الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التفريق بين المدبر والمدبرة عن غير إمامنا رحمه الله وإنما احتاط في رواية المنع من بيعها لأن فيه إباحة فرجها وتسليط مشتريها على وطئها مع الخلاف في بيعها وحلها فكرة الإقدام على ذلك مع الاختلاف فيه والظاهر أن المنع منه كان على سبيل الورع لا على التحريم فإنه إنما قال لا يعجبني بيعها والصحيح جواز بيعها فإن عائشة باعت مدبرة لها سحرتها ولأن المدبرة في معنى المدبر فما ثبت فيه ثبت فيها
(مسألة)(وإن عاد إليه عاد التدبير)
لأنه علق عتقه بصفة فإذا باعه ثم عاد إليه عادت الصفة كما لو قال أنت حر إن دخلت الدار فباعه ثم اشتراه وذكر القاضي أن هذا مبني على أن التدبير تعليق بصفة وفيه رواية أخرى أنه وصية فيبطل بالبيع ولا يعود لأنه لو وصى بشئ ثم باعه بطلت الوصية ولم تعد بشرائه وهذا مذهب الشافعي إلا أن عود الصفة بعد الشراء له فيه قولان والصحيح أن الصفة تعود بعوده إلى ملكه لأن التدبير وجد فيه التعليق بصفة فلا يزول حكم التعليق بوجود معنى الوصية فيه بل هو جامع لأمرين وغير ممتنع وجود الحكم بسببين فيثبث حكمهما فيه
(مسألة)(وما ولدت المدبرة بعد تدبيرها فهو بمنزلتها ولا يتبعها ولدها من قبل التدبير)
وجملة ذلك أن الولد الحادث من المدبرة بعد تدبيرها لا يخلو من حالين (أحدهما) أن يكون موجوداً حال تدبيرها ويعلم ذلك بأن تأتي به لأقل من ستة أشهر من حين التدبير فهذا يدخل معها في
التدبير بغير خلاف لأنه كعضور من أعضائها فإن بطل التدبير في الأم لبيع أو موت أو رجوع بالقول لم يبطل في الولد لأنه ثبت أصلاً (الحال الثاني) أن تحمل به بعد التدبير فهذا يتبع أمه في التدبير ويكون حكمه حكمها في العتق بموت سيدها في قول أكثر أهل العلم روي ذلك عن ابن مسعود وابن عمر وبه قال سعيد بن المسيب والحسن والقاسم ومجاهد والشعبي والنخعي وعمر بن عبد العزيز والزهري ومالك والثوري والحمن ابن صالح وأصحاب الرأي وذكر القاضي أن حنبلاً نقل عن أحمد أن ولد المدبرة عبد إذا لم يشرط
المولى قال فظاهر هذا أنه لا يتبعها ولا يعتق بموت سيدها وهذا قول جابر بن زيد وعطاء وللشافعي قولان كالمذهبين (أحدهما) لا يتبعها وهو اختيار المزني لأن عتقها يتعلق بصفة ثبت بقول المعتق وحده فأشبهت من عاق عتقها بدخول الدار قال جابر بن زيد إنما هو بمنزلة الحائط تصدقت به إذا مت فإن ثمرته لك ما عشت ولأن التدبير وصية وولد الموصى بها قبل الموت لسيدها ولنا ما روي عن عمر وابن عمر وجابر أنهم قالوا ولد المدبرة بمنزلتها ولم نعرف لهم في الصحابة مخالفاً فكان أجماعاً ولأن الأم استحقت الحرية بموت سيدها فيتبعها ولدها كأم الولد ويفارق التعليق بصفة في الحياة والوصية لأن التدبير آكد من كل واحد منهما لأنه اجتمع فيه الأحرار وما وجد فيه سببان آكد مما وجد فيه أحدهما ولذلك لا يبطل بالموت ولا بالرجوع عنه فعلى هذا إن بطل التدبير في الأم لمعنى اختص بها من بيع أو موت أو رجوع لم يبطل في ولدها ويعتق بموت سيدها كما لو كانت
أمه باقية على التدبير فإن لم يتسع الثلث لهما جميعاً أقرع بينهما قايهما خرجت القرعة له عتق إن احتمله الثلث وإلا عتق منه بقدر الثلث وإن فضل من الثلث بعد عتقه شئ كمل من الآخر كما لو دبر عبداً أو أمة معاً فأما الولد الذي وجد قبل التدبير فلا يتبعها فإنه لا يتبع في العتق المنجز ولا في حكم الاستيلاد ولا في الكتابة فان لا يتبع في التدبير أولى قال الميموني قلت لأحمد ما كان من ولد المدبرة قبل أن تدبر قال لا يتبعها من ولدها ما كان قبل ذلك إنما يتبعها ما كان بعد ما دبرت وذكر أبو الخطاب رواية أخرى أنه يتبعها في التدبير كالموجود بعده لأن حنبلاً قال سمعت عمي يقول في الرجل يدبر الجارية ولها ولد قال ولدها معها قال شيخنا وهذا بعيد والظاهر أن أحمد إنما أراد ولدها بعد التدبير على ما صرح به في غير هذه الرواية فإن ولدها لا يتبعها في شئ من الأسباب التي تنقل الملك في الرقبة من البيع والهبة والوقف ولا يتبعها في الاستيلاد الذي هو آكد من التدبير فإن لا يتبعها في التدبير أولى (فصل) فأما ولد المدبر فحكمه حكم أمه بغير خلاف علمناه وهو قول ابن عمر وعطاء والزهري والاوزاعي والليث لأن الولد يتبع الأم في الرق والحرية فان تسرى المدبر بإذن سيده فولد له فروي عن أحمد أنهم يتبعونه في التدبير وروي ذلك عن مالك وهو أحد الوجهين لأصحاب الشافعي لأن
اباحة التسري تبنى على ثبوت الملك وولد الحر من امته يتبعه في الحرية دون أمه كذلك ولد المدبر
امته يتبعه دونها ولانه ولد من يستحق الحرية من أمته فيتبعه في ذلك كولد المكاتب من أمته (فصل) وإذا ولدت المدبرة فرجع في تدبيرها وقلنا بصحة الرجوع لم يتبعها ولدها لأن الولد المنفصل لا يتبع في الحرية ولا في التدبير ففي الرجوع أولى فإن رجع في تدبيرهما جاز كما لو دبرها وابنه المنفصل وإن دبرها حاملاً ثم رجع في تدبيرها حال حملها لم يتبعها الولد في الرجوع لأن التدبير إعتاق والإعتاق مبني على التغليب والسراية والرجوع عنه بعكس ذلك فلم يتبع الولد فيه وهذا كما لو ولد له توأمان فأقر بأحدهما لحقاه جميعاً وإن نفى أحدهما لم ينتف الآخر وإن رجع في أحدهما دون الآخر جاز وإن دبر الولد دون أمه أو الأم دون ولدها جاز لأنه يجوز أن يعتق كل واحد منهما دون صاحبه فجواز أن يدبر أحدهما دون صاحبه أولى ولأنه تعليق العتق بصفة فجاز في أحدهما دون الآخر كالتعليق بدخول الدار وإن دبر أمته ثم قال إن دخلت الدار فقد رجعت في تدبيري لم يصح لأن الرجوع لا يصح تعليقه بصفة وإن قال كلما ولدت ولداً فقد رجعت في تدبيره لم يصح لذلك (فصل) إذا اختلفت المدبرة وورثة سيدها في ولدها فقالت ولدتهم بعد تدبيري فعتقوا معي وقال الورثة بل ولدتهم قبل تدبيرك فهم مملوكون لنا فالقول قول الورثة مع إيمانهم لأن الأصل بقاء رقهم وانتفاء الحرية عنهم فإذا لم تكن بينة فالقول قول من يوافق قوله الأصل (فصل) وكسب المدبر في حياة سيده لسيده لم أخذه منه لأن التدبير لا يخرج عن شبهه بالوصية بالعتق أو بالتعليق له على صفة أو بالاستيلاد وكل هؤلاء كسبهم لسيدهم فكذلك المدبر فإن اختلف