الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فصل) وإذا قال لعبده إذا مت فأنت حر أولا؟ أو قال فأنت حر؟ أو لست بحر؟ لم يصر مدبراً لأنه استفهام ولم يقطع بالعتق فهو كما لو قال لزوجته أنت طالق أولا؟ وسنذكر ذلك في الطلاق
(مسألة)(وإذا قال قد رجعت في تدبيري أو أبطلته لم يبطل لأنه تعليق للعتق بصفة وعنه أنه يبطل كالوصية)
اختلفت الرواية عن أحمد في بطلان التدبير بالرجوع فيه قولاً فالصحيح أنه لا يبطل لأنه علق العتق بصفة فلا يبطل كما لو قال إن دخلت الدار فأنت حر (والثانية) يبطل لأنه جعل له نفسه بعد موته فكان ذلك وصية فجاز الرجوع فيه بالقول كما لو وصى له بعبد آخر وهو قول الشافعي القديم وقوله الجديد كالرواية الأولى وهو الصحيح كتعليقه بصفة في الحياة ولا يصح القول بأنه وصيه به لنفسه لأنه لا يملك نفسه وإنما تحصل فيه الحرية ويسقط عنه الرق ولهذا لا تقف الحرية على قبوله واختياره وتنجز عقيب الموت كتنجيزها عقيب سائر الشروط ولأنه غير ممتنع أن يجمع الامرين فيثبت فيه حكم التعليق في امتناع الرجوع ويجتمعان في حصول العتق بالموت.
(فصل) إذا قال السيد لمدبره إذا أديت إلى ورثتي كذا فأنت حر فهو رجوع عن التدبير وينبني على الروايتين إن قلنا إن له الرجوع بالقول بطل التدبير وإن قلنا ليس له الرجوع لم يؤثر هذا القول شيئاً، وإن دبره كله ثم رجع في نصفه صح إذا قلنا بصحة الرجوع في جميعه لأنه لما صح أن يدبر نصفه ابتداء صح أن يرجع في تدبير نصفه وإن غير التدبير فكان مطلقاً فجعله مقيداً إن قلنا يصح الرجوع وإلا فلا فإن كان مقيداً فأطلقه صح على كل حال لأنه زيادة فلا يمنع منها وإذا دبر الأخرس وكانت إشارته أو كتابته معلومة صح تدبيره ويصح رجوعه ان قلنا بصحة الرجوع في التدبير لإن إشارته وكتابته تقوم مقام نطق الناطق في أحكامه وإن دبر وهو ناطق ثم خرس صح رجوعه باشارته
المعلومة أو كتابته وإن لم تفهم إشارته فلا عبرة بها لأنه لا يعلم رجوعه (فصل) وإذا رهن المدبر لم يبطل تدبيره لأنه تعليق للعتق بصفة فإن مات السيد وهو رهن عتق وأخذ من تركته قيمته فتكون رهناً مكانه لأن عتقه بسبب من جهة سيده فأشبه ما لو باشره بالعتق ناجزاً.
(فصل) وإن ارتد المدبر ولحق بدار الحرب لم يبطل تدبيره لأن ملك سيده باق عليه ويصح تصرفه فيه بالعتق والهبة والبيع إن كان مقدوراً عليه فإن سباه المسلمون لم يملكوه لأنه مملوك لمعصوم ويرد إلى سيده إن علم به قبل قسمه ويستتاب فإن تاب وإلا قتل وإن لم يعلم به حتى قسم لم يرده
إلى سيده في أحدى الروايتين والأخرى إن اختار سيده أخذه بالثمن الذي حسب به على آخذه أخذه وإن لم يختر أخذه بطل تدبيره ومتى عاد إلى سيده بوجه من الوجوه عاد تدبيره وإن لم يعد إلى سيده بطل تدبير كما لو بيع وكان رقيقاً لمن هو في يده وإن مات سيده قبل سبيه عتق فإن سبي بعد هذا لم يرد إلى ورثة سيده لأن ملكه زال عنه بحريته فصار كأحرار دار الحرب ولكن يستتاب فإن تاب وأسلم صار رقيقاً يقسم بين الغانمين وإن لم يتب قتل ولم يجز استرقاقه لأنه لا يقر على كفره.
وقال القاضي لا يجوز استرقاقه إذا أسلم.
وهو قول للشافعي لأن في استرقاقه إبطال ولاء المسلم الذي أعتقه ولنا أن هذا لا يمنع قتله وإذهاب نفسه وولائه لا يمنع تملكه أولى ولأن المملوك الذي لم يعتقه سيده يثبت الملك فيه للغانمين إذا لم يعرف مالكه بعينه ويثبت فيه إذا قسم قبل العلم بمالكه والملك آكد من الولاء فلأن يثبت مع الولاء وحده أولى فعلى هذا لو كان المدبر ذمياً فلحق بدار الحرب ثم مات سيده أو أعتقه ثم قدر عليه المسلمون فسبوه ملكوه وقسموه، وعلى قول القاضي وقول الشافعي لا يملكوه فإن كان سيده ذمياً جاز استرقاقه في قول القاضي ولأصحاب الشافعي في استرقاقه وجهان:(أحدهما) يجوز وهذا حجة عليهم لأن عصمة مال الذمي كعصمة مال المسلم بدليل قطع سارقه سواء كان مسلماً أو ذمياً ووجوب ضمانه وتحريم تملك ماله إذا أخذه الكفار ثم قدر عليه المسلمون
فأدركه صاحبه قبل قسمه قال القاضي الفرق بينهما أن سيده ههنا لو لحق بدار الحرب جاز تملكه فجاز تملك عتيقه بخلاف المسلم قلنا إنما جاز استرقاق سيده لزوال عصمته وذهاب عاصمه وهو ذمته وعهده وأما إذا ارتد مدبره فإن عصمة ولائه ثابته بعصمة من له ولاؤه وهو والمسلم في ذلك سواء فإذا جاز إبطال أحدهما جاز في الآخر مثله (فصل) فإن ارتد سيد المدبر فذكر القاضي أن المذهب أنه يكون موقوفاً فإن عاد إلى الإسلام فالتدبير باق بحاله وإلا تبينا أن ملكه لم يزل وإن قتل أو مات على ردته لم يعتق المدبر لأنا تبينا أن ملكه زال بردته وقال أبو بكر قياس قول أبي عبد الله أن تدبيره يبطل بالردة فإن عاد إلى الإسلام استأنف التدبير وقال الشافعي التدبير باق ويعتق بموت سيده لأن تدبيره سبق ردته؟ فهو كبيعه وهبته قبل ارتداده وهذا ينبني على القول في مال المرتد هل هو باق على ملكه أو قد زال بردته، وسيذكر في باب المرتد، فأما إن دبر في حال ردته فتدبيره مراعى، وإن عاد إلى الإسلام تبينا أن تدبيره وقع صحيحاً وإن قتل أو مات تبينا أنه وقع باطلاً ولم يعتق المدبر، وقال ابن أبي موسى تدبيره باطل وهو قول أبي بكر لأن المال يزول بالردة وإذا أسلم رد إليه تملكاً مستأنفاً (مسألة)(وله بيع المدبر وهبته وإن عاد إليه عاد التدبير وعنه لا يباع إلا في الدين وعنه لاتباع الأمة خاصة) اختلفت الرواية عن أحمد رحمه الله في بيع المدبر فنقل عنه جماعة جواز بيعه مطلقاً في الدين
وغيره مع الحاجة وعدمها قال اسماعيل بن سعد سألت أحمد عن بيع المدبر إذا كان بالرجل حاجة إلى ثمنه فقال له أن يبيعه محتاجاً كان أو غير محتاج قال شيخنا وهذا هو الصحيح.
وروي مثل هذا عن عائشة وعمر بن عبد العزيز وطاوس ومجاهد وهو قول الشافعي وكره بيعه ابن عمر وسعيد بن المسيب والشعبي والنخعي وابن سيرين والزهري والثوري والاوزاعي وأصحاب الرأي ومالك لأن ابن عمر روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا يباع المدبر ولا يشتري) ولأنه استحق العتق بموت
سيده أشبه أم الولد؟ ولنا ما روى جابر أن رجلاً أعتق مملوكاً له عن دبر فاحتاج فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من يشتريه مني؟) فباعه من نعيم بن عبد الله بثمانمائة درهم فدفعها إليه وقال (أنت أحوج منه) متفق عليه قال جابر عبد قبطي مات عام أول في إمارة بن الزبير قال أبو إسحاق الجوزجاني صحت أحاديث بيع لمدبر ستقامة الطرق والخبر إذا ثبت استغني به عن غيره من رأي الناس ولأنه عتق بصفة ثبت بقول المعتق فلم يمنع البيع كما لو قال إن دخلت الدار فأنت حر ولأنه تبرع بمال بعد الموت فلم يمنع البيع في الحياة كالوصية قال أحمد هم يقولون من قال غلامي حر رأس الشهر فله بيعه قبل رأس الشهر فإن قال غداً فله بيعه اليوم وإن قال إذا مت قال لا يبيعه فالموت أكثر من الاجل ليس هذا قياساً إن جاز أن يبيعه قبل رأس الشهر فله أن يبيعه قبل محئ الموت وهم يقولون في من قال إن مت
من مرضي هذا فعبدي حر ثم لم يمت من مرضه ذلك فليس بشئ فإن قال إن مت فهو حر لا يباع هذا متناقض إنما أصله الوصية من الثلث فله أن يغير وصيته ما دام حياً فأما خبرهم فلم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو من قول ابن عمر قال الطحاوي هو عن ابن عمر وليس بمسند عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحتمل أنه أراد بعد الموت أو على الاستحباب ولا يصح قياسه على أم الولد لأن عتقها ثبت بغير اختيار سيدها وليس بتبرع ويكون من جميع المال ولا يمكن إبطاله بحال والتدبير بخلافه والهبة كالبيع لأنها تمليك في الحياة فأشبهت البيع وروي عنه رواية ثانية أنه لا يباع إلا في الدين وهو ظاهر كلام الخرقي وقال مالك لا يباع إلا في دين يغلب رقبة العبد فإذا كان العبد يساوي ألفاً وكان عليه خمسمائة لم يبع وروي عن أحمد أنه قال أنا أرى بيع المدبر في الدين وإذا كان فقيراً لا يملك شيئاً رأيت أن أبيعه لأن النبي صلى الله عليه وسلم باع المدبر لما علم أن صاحبه لا يملك شيئاً غيره، باعه النبي صلى الله عليه وسلم لما علم من حاجته وهذا قول إسحاق وأبي أيوب وأبي خيثمة وقال إن باعه من غير حاجة أجزناه وهذا مثل الرواية الأولى.
ووجه قول الخرقي والرواية التي قال أحمد أنه يرى بيعه في الدين وإذا كان صاحبه فقيراً لا يملك غيره حديث جابر المذكور فإن النبي صلى الله عليه وسلم إنما باع المدبر عند الحاجة
فلا يتجاوز به موضع الحاجة وعن أحمد رواية رابعة أن الأمة لا تباع خاصة قال شيخنا لا نعلم هذا