الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولنا أن الحرية موجب عقد الكتابة فثبتت عند تمامه كسائر أحكامه ولأن الكتابة عقد وضع للعتق فلم يحتج إلى لفظ العتق ولا نيته كالتدبير وما ذكروه من استعمال الكتابة في المخارجة إن ثبت فليس بمشهور فلم يمنع وقوع الحرية به كسائر الألفاظ الصريحة على أن اللفظ المحتمل ينصرف بالقرائن إلى أحد محتمليه كلفظ التدبير فانه يحتمل التدبير في معاشه وغيره وهو صريح في الحرية كذلك هذا.
(مسألة) ولا يصح إلا على عوض معلوم منجم بنجمين فصاعداً)
لا تصح إلا على عوض معلوم لأنها عقد معاوضة أشبهت البيع ولا تجوز إلا منجمة مؤجلة هذا ظاهر المذهب وبه قال الشافعي وقال مالك وأبو حنيفة تجوز حالة لأنه عقد على عين فإذا كان عوضه في الذمة جاز أن يكون حالاً كالبيع ولنا أنه قد روي عن جماعة من الصحابة أنهم عقدوا الكتابة ولم ينقل عن واحد منهم عقدها حالة ولو جاز ذلك لم يتفقوا على تركه ولأن الكتابة عقد معاوضة يعجز عن أداء عوضها في الحال فكان من شرطها التأجيل كالسلم على أبي حنيفة ولأنها عقد معاوضة يلحقه الفسخ من شرطه
ذكر العوض فإذا وقع على وجه يتحقق فيه العجز عن العوض لم يصح كما لو أسلم في شئ لا يوجد عند محله ويفارق البيع لأنه لا يتحقق فيه العجز عن العوض لأن المشتري يملك المبيع والعبد لا يملك شيئاً
وما في يده لسيده وفي التنجيم إذا كان أكثر من نجم حكمتان إحداهما ترجع إلى المكاتب وهو التخفيف عليه لأن الأداء مفرقاً أسهل ولهذا تقسط الديون على المعسرين عادة تخفيفاً عليهم والأخرى للسيد وهي أن مدة الكتابة تطول غالباً فلو كانت على نجم واحد لم يظهر عجزه إلا في آخر المدة فإذا عجزه عاد إلى الرق وفاتت منافعه في مدة الكتابة كلها على سيده من غير نفع حصل له وإذا كانت منجمة نجوماً فعجز عن النجم الأول فمدته يسيرة وإن عجز عما بعده فقد حصل للسيد نفع بما أخذ من النجوم قبل عجزه إذا ثبت ذلك فأقله نجمان فصاعداً، وهذا مذهب الشافعي ونقل عن أحمد أنه قال من الناس من يقول نجم واحد ومنهم من يقول نجمان ونجمان أحب إلى وهذا يحتمل أن يكون معناه إني أذهب إلى أنه لا يجوز إلا نجمان ويحتمل أن يكون المستحب نجمين ويجوز نجم واحد، قال ابن أبي موسى هذا على طريق الاختيار وإن جعل المال كله في نجم واحد جاز لأنه عقد يشترط فيه التأجيل فجاز أن يكون إلى أجل واحد كالسلم ولأن اعتبار التأجيل ليتمكن من تسليم العوض وهذا يحصل بنجم واحد، ووجه الأول ما روي عن علي رضي الله عنه أنه قال الكتابة على نجمين والإيتاء من الثاني وهذا يقتضي أن هذا أقل ما تجوز عليه الكتابة لأن أكثر من نجمين جائز بالإجماع، وروي عن عن عثمان أنه غضب على عبد له فقال لأعاقبنك ولأكاتبنك على نجمين ولو جاز أقل من هذه لعاقبه به في الظاهر، وفي حديث بريرة أنها أتت عائشة فقالت يا أم المؤمنين إني كاتبت أهلي على تسع
أواق في كل عام أوقيه فأعينيني ولأن الكتابة مشتقة من الضم وهو ضم نجم إلى نجم فدل ذلك على افتقارها إلى نجمين والأول أقيس (مسألة)(ويشترط علم ما يؤدي إليه في كل نجم كالثمن في البيع ولئلا يفضي إلى النزاع والاختلاف)
ولا يشترط تساوي النجوم فإذا قال كاتبتك على ألف إلى عشر سنين تؤدي عند انقضاء كل سنة مائة أو قال تؤدي منها مائة عند انقضاء خمس سنين وباقيها عند تمام العشرة أو قال تؤدي في آخر العام الاول مائة وتسعمائة عند انقضاء السنة العاشرة فكل ذلك جائز فإن قال تؤدي في كل عام مائة جاز ويكون أجل كل مائة عند انقضاء السنة، وظاهر قول القاضي وأصحاب الشافعي أنه لا يصح لأنه لا يبين وقت الأداء من العام ولنا قول بريرة كاتبت أهلي على تسع أواق في كل عام أوقيه ولأن الأجل إذا علق بمدة تعلق بأحد طرفيها فان كان بحرف إلى تعلق بأولها كقوله إلى شهر رمضان وإن كان بحرف في كان إلى آخرها لانه جعل جميعها وقت الادائها فإذا أدى في آخرها كان مؤدياً لها في وقتها فلم يتعين عليه الأداء قبله كتأدية الصلاة في آخر وقتها وإن قال تؤديها في عشر سنين أو إلى عشر سنين لم يجز لأنه نجم واحدا ومن أجاز الكتابة على نجم واحد أجازه وإن قال تؤدي بعضها في نصف المدة وباقيها في آخرها
لم يجز لأن البعض يقع على القليل والكثير فيكون مجهولاً (فصل) وتجوز الكتابة على مال يجوز السلم فيه لأنه مال يثبت في الذمة مؤجلاً في معاوضة فجاز ذلك فيه كعقد السلم فإن كان من الأثمان وكان في البلد نقد واحد جاز إطلاقه لأنه ينصرف إليه فاشبه البيع وإن كان فيه نقود بعضها أغلب في الاستعمال جاز للاطلاق أيضاً وانصرف إليه عند الإطلاق كما لو انفرد وإن كانت مختلفة متساوية في الإستعمال وجب بيانه بما يتميز به من غيره من النقود وإن كان من غير الاثمان وجب وصفه بما يوصف به في السلم فأما مالا يصح السلم فيه فلا يجوز أن يكون عوضاً في الكتابة لأنه عقد معاوضة يثبت عوضه في الذمة فلم يجز بعوض مجهول كالسلم، وقال القاضي يصح على عبد مطلق وله الوسط إذا كاتبه على عبد مطلق لم يصح، ذكره أبو بكر وهو قول الشافعي يجوز في أحد الوجهين، وهو قول أبي حنيفة ومالك لأن العتق لا يلحقه الفسخ فجاز أن يكون الحيوان المطلق عوضاً فيه كالعقل.
ولنا أن ما لا يجوز أن يكون عوضاً في البيع والاجارة لا يجوز أن يكون عوضاً في الكتابة كالثوب
المطلق ويفارق العقل لأنه بدل متلف مقدر في الشرع وههنا عوض في عقد أشبه البيع ولأن الحيوان الواجب في العقل ليس بحيوان مطلق بل هو مقيد بجنسه وسنه فلم يصح الإلحاق به ولأن الحيوان المطلق لا تجوز الكتابة عليه بغير خلاف علمناه وإنما الخلاف في العبد المطلق ولم يرد الشرع به بدلاً