبو بكر البيهقي3 رحمه الله تعالى فإنه ذكر فيما رويناه عنه توسع من توسع في السماع من بعض محدثي زمانه الذين لا يحفظون حديثهم ولا يحسنون قراءته من كتبهم ولا يعرفون ما يقرأ عليهم بعد أن تكون القراءة عليهم من أصل سماعهم ووجه ذلك بأن الأحاديث التي قد صحت أو وقفت بين الصحة والسقم قد دونت وكتبت في الجوامع التي جمعها أئمة الحديث ولا يجوز أن يذهب شيء منها على جميعهم وإن جاز أن يذهب على بعضهم لضمان صاحب الشريعة حفظها قال: فمن جاء اليوم بحديث لا يوجد عند جميعهم لم يقبل منه.
ومن جاء بحديث معروف عندهم فالذي يرويه لا ينفرد بروايته والحجة قائمة بحديثه برواية غيره
_________
= 1ومن ثم تعذر في هذه الأعصار المتأخرة الاستقلال بجزم الحكم بصحة حديث ما اعتمادا على مجرد اعتبار هذه الأسانيد المتأخرة الواردة في أجزاء الحديث وما يشبهها من الكتب التي وضعها المتأخرون بخلاف المصنفات المعتمدة المشهورة فالثقة بها حاصلة.
2وقد أفلح الاستعمار الغربي الكافر في قطع سلسلة النسب الكثير من الناس ولم يفلح في قطع هذه السلسلة فالحمد لله رب العالمين.
3فلم يكن ابن الصلاح رحمه الله إذا بدعا فيما ذهب إليه.
........................................
= والقصد من روايته والسماع منه أن يصير الحديث مسلسلا بحدثنا وأخبرنا وتبقى هذه الكرامة التي خصت بها هذه الأمة شرفا لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن الصلاح أيضا في معرفة كيفية سماع الحديث وتحمله ص 312 – 313 قال أبو عبد الله الزبيري يستحب كتب الحديث في العشرين..........
وقال ابن الصلاح في كلامه على الوجادة ص 360: هذا كله كلام في كيفية النقل بطريق الوجادة
وأما جواز العمل اعتمادا على ما يوثق به منها فقد روينا عن بعض المالكية أن معظم المحدثين والفقهاء من المالكية وغيرهم لا يرون العمل بذلك.
وحكى عن الشافعي وطائفة من نظار أصحاب جواز العمل به.
قال المملي "أي ابن الصلاح" أبقاه الله قطع بعض المحققين من أصحابه في أصول الفقه بوجوب العمل به عند حصول الثقة به وقال: لو عرض ما ذكرناه على جملة المحدثين لأبوه وما قطع به هو الذي لا يتجه غيره في الأعصار المتأخرة فإنه لو توقف العمل فيها على الرواية لانسد باب العمل بالمنقول لتعذر شرط الرواية فيها على ما تقدم في النوع الأول انتهى.
فهذا كله صريح في بيان مراد ابن الصلاح من كلامه في النوع الأول وأنه إنما أراد تعذر الاستقلال بجزم الحكم بصحة الأسانيد في هذه الأعصار المتأخرة اعتمادا على مجرد اعتبار الأسانيد ويبعد أن تنفرد هذه الأجزاء والمشيخات بأسانيد صحيحة لم ترد في دواوين الإسلام المعتمدة كالصحيحين وغيرهما.
قال ابن عبد الهادي رحمه الله في الصارم المنكى ص 153 وليس في الأحاديث التي رويت بلفظ "زيارة قبره" حديث صحيح عند أهل المعرفة ولم يخرج أرباب الصحيح شيئا من ذلك ولا أرباب السنن المعتمدة كسنن أبي داود والنسائي والترمذي والشافعي ونحو ذلك شيء من ذلك ولا احتج إمام من أئمة المسلمين كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم بحديث ذكر "زيارة قبره" فكيف يكون في ذلك أحاديث صحيحة ولم يعرفها أحد من أئمة الدين ولا علماء الحديث؟..... اهـ.
وراجع إن شئت المعرفة للحاكم ص 60 النوع التاسع عشر والكفاية للخطيب ص 35 -36، 224 ط دار التراث العربي والموضوعات لابن الجوزي 1/99 وشرح العلل لابن رجب =
.........................................
= 2/264 ط همام سعيد.
وراجع أيضا قول ابن الأخرم عند ابن الصلاح ص 162 مع قول النووي في التقريب 1/99 مع التدريب والتعليق عليهما عند ابن حجر في النكت 1/298، 319.
هذا ولم يحسن التعقب على ابن الصلاح رحمه الله والتشنيع عليه بحجة أنه يمنع من التصحيح ويدعو إلى إغلاق هذا الباب لأن ذلك لم يرد في كلامه أصلا كيف وهو يقول: إذا وجدنا..حديثا صحيح الإسناد لا نتجاسر على جزم الحكم
…
فلا شك أن ذلك يحتاج إلى نظر وبصر بالتصحيح.
ومثل ذلك قوله في الفائدة الأولى ص 152 ولهذا نرى الإمساك عن الحكم لإسناد أو حديث بأنه الأصح على الإطلاق.
وقوله في نوع الحسن ص 180 وهذه جملة تفاصيلها تدرك بالمباشرة والبحث.
وقوله في نوع الشاذ ص 343 إذا انفرد الراوي بشيء نظر فيه فينظر في هذا الراوي.........استحسنا حديثه ذلك ولم نحطه إلى قبيل الحديث الضعيف
…
رددنا ما انفرد به
…
وقوله في معرفة زيادات الثقات ص 250 وذلك فن لطيف تستحسن العناية به.
وقوله في الحديث المعلل ص 259
…
وإنما يضطلع بذلك أهل الحفظ والخبرة والفهم الثاقب..... ويستعان على إدراكها بتفرد الراوي بمخالفة غيره له مع قرائن تنضم إلى ذلك تنبه العارف بهذا الشأن على إرسال في الموصول.....بحيث يغلب على ظنه ذلك فيحكم به أو يتردد فيتوفق فيه.
وقوله في معرفة المضطرب ص 269 وإنما نسميه مضطربا إذا تساوت الروايات أما إذا ترجحت إحداهما.............إلخ.
وقوله في معرفة الموضوع ص 279...........ولا تحل روايته إلا مقرونا ببيان وضعه
…
وقوله في معرفة المقلوب ص 287 وإنما تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ظهر لك صحتخ بطريقه الذي أوضحناه أولا.
فكل ذلك يدل على إعمال القواعد والبحث والتفتيش في الأسانيد والحكم عليها بما تستحق حسب القواعد وهذا خلاف ما فهمه النووي وغيره من كلام ابن الصلاح =
..........................................
وقد صحح ابن الصلاح وحسن في كلامه على الوسيط للغزالي3.
والغريب أن النووي والعراقي وابن حجر قد وقفوا على كلامه هذا فنقل منه العراقي في مواضع منها:
في تخريج الإحياء للغزالي3 1/201، 216، 225 ط الإيمان بالمنصور ونقل منه ابن حجر في مواضع لا تحصى من كتابه تلخيص الحبير منها 1/47، 63، 68، 69، 84، 90، 127، 143، ط ابن تيمية.
وقد صحح ابن الصلاح رحمه الله وحسن في كلامه هذا وذكر ابن حجر متابعة النووي لابن الصلاح رحمهم الله على بعض أحكامه فكيف فاتهم ذلك؟ ففهموا أن ابن الصلاح يمنع من التصحيح والتحسين؟.
ولابن الصلاح رحمه الله تعالى يتكلم فيها على الأحاديث وقفت على الجزء الثالث منها3.
ومن نظر فيه رأى نفس عالم محدث يسرد الحديث وما يشهد له مع الكلام عليه.
بل لماذا ألف ابن الصلاح رحمه الله مقدمته في علوم الحديث ووصف كتابه هذا بكونه أباح بأسراره يعني علم الحديث الخفية وكشف عن مشكلاته الأبية وأحكم معاقده وقواعده وأنار معالمه وبين أحكامه وفصل أقسامه وأوضح أصوله وشرح فروعه وفصوله وجمع شتات علومه وفوائده وقنص شوارده وفرائده.
وذكر أن الله عز وجل من بهذا الكتاب حين كاد الباحث عن مشكله لا يلقي له كاشفا والسائل عن علمه لا يلقي به عارفا كما ذكر ذلك في مقدمة كتابه ص 146.
فلماذا ألفه إذا كان لا يرى جواز التصحيح في هذه الأعصار؟ جواز ذلك لما ألف للناس كتابا يعلمهم سبيل التصحيح والتحسين والحكم على الأحاديث بما تستحق.
ثم رأيت أبا الحارث علي بن حسن الحلبي حفظه الله يقول: كلام ابن الصلاح يفهم منه التعسير لا مطلق المنع كما في حاشية الباعث 1/112 ط دار العاصمة ولم يذكر دليله على ذلك.
هذا وقد استشكل قول ابن الصلاح رحمه الله فآل الأمر في معرفة الصحيح والحسن إلى الاعتماد..................................=
_________
1وهو مطبوع وعليه تعليقات ابن الصلاح رحمه الله تعالى.
1وسيأتي ما يدل على ذلك أيضا في موضع لاحق من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى والله أعلم.
2مصور عن النسخة الخطية المحفوظة بالمكتبة الأزهرية حديث 3749 وعنها صورة بمعهد المخطوطات بالقاهرة.
......................................
=على ما نص عليه أئمة الحديث في تصانيفهم المعتمدة المشهورة التي نؤمن فيها لشهرتها من التغيير والتحريف.
فقال ابن حجر في النكت 1/270 فيه نظر لأنه يشعر بالاقتصار على ما يوجد منصوصا على صحته ورد ما جمع شروط الصحة إذا لم يوجد النص على صحته من الأئمة المتقدمين............الخ.
وقال أيضا 1/271 كلامه يعني ابن الصلاح يقتضي الحكم بصحة ما نقل عن الأئمة المتقدمين فيما حكموا بصحته في كتبهم المعتمدة المشهورة والطريق التي وصل إلينا بها كلامهم على الحديث بالصحة وغيرها هي الطريق التي وصلت إلينا بها أحاديثهم فإن أفاد الإسناد صحة المقالة عنهم فليفد الصحة بأنهم حدثوا بذلك الحديث ويبقى النظر إنما هو في الرجال الذين فوقهم وأكثرهم رجال الصحيح كما سنقرره اهـ.
وحمله الدكتور الملباري حفظه الله في كتابه تصحيح الحديث ص 26 على أن معناه معرفة صحة أو حسن أحاديث الأجزاء ونحوها وليس مطلق الأحاديث.
ثم عاد فقال ص 29 على أن الأمر إذا لم يكن كما سابقا فلا يخلو قوله: فآل الأمر إذا في معرفة الصحيح والحسن إلى الاعتماد على ما نص عليه أئمة الحديث في تصانيفهم المعتمدة المشهورة التي يؤمن فيها لشهرتها من التغيير والتحريف من تناقض صريح كما بينه الحافظ ابن حجر....إلخ اهـ.
والظاهر أن مراد ابن الصلاح من قوله: فآل الأمر إذا في معرفة الصحيح والحسن
…
إلخ مطلق الأحاديث.
ويكون قوله: إلى الاعتماد على ما نص عليه أئمة الحديث في تصانيفهم بمعنى ما ذكره أئمة الحديث في تصانيفهم المعتمدة لا ما نصوا على صحته أو حسنه ويؤيده أنه عطف على كلامه هذا قوله وصار معظم المقصود بما يتداول من الأسانيد خارجا عن ذلك إبقاء سلسلة الإسناد.........إلخ فالمراد معظم المقصود بما يتداول من الأسانيد خارجا عن المصنفات المعتمدة ويحتمل أن يعود الضمير إلى أبعد مذكور وهو قوله: إلى الاعتماد على ما نص عليه أئمة الحديث وهذا يحتاج إلى قرينة ومع ذلك لا يستقيم عود الضمير على قوله ما نص عليه أئمة الحديث إلا بالمعنى المذكور هنا من تفسير النص هنا بمعنى ذكر الأسانيد في مصنفاتهم لا بمعنى النص على الصحة أو الحسن إذ لم يقل أحد بان ما ورد في الكتب المعتمدة كالسنن وغيرها مما لم ينص على صحته إنما يتداول من أجل إبقاء سلسلة الإسناد التي خصت بها هذا الأمة.
ويؤيد ذلك أيضا عدوله يعنى ابن الصلاح عن التعبير بالنص على الصحة واقتصاره على مجرد =
اعترض بعضهم بقول النووي في كتابه التقريب الأظهر عندي جواز ذلك لمن تمكن وقويت معرفته وما رجحه النووي هو الذي عليه عمل أهل الحديث فقد صحح جماعة من
= النص على هذه الأسانيد.
ويؤيد قوله في الفائدة السابعة ص 169 وإذا انتهى الأمر في معرفة الصحيح إلى ما خرجه الأئمة في تصانيفهم الكافلة ببيان ذلك كما سبق ذكره وقوله في الفائدة الثامنة ص 173 إذا ظهر بما قدمناه انحصار طريق معرفة الصحيح والحسن الآن في مراجعة الصحيحين وغيرهما من الكتب المعتمدة.
وقوله في كلامه جواز العمل اعتمادا على ما يوثق به من الوجادة ص 36 قطع بعض المحققين من أصحابه يعنى الشافعي في أصول الفقه بوجوب العمل به عند حصول الثقة به وقال: لو عرض ما ذكرناه على جملة المحدثين لأبوه وما قطع به هو الذي لا يتجه غيره في الأعصار المتأخرة فإنه لو توقف العمل فيها على الرواية لانسد باب العمل بالمنقول لتعذر شرط الرواية فيها على ما تقدم في النوع الأول اهـ.
وعلى هذا التأويل المذكور هنا يزول التعارض الظاهري بين أجزاء كلام ابن الصلاح رحمه الله تعالى وهذا التأويل يحتاج إلى تدبر فلا تبادر بالإنكار رعاك الله.
وتبقى بعض أشياء لعلي أذكرها في موضع آخر يناسبها إن شاء الله وقدره بمنه وكرمه سبحانه وتعالى.
وراجع المخالفين لابن الصلاح رحمه الله النكت لابن حجر رحمه الله 1/266 – 273 ط دار الراية وإرشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد للصنعاني رحمه الله ص 45 – 49 مقدمة المحقق ص 73 – 7 ط الدار السلفية بالكويت تحقيق صلاح الدين مقبول أحمد وراجع لتوجيه رأي ابن الصلاح رحمه الله رسالة تصحيح الحديث عند الإمام ابن الصلاح دراسة نقدية للدكتور حمزة بن عبد الله المليباري حفظه الله.
وللسيوطي رحمه الله رسالة بعنوان التنقيح لمسألة التصحيح لإنزال مخطوطة يسر الله نشرها بفضله وكرمه........آمين.
وقد حاول السيوطي رحمه الله الجمع في رسالته هذه بين رأي ابن الصلاح ورأي غيره بتأويل غيريب ليس هذا محله والله أعلم وهو حسبي والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
المتأخرين أحاديث لم نجد فيها تصحيحا لمن تقدمهم1.
فمن المعاصرين للمصنف أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الملك بن القطان قاضي سجلماسة من الغرب2 مات بها سنة ثمان وعشرين وستمائة صحح في كتابه بيان الوهم والإيهام عدة أحاديث.
منها حديث ابن عمر أنه كان يتوضأ ونعلاه في رجليه ويمسح عليهما ويقول كذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل.
أخرجه أبو بكر البزار في مسنده قال: ابن القطان حديث صحيح.
ومنها حديث أنس كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون الصلاة فيضعون جنوبهم فمنهم من ينام ثم يقوم إلى الصلاة.
رواه هكذا قاسم بن أصبغ وصححه ابن القطان.
وقال وهو كما ترى صحيح.
وممن صحح من المعاصرين له أيضا الحافظ ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي فجمع كتابا سماه المختارة التزم فيه الصحة فصحح فيه أحاديث لم سيبق إلى تصحيحها وتوفي في السنة التي مات فيها المصنف سنة ثلاث وأربعين وستمائة.
قال الحافظ ابن كثير: "وهذا الكتاب إعني المختارة لم يتم وكان بعض الحفاظ من مشايخنا يرجحه على مستدرك الحاكم".
وصحح بعده أيضا الحافظ زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي المنذري حديثا في جزء له جمع فيه ما ورد فيه "غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" وتوفي الزكي سنة ست وخمسين وستمائة.
ثم صححت الطبقة التي تلي هذه أيضا فصحح الحافظ شرف الدين عبد المؤمن بن خلف الدمياطي حديث جابر مرفوعا "ماء زمزم لما شرب له" في جزء جمعه في ذلك أورده من رواية عبد الرحمن بن أبي الموالي عن محمد بن المنكدر عن
1 ومن هؤلاء الذين صححوا وحسنوا الإمام ابن الصلاح رحمه الله، فلا اعتراض عليه إذا؛ والله أعلم.
2 هكذا في خط، وفي ع:"المغرب".
جابر ومن هذه الطريق رواه البيهقي في شعب الإيمان وإنما المعروف رواية عبد الله بن المؤمل عن ابن المنكدر كما رواه ابن ماجه وضعفه النووي وغيره من هذا الوجه وطريق ابن عباس أصح من طريق جابر.
ثم صححت الطبقة التي تلي هذه وهم شيوخنا فصحح الشيخ تقي الدين السبكي رحمه الله حديث ابن عمر في الزيارة في تصنيفه المشهور.
ولك أن تقول وليس من تجاسر على التصحيح وصحح يكون حجة على المؤلف إذ لا يلزم أن يكون ما صححه هؤلاء المتأخرون صحيحا عند المتقدمين.
قال الثالثة: أول من صنف الصحيح البخاري أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي مولاهم وتلاه أبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري القشيري من أنفسهم ومسلم مع أنه أخذ عن البخاري واستفاد منه يشاركه في أكثر شيوخه وكتاباهما أصح الكتب بع كتاب الله العزيز وأما ما رويناه عن الشافعي رضي الله عنه من أنه قال: ما أعلم في الأرض كتابا في العلم أكثر صوابا من كتاب مالك ومنهم من رواه بغير هذا اللفظ1 فإنما قال: ذلك قبل وجود كتابي البخاري ومسلم ثم إن كتاب البخاري أصح الكتابين صحيحا وأكثرهما فوائد.
واما ما رويناه عن أبي علي الحافظ النيسابوري أستاذ الحاكم أبي عبد الله الحافظ من أنه قال: ما تحت أديم السماء كتابا أصح من كتاب مسلم بن الحجاج فهذا وقول من فضل من شيوخ المغرب كتاب مسلم على كتاب البخاري إن كان المراد به أن كتاب مسلم يترجح بأنه لم يمازجه غير الصحيح فإنه ليس فيه بعد خطبته إلا الحديث الصحيح مسرودا غير ممزوج بمثل ما في كتاب البخاري في تراجم أبوابه من الأشياء التي لم يسندها على الوصف المشروط في الصحيح2
1 في حاشية خط: "قد روي عنه: ما علي الأرض بعد كتاب الله أصح من كتاب مالك
2 فيه نظر، فقد روي مسلم في الشواهد عم جماعة ليسوا علي شرط الصحيح وهذا مقرر قي مقدمة صحيح مسلم رحمه الله من كلام مسلم نفسه إلا أن يقال: إن الشواهد ليست من شرط الصحيح ويجاب عنه بأن تراجم البخاري وما يقع فيها ليست من شرطه أيضا والله أعلم. وراجع: التقييد للعراقي رحمه الله.
فهذا لا بأس به وليس يلزم منه أن كتاب مسلم أرجح فيما يرجع إلى نفس الصحيح على كتاب البخاري وإن كان المراد به أن كتاب مسلم أصح صحيحا فهذا مردود على من يقوله انتهى.
اعترض عليه من وجوه:
أحدها: أن مالكا متقدم بالتصنيف على البخاري.
وجوابه: أن مالكا وإن تقدم إلا أنه ما أفرد الصحيح والبخاري أفرده فإن في كتاب مالك المرسل والمنقطع والبلاغات حتى قال: ابن عبد البر في التمهيد عقب قول مالك بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول "إذا نشأت1 بحرية يعني السحاب ثم تشاءمت فتلك عين غديقة.
ثم قال: كل بلاغات مالك في موطأه مسندة إلا أربعة أحاديث فإنها لم توجد في شيء من كتب العلماء إلا في الموطأ أو من نلقها منه كالشافعي في كتاب الاستسقاء عن إبراهيم بن أبي يحيى عن إسحاق بن عبد الله أن النبي - قال: "إذا نشأت بحرية ثم أستحالت شامية فهو أمطر لها" الحديث.
الثاني: قوله صلي الله عليه وسلم: "إني أنسى أو أنسى لأسن".
الثالث: قول معاذ آخر ما أوصاني به رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وضعت رجلي في الغرز أن حسن خلقك للناس يا2 معاذ بن جبل.
الرابع: "أنه صلي الله عليه وسلم رأى أعمار الناس أو ما شاء الله منها فكأنه تقاصر أعمار أمته فأعطاه الله ليلة القدر".
هكذا قال: ابن عبد البر3.
1 هكذا في خط، وفي "الموطأ" وكتابي ابن عبد البر "التمهيد" و "الإستذكار":"أنشأت" بإثبات الألف في أولها.
2 غير واضحة في خط وهي في "الموطأ" وكتابي ابن عبد البر.
3 لم أجد هذا القول في التمهيد "24/ 377 - 381" و "الإستذكار""7/160 - 166" كلاهما لابن عبد البر رحمه الله تعالي عقب الأثر المذكور بهذا النص لكن ذكر ابن عبد البر في التمهيد الأثر الثاني الآتي هنا ثم قال "24/ 375" أما هذا الحديث بهذا اللفظ فلا أعلمه يروي عن النبي صلي الله عليه وسلم بوجه من الوجوه مسندا ولا مقطوعا من غير هذا الوجه والله أعلم وهو أحد الأحاديث الأربعة في الموطأ التي =
واعترض عليه الحافظ إسماعيل بن عبد المحسن الأنماطي في جزء أسندها فيه فقال أما الحديث الأول فأخرجه أبو بكر بن أبي الدنيا بإسناده إلى محمد بن يحيى بن أبي حاتم الأزدي قال: حدثنا محمد بن عمر ثنا عبد الحكم بن عبد الله بن أبي فروة قال: سمعت عوف بن الحارث يقول سمعت عائشة رضي الله عنها تقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إذا أنشأت السماء بحرية ثم تشاءمت فتلك عين" أو قال: عام غديقة يعني مطرا كثيرا.
ذكره ابن أبي الدنيا في كتابه المطر والرعد والبرق.
ثم اعترض الحافظ إسماعيل أيضا على ابن عبد البر حكايته عن الشافعي عن إبراهيم بن أبي يحيى مع أن الشافعي ما صرح بإبراهيم وإنما قال: حدثني من لا أتهم وكأن ابن عبد البر اعتمد في ذلك على قول الربيع بن سليمان إن
= لا توجد في غيره مسندة ولا مرسلة والله أعلم.
وذكر الأثر الثالث هنا ثم قال "24/300" وهو مع هذا منقطع جدا ولا يوجد مسندا عن النبي صلي الله عليه وسلم من حديث معاذ ولا غيره بهذا اللفظ والله أعلم.
وذكر الأثر الرابع ثم قال "24/373" لا أعلم هذا الحديث يروي مسندا من وجه الوجوه ولا أعرفه في غير الموطأ مرسلا ولا مسندا وهذا أحد الأحاديث التي إنفرد بها مالك ولكنها رغائب وفضائل وليست أحكاما ولا بني عليها في كتاب ولا في موطئه حكما.
وقال عقب الأثر الول: "هذا حديث لا أعرفه بوجه من الوجوه في غير الموطأ إلا ما ذكره الشافعي في كتاب الإستسقاء ،
قلت: ثم وجته ذكر الأثر الرابع هنا في ليلة القدر من كتاب الإستذكار "10/341""688" ثم قال: "لا أعلم هذا الحديث يروي مسندا ولا مرسلا من وجه الوجوه
إلا ما في الموطأ وهو أحد الأربعة الأحاديث التي لا توجد في غير الموطأ.
أحدها: "إني لأنسي أة أنسي".
والثاني: "إذا نشأت بحرية".
والثالث: "حسن خلقك للناس يا معاذ بن جبل".
والرابع هذا.
وليس منها حديث منكر ولا ما يدفعه أصل "أهـ؛ والله أعلم.
الشافعي إذا قال: حدثنا الثقة يريد يحيى بن حسان وإذا قال: من لا أتهم فهو إبراهيم بن أبي يحيى وإذا قال: بعض الناس يريد أهل العراق وإذا قال: بعض أصحابنا يريد أهل الحجاز فالشافعي لم ينص على أن مراده بمن لا يتهم هو إبراهيم بن أبي يحيى فلا يحل لأحد أن ينسبه إلى الشافعي إلا أن يكون الشافعي قد نص على ذلك ولهذا اختلف العلماء في مراد الشافعي بالثقة ونحوه فقال الربيع ما تقدم وقال البيهقي1 تفطن لذلك شيخنا أبو عبد الله فقال غالب الظن أنه إذا قال: أنا الثقة قد يريد إسماعيل بن علية وقد يريد أبا أسامة وقد يريد عبد العزيز بن محمد وقد يريد هشام بن يوسف الصنعاني وقد يريد أحمد بن حنبل ولا يكاد يعرف ذلك باليقين.
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل سمعت أبي وذكر الشافعي فقال ما استفاد منا أكثر مما استفدنا منه قال: عبد الله وكل شيء في كتب الشافعي حدثني الثقة عن هشيم وعن غيره فهو أبي.
وقال أبو الحسن محمد بن الحسين بن إبراهيم الآبري سمعت بعض أهل المعرفة بالحديث يقول إنما يعرف مراد الشافعي رضي الله عنه بالثقة بشيخه الذي يروى عنه فإذا قال: أخبرني الثقة عن ابن أبي ذئب فهو ابن أبي فديك وإذا قال: أنا الثقة عن الليث فهو يحيى بن حسان وإذا قال: الثقة عن الوليد بن كثير فهو أبو أسامة وإذا قال: الثقة عن الأوزاعي فهو عمرو بن أبي سلمة وإذا قال: الثقة عن صالح مولى التوأمة فهو إبراهيم بن أبي يحيى.
قال ابن عبد البر وإذا قال: مالك أنبا الثقة عن بكير بن عبد الله الأشج فالثقة مخرمة بن بكير وحيث قال: عن الثقة عن عمرو بن شعيب فقيل الثقة عبد الله ابن وهب وقيل الزهري.
وقد اختلف العلماء في قول الراوي حدثني الثقة أو أخبرني من لا أتهم أو نحو ذلك ولم يسمه هل يكون ذلك توثيقا له أم لا فقال أبو حنيفة يكون توثقيا له وتقبل كما في المرسل والصحيح خلافه.
1 راجع المعرفة للبيهقي "5/200 - 201 - ط: قلعجي" باب: "أي ريح يكون بها المطر" من كتاب الإستسقاء.
وقال الخطيب إذا قال: العالم كل من أروي لكم عنه وأسميه فهو عدل رضى مقبول الحديث كان ذلك تعديلا لكل من روى عنه وسماه واختار بعض المحققين أنه إن كان عالما كمالك والشافعي فإن ذلك يكون تعديلا وإلا فلا.
وأما الحديث الثاني: فإن المعترض قال: بحثت عنه فلم أظفر به غير أن بعض طلبة الحديث ذكر لي أنه وجده مسندا ولم يحضر ما يدل على قوله.
وأما الحديث الثالث: فإنه خرجه ابن أبي الدنيا أيضا في كتابه المسمى بالتقوى بسنده إلى معاذ قلت يا رسول صلي الله عليه وسلم أوصني قال: "أتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن" وأخرجه أيضا الطبراني في مسند معاذ بن جبل بسنده إلى عبد الله بن عمرو بن العاص أن معاذا أراد سفرا فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصني قال: "أعبد الله ولا تشرك به شيئا قال: زدني قال: إذا أسأت فأحسن فقال زدني قال: استقم وليحسن خلقك" وذكر له طرقا غير هذه.
واما الحديث الرابع: فأخرجه أيضا ابن مندة بسنده إلى النبي صلي الله عليه وسلم.
الاعتراض الثاني: على قوله وتلاه أبو الحسين مسلم اعترض بقول أبي الفضل أحمد بن سلمة كنت مع مسلم في تأليف هذا الكتاب سنة خمس ومائتين فيكون متقدما على البخاري وقد تصحف على المعترض فأسقط ياء ونونا وإنما هي خمسون ومائتان ويعرف ذلك بالتاريخ فمولد مسلم سنة أربع ومائتين وتوفي سنة إحدى وستين ومائتين ومولد البخاري سنة أربع وتسعين ومائة وتوفي سنة ست وخمسين ومائتين.
الثالث: أنه أقر من فضل كتاب مسلم على البخاري بأنه لم يمازجه بعد الخطبة غير الصحيح وهذا ليس بجيد فقد مزجه بغيره قال: في كتاب الصلاة بسنده إلى يحيى بن أبي كثير أنه قال: "لا يستطاع العلم براحة الجسم".
وجوابه أن هذا نادر في كتاب مسلم بخلاف البخاري1.
1 راجع التعليق السابق قريبا علي كلام ابن الصلاح رحمه الله.
ثم اختلفوا في المراد بقولهم على شرط البخاري أو مسلم فقال محمد بن طاهر شرطهما أن يخرجا المجمع على ثقة نقلته إلى الصحابي.
ورد بأن النسائي ضعف جماعة أخرج لهم الشيخان او أحدهما1.
وقال الحازمي شرط البخاري أن يخرد ما اتصل إسناده بالثقات الملازمين لمن أخذوا عنه ملازمة طويلة ولم يشترط مسلم طول الملازمة إلا إذا لم يسلم الذي أخرج عنه من غوائل الجرح فإنه يشترط طولها كحماد بن سلمة في ثابت البناني وأيوب.
وقال النووي المراد بذلك أن يكون رجال إسناده في كتابيهما لأنه ليس لهما شرط في كتابيهما ولا في غيرهما وعلى هذا جرى ابن دقيق العيد فإنه ينقل تصحيح حديث عن الحاكم ثم يستدرك عليه بأن فيه فلانا ولم يخرج له البخاري وكذلك فعل الذهبي في مختصر المستدرك وليس بجيد منهما لأن الحاكم لم
1 لم بنفرد النسائي رحمه الله بذلك بل شاركه غيره من النقاد وفي الصحيحين غير واحد من الضعفاء بل بعض هؤلاء ممن أقر البخاري ومسلم بضعفهم كما في ترجمة سهيل ابن أبي صالح وعباد بن راشد التميمي وعبد الله بن جعفر بن غيلان الرقي من "هدي الساري" لابن حجر مثلا بالنسبة للبخاري وأقر مسلم رحمه الله بضعف سويد بن سعيد وأحمد بن عبد الرحمن بن وهب ابن أخي عبد الله بن وهب ك1لك.
وأعلم أنه لا يحسن أن تقول في رواية هؤلاء وأشباههم "ضعيف رواه البخاري" أ "ضعيف رواه مسلم" ونحو ذلك مما جري علي ألسنة بعض الناسلأمور منها
أن وجود الضعيف في الإسناد يعني بالضرورة ضعيف المتن لإمكان وروده من وجه آخر وهذا مشهور وقد يحفظ الضعيف بعض الحاديث كما قد يصدق الكذوب ولربما حكم للضعيف علي من هة أوثق منه عند الإختلاف كما حكم لقيس بن الربيع علي شعبة في بعض الأحاديث راجع علل ابن أبي حاتم رحمه الله "2/95"
"1777".
ولذلك نظائر أخري تأتي إن شاء الله تعالي في غير هذا الموضع.
وقد ينتخبا لبعض الرواة بعض الروايات دون بعض كما هو الحال بالنسبة لإسماعيل بن أبي أويس وغيره وقد يطرأ الضعف علي الراوي بعد رواية صاحب الصحيح عنه كما وقع لمسلم مع ابن أخي عبد الله بن وهب وكذلك الحال في سعيد بن أبي عروبة وغيره ممن طرأ عليهم التغير والإختلاط في آخر أمرهم فلا يقدح ذلك فيما رواه حال سلامتهم إلي آخر ما ينبغي التفطن له عند المطالعة في الصحيحين خشية الإنزلاق والله الموفق.
يلتزم أنه لايخرج إلا عن رجال مسلم والبخاري بل قال: في الخطبة أخرج أحاديث رواتها ثقات احتج بمثلها الشيخان أو أحدهما وعبارة ابن كثير والبخاري أرجح لأنه اشترط في إخراجه1 أن يكون الرواي قد عاصر شيخه وثبت عنده سماعه منه ولم يشترط مسلم الثاني: بل اكتفى بمجرد المعاصرة ومن هنا2 ينفصل النزاع في ترجيح البخاري3 كما قاله الجمهور.
قال الرابعة: لم يستوعبا الصحيح في صحيحيهما ولا التزما ذلك فقد روينا عن البخاري أنه قال: ما أدخلت في كتاب الجامع إلا ما صح وتركت من الصحاح لحال4 الطول وروينا عن مسلم أنه قال: ليس كل شيء عندي صحيح وضعته هاهنا يعني في كتابه الصحيح إنما وضعت هاهنا ما أجمعوا عليه.
قال المملي أبقاه الله تعالى5 أراد والله أعلم أنه لم يضع في كتابه إلا الأحاديث التي وجد عنده فيها شرائط الصحيح المجمع عليه وإن لم يظهر اجتماعها في بعضها عند بعضهم ثم إن أبا عبد الله بن الأخرم الحافظ قال: قلما يفوت البخاري ومسلما مما يثبت من الحديث يعني في كتابيهما ولقائل أن يقول ليس ذلك بالقليل فإن المستدرك على الصحيحين للحاكم أبي عبد الله كتاب كبير مشتمل6 مما فاتهما على شيء كثير وإن يكن عليه في بعضه مقال
1 هكذا في خط وفي "إختصار علوم الحديث" لابن كثير "1/103 - مع الباعث""في إخراجه الحديث في كتابه هذا أن"
2 هكذا في خط وعند ابن كثير "هاهنا".
3 هكذا في خط وعند ابن كثير "ترجيح تصحيح البخاري علي مسلم كما هو قول الجمهور".
4 هكذا في خط وش، وفي ع:"الملال".
5 في ع: "قلت" وفي ش: "قال الشيخ رضي الله عنه".
6 هكذا في خط وفي ش وع: "يشتمل" بمثناة تحتانية في أوله.
فإنه يصفو له منه صحيح كثير وقد قال: البخاري أحفظ مائة ألف حديث صحيح ومائتي ألف حديث غير صحيح وجملة ما في كتابه الصحيح سبعة آلاف ومائتان وخمسة وسبعون حديثا بالأحاديث المكررة وقد قيل إنها بإسقاط المكررة أربعة آلاف حديث1 إلا أن هذه العبارة قد يندرج تحتها عندهم آثار الصحابة والتابعين وربما عد الحديث الواحد المروي بإسنادين حديثين ثم إن الزيادة في الصحيح على ما في الكتابين يتلقاها طالبها مما اشتمل عليه أحد المصنفات المعتمدة المشهورة2 لأئمة الحديث كأبي داود السجستاني وأبي عيسى الترمذي وأبي عبد الرحمن النسائي وأبي بكر بن خزيمة وأبي الحسن الدارقطني وغيرهم منصوصا على صحته فيها ولا يكفي في ذلك مجرد كونه موجودا في كتاب أبي داود وكتاب الترمذي وكتاب النسائي وسائر من جمع في كتابه بين الصحيح وغيره ويكفي مجرد كونه موجودا في كتب من اشترط منهم الصحيح فيما جمعه ككتاب ابن خزيمة وكذلك ما يوجد في الكتب المخرجة على كتاب البخاري وكتاب مسلم ككتاب أبي عوانة الإسفراييني وكتاب أبي بكر الإسماعيلي وكتاب أبي بكر البرقاني وغيرها من تتمة لمحذوف أو زايدة شرح في كثير من أحاديث الصحيحين وكثير من هذا موجود في الجمع بين الصحيحين لأبي عبد الله الحميدي واعتنى الحاكم أبو عبد الله الحافظ بالزيادة في عدد الحديث الصحيح على ما في الصحيحين وجمع ذلك في كتاب سماه المستدرك أودعه ما ليس في واحد من الصحيحين مما رآه على شرط الشيخين قد أخرجا عن رواته في كتابيهما
1 في حاشية خط: "قال الشيخ "وهكذا صحيح مسلم نحو أربع آلاف حديث بإسسقاط المكرر فيه روينا عن أبي موسي "هكذا في ش وفي خط: أبي قريش خطأ"
الحافظ قال: كنت عند أبي زرعة الرازي فجاء مسلم بن الحجاج فسلم عليه فلما أن قام قلت له ولم ترد في ش هذا جمع أربعة حديث من في ش في الصحيح فقال: فلمن "في ش: لمن" ترك الباقي" "زاد في ش: والله أعلم".
وهذه حاشية المؤلف ابن الصلاح رحمه الله وقد وردت علي إحدي نسخ المقدمة.
2 هكذا في خط وع وفي ش: "المشتهرة".
أو على شرط البخاري وحده أو على شرط مسلم وحده وما أدى اجتهاده إلى تصحيحه وإن لم يكن على شرط واحد منهما وهو واسع الخطو في شرط الصحيح متساهل في القضاء به.
فالأولى أن نتوسط في أمره فنقول ما حكم بصحته ولم نجد ذلك فيه لغيره من الأئمة إن لم يكن من قبيل الصحيح فهو من قبيل الحسن يحتج به ويعمل به إلا أن تظهر فيه علة توجب ضعفه ويقاربه في حكمه صحيح أبي حاتم بن حبان البستي رحمهم الله انتهى.
ابن الأخرم هو أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن الأخرم شيخ الحاكم.
قال النووي في التقريب والصواب أنه لم يفت الخسمة إلا اليسير يعني البخاري ومسلما وأبا داود والترمذي والنسائي.
وخالفه ابن كثير فقال يوجد ذلك كثيرا في المسانيد والمعاجم كمسند أحمد وأبي يعلى ومعجم الطبراني وكذا في الأجزاء وغير ذلك لمن أمعن النظر في سنده ومتنه وكان أهلا للتصحيح وفاقا للنوري وخلافا للمصنف
وقوله: في أحاديث البخاري: قيل أربعة آلاف وبالمكرر كذا هذه رواية الفربري وأما رواية حماد بن شاكر فهو دونها بمائتي حديث ودون هذه بمائة حديث أي إبراهيم بن معقل ولم يذكر عدة أحاديث مسلم1 قال: النووي هي نحو أربعة آلاف بإسقاط المكرر أي وبالمكرر اثنا عشر ألفا قاله أبو الفضل أحمد بن سلمة وهو يزيد على عدة كتاب البخاري لكثرة طرقه.
وقوله: إلا أن ينص ذلك المصنف على صحته هذا بناء على مذهبه في امتناع التصحيح في هذا العصر بل لو نص أحد ممن له ذلك على صحة إسناد كما في سؤالات يحيى بن معين وسؤالات الإمام أحمد وغير ذلك كفى في صحته.
1 هكذا ذكر العراقي في التقييد وتابعه الأبناسي رحمهما الله مع أن ابن الصلاح ذكر عدة صحيح مسلم في حاشية كتابه كما سبق.
وقوله: وكثير من هذا موجود في الجمع بين الصحيحين للحميدي يقتضي ان ما وجد من زيادات الحميدي على الصحيحين يحكم بصحته وليس كذلك فإن المستخرجات المذكورة قد رووها بأسانيدهم الصحيحة فكانت الزيادات التي تقع فيها صحيحة لوجودها بإسناد صحيح في كتاب مشهور وأما الذي زاده الحميدي فإنه لم يروه بإسناده حتى ننظر فيه1 ولا أظهر لنا اصطلاحا أنه يزيد فيه رواية التزم فيها الصحة فنقلده2 فيها وليست الزوائد في واحد من الكتابين فهي غير مقبولة حتى توجد في غيره بإسناد صحيح وقد نص المصنف بعد هذا على أن من نقل شيئا من زيادات الحميدي على الصحيحين أو أحدهما فهو مخطئ.
واعترض بعضهم على قول المصنف: إن الحاكم اودع في المستدرك أحاديث لم تكن في واحد من الصحيحين مع أن فيه أحاديث كثيرة موجودة فيهما كما بينه الذهبي في مختصر المستدرك.
من ذلك حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا لا تكتبوا عني شيئا سوى القرآن خرجه الحاكم وهو في صحيح مسلم قال: ابن كثير وفي المستدرك أنواع من الحديث كثيرة فيه الصحيح المستدرك وهو قليل وفيه صحيح خرجاه أو أحدهما لم يعلم به الحاكم وفيه الحسن والضعيف والموضوع وقد بين ذلك الذهبي وجمع ما فيه من الموضوع فبلغ قريبا من مائة حديث.
وفهم بعضهم من قوله: ويقاربه في حكمه صحيح ابن حبان ترجيح كتاب الحاكم على كتاب ابن حبان وليس ذلك بمراد له بل أراد أنه يقاربه في التساهل فالحاكم أشد تساهلا منه.
وقال الحازمي ابن حبان أمكن في الحديث من الحاكم.
قال ابن كثير إن ابن خزيمة وابن حبان التزما الصحة وهما خير من المستدرك بكثير وأنظف أسانيد ومتونا.
1 هكذا في خط وفي ع: "ينظر فيه".
2 في ع: "فيقلد فيها".
قال الخامسة: الكتب المخرجة على كتاب البخاري أو كتاب مسلم لم يلتزم مصنفوها فيها موافقتها في ألفاظ الأحاديث بعينها من غير زيادة ونقصان لكونهم رووا تلك الأحاديث من غير جهة البخاري ومسلم طلبا لعلو الإسناد فحصل فيها بعض التفاوت في الألفاظ وهكذا ما أخرجه المؤلفون في تصانيفهم المستقلة كالسنن الكبير للبيهقي وشرح السنة لأبي محمد البغوي وغيرهما مما قالوا فيه أخرجه البخاري أو مسلم فلا نستفيد1 بذلك أكثر من أن البخاري أو مسلما أخرج أصل ذلك الحديث مع احتمال أن يكون بينهما تفاوت في اللفظ وربما كان تفاوتا في بعض المعنى فقد وجدت في ذلك ما فيه بعض التفاوت من حيث المعنى.
وإذا كان الأمر في ذلك على هذا فليس لك أن تنقل حديثا منها وتقول هو على هذا الوجه في كتاب البخاري أو2 كتاب مسلم إلا أن تقابل لفظة أو يكون الذي خرجه قد قال: أخرجه البخاري بهذا اللفظ بخلاف الكتب المختصرة من الصحيحين فإن مصنفيها نقلوا فيها ألفاظ الصحيحن أو أحدهما غير أن الجمع بين الصحيحن للحميدي الأندلسي منها يشتمل على زيادة تتمات لبعض الأحاديث3 كما قدمنا ذكره فربما نقل من لا يميز بعض ما يجده فيه عن الصحيحين او أحدهما وهو مخطئ لكونه من تلك الزيادات التي لا وجود لها في واحد من الصحيحين.
ثم إن التخاريج المذكورة على الكتابين يستفاد منها فائدتان.
إحداهما: علو الإسناد.
والثانية: الزيادة في قدر الصحيح لما يقع فيها من ألفاظ زائدة وتتمات في بعض الأحاديث تثبت4 صحتها بهذه التخاريج لأنها واردة بالأسانيد الثابتة.
1 في ش وع: "يستفاد".
2 في ع: "أوفي".
3 في ش "الحديث"
4 في ع: "يثبت" بمثناة تحتانية.
في الصحيحين أو أحدهما وخارجه من ذلك المخرج الثابت والله أعلم انتهى.
أهمل المصنف فائدة ثالثة: وهي تكثير طرق الحديث ليرجح بها عند التعارض فالاستخراج عبارة عن أن يأتي المصنف إلى كتاب البخاري مثلا فيخرج أحاديثه بأسانيد لنفسه من غير طريق البخاري فيجتمع إسناد المصنف مع إسناد البخاري في شيخه أو من فوقه كالمستخرج على صحيح البخاري لأبي بكر الإسماعيلي ولأبي بكر البرقاني ولأبي نعيم الأصبهاني والمستخرج على صحيح مسلم لأبي عوانة ولأبي نعيم أيضا ولم يلتزم المستخرج لفظ الكتاب الذي خرج عليه فلهذا لا يعزى منها شيء إلى البخاري مطلقا إلا بالشرط المتقدم.
وفائدة علو الإسناد أن المستخرج لو روى حديثا من طريق البخاري لوقع أنزل من طريقه.
مثاله حديث في مسند أبي داود الطيالسي فلو رواه أبو نعيم من طريق البخاري كان بينه وبين أبي داود أربعة شيخان بينه وبين البخاري والبخاري وشيخه وإذا رواه من غير طريق البخاري كان بين أبي نعيم وبين أبي داود رجلان فقط فإن أبا نعيم سمع مسند أبي داود على ابن فارس بسماعه من يونس بن حبيب بسماعه منه مع ان البخاري لم يرو عن أصحاب أبي داود عنه وإنما علق عنه ولم يسمع.
قال السادسة ما أسنده البخاري ومسلم في كتابيهما بالإسناد المتصل فذلك الذي حكما بصحته بلا إشكال واما الذي1 حذف من مبتدإ إسناده واحد او أكثر وأغلب2 ما وقع ذلك في كتاب البخاري وهو في كتاب مسلم قليل جدا ففي بعضه نظر وينبغي أن نقول ما كان من ذلك ونحوه بلفظ فيه جزم وحكم به على من علقه عنه فقد حكم بصحته عنه.
1 في ش: "وأما المعلق الذي" وفي بعض نسخ المقدمة وع: "وأما المعلق وهو الذي".
2 في ع: "فأغلب".
مثاله قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا قال: ابن عباس كذا قال: مجاهد كذا قال: عفان كذا قال: القعنبي كذا روى أبو هريرة كذا وكذا وما أشبه ذلك من العبارات.
فكل ذلك حكم منه على من ذكره عنه بأنه قد قال: ذلك ورواه فلن يستجيز إطلاق ذلك إلا إذا صح عنده ذلك1.
ثم إذا كان الذي علق الحديث عنه دون الصحابة فالحكم بصحته يتوقف على اتصال الإسناد بينه وبين الصحابي.
وأما ما لم يكن فيه لفظ2 جزم وحكم مثل روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا أو روى عن فلان كذا أو في الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم كذا وكذا فهذا وما أشبهه من الألفاظ ليس في شيء منه حكم منه بصحة ذلك عمن ذكره عنه لأن مثل هذه العبارات تستعمل في الحديث الضعيف أيضا ومع ذلك فإيراده له في أثناء الصحيح مشعر بصحة أصله إشعارا يؤنس به ويركن إليه.
ثم إن ما يتقاعد من ذلك عن شرط الصحيح قليل جدا3 يوجد في كتاب البخاري في مواضع4 من تراجم الأبواب دون مقاصد الكتاب وموضوعه الذي يشعر به اسمه الذي سماه به وهو الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه وإلى الخصوص الذي بيناه5 يرجع مطلق قوله ما أدخلت في كتاب الجامع إلا ما صح وكذلك مطلق قول الحافظ أبي نصر الوائلي السجزى أجمع أهل العلم6 الفقهاء وغيرهم أن رجلا لو حلف بالطلاق أن جميع ما في كتاب البخاري مما روي عن النبي7 صلى الله عليه وسلم قد صح عنه
1 في ش وع: "ذلك عنه".
2 في ش وع: "في لفظه".
3 ليست في ش وع.
4 سقطت من "ع" فلتستدرك.
5 في ع: "بينا".
6 في ع "القلم" خطأ.
7 في ش: "رسول الله".
ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاله: "لا شك فيه أنه1 لا يحنث والمرأة بحالها في حبالته".
وكذلك ما ذكره أبو عبد الله الحميدي في كتابه الجامع بين الصحيحين2 من قوله لم نجد من الأئمة الماضين من أفصح لنا في جميع ما جمعه بالصحة إلا هذين الإمامين.
فإنما المراد بكل ذلك مقاصد الكتاب وموضوعه ومتون3 الأبواب دون التراجم ونحوها لأن في بعضها ما ليس من ذلك قطعا مثل قول البخاري باب ما يذكر في الفخذ ويروى عن ابن عباس وجرهد ومحمد بن جحش عن النبي صلي الله عليه وسلم: "الفخذ عورة" وقوله: في أول باب من أبواب الغسل وقال بهز4 عن أبيه عن جده عن النبي صلي الله عليه وسلم "الله أحق أن يستحيا منه".
فهذا قطعا ليس من شرطه ولذلك لم يورده الحميدي في جمعه بين الصحيحين فاعلم ذلك فإنه مهم خاف والله أعلم انتهى.
قال ابن حزم وما وجدنا في كتاب البخاري ومسلم سوى حديثين فيهما وهم5 مع اتقانهما وحفظهما.
فذكر للبخاري حديث شريك عن أنس في الإسراء وأنه قبل أن يوحى إليه وفيه شق صدره.
قال ابن حزم والآفة من شريك.
وذكر لمسلم حديث عكرمة بن عمار عن أبي زميل عن ابن عباس كان
1 ليست في ش وع.
2 في ش: "الجمع بين الصحيحين".
3 في ش: "وفنون".
4 في ش وع: "بهز بن حكيم".
5 طعن ابن حزم رحمه الله في أكثر من ذلك من أحاديث الصحيحين ولم يحسن بالمؤلف رحمه الله سياق كلام ابن حزم بلا تعقيب وجواب عم ذلك وقد أجبت عن ذلك في غير هذا الموضع.
وحاصل الأمر: أن البخاري ومسلما لا يخرجا في أصولهما ما يتجه إليه القدح وقد يقع ذلك في الشواهد والمتابعات والتي لم يشترط فيها الصحة وهذا واضح من كلام مسلم رحمه الله في مقدمة "صحيحه"
المسلمون لا ينظرون إلي أبي سفيان فقال للنبي صلي الله عليه وسلم: "ثلاث أعطينهن" قال: "نعم" قال: عندي أحسن العرب وأجمله ام حبيبة بنت أبي سفيان أزوجكها قال: "نعم".
قال ابن حزم هذا حديث موضوع لا شك في وضعه والآفة فيه من عكرمة بن عمار.
وقوله: وذلك كثير في البخاري وقليل في مسلم جدا أي أن فيهما مواضع لم يصلاها1 بإسنادها بل قطعا أول أسانيدها مما يليهما وليس في مسلم منها سوى موضع واحد في التيمم حديث أبي الجهيم بن الحارث بن الصمة أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل الحديث فقال مسلم وروى الليث ابن سعد ولم يوصل سنده إلى الليث وقد أسنده البخاري عن يحيى بن بكير عن الليث قال: حدثني جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج عن عمير مولى ابن عباس أنه سمعه يقول أقبلت أنا وعبد الله بن يسار مولى ميمونة حتى دخلنا على أبي الجهيم فقال أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل الحديث مع أن في مسلم غير هذا مواضع يسيرة كقوله في البيوع وروى الليث بن سعد حدثني جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن بن هرمز عن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه أنه كان له مال على عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي الحديث.
وقال مسلم في الحدود وروى الليث أيضا عن عبد الرحمن بن خالد بن مسافر عن ابن شهاب بهذا الإسناد مثله.
=وقد يذكر بعض الأحاديث ليبينا علتها كا أشار الشيخ بن هادي الوادعي حفظه الله أثناء تقديمه لكتابي "الإلزامات
والتتبع" للدار قطني رحمه الله تعالي.
وهذا إختيار القاضي عياض وغيره من شراح الصحيحين أو أحدهما وهو ما وعد به مسلم رحمه الله في مقدمة صحيحه فإذا رايت عندهما أو أحدهما حديثا مطعونا فيه فانظر إلي كيفية إخراج صاحب الصحيح له فأكثر ما ينتقد عليهما هو مما ذكراه في الشواهد أو ذكراه ليبينا علته فلا تهجم قبل النظر رعاك الله.
1 في خط: "يصلوها" - خطأ.
وهذان الحديثان رواهما قبل ذلك بإسناده المتصل ثم عقبهما بهذين الإسنادين المعلقين فليس ذلك من باب التعليق في شيء فليس فيه من التعليق غير حديث أبي الجهيم1 وقد وصله البخاري والنسائي أيضا قال: حدثنا الربيع بن سليمان المرادي صاحب الشافعي قال: حدثنا شعيب بن الليث عن أبيه وكذا وصله غيرهما.
وأول من نبه على ما وقع في مسلم الحافظ أبو عبد الله محمد بن علي التميمي المازري فنبة على أربعة عشر حديثا جمعها الحافظ رشيد الدين يحيى بن علي بن العطار وزاد عليها عشرين حديثا غير ما وقع فيه من المرسل والمكاتبة والوجادة جمع ذلك في كتاب سماه غرر الفوائد المجموعة في بيان ما وقع في مسلم من الأحاديث المقطوعة وكذا استدرك عليه الدارقطني مواضع جمع ذلك كله الحافظ العراقي فسح الله في مدته وكلها مسندة صحيحة وصلها مسلم كلها إلا حديث أبي الجهيم المتقدم واسمه عبد الله بن الحارث بن الصمة أنصاري ويقال فيه أيضا أبو الجهم بفتح الجيم والمشهور تصغيره2 ووقع في مسند مسلم عبد الرحمن بن يسار وصوابه عبد الله بن يسار كما تقدم وكما رواه البخاري وأبو داود والنسائي ويسار مولى ميمونة زوج النبي صلي اله عليه وسلم وبنوه أربعة عبد الله وعطاء وسليمان وعبد الملك3.
ومن المرسل ما أورده في كتاب البيوع قال: فيه حدثني محمد بن رافع حدثنا حجين حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة والمحاقلة.
ثم قال: وأخبرني سالم بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تبتاعوا الثمر حتى يبدو صلاحه ولا تبيعوا الثمر بالتمر"4.
وقال سالم أخبرني عبد الله عن زيد بن ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه
1 في ع: "أبي الجهيم" بإسقاط المثناة.
2 في حاشية خط: "وأبو الجهيم هذا غير أبي الجهيم صاحب الإنبجانية". قلت: يشير إلي ما ورد في الحديث من ذكر: "أنبجانية أبي جهم".
3 في حاشية خط: "وقع في شرح مسلم" وهم أربعة وجعل مكان سليمان: عبد الرحمن
4 الأولي بالمثلثة بمثناة فوقية.
رخص بعد ذلك في بيع العرية بالرطب أو بالتمر ولم يرخص في غير ذلك.
فالحديثان الأولان مرسلان والثالث: متصل وإنما ذكره مسلم لأنه سمعه حديثا واحدا من محمد بن رافع فاختار ذكر جميع الحديث بتمامه مع أنه قد أسند الحديثين فأسند الأول من حديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة وأسند الثاني: من حديث ابن1 عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه وكذلك وصله البخاري من الوجه الذي أرسله مسلم.
وفيه من الوجادة حديث أخرجه في كتاب الفضائل قال: فيه حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: وجدت في كتابي عن أبي أسامة عن هشام عن أبيه عروة عن عائشة قالت إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتفقد يقول: "أين أنا اليوم؟ أين أنا غدا؟ " استبطاء ليوم عائشة.
قالت: فلما كان يومي قبضه الله تعالى بين سحري ونحري".
ولم يخرجه إلا في هذا الموضع وحده وقد أخرجه البخاري متصلا من غير وجادة قال: ثنا محمد بن حرب ثنا أبو مروان ثنا يحيى بن أبي2 زكريا عن هشام عن أبيه عن عائشة.
ويحيى بن أبي زكريا هذا هو الغساني شامي ربما اشتبه بيحيى بن زكريا بن أبي زائدة لاشتراكهما في الرواية عن هشام بن عروة.
وكذلك حديث في الفضائل أيضا عن أبي بكر بن أبي شيبة قال: وجدت في كتابي عن أبي أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت قال: لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لأعلم إذا كنت علي غضبي أو راضية" الحديث.
وبه قالت: "تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم لست وبنى بي لتسع" الحديث كلاهما وجادة لكنه وصلهما فقال حدثني أبو كريب عن ابي أسامة.
قال الرشيد العطار ووقع في مسلم أيضا أحاديث فوق العشرة مروية بالمكاتبة لم يسمعها الراوي لها ممن كاتبه فهي مقطوعة سماعا متصلة مكاتبة.
1 تكررت في خط: "ابن ابن".
2 سقطت من خط وسيأتي ثانية علي الصواب.
فمنهم من أجاز ذلك بشرط أن يأذن الكاتب للمكتوب له في روايتها كما نص عليه الغزالي في المستصفى وقال الإمام في النهاية كل حديث نسب إلى كتاب ولم يذكر حامله فهو مرسل والشافعي لا يعمل بالمرسل ونقل القاضي عياض عن الجمهور جواز العمل بالمكاتبة وأنها داخلة في المسند.
وقد انتقد الدارقطني على مسلم إخراجه حديث مخرمة بن بكير عن أبيه فإنه لم يسمع من أبيه شيئا إنما روى عن كتب أبيه وقال أحمد مخرمة يقال لم يسمع من ابيه إنما روى من كتابه.
وقد وقعت مناظرة بين الشافعي وإسحاق بن راهويه بحضرة أحمد في جلود الميتة إذا دبغت قال: الشافعي دباغها طهورها لحديث الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة: إنه صلي الله عليه وسلم مر بشاة ميتة فقال "هلا انتفعتم بجلدها"
فقال إسحاق حديث ابن عكيم1: "كتب إلينا النبي صلي الله عليه وسلم قبل موته بشهر "لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب" أشبه أن يكون ناسخا لحديث ميمونة
فقال الشافعي هذا كتاب وذاك سماع قال: إسحاق: كتب النبي صلي الله عليه وسلم إلى كسرى وإلى قيصر وهو حجة عليهم عند الله تعالى فسكت الشافعي فلما سمع أحمد ذلك عمل بحديث ابن عكيم ورجع إسحاق إلى حديث الشافعي وأفتى بحديث ميمونة.
واعترض بعضهم على المصنف بأنه مثل للذي حذف من مبتدإ إسناده واحد او أكثر بقوله: "قال عفان كذا قال: القعنبي كذا".
قال2: وهذا لم يسقط من إسناده أحد لأن عفانا والقعنبي كلاهما من شيوخ البخاري وهذا عجيب وكيف يجهل المصنف هذا وقد نبه عليه بعد وجعله من قبيل المتصل حيث رد على ابن حزم في رابع التعريفات من النوع الحادي عشر كما سيأتي.
وإنما مراده أن يذكر صيغة التعليق من حيث الجملة فقال مثاله قال: رسول الله
1 في خط في الموضعين: "حديث عكيم والصواب ما أثبته وهو عبد الله بن عكيم بضم المهملة في أوله وفتح الكاف وراجع لحديثه هذا: نصب الراية للزيلعي "1/120".
2 يعني: المعترض.
صلى الله عليه وسلم كذا وكذا قال: ابن عباس كذا قال القعنبي كذا روى أبو هريرة كذا ولم يقصد البخاري ولا غيره.
وقد رد الناس على ابن منده قوله1 أخرج البخاري في كتبه الصحيحة وغيرها قال: لنا فلان وهي إجازة وقال فلان وهو تدليس قال: وكذلك مسلم أخرجه على هذا انتهى.
ولم يوافقه أحد على ذلك لأن مسلما لم يقل عن أحد من شيوخه قال: فلان وإنما روى عنهم بالتصريح
وقوله: إذا كان الذي علق عنه الحديث دون الصحابة فالحكم بصحته يتوقف على اتصال الإسناد بينه وبين الصحابي أي إذا كان رجال الإسناد ثقات واحترز بذلك عن نحو قول البخاري وقال بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن النبي صلي الله عليه وسلم: "الله أحق أن يستحيى منه".
قال المصنف بعد هذا وليس ذلك من شرط البخاري قطعا ولهذا لم يذكره الحميدي في جمعه بين الصحيحين
واعترض على قوله ما كان مجزوما به فقد حكم بصحته عمن علقه عنه وما لم يكن مجزوما به فليس فيه حكم بصحته بان البخاري يورد الشيء بصيغة التمريض ثم يخرجه في صحيحه مسندا وقد يجزم بالشيء ولا يكون صحيحا كما قال: في كتاب الصلاة ويذكر عن أبي موسى كنا نتناوب النبي صلي الله عليه وسلم عند صلاة العشاء ثم أسنده في "باب فضل العشاء".
وقال في كتاب الطب ويذكر عن ابن عباس عن النبي صلي الله عليه وسلم في الرقى بفاتحة الكتاب2 وقد وصله بقوله ثنا سيدان بن مضارب ثنا أبو معشر البراء حدثني عبيد الله بن الأخنس عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس به.
وقال في كتاب الإشخاص ويذكر عن جابر ان النبي صلي الله عليه وسلم رد على
1 راجع: "التقييد" للعراقي "ص/ 34".
2 قال البخاري: "ويذكر عن ابن عباس عن النبي صلي الله عليه وسلم". وذكره في" باب الرقي بفاتحة الكتاب" من كتاب "الطب""10/208 - مع الفتح" "باب
رقم/33".
المتصدق صدقته.
قال1: هو حديث صحيح عنده: "دبر رجل عبدا ليس له مال غيره فباعه النبي صلي الله عليه وسلم من نعيم بن النحام".
وقال في كتاب الطلاق ويذكر عن علي بن أبي طالب وابن المسيب وذكر نحوا من ثلاثة وعشرين تابعيا كذا قال: وفيها ما هو صحيح عنده وفيها ما هو ضعيف.
ثم استدل على الضعف بشيء ضعيف بأن قال: قال البخاري في كتاب التوحيد إثر حديث أبي سعيد الناس يصعقون يوم القيامة فإذا أنا بموسى.
قال2: وقال الماجشون عن عبد الله بن الفضل عن أبي سلمة عن أبي هريرة فأكون أول من بعث.
قال3: ورد البخاري بنفسه على نفسه فذكر في أحاديث الأنبياء حديث الماجشون هذا عن عبد الله بن الفضل عن الأعرج عن أبي هريرة وكذا رواه مسلم والنسائي ثم قال: قال أبو مسعود إنما يعرف عن الماجشون عن ابن الفضل عن الأعرج انتهى.
ويالله العجب إذا كان الحديث صحيحا عند البخاري ورواه متصلا بأن جعل مكان أبي سلمة الأعرج فكيف يحكم بضعفه وكيف يقول رد البخاري بنفسه على نفسه.
إذ لا مانع من أن يكون الماجشون له سندان عن شيخه ابن الفضل بأن يكون سمعه منهما ثم رواه مرة عن أبي سلمة ومرة عن الأعرج ولا يحكم على البخاري بالوهم والغلط بقول أبي مسعود الدمشقي فشتان ما بينهما مع ان المصنف لم يقل إن صيغة التمريض لا تستعمل إلا في الضعيف بل في كلامه أنها تستعمل في الصحيح أيضا فاستعمال البخاري لها في موضع الصحيح ليس
1 يعني: المعترض علي الصلاح رحمه الله وراجع: فتح الباري "5/87 - ط: الريان".
2 المعترض.
3 في خطر: "أبي" والصواب ما أثبته.
مخالفا لكلام المصنف فالبخاري حيث علق ما هو صحيح يأتي بصيغة الجزم ولا يعدل عنها إلا لغرض كاختصار بعض الحديث او روايته بالمعنى كحديث أبي موسى.
وأما حديث ابن عباس فإنما لم يجزم به البخاري في الأول لأن فيه والرقية بفاتحة الكتاب وليست هذه اللفظة في الحديث المتصل لا من قوله ولا من فعله صلي الله عليه وسلم ولهذا علقه في كتاب الإجارة وجزم به فقال وقال ابن عباس عن النبي صلي الله عليه وسلم أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله.
وأما حديث جابر فليس المراد به المدبر بل المراد والله اعلم حديثه في الرجل الذي دخل المسجد والنبي صلي الله عليه وسلم يخطب فأمرهم فتصدقوا عليه فجاء في الجمعة الثانية فأمر صلي الله عليه وسلم بالصدقة فتصدق المتصدق عليه بأحد ثوبيه فرده عليه النبي صلي الله عليه وسلم.
وهو حديث ضعيف رواه الدارقطني وهو الذي تأول به الحنفي قصة سليك الغطفاني في أمره بتحية المسجد حين دخل حال الخطبة.
وأما حديث علي فإنه لا اعتراض عليه فيه لأنه إذا جمع بين ما صح وما لم يصح أتى بصيغة التمريض لأنها تستعمل فيه وفي الصحيح أيضا وأما صيغة الجزم فإنها لا تستعمل في الضعيف.
وأما قول الحافظ أبي الوائلي السجزي إنه لو حلف بالطلاق أن جميع ما في البخاري صحيح مما روي عن النبي صلي الله عليه وسلم وأنه قاله إنه لا يحنث قال: الإمام وكذا ما في كتاب مسلم لا أحنثه لإجماع العلماء على صحتهما.
قال المصنف: بل لو حلف على حديث في غيرهما لم يحنث وإن كان راويه فاسقا قاله في القطعة التي عملها في شرح صحيح مسلم.
وقال النووي في شرح مسلم إنه لا يحنث ظاهرا ولا يستحب له التزام الحنث حتى لا1 تستحب له الرجعة بخلاف ما إذا حلف على غير الصحيحين فإنه تستحب له الرجعة2 اعترض عليه أيضا بقوله لأن في بعضها ما ليس من ذلك قطعا أي من الصحيح قال: مثل قول البخاري باب ما يذكر في
1 ليست في ع ولم ترد في شرح مسلم أيضا.
2 هههكذا في خط وع وفي شرح مسلم: "كما لو حلف بمثل ذلك - في غير الصحيحين - فإنه لا نحنثه لكن تستحب له الرجعة احتياطا""وراجع شرح مسلم".
الفخذ ويروى عن ابن عباس وجرهد ومحمد بن جحش عن النبي صلي الله عليه وسلم الفخذ عورة مع أن حديث جرهد صحيح ولا يرد على المصنف لأنه لم ينف صحته مطلقا بل نفى كونه من شرط البخاري مع ان الحديث مضطرب الإسناد فقيل عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد عن أبيه عن جده وقيل عن زرعة عن جده ولم يذكر أباه وقيل عن أبيه عن النبي صلي الله عليه وسلم وقيل غير ذلك وأخرجه أبو داود وسكت عليه والترمذي من طرق وحسنه وقال البخاري حديث أنس أسند وحديث جرهد أحوط.
قال السابعة وإذ انتهى الأمر في معرفة الصحيح إلى ما خرجه الأئمة في تصانيفهم1 الكافلة ببيان ذلك كما سبق ذكره فالحاجة ماسة إلى التنبيه على أقسامه باعتبار ذلك.
فأولها صحيح أخرجه البخاري ومسلم جميعا.
الثاني: صحيح أنفرد به البخاري2.
الثالث: ما انفرد به مسلم3.
الرابع: صحيح على شرطهما ولم يخرجاه.
الخامس: صحيح على شرط البخاري لم يخرجه.
السادس: صحيح على شرط مسلم لم يخرجه.
السابع: صحيح عند غيرهما وليس على شرط واحد منهما.
هذه أمهات أقسامه وأعلاها الأول وهو الذي يقول فيه أهل الحديث كثيرا صحيح متفق عليه يطلقون ذلك ويعنون به اتفاق البخاري ومسلم لا اتفاق الأمة عليه.
1 هكذا في ش وع وفي خط: "تصانيفهم وهم" خطأ.
2 زاد في ش وع: " أي عن مسلم".
3 زاد في ش وع: " أي عن البخاري"؛ وفيهما: "صحيح انفرد"؟
لكن اتفاق الأمة عليه لازم1 وحاصل معه بالاتفاق2 الأمة على تلقي ما اتفقا عليه بالقبول.
وهذا القسم جميعه مقطوع بصحته والعلم اليقيني النظري واقع به خلافا لمن نفى3 ذلك وقال لا يفيد إلا4 الظن وإنما تلقته الأمة بالقبول لوجوب العمل5 بالظن والظن قد يخطئ.
و6كنت أميل إلى هذا وأحسبه قويا ثم بان لي أن المذهب الذي اخترناه أولا هو الصحيح لأن الأمة معصومة7 من الخطأ ولهذا كان الإجماع المبني8 على الاجتهاد حجة مقطوعا9 بها وأكثر إجماعات العلماء كذلك.
وهذه نكتة نفيسة نافعة تفيد ان ما10 انفرد به البخاري أو مسلم يقطع11 بصحته لتلقي الأمة كل واحد من كتابيهما بالقبول على الوجه الذي فصلناه من حالهما فيما سبق سوى أحرف يسيرة نبه عليها الحافظ الدارقطني وغيره12 انتهى.
1 في ش، ع:"لازم من ذلك"
2 في ش: "باتفاق".
3 في ش، ع:"خلافا لقوله من"
4 في ش، ع:"ذلك محتجا بأنه لا يفيد في أصله إلا"
5 في ش، ع:"لأنه يجب عليهم العمل".
6 في ش، ع:"وقد".
7 في ش، ع:"لأن ظن من هو معصوم من الخطألا يخطئ، والأمة في إجماعها معصومة"
8 في ش، ع:"المبتني".
9 في خط "مقطوع".
10 في ش، ع:"ومن فوائدها القول بأن ما"
11 في ش، ع:"مندرج في قبيل ما يقطع".
12 في ش‘ عت: "تكلم عليها بعض أهل النقد من الحفاظ كالدارقطني وغيره، وهي معروفة عند أهل هذا الشأن والله أعلم".
اعترض بعضهم بأن الأولى أن يقول أصحها ما رواه الكتب الستة فإن عني بذلك ما اتفق الستة على توثيق رواته فمسلم وإلا فلا.
وقوله: مقطوع بصحته سبقه إلى ذلك الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي وأبو نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق بن يوسف.
وعاب الشيخ عز الدين بن عبد السلام هذا على المصنف لأن بعض المعتزلة يرون أن الأمة إذا عملت بحديث اقتضى ذلك القطع بصحته قال: وهو مذهب ردئ وقال النواوي خالف ابن الصلاح المحققون فقالوا يفيد الظن ما لم يتواتر ولا يلزم من إجماع الأمة على العمل بما فيهما إجماعهم على أنه مقطوع بأنه من كلام النبي صلي الله عليه وسلم.
قال الثامنة إذا ظهر بما قدمناه انحصار معرفة1 الصحيح والحسن في2 مراجعة الصحيحين وغيرهما3 فسبيل من أراد العمل أو الاحتجاج بذلك إذا كان ممن يسوغ له العمل بالحديث او الاحتجاج به لذي مذهب أن يرجع إلى أصل قد قابله هو أو ثقة بأصول4 صحيحة متعددة مروية بروايات متنوعة ليحصل له بذلك مع اشتهار هذه الكتب وبعدها عن أن تقصد بالتبديل والتحريف الثقة بصحة ما اتفقت عليه تلك الأصول انتهى.
قال النووي لا يشترط التعدد والتنوع بل لو قابلها بأصل معتمد محقق أجزأه.
فائدة قال: الحاكم أبو عبد الله النيسابوري في كتابه المدخل إلى معرفة المستدرك عدد من أخرج لهم البخاري في صحيحه ولم يخرج لهم مسلم أربعمائة وأربعة وثلاثون شيخا وعدد من احتج بهم مسلم في صحيحه ولم يحتج بهم البخاري ستمائة وخمسة وعشرون شيخا.
1 في ش، ع:"طريق معرفة".
2 في ش، ع:"الآن في".
3 في ش، ع:"الصحيحين وغيرهما من الكتب المعتمدة".
4 في ش، ع: "هو أو ثقة غيره بأصول وسقطت هو من متن المقدمة المطبوع مع التقييد للعراقي.