المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النوع الثامن: معرفة المقطوع - الشذا الفياح من علوم ابن الصلاح - جـ ١

[برهان الدين الأبناسي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمة

- ‌النوع الأول: من أنواع علوم الحديث معرفة الصيحيح من الحديث

- ‌النوع الثاني: معرفة الحسن من الحديث

- ‌النوع الثالث: معرفة الضعيف من الحديث

- ‌النوع الرابع: معرفة المسند

- ‌النوع الخامس: معرفة المتصل

- ‌النوع السادس: معرفة المرفوع

- ‌النوع السابع: معرفة الموقوف

- ‌النوع الثامن: معرفة المقطوع

- ‌النوع التاسع: معرفة المرسل

- ‌النوع العاشر: معرفة المنقطع

- ‌النوع الحادي عشر: معرفة المعضل

- ‌النوع الثاني عشر: معرفة التدليس وحكم المدلس

- ‌النوع الثالث عشر: معرفة الشاذ

- ‌النوع الخامس عشر: معرفة الاعتبار والمتابعات والشواهد

- ‌النوع السادس عشر: معرفة زيادات الثقات وحكمها

- ‌النوع السابع عشر: معرفة الأفراد

- ‌النوع الثامن عشر: معرفة الحديث المعلل

- ‌النوع التاسع عشر: معرفة المضطرب من الحديث

- ‌النوع العشرون: معرفة المدرج في الحديث

- ‌النوع الحادي والعشرون: معرفة الموضوع وهو المختلق المصنوع

- ‌النوع الثاني والعشرون: معرفة المقلوب

- ‌النوع الثالث والعشرون: معرفة صفة من تقبل روايته ومن ترد1 وما يتعلق بذلك من قدح وجرح وتوثيق وتعديل

- ‌النوع الرابع والعشرون: معرفة كيفية سماع الحديث وتحمله وصفة ضبطه

- ‌النوع الخامس والعشرون: في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده

- ‌النوع السابع والعشرون: معرفة آداب المحدث

- ‌النوع الثامن والعشرون: معرفة آداب طالب الحديث

الفصل: ‌النوع الثامن: معرفة المقطوع

‌النوع الثامن: معرفة المقطوع

وهو غير المنقطع الذي يأتي ذكره إن شاء الله تعالى ويقال في جمعه المقاطيع والمقاطع وهو ما جاء عن التابعين موقوفا عليهم من أقوالهم وأفعالهم قال: الخطيب في جامعه من الحديث المقطوع وقال المقاطع هي الموقوفات على التابعين.

قلت وقد وجدت التعبير بالمقطوع عن المنقطع غير الموصول في كلام الشافعي وأبي القاسم الطبراني وغيرهما

تعريفات:

أحدها قول الصحابي كنا نفعل كذا أو كنا نقول كذا إن لم يضفه إلى زمان1 رسول الله صلى الله عليه وسلم فهومن قبيل الموقوف وإن أضافه إلى زمنه2 فالذي قطع به ابن البيع وغيره من أهل الحديث وغيرهم ان ذلك من قبيل المرفوع.

وبلغني عن أبي بكر البرقاني أنه سأل أبا بكر الإسماعيلي عن ذلك فأنكر كونه من المرفوع والأول هو الذي عليه الاعتماد3 لأن ظاهر ذلك مشعر بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم اطلع على ذلك وقررهم عليه وتقريره أحد وجوه السنن المرفوعة؛

1 هكذا في ش وع وفي خط "زمان من" - خطأ.

2 هكذا في خط وفي ش وع: "زمان رسول الله صلي الله عليه وسلم".

3 هكذا في خط وع وفي ش "هو الإعتماد".

ص: 141

فإنها أنواع منها أقواله ومنها أفعاله ومنها كنا لا نرى بأسا1 بكذا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فينا أو كان يقال كذا وكذا على عهده أو كانوا يفعلون كذا وكذا في حياته فكل ذلك وشبهه مرفوع مسند مخرج في كتب المسانيد.

وذكر الحاكم أبو عبد الله فيما رويناه عن المغيرة بن شعبة قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرعون بابه بالأظافير ان هذا يتوهمه من ليس من أهل الصنعة مسندا يعني مرفوعا لذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه وليس بمسند بل هو موقوف.

وذكر الخطيب أيضا نحوه2 في جامعه.

قلت بل هو مرفوع كما سبق3 وهو بأن يكون مرفوعا أحرى لكونه احرى باطلاعه صلى الله عليه وسلم عليه والحاكم معترف بكون ذلك من قبيل المرفوع وقد كنا عددنا هذا فيما أخذناه عليه ثم تأولناه له على أنه أراد أنه ليس بمسند لفظا بل هو موقوف لفظا وكذلك سائر ما سبق موقوف لفظا وإنما جلعناه مرفوعا من حيث المعنى انتهى

قوله إن لم يضفه جزم بأنه موقوف تبعا للخطيب.

وقال الحاكم والإمام فخر الدين هو مرفوع.

قال ابن الصباغ وهو الظاهر ومثله بقول عائشة رضي الله عنها كانت اليد لا تقطع في الشيء التافه

وحكاه في شرح المهذب عن كثير من الفقهاء قال: وهو قوي من حيث المعنى.

1 هكذا في خط، وفي ش:"منها: أقواله صلي الله عليه وسلم ومنها: تقريره وسكوته عن الإنكار بعد إطلاعه. ومن هذا القبيل قول الصحابي: كنا لا نري بأسا".

2 هكذا في خط وفي ش وع: "نحو ذلك".

3 في ش وع: "سبق ذكره".

ص: 142

قوله: وإن أضافه إلى زمنه صلى الله عليه وسلم فهو من قبيل المرفوع وهو الذي قطع به ابن البيع وغيره من أهل الحديث وغيرهم وصححه الإمام فخر الدين والآمدي وأتباعهما كقول جابر في الصحيح كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي النسائي وابن ماجه عن جابر "كنا نأكل لحوم الخيل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم".

فإن كان في القصة اطلاع فهو مرفوع إجماعا كقول ابن عمر كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر وعثمان ويسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ينكره.

رواه الطبراني في المعجم الكبير وأصله في الصحيح من غير زيادة الاطلاع.

قال الثاني: قول الصحابي أمرنا بكذا و1نهينا عن كذا من نوع المرفوع والمسند عند أصحاب الحديث وهو قول أكثر أهل العلم وخالف في ذلك فريق منهم أبو بكر الإسماعيلي والأول هو الصحيح لأن مطلق ذلك ينصرف بظاهره إلى من إليه الأمر والنهي وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهكذا قول الصحابي من السنة كذا فالأصح أنه مسند مرفوع لأن الظاهر أنه لا يريد به إلا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يجب اتباعه.

وكذلك قول أنس رضي الله عنه أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة وسائر ما جاء من2 ذلك ولا فرق بين أن يقول ذلك في "زمنه صلى الله عليه وسلم أو بعده3" انتهى.

قوله "أمرنا أو نهينا عن كذا" كقول أم عطية "أمرنا أن نخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور" وقولها "نهينا عن اتباع الجنائز" كلاهما في الصحيح.

1 في ش وع: "أو".

2 هكذا في خط "جاء من" وفي ش وع: "جانس".

3 في ش وع: "زمان رسول الله صلي الله عليه وسلم أو [هكذا في ع وفي ش "و" بالواو فقط] بعده صلي الله عليه وسلم.

ص: 143

فلو صرح الصحابي بالآمر كقوله أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا خلاف أنه حجة إلا ما حكاه ابن الصباغ عن داود وبعض المتكلمين أنه لا يكون حجة حتى يصرح بالوجوب لأن منهم من يقول المباح والمندوب مأمور بهما.

ومثال قوله من السنة كذا قول علي رضي الله عنه من السنة وضع الكف على الكف في الصلاة تحت السرة.

رواه أبو داود وابن الأعرابي والأصح أنه مسند مرفوع وحكى ابن الصباغ عن أبي بكر الصيرفي وأبي الحسن الكرخي وغيرهما انه يحتمل أن يريد به سنة الخلفاء الراشدين.

قال الثالث: ما قيل من أن تفسير الصحابي حديث مسند فإنما ذلك في تفسير يتعلق بسبب نزول آية يخبر به الصحابي او نحو ذلك كقول جابر رضي الله عنه كانت اليهود تقول من أتى امراته من دبرها في قبلها جاء الولد أحول فأنزل الله عز وجل {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} الآية.

فأما سائر تفاسير الصحابة التي لا تشتمل على إضافة شيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمعدودة في الموقوفات.

الرابع: من قبيل المرفوع الأحاديث التي قيل في إسنادها1 عند ذكر الصحابي يرفع الحديث أو يبلغ به أو ينميه او رواية.

مثال ذلك سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رواية تقاتلون قوما صغار الأعين الحديث

وبه عن أبي هريرة يبلغ به قال: "الناس تبع لقريش" الحديث.

فكل ذلك وأمثاله كناية عن رفع الصحابي الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكم ذلك عند أهل العلم حكم المرفوع صريحا.

قلت وإذا قال: الراوي عن التابعي يرفع الحديث أو يبلغ به فذلك أيضا مرفوع ولكنه مرفوع مرسل انتهى.

1 هكذا في خط الإفراد وفي ش وع: "أسانيدها".

ص: 144

ذكر المصنف فيما يتعلق بالصحابي أربع مسائل الأولى كنا نفعل كذا أو: كانوا يفعلون كذا.

والثانية: أمرنا بكذا ونحوه.

الثالثة: من السنة كذا.

والرابعة: يرفعه ويبلغ به ونحوهما.

ولم يذكر حكم التابعي إذا قال: ذلك إلا في الرابعة فقول التابعي كنا نفعل ليس بمرفوع قطعا ثم إنه لم يضفه إلى زمن الصحابة فليس بموقوف أيضا بل هو مقطوع وإن أضافه إلى زمنهم فيحتمل أن يقال إنه موقوف لأن الظاهر اطلاعهم على ذلك وتقريرهم ويحتمل أن يقال ليس بموقوف أيضا لأن تقرير الصحابي قد لا ينسب إليه بخلاف تقرير النبي صلى الله عليه وسلم فإنه أحد وجوه السنن فأما إذا قال: التابعي كانوا يفعلون كذا فقال النووي في شرح مسلم إنه لا يدل على فعل جميع الأمة بل على البعض فلا حجة فيه إلا ان يصرح بنقله عن أهل الإجماع وفي ثبوت الإجماع بخبر الواحد خلاف.

وإذا قال: التابعي أمرنا بكذا أو نهينا عن كذا فجزم ابن الصباغ بأنه مرسل وحكى وجهين فيما إذا قاله سعيد بن المسيب هل هو حجة أم لا؟.

وفي المستصفى احتمالان من غير ترجيح هل هو موقوف أو مرفوع مرسل وإذا قال: التابعي من السنة كذا كقول عبيد الله بن عبد الله بن عتبة السنة تكبير الإمام يوم الفطر ويوم الأضحى حين يجلس على المنبر قبل الخطبة تسع تكبيرات رواه البيهقي في سننه هل هو مرسل مرفوع أو موقوف متصل فيه وجهان حكاهما في شرح مسلم والمهذب والوسيط أصحهما أنه موقوف وحكى الداودي في شرح مختصر المزني قولا قديما ان ذلك مرفوع ثم رجع عنه لأنهم قد يطلقونه ويريدون به سنة البلد.

وذكر المصنف أن من المرفوع قول الصحابي يرفع الحديث أو يبلغ به او ينميه أو رواية بخلاف قوله من السنة لأن في هذه الألفاظ تصريحا بالرفع بخلاف السنة فإنه قد يعني بها سنة الخلفاء أو البلد.

ص: 145

ومثال ينمي ذلك ما رواه مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال: كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة قال: أبو حازم لا أعلم إلا أنه ينمي ذلك قال: مالك1 يرفع ذلك.

ورواه البخاري عن القعنبي عن مالك فقال: "ينمي ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فصرح برفعه".

1 لم أر هذا القول لمالكفي الموطأ برواية يحي "1/147" ورواية محمد بن الحسن "رقم/291" والإستذكار "6/189، 197" وكذلك التمهيد "21/96" كلاهما لابن عبد البر رحمه الله والحديث عند البخاري "740" بدون قول مالك أيضا لكن حكي ابن حجر في الفتح هذا القول عن مالك من رواية اب وهب وغيره.

زقال ابن حجر "2/262": "واعتراض الداني في أطراف الموطأ فقال: هذا معلول لأنه ظن من أبي حازم ورد بأن أبا حازم لولم يقل: "لا أعلمه

إلخ" لكان في حكم المرفوع لأن قول الصحابي كنا نؤمر بكذا يصرف بظاهره إلي من له الأمر وهو النبي صلي الله عليه وسلم لأن الصحابي في مقمام تعريف الشرع فيحمل علي من صدر عنه الشرع ومثله قول عائشة: "كنا نؤمر بقضاء الصوم" فإنه محمول علي أن الآمر بذلك هو النبي صلي الله عليه وسلم. وأطق البيهقي أنه لا خلاف في ذلك بين أهل النقل والله أعلم.

ص: 146