الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الفصل الرابع) في وقت جوازه وهو من حين العقد لقول الله تعالى (فكاتبوتهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم) وذلك يحتاج إليه من حين العقد وكلما عجله كان أفضل لأنه يكون أنفع كالزكاة (الفصل الخامس) في وقت وجوبه وهو حين العتق لأن الله تعالى أمر بايتائه من المال الذي آتاه وإذا آتى المال عتق فيجب ايتاؤه حينئذ قال علي رضي الله عنه الكتابة على نجمين والإيتاء من الثاني فإن مات السيد قبل ايتائه فهو دين في تركته لأنه حق واجب فهو كسائر ديونه فإن ضاقت التركة عنه وعن غيره من الديون تحاصوا في التركة بقدر حقوقهم ويقدم على الوصايا لأنه دين وقد قضى النبي صلى الله عليه وسلم أن الدين قبل الوصية
(مسألة)(فإن أدى ثلاثة أرباع الكتابة وعجز عن الربع عتق ولم تنفسخ الكتابة في قول القاضي وأصحابه)
وهو قول أبي بكر لأنه يجب رده إليه فلا يرد إلى الرق لعجزه عنه لأنه عجز عن أداء حق هو له لا حق للسيد فيه فلا معنى لتعجيزه فيما يجب رده إليه وقال علي رضي الله عنه يعتق بقدر ما أدى لما روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (إذا أصاب المكاتب حداً وميراثاً ورث بحساب ما عتق منه ويؤدي المكاتب بحصة ما أدى دية حر وما بقي دية عبد) رواه الترمذي وقال حديث حسن، وروي عن عمر وعلي أنه إذا أدى الشطر فلا رق عليه وروي ذلك عن النخعي
وقال عبد الله بن مسعود إذا أدى قدر قيمته فهو غريم وظاهر كلام الخرقي أنه لا يعتق حتى يؤدي جميع الكتابة وروى الأثرم عن عمر وابنه وزيد بن ثابت وعائشة وسعيد بن المسيب والزهري أنهم قالوا: المكاتب عبد ما بقي عليه درهم وهو قول القاسم وسالم وسليمان بن يسار وعطاء وقتادة والثوري وابن شبرمة ومالك والاوزاعي والشافعي واسحاق وأصحاب الرأي، وروي ذلك عن أم سلمة لما روى سعيد ثنا هشيم عن حجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (أيما رجل كاتب غلامه على مائة أوقية فعجز عن عشر أواق فهو رقيق) وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (المكاتب عبد ما بقي عليه درهم) رواه أبو داود ولأنه عوض عن المكاتب فلا يعتق قبل ادائه كالقدر المتفق عليه ولأنه لو عتق بعضه لسرى إلى باقيه كما لو باشره بالعتق فأما حديث ابن عباس فمحمول على مكاتب لرجل مات وخلف ابنين فأقر أحدهما بكتابته وأنكر الآخر فأدى إلى المقر وما أشبهها من الصور جمعاً بين الأخبار وتوفيقاً بينها وبين القياس، ولأن قول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا كان لإحداكن مكاتب وكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه) دليل على اعتبار جميع ما يؤدي وروى سعيد بإسناده عن أبي قلابة قال: كن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحتجبن من
ما بقي عليه دينار ويجوز أن يتوقف العتق على اداء الجميع وإن وجب رد البعض إليه كما لو قال ااذا اديت إلى فأنت حر ولله علي رد ربعها إليك فإنه لا يعتق حتى يؤديها وإن وجب عليه رد بعضها (فصل) قال الشيخ رضي الله عنه (وإذا كاتب عبيداً له كتابة واحدة بعوض واحد صح) مثل أن يكاتب ثلاثة أعبد له بألف فيصح في قول أكثر أهل العلم منهم عطاء وسليمان بن موسى وابو حنيفة ومالك والحسن بن صالح واسحاق وهو المنصوص عن الشافعي وقال بعض أصحابه فيه قول آخر إنه لا يصح لأن العقد مع ثلاثة كعقود ثلاثة عوض كل واحد منهم مجهول فلم يصح كما لو باع
كل واحد منهم لواحد صفقة واحدة بعوض واحد ولنا أن جملة العوض معلومة وإنما جهل تفصيله فلم يمنع صحة العقد كما لو باعهم لواحد وعلى قول من قال إن العوض يكون بينهم على السواء فقد علم أيضاً تفصيل العوض وعلى كل واحد منهم ثلث وكذا يقول فيما لو باعهم لثلاثة إذا ثبت هذا فكل واحد منهم مكاتب بحصته من الألف يقسم بينهم على قدر قيمتهم حين العقد لأنه حين المعاوضة وزوال سلطان السيد عنهم فإذا أداه عتق، وهذا قول عطاء وسليمان بن موسى والحسن بن صالح والشافعي واسحاق وقال أبو بكر عبد العزيز يتوجه لأبي
عبد الله قول آخر أن العوض بينهم على عدد رؤوسهم فيتساوون فيه لأنه أضيف إليهم إضافة واحدة فكان بينهم بالسوية كما لو أقر لهم بشئ ولنا أن هذا عوض فيتقسط على المعوض كما لو اشترى شقصاً وسيفاً وكما لو اشترى عبيداً فرد واحداً منهم بعيب أو تلف أحدهم ورد الآخر ويخالف الإقرار فإنه ليس بعوض إذا ثبت هذا فأيهم أدى حصته عتق وهذا قول الشافعي وقال ابن أبي موسى لا يعتق واحد منهم حتى يؤدي جميع الكتابة وحكي ذلك عن أبي بكر وهو قول مالك وحكي عنه أنه إذ امتنع أحدهم من الكسب مع القدرة عليه أجبر عليه الباقون واحتجوا بأن الكتابة واحدة بدليل أنه لا يصح من كل واحد منهم الكتابة بقدر حصته دون الباقين ولا يحصل العتق إلا بأداء جميع الكتابة كما لو كان المكاتب واحداً وقال أبو حنيفة إن لم يقل لهم السيد إن أديتم عتقتم فأيهم أدى بحصته عتق وإن أدوا جميعها عتقوا كلهم ولم يرجع على صاحبه بشئ وإن قال لهم إن أديتم عتقتم لم يعتق واحد منهم حتى يؤدي الكتابة كلها ويكون بعضهم حميلاً عن بعض ويأخذ أيهم شاء بالمال وأيهم أداها عتقوا كلهم ويرجع على صاحبيه بحصتهما ولنا أنه عقد معاوضة مع ثلاثة فيبرأ كل واحد منهم بأداء حصته كما لو اشتروا عبيداً وكما لو لم يقل لهم إن أديتم عتقتم على أبي حنيفة فإن قوله ذلك لا يؤثر لأن استحقاق العتق بأداء العوض لا بهذا القول بدليل أنه يعتق بالاداء بدون هذا القول ولم يثبت كون هذا القول مانعاً من العتق وقوله إن
هذا العقد كتابة واحدة ممنوع فإن العقد مع جماعة عقود بدليل البيع ولا يصح القياس على كتابة الواحد لأن ما قدره في مقابلة عتقه وههنا في مقابلة عتقه ما يخصه فافترقا إذا ثبت هذا فإنه إن شرط عليهم في العقد أن كان واحد منهم ضامن عن الباقين فسد الشرط والعقد صحيح وقال أبو الخطاب فيه رواية أخرى أن الشرط صحيح وخرجه ابن حامد وجهاً بناء على الروايتين في ضمان الحر لمال الكتابة وقال الشافعي العقد والشرط فاسدان لأن الشرط فاسد ولا يمكن تصحيح العقد بدونه لأن السيد إنما رضي بالعقد بهذا الشرط فإذا لم يثبت لم يكن راضياً بالعقد وقال مالك وأبو حنيفة العقد والشرط صحيحان لأنه من مقتضى العقد عندهما ولنا أن مال الكتابة ليس بلازم ولا مآله إلى اللزوم فلم يصح ضمانة كما لو جعل المال صفة مجردة في العتق فقال إن أديت إلي ألفا فأنت حر ولأن الضامن لا يلزمه أكثر من المضمون عنه ومال الكتابة لا يلزم المكاتب فلا يلزم الضامن ولأن الضمان تبرع وليس للمكاتب التبرع ولان لا يملك الضمان عن حر ولا عمن ليس معه في الكتابة فكذلك من معه وأما العقد فصحيح بدليل أن الكتابة لا تفسد بفساد الشرط بدليل خبر بريرة (فصل) إذا مات بعض المكاتبين سقط قدر حصته نص عليه أحمد في رواية حنبل وكذلك إن أعتق بعضهم وعن مالك إن أعتق السيد أحدهم وكان مكتسباً نفذ عتقه لعدم الضرر فيه وهذا مبني على أنه لا يعتق واحد منهم حتى يؤدي جميع مال الكتابة وقد مضى الكلام فيه