الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أطلق أصحابنا القول في ذلك ولم يفرقوا بين السفر الطويل وغيره وقياس المذهب أن له منعه من سفر تحل نجوم كتابته قبل لأنه يتعذر معه استيفاء النجوم في وقتها والرجوع في رقه عند عجزه فمنع منه كالغريم الذي يحل الدين عليه قبل مدة سفره واختلف قوله فقال في موضع له السفر وقال في موضع ليس له السفر إذا كان قصيراً لأنه في حكم الحاضر والموضع الذي منع منه إذا كان بعيداً يتعذر معه استيفاء نجومه والرجوع في رقه عند عجزه.
ولنا أن المكاتب في يد نفسه وإنما للسيد عليه دين أشبه الحر الدين وما ذكروه لا أصل له ويبطل بالحر الغريم وله أخذ الصدقة الواجبة والمستحبة لأن الله تعالى جعل للمكاتبين الأخذ من الواجبة وإذا جاز الأخذ من الواجبة فالمستحبة أولى.
(مسألة) (وإن شرط عليه أن لا يسافر ولا يأخذ الصدقة فهل يصح الشرط؟ على وجهين
.
إذا شرط السيد على مكاتبه أن لا يسافر، فقال القاضي الشرط باطل، وهو قول الحسن وسعيد ابن جبير والشعبي والنخعي وأبي حنيفة لأنه ينافي مقتضى العقد فلم يصح شرطه كشرط ترك الاكتساب ولأنه غريم فلم يصح ترك السفر عليه كما لو أقرض لرجل قرضاً بشرط أن لا يسافر وقال أبو الخطاب يصح الشرط وله منعه من السفر وهو قول مالك لقول النبي صلى الله عليه وسلم (المسلمون على شروطهم)
ولأنه شرط له فيه فائدة فلزم كما لو شرط نقداً معلوماً وبيان فائدته أنه لا يأمن إباقه وأنه لا يرجع إلى سيده فيفوت العبد والمال الذي عليه ويفارق القرض فإنه عقد جائز من جانب المقرض متى شاء طالب بأخذه ومنع الغريم السفر قبل إيفائه فكان المنع من السفر حاصلاً بدون شرطه بخلاف الكتابة فإنه لا يمكن السيد منعه من السفر إلا بشرطه وفيه حفظ عبده وماله فلا يمنع من تحصيله وهذا أصح إن شاء الله تعالى فعلى هذا الوجه لسيده منعه من السفر فإن سافر بغير إذنه فله رده إن أمكنه وإن لم يمكنه رده احتمل أن له تعجيزه ورده إلى الرق لأنه لم يف بما شرط عليه أشبه ما لو لم يف بأداء الكتابة واحتمل أن لا يملك ذلك لأنه مكاتب كتابة صحيحة لم يظهر عجزه فلم يملك تعجيزه كما لو لم يشترط عليه.
(فصل) وإن شرط عليه أن لا يسأل الناس فقال أحمد قال جابر بن عبد الله هم على شروطهم إن رأيته يسأل تنهاه فإن قال لا أعود لم يرده عن كتابته في مرة فظاهر هذا أن الشرط صحيح لازم وأنه إن خالف مرة لم يعجزه وإن خالف مرتين أو أكثر فله تعجيزه قال أبو بكر إذا رآه يسأل مرة في مرة عجزه كما إذا حل نجم في نجم عجزه فاعتبر المخالفة في مرتين كحلول نجمين وإنما صح الشرط لقول عليه الصلاة والسلام (المسلمون على شروطهم) ولأن له في هذا فائدة وغرضاً صحيحاً وهو أن
لا يكون كلاً على الناس ولا يطعمه من صدقتهم وأوساخهم وذكر أبو الخطاب أنه لا يصح الشرط لأن الله تعالى جعل للمكاتب سهما عن الصدقة بقوله تعالى (وفي الرقاب) وهم المكاتبون فلا يصح اشتراط ترك طلب ما جعل الله له.
(مسألة)(وله الإنفاق على نفسه وولده ورقيقه وكل ما فيه صلاح المال) .
لأن له التصرف في المال بما يعود بمصلحته ومصلحة ماله والإنفاق على نفسه وولده ورقيقه من أهم المصالح فينفق عليهم ما يحتاجون إليه من مأكلهم ومشربهم وكسوتهم بالمعروف مما لا غنى لهم عنه والحيوان الذي له وله تأديب عبيده وتعزيرهم إذا فعلوا ما يستحقون ذلك لأنه من مصلحة ملكه فملكه كالنفقة عليهم ولا يملك إقامة الحد عليهم لأنه موضع ولاية وما هو من أهلها وله أن يختنهم لأنه من مصلحتهم وله المطالبة بالشفعة والأخذ بها لأنه نوع شراء فإن كان المشتري للشقص سيده
فله أخذه منه لأن له أن يشتري منه وإن اشترى المكاتب شقصاً لسيده فيه شركة فله أخذه من المكاتب بالشفعة لأنه مع سيده في باب البيع والشراء كالأجنبي وإن وجبت للسيد على مكاتبه شفعة فادعى المكاتب أن سيده عفا عنها سمعت دعواه وإن انكره السيد كان عليه اليمين وإن أذن السيد لمكاتبه في البيع بالمحاباة صح منه وكان لسيده الأخذ بالشفعة، لأن بيعه بالمحاباة مع سيده فيه صحيح ويصح إقرار المكاتب بالبيع والشراء والعيب والدين لأنه يصح تصرفه فيه بذلك ومن ملك شيئاً ملك الإقرار به.