الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
(مسألة) * (فإن وقعتا معاً أو جهلت الأولى بطلتا معاً)
متى وقع الاحرام بهما معاً مع تساويهما فهما باطلتان لأنه لم يمكن صحتهما معاً وليست إحداهما أولى بالفساد من الأخرى كالمتزوج أختين، وإن لم تعلم الاولى منهما أو لم يعلم كيفية وقوعهما بطلت أيضاً لأن إحداهما باطلة ولم يعلم عينها، وليست إحداهما بالابطال أولى من الأخرى فهي كالتي قبلها ثم ننظر فإن علمنا فساد الجمعتين لوقوعهما معاً وجبت إعادة الجمعة إن أمكن ذلك لأنه مصر ما أقيمت فيه جمعة صحيحة والوقت متسع لإقامتها أشبه ما لو لم يصلوا شيئاً، وان علمنا صحة إحداهما لا بعينها فليس لهم أن يصلوا إلا ظهراً لأن هذا مصر تيقناً سقوط الجمعة فيه بالأولى فلم تجز اقامة الجمعة فيه كما لو علمت، وقال القاضي يحتمل أن لهم إقامة الجمعة لأنا حكمنا بفسادهما معاً فكأن المصر ما صليت فيه جمعة صحيحة، والصحيح الأول لأن الاولى لم تفسد وإنما لم يمكن إثبات حكم الصحة لها بعينها للجهل فيصير هذا كما لو زوج الوليان وجهل السابق منهما فإنه لا يثبت حكم الصحة بالنسبة الى واحد بعينه، ويثبت حكم النكاح في حق المرأة بحيث لا يحل لها أن تنكح زوجاً آخر، فان جهلنا كيفية وقوعهما فالأولى أن لا يجوز إقامة الجمعة أيضاً لأن وقوعهما معاً بحيث لا تسبق إحداهما
الأخرى بعيد جداً وما كان في غاية الندور فحكمه حكم المعدوم، ويحتمل أن لهم إقامتها لأننا لم نتيقن المانع من صحتها والأول أولى
* (فصل) * فان أحرم بالجمعة فتبين في أثناء الصلاة أن الجمعة قد أقيمت في المصر بطلت الجمعة ولزمهم استئناف الظهر لأننا تبينا أنه أحرم بها في وقت لا يجوز الإحرام بها ولا يصح أشبه ما لو أحرم بها وفي وقت العصر.
وقال القاضي يستحب أن يستأنف ظهراً وهذا من قوله يدل على أن له إتمامها ظهراً كالمسبوق بأكثر من ركعة وكما لو أحرم بالجمعة فنقص العدد قبل الركعة والفرق ظاهر فان هذا أحرم بها في وقت لا تصح فيه الجمعة ولا يجوز الإحرام بها بخلاف الأصل المقيس عليه * (فصل) * وإذا كانت قرية الى جانب مصر يسمعون النداء منه أو كان مصران متقاربان يسمع كل منهم نداء المصر الآخر لم تبطل جمعة أحدهما بجمعة الآخر، وكذلك القريتان المتقاربتان لأن لكل قوم منهم حكم أنفسهم بدليل أن جمعة أحد القريتين لا يتم عددها بالفريق الآخر ولا تلزمهم الجمعة بكمال العدد بهم وإنما يلزمهم السعي إذا لم يكن لهم جمعة فهم كأهل المحلة القريبة من المصر * (مسألة) * (وإذا وقع العيد يوم الجمعة فاجتزئ بالعيد عن الجمعة وصلوا ظهراً جاز إلا للإمام)
وقد قيل في وجوبها على الامام روايتان وممن قال بسقوطها الشعبي والنخعي والاوزاعي وقد قيل إنه مذهب عمر وعثمان وعلي وسعيد وابن عمر وابن عباس وابن الزبير، وقال أكثر الفقهاء لا تسقط الجمعة لعموم الآية والأخبار الدالة على وجوبها ولأنهما صلاتان واجبتان فلم تسقط إحداهما بالأخرى كالظهر مع العيد ولنا ما روى أن معاوية سأل زيد بن أرقم هل شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيدين اجتمعا في يوم؟ قال نعم.
قال فكيف صنع؟ قال صلى العيد ثم رخص في الجمعة فقال " من شاء أن يصلي فليصل " رواه أبو داود، وفي لفظ للإمام أحمد من شاء أن يجمع فليجمع.
وعن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان فمن شاء أجزأه من الجمعة
وإنا مجمعون " رواه ابن ماجه ولأن الجمعة إنما زادت على الظهر بالخطبة وقد حصل سماعها في العيد
فأجزأ عن سماعها ثانياً ونصوصهم مخصوصة بما رويناه وقياسهم منقوض بالظهر مع الجمعة.
فأما الامام فلا تسقط عنه لقول النبي صلى الله عليه وسلم " وإنا مجمعون " ولأنه لو تركها لامتنع فعل الجمعة في حق من تجب عليه ومن يريدها ممن سقطت عنه ولا كذلك غير الامام * (فصل) * فان قدم الجمعة فصلاها في وقت العيد فقد روي عن أحمد قال تجزي الاولى منهما فعلى هذا تجزيه عن العيد والظهر ولا يلزمه شئ الا العصر عند من يجوز فعل الجمعة في وقت العيد لما روى أبو داود بإسناده عن عطاء قال اجتمع يوم جمعة ويوم فطر على عهد ابن الزبير فقال: عيدان قد اجتمعا في يوم واحد فجمعهما وصلاهما ركعتين بكرة.
ولم يزد عليهما حتى صلى العصر.
فيروى أن فعله بلغ ابن عباس فقال أصاب السنة.
قال الخطابي وهذا لا يجوز أن يحمل إلا على قول من يذهب إلى تقديم الجمعة قبل الزوال، فعلى هذا يكون ابن الزبير قد صلى الجمعة فسقط
العيد والظهر ولأن الجمعة اذا سقطت بالعيد مع تأكدها فالعيد أولى أن يسقط بها، أما إذا قدم العيد فلابد من صلاة الظهر في وقتها اذا لم يصل الجمعة والله أعلم * (مسألة) * (وأقل السنة بعد الجمعة ركعتان وأكثرها ست ركعات) روي عن أحمد أنه قال إن شاء صلى ركعتين وان شاء صلى أربعا، وفي رواية فان شاء صلى ستاً فأيما فعل من ذلك فهو حسن وكان ابن مسعود والنخعي وأصحاب الرأي يرون أن يصلي بعدها أربعا لما روى أبو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من كان منكم مصلياً بعد الجمعة فليصل بعدها أربعا " رواه مسلم، وعن علي رضي الله عنه وأبي موسى وعطاء والثوري أنه يصلي ستاً لما روي عن ابن عمر أنه كان إذا كان بمكة فصلى الجمعة تقدم فصلى ركعتين ثم تقدم فصلى أربعاً
ووجه قولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك كله بما روينا من الأخبار، وروي عن
ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد الجمعة ركعتين متفق عليه، وفي لفظ وكان لا يصلي في المسجد حتى ينصرف فيصلي ركعتين في بيته، وهذا يدل على أنه مهما فعل من ذلك كان حسناً.
وقد قال أحمد في رواية عبد الله ولو صلى مع الإمام ثم لم يصل شيئاً حتى صلى العصر كان جائزاً فقد فعله عمران بن حصين * (فصل) * فأما الصلاة قبل الجمعة فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يركع قبل الجمعة أربعاً أخرجه ابن ماجة (1) وروي عن عمرو بن سعيد بن العاص عن أبيه قال كنت أبقي.
(2)
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا زالت الشمس قاموا فصلوا أربعاً، وعن عبد الله بن مسعود أنه كان يصلي قبل الجمعة أربع ركعات رواه سعيد
" 1 " لكن قال في الزوائد ان حديثه هذا مسلسل بالضعفاء، وذكر منهم بشر ابن عبيد وقال انه كذاب والآثار الواردة في ذلك صريحة في أنها قبل الزوال فلا تعد سنة قبلية للجمعة " 2 " أي أنتظر يقال فيه أبقي مثل أرمي، وأبقى مثل أعطى، لان ماضيه يستعمل ثلاثيا ورباعيا، ذكره الجوهري اه.
من هامش المغنى المخطوط
* (فصل) * ويستحب لمن أراد الركوع بعد الجمعة أن يفعل بينها وبينه بكلام أو انتقال من مكانه أو خروج لما روى السائب عن يزيد قال صليت مع معاوية الجمعة في المقصورة فلما سلم الامام قمت في مقامي فصليت فلما دخل أرسل إلي فقال لا تعد لما فعلت إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاة حتى تتكلم أو تخرج فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بذلك أن لا نوصل صلاة حتى نتكلم أو نخرج.
أخرجه مسلم * (فصل) * قال الشيخ رحمه الله (ويستحب أن يغتسل للجمعة في يومها والأفضل فعله عند مضيه إليها) لا خلاف في استحباب غسل الجمعة وفيه أحاديث صحيحة منها ما روى سلمان الفارسي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر ويدهن من دهنه، أو يمس من طيب بيته ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب له ثم ينصت إذا تكلم
الإمام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى " رواه البخاري.
ومنها قوله عليه السلام " غسل يوم
الجمعة واجب على كل محتلم " وقوله " من أتى منكم الجمعة فليغتسل " متفق عليهما، وليس الغسل واجباً في قول أكثر أهل العلم.
قال الترمذي العمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم منهم مالك والثوري والشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر وحكاه ابن عبد البر إجماعاً، وعن أحمد أنه واجب روى ذلك عن أبي هريرة وعمرو بن سليم.
وقاول عمار بن ياسر رحلا فقال: أنا اذاً أشر ممن لا يغتسل يوم الجمعة، ووجهه ما ذكرنا من النصوص ولنا ما روى سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل " رواه النسائي والترمذي وقال حديث حسن، وعن أبي هريرة قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة واستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام ومن مس الحصى فقد لغا " متفق عليه وحديثهم محمول على تأكيد الندب، وكذلك ذكر في سياقه " وسواك وأن يمس طيباً " كذلك رواه مسلم، والسواك ومس الطيب لا يجب، وقالت عائشة رضي الله عنها وعن أبيها: كان الناس مهنة أنفسهم وكانوا يروحون الى الجمعة بهيئتهم فتظهر لهم رائحة فقيل لهم " لو اغتسلتم " رواه مسلم بنحو هذا المعنى، والأفضل أن يفعله عند مضيه إليها لأنه أبلغ في المقصود وفيه خروج من الخلاف * (فصل) * ومتى اغتسل بعد طلوع الفجر أجزأ وإن اغتسل قبله لم يجزئه وهذا قول مجاهد
والحسن والنخعي والثوري والشافعي وإسحق.
وحكي عن الأوزاعي أنه يجزيه الغسل قبل الفجر، وعن مالك لا يجزيه الغسل إلا أن يتعقبه الرواح ولنا قوله صلى الله عليه وسلم " من اغتسل يوم الجمعة " واليوم من طلوع الفجر وإن اغتسل ثم أحدث أجزأه الغسل وكفاه الوضوء وهذا قول الحسن ومالك والشافعي، واستحب طاوس والزهري وقتادة ويحيى بن أبي كثير اعادة الغسل.
ولنا أنه اغتسل في يوم الجمعة أشبه من لم يحدث والحدث انما يؤثر في الطهارة الصغرى ولأن المقصود من الغسل التنظف وإزالة الرائحة وذلك لا يؤثر
فيه الحدث ولانه غسل فلم يؤثر فيه الحدث الأصغر كغسل الجنابة * (فصل) * ويفتقر الغسل الى النية لأنه عبادة فافتقر إلى النية كتجديد الوضوء، وإن اغتسل للجمعة والجنابة غسلاً واحداً ونواهما أجزأه بغير خلاف علمناه لأنهما غسلان اجتمعا فأشبها غسل الحيض والجنابة، وإن اغتسل للجنابة ولم ينو غسل الجمعة ففيه وجهان أحدهما لا يحزيه لقول النبي صلى الله عليه وسلم " وإنما لأمرئ ما نوى " وروي عن ابن لابي قتادة أنه دخل عليه يوم الجمعة مغتسلاً فقال للجمعة اغتسلت؟ قال لا ولكن للجنابة.
قال فأعد غسل الجمعة.
والثاني يجزيه لانه مغتسل