الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع الثالث والعشرون: معرفة صفة من تقبل روايته ومن ترد1 وما يتعلق بذلك من قدح وجرح وتوثيق وتعديل
أجمع جماهير أئمة الفقه والحديث2 على أنه يشترط فيمن يحتج بروايته أن يكون عدلا ضابطا لما يرويه وتفصيله أن يكون مسلما بالغا عاقلا سالما من أسباب الفسق وخوارم المروءة متيقظا غير مغفل حافظا إن حدث من حفظه ضابطا لكتابه إن حدث من3هـ وإن كان يحدث بالمعنى اشترط فيه مع ذلك أن يكون عالما بما يحيل المعاني.
ونوضح هذه الجملة بمسائل.
إحداها عدالة الراوي تارة تثبت بتنصيص معدلين على عدالته وتارة تثبت بالاستفاضة فمن اشتهرت عدالته بين أهل النقل ونحوهم4 من أهل العلم وشاع الثناء عليه بالثقة والإمامة5 استغني فيه بذلك عن بينة شاهدة بعدالته تنصيصا وهذا هو الصحيح في مذهب الشافعي وعليه الاعتماد في فن أصول الفقه.
وممن ذكر ذلك من أهل الحديث أبو بكر الخطيب الحافظ ومثل ذلك بمالك
1 في ش وع: "ومن ترد روايته".
2 في ش وع: "الحديث والفقه".
3 في ش وع: "من كتابه".
4 في ش وع: "أونحوهم".
5 في ش وع: "والأمانة".
وشعبة والسفيانين والأوزاعي والليث وابن المبارك ووكيع وأحمد ويحيى بن معين وعلي ابن المديني ومن جرى مجراهم في نباهة الذكر واستقامة الأمر فلا يسأل عن عدالة هؤلاء وأمثالهم وإنما يسأل عن عدالة من خفي أمره على الطالبين.
وتوسع ابن عبد البر في هذا فقال كل حامل علم معروف العناية به فهو عدل محمول في أمره أبدا على العدالة حتى يتبين جرحه لقوله صلي الله عليه وسلم: "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله".
وفيما قاله اتساع غير مرضي.
الثانية: يعرف كون الراوي ضابطا بأن تعتبر رواياته بروايات الثقات المعروفين بالضبط والإتقان فإن وجدنا رواياته موافقة ولو من حيث المعنى لرواياتهم أو موافقة لها في الأغلب والمخالفة نادرة عرفنا حينئذ كونه ضابطا ثبتا وإن وجدناه كثير المخالفة لهم عرفنا اختلال ضبطه ولم نحتج بحديثه.
الثالثة: التعديل مقبول من غير ذكر سببه على المذهب الصحيح المشهور لأن أسبابه كثيرة يصعب ذكرها فإن ذكرها1 يحوج المعدل إلى أن يقول لم يفعل كذا لم يرتكب كذا فعل كذا وكذا فيعدد جميع ما يفسق بفعله أو بتركه وذلك شاق جدا.
وأما الجرح فإنه لا يقبل إلا مفسرا مبين السبب لأن الناس يختلفون فيما يجرح وما لا يجرح فيطلق أحدهم الجرح بناء على أمر اعتقده جرحا وليس بجرح في نفس الأمر فلا بد من بيان سببه لينظر فيه أهو جرح أم لا وهذا ظاهر مقرر في الفقه وأصوله.
وذكر الخطيب الحافظ أنه مذهب الأئمة من حفاظ الحديث ونقاده مثل البخاري ومسلم وغيرهما ولذلك احتج البخاري بجماعة سبق من غيره الجرح لهم كعكرمة مولى ابن عباس وإسماعيل بن أبي أويس وعاصم بن علي
1 في ش وع: "ذلك".
وعمرو بن مرزوق وغيرهم واحتج مسلم بسويد ابن سعيد وجماعة اشتهر الطعن فيهم.
وهكذا فعل أبو داود السجستاني وذلك دال على أنهم ذهبوا إلى أن الجرح لا يثبت إلا إذا فسر سببه1 ومذاهب النقاد للرجال غامضة مختلفة.
وعقد الخطيب بابا في بعض أخبار من استفسر في جرحه فذكر ما لا يصلح جارحا.
منها عن شعبة أنه قيل له لم تركت حديث فلان فقال: "رأيته يركض على برذون فتركت حديثه" ومنها عن مسلم بن إبراهيم أنه سئل عن حديث لصالح المري2 فقال ما يصنع3 بصالح ذكروه يوما عند حماد بن سلمة فامتخط حماد.
قلت ولقائل أن يقول إنما يعتمد الناس في جرح الرواة ورد حديثهم على الكتب التي صنفها أئمة الحديث في الجرح أو في الجرح والتعديل وقلما يتعرضون فيها لبيان السبب بل يقتصرون على مجرد قولهم فلان ضعيف وفلان ليس بشيء ونحو ذلك أو هذا حديث ضعيف وهذا حديث غير ثابت ونحو ذلك فاشتراط بيان السبب يفضي إلى تعطيل ذلك وسد باب الجرح في الأغلب الأكثر.
وجوابه أن ذلك وإن لم نعتمده4 في إثبات الجرح والحكم به فقد اعتمدناه في أن توقفنا عن قبول حديث من قالوا فيه مثل ذلك بناء على أن ذلك أوقع عندنا
1 فيه نظر، ولذلك ترجع ابن الصلاحج خطوة للوراء فقال:"ومذاهب النقاد للرجال غامضة مختلفة". وفد أخرج الشيخان لبعض من اعترافا بضعفه لكنهما انتخبا
له ما حفظه وأخرجا له الأغراض ومقاصد تظهر في حينها وقد فصلت ذلك في غير هذا الموضع بما يغني عن الإعادة إن شاء الله تعالي. والله الموفق.
2 هكذا في الكفاية "ص/185" وفي ش وع: "الصالح المري" وفي خط: الصالح المزني".
3 هكذ في ش وع، وفي حاشية بعض نسخ "المقدمة":"قال المؤلف: يصنع مقيد كذا في أصل موثوق به، عليه سماع الخطيب رحمه الله"وفي نشرة "الكفاية"
"تصنع"، وفي خط "تصنع" وعليها علامة "معا" إشارة إلي الوجهين:"التاء والباء".
4 هكذا في ش وع، وفي خط "يعتمده".
ف يهم ريبة قوية1 يوجب مثلها التوقف.
ثم من انزاحت عنه الريبة منهم ببحث عن حاله أوجب الثقة بعدالته قبلنا حديثه ولم نتوقف كالذين احتج بهم صاحبا الصحيحين وغيرهما ممن مسهم مثل هذا الجرح من غيرهم فافهم ذلك فإنه مخلص حسن.
الرابعة: اختلفوا في أنه هل يثبت الجرح والتعديل بقول واحد أو لا بد من اثنين فمنهم من قال: لا بد من اثنين2 كما في الجرح والتعديل في الشهادات ومنهم من قال: وهو الصحيح الذي أختاره وغيره إنه يثبت بواحد لأن العدد لم يشترط في قبول الخبر فلم يشترط في جرح راويه وتعديله بخلاف الشهادات. انتهى.
اعترض على قوله وخوارم المروءة بأنه لم يشترط ذلك إلا الشافعي وأصحابه.
ورد بأن كل من اشترط العدالة شرط فيها المروءة ولم يختلف قول مالك وأصحابه في اشتراط المروءة في العدالة.
نعم يفترق الحال بين عدالة الشهادة فيشترط فيها الحرية وبين عدالة الرواية فلا يشترط ذلك فيها.
قال الخطيب في الكفاية بلا خلاف ولهذا قال: القاضي أبو بكر الباقلاني هذا مما يفترق الحال فيه بين الرواية والشهادة.
ويفترقان أيضا على قول في البلوغ فشهادة الصبي غير مقبولة عند أصحاب الشافعي وجمهور العلماء.
وأما خبره فاختلف التصحيح فيه فحكى النووي في شرح المهذب عن الجمهور قبول خبر المميز فيما طريقه المشاهدة لا النقل كالإفتاء ورواية الأخبار ونحوه.
وكأنه تبع في ذلك المتولي فإنه ذكر في استقبال القبلة أن الصبي إذا أخبر بأنه
1 هكذا في خط وع، وليس في ش.
2 هكذا في خط، وفي ش وع:"لا يثبت ذلك إلا باثنتين".
شاهد محرابا فإنه يقبل لكن الرافعي نقل في هذا الباب عن الأكثرين أنه لا يقبل وتبعه عليه النووي وجعل الخلاف في المميز وقيده في التيمم بالمراهق.
قوله فلا يسأل عن عدالة هؤلاء وأمثالهم؟ أي كما سئل أحمد عن إسحاق ابن راهويه فقال: مثل إسحاق يسأل عنه وسئل ابن معين عن أبي عبيد فقال مثلي يسأل عن أبي عبيد أبو عبيد يسأل عن الناس.
قوله وتوسع ابن عبد البر أي ومن تبعه كأبي عبد الله بن المواق.
والحديث الذي استدل به1 ضعيف رواه من طريق أبي جعفر العقيلي من رواية معان بن رفاعة السلامى عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري2 قال: قال: النبي صلي الله عليه وسلم: "يحمل3 هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين4 وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين".
أورده العقيلي في الضعفاء في ترجمة معان بن رفاعة وقال لا يعرف إلا به.
ورواه ابن أبي حاتم في مقدمة الجرح والتعديل وابن عدي في مقدمة الكامل وهو مرسل أو معضل ضعيف وإبراهيم الذي أرسله قال: فيه ابن القطان لا نعرفه ألبتة في شيء من العلم غير هذا.
وفي كتاب العلل للخلال أن أحمد سئل عن هذا الحديث فقيل له: كأنه كلام موضوع فقال: لا هو صحيح فقيل له: ممن سمعته؟ قال: من غير واحد، قيل له: من نعم؟ قال: حدثني به مسكين إلا أنه يقول عن معان عن القاسم بن عبد الرحمن قال: أحمد ومعان لا بأس به ووثقه ابن المديني ايضا.
قال ابن القطان وخفي على أحمد من أمره ما علمه غيره ثم ذكر تضعيفه عن
1 يهني ابن عبد البر راجع: "التمهيد" لابن عبد البر "1/28،58".
2 هكذا في التمهيد وع، وغيرهما وفي خط:"العدوي".
3 هكذا في التمهيد وع، وغيرهما وفي خط:"حمل".
4 هكذا في "التمهيد"، وغيره، وفي خط:"الغالين".
ابن معين وابن أبي حاتم1 والسعدي وابن عدي وابن حبان.
مع أن هذا الحديث ورد مرفوعا مسندا من حديث أبي هريرة وعبد الله بن عمرو وعلي بن أبي طالب وابن عمر وأبي أمامة وجابر بن سمرة وكلها ضعيفة فاستدلال ابن عبد البر به مردود لوجهين.
أحدهما ضعفه وإرساله والثاني: أنه إنما يصح الاستدلال به أن لو كان خبرا ولا يصح حمله على الخبر لوجود من يحمل العلم وهو غير عدل وغير ثقة فلم يبق له محمل إلا الأمر فكأنه أمر الثقات بحمل العلم.
وقد حكي في لام2 يحمل الرفع على الخبر والجزم على إرادة لام الأمر فعلى تقدير كونه مرفوعا فهو خبر أريد به الأمر.
ويؤيد الأمر ما رواه أبو محمد ابن أبي حاتم في بعض طرقه ليحمل هذا العلم بلام الأمر.
ومما يستغرب في ضبط الحديث ما حكاه المصنف في فوائد رحلته أنه وجد بنيسابور في مناقب ابن كرام جمع محمد بن الهيصم قال: فيه سمعت الشيخ أبا جعفر محمد بن أحمد بن جعفر يقول سمعت أبا عمرو محمد بن أحمد التميمي يروي هذا الحديث بإسناده فيضم الياء من قوله يحمل على أنه فعل ما3 لم يسم فاعله ويرفع الميم من العلم ويقول: "من كل خلف عدولة" مفتوح العين واللام وبالتاء ومعناه أن الخلف هو العدولة بمعنى أنه عادل كما يقال شكور بمعنى شاكرة4 ويكون الهاء للمبالغة كما يقال: رجل ضروبة.
والمعنى أن العلم يحمل على كل خلف كامل في عدالته.
1 هكذا في خط، وإنما نقل ابن أبي حاتم عن أبيه قوله في "معان" كما في "الجرح""8/422".
2 في خط: "اللام" والصواب ما أثبته".
3 هكذا في خط، وليست في ع.
4 وفي ع: "شاكر".
وأما أبو بكر المفيد فإني قد حفظت عنه يحمل مفتوح الياء من كل خلف عدوله مضموم العين واللام مرفوعا انتهى كلام المصنف1.
قوله ولقائل ان يقول: إنما يعتمد الناس في جرح الرواة وقوله: قبل هذا ولا يقبل الجرح إلا مفسرا هذا كله إنما يكون ممن لا يعرف الجرح والتعديل أما العارف بأسباب الجرح والتعديل فإنه لا يحتاج إلى بيان وقد حكى الباقلاني عن جمهور العلماء أنه إذا جرح من لا يعرف الجرح بأنه يجب الكشف عن ذلك فإن كان يعرفه فلا.
قال2 والذي يقوي عندنا ترك الكشف عن ذلك إذا كان الجارح عالما كما يجب استفسار المعدل عما به صار عنده المزكى عدلا وقد اختلف نقل الغزالي عن الباقلاني فنقل هذا3 في المستصفى وهو الصواب4 وخالفه في المنخول فقال يجب البيان مطلقا.
وقال الإمام في البرهان الحق أنه إن كان المزكي عالما بأسباب الجرح والتعديل اكتفينا بإطلاقه وإلا فلا وقد يتعمق في الجرح كما تقدم من ركض البرذون وترك شعبة حديث المنهال بن عمرو لكونه سمع منه صوتا.
قال أبو حاتم سمع قراءته بألحان وقيل سمع منه صوت الطنبور فرجع فقيل له هل سألت عنه أيعلم ذلك أم لا5؟.
وقال شعبة للحكم بن عتيبة6: لم تركت حديث زاذان7؟ قال: كان كثير
1 يعني في: "فوائد رحلته".
2 يعني: "الباقلاني"
3 أي هذا المذهب السابق للباقلاني، وراجع: ع.
4 قال العراقي: "وهو الصواب فقد رواه الخطيب عنه بإسناد صحيح إليه وحكاه أيضا عنه الإمام فخر الدين الرازي والسيف الآمدي". "التقييد ص/141".
5 راجع الكفاية "ص/183".
6 هكذا في "الكفاية""ص/183". وفي خط: "عيينة".
7 هكذا في "الكفاية" وفي خط: "ذكوان".
الكلام.
وقد عقد الخطيب لذلك بابا في الكفاية. انتهى.
قوله: واختلفوا هل يثبت الجرح والتعديل بقول واحد؟.
ومجموع ما في مسألة الرواية والشهادة ثلاثة أقوال أحدها لا يقبل في التزكية إلا رجلان سواء أكانت التزكية للشهادة أو الرواية وهو الذي حكاه القاضي أبو بكر الباقلاني عن أكثر الفقهاء من أهل المدينة وغيرهم.
والثاني: الاكتفاء بواحد فيهما وهو اختيار الباقلاني لأن التزكية بمثابة الخبر قال: والذي يقتضيه القياس وجوب قبول تزكية كل عدل مرضي ذكرا وأنثى حرا وعبدا لشاهد ومخبر.
والثالث: التفرقة1 فيشترط اثنان في الشهادة ويكفي واحد في الرواية ورجحه الإمام فخر الدين الآمدي ونقله هو وابن الحاجب عن الأكثرين وهو مخالف لما نقله الباقلاني عنهم قال: ولا يقبل في التعديل النساء لا في الرواية ولا في الشهادة نقله عن فقهاء المدينة وغيرهم.
واختار الباقلاني قبول تزكية المرأة مطلقا في الرواية والشهادة إلا تزكيتها في الحكم الذي لا تقبل شهادتها فيه وأطلق صاحب المحصول وغيره قبول تزكيتها مطلقا من غير تقييد بما قيده الباقلاني.
وأما تزكية العبد فقال الباقلاني يجب قبولها في الخبر دون الشهادة لأن خبره مقبول وشهادته مردودة وكذا قاله الإمام فخر الدين وغيره.
قال الخطيب في الكفاية الأصل: في هذا الباب سؤال النبي صلي الله عليه وسلم بريرة في قصة الإفك عن عائشة وجوابها السؤال رضي الله عنهما.
قوله واحتج مسلم بسويد بن سعيد وجماعة اشتهر الطعن فيهم. انتهى.
قال أبو حاتم وصالح جزرة ويعقوب بن شيبة وغيرهم هو صدوق في نفسه
1 في خط: "التقوية" – خطأ، وراجع: ع.
وقال البخاري: حديثه منكر وضعفه النسائي ولم يفسر الجرح وأكثر من فسره بأنه لما عمي ربما قبل التلقين وهذا إنما يقدح بعد عماه ويحتمل أن مسلما إنما حدث عنه قبل عماه وأما تكذيب ابن معين له فإنه أنكر عليه ثلاثة أحاديث حديث "من عشق وعف" وحديث "من قال: في ديننا برأيه فاقتلوه" وحديثه عن أبي معاوية عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد مرفوعا "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة".
فقال ابن معين: هذا باطل عن أبي معاوية قال: الدارقطني فلما دخلت مصر وجدت هذا الحديث في مسند المنجنيقي وكان ثقة عن أبي كريب عن أبي معاوية فتخلص منه سويد فأنكره عليه ابن معين لظنه أنه تفرد به عن أبي معاوية وليس كذلك وقد قال: محمد بن عيسى السومي1 سألت ابن معين عن سويد فقال ما حدثك فاكتب عنه ما حدثك به تلقينا فلا وإنما روى عنه مسلم لطلب العلو مما2 صح عنده بنزول ولم يخرج عنه ما انفرد به وقال إبراهيم بن أبي طالب قلت لمسلم كيف استجزت الرواية عن سويد في الصحيح فقال ومن أين كنت آتي بنسخة حفص بن ميسرة وذلك أن مسلما لم يرو عن أحد ممن سمع من حفص بن ميسرة في الصحيح إلا عن سويد فقط وقد روى في الصحيح عن واحد عن ابن وهب عن حفص.
قال الخامسة: إذا اجتمع في شخص واحد3 جرح وتعديل فالجرح مقدم لأن المعدل يخبر عما ظهر من حاله والجارح يخبر عن باطن خفي على المعدل.
فإن كان عدد المعدلين أكثر فقد قيل التعديل أولى.
والصحيح والذي عليه الجمهور أن الجرح أولى لما ذكرناه. انتهى.
1 كذا في خط والذي في ترجمة "سويد" من "تألريخ بغداد""9/230" والسير للذهبي "11/412""والتهذيب"::محمد بن يحي الخزازي السوسي" ولم ترد نسبة
"السوسي" في "التهذيب" و "الخزاز" بالخاء المعجمة وزايين بينهما ألف؛ كذا في "السير" وفي "تأريخ" بغداد" الحزاز بالحاء المهملة وفي "تهذيب التهذيب"
"الخزاز بالخاء المعجمة والراء المهملة وآخره زاي ولم أهتد إليه الآن؛ فليحرر؛ والله المستعان وهو حسبي.
2 كذا في خط، والأشية:"فيما".
3 هكذا في خط وليست في ش وع.
وفي المسألة ثلاثة أقوال؛ أصحها تقديم الجرح مطلقا والثاني: إن كان المعدلون أكثر قدم التعديل لأن كثرتهم تقوي جانبهم.
قال الخطيب وهذا خطأ وبعد ممن توهمه لأن المعدلين وإن كثروا لا يخبرون عن عدم ما أخبر به الجارحون إذ لو أخبروا به لكانت شهادة عن نفي وهي باطلة1.
والقول الثالث: أنهما متعارضان فلا يرجح أحدهما إلا بمرجح حكاه ابن الحاجب.
وكلام الخطيب يقتضي نفي هذا الثالث: فإنه قال: اتفقوا على أن من جرحه واحد أو عدد وعدله مثلهم فإن الجرح أولى2.
قال السادسة: لا يجزئ التعديل على الإبهام من غير تسمية المعدل فإذا قال: حدثني الثقة أو نحو ذلك مقتصرا عليه لم يكتف به فيما ذكره الخطيب والصيرفي الفقيه وغيرهما خلافا لمن اكتفى بذلك وذلك لأنه قد يكون ثقة عنده وغيره قد اطلع على جرحه بما هو جارح عنده أو بالإجماع فيحتاج إلى أن يسميه حتى يعرف بل إضرابه عن تسميته مريب موقع في القلوب فيه ترددا فإن كان القائل لذلك عالما أجزأ ذلك في حق من يوافقه في مذهبه على ما اختاره بعض المحققين.
وذكر الخطيب أن العالم إذا قال: كل من رويت عنه فهو ثقة وإن لم أسمه ثم روى عن من لم يسمه فإنه يكون مزكيا له غير أنا لا نعمل بتزكيته هذه وهذا على ما قدمناه. انتهى.
وافق الخطيب والصيرفي ابن الصباغ وحكى في العدة عن أبي حنيفة أنه يقبل وهو ماش على قول من يحتج بالمرسل وأولى بالقبول ولو قال: العالم كل من أروى لكم عنه وأسميه فهو عدل رضى مقبول كان تعديلا لكل من روى عنه وسماه هكذا جزم به الخطيب.
1 راجع: "الكفاية""ص/177".
2 راجع: "الكفاية"."ص/175".
قال وكان ممن سلك هذه الطريقة عبد الرحمن بن مهدي زاد البيهقي مع ابن مهدي مالك بن أنس ويحيى بن سعيد القطان.
قال وقد يوجد في رواية بعضهم الرواية عن بعض الضعفاء لخفاء حاله عليه كرواية مالك عن عبد الكريم بن أبي المخارق1.
قوله وفي القول الثالث: إنه إن كان القائل له عالما فإنه يقبل التعديل على الإبهام كقول مالك والشافعي حدثني الثقة فإن الثقة يعرف بالشيوخ الذين يروون عنهم.
قال السابعة إذا روى العدل عن رجل وسماه لم تجعل روايته عنه تعديلا منه له عند أكثر العلماء من أهل الحديث وغيرهم وقال بعض أهل الحديث وبعض أصحاب الشافعي يجعل ذلك تعديلا منه له لأن ذلك يتضمن التعديل.
والصحيح هو الأول لأنه يجوز أن يروي عن غير عدل فلم يتضمن روايته عنه تعديله وهكذا نقول إن عمل العالم أو فتياه على وفق حديث ليس حكما منه بصحة ذلك الحديث وكذلك مخالفته للحديث ليست قدحا منه في صحته ولا في راويه. انتهى.
إذا روى العدل عن شيخ وسماه فهل ذلك تعديل له أم لا فيه ثلاثة أقوال أصحها وهو قول الأكثر أنه لا يكون تعديلا.
والثاني: تعديل مطلقا إذ لو علم فيه جرحا لذكره حكاه الخطيب.
قال الصيرفي وهو خطأ لأن الرواية تعريف والعدالة تكون بالخبرة.
وأجاب الخطيب بأنه قد لا يعلم عدالته ولا جرحه.
والثالث: وهوالمختار عند الأصوليين كالآمدي وابن الحاجب وغيرهما أنه إن كان لا يروي إلا عن عدل كانت روايته تعديلا وإلا فلا.
واعترض الحافظ عماد الدين ابن كثير على قوله إن عمل العالم أو
1 وقد يروي عنه في المذاكرة فينقل ذلك عنه يروي عنه للتجب وغير ذلك والله الموفق.
فتياه إلى آخره فقال وفي هذا نظر إذا لم يكن في الباب غير ذلك الحديث إذا1 تعرض للاحتجاج به في فتياه أو حكمه2 واستشهد به عند العمل بمقتضاه.
ورد بأنه لا يلزم من كون ذلك الباب ليس فيه غير هذا الحديث أن لا يكون3 ثم دليل آخر من قياس أو إجماع ولا يلزم المفتي أو الحاكم أن يذكر جميع أدلته بل ولا بعضها.
ويحتمل أن يكون له دليل آخر واستأنس بهذا الحديث معه أو يكون ممن يرى العمل بالحديث الضعيف ويقدمه على القياس كما تقدم عن أبي4 داود إذا لم يرد في الباب غيره ويراه أولى من رأي الرجال وأما ما حكي عن أحمد أنه يقدم الحديث الضعيف على القياس فالمراد الضعيف5 الحسن.
قال الثامنة في رواية المجهول وهي في غرضنا ههنا أقسام.
أحدها: المجهول العدالة من حيث الظاهر والباطن جميعا وروايته غير مقبولة عند الجماهير على ما نبهنا عليه أولا.
والثاني: المجهول الذي جهلت عدالته الباطنة وهو عدل في الظاهر وهو المستور6 فقد قال: بعض أئمتنا المستور من يكون عدلا في الظاهر ولا تعرف عدالة باطنه.
فهذا المجهول يحتج بروايته بعض من رد رواية الأول وهو قول بعض
1 هكذا في خط وفي الباعت "ص/291": "أو".
2 هكذا في خط وفي الباعث "أو".
3 هكذا في خط وع ووقع في الباعث "ص291": "أن يكون بسقوط: "لا" فلتستدرك".
4 هكذا في ع وفي خط "ابن".
5 هكذا في خط وفي ع: "وحمل بعضهم هذا علي أنه أريد بالضعيف هنا: الحديث الحسن" ووقع في ع: "وحل.." وراجع الباعث "ص291".
6 هكذا في ش وع و "الباعث" وفي خط: "المشهور".
الشافعية1 وبه قطع منهم الإمام سليم بن أيوب الرازي قال: لأن أمر الأخبار مبنى على حسن الظن بالراوي ولأن رواية الأخبار تكون عند من يتعذر عليه معرفة العدالة في الباطن فاقتصر منها على معرفة ذلك في الظاهر.
وتفارق الشهادة فإنها تكون عند الحكام ولا يتعذر عليهم ذلك فاعتبر فيها العدالة في الظاهر والباطن.
قلت ويشبه أن يكون العمل على هذا الرأي في كثير من كتب الحديث المشهورة في غير واحد من الرواة الذين تقادم العهد بهم وتعذرت الخبرة الباطنة بهم. انتهى.
قسم المجهول ثلاثة أقسام الأول مجهول العدالة ظاهرا وباطنا مع كونه معروف العين برواية عدلين عنه.
وفيه ثلاثة أقوال أصحها قول الجمهور أنها لا تقبل.
والثاني: تقبل والثالث: إن كان الراويان أو الرواة عنه فيهم من لا يروي عن غير عدل قبل وإلا فلا.
وأشار بقوله بعض أئمتنا إلى أبي محمد البغوي صاحب التهذيب فهذا لفظه بحروفه فيه ويوافقه كلام الرافعي في الصوم قال: فيه العدالة الباطنة هي التي يرجع فيها إلى أقوال المزكين وحكى فيه أيضا في قبول رواية المستور2 وجهين من غير ترجيح وصحح النووي في شرح المهذب قبول روايته.
وعبارة الشافعي في اختلاف الحديث تدل على أن التي يحكم الحاكم بها هي العدالة الظاهرة فإنه قال: في جواب سؤال أورده فلان يجوز أن يترك الحكم بشهادتهما إذا كانا عدلين في الظاهر.
فعلى هذا تكون العدالة الظاهرة هي التي يحكم بها وهي التي تستند إلى قول المزكين بخلاف ما ذكره الرافعي في الصوم وهذا هو القسم الثاني: وحكى البيهقي في المدخل أن الشافعي لا يحتج بأحاديث المجهولين.
قال الثالث: المجهول العين وقد يقبل رواية المجهول العدالة من لا يقبل رواية
1 هكذا في خط وفي ش وع: "الشافعيين".
2 هكذا في ع وفي خط: "المشهور".
المجهول العين ومن روى عنه عدلان وعيناه فقد ارتفعت عنه هذه الجهالة.
ذكر أبو بكر الخطيب في أجوبة مسائل سئل عنها أن المجهول عند أصحاب الحديث هو كل من لم يعرفه العلماء ومن لم يعرف حديثه إلا من جهة راو واحد مثل عمرو ذي مر وجبار الطائي وسعيد بن ذي حدان لم يرو عنهم غير أبي إسحاق السبيعي ومثل الهزهاز بن ميزن لا راوي عنه غير الشعبي ومثل جري بن كليب لم يرو عنه إلا قتادة.
قلت قد روى عن الهزهاز الثوري أيضا.
قال الخطيب وأقل ما ترتفع به الجهالة أن يروي عن الرجل اثنان من المشهورين بالعلم إلا أنه لا يثبت له حكم العدالة بروايتهما عنه وهذا مما قدمنا بيانه.
قلت قد خرج البخاري في صحيحه حديث جماعة ليس لهم غير راو واحد منهم مرداس الأسلمي لم يرو عنه غير قيس بن أبي حازم وكذلك خرج مسلم حديث قوم لا راوي لهم غير واحد منهم ربيعة بن كعب الأسلمي لم يرو عنه غير أبي سلمة بن عبد الرحمن.
وذلك منهما مصير إلى أن الراوي قد يخرج عن كونه مجهولا مردودا برواية واحد عنه والخلاف في ذلك متجه نحو اتجاه الخلاف المعروف في الاكتفاء بواحد في التعديل على ما قدمناه. انتهى.
هذا القسم الثالث: وهو مجهول العين الذي لم يرو عنه إلا راو واحد وفيه خمسة أقوال أصحها وعليه الأكثر أنه لا يقبل.
والثاني: يقبل مطلقا وهو قول من لم يشترط في الراوي سوى الإسلام.
والثالث: إن كان المنفرد بالرواية عنه لا يروي إلا عن عدل كابن مهدي ويحيى بن سعيد ومن ذكر معهما واكتفينا في التعديل بواحد قبل وإلا فلا
والرابع: إن كان مشهورا في غير العلم بالزهد أو النجدة قبل وإلا فلا.
والخامس: إن زكاه أحد من أئمة الجرح والتعديل مع راويه وأخذ عنه قبل وإلا فلا.
واعترض عليه بأمور منها أنه تبع الخطيب في تسمية والد هزهاز ميزن وإنما هو مازن بالألف كما قال: ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل وفي بعض النسخ بالياء ولعل بعضهم أماله في اللفظ فكتب بالياء.
ومنها اعتراضه على الخطيب بأن الهزهاز قد روى عنه الثوري أيضا والثوري لم يرو عن الشعبي نفسه فكيف يروي عن شيوخه ورد بأنه لا يلزم من عدم روايته عن الشعبي عدم روايته عن الهزهاز فلعل الهزهاز تأخر بعد الشعبي ويقوي ذلك أن ابن أبي حاتم ذكر أن الجراح بن مليح روى عن الهزهاز والجراح أصغر من الثوري وتأخر بعده مدة سنين1 فكان ينبغي له أن يستثنى الجراح مع الثوري.
ومنها أن ما عزاه إلى الخطيب في أجوبة مسائل سئل عنها يفهم أنه لم يذكره في الكفاية وليس كذلك فقد ذكر ذلك مع زيادة لا بأس بذكرها فقال المجهول عند أصحاب الحديث هو كل من لم يشتهر بطلب العلم في نفسه ولا عرفه العلماء به2 ولم يعرف3 حديثه إلا من جهة راو واحد مثل عمرو ذي مر وجبار الطائي وعبد الله بن أعز الهمداني والهيثم بن حنش ومالك بن أعز وسعيد بن ذي حدان4 وقيس بن كركم وخمر بن مالك قال: وهؤلاء5 كلهم لم يرو عنهم غير أبي إسحاق السبيعي ومثل سمعان بن مشنج والهزهاز بن ميزن لا يعرف عنهما راو إلا الشعبي ومثل بكر بن قرواش وحلام بن جزل لم يرو عنهما إلا أبو الطفيل عامر بن واثلة ومثل يزيد بن سحيم لم يرو عنه إلا خلاس بن عمرو ومثل جري بن كليب لم يرو عنه إلا قتادة بن دعامة ومثل عمير بن إسحاق لم يرو عنه سوى عبد الله بن عوف وغير من ذكرنا.
1 هكذا في خط وع.
2 من "الكفاية""ص/149"، وع، وسقط من خط.
3 هكذا في خط وع وفي "الكفاية": "ومن لم يعرف".
4 هكذا في ع، و"الكفاية"، وفي خط: "
…
وعبد الله بن ذي حدان.." وكأن النسخ ترك سطرا، وسيأتي بايدل علي ذلك.
5 وقع في ع: "وهؤء" فليصلح.
أي ممن لم يرو عنه إلا راو واحد.
وقد اعترض بأنه روي عن خمر بن مالك أيضا1 عبد الله بن قيس2 وذكره ابن حبان في الثقات وسماه خميرا3 وذكر الخلاف فيه في التصغير والتكبير ابن أبن حاتم.
وكذلك الهيثم بن حنش4 روى عنه أيضا سلمة بن كهيل قاله أبو حاتم الرازي.
وأما عبد الله بن أعز ومالك بن أعز بالعين المهملة والزاي فقد جعلهما ابن ما كولا واحدا وأنه اختلف على أبي إسحاق في اسمه.
وبكر بن قرواش بكسر القاف وسكون الراء وبالشين المعجمة روى عنه أيضا قتادة فيما ذكره البخاري وابن حبان في الثقات وسمى ابن أبي حاتم أباه قرويشا5.
وحلام بن جزل ذكره البخاري في تاريخه فقال حلاب بالحاء المهملة والباء الموحدة وخطأه ابن أبي حاتم6 في كتاب جمع فيه أوهامه في التاريخ وقال إنما هو حلام بالميم.
1 هذا هو الصواب ووقع في خط: "خمر أيضا ابن مالك
…
" وراجع: ع.
2 هكذا في خط وع و"تعجيل المنفعة"وفي الالثقات" وكذلك "الجرح" "3/391": "عيسي".
3 هكذا في ع و "الثقات""4/214" وغيرهما وفي خط: "ضمير"بالضاد المهعجمة. وراجع المصادر مع "التأريخ الكبير" للبخاري.
4 هكذا في "الجرح" و "الكفاية" وفي خط وع: "حنيش" وراجع تعليق المعلمي اليماني رحمه الله علي "التأريخالكبير" للبخاري "8/213".
5 كذا في خط وفي ع: "قريشا" بودن الواو والذي في الجرح" "2/391": "بكر بن قرواش
…
روي عنه أبو الطفيل سمعت أبي يقول ذلك".وراجع التأريخ الكبير
"2/94"، والتعجيل "ص/54" ووقع في الثقات "بكر بن قرواش يروي عن أبي الطفيل روي عنه قتادة" كذا وهو مخالف لكل ما سبق.
6 راجع: "كتاب بيان خطأ محمد بن اسماعيل البخاري في تأريخه""ص/26"
وأما مشنج فإنه بضم الميم وفتح الشين المعجمة وفتح النون وآخره جيم.
واعترض النووي على قوله وذلك منهما أي من البخاري ومسلم مصير إلى أن الراوي قد يخرج عن الجهالة برواية واحد عنه كمرداس الأسلمي وسعد بن كعب الأسلمي فقال هؤلاء صحابيان والصحابة كلهم عدول.
ورد بأن كلام المصنف في أن الصحبة هل ثبتت برواية واحد عنه أم لا بد من اثنين خلاف بين أهل العلم والحق أنه إن كان معروفا بذكره في الغزوات1 أو فيمن وفد من الصحابة أو نحو ذلك فإنه تثبت صحبته وإن لم يرو عنه إلا واحد.
لا شك أن مرداسا من أصحاب الشجرة وربيعة من أهل الصفة فلا يضرهما انفراد راو واحد عن كل منهما وسيأتي في النوع السابع: والأربعين أن ابن عبد البر قال: كل من2 لم يرو عنه إلا رجل واحد فهو عندهم مجهول إلا أن يكون مشهورا في غير حمل العلم كاشتهار مالك بن دينار بالزهد وعمرو بن معدي كرب بالنجدة.
فشهرة مرداس وربيعة بالصحبة آكد في النقل3 من اشتهار مالك وعمرو وقد ذكر أبو مسعود إبراهيم بن محمد الدمشقي في جزء له أجاب فيه على اعتراضات الدارقطني على كتاب مسلم فقال لا أعلم روى عن أبي علي عمرو بن مالك الجنبي أحدا غير أبي هانئ قال: وبرواية أبي هانئ وحده لا يرتفع عنه اسم الجهالة إلا أن يكون معروفا في قبيلته أو يروي عنه أحد معروف مع أبي هانئ فيرتفع عنه اسم الجهالة.
وأيضا فلا نسلم انفراد قيس بمرداس ولا انفراد أبي سلمة بربيعة كما قاله
1 تحرف في خط إلي: "المعزوات" ومن أوله قوله: "
…
بذكره في الغزوات.." وحتي المسألة التاسعة "رواية المبتدع" ساقط من ع.
2 في خط: "وإن كان" كذا والتصويت من خط وس وع فيما سيأتي إن شاء الله تعالي في "النوعالسابع والأربعون".
3 في خط: "بالنقد" بالدال المهملة.
المصنف وتبعه النووي.
وهما قد تابعا أبا عبد الله الحاكم والحاكم تبع مسلما في كتاب الوحدان لمسلم وليس بجيد فقد روى عن ربيعة أيضا نعيم بن عبد الله المجمر وحنظلة بن علي وأبو عمران الجوني وذكر المزي أنه روى عنه أيضا محمد ابن عمرو بن عطاء وليس ذلك بصحيح إنما روى محمد بن عمرو عن نعيم المجمر عنه كذا رواه أحمد في مسنده والطبراني في معجمه الكبير.
اللهم إلا أن يكون محمد بن عمرو قد أرسل عنه وأسقط نعيما.
وأما مرداس فقال المزي1 في التهذيب إنه روي عنه أيضا زياد بن علاقة وتبعه الذهبي في مختصره وهو وهم منهما من حيث أن الذي روي عنه زياد إنما هو مرداس بن عروة صحابي آخر والذي يروي عنه قيس مرداس ابن مالك الأسلمي ليس في ذلك خلاف ذكره البخاري في التاريخ الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل وابن حبان في الصحابة وأبو عبد الله ابن مندة في معرفة الصحابة والطبراني في الكبير وابن عبد البر في الاستيعاب وابن قانع في معجم الصحابة وغيرهم.
وإذا مشينا على ما قاله النووي إن هذا لا يؤثر في الصحابة فينبغي أن يمثل بمن خرج له البخاري أو مسلم من غير الصحابة فلم يرو عنه إلا راو واحد.
فمنهم عند البخاري جويرية بن قدامة تفرد عنه أبو جمرة2 نصر بن عمران الضبعي.
وزياد بن رباح المدني تفرد عنه مالك.
والوليد بن عبد الرحمن الجارودي3 تفرد عنه ابنه المنذر بن الوليد.
1 في خط: "المزني".
2 هكذا في "التهذيب" وغيره وفي خط: "أبو حمزة" بالمهملة والزاي.
3 هكذا في التهذيب والثقات وفي خط: "الجارودي".
ومن ذلك عند مسلم جابر بن إسماعيل الحضرمي تفرد عنه عبد الله بن وهب وخباب صاحب المقصورة تفرد عنه عامر بن سعد1.
قال التاسعة اختلفوا في قبول رواية المبتدع الذي لا يكفر في بدعته فمنهم من رد روايته مطلقا لأنه فاسق ببدعته وكما استوى في الكفر المتأول وغير المتأول يستوي في الفسق المتأول وغير المتأول ومنهم من قبل رواية المبتدع إذا لم يكن ممن يستحل الكذب في نصرة مذهبه أو لأهل مذهبه سواء كان داعيا إلى بدعته أو لم يكن وعزا بعضهم هذا إلى الشافعي لقوله أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية من الرافضة لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم.
وقال قوم تقبل روايته إذا لم يكن داعية ولا تقبل إذا كان داعية إلى بدعته وهذا مذهب الكثير أو الأكثر من العلماء.
وحكى بعض أصحاب الشافعي رضي الله عنه خلافا بين أصحابه في قبول رواية المبتدع إذا لم يدع إلى بدعته وقال أما إذا كان داعية فلا خلاف بينهم في عدم قبول روايته.
وقال ابن حبان أحد المصنفين من أئمة الحديث الداعية إلى البدع لا يجوز الاحتجاج به عند أئمتنا قاطبة لا أعلم بينهم فيه خلافا.
وهذا المذهب الثالث: أعدلها وأولاها والأول بعيد مباعد2 للشائع عن أئمة الحديث فإن كتبهم طافحة بالرواية عن المبتدعة غير الدعاة وفي الصحيحين كثير من أحاديثهم في الشواهد والأصول. انتهى.
المبتدع الذي لا نكفره ببدعته فيه أربعة أقوال حكى منها ثلاثة والرابع: أنه تقبل أخباره مطلقا وإن كان كافرا أو فاسقا بالتأويل حكاه الخطيب عن جماعة من أهل النقل والمتكلمين.
وفي تاريخ نيسابور للحاكم أن كتاب مسلم ثلاث من الشيعة3.
1 نهاية السقط في ع.
2 هكذا في ش وع وفي خط: "متباعد".
3 كذا في خط ووضع الناسخ علامة الأشكال علي أن وفي ع: "أن كتاب مسلم ملئان من الشيعة"؛ وهذا الصواب ففي كتاب مسلم جماعة من الشيعة أكثر من ثلاثة؛ والله أعلم.
ولم يحك المصنف خلافا فيما إذا كفرناه ببدعته كالمجسمة إن قلنا بتكفيرهم وقد حكاه الأصوليون فرد القاضي أبو بكر روايته مطلقا كاالكافر المخالف والمسلم الفاسق ونقله الآمدي عن الأكثرين وبه جزم ابن الحاجب وقال في المحصول الحق أنه إن اعتقد حرمة الكذب قبلنا روايته وإلا فلا لأن اعتقاد حرمة الكذب ينفه عنه1.
قوله وعزا بعضهم هذا إلى الشافعي المراد ببعضهم الخطيب أبو بكر ذكره في كتابه الكفاية.
وما حكاه عن ابن حبان من الاتفاق على أنه لا يجوز الاحتجاج بالداعية ينفي الخلاف في المسألة لأنه نقل عنه أيضا الاتفاق على الاحتجاج بغير الداعية فإنه قال: في تاريخ الثقات في ترجمة جعفر بن سليمان الضبعي ليس بين أهل الحديث من أئمتنا خلاف أن الصدوق المتقن إذا كان فيه بدعة ولم يكن يدعو إليها أن الاحتجاج بأخباره جائز فإذا دعا إلى بدعته سقط الاحتجاج بأخباره.
وفيما حكاه ابن حبان من الاتفاق نظر فإنه روي عن مالك رد روايتهم مطلقا كما قاله الخطيب في الكفاية.
واعترض على قوله وفي الصحيحين كثير من أحاديثهم أي من أحاديث المبتدعة في الشواهد والأصول أي لا في الاحتجاج2 وقد احتج البخاري بعمران بن حطان وهو من دعاة الشراة واحتج الشيخان بعبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني وكان داعية إلى الإرجاء.
ورد بما قاله أبو داود إنه ليس في أهل الأهواء أصح حديثا من الخوارج ثم ذكر عمران بن حطان وأبا حسان الأعرج.
وأيضا فمسلم لم يحتج بعبد الحميد وإنما أخرج له في المقدمة وقد وثقه ابن معين.
قال العاشرة: التائب من الكذب في حديث الناس وغيره من أسباب الفسق تقبل روايته إلا التائب من الكذب متعمدا في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا تقبل
1 في خط: "عنه" بالمهملة" في أوله – خطأ.
2 كذا وهذا ينافي كونها في الأصول ولا اعترض.
روايته أبدا وإن حسنت توبته على ما ذكر عن غير واحد من أهل العلم منهم أحمد بن حنبل وأبو بكر الحميدي شيخ البخاري.
وأطلق الإمام أبو بكر الصيرفي الشافعي فيما وجدت له في شرحه لرسالة الشافعي فقال كل من أسقطنا خبره من أهل النقل بكذب وجدناه عليه لم نعد لقبوله بتوبة تظهر ومن ضعفنا نقله لم نجعله قويا بعد ذلك فذكر1 أن ذلك مما افترقت فيه الروايه والشهادة.
وذكر الإمام أبو المظفر السمعاني المروزي أن من كذب في خبر واحد وجب إسقاط ما تقدم من حديثه وهذا يضاهي من حيث المعنى ما ذكره الصيرفي. انتهى.
اعترض على قوله وأطلق الصيرفي أي فلم يقيد الكذب بكونه في الحديث أو في غيره والظاهر أن الصيرفي إنما أراد الكذب في الحديث بدليل قوله من أهل النقل وقد قيده بالمحدث في كتابه الدلائل والاعلام2
1 هكذا في خط وفي ش وع: "وذكر".
2 كذا وهو في "الفهرست للنديم""ص/267" باسم: "البيان في دلائل الأعلام علي أصول الأحكام".ومثله عند الزركلي في "الأعلام""7/96" وزاد: "في أصول
الفقه. وذكره حكالة في معجم المؤلفين "10/220" باسم "دلائل الأعلام علدي أصول الأحكام في أصول الفقه".وذكره حاجي خليفة في كشف الظنون "1/873"
فقال: "رسالو الشافعي في الفقه تنافسوا في شرحها فشرحها وأبوبكر محمد بن عبد الله الصيرفي المتوفي سنة 330، واسمه: دلائل الأعلام؛ ذكره في شرح
الألفية". كذا قال؛ والسياق هنا يقتضي أن الدلائل غير شرح الرسالة وهو الصواب فقد ورد ذكر الكتابين في المصادر السابقة وهذا ظاهر من كلام ابن الصلاح
وشرحه. واقتصر النووي في الأسماء واللغات والسبكي والإسنوي في طبقات الشافعية وابن العماد فيالشذرات علي شرح الرسالة دون الدلائل. ولم أر من
تعرض لضبط همزة الأعلام وقد وردت في كتاب العراقي يالفتح وفي كتاب الزركلي بالكسر؛ والله أعلم.
فقال وليس يطعن1 على المحدث إلا أن يقول تعمدت الكذب فهو كاذب في الأول ولا يقبل خبره بعد ذلك.
قال الحادية عشرة: إذا روى ثقة عن ثقة2 وروجع المروي عنه فنفاه فالمختار أنه إن كان جازما بنفيه بأن قال: ما رويته أو كذب علي أو نحو ذلك فقد تعارض الجزمان والجاحد هو الأصل فوجب رد حديث فرعه ذلك ثم لا يكون ذلك جرحا له يوجب رد باقي حديثه لأنه مكذب لشيخه أيضا في ذلك وليس قبول جرح شيخه له بأولى من قبول جرحه لشيخه فتساقطا.
أما إذا قال: المروي عنه لا أعرفه أو لا أذكره أو نحو ذلك فذلك لا يوجب رد رواية الراوي عنه.
ومن روى حديثا ثم نسيه لم يكن ذلك مسقطا للعمل به عند جمهور أهل الحديث وجمهور الفقهاء والمتكلمين خلافا لقوم من أصحاب أبي حنيفة صاروا إلى إسقاطه بذلك وبنوا عليه ردهم حديث سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا نكحت المرأة بغير إذن وليها فنكاحها باطل" الحديث من أجل أن ابن جريج قال: لقيت الزهري فسألته عن هذا الحديث فلم يعرفه وكذا حديث ربيعة الرأي3 عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة:"أن النبي صلي الله عليه وسلم قضى بشاهد ويمين" فإن عبد العزيز ابن محمد الدراوردي قال: لقيت سهيلا فسألته عنه فلم يعرفه.
والصحيح ما عليه الجمهور لأن المروي عنه بصدد السهو والنسيان والراوي عنه ثقة جازم فلا ترد بالاحتمال روايته ولهذا كان سهيل بعد ذلك يقول حدثني ربيعة عني عن أبي4 ويسوق الحديث.
وقد روى كثير من الأكابر أحاديث نسوها بعدما حدثوا بها عن من سمعها.
1 هكذا في ع، وفي خط:"نطعن".
2 هكذا في خط وع، وليس في ش.
3 هكذا في ش وع، وفي خط:"الراوي".
4 هكذا في ش وع، و"الكفاية" "ص/543" وفي خط "حدثني ريعة عني أني" وراجع:"تحفة الشراف". "9/401".
منهم فكان أحدهم يقول حدثني فلان عني عن فلان بكذا وكذا وجمع الحافظ الخطيب ذلك في كتاب أخبار من حدث ونسي.
ولأجل أن الإنسان معرض للنسيان كره من كره من العلماء الرواية عن الأحياء منهم الشافعي قال: لابن عبد الحكم إياك والرواية عن الأحياء. انتهى.
حديث سليمان بن موسى رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة من رواية سليمان عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعا.
وذكر الترمذي أن بعض أهل الحديث ضعفه من أجل أن ابن جريج قال: ثم لقيت الزهري فسألته فأنكره انتهى.
ولم يصح إنكار الزهري له فقد ذكره1 الترمذي بعده عن ابن معين أنه لم يذكر هذا الحرف عن ابن جريج إلا إسماعيل بن إبراهيم.
قال وسماعه عن ابن جريج ليس بذاك إنما صحح كتبه على كتب عبد المجيد ابن عبد العزيز بن أبي رواد ما سمع من ابن جريج وضعف يحيى رواية إسماعيل بن إبراهيم عن ابن جريج.
واعترض بعضهم على قول المصنف فلم يعرفه والرواية فأنكره كما سبق.
ورد بأن المعروف ما ذكره المصنف كما وقع في سؤالات عباس الدوري عن ابن معين وفي العلل لأحمد وفي البيهقي بسند صحيح إلى أبي حاتم الرازي قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول وذكر عنده أن ابن علية يذكر حديث ابن جريج لا نكاح إلا بولي قال: ابن جريج فلقيت الزهري فسألته عنه فلم يعرفه
1 هكذا في خط والحديث عند الترمذي "1343" ولم يذكر قصة النسيان وراجع تحفة الأشراف "9/401" والقصة في سنن أبي داود والأم للشافعي والإرشاد
للخليلي والكفاية للخطيب والعلل للدارقطني والمعرفة للبيهقي وقال عقبة "14/290": "وقد ينسي المحدث حديثه فلا يقدح ذلك في سماع من سمعه منه قبل
النسيان. وراجع "المعرفة" أيضا "1/31".
وأثنى على سليمان بن موسى فقال أحمد إن ابن جريج له كتب مدونة وليس هذا في كتبه يعني حكاية ابن علية عن ابن جريج 1.
1 هكذا في ع وفي خط وقال وراجع السنن الكبرى 7/106 والمعرفة 10/31 كلاهما للبيهقي وكذلك علل ابن أبي حاتم 1/408 1224.
اعلم رحمك الله أن الإعلال بعدم وجود الحديث أو القول في مصنفات الشيخ المروي عنه منهج للأئمة رحمهم الله تعالى وفي كلامهم أمثلة لا تخفى منها:
ما ذكر هنا عن الإمام رحمه الله.
وفي علل الحديث لابن أبي حاتم 1/32 60 سألت أبي عن حديث رواه ابن عيينة عن سعيد بن أبي عروة عن قتادة عن حسان بن بلال عن عمار عن النبي صلى الله عليه وسلم في تخليل اللحية.
قال أبي لم يحدث بهذا أحد سوى ابن عيينة عن أبي عروة.
قلت: صحيح قال: لو كان صحيحا لكان في مصنفات ابن أبي عروة ولم يذكر ابن عيينة في هذا الحديث [سماعا] وهذا أيضا مما يوهنه اهـ.
وزيادة [سماعا] ليست في العلل المطبوع لكنها متعينة.
وفي علل الرازي أيضا 1/170 487 ذكر الأحاديث عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه من وجه آخر عن ابن [أي العشرين عن الأوزاعي عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة ثم قال: قلت لأبي: فأيهما أشبه عندك؟ قال: جميعا منكرين "كذا" ليس لواحد منهما معنى قلت لم؟ قال: لأن حديث ابن أبي العشرين لم يرو أحد سواه وكان الوليد صنف كتاب الصلاة وليس فيه هذا الحديث اهـ.
وفي علل الرازي 1/143 144 400 قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي وذكر حديث إبراهيم ابن سليمان بن إسماعيل المؤدب عن هرير بن عبد الرحمن بن رافع بن خديج عن جده رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لبلال: "نور بالفجر قدر ما يبصر القوم مواقع نبلهم".
قال أبي: روى أبو بكر بن أبي شيبة عن أبي نعيم عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع عن هرير ابن عبد الرحمن عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبي: وسمعنا من أبي نعيم كتاب إبراهيم بن إسماعيل الكتاب كله فلم يكن لهذا الحديث فيه ذكر وقد حدثنا غير واحد عن أبي إسماعيل المؤدب =
000000000000
= قلت لأبي: الخطأ من أبي نعيم أو من أبي بكر بن أبي شيبة؟
قال أرى قد تابع أبا بكر رجل آخر إما محمد بن يحيى أو غيره فعلى هذا يدل أن الخطأ من أبي نعيم يعنى أن أبا نعيم أراد أبا إسماعيل المؤدب وغلط في نسبته ونسب إبراهيم بن سليمان إلى إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع اهـ.
وفي شرح العلل لابن رجب 2/595 596 ط عتر إبراهيم بن سعد الزهري قال أحمد كان يحدث من حفظه فيخطئ وفي كتابه الصواب وقد تكلم فيه يحيى القطان روى من حفظه أحاديث أنكرت عليه منها.. "الأئمة من قريش" وسئل أحمد عنه فقال: ليس هذا في كتب إبراهيم لا ينبغي أن يكون له أصل اهـ
وفي علل الأحاديث التي في كتاب الصحيح لمسلم تصنيف ابن عمار ص 109.
قال: ووجدت فيه [أي في صحيح مسلم] عن يحيى بن حسان عن سليمان بن بلال عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يجوع أهل بيت عندهم التمر" وروى بهذا الإسناد أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم: "نعم الإدام الخل".
حدثنا أحمد بن محمد بن القاسم الفسوي حدثنا أحمد بن سفيان حدثنا أحمد بن صالح يحيى بن حسان بهذين الحديثين قال أحمد بن صالح نظرت في كتاب سليمان بن بلال فلم أحد لهذين الحديثين أصلا.
قال أحمد بن صالح وحدثني ابن أبي أويس قال: حدثني ابن أبي الزناد عن هشام عن رجل من الأنصار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل قوما: "ما إدامكم" قالوا: الخل قال: "نعم الإدام الخل" اهـ.
وأورد ابن عدي رحمه الله حديث "ما أحسن الله خلق رجل وخلقه فأطعمه النار" في ترجمة الحسن بن علي بن صالح بن زكريا بن يحيى 2/751 من طريق الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر عن عمر مرفوعا ثم قال: وهذا الحديث باطل بهذا الإسناد وعندنا نسخة الليث عن نافع عن ابن عمر عن غير واحد عن الليث وما فيه شيء من هذا اهـ.
وأورد حديث "يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما" من طريق الحسن بن علي بن صالح ثنا هدبة ثنا همام عن ثابت عن أنس
…
الحديث.
ثم قال: وهذا حديث يحدث به عفان وحبان ومحمد بن سنان عن همام فألزقه العدوي [وهو الحسن بن علي بن صالح] على هدبة وليس الحديث عند هدبة وعندنا نسخة همام من رواية عنه عن جماعة شيوخ وليس فيه هذا الحديث اهـ =
000000000
= وفي المعرفة للفسوى 1/428 وحدثني الفضل قال سمعت أبا عبد الله وذكر له هشام عن أبيه عن عائشة كان يستعذب النبي صلى الله عليه وسلم الماء من بيوت السقا.
فقال: ما رواه إلا الدراوردي ولم يكن في أصل كتابه اهـ.
وفي السير للذهبي 15/504 قال الدارقطني حدث النجاد من كتاب غيره بما لم يكن في أصوله وهذا النص ذكره الخطيب البغدادي أيضا في تاريخ بغداد 4/191 وانظر التنكيل للمعلمي اليماني رحمه الله تعالى 1/110.
وفي تاريخ الدوري 4298 قال حدثنا يحي قال: حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن محمد قال: ليس الدرن من الدين في شيء؟ قال يحيى لم نسمع هذا إلا من الثقفي قال يحيى ولم يكن هذا في كتاب الثقفي اهـ.
وفي سنن الدارقطني 3/153 نا حمزة بن القاسم الهاشمي نا حنبل بن إسحاق قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل في حديث عبد الرزاق في حديث أبي هريرة والنار جبار ليس بشيء لم يكن في اكتب باطل ليس هو بصحيح اهـ.
والأمثلة على هذا الأصل كثيرة مشهورة في كتب أهل الحديث رحمهم الله.
وقد تخرج بعض أشياء من هذا الأصل لقرائن تحتف بها كما أنكر ابن معين حديث عبيد الله بن معاذ عن شعبة في كون "قل هو الله أحد ثلث القرآن" مع اطلاعه يعني ابن معين عليه في أصل كتاب معاذ لكن وجدت قرائن أخرى لإعلال الحديث رغم وجوده في أصل معاذ فأنكره ابن معين على عبيد الله وراجع له حديث الستة من التابعين للخطيب رحمه الله ط مكتبة السنة بتحقيقي.
وأنكر ابن معين رحمه الله تعالى بعض الأحاديث لم تكن في كتب إسحاق الأزرق فقال أبو حاتم الرازي [كما في علل ابنه 1/136 378] هو هندي صحيح وحدثنا به أحمد بن حنبل رحمه الله بالحديثين جميعا عن إسحاق الأزرق قال ابن أبي حاتم قلت لأبي: فما بال يحيى نظر في كتاب إسحاق فلم يجده؟ قال كيف نظر في كتابه في العلل كتبه كذا كله؟ إنما نظر في بعض وربما كان في موضع آخر اهـ.
والذي دفع أبا حاتم رحمه الله إلى هذا المسلك إمامة أحمد رحمه الله أضف إليه أنه لم يعلم عن إسحاق أنه كان يحدث بما ليس في كتبه وإلا لو كان يحدث بما ليس في كتبه لاتجه الطعن إليه كما سبق في قول الدارقطني عن النجاد وقوله أيضا عن أحمد بن كامل بن خلف كان متساهلا وربما حدث من حفظه بما ليس عنده في كتابه اهـ كما في تاريخ بغداد 4/358.
وفي الكامل لابن عدي رحمه الله ص 777 ترجمة حسين بن حميد بن الربيع الخزاز الكوفي =
وحديث ربيعة رواه أيضا الثلاثة أبو داود والترمذي وابن ماجة من رواية ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سهيل1 بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة.
زاد أبو داود في رواية أن عبد العزيز الدراوردي قال: فذكرت ذلك لسهيل فقال أخبرني ربيعة وهو عندي ثقة أني حدثته إياه ولا أحفظه.
قال عبد العزيز وقد كان أصابت سهيلا علة أذهبت بعض عقله ونسى بعض حديثه فكان سهيل بعد يحدثه عن ربيعة عنه عن أبيه2.
ورواه أبو داود أيضا من رواية سليمان بن بلال عن ربيعة قال: سليمان فلقيت سهيلا فسألته عن هذا الحديث فقال ما أعرفه فقلت له إن ربيعة أخبرني به
وعنه السير للذهبي 11/76 ترجمة يحيى بن معين استنكر أبو بكر بن أبي شيبة رحمه الله حديثا رواه ابن معين عن حفص بن غياث وقال أبو بكر: من أين لابن معين هذا الحديث وهو ذا كتب حفص عندنا وكتب ابنه عمر عندنا وليس فيه من هذا شيء؟.
ورد ابن عدي رحمه الله هذه الحكاية واتهم الحسين في هذه الحكاية وقال: وأما يحيى بن معين فهو أجل من أن يقال فيه شيء من هذا لأن عامة الرواة به تسبر أحوالهم اهـ.
ونص العبارة في السير ويحيى أوثق وأجل من أن ينسب إليه شيء من ذلك وبه يسبر أحوال الضعفاء. اهـ.
والمراد من هذه الحكاية قول ابن عدي ويحيى أوثق وأجل.........
وليس المراد إثبات صحة الحكاية.
ومن ثم يلوح لك أن عدم وجود الحديث في أصل الشيخ منهج من مناهج الأئمة رحمهم الله في الإعلال وقد يعلون بعض الأحاديث مع وجودها في أصل الشيخ كما سبق إنكار ابن معين لحديث عبيد الله بن معاذ عن أبيه عن شعبة مع اطلاعه عليه في أصل معاذ وذلك لقرئن تظهر في حينها.
وللحديث بقية تأتي في تيسير علل الحديث يسر الله إتمامه بخير والسلام. وعنه "السير للذهبي "11/76" ترجمة يحي بن معين استكبر أبو بكر بن أبي شيبة رحمه الله حديثا رواه ابن معين عن حفص بن غياث وقال أبوبكر: "من أين
لابن معين هذا الحديث وهو ذا كتب حفص عندنا وكتب إبنه عمر عندنا وليس فيه من هذا شئ؟! اهـ. ورد ابن عدي رحمه الله هذه الحكاية وقال: وأما يحي بن
معين فهو أجل من أن يقال فيه شئ من هذا لأن عامة الرواة تسير أحوالهم" اهـ. ونص العبارة في السير "ويحي أوثق وأجل من أن ينسب إليه شئ من ذلك وبه
يسبر أحوال الضعفاء" اهـ. والمراد من هذه الحكاية قول ابن عدي "ويحي أوثق وأجل
…
".وليس المراد إثبات صحة الحكاية. ومن ثم يلوح لك أن عد وجود
الحديث في أصل الشيخ منهج من منهاج الأئمة رحمهم الله في الإعلال وقد يعلون بعض الحاديث مع وجودها في أصل الشيخ كما سبق إنكار ابن معين لحديث
عبيد الله بن معاذ عن أبيه عن شعبة مع اطلاعه عليه في أصل معاذ وذلك لقرائن تظهر في حينها. وللحديث بقية تأتي في تيسير علل الحديث يسر الله إتمامه
بخير. والسلام.
1 في خط "سهل" بدون الياء.
2 هكذا في سنن أبي داود "3610" وفي خط: "فكان سهيل بعد يحدث عن ربيعة عن أبيه" ولم يرد هذا الجزء في "تحفة الأشراف" فليستدرك".
عنك قال: فإن كان ربيعة أخبرك عني فحدث به عن ربيعة عني1.
وقد جمع غير واحد من الأئمة أحاديث من حدث فنسى كالدارقطني والخطيب.
وممن كره التحديث عن الأحياء الشعبي فإنه قال: لابن عون لا تحدثني عن الأحياء وقال معمر لعبد الرزاق إن قدرت أن لا تحدث عن رجل حي فافعل.
وفي رواية البيهقي في المدخل أن الشافعي قال: لابن عبد الحكم لما حدثه بحكاية فأنكرها ثم تذكرها لا تحدثني عن حي فإن الحي لا يؤمن عليه النسيان.
قال الثانية عشرة من أخذ على التحديث أجرا منع ذلك من قبول روايته عند قوم من أئمة الحديث.
روينا عن إسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه أنه سئل عن المحدث يحدث بالأجر فقال لا يكتب عنه.
وعن أحمد بن حنبل وأبي حاتم الرازي نحو ذلك وترخص أبو نعيم الفضل بن دكين وعلي بن عبد العزيزالمكي وآخرون في أخذ العوض على التحديث وذلك شبيه بأخذ الأجرة على تعليم القرآن وغيره2.
غير أن في هذا من حيث العرف خرما للمروءة والظن يساء بفاعله إلا أن يقترن ذلك بعذر ينفي ذلك عنه كمثل ما حدثنيه الشيخ أبو المظفر عن أبيه الحافظ أبي سعد السمعاني أن أبا الفضل محمد بن ناصر السلامى ذكر أن أبا الحسين بن النقور فعل ذلك لأن الشيخ أبا إسحاق الشيرازي أفتاه بجواز أخذ
1 قال ابن أبي حاتم رحمه الله في العلل "1/463 – 464""1392": "قيل لأبي: يصح حديث أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم في اليمين مع الشاهد؟
فوقف وقفة، فقال: تري الدراوردي ما يقول؟ يعني قوله قلت لسهيل فلم يعرفه. قلت: فليس نسيان سهيل دافعا لما حكي عنه ربيعة وربيعة ثقة والرجل يحدث
بالحديث وينسي. قال: أجل هكذا هو ولكن لم نر أن يتبعه متابع علي روايته وقد روي عن سهيل جملعة كثيرة ليس عند أحد منهم هذا الحديث. قلت: أنه يقول
بخير الواحد. قال: أجل غير أني لا أدري لهذا الحديث أصلا عن أبي هريرة أعتبر به وهذا أصل من الأصول لم يتابع عليه ربيعة.
2 في ش وع: "ونحوه".
الأجرة على التحديث لأن أصحاب الحديث كانوا يمنعونه عن الكسب لعياله. انتهى.
علي بن عبد العزيز المكي هو البغوي.
وتشبيهه ذلك بالأجرة على القرآن يشمل ما إذا كان التعليم واجبا كالأحاديث المتعلقة بواجبات الشرع وشرائطها فينبغي أن يجري فيه الخلاف فيمن يجب عليه تعليم الفاتحة إذا تعين عليه ومحل ذلك كتب الفقه.
قال الثالثة عشرة لا تقبل رواية من عرف بالتساهل في سماع الحديث أو إسماعه كمن لا يبالي بالنوم في مجلس السماع وكمن يحدث لا من أصل مقابل صحيح ومن هذا القبيل من عرف بقبول التلقين في الحديث.
ولا تقبل رواية من كثرت الشواذ والمناكير في حديثه.
جاء عن شعبة أنه قال: "لا يجيئك الحديث الشاذ إلا من الرجل الشاذ". ولا تقبل رواية من عرف بكثرة السهو في رواياته إذا لم يحدث من أصل صحيح.
وكل هذا يخرم الثقة بالراوي وبضبطه.
وورد عن ابن المبارك وأحمد والحميدي وغيرهم أن من غلط في حديث وبين له غلطه فلم يرجع عنه وأصر على رواية ذلك الحديث سقطت رواياته ولم يكتب عنه.
وفي هذا نظر وهو غير مستنكر إذا ظهر أن ذلك منه على جهة العناد او نحو ذلك. انتهى.
وما ذكره بحثا هو ما نص عليه ابن حبان وقال إن من بين له خطأوه1 وعلم فلم يرجع عنه وتمادى في ذلك كان كذابا بعلم صحيح2.
فقيده بكونه علم خطأوه3 وإنما يكون عنادا إذا علم الحق وخالفه وقيده بعضهم بأن يكون الذي بين له غلطه عالما عند المبين له أما إذا كان ليس بهذه
1 هكذا في خط وع، وفي "المجروحين":"خطأه"
2 راجع: "المجروحين""1/78 – 79""النوع السادس عشر" من أنواع جرح الضعفاء.
3 هكذا في خط وع.
المثابة عنده فإنه لا جرح1 إذا.
ولا فرق بين نوم القارئ أو الشيخ وكذا لا فرق بين أن يكون الأصل المقروء منه مقابلا على أصل الشيخ أو على غيره كما أنه لا فرق في التساهل في حالة التحمل أو الأداء.
قوله ومن هذا القبيل من عرف بالتلقين أي كموسى بن دينار فكان يلقن الشيء فيحدث به من غير أن يعلم أنه من حديثه.
وقيل لشعبة من الذي يترك حديثه قال: إذا أكثر2 عن المعروف من الرواية ما لا يعرف وأكثر الغلط3.
1 هكذا في خط وفي ع: "حرج" بالمهملة في أوله والجيم في آخره.
2 في خط: "كثر" والصواب: "أكثر".
3 هكذا في خط ونص العبارة في المجروحين لابن حبان "1/73 – 74" "
…
سمعت نعيم بن حماد يقول: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: قلت لشعبة: من
الذي تترك الرواية عنه؟ قال: إذا أكثر عن المعروفين من الرواية ما لا يعرف
ونص الكفاية للخطيب "ص225 – 226": "
…
نعيم بن حماد قال سمعت ابن مهدي يذكر عن شعبة قيل له: من الذي يتك حديثه؟ قال: الذي إذا روي عن
المعروفين ما لا يعرفه الوعروفون فأكثر طرح حديثه.
ثم وجدت النمص في المجروحين لابن حبان "1/77": بإسناده السابق إلي عبد الرحمن بن مهدي قال: "قلت لشعبة: من الذي تترك [في "المجروحين": "يترك"
كذا] الرواية عنه؟ قال: إذا أكثر المعروفين من الرواية ما لا يعرف أو أكثر الغلط". وهذا نص عبارة الأبناسي سوي "وأكثر" فصوابها: "أو أكثر" كما في
المجروحين.
وفي الكفاية "ص/229" "
…
نعيم بن حماد قال: حدثني عبد الرحمن بن مهدي قال: كنا عند شعبة فسئل يا أبا بسطام حديث من يترك؟ قال: من يكذب في الحديث
ومن يكثر الغلط ومن يخطئ في خحديث مجتمع عليه فيقيم علي غلطه فلا يرجع ومن روي عن المعروفين ما لا يعرفه المعروفون".
وفي الجرح والتعديل لابن حاتم "2/31 – 32". من وجه آخر عن ابن مهدي قال: "قيل لشعبة متي يترك حديث الرجل؟ قال: إذا حدث عن المعروفين ما لايعرفه المعروفون وإذا أكثر الغلط وإذا اتهم بالكذب وإذا روي حديثا غلطا مجتمعا عليه فلم يتهم نفسه فيتركه طرح حديثه وما كان غيرذلك فارووا عنه".
وكذلك ترد رواية من عرف بكثرة السهو ولم يحدث من أصل صحيح فإن حدث منه قبل لأن العمدة إنما هي على الأصل لا على حفظه1.
قال الشافعي في الرسالة من كثر غلطه ولم يكن له أصل لم يقبل كمن كثر غلطه في الشهادة.
وقال ابن مهدي لشعبة من الذي تترك2 الرواية عنه قال: إذا تمادى في غلط مجمع عليه ولم يتهم نفسه عند اجتماعهم على خلافه أو رجل يتهم بالكذب3.
قال الرابعة عشرة أعرض الناس في هذه الأعصار المتأخرة عن اعتبار ما بينا4 من الشروط في رواة الحديث ومشايخه فلم يتقيدوا بها في رواياتهم لتعذر الوفاء بذلك على نحو ما تقدم.
وكان عليه من تقدم ووجه ذلك ما قدمناه في أول كتابنا هذا من كون المقصود آل آخرا إلى المحافظة على خصيصة هذه الأمة في الأسانيد والمحاذرة من انقطاع سلسلتها فليعتبر من الشروط المذكورة ما يليق بهذا الغرض على تجرده وليكتف في أهلية الشيخ بكونه مسلما بالغا عاقلا غير متظاهر بالفسق والسخف وفي ضبطه بوجود سماعه مثبتا بخط غير متهم وبروايته من أصل موافق لأصل شيخه.
وقد سبق إلى نحو ما ذكرناه الحافظ أبو بكر البيهقي فإنه ذكر فيما رويناه عنه توسع من توسع في السماع من بعض محدثي زمانه الذين لا يحفظون حدثهم ولا يحسنون قراءته من كتبهم ولا يعرفون ما يقرأ عليهم بعد أن تكون القراءة عليهم من أصل سماعهم ووجه ذلك بأن الأحاديث التي قد صحت أو وقعت5 بين الصحة والسقم قد دونت وكتبت في الجوامع التي جمعها أئمة
1 وهذا عام في كل من لا يحفظ ولا يحدث من حفظه إلا الثبت صاحب الحفظ واليقظة والمر علي ما ذكر ابن المديمي رحمه الله: "هذا أحد رجلين إما رجل يحدث من كتابه أو من حفظه" اهـ راجع: تأريخ بغداد للخطيب رحمه الله "9/229" – ترجمة: سويد بن سعيد الحدثاني".
2 وقع في "المجروحين""1/79": "يترك".
3 هكذا في المجروحين وراجع الكفاية "ص/229".
4 هكذا في خط وفي ش وع: "مجموع ما بينا".
5 هكذا في خط وع بالعين المهملة وفي ش: "وقفت" بالفاء.
الحديث ولا يجوز أن يذهب شيء منها على جميعهم وإن جاز أن يذهب على بعضهم لضمان صاحب الشريعة حفظها قال: فمن جاء اليوم بحديث لا يوجد عند جميعهم لم يقبل منه ومن جاء بحديث معروف عندهم فالذي يرويه لا ينفرد بروايته والحجة قائمة بحديثه برواية غيره والقصد من روايته والسماع منه أن يصير الحديث مسلسلا بحدثنا وأخبرنا وتبقى هذه الكرامة التي خصت بها هذه الأمة شرفا لنبينا المصطفى صلي الله عليه وسلم. انتهى.
قال السلفي: إن الشيوخ الذين لا يعرفون حديثهم الاعتماد في روايتهم على الثقة المفيد عنهم لا عليهم وإن هذا كله توسل من الحافظ إلى حفظ الأسانيد إذ ليسوا من شرط الصحيح إلا على وجه المتابعة ولولا رخصة العلماء لما جازت الكتابة عنهم ولا الرواية إلا عن قوم منهم دون آخرين وهذا هو الذي استقر عليه العمل
قال الذهبي في أول الميزان العمدة في زماننا ليس على الرواة بل على المحدثين والمفيدين الذين عرفت عدالتهم وصدقهم في ضبط أسماء السامعين.
قال ثم من المعلوم1 أنه لا بد من صون الراوي وستره.
قال الخامسة عشرة: في بيان الألفاظ المستعملة بين2 أهل هذا الشأن في الجرح والتعديل.
وقد رتبها أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي في كتابه في الجرح والتعديل فأجاد وأحسن.
ونحن نرتبها كذلك ونورد ما ذكره ونضيف إليه ما بلغنا في ذلك عن غيره إن شاء الله تعالى.
أما ألفاظ التعديل فعلى مراتب:
الأولى: قال: ابن أبي حاتم3 إذا قيل للواحد إنه ثقة أو متقن4 فهو ممن يحتج بحديثه.
1 هكذا في "المبزان" و "اللسان" وفي خط: "العلوم".
2 هكذا في خط وفي ش وع: "من".
3 هكذا في ش وع، وراجع "الجرح والتعديل""2/37".
4 هكذا في ش وع وخط وفي "الجرح": "ثقة أو متقن ثبت" ولعلها "
…
أو ثبت" ويؤيد ذلك سياق الكلام وعزو الأبناسي الآتي إلي بعض نسخ الجرح والله أعلم.
قلت وكذا إذا قيل ثبت أو حجة وكذا إذا قيل في العدل إنه حافظ أو ضابط. انتهى.
ما حكاه عن ابن أبي حاتم قال: به الحافظ أبو بكر الخطيب في الكفاية وزاد الذهبي في أول الميزان درجة أرفع من هذه وهي1 أن يكرر هذه الألفاظ كقوله ثقة ثقة أو ثقة ثبت أو ثبت حجة أو نحو ذلك وما قاله صحيح لأن التكرار له مزية التأكيد.
واعترض على المصنف في قوله قلت وكذا إذا قيل ثبت مفهما كونها من زياداته على ابن أبي حاتم مع أنها في بعض نسخه.
قال الثانية قال: ابن أبي حاتم إذا قيل إنه صدوق أو محله الصدق أو لا بأس به2 فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه وهي المنزلة الثانية.
قلت هذا3 كما قال: لأن هذه العبارات لا تشعر بشريطة الضبط فينظر في حديثه ويختبر حتى يعرف ضبطه وقد تقدم بيان طريقه في أول هذا النوع وإن لم نستوف النظر المعرف لكون ذلك المحدث في نفسه ضابطا مطلقا واحتجنا إلى حديث من حديثه اعتبرنا ذلك الحديث ونظرنا هل له أصل من رواية غيره كما تقدم بيان طريق الاعتبار في النوع الخامس عشر.
ومشهور عن عبد الرحمن بن مهدي القدوة في هذا الشأن أنه حدث فقال حدثنا أبو خلدة فقيل له أكان ثقة فقال كان صدوقا وكان خيرا وفي رواية وكان خيارا الثقة شعبة وسفيان4.
1 هكذا في ع، وفي خط:"زهز".
2 هكذا في ش وع و "الجرح" وليست في خط.
3 هكذا في ع وخط وفي ش: "هكذا".
4 هكذا في خط وفي ش وع: "كان صدوقا وكان مأمونا وكان خيرا...." وفي الجرح "2/37": "كان صدوقا وكان مأمونا الثقة سفيان وشعبة"، وفي المجروحين
"1/49": "كان صجوقا وكان خيلرا وكان مأمونا الثقة سفيان وشعبه وفي الكفاية "ص/60"" "كان صدوقا وكان مأمونا وكان خيرا وقال القاسم: وكان خيارا
الثقة: شعبة سفيان ". والنقل الذي في كتابنا عن الكفاية وفيها: "..وكان مأمونا،
…
".
ثم إن ذلك مخالف لما ورد عن ابن أبي خيثمة قال: قلت ليحيى بن معين إنك تقول فلان ليس به بأس وفلان ضعيف قال: إذا قلت لك ليس به بأس فهو بثقة وإذا قلت لك هو ضعيف فليس هو ثقة لا تكتب حديثه.
قلت ليس في هذا حكاية ذلك عن غيره من أهل الحديث فإنه نسبه إلى نفسه خاصة بخلاف ما ذكره ابن أبي حاتم.
الثالثة: قال: ابن أبي حاتم إذا قيل شيخ فهو بالمنزلة الثالثة يكتب حديثه وينظر فيه إلا أنه دون الثانية
الرابعة: قال: إذا قيل صالح الحديث فإنه يكتب حديثه للاعتبار.
قلت وجاء عن أبي جعفر أحمد بن سنان قال: كان عبد الرحمن بن مهدي ربما جرى ذكر حديث الرجل فيه ضعف وهو رجل صدوق1 فيقول رجل صالح الحديث2. انتهى.
مراتب التعديل على أربع طبقات: أعلاها ولم يذكرها ابن أبي حاتم ولا المصنف تكرير لفظ التوثيق كما تقدم وسواء كرر اللفظ بعينه كقوله ثقة ثقة أو مع غيره كقوله ثبت ثقة أو ثقة حجة.
الثانية: أن يقول ثقة أو ثبت أو حجة ولم يكرر.
الثالثة: ليس به بأس أو لا بأس به أو صدوق أو مأمون أو خيار وليس منها محله الصدق كما قاله المصنف تبعا لابن أبي حاتم والظاهر جعلها من المرتبة الرابعة كما قاله صاحب الميزان.
الرابعة محله الصدق أو رووا عنه أو إلى الصدق ما هو أو شيخ وسط أو وسط أو شيخ صالح الحديث أو مقارب الحديث أو جيد الحديث أو
1 هكذا في ش وع و "الجرح""2/37" والكفاية "ص/60" وفي خط: "جري في ذكر
…
"
2 هكذا في ش وو ع وخط والكفاية وقال ابن أبي حاتم "2/37": "نا أحمد بن سنان الواسطي قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي وربما جري ذكر رجل صدوق في
حديثه ضعف فيقول: رجل صالح، الحديث يغلبه. يعني أن شهوة الحديث تغلبه". وهذا أشبه؛ والله أعلم.
حسن الحديث أو صويلح أو صدوق إن شاء الله أو أرجو1 أنه ليس به بأس أو نحو ذلك.
وابن معين سوى بين قوله ثقة وبين قوله ليس به بأس لقوله وإذا قلت ليس به بأس فهو ثقة كذا فهم عنه المصنف وغيره.
وابن معين لم يقل قولي وليس به بأس هو كقولي ثقة حتى يلزم منه التساوي وإن اشتركا في مطلق الثقة إلا أن قوله ثقة أرفع من قوله لا بأس به وفي كلام دحيم ما يوافق ابن معين؛
قال أبو زرعة قلت لعبد الرحمن بن إبراهيم ما تقول في علي بن حوشب الفزاري قال: لا بأس به قال: قلت ولم لا تقول ثقة ولا نعلم إلا خيرا قال: قد قلت لك إنه ثقة.
وقال المروذي سألت أحمد عن عبد الوهاب بن عطاء؛ ثقة؟
قال تدري ما الثقة إنما الثقة يحيى بن سعيد القطان.
وقول المصنف الثقة شعبة وسفيان مخالف لما في كتاب الخطيب وغيره فإن فيه الثقة شعبة ومسعر ولم يذكر سفيان البتة كذا اعترض عليه بعضهم.
وجوابه أن المصنف لم ينقله عن الخطيب2 ومع هذا يحتمل غلط الناسخ وهو أولى من تغليط الشيخ مع أن المشهور عن ابن مهدي ما ذكره المصنف كما حكاه عمرو بن علي الفلاس وابن أبي حاتم والمزي في التهذيب في ترجمة أبي خلدة وخالف في ذلك في ترجمة مسعر فقال الثقة شعبة ومسعر فيحتمل أنه سئل عنه مرتين ويحتمل أنه ذكر الثلاثة فاقتصر الفلاس على التمثيل باثنين فمرة ذكر سفيان ومرة ذكر مسعرا.
قال: وأما ألفاظهم في الجرح فهي أيضا على مراتب
1 في خط: أرجوا" بألف في آخره – خطأ.
2 والذي عند الخطيب في الكفاية "ص/59 – 60" من وجوه عن الفلاس عن ابن مهدي: "الثقة: شعبة وسفيان" وهكذا عند ابن أبي حاتم وابن حبان كما سبق.
أولاها قولهم لين الحديث.
قال ابن أبي حاتم إذا أجابوا في الرجل بلين الحديث فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه اعتبارا.
قلت وسأل حمزة بن يوسف السهمي أبا الحسن الدارقطني الإمام فقال له إذا قلت فلان لين أيش تريد به قال: لا يكون ساقطا متروك الحديث ولكن مجروحا بشيء لا يسقط عن العدالة.
الثانية: قال: ابن أبي حاتم إذا قالوا ليس بقوي فهو بمنزلة الأول في كتب حديثه إلا أنه دونه.
الثالثة: قال: إذا قالوا ضعيف الحديث فهو دون الثاني: لا يطرح حديثه بل يعتبر به.
الرابعة: قال: إذا قالوا متروك الحديث أو ذاهب الحديث أو كذاب فهو ساقط الحديث لا يكتب حديثه وهي المنزلة الرابعة.
قال الخطيب أبو بكر أرفع العبارات في أحوال الرواة أن يقال حجة أو ثقة وأدونها أن يقال كذاب ساقط.
أخبرنا أبو بكر بن عبد المنعم الصاعدي الفراوي1 قراءة عليه بنيسابور أنا محمد بن إسماعيل الفارسي أنا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي أنا أبو الحسين بن الفضل أنا عبد الله بن جعفر ثنا يعقوب بن سفيان قال: سمعت أحمد بن صالح قال: لا يترك حديث رجل حتى يجتمع الجميع على ترك حديثه قد يقال فلان ضعيف فأما أن يقال فلان متروك فلا إلا أن يجمع الجميع على ترك حديثه.
ومما لم يشرحه ابن أبي حاتم وغيره من الألفاظ المستعملة في هذا الباب قولهم فلان قد روى الناس عنه فلان وسط فلان مقارب الحديث فلان
1 هكذا في ش وع، وفي خط:"أبوبكر الخطيب بن عبد الرحمن المنعم الصاعدي الفراوي".وضرب علي لفظ: "االخطيب وغفل عن الضرب علي لفظ:
"عبد الرحمن.
مضطرب الحديث فلان لا يحتج به فلان مجهول فلان لا شيء فلان ليس بذاك وربما قيل ليس بذاك القوي فلان فيه أو في حديثه ضعف وهو في الجرح أقل من قولهم فلان ضعيف الحديث فلان ما أعلم به بأسا وهو في التعديل دون قولهم لا بأس به.
وما من لفظة منها ومن أشباهها إلا ولها نظير شرحناه أو أصل أصلناه يتنبه1 إن شاء الله تعالى به عليها. انتهى.
قوله ومما لم يشرحه ابن أبي حاتم وغيره أراد بعدم الشرح أنهم لم يبينوا ألفاظ التوثيق من أي رتبة هي من الثانية أو الثالثة مثلا وكذلك ألفاظ التجريح لم يبينوا من أي منزلة هي وليس المراد أنهم لم يبينوا هل هي من ألفاظ التوثيق أو التجريح فإن هذا أمر لا يخفى على أهل الحديث.
وقد ذكر المصنف إحدى عشرة لفظة منها أربعة ألفاظ للتوثيق وهي فلان روى عنه الناس وفلان وسط وفلان مقارب الحديث وفلان ما أعلم به بأسا.
وهذه الأربعة من الرتبة الرابعة من التوثيق وهي الأخيرة.
ومنها سبعة ألفاظ للجرح منها أربعة في الرتبة الأولى وهي ألين ألفاظ الجرح فلان ليس بذاك فلان ليس بذاك القوي فلان فيه ضعف فلان في حديثه ضعف.
وفي الرتبة الثانية لفظتان وهي أشد في الجرح من التي قبلها فلان لا يحتج به2 فلان مضطرب الحديث.
وفي الثالثة لفظة واحدة وهي أشد من اللتين قبلها وهي فلان لا شيء.
1 هكذا في خط وفي ش وع: "ننبه".
2 قال ابم أبي حاتم "2/133" في ترجمة "إبراهيم بن مهاجر البجلي": "سمعت أبي يقول: إبراهيم بن مهاجر ليس بقوي هو وحصين بن عبد الرحمن وعطاء بن السائب قريب بعضهم من بعض محلهم عندنا محل الصدق، يكتب حديثهم ولا يحتج بحديثهم. قلت لأبي: ما معني لا يحتج بحديثهم؟ قال: كانوا قوما لا يحفظون فيحدثون بما لغا يحفظون فيحدثون بما لا يحفظون فيغلطون تري في أحاديثهم اضطرابا ما شئت" اهـ.
وذكر فيها أيضا فلان مجهول وقد تقدم ذكر المجهول وأنه على ثلاثة أقسام فلا حاجة إلى ذكره.
وقوله: مقارب الحديث بكسر الراء كذا ضبطه النووي في مختصريه1 تبعا للمصنف فيما قرئ عليه.
واعترض بعضهم بأن ابن السيد حكي فيه الوجهين الكسر والفتح وجعل الكسر من ألفاظ التعديل والفتح من ألفاظ التجريح.
ورد بأن الوجهين معا للتعديل وممن حكى الوجهين ابن العربي في الأحوذي شرح الترمذي2 وكذلك ضبط بالوجهين في نسخ البخاري الصحيحة.
وممن ذكرهما3 في التوثيق الذهبي وكأن المعترض فهم من فتح الراء أن الشيء المقارب هو الردي وليس كذلك وإنما هي لفظة عامية.
نعم هي على الوجهين من قوله سددوا وقاربوا فمن كسر قال: إن معناه أن حديثه مقاربه4 حديث غيره ومن فتح قال: معناه أن حديثه مقاربه حديث غيره إذ صيغة فاعل تقتضي المشاركة غالبا.
وقال الجوهري رجل مقارب ومتاع مقارب أي ولا يقال بالفتح.
وأهمل المصنف من ألفاظ التوثيق من المرتبة الثانية على رأي المصنف لا على رأي الذهبي قولهم فلان مأمون فلان خيار.
ومن المرتبة الثالثة أو الرابعة فلان إلى الصدق ما هو فلان جيد الحديث فلان حسن الحديث فلان صويلح فلان صدوق إن شاء الله فلان أرجو أنه لا بأس به.
1 هكذا في خط بالتثنية يعني: "الإرشاد، والتقريب" وفي ع: "مختصرة" بالإفراد".
2 هكذا في خط وع والمراد به: "عارضة الأحوذي" لابن العربي.
3 هكذا في خط علي التثنية وفي ع "ذكره".
4 هكذا في خط، وفي ع:"يقاربه".
وأما ألفاظ التجريح فمن المرتبة الأولى وهي ألين ألفاظ التجريح فلان فيه مقال فلان ضعف فلان تعرف وتنكر فلان ليس بالمتين أو ليس بحجة أو ليس بعمدة أو ليس بالمرضى وفلان للضعف ما هو وسيئ الحفظ وفيه خلف وطعنوا فيه وتكلموا فيه.
ومن المرتبة الثانية وهي أشد من الأولى فلان واه فلان ضعفوه فلان منكر الحديث.
ومن المرتبة الثالثة وهي أشد منهما فلان ضعيف جدا فلان واه بمرة فلان لا يساوي شيئا فلان مطرح وطرحوا حديثه وارم1 به ورد حديثه.
ومن المرتبة الرابعة فلان متهم بالكذب وهالك وليس بثقة ولا يعتبر به وفيه نظر وسكتوا عنه.
وهاتان العبارتان يقولهما البخاري فيمن تركوا حديثه.
ومن المرتبة الخامسة ولم يذكرها المصنف فلان وضاع فلان دجال.
ولهم ألفاظ أخر يستدل بهذه عليها.
1 تحرف في ع إلي: "ورام".