الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(مسألة)(وإن قال إن مت في المحرم فسالم حر وإن مت في صفر فغانم حر وأقام كل واحد منهما بينة بدعواه بموجب عتقه قدمت بينة سالم في أحد الوجوه)
لأن معها زيادة علم فإنها أثبتت ما يجوز أن يختفي على البينة الآخرى (والثاني) يتعارضان ويبقى العبد على الرق لأنهما سقطا فصارا كمن لا بينة لهما (والثالث) يقرع بينهما فيعتق من تقع له القرعة فأما إن لم تقم لواحد منهما بينة وأنكر الورثة فالقول قولهم لأنه يجوز أن يموت في غير هذين الشهرين وإن أقروا لأحدهم عتق بإقرارهم وكذلك إن أقام بينة (مسألة)(وإن قال إن مت من مرضي هذا فسالم حر وإن برئت فغانم حر فأقاما بينتين تعارضتا وبقيا على الرق ذكره أصحابنا والقياس أن يعتق أحدهما بالقرعة ويحتمل أن يعتق غانم وحده لأن بينته تشهد بزيادة) إذا قال إن مت من مرضي هذا فسالم حر وإن برئت فغانم حر فمات وادعى كل واحد منهما موجب عتقه اقرع بينهما فمن خرجت له القرعة عتق لأنه لا يخلو من أن يكون برأ أو لم يبرأ فيعتق أحدهما على كل حال ولم تعلم عينه فيخرج بالقرعة كما لو اعتق احدهما فاشكل علينا ويحتمل أن يقدم قول سالم لأن الأصل عدم البرء وإن أقام كل واحد منهما بينة بموجب عتقه فقال أصحابنا يتعارضان ويبقى العبدان على الرق وهذا مذهب الشافعي لأن كل واحدة منهما تكذب الأخرى وتثبت زيادة
تنفيها الأخرى وهذا قول لا يصح وهو ظاهر الفساد لأن التعارض أثر في أسقاط البينتين ولو لم يكونا أصلاً لعتق أحدهما فكذلك إذا سقطا وذلك لأنه لا يخلو من إحدى الحالتين اللتين علق على كل واحدة منهما عتق أحدهما فيلزم وجوده كما لو قال إن كان هذا الطائر غراباً فسالم حر وإن لم يكن غراباً فغانم حر ولم يعلم حاله ولكن يحتمل وجهين (احدهما) يقرع بينهما كما في مسألة الطائر ولأن البينتين إذا تعارضنا قدمت إحداهما بالقرعة في رواية (والثاني) تقدم بينة غانم لأنها شهدت بزيادة وهي البرء وإن اقر الورثة لأحدهم عتق بإقرارهم ولم يسقط حق الآخر مما ذكرنا إلا أن يشهد عدلان منهم بذلك مع انتفاء التهمة فيعتق وحده إذا لم تكن للآخر بينة
(مسألة)(وإن اتلف ثوباً فشهدت بينة أن قيمته عشرون وشهدت أخرى أن قيمته ثلاثون لزمته أقل القيمتين) وجملة ذلك أنه إذا شهد شاهد انه غصبه ثوباً قيمته درهمان وشهد آخر أن قيمته ثلاثة ثبت ما اتفقا عليه وهو درهمان فله أن يحلف مع الآخر على درهم لأنهما اتفقا على درهمين وانفرد أحدهما بدرهم فاشبه ما لو شهد أحدهما بالف والآخر بخمسمائة وإذا شهد شاهدان ان قيمته درهمان وشاهدان ان قيمته ثلاثة ثبت له درهمان وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة له ثلاثة لأنه قد شهد بها شاهدان
وهما حجة فيؤخذ بهما كما يؤخذ بالزيادة في الأخبار وكما لو شهد شاهدان بألف وشاهدان بألفين فإنه يجب له ألفان قال القاضي ويتوجه لنا مثل ذلك كما لو شهد له شاهدان بألف وشاهدان بخمسمائة ولنا أن من شهد أن قيمته درهمان ينفي أن قيمته ثلاثة فقد تعارضت البينتان في الدرهم ويخالف الزيادة في الاخبار فإن من يروي الناقص لا ينفي الزيادة وكذلك من شهد بألف لا ينفي أن عليه ألفاً آخر فإن قيل فلم قلتم أنه إذا شهد بواحدة من القيمتين شاهدان تعارضتا وإن شهد شاهد لم يتعارضا وكان له أن يحلف من الشاهد بالزيادة عليها؟ قلنا لأن الشاهدين حجة وبينة وإذا كملت من الجانبين تعارضت الحجتان لتعذر الجمع بينهما أما الشاهد الواحد فليس بحجة وحده وإنما يصير حجة مع اليمين فإذا حلت مع أحدهما كملت الحجة مع يمينه ولم يعارضها ما ليس بحجة كما لو شهد بأحدهما شاهدان وبالآخر شاهد واحد (مسألة)(ولو ماتت امرأة وابنها فقال زوجها ماتت فورثناها ثم مات ابني فورثته وقال أخوها بل مات ابنها فورثته ثم ماتت فورثناها حلف كل واحد منهما على إبطال دعوى صاحبه وكان ميراث الابن لأبيه وميراث المرأة لأخيها وزوجها نصفين وأن أقام كل واحد منهما بينة بدعواه تعارضتا وسقطتا أيضاً وقياس مسائل الخرقي أن يجعل للأخ سدس مال الابن والباقي للزوج) وجملة ذلك أنه إذا مات جماعة برث بعضهم بعضاً واختلف الأحياء من ورثتهم في السابق
بالموت في المسألة المذكورة فقال الزوج ماتت المرأة أولاً فصار ميراثها كله لي ولأبني ثم مات ابني فصار ميراثه لي وقال أخوها مات ابنها أولاً فورثت ثلث ماله ثم ماتت فكان ميراثها بيني وبينك نصفين حلف كل واحد منهما على إبطال دعوى صاحبه وجعلنا ميراث كل واحد منهما للأحياء من ورثته دون من مات معه لأن سبب استحقاق الحي من موروثه موجود وإنما يمتنع لبقاء موروث الآخر بعده وهذا الأمر مشكوك فيه فلا نزول عن اليقين بالشك فيكون ميراث الابن لأبيه لا مشارك له فيه وميراث المرأة بين أخيها وزوجها نصفين وهذا مذهب الشافعي فإن قيل فقد أعطيتم الزوج النصف وهو لا يدعي إلا الربع قلنا بل هو مدع لجميعه ربعه بميراثها منه وثلاثة أرباعه بميراثه من أبيه قال أبو بكر قد ثبتت البنوة بيقين فلا يقطع ميراث الأب فيه إلا ببينة تقوم للأخ وهذا تعليل لقول الخرقي في هذه المسألة وذكر قولاً آخر يحتمل أن الميراث بينهما نصفين قال شيخنا وهذا ما يدري ما أراد به إن أراد أن مال المرأة بينهما نصفين لم يصح لأنه يفضي إلى إعطاء الأخ ما لا يدعيه ولا يستحقه يقيناً لأنه لا يدعي من مال الابن أكثر من سدسه ولا يمكن أن يستحق أكثر منه وان أراد أن ثلث مال الابن يضم إلى مال المرأة فيقسمانه نصفين لم يصح لأن نصف ذلك إلى الزوج باتفاق منهما لا ينازعه الأخ فيه وإنما النزاع بينهما في نصفه ويحتمل أن يكون هذه مراده كما لو تنازع رجلان داراً في أيديهما فادعاها احدهما كلها وادعى الآخر نصفها فإنها تقسم بينهما نصفين وتكون اليمين على مدعي النصف إلا أن الفرق بين هذه المسألة وتلك أن الدار في أيديهما فكل واحد منهما في يد
نصفها فمدعي النصف يدعيه وهو في يده فقبل قوله فيه مع يمينه وفي مسئلتنا يعترفان أن هذا ميراث عن البنين فلا يد لأحدهما عليه لاعترافهما بأنه لم يكن لهما وإنما هو ميراث يدعيانه من غيرهما وان أراد أن سدس مال الابن يضم إلى نصف مال المرأة فيقسم بينهما نصفين فله وجه لأنهما تساويا في دعواه فيقسم بينهما كما لو تنازعا دابة في أيديهما وعلى كل واحد منهما اليمين فيما حكم له به والذي يقتضيه قول أصحابنا في الغرقى والهدمى أن يكون سدس الابن للأخ وباقي ميراثهما للزوج لأنا نقدر أن المرأة ماتت أولاً فيكون ميراثها لابنها وزوجها ثم مات الابن فورثه أبوه وهو الزوج فصار ميراثها كله لزوجها ثم
نقدر أن الابن مات أولاً فورثه أبواه لأمه الثلث ثم ماتت فصار الثلث بين أخيها وزوجها نصفين لكل واحد منهما السدس فلم يرث الأخ إلا سدس مال لابن كما ذكرنا قال شيخنا ولعل هذا القول يختص بمن جهل موتهما واتفق وراثهما على الجهل به والقولان المتقدمان قول الخرقي وقول أبي فيما إذا ادعى ورثة كل ميت ان مات أخيراً وأن الآخر مات قبله فإن كان لأحدهما بينة بما ادعاه حكم له بها وإن أقاما بينتين تعارضتا وهل يسقطان أو يقرع بينهما أو يقسمان ما اختلفا فيه؟ يخرج على الروايات الثلاث.
(فصل) قال الشيخ رحمه الله (إذا شهدت بينة على ميت أنه وصى بعتق سالم وهو ثلث ماله وشهدت بينة أخرى أنه وصى بعتق غانم وهو ثلث ماله اقرع بينهما فمن تقع له القرعة عتق دون
صاحبه إلا أن يجيز الورثة لأن الوصيتين ثبتا بشهادة العدول فهما سواء فيقرع بينهما سواء اتفق تاريخهما أو اختلف لأن الوصية يستوي فيها المتقدم والمتأخر فمن خرجت له القرعة عتق جميعه وقال أبو بكر وابن أبي موسى يعتق نصف كل واحد منهما بغير قرعة لأن القرعة إنما تجب إذا كان أحدهما عبداً والآخر حراً ولا كذلك ههنا فيجب أن يقسم بينهما ويدخل النقص على كل واحد منهما بقدر وصيته كما لو أوصى لاثنين بمال والأول قياس المذهب لأن الاعتاق بعد الموت كالإعتاق في مرض الموت وقد ثبت في الاعتاق في مرض الموت أنه يقرع بينهما لحديث عمران بن حصين كذلك بعد الموت ولأن المعنى المقتضي في أحدهما في الحياة موجود بعد الممات فيثبت فلما أن صرح فقال إذا مت فنصف كل واحد من سالم وغانم حر أو كان في لفظه ما يقتضيه أو دلت عليه قرينة ثبت ما اقتضاه وإن أجاز الورثة عتقهما عتقا لأن الحق لهم فأشبه ما لو أعتقوهما بعد موته (مسألة) وإن شهدت بينة سالم أنه رجع عن عتق غانم عتق سالم وحده سواء كانت بينته وارثة أو لم تكن) لأنهما لم يجران بشهادتهما إلى أنفسهما نفعاً ولا يدفعان عنها ضرراً فإن قيل فهما يثبتان لأنفسهما ولاء سالم قلنا وهما يسقطان ولاء غانم أيضاً على أن الولاء إنما هو اثبات سبب الميراث ومثل ذلك لا ترد الشهادة فيه كما يثبت النسب بالشهادة وإن كان الشاهد يجوز أن يرث المشهود له وتقبل شهادته
لأخيه بالمال وإن جاز أن يرثه