الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسلم فقال يا محمد اشتكيت؟ قال نعم.
قال بسم الله أرقيك، من كل شئ يؤذيك، من شر كل نفس وعين حاسدة الله يشفيك " قال أبو زرعة كلا الحديثين صحيح.
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا دخلتم على المريض فنفسوا له في الأجل، فإنه لا يرد من قضاء الله شيئاً، وإنه يطيب نفس المريض " رواه ابن ماجه (فصل) ويستحب أن يرغبه في التوبة من المعاصي والخروج من المظالم وفي الوصية، لما روى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " ما حق امرئ مسلم يبيت ليلتين وله شئ يوصي فيه إلا ووصيته مكتوبة عنده " متفق عليه * (مسألة) * (وإذا نزل به تعاهد بل حلقه بماء أو شراب ويندي شفتيه بقطنة)
يستحب أن بلي المريض أرفق أهله به وأعلمهم بسياسته وأنقاهم لله تعالى، فاذا رآه منزولاً به تعاهد بل حلقه بتقطير ماء أو شراب فيه ويندي شفتيه بقطنة لأنه ربما ينشف حلقه من شدة ما نزل به فيعجز عن الكلام *
(مسألة) * (ويستحب أن يلقنه قول لا إله إلا الله مرة)
لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " لقنوا موتاكم لا إله إلا الله " رواه مسلم.
وقال الحسن سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ فقال " أن تموت يوم تموت ولسانك رطب من ذكر الله " رواه سعيد بن منصور
* (مسألة) * (ولا يزيد على ثلاث لئلا يضجره إلا أن يتكلم بعده بشئ فيعيد تلقينه بلطف ومداراة ليكون آخر كلامه لا إله إلا الله نص عليه أحمد وروي عن عبد الله بن المبارك أنه لما حضره الموت جعل رجل يلقنه لا إله إلا الله فأكثر عليه.
فقال له عبد الله إذا قلت مرة فأنا على ذلك ما لم أتكلم: قال الترمذي إنما أراد ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة " رواه أبو داود.
وروى بإسناده عن معاذ بن جبل أنه لما حضرته الوفاة قال: اجلسوني.
فلما أجلسوه قال: كلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم كنت أخبؤها ولولا ما حضرني من الموت ما أخبرتكم بها، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " من كان آخر قوله عند الموت أشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلا هدمت ما كان قبلها من الخطايا والذنوب فلقنوها موتاكم " فقيل يا رسول الله فكيف هي للاحياء؟ قال " هي أهدم وأهدم " * (مسألة) * (ويقرأ عنده سورة يس) لما روى معقل بن يسار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اقرأوا (يس) على موتاكم " رواه أبو داود.
وقال أحمد ويقرءون عند الميت اذا حضر ليخفف عنه بالقرآن يقرأ (يس) وأمر بقراءة فاتحة الكتاب.
وروى الإمام أحمد " (يس) قلب القرآن لا يقرؤها رجل يريد الله والدار الآخرة
إلا غفر له واقرأوها على مرضاكم " * (مسألة) * (ويوجهه إلى القبلة) التوجيه الى القبلة عند الموت مستحب.
وهو قول عطاء والنخعي ومالك وأهل المدينة والاوزاعي وأهل الشام والشافعي وإسحق وأنكره سعيد بن المسيب فإنهم لما أرادوا أن يحولوه إلى القبلة قال: ألم أكن على القبلة الى يومي هذا؟ والأول أولى لأن حذيفة قال وجهوني.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم " خير المجالس ما استقبل به القبلة " ولأن فعلهم ذلك بسعيد دليل على أنه كان مشهوراً بينهم يفعله المسلمون بموتاهم.
وصفة توجيهه الى القبلة أن يوضع على جنبه الأيمن كما يوضع
في اللحد إن كان المكان واسعاً وهذا مذهب الشافعي لأن هكذا استقبل المصلى على جنبه، وإن كان المكان ضيقاً جعل على ظهره ويجعل رأسه على موضع مرتفع ليتوجه نحو القبلة، هكذا ذكره القاضي ويحتمل أن يجعل على ظهره، بكل حال ويحتمله كلام الخرقي لقوله وجعل على بطنه مرآة أو غيرها، وإنما يمكن ذلك إذا كان على ظهره.
ويستحب تطهير ثياب الميت قبل موته، لأن أبا سعيد لما حضره الموت دعا بثياب جدد فلبسها ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها "(1) رواه أبو داود * (مسألة) * (فإذا مات أغمض عينيه وشد لحييه ولين مفاصله وخلع ثيابه وسجاه بثوب يستره وجعل على بطنه مرآة أو نحوها ووضعه على سرير غسله متوجهاً منحدراً نحو رجليه) يستحب تغميض الميت عقيب الموت، ويستحب لمن حضر الميت أن لا يتكلم إلا بخير، لما روت ام سلمة قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه ثم قال: " إن الروح إذا قبض تبعه البصر " فضج ناس من أهله فقال " لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون " ثم قال " اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المقربين واخلفه
(1) الحديث معارض بما ثبت في الصحاح من ان الناس يبعثون حفاة عراة، وتأول بعضهم الثياب بالعمل فيكون بمعنى " يبعث كل عبد على ما مات عليه " كما ثبت في صحيح مسلم
في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره ونور له فيه " رواه مسلم.
وروى شداد بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا حضرتم موتاكم فاغمضوا البصر فإن البصر يتبع الروح، وقولوا خيراً فإنه يؤمن على ما قال أهل الميت " رواه الإمام أحمد في المسند.
ويستحب شد ذقنه بعصابة عريضة يربطها من فوق رأسه، لأن الميت إذا كان مفتوح العينين والفم قبح منظره، ولا يؤمن دخول الهوام فيه والماء في وقت غسله.
قال بكر بن عبد الله المزني ويقول الذي يغمضه: بسم الله وعلى وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويجعل على بطنه شئ من الحديد كالمرآة ونحوها لئلا ينتفخ بطنه ويلين مفاصله وهو أن يردد ذراعيه الى عضديه وعضديه الى جنبيه ثم يرددهما ويرد ساقيه الى فخذيه وفخذيه الى بطنه ثم يرددهما ليكون ذلك أبقى للينه فيكون أمكن للغاسل في تمكينه وتمديده.
قال أصحابنا ويستحب ذلك عقيب موته قبل قسوتها ببرودته، فإن شق عليه ذلك تركه، ويخلع ثيابه لئلا يحمى فيسرع اليه الفساد والتغير ويسجيه بثوب يستره لما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي سجي ببرد حبرة، متفق عليه، ويستحب أن يلي ذلك منه أرفق الناس به بأرفق ما يقدر عليه.
قال أحمد تغمض المرأة عينيه إذا كانت ذات محرم، قال ويكره للحائض
والجنب تغميضه وأن يقرباه وكره ذلك علقمة، وروي نحوه عن الشافعي، وكره الحسن وابن سيرين وعطاء أن تغسل الحائض والجنب الميت ونحوه قال مالك، وقال ابن المنذر يغسله الجنب لقول النبي صلى الله عليه وسلم " إن المؤمن لا ينجس " ولا نعلم بينهم خلافاً في صحة تغسيلهما وتغميضهما له، ولكن الأولى أن يكون المتولي لذلك طاهراً لأنه أكمل وأحسن، ويوضع على سرير غسله أو لوح لأنه أحفظ له ولا يدعه على الأرض لئلا يسرع اليه التغير بسبب نداوة الأرض، ويكون متوجهاً منحدراً نحو رجليه لينصب عنه ماء الغسل وما يخرج منه ولا يستنقع تحته فيفسده * (مسألة) * (ويسارع في قضاء دينه) لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه " رواه الإمام أحمد وابن ماجه والترمذي وقال حديث حسن.
وعن سمرة قال: صلى نبي الله صلى الله عليه
وسلم الصبح فقال " ها هنا أحد من بني فلان؟ " قالوا نعم.
قال " فإن صاحبكم محتبس على باب الجنة في دين عليه " رواه الإمام أحمد، وإن تعذر ايفاء دينه في الحال استحب لوارثه أو غيره أن يتكفل به عنه كما فعل أبو قتادة لما أتى النبي صلى الله عليه وسلم بجنازة ولم يصل عليها، قال أبو قتادة: صل عليها يا رسول الله وعلي دينه رواه البخاري * (مسألة) * (ويسارع في تفريق وصيته ليتعجل له ثوابها يجريانها على الموصى له) * (مسألة) * (ويستحب المسارعة في تجهيزه إذا تيقن موته لأنه أصون له وأحفظ له من التغيير) قال أحمد كرامة الميت تعجيله لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إني لأرى طلحة قد حدث فيه الموت فآذنوني به وعجلوا فإنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله " رواه أبو داود.
ولا بأس أن ينتظر بها مقدار ما يجتمع لها جماعة لما يؤمل من الدعاء له اذا صلى عليه ما لم يخف عليه أو يشق على الناس نص عليه أحمد، وإن شك في أمر الميت اعتبر بظهور أمارات الموت من انفصال كفيه واسترخاء رجليه وميل أنفه وانخساف صدغيه وامتداد جلدة وجهه، فان مات فجأة كالمصعوق أو خائف
من حرب أو سبع أو تردى من جبل انتظر به هذه العلامات حتى يتيقن موته.
قال الحسن في المصعوق ينتظر به ثلاثا.
قال أحمد وربما تغير في الصيف في اليوم والليلة.
قال فكيف تقول؟ قال يترك بقدر ما يعلم أنه ميت.
قيل له من غدوة الى الليل؟ قال نعم * (فصل في غسل الميت) * * (مسألة) * (غسل الميت ودفنه وتكفينه والصلاة عليه فرض كفاية) لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الذي وقصته راحلته " اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوب " متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم " صلوا على من قال لا إله إلا الله " ودفنه فرض كفاية لأن في تركه أذى للناس به وهتك حرمته، وهذا مذهب الشافعي ولا نعلم فيه خلافاً * (مسألة) * (وأحق الناس به وصيه ثم أبوه ثم جده ثم الأقرب فالأقرب من عصباته ثم ذوا أرحامه إلا الصلاة عليه فان الأمير أحق بها بعد وصيه)
أحق الناس بغسل الميت وصيه في ذلك.
وقال أصحاب الشافعي: أولى الناس بغسل الميت عصباته الأقرب فالأقرب، فإن كان له زوجة فهل تقدم على العصبات؟ فيه وجهان ولنا على تقديم الوصي أن أبا بكر رضي الله عنه أوصى أن تغسله امرأته أسماء بنت عميس، وأوصى أنس أن يغسله محمد بن سيرين فقدما بذلك، ولا يعرف لهما مخالف في الصحابه ولأنه حق للميت فقدم فيه وصيه على غيره كتفريق ثلثه (فصل) فإن لم يكن له وصي فالعصبات أولى الناس به وأولاهم أبوه ثم جده وان علا، ثم ابنه ثم ابن ابنه وأن نزل، ثم الأقرب فالأقرب من عصباته على ترتيب الميراث لأنهم أحق بالصلاة عليه (فصل) وأحق الناس بالصلاة عليه وصية، وهذا قول سعيد بن زيد وأنس وأبي برزة وزيد ابن أرقم وأم سلمة.
وقال الثوري ومالك والشافعي وأبو حنيفة تقدم العصبات لأنها ولاية تترتب بترتيب العصبات فالولي فيها أولى كولاية النكاح ولنا إجماع الصحابة رضي الله عنهم فان أبا بكر أوصى أن يصلي عليه عمر قاله أحمد.
قال وعمر أوصى أن يصلي عليه صهيب، وأم سلمة أوصت أن يصلي عليها سعيد بن زيد، وأبو بكرة أوصى أن يصلي عليه أبوبرزة، وقال غيره عائشة أوصت أن يصلي عليها أبو هريرة، وابن مسعود أوصى أن يصلي عليه الزبير، وأبو سريحة أوصى أن يصلي عليه زيد بن أرقم، فجاء عمرو بن حريث وهو أمير الكوفة ليتقدم فيصلي عليها.
فقال ابنه أيها الأمير ان أبي أوصى أن يصلي عليه زيد بن أرقم.
فقدم زيداً.
وهذه قضايا اشتهرت ولم يظهر لها مخالف فكانت إجماعاً.
ولأنه حق للميت فانها شفاعة له فقدم وصيه فيها كتفريق ثلثه، وولاية النكاح يقدم عندنا فيها الوصي أيضاً على الصحيح، وان سلمت
فليست حقاً له، إنما هي حق للمولى عليه، ولأن الغرض في الصلاة الدعاء والشفاعة الى الله عزوجل، فالميت يختار لذلك من هو أظهر صلاحاً وأقرب إجابة بخلاف ولاية النكاح، فإن كان الوصي فاسقاً أو مبتدعاً لم يقبل الوصية كما لو كان الوصي ذمياً، وان كان الأقرب اليه كذلك لم يقدم وصلى غيره كما يمنع من التقديم في الصلوات الخمس
* (مسألة) * (والأمير أحق بالصلاة عليه بعد الوصي) وقال به أكثر أهل العلم.
وقال الشافعي في أحد قوليه يقدم الولي قياساً على تقديمه في النكاح ولنا قوله صلى الله عليه وسلم " لا يومن الرجل في سلطانه " وقال أبو حازم شهدت حسيناً حين مات الحسن يدفع في قفا سعيد بن العاص ويقول تقدم لولا السنة ما قدمتك.
وسعيد أمير المدينة وهذا يقتضي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروى أحمد بإسناده عن عماد مولى بني هاشم قال شهدت جنازة أم كلثوم بنت علي وزيد بن عمرو فصلى عليهما سعيد بن العاص وكان أمير المدينة وخلفه يومئذ ثمانون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وفيهم ابن عمر والحسن والحسين.
وقال علي رضي الله عنه: الامام أحق من صلى علي الجنازة، وعن ابن مسعود نحو ذلك، وهذا أشهر ولم ينكر فكان اجماعا ولأنها صلاة شرعت فيها الجماعة فقدم فيها الأمير كسائر الصلوات، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه يصلون على الجنائز، ولم ينقل الينا أنهم استأذنوا أولياء الميت في التقديم والمراد بالامير ها هنا الإمام، فإن لم يكن فالأمير من جهته، فإن لم يكن فالنائب من قبله في الامامة فإن لم يكن فالحاكم (فصل) وأحق الناس بالصلاة بعد ذلك العصبات وأحقهم الأب ثم الجد أبو الأب وان علا ثم الابن ثم ابنه وان نزل، ثم الأخ العصبة ثم ابنه ثم الأقرب فالأقرب ثم المولى المعتق ثم عصباته، هذا الصحيح من المذهب.
وقال أبو بكر، في تقديم الأخ على الجد قولان، وحكي عن مالك تقديم الابن على الأب لأنه أقوى تعصيبا منه، والاخ على الجد لأنه يدلي بالابن والجد يدلي بالاب ولنا انهما استويا في الادلاء، والاب أرق وأشفق، ودعاؤه لابنه أقرب الى الاجابة، فكان أولى كالقريب مع البعيد، ولأن المقصود بالصلاة الدعاء للميت والشفاعة له بخلاف الميراث (فصل) وإن اجتمع زوج المرأة وعصباتها فأكثر الروايات عن أحمد تقديم العصبات، وهو ظاهر كلام الخرقي وقول سعيد بن المسيب والزهري ومذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي إلا أن أبا حنيفة يقدم زوج المرأة على ابنها منه، وروى عن أحمد تقديم العصبات، قال ابن عقيل وهي أصح لأن أبا بكر صلى على زوجته ولم يستأذن أخوتها، وروي ذلك عن ابن عباس وهو قول الشعبي
وعطاء وعمر بن عبد العزيز وإسحق