الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجملة ذلك أن الكتابة عقد لازم من الطرفين لأنها عقد معاوضة أشبه عقد النكاح والبيع ولا يدخلها خيار لأن الخيار شرع لدفع الغين عن المال والسيد دخل على بصيرة أن الحظ لعبده فلا معنى للخيار ولا يملك أحدهما فسخها قياساً على سائر العقود اللازمة وعنه أن العبد يملك ذلك وسنذكره ولا يجوز تعليقها على شرط مستقبل كسائر عقود المعاوضات (مسألة)(ولا تنفسخ بموت السيد لا نعلم في ذلك خلافاً ولا تنفسخ بجنونه ولا الحجر عليه لأنه عقد لازم أشبه البيع)
(مسألة)(ويعتق بالأداء إلى سيده وقد ذكرنا ذلك وبالأداء إلى الورثة)
لأنه انتقل إليهم مع بقاء الكتابة فهو كالأداء إلى موروثهم ويكون مقسوماً بينهم على قدر مواريثهم كسائر ديونه فإذا كان له أولاد ذكور وإناث فللذكر مثل حظ الأنثيين ولا يعتق حتى
يؤدي إلى كل ذي حق حقه فإن أدى إلى بعضهم دون بعض لم يعتق كما لو كان بين شركاء فأدى إلى بعضهم فإن كان بعضهم غائباً وله وكيل دفع نصيبه إلى وكيله وإن لم يكن له وكيل دفع نصيبه إلى الحاكم وعتق وإن كان مولياً عليه دفع إلى وليه إما أبيه أو وصيه أو الحاكم أو أمينه فإن كان له وصيان لم يبرأ إلا بالدفع إليهما معاً وإن كان الوارث رشيداً قبض لنفسه ولا تصح الوصية ليقبض له لأن الرشيد ولي نفسه وإن كان بعضهم رشيداً وبعضهم مولياً عليه فحكم كل واحد منهم حكمه
وانفرد فإن أذن بعضهم في الأداء إلى الآخر وكان الدي اذن رشيدا فأذى إلى الآخر جميع حقه عتق نصيبه ولا يسري إلى نصيبه شريكه إن كان معسراً ويسري إليه إن كان موسراً ويقوم عليه نصيب شريكه كله كما لو كان بين شريكين فأعتق أحدهما نصيبه وهذا ظاهر كلام الخرقي وهو أحد قولي الشافعي وقال القاضي لا يسري عتقه وإن كان موسراً وهذا القول الثاني للشافعي وقال أبو حنيفة لا يعتق إلا بأداء جميع مال الكتابة لأنه أدى بعض مال الكتابة فأشبه ما لو أداه إلى السيد فإن ابرأوه من مال الكتابة برئ منه وعتق وإن ابرأه بعضهم عتق نصيبه وكذلك إن أعتق نصيبه منه عتق والخلاف في هذا كله كالخلاف فيما إذا أدى إلى بعضهم بإذن الآخر ولنا على أنه يعتق نصيب من أبرأ من حقه عليه أو استوفى نصيبه بإذن شركائه أنه ابرأه من جميع ماله عليه فوجب أن يلحقه العتق كما لو أبرأه سيده من جميع مال الكتابة وفارق ما إذا أبرأه سيده من بعض مال الكتابة لأنه ما أبرأه من جميع حقه ولنا على سراية عتقه أنه إعتاق لبعض العبد الذي يجوز إعتاقه من موسر جائز التصرف غير محجور عليه فوجب أن يسري عتقه كما لو كان قناً ولأنه عتق حصل بفعله واختياره فسرى كمحل الوفاق فإن قيل في السراية اضرار بالشركاء لأنه قد يعجز فيرد إلى الرق قلنا إذا كان العتق في محل الوفاق يزيل الرق المتمكن الذي لا كتابة فيه فلأن يزيل عرضية ذلك بطريق الأولى
(فصل) وإذا عتق بالأداء إلى الورثة فولاؤه لسيده في إحدى الروايتين وهو اختيار الخرقي يختص
به عصباته دون أصحاب الفروض وهذا قول أكثر الفقهاء واختاره أبو بكر ونقله إسحاق ابن منصور عن أحمد وإسحاق وروى حنبل وصالح بن أحمد عن أبيه قال اختلف الناس في المكاتب يموت سيده وعليه بقية من كتابته قال بعض الناس الولاء للرجال والنساء وقال بعضهم لا ولاء للنساء لأن هذا إنما هو دين على المكاتب ولا يرث النساء من الولاء إلا ما كاتبن أو أعتقن والذي يغلب على أنهن يرثن ولو عجز المكاتب بعد وفاة السيد رد رقيقاً، وهذا قول طاوس والزهري لأن المكاتب انتقل إلى الورثة بموت السيد بدليل أنهم لو أعتقوه بعد عتقهم لكان ولاؤه لهم كما لو انتقل بالشراء ولأنه يؤدي إلى الورثة فكان ولاؤه لهم كما لو أدى إلى المشتري ووجه الأول أن السيد هو المنعم بالعتق فكان الولاء له كما لو أدى إليه ولأن الورثة إنما ينتقل إليهم ما بقي للسيد وإنما بقي له دين في ذمة المكاتب والفرق بين الميراث والشراء أن السيد نقل حقه في البيع باختياره فلم يبق له فيه حق من وجه والوارث يخلف الموروث ويقوم مقامه ويلي على موروثه ولا ينتقل إليه شئ أمكن بقاؤه لموروثه والولاء مما أمكن بقاؤه للموروث فوجب أن لا ينتقل عنه وقذ ذكرنا ذلك في باب الولاء (فصل) وإن أعتقه الورثة صح عتقهم لأنه ملك لهم فصح عتقهم له ولأن السيد لو أعتقه نفذ عتقه وهم يقومون مقام موروثهم وولاؤه لهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إنما الولاء لمن اعتق) وإن أعتق
بعضهم نصيبه فعتق عليه كله بالسراية قوم عليه نصيب شركائه وكان ولاؤه له وإن لم يسر لكونه معسراً أو لغير ذلك فله ولاء ما أعتقه للخبر ولأنه منعم عليه فكان الولاء له كغير المكاتب وقال القاضي إن أعتقوه كلهم قبل عجزه كان الولاء للسيد وإن أعتق بعضهم لم يسر عتقه ثم ينظر فإن أدى إلى الباقين عتق كله وكان ولاؤه للسيد وإن عجز فردوه إلى الرق كان ولاء نصيب المعتق له لأنه لولا إعتاقه لعاد سهمه رقيقاً كسهام سائر الورثة فلما أعتقه كان هو المنعم عليه فكان الولاء له دونهم فأما إن أبرأه الورثة كلهم عتق وكان ولاؤه على الروايتين اللتين ذكرناهما فيما إذا أدى إليهم لأن الإبراء جرى مجرى أداء ما عليه ويحتمل أن يكون الولاء لهم لأنهم أنعموا عليه بما عتق به أشبه ما لو أعتقوه وإن أبرأه بعضهم من نصيبه كان في ولائه ما ذكرنا من الخلاف
(فصل) إذا باع الورثة المكاتب أو وهبوه صح بيعهم وهبتهم لأنهم يقومون مقام موروثهم وهو يملك بيعه وهبته كذلك ورثته ويكون عند المشتري الموهوب له مبقي على ما بقي من كتابته إن عجز فعجزه عاد رقيقاً له، وإن أدى عتق وكان ولاؤه لمن يؤدي إليه على الرواية التي نقول إن ولاءه للورثة إذا أدى إليهم وأما على الرواية الأخرى فيحتمل أن لا يصح بيعه ولا هبته لأن ذلك يقتضي إبطال سبب ثبوت الولاء للسيد الذي كاتبه وليس ذلك للورثة ويحتمل أن يصح ويكون الولاء للسيد إن أعتق بالكتابة، لأن السيد عقدها فعتق بها فكان ولاؤه له ويفارق ما باعه
السيد، لأن السيد ببيعه أبطل حق نفسه وله ذلك بخلاف الورثة فإنهم لا يملكون إبطال حق موروثهم (فصل) إذا وصى السيد بمال الكتابة صح فإن سلم مال الكتابة إلى الموصى له أو وكيله أو وليه إن كان محجوراً عليه برئ منه وعتق وولاؤه لسيده الذي كاتبه لأنه المنعم عليه وإن ابرأه من المال عتق لأنه برئ من مال الكتابة فأشبه ما لو أدى وإن أعتقه لم يعتق لأنه لا يملك رقبته وإنما وصى له بالمال الذي عليه وإن عجز ورد في الرق صار عبداً للورثة وما قبضه الموصى له من المال فهو له لأنه قبضه بحكم الوصية الصحيحة والأمر في تعجيزه إلى الورثة لأن الحق يثبت لهم بتعجيزه ويصير عبداً لهم فكانت الخيرة في ذلك إليهم وتبطل وصية الموصى له بتعجيزه وإن وصى بمال الكناية للمساكين ووصى إلى من يقبضه ويفرقه بينهم صح ومتى سلم المال إلى الوصي برئ وعتق وإن ابرأه منه لم يبرأ لأن الحق لغيره فإن دفعه المكاتب إلى المساكين لم يبرأ منه ولم يعتق لأن التعيين إلى الوصي دونه وإن وصى بدفع المال إلى غرمائه تعين القضاء منه كما لو وصى به عطية لهم فإن كان إنما وصى بقضاء ديونه مطلقاً كان على المكاتب أن يجمع بين الورثة والوصي بقضاء الدين ويدفعه إليهم بحضرته لأن المال للورثة ولهم قضاء الدين منه ومن غيره وللوصي في قضاء الدين حق لأن له منعهم من التصرف في التركة قبل قضاء الدين
(فصل) إذا مات رجل وخلف ابنين وعبداً فادعى العبد أن سيده كاتبه فصدقاه ثبتت الكتابة لأن الحق لهما وإن أنكراه وكانت له بينة ثبتت الكتابة وعتق بالاداء إليهما وإن عجز فلهما رده إلى الرق وإن لم يعجزاه وصبرا عليه لم يملك الفسخ وإن عجزه أحدهما وأبى الآخر تعجيزه بقي نصفه على الكتابة ورق النصف الآخر فإن لم تكن له بينة فالقول قولهما مع أيمانهما لأن الأصل بقاء الرق وعدم الكتابة وتكون أيمانهما على نفي العلم لأنها يمين على نفي فعل الغير فإن حلفا ثبت رقه وإن نكلا قضي عليهما أوردت اليمين عليه عند من يرى ردها فيحلف العبد وتثبت الكتابة وإن حلف أحدهما ونكل الآخر قضي برق نصفه وكتابة نصفه وإن صدقه أحدهما وكذبه الآخر ثبتت الكتابة في نصفه وعليه البينة في نصفه الآخر فإن لم تكن بينة وحلف المنكر صار نصفه مكاتبا ونصف رقيقاً قناً فإن شهد المقر على أخيه قبلت شهادته لأنه لا يجر إلى نفسه نفعاً ولا يدفع عنها ضرراً فإن كان معه شاهد آخر كملت الشهادة وثبتت الكتابة في جميعه وإن لم يشهد غيره فهل يحلف العبد معه؟ على روايتين وإن لم يكن عدلاً أو لم يحلف العبد معه وحلف المنكر كان نصفه مكاتباً ونصفه رقيقاً ويكون كسبه بينه وبين المنكر نصفين ونفقته من كسبه لأنها على نفسه وعلى مالك نصفه فإن لم يكن له كسب كان على المنكر نصف نفقته ثم إن اتفق هو ومالك نصفه على المهايأة مياومة أو مشاهرة أو كيفما كان جاز فإن طلب أحدهما ذلك وامتنع الآخر أجبر عليها في ظاهر كلام أحمد وهو قول أبي حنيفة، لأن
المنافع مشتركة بينهما فإذا أراد أحدهما حيازة نصيبه من غير ضرر لزم الآخر إجابته كالأعيان ويحتمل أن لا يجبر وهو قول الشافعي لأن المهايأة تأخير حقه الحال لكون المنافع في هذا اليوم مشتركة بينهما فلا تجب الإجابة إليه كتأخير دينه الحال فإن اقتسما الكسب مناصفة أو مهايأة جاز فإن لم يف بأداء نجومه فللمقر رده في الرق وما في يده له خاصة لأن المنكر قد أخذ حقه من الكسب وإن اختلف المنكر والمقر فيما في يد المكاتب فقال المنكر هذا كان في يده قبل دعوى الكتابة أو كسبه في حياة ابينا وأنكر ذلك المقر فالقول قوله مع يمينه لأن المدعي يدعي كسبه في وقت الأصل عدمه فيه ولأنه لو اختلف هو والمكاتب في ذلك كان القول قول المكاتب فكذلك من يقوم مقامه وإن أدى
الكتابة عتق نصيب المقر خاصة ولم يسر إلى نصيب شريكه لأنه لم يباشر العتق ولم ينسب إليه وإنما كان السبب من أبيه وهذا حاك عن أبيه مقر بفعله فهو كالشاهد ولأن المقر بزعم أن نصيب أخيه حر أيضاً لأنه قد قبض من العبد مثل ما قبض فقد حصل أداء مال الكتابة إليهما فعتق كله بذلك وولاء النصف للمقر لأن أخاه لا يدعيه والمقر يدعي أنه كله عتق بالكتابة وهذا الولاء الذي على هذا النصف من نصيبي من الولاء وقال أصحاب الشافعي في ذلك وجهان (أحدهما) كقولنا (والثاني) أن الولاء بين الابنين لأنه يثبت لموروثهما فكان لهما بالميراث