المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(مسألة) * (فإن شك فيه خير بين سبكه وبين الاخراج) - الشرح الكبير على المقنع - ط المنار - جـ ٢

[ابن أبي عمر]

فهرس الكتاب

- ‌(مسألة) * (فان صلى ثم أقيمت الصلاة وهو في المسجد استحب له إعادتها إلا المغرب فإنه يعيدها ويشفعها برابعة)

- ‌(مسألة) * (وإن أقيمت وهو في نافلة أتمها خفيفة)

- ‌(مسألة) * قال (ومن أدرك الركوع فقد أدرك الركعة)

- ‌(مسألة) * ثم أفقههم ثم أسنهم ثم أقدمهم هجرة ثم أشرفهم ثم أتقاهم ثم من تقع له القرعة متى استووا في القراءة

- ‌(مسألة) * وصاحب البيت وإمام المسجد أحق بالإمامة إلا أن يكون بعضهم ذا سلطان)

- ‌(مسألة) * (لا تصح الصلاة خلف كافر بحال)

- ‌(مسألة) * (ولا إمامة الصبي لبالغ إلا في نفل على إحدى الروايتين)

- ‌(مسألة) * ولا تصح إمامة محدث ولا نجس يعلم ذلك

- ‌(مسألة) * (ويصح ائتمام مؤدي الصلاة بمن يقضيها)

- ‌(مسألة) * (وإن أم امرأة وقفت خلفه)

- ‌(مسألة) * (وان اجتمع رجال وصبيان وخناثى ونساء تقدم الرجال ثم الصبيان ثم الخناثى ثم النساء)

- ‌(مسألة) * (ومن لم يقف معه إلا كافر أو امرأة أو محدث يعلم حدثه فهو فذ، وكذلك الصبي إلا في النافلة)

- ‌(مسألة) * (فان صلى فذاً ركعة لم تصح)

- ‌(مسألة) * (وإن ركع فذاً ثم دخل في الصف أو وقف معه آخر قبل رفع الامام صحت صلاته وإن رفع ولم يسجد صحت، وقيل إن علم النهي لم تصح وإن فعله لغير عذر لم تصح)

- ‌(مسألة) * (ويكره للإمام إطالة القعود بعد الصلاة مستقبل القبلة)

- ‌(مسألة) * (وإن فرقهم أربعاً فصلى بكل طائفة ركعة صحت صلاة الاوليين وبطلت صلاة الامام والاخريين ان علمنا بطلان صلاته)

- ‌(مسألة) * (ومن هرب من عدو هرباً مباحاً أو سيل أو سبع أو نحوه فله الصلاة كذلك سواء خاف على نفسه أو ماله أو أهله)

- ‌(مسألة) * (وهل لطالب العدو الخائف فواته الصلاة كذلك)

- ‌(مسألة) * (وهي واجبة على كل مسلم مكلف ذكر حر مستوطن ببناء ليس بينه وبين موضع الجمعة.أكثر من فرسخ إذا لم يكن له عذر)

- ‌(مسألة) * (ولا تجب على مسافر ولا عبد ولا امرأة ولا خنثى)

- ‌(مسألة) * (ومن حضرها منهم أجزأته ولم تنعقد به ولم يجز له أن يؤم فيها وعنه في العبد أنها تجب عليه)

- ‌(مسألة) * (ومن سقطت عنه لعذر إذا حضرها وجبت عليه وانعقدت به)

- ‌(مسألة) * (ومن صلى الظهر ممن عليه حضور الجمعة قبل صلاة الامام لم تصح صلاته والأفضل لمن لا تجب عليه أن لا يصلي الظهر حتى يصلي الإمام)

- ‌(مسألة) * (ويجوز قبله وعنه لا يجوز، وعنه يجوز للجهاد خاصة السفر بعد الزوال فيجوز للجهاد خاصة

- ‌(مسألة) * (فإن خرج وقتها قبل فعلها صلوا ظهراً لفوات الشرط لا نعلم في ذلك خلافاً) *

- ‌(مسألة) * (وإن خرج وقد صلوا ركعة أتموها جمعة، وإن خرج قبل ركعة فهل يتمونها ظهراً أو يستأنفونها على وجهين)

- ‌(مسألة) * (الثاني أن تكون بقرية يستوطنها أربعون من أهل وجوبها فلا تجوز اقامتها في غير ذلك)

- ‌(مسألة) * (ومن أدرك مع الإمام منها ركعة أتمها جمعة)

- ‌(مسألة) * (فإن لم يمكنه سجد إذا زال الزحام إلا أن يخاف فوات الثانية فيتابع الامام فيها وتصير أولاه ويتمها جمع

- ‌(مسألة) * (فإن لم يتابع الامام عالما بتحريم ذلك بطلت صلاته، وإن جهل تحريمه فسجد ثم أدرك الإمام في التشهد أتى بركعة أخرى بعد سلام الامام وصحت جمعته وعنه يتمها ظهراً)

- ‌(مسألة) * (ومن سننهما أن يخطب على منبر أو موضع عال لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب الناس على منبر)

- ‌(مسألة) * (ويسلم على المأمومين إذا أقبل عليهم)

- ‌(مسألة) * (ثم يجلس إلى فراغ الاذان ويجلس بين الخطبتين)

- ‌(مسألة) * (ويخطب قائماً)

- ‌(مسألة) * (ويعتمد على سيف، أو قوس، أو عصا)

- ‌(مسألة) * (ويقصد تلقاء وجهه)

- ‌(مسألة) * (ويستحب تقصير الخطبة)

- ‌(مسألة) * ويستحب أن يدعو لنفسه والمسلمين والمسلمات والحاضرين، وإن دعا لسلطان المسلمين بالصلاح فحسن

- ‌(مسألة) * (ولا يشترط إذن الإمام وعنه يشترط)

- ‌(مسألة) * (ويستحب أن يقرأ في الاولى بسورة الجمعة وفي الثانية بالمنافقين)

- ‌(مسألة) * (وتجوز إقامة الجمعة في موضعين من البلد للحاجة ولا يجوز مع عدمها)

- ‌(مسألة) * (فإن فعلوا فجمعة الامام هي الصحيحة)

- ‌(مسألة) * (فإن استويا فالثانية باطلة وإن لم يكن لاحداهما مزية على الأخرى لكونهما جميعاً مأذونا فيهما أو غير مأذون)

- ‌(مسألة) * (فإن وقعتا معاً أو جهلت الأولى بطلتا معاً)

- ‌(مسألة) * (ويتنظف ويتطيب ويلبس أحسن ثيابه)

- ‌(مسألة) * (ولا يتخطى رقاب الناس إلا أن يكون إماماً أو يرى فرجة فيتخطى إليها وعنه يكره)

- ‌(مسألة) * (ولا يقيم غيره فيجلس في مكانه إلا من قدم صاحباً له فجلس في موضع يحفظه له)

- ‌(مسألة) * (ومن دخل والإمام يخطب لم يجلس حتى يركع ركعتين يوجز فيهما)

- ‌(مسألة) * (ولا يجوز الكلام والإمام يخطب إلا له أو لمن كلمه)

- ‌(مسألة) * (ويجوز الكلام قبل الخطبة وبعدها وعنه يجوز فيها)

- ‌(باب صلاة العيدين) *

- ‌(مسألة) * (وأول وقتها إذا ارتفعت الشمس وآخره إذا زالت)

- ‌(مسألة) * (فإن لم يعلم بالعيد إلا بعد الزوال خرج من الغد فصلى بهم)

- ‌(مسألة) * (ويسن تقديم الأضحى وتأخير الفطر والأكل في الفطر قبل الصلاة والامساك في الأضحى حتى يصلي)

- ‌(باب صلاة الكسوف) *

- ‌(مسألة) * (وإن أتى في كل ركعة بثلاث ركوعات أو أربع فلا بأس)

- ‌(باب صلاة الاستسقاء) * *

- ‌(مسألة) * (وصفتها في موضعها وأحكامها صفة صلاة العيد)

- ‌(مسألة) * (وإذا أراد الإمام الخروج إليها وعظ الناس

- ‌(مسألة) * (وبعدهم يوماً يخرجون فيه)

- ‌(مسألة) * (ويتنظف لها بالغسل والسواك وازالة الرائحة قياسا على صلاة العيد)

- ‌(مسألة) * (ويخرج متواضعاً متخشعاً متذللاً متضرعاً)

- ‌(مسألة) * (ويجوز خروج الصبيان كغيرهم من الناس)

- ‌(مسألة) * (فيصلي بهم ثم يخطب خطبة واحدة يفتتحها بالتكبير كخطبة العيد)

- ‌(مسألة) * (ويرفع يديه فيدعو بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(مسألة) * (ويستقبل القبلة في أثناء الخطبة ويحول رداءه ويجعل الأيسر على الأيمن والأيمن على الأيسر ويفعل الناس كذلك ويتركونه حتى ينزعوه مع ثيابهم)

- ‌‌‌كتاب الجنائز

- ‌كتاب الجنائز

- ‌(مسألة) * (ويستحب أن يلقنه قول لا إله إلا الله مرة)

- ‌(مسألة) * (وأحق الناس بغسل المرأة وصيها ثم الأقرب فالأقرب من نسائها أمها ثم بنتها ثم بناتها ثم أخواتها كما ذكرنا في حق الرجل)

- ‌(مسألة) * (وللرجل والمرأة غسل من له دون سبع سنين وفي ابن السبع وجهان)

- ‌(مسألة) * (ويستر الميت عن العيون، ولا يحضره إلا من يعين في غسله)

- ‌(مسألة) * (ثم يلف على يده خرقة فينجيه ولا يحل مس عورته، ويستحب أن لا يمس سائر بدنه الا بخرقة)

- ‌(مسألة) * (ثم ينوي غسلهما ويسمي)

- ‌(مسألة) * (والماء الحار والخلال والاشنان يستعمل إن احتيج إليه)

- ‌(مسألة) * (ويقص شاربه ويقلم أظافره ولا يسرح شعره ولا لحيته)

- ‌(مسألة) * (ويصلى على الغائب بالنية فإن كان في أحد جانبي البلد لم تصح عليه بالنية في أصح الوجهين)

- ‌(مسألة) * (ولا يصلى الإمام على الغال ولا من قتل نفسه)

- ‌(مسألة) * (وإن وجد بعض الميت غسل وصلي عليه وعنه لا يصلى على الجوارح)

- ‌(مسألة) * (وإن اختلط من يصلي عليه بمن لا يصلى عليه صلي على الجميع ينوي من يصلي عليه)

- ‌(مسألة) * (وإن لم يحضره إلا النساء صلين عليه)

- ‌(مسألة) * (ويدخل قبره من عند رجل القبر ان كان أسهل عليهم)

- ‌‌‌ كتاب الزكاة

- ‌ كتاب الزكاة

- ‌(مسألة) * (وتجب الزكاة في أربعة أصناف من المال:

- ‌(مسألة) * (وقال أصحابنا تجب في المتولد بين الوحشي والأهلي)

- ‌(مسألة) * (وفي بقر الوحش روايتان)

- ‌(مسألة) * (ويؤخذ من الصغار صغيرة ومن المراض مريض، وقال أبو بكر لا يؤخذ إلا كبيرة صحيحة على قدر المال)

- ‌(مسألة) * (والوسق ستون صاعا، والصاع خمسة أرطال وثلث بالعراقي، فيكون ذلك الفاً وستمائة رطل)

- ‌(مسألة) * (قال إلا الأرز والعلس - نوع من الحنطة يدخر في قشره -، فإن نصاب كل واحد منهما مع قشره عشرة أوسق)

- ‌(مسألة) * (وعنه أنه يعتبر نصاب ثمرة النخل والكرم رطبا ويؤخذ عشره يابسا)

- ‌(مسألة) * (وتضم ثمرة العام الواحد بعضها إلى بعض في تكميل النصاب)

- ‌(مسألة) * (فإن كان له نخل يحمل في السنة حملين ضم أحدهما إلى الآخر.وقال القاضي لا يضم)

- ‌(مسألة) * (فإن سقى نصف السنة بهذا ونصفها بهذا ففيه ثلاثة أرباع العشر)

- ‌(مسألة) * (ومتى ادعى رب المال تلفها من غير تفريطه قبل قوله من غير يمين سواء كان ذلك قبل الخرص أو بعده

- ‌(مسألة) * (ويجب إخراج زكاة الحب مصفى والثمر يابساً)

- ‌(مسألة) * (وإن كان نوعاً واحداً فله خرص كل شجرة وحدها)

- ‌(مسألة) * (ويخرج العشر من كل نوع على حدته فإن شق ذلك أخذ من الوسط)

- ‌(باب زكاة الاثمان) *

- ‌(مسألة) * قال (ولا في الفضة حتى تبلغ مائتي درهم فيجب فيها خمسة دراهم)

- ‌(مسألة) * (فإن شك فيه خير بين سبكه وبين الاخراج)

- ‌(مسألة) * (وهي واجبة على كل مسلم تلزمه مؤنة نفسه إذا فضل عنده عن قوته وقوت عيالهيوم العيد وليلته صاع وإن كان مكاتباً)

- ‌(مسألة) * (وإن فضل بعض صاع فهل يلزمه إخراجه؟ على روايتين)

- ‌(مسألة) * (وتستحب الصدقة بالفاضل عن كفايته وكفاية من يمونه على الدوام)

الفصل: ‌(مسألة) * (فإن شك فيه خير بين سبكه وبين الاخراج)

* ‌

(مسألة) * (فإن شك فيه خير بين سبكه وبين الاخراج)

إذا شك في بلوغ قدر ما في المغشوش من الذهب والفضة نصابا خير بين سبكهما ليعلم قدر ما فيهما وبين أن يستظهر ويخرج ليسقط الفرض بيقين، فإن أحب أن يخرج استظهاراً فأراد اخراج الزكاة من المغشوشة وكان الغش لا يختلف مثل أن يكون الغش في كل دينار سدسه، وعلم ذك جاز أن يخرج منها لانه يكون مخرجا لربع العشر، وإن اختلف قدر ما فيها أو لم يعلم لم يجزه الاخراج منها إلا أن يستظهر باخراج ما يتيقن أن فيما اخرجه من العين قدر لزكاة، فان أخرج عنها ذهباً أو فضة لا غش فيه فهو أفضل، وإن أراد اسقاط الغش واخراج الزكاة عن قدر ما فيه من الذهب والفضة كمن معه أربعة وعشرون ديناراً سدسها غش فأسقط السدس أربعة وأخرج نصف دينار عن عشرين جاز لأنه لو سبكبا لم يلزمه إلا ذلك، ولأن غشها لا زكاة فيه إلا أن يكون غش الذهب فضة وعنده من الفضة ما يتم به النصاب وله نصاب سواه فيكون عليه زكاة الغش حينئذ، وكذلك إن قلنا بضم الذهب إلى الفضة، وإن ادعى رب المال أنه علم الغش أو أنه استظهر وأخرج الفرض فيلزمه بغير يمين، وإن زادت قيمة المغشوش بالغش فصارت قيمة العشرين تساوي اثنين وعشرين فعليه اخراج ربع عشرها مما قيمته كقيمتها لان عليه اخراج زكاة المال الجيد من جنسه بحيث لا ينقص عن قيمته والله أعلم * (مسألة) * (ويخرج عن الجيد الصحيح من جنسه) ويخرج عن كل نوع من جنسه لأن الفقراء شركاؤه وهذه وظيفة الشركة فان كان أنواعا متساوية القيم جاز إخراج الزكاة من أحدهما كما يخرج من أحد نوعي الغنم، وإن كانت مختلفة القيم أخذ من

ص: 600

من كل نوع ما يخصه وإن أخرج من أوسطها ما يفي بقدر الواجب جاز وله ثواب الزيادة لانه زاد خيراً

وإن أخرجه بالقيمة مثل أن يخرج عن نصف دينار ردئ ثلث دينار جيد لم يجز لأن النبي صلى الله عليه وسلم نص على نصف دينار فلم يجز النقص منه، وان أخرج من الأدنى من غير زياة لم يجزئ لقوله تعالى (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون) وإن زاد في المخرج ما يفي بقيمة الواجب كمن أخرج عن دينار ديناراً ونصفاً يفي بقيمته جاز، لان الربا لا يجري بين العبد وسيده، وقال أبو حنيفة يجوز اخراج الرديئة عن الجيدة من غير جبران لان الجودة إذا لاقت جنسها فيما فيه الربا لا قيمة لها ولنا أن الجودة متقومة في الاتلاف ولأنه إذا لم يجبره بما يتم به قيمة الواجب دخل في قوله تعالى (ولا تيمموا الخبيث) الآية ولانه أخرج رديئا عن جيد بقدره فلم يجزئ كالماشية.

وأما الربا فلا يجرى ها هنا لانه لا ربا بين العبد وسيده فإن قيل فلو أخرج في الماشية عن الجيدة رديئين لم يجزئ أو اخرج عن القفيز الجيد قفيزين رديئين لم يجزئ فلم أجزتم ها هنا؟ قلنا الفرق بينهما أن القصد في الاثمان القيمة لا غير فاذا تساوى الواجب والمخرج في القيمة والوزن جاز وسائر الاموال يقصد الانتفاع بعينها فلا يلزم من التساوي في الامرين الجواز لفوات بعض المقصود * (مسألة) * (فإن أخرج مكسراً أو بهرجا وزاد قدر ما بينهما من الفضل جاز نص عليه) اذا أخرج عن الصحاح مكسرة وزاد بقدر ما بينهما من الفضل جاز لانه أدى الواجب عليه قيمة

ص: 601

وقدراً وإن أخرج بهرجا عن الجيد وزاد بقدر ما يساوي قيمة الجيد جاز لذلك وهكذا ذكر أبو الخطاب وقال القاضي يلزمه اخراج جيد ولا يرجع فيما أخرجه من المعيب لأنه أخرج معيبا في حق الله فأشبه ما لو أخرج مريضة عن صحاح وبهذا قال الشافعي إلا أن أصحابه قالوا له الرجوع فيما أخرج من المعيب في أحد الوجهين.

* (مسألة) * (وهل يضم الذهب إلى الفضة في تكميل النصاب أو يخرج أحدهما عن الآخر؟ على روايتين) إذا كان له من كل واحد من الذهب والفضة مالا يبلغ نصابا بمفرده فقد نقل عن أحمد أنه توقف في ضم أحدهما إلى الآخر في رواية الأثرم وجماعة وقطع في رواية حنبل أنه لا زكاة عليه حتى يبلغ كل واحد منهما نصابا وقد نقل الخرقي فيها روايتين ونقلهما غيره من الاصحاب احداهما لا يضم وهو قول

ابن ابي ليلي والحسن بن صالح وشريك والشافعي وأبي عبيد وأبي ثور واختيار أبي بكر عبد العزيز لقوله عليه السلام " ليس فيما دون خمس أواق صدقة " متفق عليه ولانهما مالان يختلف نصابهما فلم يضم أحدهما إلى الآخر كاجناس الماشية، والثانية يضم وهو قول الحسن وقتادة ومالك والثوري والاوزاعي وأصحاب الرأي لأن أحدهما يضم إلى ما يضم إليه الآخر فيضم إلى الآخر كأنواع الجنس ولأنهما نفعهما واحد والمقصود منهما متحد فانهما قيم المتلفات وأروش الجنايات وثمن البياعات وحلي لمن يريدهما فاشبها النوعين والحديث مخصوص بعرض التجارة فنقيس عليه (فصل) وهل يخرج أحدهما عن الآخر في الزكاة فيه روايتان نص عليهما أحمد أحدهما لا يجوز اختاره أبو بكر لانهما جنسان فلم يجز إخراج أحدهما عن الآخر كسائر الاجناس، ولان أنواع الجنس

ص: 602

إذا لم يخرج أحدهما عن الآخر اذا كان أقل في المقدار فمع اختلاف الجنس أولى، والثانية يجوز لأن المقصود من أحدهما يحصل باخراج الآخر فيجزي كأنواع الجنس وذلك لأن المقصود منهما جمعيا التنمية والتوسل بهما إلى المقاصد وهما يشتركان فيه على السواء فاشبه اخراج المكسرة عن الصحاح بخلاف سائر الاجناس والانواع مما تجب فيه الزكاة فان لكل جنس مقصوداً مختصاً به لا يحصل من الجنس الآخر، وكذلك أنواعها فلا يحصل من اخراج غير الواجب من الحكمة ما يحصل من إخراج الواجب وها هنا المقصود حاصل فوجب إجزاؤه إذ لا فائدة في اختصاص الاجزاء بعين مساواة غيرها لها في الحكمة ولأن ذلك أوفق بالمعطي والآخذ وأرفق بهما فانه لو تعين اخراج زكاة الدنانير منها شق على من يملك أربعين ديناراً إخراج جزء من دينار ويحتاج إلى التشقيص ومشاركة الفقير له في دينار من ماله أو بيع أحدهما نصيبه، ولانه إذا دفع إلى الفقير قطعة من الذهب في موضع لا يتعامل بها فيه أو قطعة في مكان لا يتعاملون به فيه لا يقدر على قضاء حاجته بها، وإن اراد بيعها احتاج الى كلفة البيع والظاهر أنها تنقص عوضها عن قيمتها فقد دار بين ضررين، وفي جواز إخراج أحدهما عن الآخر دفع لهذا الضرر وتحصيل لحكمة الزكاة على الكمال فلا وجه لمنعه وان توهمت ههنا منفعة تفوت بذلك فهي يسيرة مغمورة فيما يحصل من النفع الظاهر ويندفع من الضرر والمشقة من الجانبين فلا يعتبر وهذا

اختيار شيخنا وعلى هذا لا يجوز إلا بدال في موضع يلحق الفقير ضرر مثل أن يدفع إليه مالا ينفق عوضا

ص: 603

عما ينفق لأنه إذا لم يجز إخراج أحد النوعين عن الآخر مع الضرر فمع غيره أولى، وان اختار المالك الدفع من الجنس واختار الفقير الاخذ من غيره لضرر يلحقه في أخذ الجنس لم يلزم المالك اجابته لأنه أدى ما فرض الله عليه فلم يكلف سواه والله أعلم.

* (مسألة) * (ويكون الضم بالاجزاء وقيل بالقيمة فيما فيه الحظ للمساكين) إذا قلنا يضم أحد النقدين الى الآخر في تكميل النصاب فانما يضم بالاجزاء فيحسب كل واحد منهما من نصابه فاذا كملت أجزاؤهما نصابا وجبت الزكاة مثل أن يكون عنده نصف نصاب من أحدهما ونصف نصاب أو أكثر من الآخر أو ثلث من أحدهما وثلثان من الاخر وهو أن يملك مائة درهم وعشرة دنانير أو خمسة عشر ديناراً وخمسين درهماً أو بالعكس فيجب عليه فيه الزكاة فان نقصت أجزاؤهما عن نصاب فلا زكاة فيها، سئل أحمد عن رجل يملك مائة درهم وثمانية دنانير فقال: إنما قال من قال فيها الزكاة اذا كان عنده عشرة دنانير ومائة درهم وهذا قول مالك وأبي يوسف ومحمد والاوزاعي لأن كل واحد منهما لا تعتبر قيمته في إيجاب الزكاة اذا كان منفرداً فلا يعتبر اذا كان مضموماً كالحبوب وأنواع الاجناس كلها وقد قيل يضم بالقيمة إذا كان أحظ للمساكين، قال أبو الخطاب ظاهر كلام أحمد في رواية المروذي انها تضم بالاحوط من الأجزاء والقيمة، ومعناه أنه يقوم الغالي منها بقيمة الرخيص فاذا بلغت قيمتها بالرخيص نصابا وجبت الزكاة فيهما، كمن ملك مائة درهم وتسعة

ص: 604

دنانير قيمتها مائة درهم أو عشرة دنانير وتسعين درهما قيمتها عشرة دنانير فتجب عليه الزكاة وهذا قول أبي حنيفة في تقويم الدنانير بالفضة لأن كل نصاب وجب فيه ضم الذهب الى الفضة ضم بالقيمة كنصاب القطع في السرقة، ولأن أصل الضم يحظ الفقراء فكذلك صفته والأول أصح لأن الزكاة تجب في عين الاثمان فلم تعتبر قيمتها كما لو انفردت وتخالف نصاب القطع فان النصاب فيه الورق خاصة في إحدى الروايتين وفي الأخرى انه لا يجب في الذهب حتى يبلغ ربع دينار

* (مسألة) * (وتضم قيمة العروض إلى كل واحد منهما) يعني إذا كان في ملكه ذهب أو فضة وعروض للتجارة فان قيمة العروض تضم إلى كل واحد منهما ويكمل به نصابه، قال شيخنا: لا أعلم فيه خلافاً، وقال الخطابي لا أعلم عامتهم اختلفوا فيه وذلك لأن الزكاة إنما تجب في قيمة العروض وهو يقوم بكل واحد منهما فيضم إلى كل واحد منهما فلو كان ذهب وفضة وعروض وجب ضم الجميع بعضه إلى بعض في تحميل النصاب لان العرض مضموم إلى كل واحد منهما فيجب ضمهما اليه.

(فصل) قال (ولا زكاة في الحلي المباح المعد للاستعمال في ظاهر المذهب) روى ذلك عن ابن عمر وجابر وأنس وعائشة وأسماء أختها رضي الله عنهم، وبه قال القاسم والشعبي وقتادة ومحمد بن علي ومالك والشافعي في أحد قوليه وأبو عبيد واسحق وأبو ثور وذكر ابن أبي موسى عن أحمد رواية أخرى

ص: 605

أن فيه الزكاة، روى ذلك عن عمر وابن مسعود وابن عباس وعبد الله بن عمر وسعيد بن المسيب وابن جبير وعطاء ومجاهد والزهري والثوري وأصحاب الرأي وغيرهم لعموم قوله عليه السلام " في الرقة ربع العشر وليس فيما دون خمس أواق صدقة " مفهومه أن فيها صدقة اذا بلغت خمس اواق وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: أتت امرأة من أهل اليمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعها ابنة لها في يدها مسكتان من ذهب فقال " هل تعطين زكاة هذا؟ " قالت: لا.

قال " أيسرك أن يسورك الله بسوارين من نار " رواه أبو داود ولأنه من جنس الأثمان أشبه التبر، وقال الحسن وعبيد الله بن عتبة زكاته عاريته قال أحمد خمسة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون ليس في الحلي زكاة، زكاته عاريته ووجه الأولى ما روى جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " ليس في الحلي زكاة " ولأنه مرصد لاستعمال مباح فلم تجب فيه الزكاة كالعوامل من البقر وثياب القنية، والأحاديث الصحيحة التي احتجوا بها لا تتناول محل النزاع لأن الرقة هي الدراهم المضروبة، قال أبو عبيد لا نعلم هذا الاسم في الكلام المعقول عند العرب الا على الدراهم المضروبة ذات السكة السائرة في الناس وكذلك الاواقي ليس معناها الا الدراهم كل أوقية أربعون درهما، وأما حديث المسكتين فقال أبو عبيد لا نعلمه الا من وجه قد تكلم

الناس فيه قديماً وحديثاً وقال الترمذي ليس يصح في هذا الباب شئ ويحتمل أنه أراد بالزكاة العارية كما قد ذهب إليه جماعة من الصحابة وغيرهم، والتبر غير معد للاستعمال بخلاف الحلي ولا فرق بين الحلي

ص: 606

المباح أن يكون مملوكاً لإمرأة تلبسه أو تعيره أو لرجل يحلي به أهله أو يعيره أو يعده لذلك لانه مصروف عن جهة النماء الى استعمال مباح أشبه حلي المرأة فان اتخذ حلياً فراراً من الزكاة لم تسقط عنه الزكاة لانها انما سقطت عن عما أعد للاستعمال لصرفه عن جهة النماء ففيما عداه يبقى على الأصل (فصل) فان انكسر الحلي كسراً لا يمنع اللبس قهو كالصحيح إلا أن ينوي ترك لبسه، وإن كان كسراً يمنع الاستعمال ففيه الزكاة لانه صار كالبقرة وان نوى يحل اللبس التجارة والكري انعقد عليه حول الزكاة من حين نوى لان الوجوب الاصل فانصرف اليه بمجرد النية كما لو نوى بمال التجارة القنية (فصل) وكذلك ما يباح للرجال من الحلي كخاتم الفضة وقبيعة السيف وحلية المنطقة على الصحيح من المذهب والجوشن والخوذة وما في معناه وأنف الذهب وكل ما أبيح للرجل حكمه حكم حلي المرأة في عدم وجوب الزكاة لانه مصروف عن جهة النماء أشبه حلي المرأة

ص: 607

* (مسألة) * (فأما الحلي المحرم والآنية وما أعد للكرى والنفقة ففيه الزكاة اذا بلغ نصابا) كل ما أعد للكرى والنفقة إذا احتاج إليه ففيه الزكاة لانها انما سقطت عما أعد للاستعمال لصرفه عن جهة النماء ففيما عداه يبقى على الأصل، ولأصحاب الشافعي وجه فيما أعد للكرى لا زكاة فيه وكل ما كان اتخاذه محرما من الاثمان ففيه الزكاة لأن الأصل وجوب الزكاة فيها لكونها مخلوقة للتجارة والتوسل بها إلى غيرها ولم يوجد ما يسقط الزكاة فيا فبقيت على الأصل، قال احمد ما كان على سرج أو لجام ففيه الزكاة ونص على حلية الثفر والركاب واللجام أنه محرم، وقال في رواية الأثرم أكره رأس المكحلة فضة ثم قال هذا شئ تأولته وعلى قياس ما ذكره حلية الدواة والمقلمة والسرج ونحوه مما على الدابة ولو موه سقفه بذهب أو فضة فهو محرم وفيه الزكاة، وقال أصحاب الرأي يباح لأنه تابع للمباح فتبعه في الإباحة

ص: 608

ولنا أنه سرف ويفضي إلى الخيلاء وكسر قلوب الفقراء فحرم كاتخاذ الآنية وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التختم بخاتم الذهب للرجل فتمويه السقف أولى فان صار التمويه الذي في السقف مستهلكا لا يجتمع منه شئ لم تحرم استدامته لأنه لا فائدة في إتلافه وإزالته ولا زكاة فيه لأن ما ليته ذهبت وان لم تذهب ماليته ولم يكن مستهلكا حرمت استدامته، وقد بلغنا أن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لما ولي أراد جمع ما في مسجد دمشق مما موه به من الذهب فقيل له أنه لا يجتمع منه شئ فتركه، ولا يجوز تحلية المصاحف ولا المحاريب ولا اتخاذ قناديل من الذهب والفضة لانها بمنزلة الآنية، وان وقفها على مسجد أو نحوه لم يصح لأنه ليس ببر ولا معروف ويكون ذلك بمنزلة الصدقة فتكسر وتصرف في مصلحة المسجد

ص: 609

وعمارته، وكذلك ان حبس الرجل فرسا له لجام مفضض، وقد قال أحمد في الرجل يقف فرسا في سبيل الله ومعه لجام مفضض فهو على ما وقفه وإن بيعت الفضة من السرج واللجام وجعلت في وقف مثله فهو أحب إلي لأن الفضة لا ينتفع بها ولعله يشتري بذلك سرجا ولجاما فيكون أنفع للمسلمين قيل فتباع الفضة وتنفق على الفرس؟ قال نعم وهذا يدل على اباحة حلية السرج واللجام بالفضة لولا ذلك لما قال هو على ما وقفه وهذا لأن العادة جارية به فأشبه حلية المنطقة، واذا قلنا بتحريمه فصار بحيث لا يجتمع منه شئ لم تحرم استدامته كقولنا في تمويه السقف، وقال القاضي، تباح علاقة المصحف ذهباً

ص: 610

وفضة للنساء خاصة وليس بجيد لأن حلية المرأة ما لبسته وتحلت به في بدنها أو ثيابها وما عداه فحكمه حكم الاواني يستوي فيه الرجال والنساء ولو أبيح لها ذلك لأبيح علاقة الأواني ونحوه ذكره ابن عقيل، ويحرم على الرجل خاتم الذهب لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عنه وكذلك طوق الفضة لأنه غير معتاد في حقه فهذا وكل ما يحرم اتخاذه اذا بلغ نصابا ففيه الزكاة أو بلغ نصابا بضمه الى ما عنده لما ذكرنا (فصل) واتخاذ الأواني محرم على الرجال والنساء وكذلك استعمالها، وقال الشافعي في أحد قوليه لا يحرم اتخاذها وقد ذكرنا ذلك في باب الآنية ففيها الزكاة بغير خلاف نعلمه بين أهل العلم، ولا زكاة فيه حتى يبلغ نصابا أو يكون عنده ما يبلغ بضمه اليه نصابا فإن لم يبلغ نصاباً فلا زكاة فيه لمعوم

الاخبار لقوله عليه السلام " ليس فيما دون خمس أواق صدقة " وغير ذلك

ص: 611

* (مسألة) * (والاعتبار بوزنه إلا ما كان مباح الصناعة فإن الاعتبار في النصاب بوزنه وفي الاخراج بقيمته) اعتبار النصاب في الذهب المحلى والآنية وغيره مما تجب فيه الزكاة بالوزن للخبر، فإن كانت قيمته أكثر من وزنه لصناعة محرمة فلا عبرة بها لأنها لا قيمة لها في الشرع وله أن يخرج عنها قدر ربع عشرها بقيمته غير مصوغ وله كسرها واخراج ربع عشرها مكسوراً وان أخرج ربع عشرها مصوغا جاز لان الصناعة لم تنقصها عن قيمه المكسور وذكر أبو الخطاب وجها في اعتبار قيمتها إذا كانت صناعتها مباحة كمن عنده حلي للكراء وزنه مائة وخمسون درهماً وقيمته مائتان تجب فيه الزكاة والأول أصح لقول النبي صلى الله عليه وسلم " ليس فيما دون خمس أواق صدقة "(فصل) وما كان مباح الصناعة كحلي التجارة فالاعتبار في النصاب بوزنه لما ذكرنا وفي الاخراج

ص: 612

بقيمته فاذا كان وزنه مائتين وقيمته ثلاثمائة فعليه قدر ربع عشره في زنته وقيمته لأن زيادة القيمة ههنا بغير محرم أشبه زيادة قيمته لنفاسة جوهره فان أخرج ربع عشره مشاعاً جاز وان دفع قدر ربع عشره وزاد في الوزن بحيث يستويان في القيمة بان أخرج سبعة دراهم ونصف جاز وكذلك إن أخرج حلياً وزنه خمسة دراهم وقيمته سبعة ونصف لأن الربا لا يجري ههنا وإن أراد كسره ودفع ربع عشره مكسوراً لم يجز لأن كسره ينقص قيمته، وحكى القاضي في المجرد اذا نوى بالحلي القنية أن الاعتبار في الاخراج بوزنه ايضاً فإن كان للتجارة اعتبر بقيمته قال وعندي في الحلي المعد للقنية أنه تعتبر قيمته ايضاً، فان كان في الحلي جواهر ولآلئ وكان للتجارة قوم جميعه، وان كان لغيرها فلا زكاة فيها لأنها لا زكاة فيها منفردة فكذلك مع غيرها.

ص: 613

* (مسألة) * (ويباح للرجال من الفضة الخاتم وقبيعة السيف، وفي حلية المنطقة روايتان وعلى قياسها الجوشن والخوذة والخف والران والحمائل)

يباح للرجال خاتم الفضة لأن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما من ورق متفق عليه، ويباح حلية السيف من القبيعة وتحليتها لان أنساً قال: كانت قبيعة سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فضة، وقال هشام بن عروة كان سيف الزبير محلى بالفضة رواهما الاثرم، والمنطقة يباح تحليتها بالفضة في أظهر الروايتين لأنها حلية معتادة للرجل فهي كالخاتم وعنه كراهة ذلك لما فيه من الفخر والخيلاء أشبه الطوق والأول أولى

ص: 614

لان الطوق ليس بمعتاد في حق الرجل وعلى قياس المنطقة الجوشن والخوذة والخف والران والحمائل وكذلك الضبة في الاناء وما أشبهها للحاجة، وقد ذكرنا ذلك في باب الآنية، وقال القاضي يباح اليسير وإن لم يكن لحاجة وإنما كره أحمد الحلقة لأنها تستعمل * (مسألة) * (ومن الذهب قبيعة السيف وما دعت إليه الضرورة كالأنف وما ربط به أسنانه وقال أبو بكر يباح يسير الذهب) يباح من الذهب للرجل ما دعت الضرورة اليه كالانف لمن قطع أنفه لما روي أن عرفجة بن أسعد

ص: 615

قطع أنفه يوم الكلاب فاتخذ أنفا من ورق فأنتن على فأمره النبي صلى الله عليه وسلم فاتخذ أنفا من ذهب رواه أبو داود، وقال الإمام أحمد يجوز ربط الاسنان بالذهب أن خشي عليها أن تسقط قد فعله الناس ولا بأس به عند الضرورة وروى الأثرم عن أبي جمرة الضبعي وموسى بن طلحة وأبي رافع وثابت البناني واسماعيل بن زيد بن ثابت والمغيرة بن عبد الله أنهم شدوا أسنانهم بالذهب وما عدا ذلك من الذهب فقد روي عن أحمد الرخصة فيه في السيف، قال أحمد قد روي أنه كان في سيف عثمان بن حنيف مسمار من ذهب وقال إنه كان لعمر سيف فيه سبائك من ذهب من حديث اسماعيل بن أمية عن نافع

ص: 616

وروى الترمذي بإسناده عن مزيدة العصري أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعلى سيفه ذهب وفضة وروى عن أحمد رواية أخرى تدل على تحريم ذلك قال الأثرم قلت لأبي عبد الله يخاف على أن يسقط يجعل فيه مسماراً من ذهب؟ قال انما رخص في الاسنان وذلك إنما هو على وجه الضرورة.

فأما المسمار فقد

روي من تحلى بخريصيصة قلت أي شئ خريصيصة قال شئ صغير مثل الشعيرة، وروى الأثرم باسناده عن عبد الرحمن بن غنم " من تحلى بخريصيصة كوي بها يوم القيامة مغفوراً له أو معذباً " وحكي عن أبي بكر من أصحابنا أنه أباح يسير الذهب ولعله يحتج بما روينا من الأخبار ولأنه أحد الثلاثة المحرمة

ص: 617

علي الذكور دون الإناث فلم يحرم يسيره كسائرها وكل ما أبيح من الحلي فلا زكاة فيه اذا أعد للاستعمال * (مسألة) * (ويباح للنساء من الذهب والفضة كل ما جرت عادتهن بلبسه قل أو كثر وقال ابن حامد إن بلغ الف مثقال حرم وفيه الزكاة) ويباح للنساء من حلي الذهب والفضة والجواهر كل ما جرت عادتهن بلبسه كالسوار والخلخال والقرط والخاتم وما يلبسنه على وجوههن وفي أعناقهن وأيديهن وأرجلهن وآذانهن وغيره فأما ما لم تجر عادتهن بلبسه كالمنطقة وشبهها من حلي الرجال فهو محرم وعليها زكاته، كما لو اتخذ الرجل لنفسه حلي المرأة، وقليل الحلي وكثيره سواء في الاباحة والزكاة وقال ابن حامد يباح ما لم يبلغ الف مثقال فان

ص: 618

بلغها حرم وفيه الزكاة لما روى أبو عبيد والاثرم عن عمرو بن دينار قال: سئل جابر عن الحلي هل فيه زكاة؟ قال لا؟ فقيل الف دينار قال إن ذلك لكثير ولانه يخرج الى السرف والخيلاء ولا يحتاج إليه في الاستعمال، والأول أصح لأن الشرع أباح التحلي مطلقاً من غير تقييد، فلا يجوز تقييده بالرأي والتحكم، وحديث جابر ليس بصريح في نفي الوجوب بل يدل على التوقف وقد روي عنه خلافه فروى الجوزجاني بإسناده عن أبي الزبير قال: سألت جابر بن عبد الله عن الحلي فيه زكاة قال لا؟

ص: 619

قلت إن الحلي يكون فيه الف دينار.

قال وإن كان فيه يعار ويلبس، ثم إن قول جابر قول صحابي وقد

ص: 620

خالفه غيره من الصحابة ممن يرى التحلي مطلقا فلا يبقى قوله حجة والتقييد بمجرد الرأي والتحكم غير جائز والله أعلم.

ص: 621

* (باب زكاة العروض) * (تجب الزكاة في عروض التجارة إذا بلغت قيمتها نصاباً) العروض جمع عرض وهو غير الاثمان من المال على اختلاف أنواعه من الحيوان والعقار والثياب وسائر المال والزكاة واجبة فيها في قول أكثر أهل العلم، قال ابن المنذر أجمع أهل العلم على أن في العروض التي يراد بها التجارة الزكاة إذا حال عليها الحول روى ذلك عن عمر وابنه وابن عباس وبه قال الفقهاء السبعة والحسن وجابر بن زيد وميمون بن مهران والنخعي والثوري والاوزاعي والشافعي وأبو عبيد وأصحاب الرأي واسحق وحكي عن مالك وداود أنه لا زكاة فيها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال " عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق " ولنا ما روى أبو داود بإسناده عن سمرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الزكاة مما نعده للبيع، وروى الدارقطني عن أبي ذر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " في الابل صدقتها وفي الغنم صدقتها وفي البز صدقته " قاله بالزاي ولا خلاف بين أهل العلم أن الزكاة لا تجب في عينها وثبت أنها تجب في قيمتها وعن ابي عمرو بن حماس عن أبيه قال: أمرني عمر فقال أد زكاة مالك فقلت مالي مال الا جعاب وأدم، فقال قومها ثم أد زكاتها رواه الإمام أحمد وأبو عبيد وهذه قضية يشتهر مثلها

ص: 622

ولم تنكر فتكون إجماعاً ولأنه مال تام فوجبت فيه الزكاة كالسائمة وخبرهم المراد به زكاة العين لا زكاة القيمة بدليل ما ذكرنا على أن خبرهم عام وحديثنا خاص فيجب تقديمه (فصل) ويعتبر أن تبلغ قيمته نصابا لانه مال تام يعتبر له الحول فاعتبر له النصاب كالماشية يعتبر له الحول لقوله عليه السلام " لا زكاة في مال حتى يحول على الحول " ولا نعلم فيه خلافا فعلى هذا من ملك عرضا للتجارة فحال عليه الحول وهو نصاب قومه في آخر الحول فما بلغ أخرج زكاته ولا تجب فيه الزكاة إلا اذا بلغت قيمته نصابا وحال عليه الحول وهو نصاب، فلو ملك سلعة قيمتها دون النصاب فمضى نصف حول وهي كذلك ثم زادت قيمتها فبلغت نصاباً أو باعها بنصاب أو ملك في أثناء الحول

عرضاً آخراً وأثمانا ثم بها النصاب ابتداء الحول من حينئذ ولا يحتسب عليه بما مضى وهذا قول الثوري وأهل العراق والشافعي وإسحق وأبي عبيد وأبي ثور وابن المنذر، ولو ملك للتجارة نصابا فنقص عن النصاب في أثناء الحول ثم زاد حتى بلغ نصابا استأنف الحول عليه لكونه انقطع بنقصه في أثناء الحول

ص: 623

وقال مالك ينعقد الحول على ما دون النصاب فإذا كان في آخره نصابا زكاه وقال أبو حنيفة يعتبر كونه نصابا في طرفي الحول دون وسطه لان التقويم يشق في جميع الحول فعفى عنه إلا في آخره فصار الاعتبار به ولانه يحتاج إلى تعرف قيمته في كل وقت ليعلم أن قيمته تبلغ نصابا وذلك يشق ولنا أنه مال يعتبر له الحول والنصاب فيجب اعتبار كمال النصاب في جميع الحول كسائر الاموال التي يعتبر لها ذلك وقولهم يشق التقويم لا يصح لأن غير المقارب للنصاب لا يحتاج إلى تقويم لظهور معرفته، والمقارب للنصاب إن سهل عليه التقويم والا فله الاداء والأخذ بالاحتياط كالمستفاد في أثناء الحول إن سهل على ضبط حوله وإلا فله تعجيل زكاته مع الاصل (فصل)(والواجب فيه ربع عشر قيمته لأنها زكاة تتعلق بالقيمة فاشبهت زكاة الاثمان ويجب فيما زاد بحسابه كالأثمان) إذا ثبت هذا فإنه تجب فيه الزكاة في كل حول وبهذا قال الثوري والشافعي وإسحق وأبو عبيد وأصحاب الرأي، وقال مالك لا يزكيه إلا لحول واحد إلا أن يكون مدبراً لان الحول الثاني لم يكن المال عيناً في أحد طرفيه فلم تجب فيه الزكاة كالحول الاول إذا لم يكن في أوله عيناً

ص: 624

ولنا أنه مال تجب فيه الزكاة في الحول الأول لم ينقص عن النصاب ولم تتبدل صفته فوجبت زكاته في الحول الثاني كما لو نض (1) في أوله ولا نسلم أنه إذا لم يكن في أوله عيناً لا تجب الزكاة فيه، وإذا اشترى عرضاً للتجارة بعرض للقنية جرى في حول الزكاة من حين الشراء * (مسألة) * (ويؤخذ منها لا من العروض) تخرج الزكاة من قيمة العروض دون عينها لأن نصابها يعتبر بالقيمة لا بالعين فكانت الزكاة منها كالعين في سائر الاموال وهذا أحد قولي الشافعي، وقال في الآخر هو مخير بين الاخراج من قيمتها

ومن عينها وهو قول أبي حنيفة لأنه مال تجب فيه الزكاة فجاز اخراجها منه كسائر الأموال ولنا ما ذكرنا من المعنى ولا نسلم أن الزكاة وجبت في المال إنما وجبت في قيمته (فصل) وإذا ملك نصباً للتجارة في أوقات متفرقة لم يضم بعضها إلى بعض لما ذكرنا في المستفاد وإن كان العرض الأول ليس بنصاب فكمل بالثاني نصاباً فحولهما من حين ملك الثاني ونماؤهما تابع لهما ولا يضم الثالث اليهما بل ابتداء الحول فيه من حين ملكه، وتجب زكاته إذا حال عليه الحول وإن كان دون النصاب لان في ملكه نصابا قبله ونماؤه تابع له * (مسألة) * (ولا تصير للتجارة إلا أن يملكها بفعله بنية التجارة بها) لا يصير العرض للتجارة إلا بشرطين أحدهما أن يملكه بفعله كالبيع والكاح والخلع وقبول الهبة والوصية والغنيمة واكتساب المباحات لأن ما لا يثبت له حكم الزكاة بدخوله في ملكه لا يثبت بمجرد النية كالسوم، ولا فرق بين أن يملكه بعوض أو بغير عوض وهكذا ذكره أو الخطاب وابن عقيل لأنه ملكه بفعله أشبه ما لو ملكه بعوض، وذكر القاضي أنه لا يصير للتجارة إلا أن يملكه بعوض وهو قول الشافعي فان ملكه بغير عوض كالهبة والغنيمة ونحوهما لم يصر للتجارة لأنه لم يملكه بعوض أشبه الموروث، الثاني أن ينوي عند تملكه أنه للتجارة، فإن لم ينو عند تملكه أنه للتجارة لم يصر للتجارة لقوله في الحديث " مما نعده للبيع " ولانها مخلوقة في الاصل للاستعمال فلا تصير للتجارة الا بنيتها كما أن ما خلق للتجارة لا يصير للقنية إلا بنيتها

" 1 " في القاموس: نض الدرهم أو الدينار إذا تحول عينا بعد أن كان متاعا

ص: 625

* (مسألة) * (فإن ملكها بإرث أو ملكها بفعله بغير نية التجارة ثم نوى التجارة بها لم تصر للتجارة) إذا ملك العرض بالارث لم يصر للتجارة وان نواها لأنه ملكه بغير فعله فجرى مجرى الاستدامة فلم يبق إلا مجرد النية ومجرد النية لا يصير بها العرض للتجارة لما ذكرنا وكذلك إن ملكها بفعله بغير نية التجارة ثم نواها بعد ذلك لم يصر للتجارة لأن الأصل في العروض القنية فاذا صارت للقنية لم تنتقل عنه بمجرد النية كما لو نوى الحاضر السفر وعكسه ما لو نوى المسافر الاقامة يكنفي فيه مجرد النية

* (مسألة) * (وإن كان عنده عرض للتجارة فنواه للقنية ثم نواه للتجارة لم يصر للتجارة، وعنه أن العروض تصير للتجارة بمجرد النية) ولا يختلف المذهب أنه إذا نوى بعرض التجارة القنية أنه يصير للقنية وتسقط الزكاة منه وبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي، وقال مالك في إحدى الروايتين لا يسقط حكم التجارة بمجرد النية كما لو نوى بالسائمة العلف.

ولنا أن القنية الاصل والرد الى الاصل يكفي فيه مجرد النية كما لو نوى بالحلي التجارة أو نوى المسافر الاقامة، ولأن نية التجارة شرط لوجوب الزكاة في العروض فاذا نوى القنية زالت نية التجارة ففات شرط الوجوب، وفارق السائمة اذا نوى علفها لأن الشرط فيها الاسامة دون نيتها فلا ينتفي الوجوب الا بانتفاء السوم واذا صار العرض للقنية ثم نواه للتجارة لم يصر للتجارة لما ذكرنا.

وهذا قول أبي حنيفة ومالك والشافعي والثوري وذهب أبو بكر وابن عقيل الى أنها تصير للتجارة بمجرد النية وحكوه رواية عن أحمد قال بعض أصحابنا هذا على أصح الروايتين لقول سمرة أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع وهذا داخل في عمومه، ولان نية القنية كافية بمجردها فكذلك نية التجارة بل هذا أولى لان الايجاب يغلب على الاسقاط احتياطا، ولانه نوى به التجارة أشبه ما لو نوى حال الشراء، ووجه الأولى أن كل ما لا يثبت له الحكم بدخوله في ملكه لا يثبت بمجرد النية كما لو نوى بالمعلوفة السوم، ولان القنية الاصل والتجارة فرع عليها فلا ينصرف الى الفرع بمجرد النية كالمقيم ينوي السفر، ويعتبر وجود النية في جميع الحول لأنها شرط أمكن اعتباره في جميع الحول، فاعتبر فيه كالنصاب.

(فصل) وإذا كانت عنده ماشية للتجارة نصف حول فنوى بها الاسامة وقطع نية التجارة انقطع حول التجارة واستأنف حولا كذلك قال الثوري وأبو ثور وأصحاب الرأي لان حول التجارة انقطع بنية الاقتناء وحول السوم لا يبني على حول التجارة.

قال شيخنا والأشبه بالدليل أنها متى كانت سائمة

ص: 626

من أول الحول وجبت الزكاة فيها عند تمامه، يروى نحو هذا عن إسحق لان السوم سبب لوجوب

الزكاة وجد في جميع الحول خالياً عن معارض فوجبت به الزكاة، كما لو لم ينو التجارة أو كما لو كانت السائمة لا تبلغ نصاب القيمة.

* (مسألة) * (وتقوم العروض عند الحول بما هو أحظ للمساكين من عين أو ورق ولا يعتبر ما اشتريت به) اذا حال الحول على عروض التجارة وقيمتها بالفضة نصاب ولا تبلغ نصابا بالذهب قومناها بالفضة وإن كانت قيمتها بالذهب تبلغ نصابا ولا تبلغ نصابا بالفضة قومناها بالذهب لتجب الزكاة فيها ويحصل الحظ للفقراء سواء اشتراها بذهب أو عروض وبهذا قال أبو حنيفة وقال الشافعي تقوم بما اشتراه من ذهب أو فضة، لان نصاب العرض مبني على ما اشتراه به فوجبت الزكاة فيه واعتبرت به، كما لو لم يشتر به شيئاً.

ولنا أن قيمته بلغت نصابا فوجبت الزكاة فيه كما لو اشتراه بعرض وفي البلد نقدان مستعملان تبلغ قيمة العرض بأحدهما نصابا ولان تقويمه يحظ المساكين فيعتبر مالهم فيه الحظ كالاصل، وأما اذا لم يشتر بالنقد شيئاً فان الزكاة في عينه لا في قيمته بخلاف العرض فان كان النقد معداً للتجارة فينبغي أن تجب الزكاة فيه إذا بلغت قيمته بالنقد الآخر نصابا وان لم يبلغ بعينه نصابا كالسائمة التي للتجارة فان بلغت قيمة العروض نصاباً بكل واحد من النقدين قومه بما شاء منهما وأخرج ربع عشر قيمته

ص: 627

من أي النقدين شاء، لكن الاولى أن يخرج من النقد المستعمل في البلد لأنه أحظ للمساكين فان كانا مستعملين أخرج من الغالب في الاستعمال لذلك فان تساويا أخرج من أيهما شاء، وان باع العروض بنقد وحال الحول عليه قوم النقد دون العروض لانه انما يقوم ما حال عليه الحول دون غيره * (مسألة) * (وإن اشترى عرضاً بنصاب من الأثمان أو من العروض بنى على حوله) لأن مال التجارة انما تتعلق الزكاة بقيمته، وقيمته هي الاثمان، انما كانت ظاهرة فخفيت فأشبه ما لو كان له نصاب فأقرضه لم ينقطع حوله بذلك، وهكذا الحكم إذا باع العرض بنصاب أو بعرض قيمته نصاب لان القيمة كانت خفية فظهرت أو بقيت على خفائها فأشبه ما لو كان له قرض فاستوفاه أو أقرضه انساناً آخر، ولان النماء في الغالب في التجارة إنما يحصل بالتقليب ولو كان ذلك يقطع الحول لكان السبب

الذي وجبت فيه الزكاة لاجله يمنعها لأن الزكاة لا تجب إلا في زمان تام، وان قصد بالاثمان غير التجارة لم ينقطع الحول، وقال الشافعي: ينقطع لانه مال تجب الزكاة في عينه دون قيمته فانقطع الحول بالبيع كالسائمة ولنا أنه من جنس القيمة التي تتعلق الزكاة بها فلم ينقطع الحول ببيعها به كما لو قصد به التجارة وفارق السائمة فانها من غير جنس القيمة

ص: 628

* (مسألة) * (وإن اشتراه بنصاب من السائمة لم يبن على حوله) إذا أبدل عرض التجارة بنصاب من السائمة ولم ينو به التجارة أو اشترى بنصاب من السائمة عرضاً للتجارة لم يبن حول أحدهما على الآخر لانهما مختلفان، وان أبدل عرض التجارة بعرض القنية بطل الحول، وان اشترى عرض التجارة بعرض القنية انعقد عليه الحول من حين ملكه ان كان نصابا لانه اشتراه بما لا زكاة فيه فلم يمكن بناء الحول عليه وان اشتراه بما دون النصاب من الأثمان أو من عروض التجارة انعقد عليه الحول من حين تصير قيمته نصاباً لان مضي الحول على نصاب كامل شرط لوجوب الزكاة وقد ذكرناه.

(مسألة)(وإن ملك نصابا من السائمة للتجارة فعليه زكاة التجارة دون السوم فإن لم تبلغ قيمته نصاب التجارة فعليه زكاة السوم) اذا اشترى للتجارة نصاباً من السائمة فحال الحول والسوم ونية التجارة موجودان زكاة زكاة التجارة.

وبهذا قال أبو حنيفة والثوري، وقال مالك والشافعي في الجديد: يزكيها زكاة السوم لانها أقوى لانعقاد الاجماع عليها واختصاصها بالعين فكانت أولى ولنا أن زكاة التجارة أحظ للمساكين لانها تجب فيما زاد على النصاب بالحساب، ولأن الزائد عن النصاب قد وجد سبب وجوب زكاته فوجب كما لو لم يبلغ بالسوم نصابا، وان سبق وقت وجوب زكاة السوم وقت وجوب زكاة التجارة مثل أن يملك أربعين من الغنم قيمتها دون مائتي درهم، ثم صارت فيمتها في أثناء الحول مائتي درهم فقال القاضي: يتأخر وجوب الزكاة حتى يتم حول التجارة

ص: 629

لانه أنفع للفقراء ولا يفضي إلى سقوطها لأن الزكاة تجب فيها اذا تم حول التجارة، ويحتمل أن تجب زكاة العين عند تمام حولها لوجود مقتضيها من غير معارض، فإذا تم حول التجارة وجبت زكاة الزائد عن النصاب لوجود مقتضيها لانه مال للتجارة حال عليه الحول وهو نصاب، ولا يمكن ايجاب الزكاتين بكمالهما لأنه يفضي إلى إيجاب زكاتين في حول واحد بسبب واحد، فلم يجز ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا تثني في الصدقة " وفارق هذا زكاة التجارة وزكاة القطر في العبد الذي للتجارة لأنهما يجتمعان لكونهما بسببين فان زكاة الفطر تجب عن بدن المسلم طهرة له، وزكاة التجارة تجب عن قيمته شكراً لنعمة الغني مواساة للفقراء، فأما إن وجد نصاب السوم دون التجارة كمن ملك نصابا من السائمة للتجارة لا تبلغ قيمتها مائتي درهم وحال الحول عليها كذلك فان زكاة العين لا تجب فيها بغير خلاف لأنه لم يوجد لها معارض أشبه إذا لم تكن للتجارة، وكذلك ان ملك أربعا من الابل قيمتها مائتا درهم تجب فيها زكاة التجارة بغير خلاف لما ذكرنا * (مسألة) * (وإن اشترى أرضاً أو نخلا للتجارة فأثمرت النخل أو زرعت الأرض فعليه فيهما العشر ويزكي الاصل للتجارة)

ص: 630

زكاة التجارة فيها أنفع للفقراء.

فأما ان سبق وجوب العشر حول التجارة وجب عليه العشر لوجود سببه من غير معارض وهو أحظ للفقراء كما بينا إذا اشترى أرضاً أو نخلا للتجارة فأثمرت النخل، أو زرعت الأرض واتفق حولاهما بأن يكون بدو الصلاح في الثمرة واشتداد الحب عند تمام الحول وكانت قيمة الاصل تبلغ نصابا للتجارة فانه يزكي الحب والثمرة زكاة العشر اذا بلغ نصاباً، ويزكي الاصل زكاة القيمة.

وهذا قول أبي حنيفة وأبي ثور وقال القاضي وأصحابه: يزكي الجميع زكاة القيمة، وذكر أن أحمد أومأ اليه لأنه مال تجارة فوجبت فيه زكاة التجارة كالسائمة ولنا ان زكاة العشر أحظ للفقراء فان العشر أحظ من ربع العشر فيجب تقديم ما فيه الحظ، ولأن الزيادة على ربع العشر قد وجد سبب وجوبها فتجب، وفارق زكاة السوم المعدة للتجارة لان

ص: 631

(فصل) وإذا حال الحول ادى زكاة الاصل والنماء لانه تابع له في الملك فتبعه في الحول كالسخال والنتاج، وبهذا قال مالك واسحق وأبو يوسف، وأما أبو حنيفة فانه يبني حول كل مستفاد على حول جنسه النماء وغيره.

وقال الشافعي: إن نضت الفائدة قبل الحول لم يبن حولها على حول النصاب، ويستأنف لها حولها لقوله عليه السلام " لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول " ولأنها فائدة تامة لم تتولد مما عنده أشبه المستفاد من غير الربح.

وان اشترى سلعة بنصاب فزادت قيمتها عند رأس الحول فانه يضم الفائدة ويزكي عن الجميع بخلاف ما إذا باع السلعة قبل الحول ولنا أنه نماء جار في حول تابع لاصله في الملك فضم اليه في الحول كالنتاج وكما لو لم ينض ولانه ثمن عرض تجب زكاة بعضه يضم اليه الباقي قبل البيع فضم اليه بعده كبعض النصاب ولانه لو بقي عرضاً زكي جميع القيمة، فاذا نض كان أولى لأنه يصير متحققا والحديث فيه مقال وهو مخصوص

ص: 632

بالنتاج وبما لم ينض فنقيس عليه.

(فصل) وإذا اشترى للتجارة شقصاً مشفوعا بالف فحال الحول وهو يساوي الفين فعليه زكاة الفين فان جا الشفيع أخذه بالف لأن الشفيع إنما يأخذ بالثمن لا بالقيمة، والزكاة على المشتري لانها وحبت في ملكه ولو لم يأخذه الشفيع لكن وجد المشتري به عيباً فرده فانما يأخذ من البائع الفا، ولو اشتراه بالفين وحال الحول وقيمته الف فعليه زكاة الف ويأخذه الشفيع ان أخذه ويرده بالعيب بالفين لانهما الثمن الذي وقع به البيع.

(فصل) وإذا دفع الى رجل ألفا مضاربة على أن الربح بينهما فحال الحول وهو ثلاثة آلاف فعلى رب المال زكاة الفين لان ربح التجارة حوله حول أصله على ما بينا، وقال الشافعي في أحد قوليه عليه زكاة الجميع لأن الأصل له والربح نماء ماله ولا يصح ذلك لان حصة المضارب له وليست ملكا لرب المال بدليل أن للمضارب المطالبة بها ولو أراد رب المال دفع حصته إليه من غير هذا المال لم يلزمه

ص: 633

قبوله، ولا يجب على الانسان زكاة ملك غيره ولأن رب المال يقول حصتك أيها العامل مترددة بين أن تسلم فتكون لك أو تتلف فلا تكون لي ولا لك فكيف يجب علي زكاة ما ليس لي بوجه ما؟ وقوله إنها نماء ماله فلنا إلا أنه لغيره فلم تجب عليه زكاته كما لو وهب نتاج سائمته لغيره إذا ثبت هذا فإنه يخرج الزكاة من المال لانه من مؤنته فكان منه كمؤنة حمله، ويحتسب من الربح لأنه وقاية لرأس المال كذلك ذكره شيخنا في كتاب المغني، وقال في كتاب تحتسب الزكاة من حصة رب المال لأنها واجبة عليه فحسبت من نصيبه كدينه، فاما حصة المضارب فمن أوجبها لم يجوز اخراجها من المال لأن الربح وقاية لرأس المال، ويحتمل أن يجوز لأنهما دخلا على حكم الاسلام

ص: 634

ومن حكمه وجوب الزكاة واخراجها من المال ولأصحاب الشافعي في هذه المسألة نحو مما ذكرنا * (مسألة) * (وإذا أذن كل واحد من الشريكين لصاحبه في إخراج زكاته أو أذن رجلان غير

ص: 635

الشريكين كل واحد منهما للآخر في إخراج زكاته فاخرج كل واحد منهما زكاته وزكاة صاحبه

ص: 636

معاً في حال واحدة ضمن كل واحد منهما نصيب صاحبه لأن كل واحد منهما انعزل من طريق الحكم

ص: 637

عن الوكالة لإخراج الموكل زكاته بنفسه)

ص: 638

ويحتمل أن لا يضمن إذا لم يعلم باخراج صاحبه إذا قلنا إن الوكيل لا ينعزل قبل العلم بعزل الموكل

ص: 639

أو بموته ويحتمل أن لا يصمن وإن قلنا إنه ينعزل لأنه غره بتسليطه على الاخراج وأمره به ولم يعلمه

ص: 640

باخراجه فكان خطر التغرير عليه كما لو غره بحرية أمة، قال شيخنا وهذا أحسن إن شاء الله تعالى.

وعلى

ص: 641

هذا إن علم أحدهما دون الآخر فعلى العالم الضمان دون الآخر

ص: 642

* (مسألة) * (فإن أخرجها أحدهما قبل الآخر ضمن الثاني نصيب الاول علم أو لم يعلم) لما ذكر

ص: 643

وهذا على الوجه الأول وعلى الوجه الثاني لا ضمان عليه إذا لم يعلم لما ذكرنا والله أعلم

ص: 644

باب زكاة الفطر قال إبن المنذر أجمع أهل العلم على أن صدقة الفطر فرض.

قال إسحق هو كالإجماع من أهل العلم وحكى ابن عبد البر أن بعض المتأخرين من أصحاب مالك وداود يقولون هي سنة مؤكدة وسائر العلماء على أنها واجبة لما روى ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعا من تمر أو صاعا من شعير على كل حر وعبد ذكر أو أنثى من المسلمين.

متفق عليه، وللبخاري والصغير والكبير من المسلمين وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة، وعن أبي سعيد قال كنا نخرج زكاة الفطر صاعاً من طعام أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من أقط أو صاعا من زبيب.

متفق عليهما.

وقال سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز في قوله تعالى (قد أفلح من تزكى) هو زكاة الفطر واضيفت هذه الزكاة إلى الفطر لانها تجب بالفطر من رمضان قال ابن قتيبة وقبل لها فطرة لان الفطرة الخلقة قال الله تعالى (فطرة الله التي فطر الناس عليها) وهذه يراد بها الصدقة عن البدن والنفس، قال بعض أصحابنا وهل تسمى فرضا مع القول بوجوبها على

ص: 645