الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تجوز الصلاة على الغائب في بلد آخر بالنية بعيداً كان البلد أو قريباً، فيستقبل القبلة ويصلي عليه كصلاته على الحاضر، وسواء كان الميت في جهة القبلة أو لم يكن وبهذا قال الشافعي.
وقال مالك وأبو حنيفة لا يجوز، وحكى ابن أبي موسى عن أحمد رواية كقولهما ليس من شرط الصلاة على الجنازة حضورها بدليل ما لو كان في البلد ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي صاحب الحبشة في اليوم الذي مات فيه وصلى بهم بالمصلى فكبر عليه أربعاً متفق عليه.
فإن قيل فيحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم زويت له الأرض فأري الجنازة قلنا لم ينقل ذلك ولو كان لأخبر به ولنا الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ما لم يثبت ما يقتضي اختصاصه ولأن الميت مع البعد لا تجوز الصلاة عليه، وان رئي ثم لو اختصت الرؤية بالنبي صلى الله عليه وسلم لا اختصت الصلاة به وقد صف النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه فصلى بهم، فإن قيل لم يكن بالحبشة من يصلي عليه.
قلنا ليس هذا مذهبكم فانكم لا تجيزون الصلاة على الغريق والأسير، وإن كان لم يصلى عليه ولأن هذا بعيد لأن النجاشي كان ملك الحبشة
وقد أظهر اسلامه فيبعد أنه لم يوافقه أحد يصلي عليه (فصل) فإن كان الميت في أحد جانبي البلد لم يصل عليه من في الجانب الآخر في أصح الوجهين اختاره ابو حفص البرمكي لأنه يمكنه الحضور للصلاة عليه أو على قبره أشبه ما لو كانا في جانب واحد والثاني يجوز كما لو كان في بلد آخر.
وقد روي عن ابن حامد أنه صلى على ميت مات في أحد جانبي بغداد وهو في الآخر * (فصل) * وتتوقت الصلاة على الغائب بشهر كالصلاة عى القبر لأنه لا يعلم بقؤه من غير تلاش أكثر من ذلك، فعلى هذا قال ابن عقيل في أكيل السبع والمحترق بالنار يحتمل أن لا يصلى عليه لذهابه، ويصلى على الغريق اذا غرق قبل الغسل كالغائب البعيد لأن الغسل تعذر لمانع أشبه الحي إذا غجز عن الغسل والتيمم صلى على حسب حاله *
(مسألة) * (ولا يصلى الإمام على الغال ولا من قتل نفسه)
الغال هو الذي يكتم غنيمته أو بعضها ليأخذها لنفسه ويختص بها فهذا لا يصلى عليه الامام ولا على قاتل نفسه عمداً ويصلي عليهما سائر الناس نص على هذا أحمد: وقال عمر بن عبد العزيز والاوزاعي لا يصلى على قاتل نفسه بحال لأن من لا يصلي عليه الامام لا يصلى عليه غيره كشهيد المعركة، وقال عطاء والنخعي والشافعي يصلي الامام وغيره على جميع المسلمين لقول النبي صلى الله عليه وسلم " صلوا على من قال لا إله إلا الله " رواه الحلال باسناده ولنا ما روى جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم جاؤه برجل قد قتل نفسه بمشاقص فلم يصل عليه
رواه مسلم.
وروى أبو داود نحوه، وعن زيد بن خالد الجهني قال: توفي رجل من جهينة يوم خيبر فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " صلوا على صاحبكم " فتغيرت وجوه القوم، فلما رأى ما بهم قال " إن صاحبكم غل من الغنيمة " احتج به أحمد واختص الامتناع بالإمام لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما امتنع من الصلاة على الغال قال " صلوا على صاحبكم " وروي أنه أمر بالصلاة على قاتل نفسه، وكان صلى الله عليه وسلم هو الامام فألحق به من ساواه في ذلك، ولا يلزم من ترك صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ترك صلاة غيره
فانه كان في بدء الاسلام لا يصلى على من عليه دين لا وفاء له ويأمرهم بالصلاة عليه، فإن قيل هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم لأن صلاته سكن.
قلنا ما ثبت في حق النبي صلى الله عليه ثبت في حق غيره ما لم يقم على اختصاصه به دليل.
فإن قيل فقد ترك النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة على من عليه دين.
قلنا ثم صلى عليه بعد، فروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالرجل المتوفى عليه الدين فيقول " هل ترك لدينه من وفاء " فإن حدث أنه ترك وفاء صلى عليه وإلا قال للمسلمين " صلوا على صاحبكم " فلما فتح الله الفتوح قام فقال " أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي من المؤمنين وترك ديناً علي قضاؤه، ومن ترك مالاً فلورثته " قال الترمذي: هذا حديث صحيح.
ولولا النسخ كان كمسئلتنا، وهذه الأحاديث خاصة فيجب تقديمها على قوله " صلوا على من قال لا إله إلا الله " * (فصل) * قال أحمد: لا أشهد الجهمية ولا الرافضة ويشهده من شاء، قد ترك النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة على أقل من ذا: الدين والغلول وقاتل نفسه، وقال: لا يصلى على الواقفي " وقال أبو بكر بن عياش: لا أصلي على رافضي ولا حروري.
وقال الفريابي: من شتم أبا بكر فهو كافر لا يصلى عليه.
قيل له فكيف تصنع به وهو يقول لا إله إلا الله؟ قال لا تمسوه بأيديكم ادفعوا بالخشب حتى تواروه.
وقال أحمد: أهل البدع لا يعادون ان مرضوا، ولا تشهد جنائزهم ان ماتوا، وهو قول مالك.
قال ابن عبد البر: وسائر العلماء يصلون على أهل البدع والخوارج وغيرهم لعموم قوله عليه السلام " صلوا على من قال لا إله إلا الله " ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك الصلاة بأدون من هذا فأولى أن تترك الصلاة به، وروى ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن لكل أمة مجوساً وإن مجوس أمتي الذين يقولون لا قدر، فإن مرضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم " رواه الإمام أحمد * (فصل) * ولا يصلى على أطفال المشركين لأن لهم حكم آبانهم الامن حكمنا بإسلامه بأن يسلم أحد أبويه أو يموت أو يسبى منفرداً من أبويه أو من أحدهما فانه يصلى عليه، وقال أبو ثور فيمن سبي مع أحد أبويه لا يصلى عليه حتى يختار الاسلام ولنا أنه محكوم باسلامه أشبه من سبي منفرداً منهما