الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع العشرون: معرفة المدرج في الحديث
وهو أقسام منها ما أدرج في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من كلام بعض رواته بأن يذكر الصحابي أو من بعده عقيب1 ما يرويه من الحديث كلاما من عند نفسه فيرويه من بعده موصولا بالحديث غير فاصل بينهما بذكر قائله فيلتبس الأمر فيه على من لا يعلم حقيقة الحال ويتوهم أن الجميع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن أمثلته المشهورة ما رويناه في التشهد عن أبي خيثمة زهير بن معاوية عن الحسن بن الحر عن القاسم بن مخيمرة عن علقمة عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه التشهد في الصلاة فقال: "قل التحيات لله فذكر التشهد وفي آخره أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا قلت هذا فقد قضيت صلاتك إن شئت أن تقوم فقم وإن شئت أن تقعد فاقعد".
هكذا رواه أبو خيثمة عن الحسن بن الحر فأدرج في الحديث قوله فإذا قلت هذا الى آخره وإنما هذا من كلام ابن مسعود لا من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن الدليل عليه أن الثقة الزاهد عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان رواه عن رواية2 الحسن بن الحر على ترك3 ذكر هذا الكلام في آخر الحديث مع اتفاق كل من روى التشهد عن علقمة وعن غيره عن ابن مسعود على ذلك.
1 هكذا في خط وع، وهو الذي في أصول "المقدمة" وكتب علي هامش بعض نسخ المقدمة:"صوابه: عقب".
2 من بعض نسخ "المقدمة"، وفي خط وع وبعض نسخ "المقدمة":"روايخ". وراجع: "علل الدارقطني""5/ 127- 128""رقم /766".
3 هكذا في خط، وفي ش وع:"..الحسن بن الحر كذلك، واتفق "حسين الجعفي، وابن عجلان" وغيرهما في روايتهم هم "الحسن بن الحر" علي ترك..".
ورواه شبابة عن أبي خيثمة ففصله أيضا.
ومن أقسام المدرج أن يكون متن الحديث عند الراوي له بإسناد إلا طرفا منه فإنه عنده بإسناد ثان فيدرجه من رواه عنه على الإسناد الأول ويحذف الإسناد الثاني: ويروى جميعه بالإسناد الأول.
مثاله حديث ابن عيينة وزائدة بن قدامة عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي آخره: "أنه جاء في الشتاء فرآهم يرفعون أيديهم من تحت الثياب".
والصواب رواية من روى عن عاصم بن كليب بهذا الإسناد صفة الصلاة خاصة وفصل ذكر رفع الأيدي عنه فرواه عن عاصم عن عبد الجبار بن وائل عن بعض أهله عن وائل بن حجر.
ومنها أن يدرج في حديث1 بعض متن حديث آخر مخالف للأول في الإسناد.
مثاله رواية سعيد بن أبي مريم عن مالك عن الزهري عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تنافسوا" الحديث.
فقوله: "لا تنافسوا" أدرجه ابن أبي مريم من متن حديث آخر رواه مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة فيه: "لا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا".
ومنها أن يروي الراوي حديثا عن جماعة بينهم اختلاف في إسناده فلا يذكر الاختلاف بل يدرج روايتهم على الاتفاق.
مثاله رواية عبد الرحمن بن مهدي ومحمد بن كثير العبدي عن الثوري عن منصور والأعمش وواصل الأحدب عن أبي وائل عن عمرو بن شرحبيل عن ابن مسعود: "قلت يا رسول الله أي الذنب أعظم؟.." الحديث.
وواصل إنما رواه عن أبي وائل عن عبد الله من غير ذكر عمرو بن شرحبيل بينهما.
واعلم أنه لا يجوز تعمد شيء من الإدراج المذكور.
1 في ش وع: "في متن حديث".
وهذا النوع قد صنف فيه الخطيب أبو بكر كتابه الموسوم بالفصل للوصل المدرج في النقل فشفى وكفى انتهى.
الحديث الأول رواه أبو داود قال: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال: حدثنا زهير قال: حدثه1 الحسن بن الحر عن القاسم بن مخيمرة قال: أخذ علقمة بيدي فحدثني أن عبد الله بن مسعود أخذ بيده وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيد عبد الله بن مسعود فعلمنا التشهد في الصلاة قال: فذكر مثل حديث الأعمش: "إذا قلت هذا أو قضيت هذا فقد قضيت صلاتك إن شئت أن تقوم فقم وإن شئت أن تقعد فاقعد".
وصله زهير بالحديث المرفوع والصواب أنه مدرج وأنه من كلام ابن مسعود كذا قال: الحاكم والبيهقي
وقال النووي في الخلاصة اتفق الحفاظ على أنها مدرجة.
وقد اختلف على زهير فيه فرواه النفيلي وأبو النضر هاشم بن القاسم وموسى بن داود الضبي وأحمد بن عبد الله بن يونس اليربوعي وعلي بن الجعد ويحيى بن يحيى النيسابوري وعاصم بن علي وأبو داود الطيالسي ويحيى بن أبي بكير الكرماني ومالك بن إسماعيل النهدي عنه هكذا مدرجا.
ورواه شبابة بن سوار عنه ففصله وبين أنه من قول عبد الله فقال قال: عبد الله فإذا قلت ذلك فقد قضيت ما عليك من الصلاة فإن شئت أن تقوم فقم وإن شئت أن تقعد فاقعد رواه الدارقطني وقال شبابة ثقة وقد فصل آخر الحديث جعله من قول ابن مسعود وهو أصح من رواية من أدرج آخره وقوله: أشبه بالصواب.
1 كذا في خط، وفي "سنن أبي داود" "970":"ثنا" والمصنف – الأبناسي – رحمه الله يزيد في الإسناد لفظ: "قال" قيل أداة التحديث.
واعترض على قوله عقيب ما يرويه من الحديث مع أن المدرج قد يكون عقبه كما مثل وهو الأكثر وقد يكون في أوله وقد يكون في وسطه.
فمثال1 ما وصل بأوله وهو مدرج ما رواه الخطيب من رواية أبي قطن وشبابة فرقهما عن شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسبغوا الوضوء، ويل للأعقاب من النار".
فقوله أسبغوا الوضوء من قول أبي هريرة وصل بالحديث في أوله كذلك رواه البخاري في صحيحه عن آدم بن أبي إياس عن شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة قال: أسبغوا الوضوء فإن أبا القاسم صلي الله عليه وسلم قال: "ويل للأعقاب من النار".
قال الخطيب وهم أبو قطن عمرو بن الهيثم وشبابة بن سوار في روايتهما هذا الحديث عن شعبة على ما سقناه وذلك أن قوله أسبغوا الوضوء كلام أبي هريرة وقوله: "ويل للأعقاب من النار" كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد رواه أبو داود الطيالسي ووهب2 بن جرير وآدم بن أبي إياس وعاصم بن علي وعلي بن الجعد وغندر وهشيم ويزيد بن زريع والنضر بن شميل ووكيع وعيسى بن يونس ومعاذ بن معاذ كلهم عن شعبة وجعلوا الكلام الأول من قول أبي هريرة والكلام الثاني: مرفوعا.
وفي رواية الطيالسي وأحمد والنسائي ويل للعقب من النار.
ومثال المدرج في وسط الحديث ما رواه الدارقطني في سننه من رواية عبد الحميد ابن جعفر عن هشام بن عروة عن أبيه عن بسرة بنت صفوان قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من مس ذكره أو أنثييه أو رفغه3 فليتوضأ".
1 هكذا في ع، وفي خط:"قال".
2 في خط: "ووهيب" مصغرا، وفي ع:"وذهب".
3 هكذا في خط بالإفراد، وفي سنن الدارقطني "10/148":"رفغيه" بالتثنية".
قال الدارقطني كذا رواه عبد الحميد عن هشام ووهم في ذكر الأثنيين والرفغ1 وإدراجه ذلك في حديث بسرة قال: والمحفوظ أن ذلك من قول عروة غير مرفوع وكذلك رواه الثقات عن هشام منهم أيوب السختياني وحماد بن زيد وغيرهما.
ثم رواه من طريق أيوب بلفظ: "من مس ذكره فليتوضأ".
قال وكان عروة يقول: "إذا مس رفغيه أو أنثييه أو ذكره فليتوضأ".
وقال الخطيب عبد الحميد تفرد بذكر الأنثيين والرفغين وليس من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما هو قول عروة بن الزبير فأدرجه الراوي في متن الحديث وقد بين ذلك حماد وأيوب.
مع أن عبد الحميد لم ينفرد به فقد رواه الطبراني في الكبير من رواية أبي كامل الجحدري ولفظه: "إذا مس أحدكم ذكره أو أنثييه أو رفغه فليتوضأ".
ورواه الدارقطني أيضا من رواية ابن جريج عن هشام عن أبيه ولم يذكر فيه الرفغ.
وضعف ابن دقيق العيد حكم الإدراج في نحو هذا فقال في الاقتراح ومما يضعف فيه أن يكون مدرجا ولا سيما إن كان مقدما على اللفظ المروي أو معطوفا عليه كما لو قال: "من مس أنثييه أو ذكره فليتوضأ" بتقديم الأنثيين على الذكر فها هنا ضعف الإدراج لما فيه من اتصال هذه اللفظة بالعامل الذي هو من لفظ الرسول صلى الله عليه وسلم.
مع أن جميع طرقه ليس في شيء منها تقديم الأنثيين على الذكر وإنما ذكره مثالا.
قوله مثاله حديث ابن عيينة الحديث رواه أبو داود من رواية زائدة وشريك.
1 هكذا في خط وسنن الدارقطني، وفي ع:"الأنثيين والرفغين" بالتثنية في كليهما.
فرقهما1 والنسائي من رواية سفيان بن عيينة كلهم عن عاصم.
وقال فيه ثم جئتهم2 بعد ذلك في زمان فيه برد شديد فرأيت الناس عليهم جل الثياب تحرك أيديهم تحت الثياب.
قال موسى بن هارون الحمال وذلك عندنا وهم فقوله ثم جئت ليس هو بهذا الإسناد وإنما أدرج عليه وهو من رواية عاصم عن عبد الجبار بن وائل عن بعض أهله عن وائل.
وهكذا رواه مبينا زهير بن معاوية وأبو بدر شجاع بن الوليد فميزا قصة تحريك الأيدي من تحت الثياب وفصلاها من الحديث وذكرا إسنادها كما ذكرناه.
قال الحمال وهذه رواية مضبوطة اتفق عليها زهير وشجاع فهما أثبت ممن روى رفع الأيدي من تحت الثياب عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل.
قال: المصنف وهو الصواب.
قوله: "لا تنافسوا" أدرجه ابن أبي مريم في متن حديث آخر وهو "إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تجسسوا ولا تنافسوا
…
الى آخره".
فكلا الحديثين متفق عليه من طريق مالك وليس في الأولى ولا تنافسوا وهي في الحديث الثاني: والحديثان عند رواة الموطأ.
قال الخطيب وقد وهم فيها ابن أبي مريم على مالك عن أبن شهاب وإنما يرويها مالك في حديثه عن أبي الزناد.
وحديث أي الذنب أعظم رواه الترمذي عن بندار عن عبد الرحمن وكذا رواه محمد بن كثير العبدي عن سفيان ورواية واصل مدرجة على رواية منصور والأعمش لأن واصلا لم يذكر فيه عمرا بل جعله عن أبي وائل عن عبد الله كذا رواه شعبة وغيره عن واصل كما ذكره الخطيب.
1 في خط: "فوقهما".
2 في سنن أب. ي داود "7274": "جئت" والمصنف يسوق المتن من زائدة عند أبي داود.
وقد بين الإسنادين معا يحيى بن سعيد القطان في روايته عن سفيان وفصل أحدهما من الآخر رواه البخاري في صحيحه في كتاب المحاربين عن عمرو بن علي عن يحيى عن سفيان عن منصور والأعمش كلاهما عن أبي وائل عن عمرو عن عبد الله وعن سفيان عن واصل عن أبي وائل عن عبد الله من غير ذكر عمرو بن شرحبيل.
قال عمرو بن علي فذكرته لعبد الرحمن وكان حدثنا عن سفيان عن الأعمش ومنصور وواصل عن أبي وائل عن أبي ميسرة يعني عمرا فقال دعه دعه.
لكن رواه النسائي في المحاربة عن واصل وحده عن أبي وائل عن عمرو1 فزاد في السند عمرا من غير ذكر أحد أدرج عليه رواية واصل.
وكأن ابن مهدي لما حدث به عن سفيان عن منصور والأعمش وواصل بإسناد واحد ظن الرواة عن ابن مهدي اتفاق طرقهم فربما اقتصر أحدهم على بعض شيوخ سفيان.
ولهذا لا ينبغي لمن يروي حديثا بسند فيه جماعة في طبقة واحدة مجتمعين في الرواية عن شيخ واحد أن يحذف بعضهم أن يكون اللفظ في السند أو المتن لأحدهم وحمل رواية الباقين عليه فربما كان من حذفه هو "
…
"2 اللفظ كما سيأتي.
1 هكذا في سنن النسائي "4024"، وفي خط:"عمر".
2 هكذا السياق في خط، ووضع الناسخ علامة الإلحاق ولم يكتب شيئا في الحاشية، وكأنه سها عن ذلك، والظاهر أن المراد "..هو صاحب" اللفظ أو "
…
راوي" والله أعلم.