الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بها أو جحوداً بها فلا جمع الله له شمله ولا بارك الله أمره، ألا ولا صلاة له، ألا ولا زكاة له، ألا ولا حج له، ألا ولا صوم له، ولا بر له حتى يتوب، فإن تاب تاب الله عليه " رواه ابن ماجه، وأجمع المسلمون على وجوب الجمعة *
(مسألة) * (وهي واجبة على كل مسلم مكلف ذكر حر مستوطن ببناء ليس بينه وبين موضع الجمعة.
أكثر من فرسخ إذا لم يكن له عذر)
يشترط لوجوب الجمعة ثمانية شروط: الإسلام والعقل والذكورية فهذه الثلاثة لا خلاف في اشتراطها لوجوب الجمعة وانعقادها لأن الاسلام والعقل شرطان للتكليف وصحة العبادة المحضة،
والذكورية شرط لوجوب الجمعة وانعقادها لما ذكرنا من الحديث ولأن الجمعة يجتمع لها الرجال والمرأة ليست من أهل الحضور في مجامع الرجال ولكن الجمعة تصح منها فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان النساء يصلين معه في الجماعة
الرابع البلوغ وهو شرط لوجوب الجمعة وانعقادها في الصحيح من المذهب للحديث المذكور وهذا قول أكثر أهل العلم ولأن البلوغ من شرائط التكليف لقوله صلى الله عليه وسلم " رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ " وذكر بعض أصحابنا في الصبي المميز رواية في وجوبها عليه بناء على تكليفه ولا معول عليه (والخامس) الحرية (السادس) الاستيطان بقرية وسنذكر ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى (السابع) أن لا يكون بينه وبين موضع الجمعة أكثر من فرسخ، وهذا الشرط في حق غير أهل المصر، أما أهل المصر فيلزمهم كلهم الجمعة بعدوا أو قربوا، نص عليه أحمد، فقال أما أهل المصر فلابد لهم من شهودها سمعوا النداء أو لم يسمعوا، وذلك لأن البلد الواحد يبنى للجمعة فلا فرق فيه
بين القريب والبعيد، ولأن المصر لا يكاد يكون أكثر من فرسخ فهو في مظنة القرب فاعتبر ذلك وهو قول أصحاب الرأي ونحوه قول الشافعي.
فأما غير أهل المصر فمن كان بينه وبين الجامع فرسخ فما دون فعليه الجمعة وإلا فلا جمعة عليه.
وروي نحو هذا عن سعيد بن المسيب وهو قول مالك والليث، وروى عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " الجمعة على من سمع النداء " رواه أبو داود والأشبه أنه من كلام بن عمرو ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأعمى الذي قال ليس لي قائد يقودني " أتسمع النداء؟ " قال نعم.
" قال فأجب " ولأنه داخل في قوله تعالى (فاسعوا إلى ذكر الله) وروي عن ابن عمر وأبي هريرة وأنس والحسن ونافع وعكرمة وعطاء والاوزاعي أنهم قالوا الجمعة على من أواه الليل إلى أهله لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الجمعة على من أواه الليل إلى أهله " وقال أصحاب الرأي لا جمعة على من كان خارج المصر لأن
عثمان رضي الله عنه صلى العيد في يوم جمعة ثم قال لأهل العوالي من أراد منكم أن ينصرف فلينصرف ومن أراد أن يقيم حتى يصلي الجمعة ولأنهم خارج المصر فأشبهوا أهل الحلل
ولنا قول الله تعالى (إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله) وهذا يتناول أهل المصر اذا سمعوا النداء، وحديث عبد الله بن عمرو، ولأنهم من أهل الجمعة يسمعون النداء فأشبهوا أهل المصر، وترخيص عثمان لأهل العوالي إنما كان لأنه اذا اجتمع عيدان اجتزئ بالعيد وسقطت الجمعة عمن حضر العيد غير الامام، وقياس أهل القرى على أهل الحلل لا يصح لأن الحلل لا تعد للاستيطان ولا هم ساكنين بقرية ولا في موضع جعل لاستيطان.
وقد ذكر القاضي أن الجمعة تجب عليهم إذا كانوا بموضع يسمعون النداء كأهل القرية، وأما ما احتج به الآخرون من حديث أبي هريرة فهو غير صحيح يرويه عبد الله بن سعيد المقبري وهو ضعيف، قال أحمد بن الحسن ذكرت هذا الحديث لأحمد بن حنبل فغضب وقال استغفر ربك استغفر ربك، وإنما فعل هذا لأنه لم ير الحديث شيئاً بحال اسناده قاله الترمذي.
وأما اعتبار حقيقة النداء فغير ممكن لأنه قد يكون في الناس الأصم
وثقيل السمع، وقد يكون النداء بين يدي المنبر فلا يسمعه إلا أهل المسجد، وقد يكون المؤذن خفي الصوت، أو في يوم ريح، أو يكون المستمع نائماً أو مشغولاً بما يمنع السماع ويسمع من هو أبعد منه فيفضي الى وجوبها على البعيد دون القريب، وما هذا سبيله ينبغي أن يقدر بمقدار لا يختلف والموضع الذي يسمع منه النداء في الغالب اذا كانت الأصوات هادئة والموانع منتفية والريح ساكنة والمؤذن صيت على موضع عال والمستمع غير ساه فرسخ أو ما قاربه فحد به والله أعلم * (فصل) * وأهل القرية لا يخلون من حالين: إما أن يكون بينهم وبين المصر أكثر من فرسخ لم يجب عليهم السعي الى الجمعة وحالهم معتبر بأنفسهم، فان كانوا أربعين واجتمعت فيهم الشرائط فعليهم إقامة الجمعة ولهم السعي الى المصر، والأفضل إقامتها في قريتهم لأنه متى سعى بعضهم إختل على الباقين إقامة الجمعة، واذا أقاموا حضروها جميعهم ولأن في إقامتها في موضعهم تكثير جماعات
المسلمين، وإن كانوا ممن لا تجب عليهم الجمعة بأنفسهم فهم مخيرون بين السعي الى المصر وبين الاقامة ويصلون ظهراً، والسعي أفضل ليحصل لهم فضل الساعي الى الجمعة ويخرجوا من الخلاف (الحال الثاني) أن يكون بينهم وبين المصر فرسخ فما دون، فان كانوا أقل من أربعين فعليهم السعي الى الجمعة لما بينا، وإن كانوا ممن تجب عليهم الجمعة بأنفسهم وكان موضع الجمعة القريب قرية أخرى لم يلزمهم السعي إليها وصلوا في مكانهم إذ ليس إحدى القريتين أولى من الأخرى، ولهم السعي إليها وإقامتها في مكانهم أفضل كما ذكرنا، فإن سى بعضهم فنقص عدد الباقين لزمهم السعي لئلا يؤدي الى ترك الجمعة الواجبة وإن كان موضع الجمعة القريب مصراً فهم مخيرون أيضاً بين السعي اليه وإقامتها في مكانهم كالتي قبلها ذكره ابن عقيل، وعن أحمد أن السعي يلزمهم إلا أن يكون لهم عذر فيصلون جمعة والأول أصح، لأن أهل القرية لا ينعقد بهم جمعة أهل المصر فكان لهم إقامة الجمعة في مكانهم
كالتي قبلها ولأن أهل القرى يقيمون الجمع في بلاد الإسلام في مثل ذلك من غير نكير فكان إجماعاً (الشرط الثامن) من انتفاء الاعذار وقد ذكرناها في آخر صلاة الجماعة بما يغني عن اعادتها، والمطر الذي يبل الثياب والوحل الذي يشق المشي فيه من جملة الاعذار.
وحكي عن مالك أنه كان لا يجعل المطر عذراً في التخلف عنها.
ولنا أن ابن عباس أمر مؤذنه في يوم جمعة في يوم مطر فقال اذا قلت أشهد أن محمداً رسول الله فلا تقل حي على الصلاة قل صلوا في بيوتكم.
قال فكأن الناس استنكروا ذلك، فقال أتعجبون من ذا فعل هذا من هو خير مني.
إن الجمعة عزمة وإني كرهت أن أخرجكم اليها فتمشون في الطين والدحض أخرجه مسلم ولأنه عذر في ترك الجماعة، وقال أبو حنيفة لا تجب فكان عذراً في ترك الجمعة كالمرض * (فصل) * والعمى ليس بعذر في ترك الجمعة، وقال أبو حنيفة لا تجب على الاعمى.
ولنا عموم الآية والاخبار وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للأعمى الذي استأذنه في ترك الخروج الى الصلاة " أتسمع النداء؟ قال نعم.
قال أجب " والله أعلم